*Marwa*
19/05/2008, 19:48
الغيرة والحسد
في كل حياة اجتماعية هناك دوماً تنافس وصراع بين الأفراد على الموارد ومصادر العيش , وعلى مصادر القوة والسيطرة , وعلى السعي لتحقيق المكانة العالية . فالسعي للتفوق وتحقيق المكانة العالية بالتنافس والصراع هم أساس نشوء غريزة وانفعال الغيرة والحسد , والغيرة تحدث عندما يحدث الفشل ويتفوق الآخر .
أن الغيرة والحسد انفعالان موجودان لدى بعض الحيوانات الراقية, وهما في الواقع نشآ نتيجة تأثير التنافس والصراع على مصادر العيش وأسباب أخرى, وهما قويان بشكل خاص لدى البشر, وهما من مولدات التنافس والصراع .
فكل منا يسعى ( وفي الواقع هذا مفروض عليه غريزياً واجتماعياً ) ليكون الأفضل , وعندما لا يتحقق ذلك ويظهر الفشل أو الخسارة بوضوح, عندها تحدث انفعالات الغيرة والحسد . وهنا يمكن أن يحدث توجه القوى والإمكانيات لإعاقة المتفوق أو الإضرار به ومنعه من متابعة تفوقه والاستفادة منه , أي عندما لا أكون أنا الأفضل فيجب أيضاً أن لا يكون غيري هو الأفضل .
أنا الأفضل نحن الأفضل والدوافع المشابهة ( الفردية والأنانية والعنصرية ) هي أهم مولدات التنافس والصراع لدى البشر . الكل يقول :أنا الأفضل, أنا الأحسن, أنا الأهم, أنا الأساس, أنا المرجع, أنا الموجود, أنا الأسمى. . . , وإذا كان الواقع غير ذلك , عندها تصبح نحن الأفضل , أصلي هو الأشر ف , أبني هو الأفضل , بلدي هو الأفضل , ديني هو الأصح, جنسي هو الأفضل. . . , وعندما يكون تفوق الآخرين واضحاً, يقال :هم أحسن في كذا وكذا , لكن هذا غير مهم و غير ضروري, فنحن أحسن في كذا وكذا وهذا هو المهم والضروري, وأهدافنا هي الأفضل , مبادئنا هي الأفضل , أصلنا هو الأفضل. . تبريرات كثيرة والمهم في النهاية أنا ونحن لا يمكن أن نكون سوى الأفضل " ما حدا بيقول عن زيته عكر" , فهذا ما نريده ونرغب به, ونريد أن نشعر به.
إن دافع أنا أو نحن الأفضل ( الانتماء ) , هو أصل ومرجع أغلب الصراعات والحروب والتنافسات والسباقات والسعي للتفوق على الآخرين , وبالتالي تكون الأنانية والعنصرية ناتجة عن هذا الدافع . ونحن نجد أن الإحساس والشعور بدافع أنا و نحن الأفضل موجودة لدى غالبية البشر إن لم يكن كلهم, فنحن مدفوعون إلى التفوق والتميز عن الآخرين .
الغيرة و الحسد
مع أن هاتين الكلمتين تستخدمان غالبا بصورة متبادلة ، فهما لا يعنيان الشيء نفسه ، يتداخل مفهوم الحسد مع مفهوم الغيرة، وبناء على هذا التداخل ينبغي تحديد معالم كل واحد منهما .
الغيرة والحسد كلاهما انفعالان مركبان ومعقدان، وهما ليسا من الانفعالات الرئيسية المعروفة مثل، الخوف والحزن والغضب أو الامتعاض والقلق، بل يتركبان منها جميعا ويقترن بهما ( الكراهية والسلوك العنيف والعدوانية ) .
الغيرة والحسد هما في علم النفس مجرد انفعالات تتمثل في صورة ردود أفعال لا شعورية ولا يستطيع الإنسان أو الكائن الحي بصفة عامة التحكم بها , فالكل غير منزه فهي فطره خلقها في الإنسان , فربما لا يكتشفها الشخص أنها موجودة عنده ولكن غيره يعرف أن هذا الإنسان غيور أو حسود . والحسد والغيرة يتشابهان من الناحية الانفعالية .
