..AHMAD
23/06/2008, 00:56
وباء النقد ، كلمتين بسيطتين ، بيعبرو عن نفسية الإنسان العربي بشكل خاص ، العادي والمثقف ، والاستثناءات ما هية إلا خيط قصير ، بيمر بالشخصية العربية متل مُذنَبِ بيمر بالكون بدون ما يلاحظو إلا كم عين بتنصاب بعدها بالرمد .
هاد لاننا أمة لساتها بتعتنق الفكرة السامية اعتناق الجمل للصحراء مثلاً ... لكن الجمال بتمر بالصحرا بتترك فيها اثر ... شاهد عليه التاريخ ... أما نحنا فـ منعتنق هالفكرة .. بحماس سلبي بيجرنا للتمحور والتقوقع والتجمد على عين الفكرة وسموها .. بدون ما نملك الادوات والقدرات اللي من شانها انو تصنع من الفكرة السامية واقعا مليئ بالجمال والروعة ... لا بالعكس منزيد عهالشي بالتأثير السلبي على نقاوة الفكرة لحد بتصير اشبه بالمهلهلة البالية .. وممجوجة لحد ما .
والسبب الواضح من خلال الجولات بين الكتب والتلفزيون والراديو وبصورة اخص الانترنت
فالكتابة عن الوطن او الشهداء ... تعتبر فكرة سامية ... لكنها بالضرورة وبالمنطق .. بكيفنا او مو بكيفنا بتحتاج لاسلوب بيقدر انو يرفع مستواها ويبين حقائقها وباطنها .. على انو نقدر نوازن بين سموها وبين الاسلوب الراقي ... باستخدام العقل ... لننتج هالاسلوب
فما بالك إذا كانت هالفكرة مقدسة ، بل هية الفكرة المقدسة الوحيدة اللي منملكها كعرب ، وهيي الرسالة اللي سبقنا اهلها وضخوا دمهن وإيمانن وعلمن ومعرفتن بكل حناياها ، لتنمو وتكبر وتمتد ، لتصبح الصورة المشرقة والوحيدة اللي منملك خاصية التباهي فيها ، رغم المصاعب والضعف اللي بيحيط فينا من كل جانب .
نحن لساتنا ، ما منعرف شي عن اللغة والحروف اللي بتتحدث عن الأسلوب ، بل منشوف بالفكرة السامية المقدسة ، الهدف والأسلوب ، بدون ما يكون عندنا أدوات التفكيك والتمحيص ، اللي من شغلها أنو تخلي الفكرة والأسلوب جوهر خالص مستحيل الفصل بينو من حيث الإبداع والرقي وبين عمل أدبي أو عمل فكري .
ومع هالشي لساتنا منساوي للعلاقات الشخصية والمهنية قيمة لما بدنا نتناول عمل ما بالنقد والتحليل لمتمتزج العلاقات بالفكرة المقدة وبالكرم اللي منتدعيه حتى يتحول هالنقد لتركيب كمل جملة ..من صفاتها المجاملة الخجولة ويمكن توصل لدرجة انو نتخنها بهالتمجيد .. مشان هالعلاقة وهالفكرة المقدسة علماً بانو بالموضوع المطروح ما بيساوي بفنية الادب واحترافو الا محاولة يمكن لاي طفل عندو طموح ازا حاولها يتمكن منها ... او لشي طالب اعدادي او ثانوي حابب انو يستعطف حبيبتو بطريقة الادب .
