mlatta1
06/08/2005, 04:20
صحيفةأرجنتينية:سوريا..وخطة[ لسي آي إيه-الموساد]للاستيلاء على الشرق الأوسط
شنت الولايات المتحدة وفرنسا حملة إعلامية دولية تهدف للضغط على سوريا من أجل سحب قواتها العسكرية من لبنان متهمان إياها بأن وجودها يحمي الجماعات "الإرهابية" التي تهدد سلام واستقرار المنطقة. ومن الجانب الآخر، أجاب السوريون، دون أي صدى تقريبا في وسائل الإعلام الكبرى، بأن الشيء الوحيد "المهدد" بوجوهم في لبنان هو توسع سيطرة "إسرائيل"، الشريك الاستراتيجي والمتميز في سياسات السلب للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ونالت المناورة تأييد منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا المشتركين في المصالح الاقتصادية للهيمنة الامبريالية اليهودية-الأمريكية ، سواء في الشرق الأوسط أو في منطقة الخليج, كذلك غضت الطرف بعض دول الجامعة العربية على استحياء ومن جانبها، قامت القنوات الدولية الكبرى و المعامل الإعلامية المعتادة للسي آي إيه، بشن حملة واضحة "ضد سوريا" مصورة في مضمونها وعناوينها المثال النموذجي لاتهامات مسؤولي واشنطن وتل أبيب ضد سوريا. ويتكرر ما حدث مع العراق : دون أي نوع من التحقيق أو التحليل تأخذ القنوات الإخبارية الكبرى في التلاعب بالرأي العام الدولي مدخلة كلمات رئيسية، مثل: "سوريا" و"الإرهاب" و"الحرب الأهلية" و"مهاجم انتحاري" و"توتر" و"متمردين" و"تطرف إسلامي"، في صيغها المعروفة "بتجريم" أي "عدو" للآلية العسكرية الأمريكية. فكما كان صدام ونظامه أمس، أصبحت سوريا اليوم تُنعت "بالديكتاتورية آوية الإرهابيين". وعليه، فحل المأزق : ينبغي على سوريا أن تنسحب من لبنان وأن تعيد تنظيم إدارتها في إطار "عملية ديمقراطية" كما تقضي لوائح "العالم الحر" الموضوعة من قبل جورج دبليو بوش وشركائه غير الثابتين في منظمة الأمم المتحدة !! الخطة: بطرد سوريا من لبنان يبقى الباب مفتوحا أمام تدخل عسكري أمريكي-صهيوني موجه لإبادة القواعد اللوجيستيكية والقيادات الفعالة للمنظمات المسلحة التي تحارب "إسرائيل" والولايات المتحدة في المنطقة، خاصة في العراق وفلسطين. وتعد خطة التأثير النفسي الإعلامي لتبرير العمليات ضد سوريا خطة بالكربون لتلك الخطة التي تم استخدامها من أجل غزو العراق: دعم "الإرهاب الدولي" وحيازة أسلحة دمار شامل. ومن بين النظريات التبريرية [المعهودة الاستخدام من قبل المعامل الإعلامية للسي آي إيه]: 1. سوريا تهدد سلام الشرق الأوسط ووجودها العسكري يمكن أن يقود لبنان إلى حرب أهلية قاسية مثل تلك التي عاشتها في عقد السبعينات. 2. يبرر وضع لبنان كدولة محتلة من قبل سوريا ومن قبل شبكة دولية "للإرهاب الإسلامي" القيام بعملية عسكرية من أجل "تحريرها" ثم نشر القوات حتى دمشق من أجل استأصال شأفة "التهديد الإسلامي" من المنطقة. وهكذا تلعب الأفكار التي يتم بثها بشكل هائل - من خلال شعارات صحفية - الدور التكميلي للخطة الأم للصهيونية اليهودية-الأمريكية لواشنطن والتي تؤججها ترويكا الخبراء التي يقودها مسؤول الدفاع الثاني "باول وولفويتز". ويمثل هذا اللوبي، الذي يقوده سياسيا في البيت الأبيض نائب الرئيس "ديك تشيني" وفي وزارة الدفاع "دونالد رامسفيلد"، مصالح شركات الأسلحة وشركات النفط وشركات أخرى تبرم عقودا بملايين مع البنتاجون الأمريكي. ويدافع فريق المحافظين الجدد، المنفذ للخط الرئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية عقب هجمات 11 سبتمبر، علنا عن تدخل عسكري في كل خريطة الشرق الأوسط من أجل القضاء على "التهديد العربي لإسرائيل". فعقب التخطيط لغزو أفغانستان، تحت ذريعة تدمير شبكة "القاعدة"، والاحتلال العسكري للعراق، بدعوى القضاء على أسلحة الدمار الشامل، استهدف اللوبي والصقور الأمريكيون هذه المرة، مدعومين بإعادة انتخاب بوش، ثلاثة دول رئيسية : سوريا ولبنان وإيران.