الغيرة
أن انفعال الغيرة انفعال مركب ، يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب , وللغيرة معنيان :
الأول :
هو الغيرة من الآخر الذي تفوق علينا أو نافسنا على مواردنا ومصادر عيشنا وسعادتنا , فالأخ يغار من أخوه الذي ينافسه أو يشاركه في عطاءات أبويه تفوق أو يتفوق عليه في عمل أو موضوع هام , وكذلك يغار الشخص من رفيقه أو صديقه الذي حقق النجاح ولم يحققه هو . ونحن نلاحظ أننا لا نغار من البعيدين عنا وليس لنا علاقة معهم , فنحن لا نغار من الصيني أو الهندي أو ياباني . . , الذين تفوقوا ونجحوا , يمكن أحياناً أن نحسدهم بشكل خفيف فنقول ( نييّالهم ) على نجاحهم وتفوقهم .
فالغيرة ليست ناتجة عن الرغبة في الحصول على شيء يملكه الشخص الأخر ( القريب والذي لنا علاقة معه ) ، بل هي أن ينتاب المرء القلق بسبب تفوق الآخر أو تقدمه نتيجة قدراته التي يملكها , والأوضاع والظروف التي أتيحت له .
فالغيرة كما أنها ناتج التنافس والصراع هي أيضاً مولدة التنافس والصراع .
والثاني :
هو الغيرة على الزوجة أو الزوج , وهي ناتجة عن التملك والسيطرة والمحافظة على الممتلكات , وهي ليس ضرورياً أن تكون ناتجة عن الحب , وهناك غيرة الأم من زوجة ابنها أو العكس هي ناتجة عن التنافس والصراع على تملك , فالأم ربما تشعر أن كنتها أخذت ابنها منها فتغار من كنتها .
والغيرة شعور مؤلم يظهر في حالات كثيرة مثل ميلاد طفل جديد للأسرة ، أو شعور الطفل بخيبة أمل في الحصول على رغباته ، ونجاح طفل آخر في الحصول على تلك الرغبات ، أو الشعور بالنقص الناتج عن الإخفاق والفشل.
وقد يصحب الغيرة كثير من مظاهر أخرى كالثورة أو التشهير أو المضايقة أو التخريب أو العناد والعصيان
ولكن الغيرة تبقى أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب ... ويجب أن تقبلها, فالقليل من الغيرة يفيد الإنسان ، فهي حافز على التفوق .
فالغيرة غريزة فطرية موجودة داخل أعماق النفس البشرية فهناك من تكون لديه الغيرة المعقولة وتكون دافعا نحو التحفز والسعي للأفضل والحرص على ما نحب , وباباً من أبواب المنافسة .
فالغيرة هي انفعال طبيعي يختبره الشخص عندما يكون مهددا بفقدان شيء مادي أو معنوي يمتلكه ويخاف أن يفتقده ويعمل على الاحتفاظ به ودفع التهديد عنه، وتظهر في الحياة العملية كثيرا بين الأزواج وبين جنس الرجال والنساء، وبين الإخوة .
يظهر الانفعال عندما يجد الشخص من يزاحمه فيه . والانفعال يتكون من ثلاثة مكونات، الفكرة المدركة ، والشعور، والسلوك ، فعندما يدرك الشخص أن هناك من يزاحمه على شيء مهم ، ينتابه خوف وغضب وحزن وقلق وكراهية بسبب التهديد الصادر عن المزاحم بفقدان ذلك الأمر المهم، وحينئذ يندفع للحفاظ عليه وقد يقترن سلوكه بالعنف والعدوانية عند محاولته الدفاع عنه والاحتفاظ به، وهكذا فالغيرة تكون نابعة بالأساس من الخوف والقلق على فقدان الشيء والخوف من أن يناله مزاحمه أو مزاحموه . تعتمد شدة الغيرة على مدى شدة العناصر الانفعالية التي تكوّن الغيرة، أي على شدة الخوف والحزن والغضب والقلق والكراهية . ولا تأتي الغيرة بصورة مفاجئة بل تتكون بمرور الوقت وتتصف بصفة الاستمرارية .