واعتراضا وقبل ما اسرد بالموضوع ... حابب ازكر حادثتين مهمين بتاريخ الادب الروسي حتى اقدر من خلالهن اني فوت بالموضوع اللي حابب انكتو من جوا بشوية اسهاب وتفصيل
الحادثة الأولى
انو أنطون تشيخوف وتوليستوي قررو انهن ينسحبو من رابطة الكتاب الروس احتجاجاً عالقرار اللي اصدرتو الرابطة بمنع الكاتب مكسيم غوركي من انو ينضم الها بحجة انو ما بيحمل شهادات اكاديمية بتأهلو لدخول هالرابطةوقامت الدنيا وما قعدت مشان هالقصة ، وكترت الحوارات والمشادات بين مؤيد ومعارض لهالقرار ... بس الكتاب والناقدين والادباء اللي لحقو بركب تشيخوف وتولستوي رفضو وبشكل قاطع ونهائي انو يرجعو للرابطة ازا ما التغى هالقانون اللي اللي بيمنع غوركي من الانضمام الها ككاتب بيستاهل انو تحترمو بلدو وبيستاهل انو يكون ضمن هالفئة اللي امتلكو الابداع اللي بيأهلو ليوصل للمرتبة اللي بتتناسب مع قدراتو وابداعاتو
وفعلا تم هالشي .. والتغى القانون وطلع قانون جديد ورجع تشيخوف وتوليستوي وكل مين اعتصم معهن برفقة غوركي طبعا للرابطة .. رجعو بعدما نجحو بفرض نظرتهم الابداعية عقانون النشر والكتابة بالرابطة لتبدا بعدها مرحلة جديدة ... بتعتمد عالابداع ولو من طفل ... وبتغض نظرها عن الشهادات ولو كانت من اكبر الشهادات وقدرو بزمن قصير كتير انو يرسخو مفهوم النقد الابداعي محل النقد اللي قايم ومرتكز عالمركز والعلاقة والشهادة
أما الحادثة الثانية :
زارت مجموعة من الكتاب التابعين لدور نشر متخصصة بروسيا فلسطين بفترة ولما التقوا فيهن سالوهن سوال طالما تمنيت اني اسالهن ياه انو ليش دايما الرواية الروسية هية بالمقدمة وبهالعلو وهالسمو لحد انا اصبحت الرواية الاولى بالعالم من حيث غزارة الانتاج وطول نفسهن والقدرة عمعالجة الافكار والقضايا اللي عجز عنها العالم عن معالجتها بنفس الطريقة !!!
فانو كانت الاجابة متفرعة لاكتر من جانب .. بس الجانب اللي بيهمني توثيقو بموضوعي انهن ردو عليهن :
نحنا ما منحط معايير ومقاييس للراوي او شخصيتو .. فما بيهمنا ازا كان الراوي فلان او علتان انما اللي بيهمنا الرواية ك فكرة واسلوب وباللي بتقدملنا ياه من قدرة عوصف الناس والافكار والاحداث بطريقة بتتناغم مع العمق والرصانة والمتانة فازا اجانا كاتب مشهور وعطانا رواية واجانا كاتب مغمور مو معروف قرعة ابوه من وين فنحنا منقرأ هي ومنقرأ هديك ومنختار الرواية اللي بتستاهل انها ننشرها بغض النظر ان كانت هالرواية لهالراوي او الكاتب او الاديب المشهور او كانت لهالكاتب المغمور او المبتدئ.
هلق انو ممكن يكون بهالحدث نوع من المبالغة بس الرواية الروسية .. بتشهد على هالشي
اما نحنا كـ عرب فعندنا فلسفة بتختلف عن هالشي تماما . نحنا منكتب متل ما بدها ادارة الانظمة والاحزاب والفروع اللي مننتميلها ... ومرادنا كلو التمجيد والتطبيل والتزمير باسمنا .. مدفوعين بالجهل احيانا وبعمى القلب احيانا تانية وبالمصالح الشخصية باغلب الأحيان
وازا تركنا كل هالشي .. فانو مننجر نحو فكرة القداسة ... خوف ؟ يمكن ! ضعف ؟! شي أكيد
خلينا نرجع لورا شوي .. لماضينا المجيد ... لنفتح صفحات شوية شخصيات اللي اثرو بالفكر وبالادب لنشوفهن وهنن عميدخلو مساحات من التاريخ ... وبعد ما رحلو كيف نحنا حطيناهن بمرتبة من القدسية اللي محرم عالاقلام الموجودة حاليا انو توصل لنفس المرتبة بمبضع النقد والتحليل ... ولو كانو هنن عايشين هلئ .. يمكن لقبلو النقد عحالهن اكتر ما نقبلو نحنا عليهن هلئ
مثلا المتنبي ... نحنا من طفولتنا درسنا بانو المتنبي شاعر العرب اللي ما ترك زايد لمستزيد وكانو فن الشعر والادب وقف عندو هوي وتاريخو بس .. وهاد اول عيب نقدي تعلمناه وحملناه .. فالمتنبي شاعر لكن ما كان ولا رح يكون اخر الشعراء وازا ما انتبهنا للبارودي فهاي مو مشكلة التاريخ ... هي مشكلة النقاد اللي وقفو عند لحظة زمنية معينة ... وبدهن يانا نوقف عندها نحنا كمان
هلئ انا هون مو مشان فوت بشاعرية المتنبي او البارودي وقارن بينهم واحصل على نتيجة مين الافضل فيهن لانو لكل واحد فيهن شاعريتو اللي طلعت بزمانه وعهالمبدأ فينا ندير النقد ونوجهو .. لكن بدون ما نحط السد الزمني الخاص بالمتنبي ... واللي انوجد وترسخ بعقولنا غصب عنا ...
