شكو زولو
15/05/2008, 15:28
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين.
يا إخوة، القاعدة التي نتَّبعها في العالم، عادةً، في تعاملنا مع الناس هي أن نعامل الناس كما يعاملوننا. فمَن يأتي لزيارتي أذهب لزيارته ومَن يفتقدني، حين أكون متضايقاً، أفتقده حين يكون متضايقاً. هذه القاعدة غير مقبولة إنجيلياً بل هي قاعدة فاسدة. ويسوع هنا يضع لنا قاعدة أخرى لكي نبني علاقاتنا بالناس على أساسها. "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم". إذاً، لا كما يعاملكم الناس تعاملونهم، بل كما تريدون من الناس أن يعاملوكم هكذا عاملوا الناس. والفرق كبير جداً بين القاعدَتين. القاعدة الأولى منحرفة أما الثانية فقويمة ومستقيمة. حين يصل الواحد إلى وقت يتعاطى فيه هذه القاعدة التي يضعها الربّ يسوع، إذ ذاك تكون نفسه قد استقامت ويصير مسيحياً بمعنى الكلمة. المسيحيّة هي في أن يعمل الإنسان المؤمن بيسوع إرادة ربّنا. وهذه بالضبط هي إرادة ربّنا. إذاً، علينا أن ننتبه كثيراً في تعاملنا مع الآخرين. تُرى، هل يريد أحدٌ منكم أن يكذب الآخرون عليه؟ إنْ كان لا يريد ذلك فلا يكذبَنَّ هو على أحد. بهذه الطريقة يتعلّم الصِدق. تُرى، هل يريد أحدٌ منكم أن يسرقه الآخرون؟ طبعاً لا. إذاً لا يحاولنَّ إطلاقاً أن يسرق أحداً. المطلوب، أولاً وأخيراً، وفي كل الأحوال، أن يسلك الإنسان وفقاً لهذه القاعدة التي يكون كل واحد منا مُنْطلَقها.
المحبّة في الحقيقة هي مبادَرة. لا يمكن لأحد أن يحبّ ويكتفي بردود الفعل على تصرّفات الآخرين. المحبّة تأخذ المبادرة دائماً. إذا كان ربّنا يقول هنا عن القاعدة التي ذَكَرَها أنّ هذا هو الناموس والأنبياء، فهذا معناه أنّ هذه القاعدة بالذات هي التعبير عن الوصيّة القائلة: "أحبّوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا". هذه هي الوصيّة الجديدة التي أعطاها الربّ يسوع، وتالياً فإنّ كل مَن تعامَل مع الناس كما يريدهم أن يعاملوه يكون قد حقَّق وصيَّتين أساسيّتَين تختصران كل الناموس والأنبياء: "أحبَّ الربّ إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك"، والوصيّة الثانية "أحبّ قريبك كنفسك". هذه الوصيّة: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم"، قد تبدو سهلة، للوهلة الأولى، لكن الحقيقة أنّها ليست كذلك أبداً، لأنّها تتطلّب الكثير من كسر النفس والوعي والانتباه والخروج من الذات ومن الأنانية والكبرياء. فإذا لم يكن الإنسان شديد الاتضاع فلا يمكنه أن يطبِّق هذه الوصيّة. وإذا لم يكن صادقاً في تعامله مع الله يستحيل عليه أن يكون صادقاً في تعامله مع الناس. لذلك على الواحد أن يشتغل على نفسه كل يوم لكي يتمكّن من التوصّل إلى معاملة الناس بالطريقة التي يتكلّم عليها الربّ يسوع.
