sandra
12/08/2008, 06:59
بقلم الدكتور وائل أبو هندي
رأيت في ممارستِي الإكلينيكية الخاصةِ، عددا كبيرا نسبياً من مرضى الوسواس القهري Obsessive Compulsive Disorder ومرضى اضطراب نتف الشعر الذين أيضاً يَقْضمُون بأسنانهم أظافرهم Onychophagia و/ أَو يَنقرون أو يأكلون أجزاءً من مناطق معينة من جلودِهم وهو ما يسمى باضطراب قشط الجلد النفسي Psychogenic excoriation، والحقيقة أن مثل هذا التواكب المرضي لم يدرس دراسةً منهجية منظمة بعد، وقد يكونُ كثيرون لا يعالجون من أعراضهم أو اضطراباتهم المتعددة التي تنتمي في فهمي إلى اضطرابات نطاق الوسواس القهري Obsessive Compulsive Disorder Spectrum، ولذلك اعتدت أن أسأل مرضاي الشاكين من أيٍّ من أعراض تلك الاضطرابات عن الأعراض الأخرى في محاولة لتقصي الأمر، وسأحاول في هذا المقال أن أكتب ما تراكم لدي من معلوماتٍ وخبرات حول قضم الأظافر بالأسنان Onychophagia وعلاقته بالوسواس. اعتبر قضم الأظافر بالأسنان أحد العادات العصبية nervous habits لفترةٍ طويلة مثله مثل مص الأصابع thumb-sucking، وغيرهما من منظومة السلوكيات التكرارية (Azrin & Nunn ,1973) و(Joubert,1995) والتي اتسعت بالتدريج لتضم مجموعة من السلوكيات الموجهة تجاه الجسد يمكننا تخيلها على متصل سلوكي يبدأ مما قد يكونُ مقبولا اجتماعيا كسلوكيات تهيئة الجسد وملحقاته المتعلقة بالمظهر Grooming Behaviors، ثم ما هو مقبول -في حدودٍ- كالحالات البسيطة العابرة من قرض الأظافر بالأسنان ونتف بعض الشعر في أوقات التوتر والوحدة، ومرورا بما هو مرفوض في الحضور الاجتماعي شائعٌ في الحضور الفردي، حتى نصل في أقصى طرف المتصل إلى الأشكال المسرفة في إحداث الأذى الجسدي والتي يقترح البعض تسميتها باضطرابات السلوكيات التكرارية محدثة الأذى الجسدي Body focused Repetitive Behaviors، ونستطيع أن نعتبر معظم الحالات التي تظهر في الأطفال منتمية إلى مجموعةِ العاداتِ والسلوكيات التكرارية المألوفةِ، التي ربما تعطي الشُعُور بالارتياح في مواجهة القلقِ أو الوحدة في الأطفالِ المَحْرُومِين مِنْ الرعاية والأمانِ، وغالبا ما تستجيب هذه الحالات لتصحيح ظروف الطفل النفسية، إلا أن هناك حالات تستدعي ما هو أكثر من ذلك، وهو ما سنحاول التأمل فيه في هذا المقال.
وتشير الدراسات الغربية إلى معدلاتٍ انتشارٍ تبلغ ذروتها في فترة المراهقة ففي الأطفال بين السنة السابعة والعاشرة تتراوح المعدلات بين 28 % و 33% وتصل في المراهقة إلى 44 % حيث تكونُ أعلى معدلات الحدوث بين سن العاشرة والثامنة عشر (Leonard et al., 1991) لتتناقص المعدلات كلما تقدم العمر بعد ذلك فتكون في مرحلة الرشد المبكر بين 19 % و 29% ولا تزيد في الراشدين الأكبر عن 5% (McClanahan, 1995)، كما تظهر الدراسات أن اضطراب قضم الأظافر أكثر انتشارا في الذكور منه في الإناث خاصة بعد العاشرة من العمر، إلا أن من المهم الإشارة إلى أن هذه المعدلات تشمل كل الحالات من البسيطة العابرة إلى الشديدة المزمنة.
ويمكننا تقسيم سلوكيات إيذاء الذات التكرارية حسب شدتها وحسب الإمراضية النفسية التحتية underlying psychopathology وكمَّ الضيق أو الكسب الذي يحصله الشخص من تلك السلوكيات، فتصبح عندنا حالاتٌ خفيفة الشدة وحالاتٌ خطيرة الأثر على الجسد، كذلك نجدُ حالات تتماشى فيها تلك السلوكيات -جزئيا- مع الأنا Egosyntonic وحالاتٍ تكونُ فيها غير متماشية مع الأنا Egodystonic، إلا أن الشخص يعجزُ في الحالتين عن إبقاء السلوك تحت سيطرته، وغالبا ما ينتج عنه تشوه في أطراف الأصابع والأظافر على الأقل ووصولاً إلى الالتهاب والعدوى البكتيرية في الأنسجة الرخوة وإلى حد التهاب نخاع عظام osteomyelitis الأصابع واليد، وعادة ما يشمل القضم كل الأظافر بما في ذلك أظافر اليدين والقدمين إلا أن أصابع القدم أكثر تعرضا للقضم، ربما لسهولة إخفائها.