لكن انا هون بصدد التعرض لهاجس الشعر والشخصية اللي حاول النقاد التعامل معاها بصورة بتثير الشفقة وبتلعي النفس بنفس زات الوقت وهية الطريقة اللي تعلمنا فيها بانو المتنبي كان ورح يبقى سيد الشعر العربي بدون منازع ... بدون حتى ندرك ولو مجرد ادراك بانو المتنبي ما بيستحق كل هالاحترام والتقدير
ما علمونا ابدا وبتفصيل نفسي ونقدي بانو المتنبي كان كزاب وداعية ... وفوق كل هالشي كان بيعرض نفسو وروحو وشعرو لمين بيدفعلو اكتر ... قالولنا بانو طالب جاه وسلطة .. وضافو عهالشي انو من اصحاب الهمم العالية
بس انو هني ما انتبهوا بانو الهمم العالية ما بتعرف التسول والشحادة والكزب وتمسيح الجوخ ...
يعني عمين فينا نقول غير كزاب لشخص كان يدور من امير لامير بالمدح والكولكة لحتى يسمعلو كلمتين حلوين ومدح من هالامير ويقبضلو قرشين ويستلملو شي مركز رخيص
شوفينا نقول عنو غير متملق ازا انتج كل كلامو ومشاعرو بدون قناعة بهالامير او هالملك او فلان او علتان .... شو فينا نقول عنو غير متملق ازا كانت كل قناعتو هية المناصب والمصاري المرتبطة بهالامير او هالملك؟
حتى حادثة قتل المتنبي ... واللي بتدل على غباء مختلط بالعصبية والتعالي صورولنا ياها على انها نوع من انواع البطولة اللي ما بتتكرر بحياة الشعراء ... ولو تقدر لطالب مطلع عالحقيقة .. او لناقد ما بيخاف يحكي حقيقة انو يوقف قدام شخص المتنبي وحياتو وتقلباتو النفسية والفكرية للقينا مين يقلنا انو المتنبي كان ارخص بكتير من انو ينرفع لهالمقام .. ولشرحلنا معنى الابيات اللي قدر المتنبي انو يصوغها مدح وكزب وتملق ليوصل للي بدو ياه
يعني الهمم العالية ما بيصنعها الكزب ولا بيصنعها المدح ... بتصنعها النطق بالحقيقة والافعال اللي بتقترن بالبطولة
مو غلط انو نعترف بقدرة المتنبي الشعرية ... بس الغلط انو ما نعترف بغاية المتنبي من استشعارو .. لتكتشفو مدى دنائتو وهبوط مستوى الاخلاقي ... مدى انفصالو عن الامثال والحكم الي صرعو ربنا فيها ...