[ غير أن إيران استطاعت بفضل علاقاتها النفعية فى كواليس السياسات الغربية والأمريكية من المناورة التي أعلنت معها مساومات لدورها الموجه فى العراق وافغانستان ووعود لإسرائيل بعدم المساس ..] وكان فريق الصقور العسكرية والمدنية المحابي "لإسرائيل" قد خطط لغزو العراق انطلاقا من مبدأ يستند إلى "نظرية لعبة القناني الخشبية" في الشرق الأوسط، حيث كان ينتظر أن يؤدي توجيه ضربة ضد العراق إلى إسقاط مختلف الأنظمة العربية في الشرق الأوسط. وإثر فشل ذلك المبدأ في العراق، يكرر فريق الصقور نفس النظرية الآن واضعا سوريا في المركز هذه المرة ومستهدفا كذلك باقي الدول المصنفة "كأهداف" للبنتاجون خلال فترة الرئاسة الثانية لبوش. وجدد الرئيس جورج دبليو بوش خلال خطاب توليه فترة الرئاسة الثانية في 20 يناير الماضي تأكيده للخطة المصاغة كمشروع "إعادة تشكيل الشرق الأوسط"، ذلك المشروع الذي يتم الآن تحت شعار حملة تحريرية لمحاربة "الإرهاب" و"طغاة العالم". ووفقا للوصايا العشر للبيت الأبيض، فإن سوريا تفي تماما بالنموذج: فهي نظام "ديكتاتوري" يأوي "الإرهاب" ويشجعه. وتبحث عملية سوريا، التي تعد حجر الأساس في الخطة، كهدف استراتيجي تعزيز السيطرة على احتياطيات الطاقة في الشرق الأوسط وفي دول الخليج وضمان قاعدة سيطرة جغرافية سياسية عسكرية في آسيا ومواصلة غزو أسواق جديدة، مستندة إلى القوة النووية-العسكرية "لإسرائيل" على المستوى الإقليمي. وتتخذ الخطة من الأردن وبعض دول الجامعة العربية حلفاء ، بينما تثق في أن الجزء الأكبر من الدول يتخذون موقفا سلبيا مثل ذلك الذي اتخذوه مع العراق. وعقب الاستيلاء العسكري على العراق، لم يعد خارج السيطرة إلا ثلاثة دول: إيران وسوريا ولبنان. وفي عقد الخمسينات وضع ديفيد بن جوريون النظرية الأم: للقضاء على تهديد جيرانيها، على "إسرائيل" السيطرة على "الحلقة الأضعف في سلسلة الجامعة العربية" : لبنان. ويعد الجنرال الصهيوني، أرييل شارون، الذي دخل بيروت عام 1982 بدباباته وساعد الميليشيات النصرانية على ذبح قاطني معسكرات اللاجئين في العاصمة وصابرة وشتيلة، أكبر مواصل لنظرية ابن جوريون. وتتطلب خطة القضاء على المقاومتين الفلسطينية والعراقية، الهدف الرئيسي في المرحلة الراهنة، تدمير قواعدهما اللوجيستيكية والفعالة في سوريا ولبنان. وفيما يتعلق بالعمليات العسكرية ضد سوريا، تسيطر على البنتاجون فكرة الهجمات "الوقائية" الجوية كدعم للغزو الأرضي للدبابات والقوات الخاصة "الإسرائيلية-الأمريكية". ففي يناير 2004، قدم دونالد رامسفيلد لبوش مستندا موضوعا بناء على قاعدة معلومات مجمعة من قبل السي آي إيه في الشرق الأوسط. وأكد التقرير أن "الإرهابيين"، ومن بينهم أعضاء حركة حزب الله، "لازالوا يعبرون الحدود من سوريا إلى العراق" من أجل الاتصال بالجماعات العراقية التي تحارب ضد قوات الاحتلال للولايات المتحدة. ويذكر المستند ذاته "دلائل" على وجود أسلحة كيميائية بحوزة سوريا. واختُتم التقرير بتوجيه طلب لبوش من أجل شن هجمات جوية "وقائية" وغزو من قبل القوات الخاصة للأراضي السورية كما كان قد تم في ما تسمى "بالمنطقة المحرمة" بالعراق قبل الغزو العسكري للدولة في مارس 2003. ويعد الهجوم الجوي "لإسرائيل" على لبنان في يناير 2004 بمثابة نموذج تجريبي وإشارة للأهداف الجديدة خارقين للمرة الأولى "الخط الأزرق"، الحد الموافق عليه من قبل منظمة الأمم المتحدة في مايو 