كذلك لا يطالبنا ربّنا بشيء إلاّ بأمر واحد فقط وهو ما إذا كنّا قد سمعنا كلمته أم لا. فإنْ كنّا قد صنعنا كما قال لنا، إذ ذاك، تنفتح أبواب الملكوت أمامنا. أما إذا تغاضَينا عن الكلام الذي علَّمنا هو إيّاه، إذ ذاك، مهما حاولنا فسنجد أبواب الملكوت موصدة في وجهنا. أي أنّه قد يقدِّم الإنسان الكثير والقليل للفقراء والكنائس، لكنّه إنْ كان مصرّاً على مخالفة ولو وصيّة واحدة، وإنْ كان لديه، في قرارة نفسه، حقدٌ ولو على إنسان واحد، إذا ألغى في نفسه ولو إنساناً واحداً، فإنّ كل تعبه يذهب سدىً. المسبحة مجموعة إلى بعضها بخيط، فإذا انقطع هذا الخيط تقع كل الحبّات وتذهب وتضيع. لذلك يجب أن نكون شديدي الانتباه حتى لا نخالف الله ولا في وصيّة من الوصايا التي يعلِّمنا إيّاها. وهذه الوصيّة بالذات التي قال عنها ولم يقل عن غيرها في الواقع: "هذا هو الناموس والأنبياء"، أي الوصيّة التي تقول: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم"، هذه تأتي نتيجة سلوكنا مع ربّنا بأمانة، نتيجة سلوكنا بأمانة في حفظ الوصيّة كل يوم. نحن لا يمكننا أن نفعل ذلك، في الواقع، بالاعتماد على ذكائنا أو على قِوانا. هذه الوصيّة لا يمكننا أن نطبّقها إلاّ بنعمة ربّنا. قد يحاول الواحد ذلك مرّة واثنتين وثلاث، لكنّه سوف يجد أنّ الظروف قاسية وصعبة بحيث لا يكون مستعداً، من الناحية البشرية، لأن يعامل الناس وفقاً لهذه القاعدة الإلهية. لذلك نحتاج إلى الكثير من التعب حتى نصل إلى هذه البساطة في التعامل مع الناس. والحقيقة أنّ هذه القاعدة كانت أسمى القواعد الأخلاقية الاجتماعية التي جرى التعبير عنها في الزمن القديم. لا نتصوّرنّ أنّ الربّ يسوع قد تفوّه بها لأول مرّة، بل كانت معروفة عند الشعوب القديمة بشكل أو بآخر. وهذا دليل على أنّ ربّنا لم يترك نفسه بلا شاهِد في الشعوب القديمة التي سبقت مجيء الربّ يسوع. فربّنا كان دائماً مُعطِياً بذاراً في كل العالم وفي كل الحضارات والشعوب لكي نعرف الحقّ، حتى إن عرفنا الحقّ نأتي إلى يسوع المسيح. إذاً هذه القاعدة تفوّه بها الكثيرون في الماضي، لكن حين أتى الربّ يسوع وقال: هذا هو الناموس والأنبياء، إذ ذاك، تكرَّس أنّ كل البشرية قادرة على أن تعرف الحقّ وعلى أن تأتي إلى الربّ يسوع المسيح. في نهاية المطاف مَن لا يأتي إلى الربّ يسوع المسيح من خلال القليل أو الكثير من الحقّ الذي يعرفه، فلن يجد طريقاً آخر إلى ملكوت السماوات. الكلام الإلهي واضح جداً: لم يُعطَ لنا اسمٌ تحت السماء به ينبغي أن نخلص غير اسم الربّ يسوع المسيح. به وحده كان الخلاص. "به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء ممّا كوِّن". ويقول يسوع أيضاً "إنّه لا يأتي أحد إلى الآب إلاّ بي". إمّا أن نأتي إلى الآب السماوي بواسطة الربّ يسوع المسيح أو لا نأتي إليه إطلاقاً. لذلك من الضروري أن يكون واضحاً في الأذهان أنّ كل الديانات التي لم تأتِ ولا تأتي إلى الربّ يسوع المسيح هي إما من صُنع البشر وإما من صنع الشياطين. هذا واضح في كنيسة المسيح. لا نتصوّرنّ أنّ كل الديانات توصِل إلى الله بطريقة أو بأخرى. هذا الكلام غير مقبول. هذا كلام فاسد وغير صحيح طبعاً. نحن لم نُعطَ إطلاقاً أن نكون دَيّانين للناس ولا نعرف ماذا سيكون مصير الذين لا يؤمنون بالربّ يسوع. لكننا قد أُعطينا سلطاناً أن نميِّز التعليم الصحيح من التعليم الفاسد. أُعطينا أن نميِّز، أن نتبيَّن الطريق الذي يؤدّي إلى الملكوت من الطريق الذي لا يؤدّي إلى الملكوت. إذاً، سلطان الكنيسة المقدّسة هو في شأن التعليم الصحيح وتمييزه عن التعليم الفاسد. أما في شأن مصير الذين لا يؤمنون بيسوع فهذا في يد الله وليس في يدنا. نحن لا ندين أحداً إطلاقاً.