غلط كبير كتير لما تعلمونا انو الهمم العالية ...بيصنعها مين قدرو ينحنو للمبدأ اللي بتهون بسبيلو الارواح والامنيات ... ومين قدرو يدعسو عالرغبات والنزوات .... وبنفس الوقت وانتو عمتعلمونا هالمبدأ ... تقترنو بمثال بيعكس هالشي تماما
عندي يقين تام انو هالشي مو بايدكن ... هالشي متوارث يعني ... وعدم جرأة عمواجهة الاشخاص اللي كنا راسمين صورة الهن بيخالنا ... وطلعو غير هالصورة تماماً
ازا انتقلنا من قدسية الادب .. لـ قدسية الدين ( مع احترامي لجميع الاديان والمتدينين ... بس استوجب الذكر )
فهالقدسية هي قدسية زات علاقات وابعاد معقدة ... بدها شوية حزر بالتعامل معها ... بس ما منقدر اهمال وتطنيش نقدها وتعرية باطلها
فلقصيدة اللي بتمدح الرسول ( ص ) هي قصيدة ( عصماء ) رائعة ... بس لانها بتحمل فكرة مقدسة ونزيهة عن النقد وحتى لو تعامل معها البعض بالنقد فانو بيتعامل معها بطريقة خجولة ... علما بانو قول بانو القصيدة ما بتساوي اي قيمة ادبية وما بتحمل اي نفس شعري .. ما رح تضر هالناقد والناقد مانو مضطر لما يتناول هالقصيدة انو يقول تجنب للشبهات والقيل والقال " بانو الفكرة سامية بس الاسلوب ضعيف شوية " بس,.. لانو هي القصيدة متعلقة بشخصية متل شخصية الرسول
اي الناقد مانو مضطر لكل هالشي ..... بس هالناقد مضطر ومجبر ومن حقو وواجبو انو يبين الخطأ والخلل والضعف بهيكل هالقصيدة .. بكلمات واضحة وصريحة بتحمل مدلولات كاملة الوضوح لمركز الخلل والضعف ... بدون ما تحمل كلماتو النقدية اي نوع من المجاملة ... لانو طالما حمل ضمنو نوع من المجاملة ... فهالشي ( بغض النظر عن قدسية الشخصية ) بيحط هالشخص المعني بالقصيدة بمرتبة متل مرتبة المتنبي ( الحقيقية )
نحنا بدنا نقد مرتكز عالصراحة والتجرد وتسمية الشغلات باسمائها ... بدنا نقد ما بيخاف ولا بيتردد ... بيتوغل بالصراحة واستخدام الفاظ مخبرية نقدية ... وما بيخاف قدام اي شخصية مهما كان صيتها وشأنها بالعالم
نحنا بدنا مين يطلع ليقول وبصوت عالي ...... بانو سيد قطب كان اديب من المرتبة التالة بعصرو ..... بدنا مين يقول بانو الظلال مو تفسير للقران ... وانو سيد قطب كان اقل علم ومقدرة عتفسير القران ... وانما هوي نقل لكلام العلماء والمفسرين ووصفا للحالة الشعورية اللي عاشها سيد قطب مع القران بسجنو
بدنا مين يجي ليقول بانو حسن البنا .. كان رجل تنظيم ... مو رجل علم ... كان قادر بمجالو وكان عاجز بالمجالات الباقية ... ما بدنا نقرا كتاب عنوانو " الرئيس الملهم حسن البنا ..... بس بدنا نعرف قدراتو بعيد عن الالهام ... القدرات الانسانية اللي بيتميز فيها ... مو الالهام اللي نشأ حول شخيتو بعد ما مات
بدنا مين يجي ليقوللنا كـ ناقد خبير .. انو كتب فتحي يكن ... بتصلح لمنهاج اعدادي .. وانو فتحي مو عالمي او مفكر عربي .. انما هوي رجل بسيط عندو قدرات محدودة ...
بدنا مين يدرسو بعيد عن جماعة الاخوان اللي عودتنا وعودت الفكر العربي بغزوها لمصطلحات كبيرة .. بتخدم الولاء للحركة .. مو الولاء للفكرة
ولما بينقال هالشي ... لازم هالعقلية انو تفهم وبعفوية وبساطة بانو الناقد .. ما بيمس ولا بيتدخل بشخصية قطب او البنا ... انو بس بيوقف قدام اعمالهن ... بالادلة الي عندو ياها ... بالجرأة اللي بتقدر تشيل هالة القدسية عن العمل ... ليقدر انو يطلعلنا ... بقول الفصل ... يمنحنا القدرة عتفادي الاخطاء والضعف ... لنقدر انو نأسس عقل واعي قادر عالتأثير بمجريات هالحياة
ليش لازم نخاف انو نحكي ... بانو عمرو ابن كلثوم او عنترة بن شداد واصحاب المعلقات اوقى واكتر قدرة بالشعر من حسان بن ثابت او قيس بن الاسلت ؟
ليش لازم نخاف نحكي كل هالشي .... وكل ادلة الادب القديم والحديث وادوات النقد القديم والحديث بتحكي هالشي
لحسان بن ثابت مكانة دينية ...... بس ما بيملك من غزارة الشعر .. ومكانتو ... اللي عند الباقيين
كمان الامام الشافعي ... الو منزلتو بالفقه والدين ... وضعتو بين الائمة الاربعة ... بس ما عندو من فن الشعر ...
اللي عند ابن الرومي ...
مو غلط نقول هالشي ... ومو من الوفاء والاخلاص ... انو نحط الامام الشافعي بمكانة ما حط حالو فيها
هاد لاننا أمة لساتها بتعتنق الفكرة السامية اعتناق الجمل للصحراء مثلاً ... لكن الجمال بتمر بالصحرا بتترك فيها اثر ... شاهد عليه التاريخ ... أما نحنا فـ منعتنق هالفكرة .. بحماس سلبي بيجرنا للتمحور والتقوقع والتجمد على عين الفكرة وسموها .. بدون ما نملك الادوات والقدرات اللي من شانها انو تصنع من الفكرة السامية واقعا مليئ بالجمال والروعة ... لا بالعكس منزيد عهالشي بالتأثير السلبي على نقاوة الفكرة لحد بتصير اشبه بالمهلهلة البالية .. وممجوجة لحد ما .
والسبب الواضح من خلال الجولات بين الكتب والتلفزيون والراديو وبصورة اخص الانترنت
فالكتابة عن الوطن او الشهداء ... تعتبر فكرة سامية ... لكنها بالضرورة وبالمنطق .. بكيفنا او مو بكيفنا بتحتاج لاسلوب بيقدر انو يرفع مستواها ويبين حقائقها وباطنها .. على انو نقدر نوازن بين سموها وبين الاسلوب الراقي ... باستخدام العقل ... لننتج هالاسلوب
فما بالك إذا كانت هالفكرة مقدسة ، بل هية الفكرة المقدسة الوحيدة اللي منملكها كعرب ، وهيي الرسالة اللي سبقنا اهلها وضخوا دمهن وإيمانن وعلمن ومعرفتن بكل حناياها ، لتنمو وتكبر وتمتد ، لتصبح الصورة المشرقة والوحيدة اللي منملك خاصية التباهي فيها ، رغم المصاعب والضعف اللي بيحيط فينا من كل جانب .
نحن لساتنا ، ما منعرف شي عن اللغة والحروف اللي بتتحدث عن الأسلوب ، بل منشوف بالفكرة السامية المقدسة ، الهدف والأسلوب ، بدون ما يكون عندنا أدوات التفكيك والتمحيص ، اللي من شغلها أنو تخلي الفكرة والأسلوب جوهر خالص مستحيل الفصل بينو من حيث الإبداع والرقي وبين عمل أدبي أو عمل فكري .
ومع هالشي لساتنا منساوي للعلاقات الشخصية والمهنية قيمة لما بدنا نتناول عمل ما بالنقد والتحليل لمتمتزج العلاقات بالفكرة المقدة وبالكرم اللي منتدعيه حتى يتحول هالنقد لتركيب كمل جملة ..من صفاتها المجاملة الخجولة ويمكن توصل لدرجة انو نتخنها بهالتمجيد .. مشان هالعلاقة وهالفكرة المقدسة علماً بانو بالموضوع المطروح ما بيساوي بفنية الادب واحترافو الا محاولة يمكن لاي طفل عندو طموح ازا حاولها يتمكن منها ... او لشي طالب اعدادي او ثانوي حابب انو يستعطف حبيبتو بطريقة الادب .