2000. ومن أجل المضي قدما في هذه المرحلة من الخطة يتطلب الأمر إعداد السي آي إيه والموساد "للمناخ المعادي لسوريا" والظروف السياسية والاجتماعية لإحداث مواجهة بين الجهات الرسمية والمعارضة في فلسطين وبين مؤيدي سوريا ومعارضيها في لبنان. وتعمل هذه المرحلة، الجاري تنفيذها، على الإعداد لمرحلة بدء العمليات العسكرية من أجل القضاء على "الإرهاب" والصراعات الداخلية في الشرق الأوسط، التي تتخذ قيادتها، وفقا لقواد الحرب الصهاينة في واشنطن والبنتاجون، من سوريا مقرا لها. وفي المرحلة الأولى للخطة، التي يتم تنفيذها في الوقت الراهن، يلعب السي آي إيه والموساد دورا رئيسيا في تسليح وتنفيذ العمليات التي تتخذ من "الإرهاب" غطاء لها وفي التقسيم التكتيكي من أجل إحداث مواجهة بين المعارضين والجهات الرسمية وفي توجيه حملة التأثير النفسي الهادفة إلى خلق قواعد موافقة محلية ودولية على حدوث تدخل عسكري في سوريا. العملية الفلسطينية: في المرحلة الأولى، تتطلب الخطة إظهار أن سوريا لازالت وراء كل العمليات "الإرهابية" من خلال وجودها العسكري في لبنان ووجود قواعد ومعسكرات تدريب "للمتطرفين" الإسلاميين في أراضيها. وفيما يتعلق بالهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في تل أبيب، اتفقت مصادر من المخابرات العربية على أننا بصدد عملية للسي آي إيه والموساد على نفس الغرار الذي استخدماه من أجل توريط سوريا في اغتيال رفيق الحريري. فقد استهدفت كلا العمليتين هدفين متشابهين: كسر خطوط التفاوض بين الجهات الرسمية والمعارضة ودفع النزاع إلى أقصاه من أجل إثارة رد فعل مسلح. ومن خلال المتحدثين باسم منظمة الجهاد الإسلامي، أعلنت المنظمة فور وقوع الاعتداء أن الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم كانت جزءا منشقا عن المنظمة،ا لتي كانت قد حددت هدنة وكانت في انتظار رد على طلباتها بإطلاق سراح سجناء فلسطينيين لدى الحكومة "الإسرائيلية"، مما يعني أن نسبة الهجوم لها كان باطلا. ومن جانبهم، أشار متحدثون باسم سوريا أن الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم والمنفذ المفترض للهجوم عملاء للسي آي إيه والموساد وأنه قد تم القيام بالعملية بهدف إحباط عملية الهدنة بين الجماعة وحكومة عباس وعرقلة المفاوضات بشأن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين التي كان من المفترض إجراؤها بين المنظمات الفلسطينية المسلحة وحكومة شارون. ومما يثير العجب أنه قبل إعلان الجماعة المهاجمة المفترضة مسؤوليتها بقليل أكدت مصادر من وزارة الدفاع "الإسرائيلية" أن الاعتداء قد تم من قبل الجهاد الإسلامية بناء على توجيهات من قبل زعمائها في العاصمة السورية، بينما أشارت السلطة الفلسطينية إلى حزب الله اللبناني. وكان السي آي إيه والموساد بحاجة لإبراز الاستنتاج الفوري للعمل "الإرهابي" في تل أبيب: العنف السياسي الذي يهدد عملية السلام في الشرق الأوسط والنظام الدستوري في فلسطين، حيث ينبغي أن تنتهي العملية بالاتهام الرسمي من قبل حكومة تل أبيب. فعقب اعتداء تل أبيب، اتهم وزير الدفاع، شاؤول موفاز، سوريا بأنها وراء الحركة "الأصولية" الفلسطينية الجهاد الإسلامي. ونرى إشارة مكملة أخرى تلك التي أعطاها أرييل شارون، حيث كشفت الإذاعة العسكرية "الإسرائيلية" أنه كان يتم إبلاغ رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بالأحداث دون أن يصرح بشيء حتى يوم الأحد إثر نصيحة عملاء المخابرات له بأن ينتظر "رد فعل السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها محمود عباس". ويوم الأحد، إثر إثبات عدم شدة عباس مع الجماعات المسلحة، خرج