VivaSyria
26/08/2008, 10:35
في 23 1 2008 ومع بدء فعاليات إحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية نشر موقع كلنا شركاء المقال التالي للكاتب وعضو المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان بديع دك الباب... وعلى أثر هذا المقال اعتقل الكاتب ومازال حتى الأن قيد المحاكمة بتهمة إثارة النعرات الطائفية ووهن نقسية الأمة والبعض من هذه التهم الجاهزة والتي حذر منها صاحب المقال...
اليوم وبعد أكثر من 6 شهور على اعتقال الكاتب قررت اعادة نشر ماكتب لنعيد التفكير بهذا المقال والتأمل مرة أخرى بهذه الكلمات عسى أن نجد بها تبريرات لإعتقال الرجل ومواضع العمالة وتدمير نفسية الأمة في هذا الطرح...
____________________
دمشق عاصمة للكرامة العربية
"أن تكون دمشق عاصمة للثقافة العربية يعني أن تكون عاصمة للكرامة العربية"
كلام جميل و شعار كبير! إنما لو نظرنا بعجالة إلى واقع دمشق الحالي، وعندما أتحدث عن دمشق فأنا أعني أيضا كل سورية التي ترمز لها عاصمتها دمشق، فماذا نرى وأية حالة تعيشها دمشق؟
لتكون دمشق عاصمة للكرامة العربية فعلا فإن على من يمسكون بزمام الأمور فيها:
- أن يتوقفوا عن اعتقال أصحاب الرأي والمواقف السياسية التي يكون دافعها الحب للوطن والخوف على البلد من الأخطار الداخلية والتهديدات الخارجية.
- وأن يمتنعوا عن وصف أي معارض للنظام بالعمالة والخيانة و.. و.. و.. الخ. وأن لا تلقى الأوصاف والنعوت بحقه جزافا من وسائل الإعلام الحكومية أو شبه الحكومية أو ضمن ديباجة "قرارات" محكمة أمن الدولة من "إضعاف الشعور القومي" و"النيل من هيبة الدولة" و"إثارة النعرات الطائفية"..
إلى آخر هذه النعوت التي لا يمكن لصاحب الرأي والموقف العاشق لدمشق، وسورية كلها، أن يوصف بها لأنه يستحيل على أي محب لدمشق أن يعمل على "إضعاف الشعور القومي" الذي لا يكون قويا إلا بتماسك المواطنين الذين يعيشون في وطنهم أحرارا يتمتعون بكل حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولأنه يستحيل على كل محب لدمشق أن يعمل على "إثارة النعرات الطائفية" فسورية ظلت دائما، قرونا وقرونا، يعيش فيها المسلم والمسيحي واليهودي، سنة ودروزا وشيعة وعلويين واسماعيليين وغيرهم، عربا وكردا وآشوريين..
ظل كل هذا الطيف الواسع بما يضمه من غالبية وأقليات يعيشون في إخاء وود، كل له حقوقه وكل عليه واجباته. فنشأت وتفتحت على الحياة لأجد جاري في نفس البناء الذي أسكنه من الإخوة المسيحيين الأرمن، أي من غير ديني ومن غير قوميتي، وكانت العلاقات بين أسرتي وهؤلاء الجيران بمنتهى المحبة والود والاهتمام ببعضنا بعضا. وكان في نفس الحي دكان صاحبها يهودي يعمل في إحدى المهن ويمارس عمله بحرية ووضع طبيعي. وكان لي طوال عمري معارف وأصدقاء من الكرد لم أشعر مرة واحدة باختلافهم أو اختلافي عنهم. وكذلك الأمر بالنسبة للطوائف الأخرى. لم تكن خلال مراحل حياتي الأولى نغمة الطائفية لا بين الأديان السماوية المختلفة ولا ضمن الطيف الإسلامي مقبولة بين من أعرفه أو لا أعرفه. فلماذا انتهى بنا الأمر إلى أن تلصق بمن يعمل على زيادة تلاحم مكونات مجتمعنا السوري، وان يكون ذلك ضمن مناخ الحقوق والواجبات المتساوية للجميع، تهمة "إثارة النعرات الطائفية"؟!
وأعود إلى ما بدأت به وهو أنه لتكون دمشق عاصمة للكرامة العربية ينبغي:
- أن لا يلاحق صاحب الرأي في رزقه وعمله فيفصل منه أو يضايق فيه هو أو أفراد عائلته أو الأقارب والمقربون منه.
- وأن لا يتعرض للضرب والتعذيب في الاعتقال والإهانة وأعمال "البلطجة" خارجه.
- وأن لا يقوم "مجهولون" بتكسير أو إحراق سيارته أو إتلاف ممتلكاته.
- وأن لا تكون وسائل الإعلام حكرا على وجهة نظر السلطة الحاكمة فقط، وأن يترك للرأي الآخر كل المجال للتعبير عن رأيه عبر الإذاعات والقنوات التلفزيونية والصحف المستقلة، وأكرر: المستقلة فعلا وليس بأسلوب ما نراه الآن من إذاعات إف إم المخصصة للغناء والرقص والإعلانات فقط وقنوات تلفزيونية تحت التجريب توجهاتها مقربة من الرأي الحكومي بشكل واضح من الآن، ونفي القول ينطبق على الصحف المكتوبة!
- وأن تكون العدالة الاقتصادية حقيقة واقعة في البلد حيث خيرات البلد موزعة بصورة عادلة على الجميع
وحيث يحارب الفساد فعلا لا قولا فقط.
- وأن تخلو سجون دمشق، أي سجون سورية كلها، تماما من أي سجين سياسة أو رأي مهما كانت التسمية البديلة التي يطلقونها عليه، وأن تكون المحاكمات عادلة بالفعل لكل سجين جنائي.
