ayhamm26
26/08/2008, 23:18
حوار "الشفّاف" مع المفكر د. عبد الرزاق عيد في المنفى
س - أخيرا هل تعبت وقررت الهجرة؟
ج - المسألة ليست مسألة تعب، بل يمكن القول أنها (مسألة قرف واشمئزاز): نعم قرف من خصمك الذي ينحط إلى مستوى عصابات (الزعران) عندما يخطفك من الشارع ليهددك بقطع اللسان أو يهدد عائلتك وأولادك ويرهبهم ويروعهم، نعم الاشمئزاز، والقرف من خصم تافه وصغير وجبان يتخايل بأنه جبار، أي أنه كما يقول المثل العربي: قط يتصاول صولة الأسد. ففي احدى المقابلات مع الأسد الصغير (الابن) ضحك ضحكة جذلى وهو يتحدث عن اتهامه من قبل المعارضة والصحافة الغربية بأنه (ديكتاتور)، يتحدث عن ذلك بسعادة غامرة وجزل صبياني، إذ هو يتمنى أن ينضم- وفق توهماته وتمثلاته - إلى نادي الديكتاتورية. إنه يتوق لأن يوصف بالدكتاتورية لأن مخياله الثقافي البيئي والعائلي يهيئ له أن العظمة تكمن في الديكتاتورية كما كان أبوه يعتقد ويبرهن... !
س - هل كان أبوه ديكتاتورا؟ سمعتك مرة في لقاء على قناة الجزيرة (الاتجاه المعاكس) تستكثر حتى على أبيه أن يكون ديكتاتورا، وذكرت بأن الوحيد الذي يستحق لقب الديكتاتور هو جمال عبد الناصر؟
ج - نعم هذا رأيي، لأن الديكتاتور يعتبرأن بلاده بكليتها ملكه، ومن ثم فهو يرى أن من حقه أن يتصرف بها كما يشاء. وهو إذ يتماهى معها يعتقد أنه الوحيد الذي يمثل مصالحها، فلا يقبل الرأي الآخر. ولأنه يتوهم ذلك فهو يعتقد أن الوطن كله ملكية خاصة، لذلك فهو لا يسرقه. وهكذا مات عبد الناصر نظيف الكف. لم يسرق مصر، كما فعل تلاميذ مدرسته لانقلابية (الأسد - القذافي - صدام حسين... الخ ) الذين لايستحقون الوصف بأكثر من قراصنة، وقادة عصابات مسلحة...
س -هل تعتقد أن الأسد الأب كان قرصانا، وسرق سوريا؟
ج - لا لم يسرق سوريا، بل سرق من سوريا، وهذا هو الفرق بين الديكتاتور والقرصان. وذلك ليس تقوّلا أو إتهاما جزافا بهدف الهجاء، بل هو اقرار صريح على لسان أحد كبار العصابة التي تحكم سوريا (رئيس احدى دوائر لمخابرات) إذ قال مرة بأننا نبالغ- كمعارضة- في الحديث عن حجم النهب الأسدي لسوريا عندما نتحدث عن ايرادات النفط التي يدخل الحديث عنها في اطار المحرمات، ليقول لنا أن ثروة (لأسد) الأب لا تتجاوز الثمانية مليارات دولار فقط...
طبعا كان يتحدث عن الأب، ولم يتحدث عن الابن (باسل) الذي كان على الأب أن يرسل رئيس وزرائه (الزعبي) ليتابع مليارات (باسل) في أوربا بعد مقتله. ويبدو أن هذا الزعبي المسكين كان عليه أن يدفع ضريبة معرفته بأموال العائلة، فكان لابد من التخلص منه بنحره أو بأمره بالانتحار...!
ولعل مثل هذه التصريحات لهذا المسؤؤل الأمني الكبير هي التي تقف وراء تهميشه ووضعه في الظل منذ سنوات.
س - نعود الى نقطة البداية، منذ اصداركم لما سمي بـ"وثيقة الألف" التأسيسية لـ"لجان إحياء المجتمع المدني"، وأنت تعتبر من كتاب حافة الهاوية، هل شعرت بأنك سقطت أخيرا فيها؟
ج - ليس هناك هاوية نسقط فيها أكثر من هاوية الواقع المعاش. لقد قال أحد المسؤواين الأمنيين ممننا لي بأنهم يحترموني لدرجة أن التسامح معي يبلغ حد أن هناك مئات المساجين والمعتقلين الذين لم يقولوا أكثر من %10 مما أقوله وأكتبه....