شارون ليقول أن عملية السلام تتعرض للخطر وهدد بوقف المفاوضات مع السلطة الوطنية الفلسطينية إذا لم تتخذ "إجراءات شديدة" ضد الجماعات "الإرهابية". وإيجازا، فقد استغل شارون، متبعا الحوار الذي وضعه السي آي إيه والموساد، عملية تل أبيب من أجل التقدم خطوة نحو مواجهة داخلية بين الفلسطينيين، تلك الطريقة التي سوف يظلون يعملون على تغذيتها من خلال التأثير النفسي والمزيد من الهجمات. العملية اللبنانية: عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق "رفيق الحريري"، عرض تليفزيون العراقية صورا لتسعة عراقيين مفترضين، اعترف اثنين منهما بأنهما قد تلقيا التدريب على استخدام الأسلحة والمتفجرات في سوريا. وجاء الأمر وسط اتهامات واشنطن وتل أبيب للحكومة السورية بالمسؤولية عن الاعتداء الذي أودى بحياة الحريري، الحليف التاريخي للولايات المتحدة والذي كان يقود القطاعات المناهضة لسوريا في لبنان. وأشار متحدثون باسم المخابرات السورية إلى أننا قد نكون بصدد إعداد "لمناخ مناهض لسوريا" صنعه البيت الأبيض والبنتاجون كإطار تبريري للعمليات العسكرية التي من المرتقب أن يقوما بها ضد سوريا والمنظمات التي تعمل ضد "إسرائيل" من خلال الأراضي اللبنانية. وأوضح المتحدثون باسم دمشق أن قطاع الحريري "المناهض لسوريا"، عقب استقالته، فقد مكانته السياسية، مشيرين إلى أن اغتياله لم يفعل سوى تعزيز معارضة الحكومة والجماعات المحابية للولايات المتحدة الذين يطالبون بانسحاب القوات السورية من لبنان. وكان موقف الحريري يتميز بالحوار سواء مع الحكومة المحابية لسوريا أو مع المنظمات الإسلامية المسلحة، كما كان يراهن على أن يتولى السلطة مرة أخرى في عملية ديمقراطية واثقا في صيته السياسي. ومن جانبه، أضعف وزير العدل اللبناني " عدنان عضوم" احتمال نسبة الاعتداء للقاعدة نظرا للعلاقات الاقتصادية والسياسية للحريري مع المملكة العربية السعودية. ومن جانب آخر، فقد كان الحريري يتمتع بعلاقات جيدة مع سوريا عن طريق رئيس المخابرات العسكرية السورية السابق، اللواء غازي كنعان، الذي أدى له خدمة إثر عمله كوسيط بين سوريا والمملكة العربية السعودية خلال فترة عمله كرئيس وزراء لبنان. وهكذا فإن اغتيال الحريري يفتقر إلى مغزى حقيقي ولا يعود بأي نفع على القطاعات المحابية لسوريا أو الحكومة الحليفة لدمشق في لبنان أو منظمات المقاومة. وكانت بعض وسائل الإعلام العربية، ومن بينها الجزيرة، قد أشارت عقب مقتل الحريري إلى أن المتفجرات التي تم استخدامها في الاعتداء لم تكن تشكل جزء من ترسانة أسلحة أية منظمة إسلامية في المنطقة وأن قدرتها العالية، التي قتلت الحريري وموكبه بالكامل فضلا عن أشخاص آخرين، قد بدت جلية في الحفرة التي تركها الانفجار والتي بلغ قطرها حوالي 10 أمتار. وأشارت مصادر أمنية إلى أن السمات التقنية للقنبلة كانت متقدمة لدرجة أنه لم يتم اكتشاف الأمر من قبل الأجهزة الإلكترونية ذات التقنية العالية مثل أجهزة التشويش والإنذارات والرصد التي كان موكب سيارات الحريري مزود بها، والتي تعرقل عمل أجهزة التفجير بالتحكم عن بعد. وكشفت الصحافة العربية تقارير لخبراء من أجهزة المخابرات اللبنانية مشيرة إلى أن المادة المتفجرة التي تم استخدامها في الاعتداء توجد فقط بحوزة السي آي إيه والموساد "الإسرائيلي" والمخابرات البريطانية وأنها تأتي من محطة الطاقة النووية ديمونة في "إسرائيل". والخلاصة، التي يدعمها كذلك السوريون والمخابرات العربية، فإن كل الدلائل الملموسة للاعتداء الذي استهدف رفيق الحريري تشير إلى السي آي إيه والموساد والمستفيدين الرئيسيين من اغتياله: واشنطن وتل أبيب، اللذين أوجدا بذلك المبرر الرئيسي لخطتهما لغزو سوريا