و.. و.. و..
وعند ذلك تكون دمشق عاصمة للكرامة العربية مثلما أعلنوها عاصمة للثقافة العربية!
بديع دك الباب دمشق 23 1 2008
اليوم وبعد أكثر من 6 شهور على اعتقال الكاتب قررت اعادة نشر ماكتب لنعيد التفكير بهذا المقال والتأمل مرة أخرى بهذه الكلمات عسى أن نجد بها تبريرات لإعتقال الرجل ومواضع العمالة وتدمير نفسية الأمة في هذا الطرح...
____________________
دمشق عاصمة للكرامة العربية
"أن تكون دمشق عاصمة للثقافة العربية يعني أن تكون عاصمة للكرامة العربية"
كلام جميل و شعار كبير! إنما لو نظرنا بعجالة إلى واقع دمشق الحالي، وعندما أتحدث عن دمشق فأنا أعني أيضا كل سورية التي ترمز لها عاصمتها دمشق، فماذا نرى وأية حالة تعيشها دمشق؟
لتكون دمشق عاصمة للكرامة العربية فعلا فإن على من يمسكون بزمام الأمور فيها:
- أن يتوقفوا عن اعتقال أصحاب الرأي والمواقف السياسية التي يكون دافعها الحب للوطن والخوف على البلد من الأخطار الداخلية والتهديدات الخارجية.
- وأن يمتنعوا عن وصف أي معارض للنظام بالعمالة والخيانة و.. و.. و.. الخ. وأن لا تلقى الأوصاف والنعوت بحقه جزافا من وسائل الإعلام الحكومية أو شبه الحكومية أو ضمن ديباجة "قرارات" محكمة أمن الدولة من "إضعاف الشعور القومي" و"النيل من هيبة الدولة" و"إثارة النعرات الطائفية"..
إلى آخر هذه النعوت التي لا يمكن لصاحب الرأي والموقف العاشق لدمشق، وسورية كلها، أن يوصف بها لأنه يستحيل على أي محب لدمشق أن يعمل على "إضعاف الشعور القومي" الذي لا يكون قويا إلا بتماسك المواطنين الذين يعيشون في وطنهم أحرارا يتمتعون بكل حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولأنه يستحيل على كل محب لدمشق أن يعمل على "إثارة النعرات الطائفية" فسورية ظلت دائما، قرونا وقرونا، يعيش فيها المسلم والمسيحي واليهودي، سنة ودروزا وشيعة وعلويين واسماعيليين وغيرهم، عربا وكردا وآشوريين..
ظل كل هذا الطيف الواسع بما يضمه من غالبية وأقليات يعيشون في إخاء وود، كل له حقوقه وكل عليه واجباته. فنشأت وتفتحت على الحياة لأجد جاري في نفس البناء الذي أسكنه من الإخوة المسيحيين الأرمن، أي من غير ديني ومن غير قوميتي، وكانت العلاقات بين أسرتي وهؤلاء الجيران بمنتهى المحبة والود والاهتمام ببعضنا بعضا. وكان في نفس الحي دكان صاحبها يهودي يعمل في إحدى المهن ويمارس عمله بحرية ووضع طبيعي. وكان لي طوال عمري معارف وأصدقاء من الكرد لم أشعر مرة واحدة باختلافهم أو اختلافي عنهم. وكذلك الأمر بالنسبة للطوائف الأخرى. لم تكن خلال مراحل حياتي الأولى نغمة الطائفية لا بين الأديان السماوية المختلفة ولا ضمن الطيف الإسلامي مقبولة بين من أعرفه أو لا أعرفه. فلماذا انتهى بنا الأمر إلى أن تلصق بمن يعمل على زيادة تلاحم مكونات مجتمعنا السوري، وان يكون ذلك ضمن مناخ الحقوق والواجبات المتساوية للجميع، تهمة "إثارة النعرات الطائفية"؟!
وأعود إلى ما بدأت به وهو أنه لتكون دمشق عاصمة للكرامة العربية ينبغي:
- أن لا يلاحق صاحب الرأي في رزقه وعمله فيفصل منه أو يضايق فيه هو أو أفراد عائلته أو الأقارب والمقربون منه.
- وأن لا يتعرض للضرب والتعذيب في الاعتقال والإهانة وأعمال "البلطجة" خارجه.
- وأن لا يقوم "مجهولون" بتكسير أو إحراق سيارته أو إتلاف ممتلكاته.
- وأن لا تكون وسائل الإعلام حكرا على وجهة نظر السلطة الحاكمة فقط، وأن يترك للرأي الآخر كل المجال للتعبير عن رأيه عبر الإذاعات والقنوات التلفزيونية والصحف المستقلة، وأكرر: المستقلة فعلا وليس بأسلوب ما نراه الآن من إذاعات إف إم المخصصة للغناء والرقص والإعلانات فقط وقنوات تلفزيونية تحت التجريب توجهاتها مقربة من الرأي الحكومي بشكل واضح من الآن، ونفي القول ينطبق على الصحف المكتوبة!
- وأن تكون العدالة الاقتصادية حقيقة واقعة في البلد حيث خيرات البلد موزعة بصورة عادلة على الجميع
وحيث يحارب الفساد فعلا لا قولا فقط.
- وأن تخلو سجون دمشق، أي سجون سورية كلها، تماما من أي سجين سياسة أو رأي مهما كانت التسمية البديلة التي يطلقونها عليه، وأن تكون المحاكمات عادلة بالفعل لكل سجين جنائي.
و.. و.. و..
وعند ذلك تكون دمشق عاصمة للكرامة العربية مثلما أعلنوها عاصمة للثقافة العربية!
بديع دك الباب دمشق 23 1 2008