إذاً، هذان الأمران يجب أن يكونا واضحَين في أذهاننا. أولاً أنّه ليس من طريق إلى الآب السماوي إلاّ يسوع، ولذلك قال: أنا هو الطريق ولا أحد يأتي إلى الآب إلاّ بي. وثانياً أنّنا لا ندين الناس. لا ندين أحداً، لأنّنا لا نعرف تماماً كيف يعمل روح الربّ في الذين يَبدون كأنّهم لا يؤمنون. هناك أناس يشتاقون إلى معرفة الربّ يسوع، لأنّهم يشتاقون إلى الحقّ. هناك الكثير من غير المسيحيّين يحبّون الحقّ لكنّهم لا يأتون إلى المسيح خوفاً على أنفسهم. قد يأتي ربّنا ببعض هؤلاء، وربما على فراش الموت، إلى معرفة يسوع. في سِيَر القدّيسين كثيرون أحبّوا الحقّ، والربّ أظهَر نفسه لهم بطريقة أو بأخرى. يجب أن نعرف أنّه ليس إنسان واحد في الدنيا، إذا سلك بأمانة واستقامة في مستوى القلب، إذا كان محبّاً للحقّ، صادقاً في العمق، إلاّ ويجعل الربّ الإله نفسه أمامه بطريقة أو بأخرى، من خلال شخص أو آخر، حتى يأتي به إلى الإيمان بيسوع. غير أنّ الكثير من الديانات في العالم تتعاطى الإرهاب. لذلك يخاف الناس. ليس هناك دين واحد فقط لديه هذه النزعة الإرهابية فيخيف المنتمين إليه حتى لا يخرجوا منه، بل كل الديانات هي هكذا. لهذا السبب الديانات مستمرة في العالم، في الحقيقة، بالخوف الذي تمارسه على الناس. لكن الله يجد الطريقة حتى يأتي بالذين، في العمق، في قرارة نفوسهم، يحبّون الحقّ، حتى يأتي بهم إلى الخلاص، حتى يأتي بهم إلى الملكوت. المهم أن نعرف أنّ المطلوب، أولاً وأخيراً، هو أن نسلك وفق إرادة الآب السماوي، أن نأتي إلى التعامل مع الناس وفقاً لهذه القاعدة البسيطة: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم". حين يتعاطى الواحد هذه القاعدة كما يتعاطى التنفس، إذ ذاك، يكون روح الربّ قد سكن فيه بالكامل من حيث يدري أو لا يدري لأنّ هذا هو الناموس والأنبياء.
الأرشمندريت توما بيطار
يا إخوة، القاعدة التي نتَّبعها في العالم، عادةً، في تعاملنا مع الناس هي أن نعامل الناس كما يعاملوننا. فمَن يأتي لزيارتي أذهب لزيارته ومَن يفتقدني، حين أكون متضايقاً، أفتقده حين يكون متضايقاً. هذه القاعدة غير مقبولة إنجيلياً بل هي قاعدة فاسدة. ويسوع هنا يضع لنا قاعدة أخرى لكي نبني علاقاتنا بالناس على أساسها. "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم". إذاً، لا كما يعاملكم الناس تعاملونهم، بل كما تريدون من الناس أن يعاملوكم هكذا عاملوا الناس. والفرق كبير جداً بين القاعدَتين. القاعدة الأولى منحرفة أما الثانية فقويمة ومستقيمة. حين يصل الواحد إلى وقت يتعاطى فيه هذه القاعدة التي يضعها الربّ يسوع، إذ ذاك تكون نفسه قد استقامت ويصير مسيحياً بمعنى الكلمة. المسيحيّة هي في أن يعمل الإنسان المؤمن بيسوع إرادة ربّنا. وهذه بالضبط هي إرادة ربّنا. إذاً، علينا أن ننتبه كثيراً في تعاملنا مع الآخرين. تُرى، هل يريد أحدٌ منكم أن يكذب الآخرون عليه؟ إنْ كان لا يريد ذلك فلا يكذبَنَّ هو على أحد. بهذه الطريقة يتعلّم الصِدق. تُرى، هل يريد أحدٌ منكم أن يسرقه الآخرون؟ طبعاً لا. إذاً لا يحاولنَّ إطلاقاً أن يسرق أحداً. المطلوب، أولاً وأخيراً، وفي كل الأحوال، أن يسلك الإنسان وفقاً لهذه القاعدة التي يكون كل واحد منا مُنْطلَقها.
