VivaSyria
14/07/2008, 15:04
لازلت أذكر عندما كان عمري لم يتجاوز الستة عشر ربيعاً، أنني قرأت بياناً للحزب الشيوعي السوري بمناسبة عيد العمال العالمي،
وقد استهواني في ذلك البيان عدداً من الشعارات والمطالب التي كانت مدرجة فيه منها على سبيل المثال: "توسيع الحريات العامة الأساسية للجماهير الشعبية، ، والاهتمام بمطالب تلك الجماهير في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين جميع المواطنين، ومحاربة الواسطة، وضرب البيروقراطية ومكافحة الروتين واحترام حرية الرأي والعقيدة..الخ" وكانت تلك الشعارات والمطالب الدافع الأساسي في انتسابي إلى الحزب الشيوعي السوري، منذ العام 1977، ومنذ ذلك التاريخ انغرست في ذهني شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومحاربة الرشوة والفساد.
وبعد انتقالي للعمل في دمشق أوائل الثمانيات، انخرطت أكثر فأكثر في العمل السياسي، وتوسعت معارفي بشكل كبير، ولاسيما بعد انتقالي للعمل في المكتب المركزي الحزب، وحضور المؤتمرات الطلابية في كلية الحقوق بجامعة دمشق، وأذكر أنه في أحد المؤتمرات الطلابية ألقيت مداخلة قوية طالبت فيها بإطلاق الحريات السياسية للمواطنين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وحينها تعرضت لهجوم واسع من رئيس المؤتمر واتهامي بأني صهيوني،بسبب مطالبتي بالحرية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وقد نفى رئيس المؤتمر أن يكون هناك أي معتقل سياسي، مع أن السجون السورية كانت تغص بهم ،بدليل أنه أفرج عن غالبيتهم بموجب مراسيم عفو صدرت عن رئيس الجمهورية فيما بعد. وأذكر حينها أنني لم أسمع على الإطلاق أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تهتم بوضع هؤلاء المعتقلين أو تطالب بإطلاق سراحهم، أو كانت حتى تطالب باحترام حقوق الإنسان أو كانت مهتمة بنشر مفاهيم الحرية والديمقراطية في سورية،بل كل ما أذكره أن أمريكا كانت ترفع شعار حقوق الإنسان والديمقراطية في وجه الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي في إطار الصراع الذي كان دائراً بين المعسكرين الغربي والشرقي أنذاك.
وبعد سقوط المعسكر الاشتراكي وانتهاء ما سمي بالحرب الباردة في تسعينات القرن الماضي، ولأسباب ترتبط بسياسة أمريكا الجديدة ومصالحها في العالم، تذكرت أمريكا أنه "يوجد معتقلين سياسيين في سورية وأنه يجري التضييق على الحريات العامة، وأن النظام في سوريا نظام شمولي يحتكر الحياة السياسية"، فأخذت تشهر في وجهه قضية المعتقلين وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، ليس حباً بالسوريين، أو إيماناً منها بأن السوريون يستحقون الديمقراطية والحرية، بل من أجل الضغط على النظام السوري أكثر فأكثر للانضواء تحت مظلة السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة والعالم، ولاسيما بعد أن أصبحت القوات الأمريكية على الحدود الشرقية لسورية، التي احتلت العراق، وهي التي صمتت صمت القبور وما تزال صامتة عن ممارسات الكثير من الأنظمة الديكتاتورية في العالم كالنظام الملكي في السعودية الذي يمنع حتى النساء من قيادة السيارة، وهي التي تمنع مجلس الأمن الدولي من اتخاذ إي قرار يدين ممارسات إسرائيل الوحشية تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي العربية المحتلة، وهي التي أرسلت منذ فترة المدمرة كول إلى قبالة الشواطئ اللبنانية من أجل حماية وتغطية المذبحة التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة على أيدي القوات الإسرائيلية، وهي التي سبق أن اعتدت على ليبيا أكثر من مرة، ولكن ما أن ارتمى النظام الليبي الديكتاتوري في أحضانها حتى سكتت عنه، لا بل دعت سورية وغيرها من الدول إلى أن تحذو حذو ليبيا ..!الخ
ولم تكتف الولايات المتحدة بسرقة شعاراتنا في الحرية والديمقراطية لتشهره كسلاح في وجه النظام، بل أخذت اليوم تشهر سلاح محاربة الفساد"- من خلال الإعلان عن تشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية بمنع التعامل مع بعض الأسماء من رجال الأعمال وتجميد أموالهم بتهمة الفساد، علماً أن محاربة الفساد شعار سبق أن رفعه المواطن السوري وما يزال منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي عندما بدأت تظهر فئة من رجال الأعمال جمعت أموالا طائلة من خلال ممارسة أعمال الوساطة بين مؤسسات القطاع العام والشركات الأجنبية بالتحالف مع رموز البيروقراطيين الإداريين في الحكومات المتعاقبة.