شنت الولايات المتحدة وفرنسا حملة إعلامية دولية تهدف للضغط على سوريا من أجل سحب قواتها العسكرية من لبنان متهمان إياها بأن وجودها يحمي الجماعات "الإرهابية" التي تهدد سلام واستقرار المنطقة. ومن الجانب الآخر، أجاب السوريون، دون أي صدى تقريبا في وسائل الإعلام الكبرى، بأن الشيء الوحيد "المهدد" بوجوهم في لبنان هو توسع سيطرة "إسرائيل"، الشريك الاستراتيجي والمتميز في سياسات السلب للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ونالت المناورة تأييد منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا المشتركين في المصالح الاقتصادية للهيمنة الامبريالية اليهودية-الأمريكية ، سواء في الشرق الأوسط أو في منطقة الخليج, كذلك غضت الطرف بعض دول الجامعة العربية على استحياء ومن جانبها، قامت القنوات الدولية الكبرى و المعامل الإعلامية المعتادة للسي آي إيه، بشن حملة واضحة "ضد سوريا" مصورة في مضمونها وعناوينها المثال النموذجي لاتهامات مسؤولي واشنطن وتل أبيب ضد سوريا. ويتكرر ما حدث مع العراق : دون أي نوع من التحقيق أو التحليل تأخذ القنوات الإخبارية الكبرى في التلاعب بالرأي العام الدولي مدخلة كلمات رئيسية، مثل: "سوريا" و"الإرهاب" و"الحرب الأهلية" و"مهاجم انتحاري" و"توتر" و"متمردين" و"تطرف إسلامي"، في صيغها المعروفة "بتجريم" أي "عدو" للآلية العسكرية الأمريكية. فكما كان صدام ونظامه أمس، أصبحت سوريا اليوم تُنعت "بالديكتاتورية آوية الإرهابيين". وعليه، فحل المأزق : ينبغي على سوريا أن تنسحب من لبنان وأن تعيد تنظيم إدارتها في إطار "عملية ديمقراطية" كما تقضي لوائح "العالم الحر" الموضوعة من قبل جورج دبليو بوش وشركائه غير الثابتين في منظمة الأمم المتحدة !! الخطة: بطرد سوريا من لبنان يبقى الباب مفتوحا أمام تدخل عسكري أمريكي-صهيوني موجه لإبادة القواعد اللوجيستيكية والقيادات الفعالة للمنظمات المسلحة التي تحارب "إسرائيل" والولايات المتحدة في المنطقة، خاصة في العراق وفلسطين. وتعد خطة التأثير النفسي الإعلامي لتبرير العمليات ضد سوريا خطة بالكربون لتلك الخطة التي تم استخدامها من أجل غزو العراق: دعم "الإرهاب الدولي" وحيازة أسلحة دمار شامل. ومن بين النظريات التبريرية [المعهودة الاستخدام من قبل المعامل الإعلامية للسي آي إيه]: 1. سوريا تهدد سلام الشرق الأوسط ووجودها العسكري يمكن أن يقود لبنان إلى حرب أهلية قاسية مثل تلك التي عاشتها في عقد السبعينات. 2. يبرر وضع لبنان كدولة محتلة من قبل سوريا ومن قبل شبكة دولية "للإرهاب الإسلامي" القيام بعملية عسكرية من أجل "تحريرها" ثم نشر القوات حتى دمشق من أجل استأصال شأفة "التهديد الإسلامي" من المنطقة. وهكذا تلعب الأفكار التي يتم بثها بشكل هائل - من خلال شعارات صحفية - الدور التكميلي للخطة الأم للصهيونية اليهودية-الأمريكية لواشنطن والتي تؤججها ترويكا الخبراء التي يقودها مسؤول الدفاع الثاني "باول وولفويتز". ويمثل هذا اللوبي، الذي يقوده سياسيا في البيت الأبيض نائب الرئيس "ديك تشيني" وفي وزارة الدفاع "دونالد رامسفيلد"، مصالح شركات الأسلحة وشركات النفط وشركات أخرى تبرم عقودا بملايين مع البنتاجون الأمريكي. ويدافع فريق المحافظين الجدد، المنفذ للخط الرئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية عقب هجمات 11 سبتمبر، علنا عن تدخل عسكري في كل خريطة الشرق الأوسط من أجل القضاء على "التهديد العربي لإسرائيل". فعقب التخطيط لغزو أفغانستان، تحت ذريعة تدمير شبكة "القاعدة"، والاحتلال العسكري للعراق، بدعوى القضاء على أسلحة الدمار الشامل، استهدف اللوبي والصقور الأمريكيون هذه المرة، مدعومين بإعادة انتخاب بوش، ثلاثة دول رئيسية : سوريا ولبنان وإيران.