واعتراضا وقبل ما اسرد بالموضوع ... حابب ازكر حادثتين مهمين بتاريخ الادب الروسي حتى اقدر من خلالهن اني فوت بالموضوع اللي حابب انكتو من جوا بشوية اسهاب وتفصيل
الحادثة الأولى
انو أنطون تشيخوف وتوليستوي قررو انهن ينسحبو من رابطة الكتاب الروس احتجاجاً عالقرار اللي اصدرتو الرابطة بمنع الكاتب مكسيم غوركي من انو ينضم الها بحجة انو ما بيحمل شهادات اكاديمية بتأهلو لدخول هالرابطةوقامت الدنيا وما قعدت مشان هالقصة ، وكترت الحوارات والمشادات بين مؤيد ومعارض لهالقرار ... بس الكتاب والناقدين والادباء اللي لحقو بركب تشيخوف وتولستوي رفضو وبشكل قاطع ونهائي انو يرجعو للرابطة ازا ما التغى هالقانون اللي اللي بيمنع غوركي من الانضمام الها ككاتب بيستاهل انو تحترمو بلدو وبيستاهل انو يكون ضمن هالفئة اللي امتلكو الابداع اللي بيأهلو ليوصل للمرتبة اللي بتتناسب مع قدراتو وابداعاتو
وفعلا تم هالشي .. والتغى القانون وطلع قانون جديد ورجع تشيخوف وتوليستوي وكل مين اعتصم معهن برفقة غوركي طبعا للرابطة .. رجعو بعدما نجحو بفرض نظرتهم الابداعية عقانون النشر والكتابة بالرابطة لتبدا بعدها مرحلة جديدة ... بتعتمد عالابداع ولو من طفل ... وبتغض نظرها عن الشهادات ولو كانت من اكبر الشهادات وقدرو بزمن قصير كتير انو يرسخو مفهوم النقد الابداعي محل النقد اللي قايم ومرتكز عالمركز والعلاقة والشهادة
أما الحادثة الثانية :
زارت مجموعة من الكتاب التابعين لدور نشر متخصصة بروسيا فلسطين بفترة ولما التقوا فيهن سالوهن سوال طالما تمنيت اني اسالهن ياه انو ليش دايما الرواية الروسية هية بالمقدمة وبهالعلو وهالسمو لحد انا اصبحت الرواية الاولى بالعالم من حيث غزارة الانتاج وطول نفسهن والقدرة عمعالجة الافكار والقضايا اللي عجز عنها العالم عن معالجتها بنفس الطريقة !!!
فانو كانت الاجابة متفرعة لاكتر من جانب .. بس الجانب اللي بيهمني توثيقو بموضوعي انهن ردو عليهن :
نحنا ما منحط معايير ومقاييس للراوي او شخصيتو .. فما بيهمنا ازا كان الراوي فلان او علتان انما اللي بيهمنا الرواية ك فكرة واسلوب وباللي بتقدملنا ياه من قدرة عوصف الناس والافكار والاحداث بطريقة بتتناغم مع العمق والرصانة والمتانة فازا اجانا كاتب مشهور وعطانا رواية واجانا كاتب مغمور مو معروف قرعة ابوه من وين فنحنا منقرأ هي ومنقرأ هديك ومنختار الرواية اللي بتستاهل انها ننشرها بغض النظر ان كانت هالرواية لهالراوي او الكاتب او الاديب المشهور او كانت لهالكاتب المغمور او المبتدئ.
هلق انو ممكن يكون بهالحدث نوع من المبالغة بس الرواية الروسية .. بتشهد على هالشي
اما نحنا كـ عرب فعندنا فلسفة بتختلف عن هالشي تماما . نحنا منكتب متل ما بدها ادارة الانظمة والاحزاب والفروع اللي مننتميلها ... ومرادنا كلو التمجيد والتطبيل والتزمير باسمنا .. مدفوعين بالجهل احيانا وبعمى القلب احيانا تانية وبالمصالح الشخصية باغلب الأحيان
وازا تركنا كل هالشي .. فانو مننجر نحو فكرة القداسة ... خوف ؟ يمكن ! ضعف ؟! شي أكيد
خلينا نرجع لورا شوي .. لماضينا المجيد ... لنفتح صفحات شوية شخصيات اللي اثرو بالفكر وبالادب لنشوفهن وهنن عميدخلو مساحات من التاريخ ... وبعد ما رحلو كيف نحنا حطيناهن بمرتبة من القدسية اللي محرم عالاقلام الموجودة حاليا انو توصل لنفس المرتبة بمبضع النقد والتحليل ... ولو كانو هنن عايشين هلئ .. يمكن لقبلو النقد عحالهن اكتر ما نقبلو نحنا عليهن هلئ
مثلا المتنبي ... نحنا من طفولتنا درسنا بانو المتنبي شاعر العرب اللي ما ترك زايد لمستزيد وكانو فن الشعر والادب وقف عندو هوي وتاريخو بس .. وهاد اول عيب نقدي تعلمناه وحملناه .. فالمتنبي شاعر لكن ما كان ولا رح يكون اخر الشعراء وازا ما انتبهنا للبارودي فهاي مو مشكلة التاريخ ... هي مشكلة النقاد اللي وقفو عند لحظة زمنية معينة ... وبدهن يانا نوقف عندها نحنا كمان
هلئ انا هون مو مشان فوت بشاعرية المتنبي او البارودي وقارن بينهم واحصل على نتيجة مين الافضل فيهن لانو لكل واحد فيهن شاعريتو اللي طلعت بزمانه وعهالمبدأ فينا ندير النقد ونوجهو .. لكن بدون ما نحط السد الزمني الخاص بالمتنبي ... واللي انوجد وترسخ بعقولنا غصب عنا ...