ولا يخفى على أحد أن الهدف الأمريكي من رفع شعار "محاربة الفساد" هو استمالة الشارع السوري وكسبه إلى جانبها في معركتها الهادفة إلى إخضاع النظام السوري كلياً وجعله ينخرط في مشروعها نهائياً لتأمين ومساعدة الاحتلال الأمريكي للعراق، والقبول بالتسوية الأمريكية لقضية الشرق الأوسط بما يضمن استقرار وأمن إسرائيل.
إنها كلمة حق يراد بها باطل، فالولايات المتحدة الأمريكية لا يعنيها على الإطلاق مسألة احترام حقوق الإنسان في سورية، ولا يهما مصير المعتقلين السياسيين، ولا يعنيها أيضاً ارتفاع الأسعار في سورية، ولا يعنيها أن يعيش غالبية السوريين تحت خط الفقر، ولا يعنيها أيضا محاربة الفساد والفاسدين الذي ينهبون المال العام، بل على العكس فهي أكثر الدول تشجيعاً على انتشار الفساد ليس في سورية بل وفي جميع دول العالم النامية وغيرها، فلو كانت أمريكا حقيقة ترغب بمكافحة الفساد في دولنا ، لما كانت سمحت للفاسدين في دولنا الذين سرقوا أموال الشعب والدولة بأن يودعوا تلك الأموال المسروقة في بنوك غربية وأمريكية، وهي تشجع الفساد في دولنا لأنه في النهاية يسهل لها وللطامعين في دولنا مهمة العبور بسهولة إلى داخل دولنا لتحقق أهدافها التي عجزت عن تحقيقها بالضغط من الخارج.
وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية في إطار سعيها المتجدد لجعل سورية ودول المنطقة تحت مظلتها، قد تبنت مطالب بعض ما يطالب به السوريين من رفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين واحترام حرية الرأي والتعبير وإطلاق الحريات السياسية والإعلامية والنقابية، فإن موقفها هذا قد انعكس سلباً على وضع الحريات في سورية، حيث شددت الحكومة السورية من تضييقها على حركة الناشطين السياسيين، واستمرت في سياسة الاعتقال، فإننا بتنا نخشى في سورية بشكل جدي أن تتذرع الحكومة بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية الجديدة التي طالت عدداً من رجال الأعمال بتهمة الفساد، كأن تقول أن الوقت ليس مناسبا لبدء عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي المنشود، وفي مقدمتها عملية مكافحة الفساد هذا الوباء الخطير الذي أخذ يقض مضاجع السوريين جميعاً، والذي تحول إلى آفة مدمرة للاقتصاد والتنمية وللمجتمع السوري وقيمه..الخ.
وقد استهواني في ذلك البيان عدداً من الشعارات والمطالب التي كانت مدرجة فيه منها على سبيل المثال: "توسيع الحريات العامة الأساسية للجماهير الشعبية، ، والاهتمام بمطالب تلك الجماهير في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين جميع المواطنين، ومحاربة الواسطة، وضرب البيروقراطية ومكافحة الروتين واحترام حرية الرأي والعقيدة..الخ" وكانت تلك الشعارات والمطالب الدافع الأساسي في انتسابي إلى الحزب الشيوعي السوري، منذ العام 1977، ومنذ ذلك التاريخ انغرست في ذهني شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومحاربة الرشوة والفساد.
وبعد انتقالي للعمل في دمشق أوائل الثمانيات، انخرطت أكثر فأكثر في العمل السياسي، وتوسعت معارفي بشكل كبير، ولاسيما بعد انتقالي للعمل في المكتب المركزي الحزب، وحضور المؤتمرات الطلابية في كلية الحقوق بجامعة دمشق، وأذكر أنه في أحد المؤتمرات الطلابية ألقيت مداخلة قوية طالبت فيها بإطلاق الحريات السياسية للمواطنين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وحينها تعرضت لهجوم واسع من رئيس المؤتمر واتهامي بأني صهيوني،بسبب مطالبتي بالحرية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وقد نفى رئيس المؤتمر أن يكون هناك أي معتقل سياسي، مع أن السجون السورية كانت تغص بهم ،بدليل أنه أفرج عن غالبيتهم بموجب مراسيم عفو صدرت عن رئيس الجمهورية فيما بعد. وأذكر حينها أنني لم أسمع على الإطلاق أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تهتم بوضع هؤلاء المعتقلين أو تطالب بإطلاق سراحهم، أو كانت حتى تطالب باحترام حقوق الإنسان أو كانت مهتمة بنشر مفاهيم الحرية والديمقراطية في سورية،بل كل ما أذكره أن أمريكا كانت ترفع شعار حقوق الإنسان والديمقراطية في وجه الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي في إطار الصراع الذي كان دائراً بين المعسكرين الغربي والشرقي أنذاك.