[ غير أن إيران استطاعت بفضل علاقاتها النفعية فى كواليس السياسات الغربية والأمريكية من المناورة التي أعلنت معها مساومات لدورها الموجه فى العراق وافغانستان ووعود لإسرائيل بعدم المساس ..] وكان فريق الصقور العسكرية والمدنية المحابي "لإسرائيل" قد خطط لغزو العراق انطلاقا من مبدأ يستند إلى "نظرية لعبة القناني الخشبية" في الشرق الأوسط، حيث كان ينتظر أن يؤدي توجيه ضربة ضد العراق إلى إسقاط مختلف الأنظمة العربية في الشرق الأوسط. وإثر فشل ذلك المبدأ في العراق، يكرر فريق الصقور نفس النظرية الآن واضعا سوريا في المركز هذه المرة ومستهدفا كذلك باقي الدول المصنفة "كأهداف" للبنتاجون خلال فترة الرئاسة الثانية لبوش. وجدد الرئيس جورج دبليو بوش خلال خطاب توليه فترة الرئاسة الثانية في 20 يناير الماضي تأكيده للخطة المصاغة كمشروع "إعادة تشكيل الشرق الأوسط"، ذلك المشروع الذي يتم الآن تحت شعار حملة تحريرية لمحاربة "الإرهاب" و"طغاة العالم". ووفقا للوصايا العشر للبيت الأبيض، فإن سوريا تفي تماما بالنموذج: فهي نظام "ديكتاتوري" يأوي "الإرهاب" ويشجعه. وتبحث عملية سوريا، التي تعد حجر الأساس في الخطة، كهدف استراتيجي تعزيز السيطرة على احتياطيات الطاقة في الشرق الأوسط وفي دول الخليج وضمان قاعدة سيطرة جغرافية سياسية عسكرية في آسيا ومواصلة غزو أسواق جديدة، مستندة إلى القوة النووية-العسكرية "لإسرائيل" على المستوى الإقليمي. وتتخذ الخطة من الأردن وبعض دول الجامعة العربية حلفاء ، بينما تثق في أن الجزء الأكبر من الدول يتخذون موقفا سلبيا مثل ذلك الذي اتخذوه مع العراق. وعقب الاستيلاء العسكري على العراق، لم يعد خارج السيطرة إلا ثلاثة دول: إيران وسوريا ولبنان. وفي عقد الخمسينات وضع ديفيد بن جوريون النظرية الأم: للقضاء على تهديد جيرانيها، على "إسرائيل" السيطرة على "الحلقة الأضعف في سلسلة الجامعة العربية" : لبنان. ويعد الجنرال الصهيوني، أرييل شارون، الذي دخل بيروت عام 1982 بدباباته وساعد الميليشيات النصرانية على ذبح قاطني معسكرات اللاجئين في العاصمة وصابرة وشتيلة، أكبر مواصل لنظرية ابن جوريون. وتتطلب خطة القضاء على المقاومتين الفلسطينية والعراقية، الهدف الرئيسي في المرحلة الراهنة، تدمير قواعدهما اللوجيستيكية والفعالة في سوريا ولبنان. وفيما يتعلق بالعمليات العسكرية ضد سوريا، تسيطر على البنتاجون فكرة الهجمات "الوقائية" الجوية كدعم للغزو الأرضي للدبابات والقوات الخاصة "الإسرائيلية-الأمريكية". ففي يناير 2004، قدم دونالد رامسفيلد لبوش مستندا موضوعا بناء على قاعدة معلومات مجمعة من قبل السي آي إيه في الشرق الأوسط. وأكد التقرير أن "الإرهابيين"، ومن بينهم أعضاء حركة حزب الله، "لازالوا يعبرون الحدود من سوريا إلى العراق" من أجل الاتصال بالجماعات العراقية التي تحارب ضد قوات الاحتلال للولايات المتحدة. ويذكر المستند ذاته "دلائل" على وجود أسلحة كيميائية بحوزة سوريا. واختُتم التقرير بتوجيه طلب لبوش من أجل شن هجمات جوية "وقائية" وغزو من قبل القوات الخاصة للأراضي السورية كما كان قد تم في ما تسمى "بالمنطقة المحرمة" بالعراق قبل الغزو العسكري للدولة في مارس 2003. ويعد الهجوم الجوي "لإسرائيل" على لبنان في يناير 2004 بمثابة نموذج تجريبي وإشارة للأهداف الجديدة خارقين للمرة الأولى "الخط الأزرق"، الحد الموافق عليه من قبل منظمة الأمم المتحدة في مايو 2000. ومن أجل المضي قدما في هذه المرحلة من الخطة يتطلب