ويشكل ما يمتلكه الأخر أو الآخرون تهديدا له ، ويؤدي به إلى أن يكوّن نظرة دونية لنفسه، ويقل احترامه لذاته، ويعرضه هذا التصور المؤلم إلى معاناة شديدة تؤدي إلى أعراض نفسية وبدنية وسلوكية مختلفة منها، تعرضه لنوبات غضب شديدة، والأحساس بثقل في الصدر، وقلق مفرط،، ومعاناة مستمرة من الضغط النفسي، وتمركزه حول ذاته، وعدم قدرته في تكوين علاقات اجتماعية ناجحة، والشعور بعدم الأمان بسبب العجز عن تحقيق ما يصبو إليه ، وتضيق عنده حدود التسامح، ويلجأ إلى سلوك عدواني بشكل مستتر غالبا وبأساليب خبيثة .
يرى البعض : أن أهم أسباب الغيرة هو شعور الشخص بحقه في امتياز معين ، اجتماعي في العادة ، لا يستطيع الحصول عليه، أو أن يحصل عليه بالفعل ثم يفقده كله أو جزءاً منه ليحصل عليه شخص آخر. وقد أشار (أدلر) عالم النفس التحليلي إلى أن الشعور بالنقص يجعل الفرد متأهبا للشعور بالغيرة عند اجتماع الظروف الكافية لذلك. أما العالم (وايت) فقد علل الغيرة في نظريته (التعلم بالدمج) بقوله أن الطفل يكون غير ناضج في المنافسة مع البالغين من أجل تلبية حاجاته، ولذلك يشعر بالغيرة تجاههم. فيما أوضح العالم (سكاكتر) في نظريته النفسية الاجتماعية للاستجابة الانفعالية بأن كلاً من عقل الفرد وجسده يجب أن يشاركا إذا مر بتجربة عاطفية حقيقية، وإن حب التملك لديه نحو الناس والأشياء وإخلاص القرين سواء كان زوجاً أم صديقاً، هي التي تفسر سبب نشوء الغيرة. وتوصلت نظرية (تقييم الذات) إلى أن شعور الفرد بالغيرة يزداد كلما قل تقييمه لذاته. أما نظرية (برنكل) فأوضحت بأنه لا توجد ظروف أو حوادث تثير الغيرة، بل إنها بناء اجتماعي يثبت داخل السياق الثقافي، ويحدث عندما يقيم الأشخاص المهمون لنا علاقات مع غيرنا من الناس.
وتعبّر الغيرة عن نفسها بأعراض نفسية متنوعة، أهمها الغضب (من ضرب أو سب أو هجاء أو تشهير أو نقد أو مضايقة أو تخريب)، والشعور بالنقص (متمثلاً بالانزواء والسلبية والإضراب عن الطعام وفقدان الشهية والخجل وشدة الحساسية)، والحزن والبكاء. أما المظاهر الجسمية للغيرة فتتمثل بنقص الوزن والصداع والشعور بالتعب.
وهناك رأي واسع الانتشار في مختلف المجتمعات، يكاد يكون صورة نمطية من صور التفكير الاجتماعي، مضمونه أن النساء يمارسن انفعال الغيرة أكثر من الرجال، سواء في غيرتهن من بقية النساء أم في غيرتهن على أزواجهن .
فالغيرة هذه انفعال مكدر بغيض يشعر به الإنسان عادة إذا شعر أن الشخص المحبوب يوجه انتباهه أو حبه إلى شخص آخر غيره ومن أنواع الغيرة الشائعة غيرة الزوجة على زوجها ، وما يحدث بين الأخوة إذا ما شعر أحدهم أن والديه أو أحدهما يحب أحد إخوته أكثر منه .
وانفعال الغيرة مركب توجد فيه عناصر من عدة انفعالات أخرى وخاصة انفعال الكره وغالبا ما تكن الغيرة مصحوبة بالكرة والحقد والرغبة في إيذاء الشخص الذي يثير الغيرة .
والغيرة تجربة انفعالية تكاد تكون عادة بين جميع الأطفال , والطفل الغيور لا يشعر بالهناء والسعادة ولا يستقر حاله , فهو يخزن أحزانه والآمة وبغضة وحقده نحو الآخرين .
ولكن الغيرة بالإضافة إلى أنها تولد التنافس والصراع , لها دور هام في بناء وتطور مجتمع الحيوانات التي تعيش جماعات . وقد بدأ يضعف دورها الانفعالي السلبي في المجتمعات البشرية , وخاصةً المجتمعات المتطورة, وذلك نتيجة التربية ونشوء و تطور الأنظمة والقوانين الاجتماعية .