لكن قرفي بلغ ذروته عندما راحوا يستأسدون على عائلتي: زوجتي وأطفالي كما ذكرت. يرسلون استدعاءات أمنية لإبني الذين يعرفون أنهم طفّشوه من جامعة حلب الى الجامعة اللبنانية الأمريكية، أي يعرفون أنه ليس في البيت، فهم يستدعونه إذن لارهاب العائلة بوصفه من جماعة (الموالاة) على حد تعبيرهم... تصور أنهم بعد محاولتهم تحطيمه ودفعه للإنتحار عندما راحوا يعطونه الأصفار وترسيبه لسنتين متواليتين في جامعة حلب، تصور هذا الطالب الذي يرسب بالأصفار في جامعة وطنه، انه يكرم في الجامعة الأمريكية - اللبنانية، بوصفه من الأوائل ويحصل على منحة كاملة لدراسة الماجستير. تصور أن عليه أن لا يكون مع الموالاة وأن يكون مع حزب الله الذي لا يرى في وطنه سوريا سوى (سوريا الأسد)، وأن يكون مع حلفاء حزب الله الصغار من أيتام المخابرات السورية.
تصور أن أستاذا جامعيا في الرياضيات، ورئيسا للنقابة في الجامعة، يستدعي زوجتي ليبلغها رسائل المخابرات وتهديداتهم، ويذكرها بأيام عز ارهاب النظام ومجازره في حماة وحلب، وكيف سحل الناس وسحلت عيونهم ودمرت المنازل فوق رؤؤسهم في حماه، وكيف أن عشرات الآلاف دخلوا إلى السجون على الشبهة لا يزالون مفقودين الى اليوم. والنتيجة المترتبة على هذه المقدمات أن زوجها سيعرض العائلة إلى مصير مشابه بعد أن ورط ابنه في أن يكون مع الموالاة في لبنان، ولهذا فمن أجل حماية العائلة من زوجها فقد رسبوا ابنتها في الجامعة، معلنين أن الأمر يمكن معالجته إذا تم استيعاب الرسالة. فموضوع النجاح أو الرسوب أمر هين وما هو على المخابرات بعسير، وأن هناك تقارير سيكتبها رقباء سيراقبون سلوكها وتحركاتها وتصرفاتها من اجل ان يكتبوا تقريرا جيدا بها يحميها ويحمي عائلتها من المصير الأسود الذي سينتظرها، وأن ترسيب ابنتها ليس إلا لتنبيهها بعدم سلوك طريق أبيها...!
تصور أن استاذا جامعيا يفخر بأداء دور محقق مخابراتي. تصور منظومة المثل العليا التي أنتجها البعث خلال مايقارب نصف قرن، وهي أن يغدو المخبر (رجل الأمن) المثل الأعلى للمجتمع السوري الذي يتشهى ويتشوف الى موقعه حتى الأستاذ الجامعي في جامعات البعث...
تصور حالة التسفّل الذي يراد للمجتمع السوري أن ينحط لها، وذلك عن سابق تصميم واصرار، ليس لتدمير القيم الأخلاقية والوطنية فقط بل والعلمية عندما أوفدوا ستة آلاف خريج جامعة على أسس أمنية ودورات شبيبية ومظلية، قبل انهيار مثلهم الأعلى (شاوشيسكو)، وعاد هؤلاء ليكونوا اليوم هم غالبية اساتذة الجامعة في سوريا التي انحطت الى ما دون ماكانت عليه جامعات (شاوسيسكو) حيث لم يبق استاذ جامعي لاينصاع لأوامر رقباء وعرفاء المخابرات في كتابة التقارير التي غدت هي المهمة النضالية الوحيدة للبعثيين.
وبالمحصلة لم يبق هناك بعثي واحد في سوريا ليس مخبراً. وهذا الأمر ليس تهمة، بل هو أمر اجرائي وظيفي للحصول على عمل، وحمائي لكي لا يساءل الموظف عن الفساد. أي لا بد له من الاندماج العضوي في منظومة الفساد البعثي لكي يحافظ على وظيفته. ولنتصور أية منظومة للقيم يؤسس عليها هذا النظام من أجل (الممانعة) والصمود والتصدي في مواجهة المخططات الامبريالية والصهيونية...!
س - لكني التقيتك السنة الماضية في باريس حين شاركت في لقاء إشهار "رابطة العقلانيين العرب"، وقد فهمنا حينها بأن المخابرات في أمن الدولة راحوا يهددونك بالاغتيال عن طريق أتباع (ابو القعقاع) بعد أن صفوه غبّ انتهاء مهمته، بما وصفته في حينها أن النظام كان يريد تهديد المعارضة بأصولية مخترعة من صنع يديه كما يفعل في لبنان! وفهمنا منك في حينها أنك تريد أن تهدئ الأجواء حولك بعد تصعيدهم بالتهديد بالقتل، وذلك بعد أن اختطفوك لأنك انتقدت حليفهم حزب الله في مقالاتك المنشورة بجريدة "السفير" اللبنانية، وكشفت عن أنه صنولهم وامتداد غوغائي لبنيتهم التكوينية الرعاعية البعثية، وذلك قبل سطوه المسلح الأخير على بيروت المدينة والثقافة والحرية والجمال.