الأمر إعداد السي آي إيه والموساد "للمناخ المعادي لسوريا" والظروف السياسية والاجتماعية لإحداث مواجهة بين الجهات الرسمية والمعارضة في فلسطين وبين مؤيدي سوريا ومعارضيها في لبنان. وتعمل هذه المرحلة، الجاري تنفيذها، على الإعداد لمرحلة بدء العمليات العسكرية من أجل القضاء على "الإرهاب" والصراعات الداخلية في الشرق الأوسط، التي تتخذ قيادتها، وفقا لقواد الحرب الصهاينة في واشنطن والبنتاجون، من سوريا مقرا لها. وفي المرحلة الأولى للخطة، التي يتم تنفيذها في الوقت الراهن، يلعب السي آي إيه والموساد دورا رئيسيا في تسليح وتنفيذ العمليات التي تتخذ من "الإرهاب" غطاء لها وفي التقسيم التكتيكي من أجل إحداث مواجهة بين المعارضين والجهات الرسمية وفي توجيه حملة التأثير النفسي الهادفة إلى خلق قواعد موافقة محلية ودولية على حدوث تدخل عسكري في سوريا. العملية الفلسطينية: في المرحلة الأولى، تتطلب الخطة إظهار أن سوريا لازالت وراء كل العمليات "الإرهابية" من خلال وجودها العسكري في لبنان ووجود قواعد ومعسكرات تدريب "للمتطرفين" الإسلاميين في أراضيها. وفيما يتعلق بالهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي في تل أبيب، اتفقت مصادر من المخابرات العربية على أننا بصدد عملية للسي آي إيه والموساد على نفس الغرار الذي استخدماه من أجل توريط سوريا في اغتيال رفيق الحريري. فقد استهدفت كلا العمليتين هدفين متشابهين: كسر خطوط التفاوض بين الجهات الرسمية والمعارضة ودفع النزاع إلى أقصاه من أجل إثارة رد فعل مسلح. ومن خلال المتحدثين باسم منظمة الجهاد الإسلامي، أعلنت المنظمة فور وقوع الاعتداء أن الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم كانت جزءا منشقا عن المنظمة،ا لتي كانت قد حددت هدنة وكانت في انتظار رد على طلباتها بإطلاق سراح سجناء فلسطينيين لدى الحكومة "الإسرائيلية"، مما يعني أن نسبة الهجوم لها كان باطلا. ومن جانبهم، أشار متحدثون باسم سوريا أن الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم والمنفذ المفترض للهجوم عملاء للسي آي إيه والموساد وأنه قد تم القيام بالعملية بهدف إحباط عملية الهدنة بين الجماعة وحكومة عباس وعرقلة المفاوضات بشأن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين التي كان من المفترض إجراؤها بين المنظمات الفلسطينية المسلحة وحكومة شارون. ومما يثير العجب أنه قبل إعلان الجماعة المهاجمة المفترضة مسؤوليتها بقليل أكدت مصادر من وزارة الدفاع "الإسرائيلية" أن الاعتداء قد تم من قبل الجهاد الإسلامية بناء على توجيهات من قبل زعمائها في العاصمة السورية، بينما أشارت السلطة الفلسطينية إلى حزب الله اللبناني. وكان السي آي إيه والموساد بحاجة لإبراز الاستنتاج الفوري للعمل "الإرهابي" في تل أبيب: العنف السياسي الذي يهدد عملية السلام في الشرق الأوسط والنظام الدستوري في فلسطين، حيث ينبغي أن تنتهي العملية بالاتهام الرسمي من قبل حكومة تل أبيب. فعقب اعتداء تل أبيب، اتهم وزير الدفاع، شاؤول موفاز، سوريا بأنها وراء الحركة "الأصولية" الفلسطينية الجهاد الإسلامي. ونرى إشارة مكملة أخرى تلك التي أعطاها أرييل شارون، حيث كشفت الإذاعة العسكرية "الإسرائيلية" أنه كان يتم إبلاغ رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بالأحداث دون أن يصرح بشيء حتى يوم الأحد إثر نصيحة عملاء المخابرات له بأن ينتظر "رد فعل السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها محمود عباس". ويوم الأحد، إثر إثبات عدم شدة عباس مع الجماعات المسلحة، خرج شارون ليقول أن عملية السلام تتعرض للخطر وهدد