لكن انا هون بصدد التعرض لهاجس الشعر والشخصية اللي حاول النقاد التعامل معاها بصورة بتثير الشفقة وبتلعي النفس بنفس زات الوقت وهية الطريقة اللي تعلمنا فيها بانو المتنبي كان ورح يبقى سيد الشعر العربي بدون منازع ... بدون حتى ندرك ولو مجرد ادراك بانو المتنبي ما بيستحق كل هالاحترام والتقدير
ما علمونا ابدا وبتفصيل نفسي ونقدي بانو المتنبي كان كزاب وداعية ... وفوق كل هالشي كان بيعرض نفسو وروحو وشعرو لمين بيدفعلو اكتر ... قالولنا بانو طالب جاه وسلطة .. وضافو عهالشي انو من اصحاب الهمم العالية
بس انو هني ما انتبهوا بانو الهمم العالية ما بتعرف التسول والشحادة والكزب وتمسيح الجوخ ...
يعني عمين فينا نقول غير كزاب لشخص كان يدور من امير لامير بالمدح والكولكة لحتى يسمعلو كلمتين حلوين ومدح من هالامير ويقبضلو قرشين ويستلملو شي مركز رخيص
شوفينا نقول عنو غير متملق ازا انتج كل كلامو ومشاعرو بدون قناعة بهالامير او هالملك او فلان او علتان .... شو فينا نقول عنو غير متملق ازا كانت كل قناعتو هية المناصب والمصاري المرتبطة بهالامير او هالملك؟
حتى حادثة قتل المتنبي ... واللي بتدل على غباء مختلط بالعصبية والتعالي صورولنا ياها على انها نوع من انواع البطولة اللي ما بتتكرر بحياة الشعراء ... ولو تقدر لطالب مطلع عالحقيقة .. او لناقد ما بيخاف يحكي حقيقة انو يوقف قدام شخص المتنبي وحياتو وتقلباتو النفسية والفكرية للقينا مين يقلنا انو المتنبي كان ارخص بكتير من انو ينرفع لهالمقام .. ولشرحلنا معنى الابيات اللي قدر المتنبي انو يصوغها مدح وكزب وتملق ليوصل للي بدو ياه
يعني الهمم العالية ما بيصنعها الكزب ولا بيصنعها المدح ... بتصنعها النطق بالحقيقة والافعال اللي بتقترن بالبطولة
مو غلط انو نعترف بقدرة المتنبي الشعرية ... بس الغلط انو ما نعترف بغاية المتنبي من استشعارو .. لتكتشفو مدى دنائتو وهبوط مستوى الاخلاقي ... مدى انفصالو عن الامثال والحكم الي صرعو ربنا فيها ...