في كل حياة اجتماعية هناك دوماً تنافس وصراع بين الأفراد على الموارد ومصادر العيش , وعلى مصادر القوة والسيطرة , وعلى السعي لتحقيق المكانة العالية . فالسعي للتفوق وتحقيق المكانة العالية بالتنافس والصراع هم أساس نشوء غريزة وانفعال الغيرة والحسد , والغيرة تحدث عندما يحدث الفشل ويتفوق الآخر .
أن الغيرة والحسد انفعالان موجودان لدى بعض الحيوانات الراقية, وهما في الواقع نشآ نتيجة تأثير التنافس والصراع على مصادر العيش وأسباب أخرى, وهما قويان بشكل خاص لدى البشر, وهما من مولدات التنافس والصراع .
فكل منا يسعى ( وفي الواقع هذا مفروض عليه غريزياً واجتماعياً ) ليكون الأفضل , وعندما لا يتحقق ذلك ويظهر الفشل أو الخسارة بوضوح, عندها تحدث انفعالات الغيرة والحسد . وهنا يمكن أن يحدث توجه القوى والإمكانيات لإعاقة المتفوق أو الإضرار به ومنعه من متابعة تفوقه والاستفادة منه , أي عندما لا أكون أنا الأفضل فيجب أيضاً أن لا يكون غيري هو الأفضل .
أنا الأفضل نحن الأفضل والدوافع المشابهة ( الفردية والأنانية والعنصرية ) هي أهم مولدات التنافس والصراع لدى البشر . الكل يقول :أنا الأفضل, أنا الأحسن, أنا الأهم, أنا الأساس, أنا المرجع, أنا الموجود, أنا الأسمى. . . , وإذا كان الواقع غير ذلك , عندها تصبح نحن الأفضل , أصلي هو الأشر ف , أبني هو الأفضل , بلدي هو الأفضل , ديني هو الأصح, جنسي هو الأفضل. . . , وعندما يكون تفوق الآخرين واضحاً, يقال :هم أحسن في كذا وكذا , لكن هذا غير مهم و غير ضروري, فنحن أحسن في كذا وكذا وهذا هو المهم والضروري, وأهدافنا هي الأفضل , مبادئنا هي الأفضل , أصلنا هو الأفضل. . تبريرات كثيرة والمهم في النهاية أنا ونحن لا يمكن أن نكون سوى الأفضل " ما حدا بيقول عن زيته عكر" , فهذا ما نريده ونرغب به, ونريد أن نشعر به.
إن دافع أنا أو نحن الأفضل ( الانتماء ) , هو أصل ومرجع أغلب الصراعات والحروب والتنافسات والسباقات والسعي للتفوق على الآخرين , وبالتالي تكون الأنانية والعنصرية ناتجة عن هذا الدافع . ونحن نجد أن الإحساس والشعور بدافع أنا و نحن الأفضل موجودة لدى غالبية البشر إن لم يكن كلهم, فنحن مدفوعون إلى التفوق والتميز عن الآخرين .
الغيرة و الحسد
مع أن هاتين الكلمتين تستخدمان غالبا بصورة متبادلة ، فهما لا يعنيان الشيء نفسه ، يتداخل مفهوم الحسد مع مفهوم الغيرة، وبناء على هذا التداخل ينبغي تحديد معالم كل واحد منهما .
الغيرة والحسد كلاهما انفعالان مركبان ومعقدان، وهما ليسا من الانفعالات الرئيسية المعروفة مثل، الخوف والحزن والغضب أو الامتعاض والقلق، بل يتركبان منها جميعا ويقترن بهما ( الكراهية والسلوك العنيف والعدوانية ) .
الغيرة والحسد هما في علم النفس مجرد انفعالات تتمثل في صورة ردود أفعال لا شعورية ولا يستطيع الإنسان أو الكائن الحي بصفة عامة التحكم بها , فالكل غير منزه فهي فطره خلقها في الإنسان , فربما لا يكتشفها الشخص أنها موجودة عنده ولكن غيره يعرف أن هذا الإنسان غيور أو حسود . والحسد والغيرة يتشابهان من الناحية الانفعالية .