وبعد سقوط المعسكر الاشتراكي وانتهاء ما سمي بالحرب الباردة في تسعينات القرن الماضي، ولأسباب ترتبط بسياسة أمريكا الجديدة ومصالحها في العالم، تذكرت أمريكا أنه "يوجد معتقلين سياسيين في سورية وأنه يجري التضييق على الحريات العامة، وأن النظام في سوريا نظام شمولي يحتكر الحياة السياسية"، فأخذت تشهر في وجهه قضية المعتقلين وحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، ليس حباً بالسوريين، أو إيماناً منها بأن السوريون يستحقون الديمقراطية والحرية، بل من أجل الضغط على النظام السوري أكثر فأكثر للانضواء تحت مظلة السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة والعالم، ولاسيما بعد أن أصبحت القوات الأمريكية على الحدود الشرقية لسورية، التي احتلت العراق، وهي التي صمتت صمت القبور وما تزال صامتة عن ممارسات الكثير من الأنظمة الديكتاتورية في العالم كالنظام الملكي في السعودية الذي يمنع حتى النساء من قيادة السيارة، وهي التي تمنع مجلس الأمن الدولي من اتخاذ إي قرار يدين ممارسات إسرائيل الوحشية تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي العربية المحتلة، وهي التي أرسلت منذ فترة المدمرة كول إلى قبالة الشواطئ اللبنانية من أجل حماية وتغطية المذبحة التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة على أيدي القوات الإسرائيلية، وهي التي سبق أن اعتدت على ليبيا أكثر من مرة، ولكن ما أن ارتمى النظام الليبي الديكتاتوري في أحضانها حتى سكتت عنه، لا بل دعت سورية وغيرها من الدول إلى أن تحذو حذو ليبيا ..!الخ
ولم تكتف الولايات المتحدة بسرقة شعاراتنا في الحرية والديمقراطية لتشهره كسلاح في وجه النظام، بل أخذت اليوم تشهر سلاح محاربة الفساد"- من خلال الإعلان عن تشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية بمنع التعامل مع بعض الأسماء من رجال الأعمال وتجميد أموالهم بتهمة الفساد، علماً أن محاربة الفساد شعار سبق أن رفعه المواطن السوري وما يزال منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي عندما بدأت تظهر فئة من رجال الأعمال جمعت أموالا طائلة من خلال ممارسة أعمال الوساطة بين مؤسسات القطاع العام والشركات الأجنبية بالتحالف مع رموز البيروقراطيين الإداريين في الحكومات المتعاقبة.
ولا يخفى على أحد أن الهدف الأمريكي من رفع شعار "محاربة الفساد" هو استمالة الشارع السوري وكسبه إلى جانبها في معركتها الهادفة إلى إخضاع النظام السوري كلياً وجعله ينخرط في مشروعها نهائياً لتأمين ومساعدة الاحتلال الأمريكي للعراق، والقبول بالتسوية الأمريكية لقضية الشرق الأوسط بما يضمن استقرار وأمن إسرائيل.
إنها كلمة حق يراد بها باطل، فالولايات المتحدة الأمريكية لا يعنيها على الإطلاق مسألة احترام حقوق الإنسان في سورية، ولا يهما مصير المعتقلين السياسيين، ولا يعنيها أيضاً ارتفاع الأسعار في سورية، ولا يعنيها أن يعيش غالبية السوريين تحت خط الفقر، ولا يعنيها أيضا محاربة الفساد والفاسدين الذي ينهبون المال العام، بل على العكس فهي أكثر الدول تشجيعاً على انتشار الفساد ليس في سورية بل وفي جميع دول العالم النامية وغيرها، فلو كانت أمريكا حقيقة ترغب بمكافحة الفساد في دولنا ، لما كانت سمحت للفاسدين في دولنا الذين سرقوا أموال الشعب والدولة بأن يودعوا تلك الأموال المسروقة في بنوك غربية وأمريكية، وهي تشجع الفساد في دولنا لأنه في النهاية يسهل لها وللطامعين في دولنا مهمة العبور بسهولة إلى داخل دولنا لتحقق أهدافها التي عجزت عن تحقيقها بالضغط من الخارج.
وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية في إطار سعيها المتجدد لجعل سورية ودول المنطقة تحت مظلتها، قد تبنت مطالب بعض ما يطالب به السوريين من رفع حالة الطوارئ وإلغاء الأحكام العرفية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين واحترام حرية الرأي والتعبير وإطلاق الحريات السياسية والإعلامية والنقابية، فإن موقفها هذا قد انعكس سلباً على وضع الحريات في سورية، حيث شددت الحكومة السورية من تضييقها على حركة الناشطين السياسيين، واستمرت في سياسة الاعتقال، فإننا بتنا نخشى في سورية بشكل جدي أن تتذرع الحكومة بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية الجديدة التي طالت عدداً من رجال الأعمال بتهمة الفساد، كأن تقول أن الوقت ليس مناسبا لبدء عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي المنشود، وفي مقدمتها عملية مكافحة الفساد هذا الوباء الخطير الذي أخذ يقض مضاجع السوريين جميعاً، والذي تحول إلى آفة مدمرة للاقتصاد والتنمية وللمجتمع السوري وقيمه..الخ.