المحبّة في الحقيقة هي مبادَرة. لا يمكن لأحد أن يحبّ ويكتفي بردود الفعل على تصرّفات الآخرين. المحبّة تأخذ المبادرة دائماً. إذا كان ربّنا يقول هنا عن القاعدة التي ذَكَرَها أنّ هذا هو الناموس والأنبياء، فهذا معناه أنّ هذه القاعدة بالذات هي التعبير عن الوصيّة القائلة: "أحبّوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا". هذه هي الوصيّة الجديدة التي أعطاها الربّ يسوع، وتالياً فإنّ كل مَن تعامَل مع الناس كما يريدهم أن يعاملوه يكون قد حقَّق وصيَّتين أساسيّتَين تختصران كل الناموس والأنبياء: "أحبَّ الربّ إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك"، والوصيّة الثانية "أحبّ قريبك كنفسك". هذه الوصيّة: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم"، قد تبدو سهلة، للوهلة الأولى، لكن الحقيقة أنّها ليست كذلك أبداً، لأنّها تتطلّب الكثير من كسر النفس والوعي والانتباه والخروج من الذات ومن الأنانية والكبرياء. فإذا لم يكن الإنسان شديد الاتضاع فلا يمكنه أن يطبِّق هذه الوصيّة. وإذا لم يكن صادقاً في تعامله مع الله يستحيل عليه أن يكون صادقاً في تعامله مع الناس. لذلك على الواحد أن يشتغل على نفسه كل يوم لكي يتمكّن من التوصّل إلى معاملة الناس بالطريقة التي يتكلّم عليها الربّ يسوع.
كذلك لا يطالبنا ربّنا بشيء إلاّ بأمر واحد فقط وهو ما إذا كنّا قد سمعنا كلمته أم لا. فإنْ كنّا قد صنعنا كما قال لنا، إذ ذاك، تنفتح أبواب الملكوت أمامنا. أما إذا تغاضَينا عن الكلام الذي علَّمنا هو إيّاه، إذ ذاك، مهما حاولنا فسنجد أبواب الملكوت موصدة في وجهنا. أي أنّه قد يقدِّم الإنسان الكثير والقليل للفقراء والكنائس، لكنّه إنْ كان مصرّاً على مخالفة ولو وصيّة واحدة، وإنْ كان لديه، في قرارة نفسه، حقدٌ ولو على إنسان واحد، إذا ألغى في نفسه ولو إنساناً واحداً، فإنّ كل تعبه يذهب سدىً. المسبحة مجموعة إلى بعضها بخيط، فإذا انقطع هذا الخيط تقع كل الحبّات وتذهب وتضيع. لذلك يجب أن نكون شديدي الانتباه حتى لا نخالف الله ولا في وصيّة من الوصايا التي يعلِّمنا إيّاها. وهذه الوصيّة بالذات التي قال عنها ولم يقل عن غيرها في الواقع: "هذا هو الناموس والأنبياء"، أي الوصيّة التي تقول: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم"، هذه تأتي نتيجة سلوكنا مع ربّنا بأمانة، نتيجة سلوكنا بأمانة في حفظ الوصيّة كل يوم. نحن لا يمكننا أن نفعل ذلك، في الواقع، بالاعتماد على ذكائنا أو على قِوانا. هذه الوصيّة لا يمكننا أن نطبّقها إلاّ بنعمة ربّنا. قد يحاول الواحد ذلك مرّة واثنتين وثلاث، لكنّه سوف يجد أنّ الظروف قاسية وصعبة بحيث لا يكون مستعداً، من الناحية البشرية، لأن يعامل الناس وفقاً لهذه القاعدة الإلهية. لذلك نحتاج إلى الكثير من التعب حتى نصل إلى هذه البساطة في التعامل مع الناس. والحقيقة أنّ هذه القاعدة كانت أسمى القواعد الأخلاقية الاجتماعية التي جرى التعبير عنها في الزمن القديم. لا نتصوّرنّ أنّ الربّ يسوع قد تفوّه بها لأول مرّة، بل كانت معروفة عند الشعوب القديمة بشكل أو بآخر. وهذا دليل على أنّ ربّنا لم يترك نفسه بلا شاهِد في الشعوب القديمة التي سبقت مجيء الربّ يسوع. فربّنا كان دائماً مُعطِياً بذاراً في كل العالم وفي كل الحضارات والشعوب لكي نعرف الحقّ، حتى إن عرفنا الحقّ نأتي إلى يسوع المسيح. إذاً هذه القاعدة تفوّه بها الكثيرون في الماضي، لكن حين أتى الربّ يسوع وقال: هذا هو الناموس والأنبياء، إذ ذاك، تكرَّس أنّ كل البشرية قادرة على أن تعرف الحقّ وعلى أن تأتي إلى الربّ يسوع المسيح. في نهاية المطاف مَن لا يأتي إلى الربّ يسوع المسيح من خلال القليل أو الكثير من الحقّ الذي يعرفه، فلن يجد طريقاً آخر إلى ملكوت السماوات. الكلام الإلهي واضح جداً: لم يُعطَ لنا اسمٌ تحت السماء به ينبغي أن نخلص غير اسم الربّ يسوع المسيح. به وحده كان الخلاص. "به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء ممّا كوِّن". ويقول يسوع أيضاً "إنّه لا يأتي أحد إلى الآب إلاّ بي". إمّا أن نأتي إلى الآب السماوي بواسطة الربّ يسوع المسيح أو لا نأتي إليه إطلاقاً. لذلك من الضروري أن يكون واضحاً في الأذهان أنّ كل الديانات التي لم تأتِ ولا تأتي إلى الربّ يسوع المسيح هي إما من صُنع البشر وإما من صنع الشياطين. هذا واضح في كنيسة المسيح. لا نتصوّرنّ أنّ كل الديانات توصِل إلى الله بطريقة أو بأخرى. هذا الكلام غير مقبول. هذا كلام فاسد وغير صحيح طبعاً. نحن لم نُعطَ إطلاقاً أن نكون دَيّانين للناس ولا نعرف ماذا سيكون مصير الذين لا يؤمنون بالربّ يسوع. لكننا قد أُعطينا سلطاناً أن نميِّز التعليم الصحيح من التعليم الفاسد. أُعطينا أن نميِّز، أن نتبيَّن الطريق الذي يؤدّي إلى الملكوت من الطريق الذي لا يؤدّي إلى الملكوت. إذاً، سلطان الكنيسة المقدّسة هو في شأن التعليم الصحيح وتمييزه عن التعليم الفاسد. أما في شأن مصير الذين لا يؤمنون بيسوع فهذا في يد الله وليس في يدنا. نحن لا ندين أحداً إطلاقاً.
إذاً، هذان الأمران يجب أن يكونا واضحَين في أذهاننا. أولاً أنّه ليس من طريق إلى الآب السماوي إلاّ يسوع، ولذلك قال: أنا هو الطريق ولا أحد يأتي إلى الآب إلاّ بي. وثانياً أنّنا لا ندين الناس. لا ندين أحداً، لأنّنا لا نعرف تماماً كيف يعمل روح الربّ في الذين يَبدون كأنّهم لا يؤمنون. هناك أناس يشتاقون إلى معرفة الربّ يسوع، لأنّهم يشتاقون إلى الحقّ. هناك الكثير من غير المسيحيّين يحبّون الحقّ لكنّهم لا يأتون إلى المسيح خوفاً على أنفسهم. قد يأتي ربّنا ببعض هؤلاء، وربما على فراش الموت، إلى معرفة يسوع. في سِيَر القدّيسين كثيرون أحبّوا الحقّ، والربّ أظهَر نفسه لهم بطريقة أو بأخرى. يجب أن نعرف أنّه ليس إنسان واحد في الدنيا، إذا سلك بأمانة واستقامة في مستوى القلب، إذا كان محبّاً للحقّ، صادقاً في العمق، إلاّ ويجعل الربّ الإله نفسه أمامه بطريقة أو بأخرى، من خلال شخص أو آخر، حتى يأتي به إلى الإيمان بيسوع. غير أنّ الكثير من الديانات في العالم تتعاطى الإرهاب. لذلك يخاف الناس. ليس هناك دين واحد فقط لديه هذه النزعة الإرهابية فيخيف المنتمين إليه حتى لا يخرجوا منه، بل كل الديانات هي هكذا. لهذا السبب الديانات مستمرة في العالم، في الحقيقة، بالخوف الذي تمارسه على الناس. لكن الله يجد الطريقة حتى يأتي بالذين، في العمق، في قرارة نفوسهم، يحبّون الحقّ، حتى يأتي بهم إلى الخلاص، حتى يأتي بهم إلى الملكوت. المهم أن نعرف أنّ المطلوب، أولاً وأخيراً، هو أن نسلك وفق إرادة الآب السماوي، أن نأتي إلى التعامل مع الناس وفقاً لهذه القاعدة البسيطة: "كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم". حين يتعاطى الواحد هذه القاعدة كما يتعاطى التنفس، إذ ذاك، يكون روح الربّ قد سكن فيه بالكامل من حيث يدري أو لا يدري لأنّ هذا هو الناموس والأنبياء.
الأرشمندريت توما بيطار