الغيرة
أن انفعال الغيرة انفعال مركب ، يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب , وللغيرة معنيان :
الأول :
هو الغيرة من الآخر الذي تفوق علينا أو نافسنا على مواردنا ومصادر عيشنا وسعادتنا , فالأخ يغار من أخوه الذي ينافسه أو يشاركه في عطاءات أبويه تفوق أو يتفوق عليه في عمل أو موضوع هام , وكذلك يغار الشخص من رفيقه أو صديقه الذي حقق النجاح ولم يحققه هو . ونحن نلاحظ أننا لا نغار من البعيدين عنا وليس لنا علاقة معهم , فنحن لا نغار من الصيني أو الهندي أو ياباني . . , الذين تفوقوا ونجحوا , يمكن أحياناً أن نحسدهم بشكل خفيف فنقول ( نييّالهم ) على نجاحهم وتفوقهم .
فالغيرة ليست ناتجة عن الرغبة في الحصول على شيء يملكه الشخص الأخر ( القريب والذي لنا علاقة معه ) ، بل هي أن ينتاب المرء القلق بسبب تفوق الآخر أو تقدمه نتيجة قدراته التي يملكها , والأوضاع والظروف التي أتيحت له .
فالغيرة كما أنها ناتج التنافس والصراع هي أيضاً مولدة التنافس والصراع .
والثاني :
هو الغيرة على الزوجة أو الزوج , وهي ناتجة عن التملك والسيطرة والمحافظة على الممتلكات , وهي ليس ضرورياً أن تكون ناتجة عن الحب , وهناك غيرة الأم من زوجة ابنها أو العكس هي ناتجة عن التنافس والصراع على تملك , فالأم ربما تشعر أن كنتها أخذت ابنها منها فتغار من كنتها .
والغيرة شعور مؤلم يظهر في حالات كثيرة مثل ميلاد طفل جديد للأسرة ، أو شعور الطفل بخيبة أمل في الحصول على رغباته ، ونجاح طفل آخر في الحصول على تلك الرغبات ، أو الشعور بالنقص الناتج عن الإخفاق والفشل.
وقد يصحب الغيرة كثير من مظاهر أخرى كالثورة أو التشهير أو المضايقة أو التخريب أو العناد والعصيان
ولكن الغيرة تبقى أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب ... ويجب أن تقبلها, فالقليل من الغيرة يفيد الإنسان ، فهي حافز على التفوق .
فالغيرة غريزة فطرية موجودة داخل أعماق النفس البشرية فهناك من تكون لديه الغيرة المعقولة وتكون دافعا نحو التحفز والسعي للأفضل والحرص على ما نحب , وباباً من أبواب المنافسة .
فالغيرة هي انفعال طبيعي يختبره الشخص عندما يكون مهددا بفقدان شيء مادي أو معنوي يمتلكه ويخاف أن يفتقده ويعمل على الاحتفاظ به ودفع التهديد عنه، وتظهر في الحياة العملية كثيرا بين الأزواج وبين جنس الرجال والنساء، وبين الإخوة .
يظهر الانفعال عندما يجد الشخص من يزاحمه فيه . والانفعال يتكون من ثلاثة مكونات، الفكرة المدركة ، والشعور، والسلوك ، فعندما يدرك الشخص أن هناك من يزاحمه على شيء مهم ، ينتابه خوف وغضب وحزن وقلق وكراهية بسبب التهديد الصادر عن المزاحم بفقدان ذلك الأمر المهم، وحينئذ يندفع للحفاظ عليه وقد يقترن سلوكه بالعنف والعدوانية عند محاولته الدفاع عنه والاحتفاظ به، وهكذا فالغيرة تكون نابعة بالأساس من الخوف والقلق على فقدان الشيء والخوف من أن يناله مزاحمه أو مزاحموه . تعتمد شدة الغيرة على مدى شدة العناصر الانفعالية التي تكوّن الغيرة، أي على شدة الخوف والحزن والغضب والقلق والكراهية . ولا تأتي الغيرة بصورة مفاجئة بل تتكون بمرور الوقت وتتصف بصفة الاستمرارية .