غلط كبير كتير لما تعلمونا انو الهمم العالية ...بيصنعها مين قدرو ينحنو للمبدأ اللي بتهون بسبيلو الارواح والامنيات ... ومين قدرو يدعسو عالرغبات والنزوات .... وبنفس الوقت وانتو عمتعلمونا هالمبدأ ... تقترنو بمثال بيعكس هالشي تماما
عندي يقين تام انو هالشي مو بايدكن ... هالشي متوارث يعني ... وعدم جرأة عمواجهة الاشخاص اللي كنا راسمين صورة الهن بيخالنا ... وطلعو غير هالصورة تماماً
ازا انتقلنا من قدسية الادب .. لـ قدسية الدين ( مع احترامي لجميع الاديان والمتدينين ... بس استوجب الذكر )
فهالقدسية هي قدسية زات علاقات وابعاد معقدة ... بدها شوية حزر بالتعامل معها ... بس ما منقدر اهمال وتطنيش نقدها وتعرية باطلها
فلقصيدة اللي بتمدح الرسول ( ص ) هي قصيدة ( عصماء ) رائعة ... بس لانها بتحمل فكرة مقدسة ونزيهة عن النقد وحتى لو تعامل معها البعض بالنقد فانو بيتعامل معها بطريقة خجولة ... علما بانو قول بانو القصيدة ما بتساوي اي قيمة ادبية وما بتحمل اي نفس شعري .. ما رح تضر هالناقد والناقد مانو مضطر لما يتناول هالقصيدة انو يقول تجنب للشبهات والقيل والقال " بانو الفكرة سامية بس الاسلوب ضعيف شوية " بس,.. لانو هي القصيدة متعلقة بشخصية متل شخصية الرسول
اي الناقد مانو مضطر لكل هالشي ..... بس هالناقد مضطر ومجبر ومن حقو وواجبو انو يبين الخطأ والخلل والضعف بهيكل هالقصيدة .. بكلمات واضحة وصريحة بتحمل مدلولات كاملة الوضوح لمركز الخلل والضعف ... بدون ما تحمل كلماتو النقدية اي نوع من المجاملة ... لانو طالما حمل ضمنو نوع من المجاملة ... فهالشي ( بغض النظر عن قدسية الشخصية ) بيحط هالشخص المعني بالقصيدة بمرتبة متل مرتبة المتنبي ( الحقيقية )
نحنا بدنا نقد مرتكز عالصراحة والتجرد وتسمية الشغلات باسمائها ... بدنا نقد ما بيخاف ولا بيتردد ... بيتوغل بالصراحة واستخدام الفاظ مخبرية نقدية ... وما بيخاف قدام اي شخصية مهما كان صيتها وشأنها بالعالم
نحنا بدنا مين يطلع ليقول وبصوت عالي ...... بانو سيد قطب كان اديب من المرتبة التالة بعصرو ..... بدنا مين يقول بانو الظلال مو تفسير للقران ... وانو سيد قطب كان اقل علم ومقدرة عتفسير القران ... وانما هوي نقل لكلام العلماء والمفسرين ووصفا للحالة الشعورية اللي عاشها سيد قطب مع القران بسجنو
بدنا مين يجي ليقول بانو حسن البنا .. كان رجل تنظيم ... مو رجل علم ... كان قادر بمجالو وكان عاجز بالمجالات الباقية ... ما بدنا نقرا كتاب عنوانو " الرئيس الملهم حسن البنا ..... بس بدنا نعرف قدراتو بعيد عن الالهام ... القدرات الانسانية اللي بيتميز فيها ... مو الالهام اللي نشأ حول شخيتو بعد ما مات
بدنا مين يجي ليقوللنا كـ ناقد خبير .. انو كتب فتحي يكن ... بتصلح لمنهاج اعدادي .. وانو فتحي مو عالمي او مفكر عربي .. انما هوي رجل بسيط عندو قدرات محدودة ...
بدنا مين يدرسو بعيد عن جماعة الاخوان اللي عودتنا وعودت الفكر العربي بغزوها لمصطلحات كبيرة .. بتخدم الولاء للحركة .. مو الولاء للفكرة
ولما بينقال هالشي ... لازم هالعقلية انو تفهم وبعفوية وبساطة بانو الناقد .. ما بيمس ولا بيتدخل بشخصية قطب او البنا ... انو بس بيوقف قدام اعمالهن ... بالادلة الي عندو ياها ... بالجرأة اللي بتقدر تشيل هالة القدسية عن العمل ... ليقدر انو يطلعلنا ... بقول الفصل ... يمنحنا القدرة عتفادي الاخطاء والضعف ... لنقدر انو نأسس عقل واعي قادر عالتأثير بمجريات هالحياة
ليش لازم نخاف انو نحكي ... بانو عمرو ابن كلثوم او عنترة بن شداد واصحاب المعلقات اوقى واكتر قدرة بالشعر من حسان بن ثابت او قيس بن الاسلت ؟
ليش لازم نخاف نحكي كل هالشي .... وكل ادلة الادب القديم والحديث وادوات النقد القديم والحديث بتحكي هالشي
لحسان بن ثابت مكانة دينية ...... بس ما بيملك من غزارة الشعر .. ومكانتو ... اللي عند الباقيين
كمان الامام الشافعي ... الو منزلتو بالفقه والدين ... وضعتو بين الائمة الاربعة ... بس ما عندو من فن الشعر ...
اللي عند ابن الرومي ...
مو غلط نقول هالشي ... ومو من الوفاء والاخلاص ... انو نحط الامام الشافعي بمكانة ما حط حالو فيها