...........يتبع
رأيت في ممارستِي الإكلينيكية الخاصةِ، عددا كبيرا نسبياً من مرضى الوسواس القهري Obsessive Compulsive Disorder ومرضى اضطراب نتف الشعر الذين أيضاً يَقْضمُون بأسنانهم أظافرهم Onychophagia و/ أَو يَنقرون أو يأكلون أجزاءً من مناطق معينة من جلودِهم وهو ما يسمى باضطراب قشط الجلد النفسي Psychogenic excoriation، والحقيقة أن مثل هذا التواكب المرضي لم يدرس دراسةً منهجية منظمة بعد، وقد يكونُ كثيرون لا يعالجون من أعراضهم أو اضطراباتهم المتعددة التي تنتمي في فهمي إلى اضطرابات نطاق الوسواس القهري Obsessive Compulsive Disorder Spectrum، ولذلك اعتدت أن أسأل مرضاي الشاكين من أيٍّ من أعراض تلك الاضطرابات عن الأعراض الأخرى في محاولة لتقصي الأمر، وسأحاول في هذا المقال أن أكتب ما تراكم لدي من معلوماتٍ وخبرات حول قضم الأظافر بالأسنان Onychophagia وعلاقته بالوسواس. اعتبر قضم الأظافر بالأسنان أحد العادات العصبية nervous habits لفترةٍ طويلة مثله مثل مص الأصابع thumb-sucking، وغيرهما من منظومة السلوكيات التكرارية (Azrin & Nunn ,1973) و(Joubert,1995) والتي اتسعت بالتدريج لتضم مجموعة من السلوكيات الموجهة تجاه الجسد يمكننا تخيلها على متصل سلوكي يبدأ مما قد يكونُ مقبولا اجتماعيا كسلوكيات تهيئة الجسد وملحقاته المتعلقة بالمظهر Grooming Behaviors، ثم ما هو مقبول -في حدودٍ- كالحالات البسيطة العابرة من قرض الأظافر بالأسنان ونتف بعض الشعر في أوقات التوتر والوحدة، ومرورا بما هو مرفوض في الحضور الاجتماعي شائعٌ في الحضور الفردي، حتى نصل في أقصى طرف المتصل إلى الأشكال المسرفة في إحداث الأذى الجسدي والتي يقترح البعض تسميتها باضطرابات السلوكيات التكرارية محدثة الأذى الجسدي Body focused Repetitive Behaviors، ونستطيع أن نعتبر معظم الحالات التي تظهر في الأطفال منتمية إلى مجموعةِ العاداتِ والسلوكيات التكرارية المألوفةِ، التي ربما تعطي الشُعُور بالارتياح في مواجهة القلقِ أو الوحدة في الأطفالِ المَحْرُومِين مِنْ الرعاية والأمانِ، وغالبا ما تستجيب هذه الحالات لتصحيح ظروف الطفل النفسية، إلا أن هناك حالات تستدعي ما هو أكثر من ذلك، وهو ما سنحاول التأمل فيه في هذا المقال.
وتشير الدراسات الغربية إلى معدلاتٍ انتشارٍ تبلغ ذروتها في فترة المراهقة ففي الأطفال بين السنة السابعة والعاشرة تتراوح المعدلات بين 28 % و 33% وتصل في المراهقة إلى 44 % حيث تكونُ أعلى معدلات الحدوث بين سن العاشرة والثامنة عشر (Leonard et al., 1991) لتتناقص المعدلات كلما تقدم العمر بعد ذلك فتكون في مرحلة الرشد المبكر بين 19 % و 29% ولا تزيد في الراشدين الأكبر عن 5% (McClanahan, 1995)، كما تظهر الدراسات أن اضطراب قضم الأظافر أكثر انتشارا في الذكور منه في الإناث خاصة بعد العاشرة من العمر، إلا أن من المهم الإشارة إلى أن هذه المعدلات تشمل كل الحالات من البسيطة العابرة إلى الشديدة المزمنة.
ويمكننا تقسيم سلوكيات إيذاء الذات التكرارية حسب شدتها وحسب الإمراضية النفسية التحتية underlying psychopathology وكمَّ الضيق أو الكسب الذي يحصله الشخص من تلك السلوكيات، فتصبح عندنا حالاتٌ خفيفة الشدة وحالاتٌ خطيرة الأثر على الجسد، كذلك نجدُ حالات تتماشى فيها تلك السلوكيات -جزئيا- مع الأنا Egosyntonic وحالاتٍ تكونُ فيها غير متماشية مع الأنا Egodystonic، إلا أن الشخص يعجزُ في الحالتين عن إبقاء السلوك تحت سيطرته، وغالبا ما ينتج عنه تشوه في أطراف الأصابع والأظافر على الأقل ووصولاً إلى الالتهاب والعدوى البكتيرية في الأنسجة الرخوة وإلى حد التهاب نخاع عظام osteomyelitis الأصابع واليد، وعادة ما يشمل القضم كل الأظافر بما في ذلك أظافر اليدين والقدمين إلا أن أصابع القدم أكثر تعرضا للقضم، ربما لسهولة إخفائها.
...........يتبع