ويشكل ما يمتلكه الأخر أو الآخرون تهديدا له ، ويؤدي به إلى أن يكوّن نظرة دونية لنفسه، ويقل احترامه لذاته، ويعرضه هذا التصور المؤلم إلى معاناة شديدة تؤدي إلى أعراض نفسية وبدنية وسلوكية مختلفة منها، تعرضه لنوبات غضب شديدة، والأحساس بثقل في الصدر، وقلق مفرط،، ومعاناة مستمرة من الضغط النفسي، وتمركزه حول ذاته، وعدم قدرته في تكوين علاقات اجتماعية ناجحة، والشعور بعدم الأمان بسبب العجز عن تحقيق ما يصبو إليه ، وتضيق عنده حدود التسامح، ويلجأ إلى سلوك عدواني بشكل مستتر غالبا وبأساليب خبيثة .
يرى البعض : أن أهم أسباب الغيرة هو شعور الشخص بحقه في امتياز معين ، اجتماعي في العادة ، لا يستطيع الحصول عليه، أو أن يحصل عليه بالفعل ثم يفقده كله أو جزءاً منه ليحصل عليه شخص آخر. وقد أشار (أدلر) عالم النفس التحليلي إلى أن الشعور بالنقص يجعل الفرد متأهبا للشعور بالغيرة عند اجتماع الظروف الكافية لذلك. أما العالم (وايت) فقد علل الغيرة في نظريته (التعلم بالدمج) بقوله أن الطفل يكون غير ناضج في المنافسة مع البالغين من أجل تلبية حاجاته، ولذلك يشعر بالغيرة تجاههم. فيما أوضح العالم (سكاكتر) في نظريته النفسية الاجتماعية للاستجابة الانفعالية بأن كلاً من عقل الفرد وجسده يجب أن يشاركا إذا مر بتجربة عاطفية حقيقية، وإن حب التملك لديه نحو الناس والأشياء وإخلاص القرين سواء كان زوجاً أم صديقاً، هي التي تفسر سبب نشوء الغيرة. وتوصلت نظرية (تقييم الذات) إلى أن شعور الفرد بالغيرة يزداد كلما قل تقييمه لذاته. أما نظرية (برنكل) فأوضحت بأنه لا توجد ظروف أو حوادث تثير الغيرة، بل إنها بناء اجتماعي يثبت داخل السياق الثقافي، ويحدث عندما يقيم الأشخاص المهمون لنا علاقات مع غيرنا من الناس.
وتعبّر الغيرة عن نفسها بأعراض نفسية متنوعة، أهمها الغضب (من ضرب أو سب أو هجاء أو تشهير أو نقد أو مضايقة أو تخريب)، والشعور بالنقص (متمثلاً بالانزواء والسلبية والإضراب عن الطعام وفقدان الشهية والخجل وشدة الحساسية)، والحزن والبكاء. أما المظاهر الجسمية للغيرة فتتمثل بنقص الوزن والصداع والشعور بالتعب.
وهناك رأي واسع الانتشار في مختلف المجتمعات، يكاد يكون صورة نمطية من صور التفكير الاجتماعي، مضمونه أن النساء يمارسن انفعال الغيرة أكثر من الرجال، سواء في غيرتهن من بقية النساء أم في غيرتهن على أزواجهن .
فالغيرة هذه انفعال مكدر بغيض يشعر به الإنسان عادة إذا شعر أن الشخص المحبوب يوجه انتباهه أو حبه إلى شخص آخر غيره ومن أنواع الغيرة الشائعة غيرة الزوجة على زوجها ، وما يحدث بين الأخوة إذا ما شعر أحدهم أن والديه أو أحدهما يحب أحد إخوته أكثر منه .
وانفعال الغيرة مركب توجد فيه عناصر من عدة انفعالات أخرى وخاصة انفعال الكره وغالبا ما تكن الغيرة مصحوبة بالكرة والحقد والرغبة في إيذاء الشخص الذي يثير الغيرة .
والغيرة تجربة انفعالية تكاد تكون عادة بين جميع الأطفال , والطفل الغيور لا يشعر بالهناء والسعادة ولا يستقر حاله , فهو يخزن أحزانه والآمة وبغضة وحقده نحو الآخرين .
ولكن الغيرة بالإضافة إلى أنها تولد التنافس والصراع , لها دور هام في بناء وتطور مجتمع الحيوانات التي تعيش جماعات . وقد بدأ يضعف دورها الانفعالي السلبي في المجتمعات البشرية , وخاصةً المجتمعات المتطورة, وذلك نتيجة التربية ونشوء و تطور الأنظمة والقوانين الاجتماعية .