بوقف المفاوضات مع السلطة الوطنية الفلسطينية إذا لم تتخذ "إجراءات شديدة" ضد الجماعات "الإرهابية". وإيجازا، فقد استغل شارون، متبعا الحوار الذي وضعه السي آي إيه والموساد، عملية تل أبيب من أجل التقدم خطوة نحو مواجهة داخلية بين الفلسطينيين، تلك الطريقة التي سوف يظلون يعملون على تغذيتها من خلال التأثير النفسي والمزيد من الهجمات. العملية اللبنانية: عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق "رفيق الحريري"، عرض تليفزيون العراقية صورا لتسعة عراقيين مفترضين، اعترف اثنين منهما بأنهما قد تلقيا التدريب على استخدام الأسلحة والمتفجرات في سوريا. وجاء الأمر وسط اتهامات واشنطن وتل أبيب للحكومة السورية بالمسؤولية عن الاعتداء الذي أودى بحياة الحريري، الحليف التاريخي للولايات المتحدة والذي كان يقود القطاعات المناهضة لسوريا في لبنان. وأشار متحدثون باسم المخابرات السورية إلى أننا قد نكون بصدد إعداد "لمناخ مناهض لسوريا" صنعه البيت الأبيض والبنتاجون كإطار تبريري للعمليات العسكرية التي من المرتقب أن يقوما بها ضد سوريا والمنظمات التي تعمل ضد "إسرائيل" من خلال الأراضي اللبنانية. وأوضح المتحدثون باسم دمشق أن قطاع الحريري "المناهض لسوريا"، عقب استقالته، فقد مكانته السياسية، مشيرين إلى أن اغتياله لم يفعل سوى تعزيز معارضة الحكومة والجماعات المحابية للولايات المتحدة الذين يطالبون بانسحاب القوات السورية من لبنان. وكان موقف الحريري يتميز بالحوار سواء مع الحكومة المحابية لسوريا أو مع المنظمات الإسلامية المسلحة، كما كان يراهن على أن يتولى السلطة مرة أخرى في عملية ديمقراطية واثقا في صيته السياسي. ومن جانبه، أضعف وزير العدل اللبناني " عدنان عضوم" احتمال نسبة الاعتداء للقاعدة نظرا للعلاقات الاقتصادية والسياسية للحريري مع المملكة العربية السعودية. ومن جانب آخر، فقد كان الحريري يتمتع بعلاقات جيدة مع سوريا عن طريق رئيس المخابرات العسكرية السورية السابق، اللواء غازي كنعان، الذي أدى له خدمة إثر عمله كوسيط بين سوريا والمملكة العربية السعودية خلال فترة عمله كرئيس وزراء لبنان. وهكذا فإن اغتيال الحريري يفتقر إلى مغزى حقيقي ولا يعود بأي نفع على القطاعات المحابية لسوريا أو الحكومة الحليفة لدمشق في لبنان أو منظمات المقاومة. وكانت بعض وسائل الإعلام العربية، ومن بينها الجزيرة، قد أشارت عقب مقتل الحريري إلى أن المتفجرات التي تم استخدامها في الاعتداء لم تكن تشكل جزء من ترسانة أسلحة أية منظمة إسلامية في المنطقة وأن قدرتها العالية، التي قتلت الحريري وموكبه بالكامل فضلا عن أشخاص آخرين، قد بدت جلية في الحفرة التي تركها الانفجار والتي بلغ قطرها حوالي 10 أمتار. وأشارت مصادر أمنية إلى أن السمات التقنية للقنبلة كانت متقدمة لدرجة أنه لم يتم اكتشاف الأمر من قبل الأجهزة الإلكترونية ذات التقنية العالية مثل أجهزة التشويش والإنذارات والرصد التي كان موكب سيارات الحريري مزود بها، والتي تعرقل عمل أجهزة التفجير بالتحكم عن بعد. وكشفت الصحافة العربية تقارير لخبراء من أجهزة المخابرات اللبنانية مشيرة إلى أن المادة المتفجرة التي تم استخدامها في الاعتداء توجد فقط بحوزة السي آي إيه والموساد "الإسرائيلي" والمخابرات البريطانية وأنها تأتي من محطة الطاقة النووية ديمونة في "إسرائيل". والخلاصة، التي يدعمها كذلك السوريون والمخابرات العربية، فإن كل الدلائل الملموسة للاعتداء الذي استهدف رفيق الحريري تشير إلى السي آي إيه والموساد والمستفيدين الرئيسيين من اغتياله: واشنطن وتل أبيب، اللذين أوجدا بذلك المبرر الرئيسي لخطتهما لغزو سوريا