ج - نعم، كان رأي الجميع أن هذه العصابة المسلحة الحاكمة لن تتورع عن القيام بأي عمل سيما وسبق لها أن اختطفتني ليلا، ورفضت العصابة الأمنية التي أرسلوها لتنفيذ الخطف أن تعرفني على نفسها بأنها من عصابات (أمن الدولة)، وكانوا خلال الطريق وهم يطوقوني يتحدثون مع رئيسهم قائلين: إن الهدف رقم كذا... قد تم السيطرة عليه سيدي... ولم يكن هذا الهدف المسلح والمدرع سوى كهل في بيجاما النوم خرج قاصدا البقال المجاور لبيته... وليقوم بعدها رئيس عصابة الفرع في حلب بتهديدي بقطع لساني ودهسه بجزمته اللماعة. وبهذه المناسبة يجدر الاشارة إلى تلك الملاحظة (البسيكو-سوسيولوجية) أن كل ضباط المخابرات الذين عرفتهم في حياتي من خلال الاستدعاءات خلال ثلاثين سنة يتميزون بسمة واحدة تميزهم وهي جزماتهم. فأول ما يلفت نظرك نحو ضباط الأمن هو جزماتهم الأنيقة اللماعة ذات الكعب (النقار)، وبذلك يمكن للباحثين السوريين في علم النفس الاجتماعي - ولا أعرف إذا كانت هذه ظاهرة قومية عربية- إذا أرادوا أن يقوموا بدراسة سوسيو-بسيكولوجية لشريحة المخابرات والعسكر في سوريا، أن تكون الجزمة أو بتعبيرهم (البوط) مدخلا لشخصيتهم عبر تقصي مغزى المشترك الدلالي لـ (البوط) في وعيهم ولاوعيهم...!
س- هل هناك دلالة للجزمة اللماعة (النقارة) سوى دلالة العنف والاستعراض؟
ج- هناك دلالة العنف التي تقول لك أن الجنرلات يمارسون العنف بأنفسهم، سيما عندما ترى هذه الجزمات ذات مقدمات مدببة ورفيعة، أي لايكلفون به الجلادين فقط، بل هم يتمتعون بممارسته. ولقد حدثني الكثيرون من الأصدقاء المعتقلين عن جنرالات شهيرين جدا كانوا يمارسون التعذيب بسادية فظيعة، وقد توقف بعضهم عند تصوير هذه الجزمات التي كانوا يلمحونها من تحت أطراف (الطماشات) التي توضع على العيون، وهم يستشعرون التهديد الذي تمثله عندما ستنقض (رفسا ولبطا) على الرأس وبين الأفخاذ ، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن ما يلفت النظر بـ(عقدة الجزمة)، بأنها ليست تعبيرا مضخما يرد على تاريخهم عندما كانوا (حفاة) فحسب، بل هي ذات أشكال وزركشات تناسب عمر الشباب اليافعين يحتذيها جنرالات ستينيون، فتتبدى وراء كل هذا العنف الخارجي رخاوة صبيانية، بل وغنج ودلع يشي بالتخنث والتسفل الحسي لشدة انسحاقهم أمام سادتهم المهووسين بعلاقات تراتبية دورانية تدخل الجميع بمتاهة اذلال متبادل متواصل يبلغ حد ايقاع الاذلال بالنفس التي تشيأت ماسوشيا بدورها في صورة موازية ومناظرة - في آن واحد- لحالة استلاب سادي مضاد في صيغة ما وصفناه ذات مرة بـ (العلاقة القضيبية بالعالم
- هل هذه تغريبة أدبية؟ أم أنك تقصد -فعلا- تقديم توصيف علمي لظاهرة الأمن والعسكر...؟
ج- طبعا، إن شكل الصياغة لا يخلو من المسحة الأدبية الساخرة. لكن لا بد من أن نطرح ظاهرة العنف السلطوي في سوريا بمنتهى الجدية والألم الذي تحول إلى سلوك عصابي مرضي يعكس هلعا هذيانيا من المجتمع الذي تنصب عليه ردود فعل وحشية يستحيل لكائنات طبيعية سوية أن تقوم بها نحو بني جلدتها. حتي اضطررنا لتقديم اقتراح توصيف علاقة السلطة بالمجتمع السوري بأنها علاقة استيطان. لكن العنف الاستيطاني الاسرائيلي -مع ذلك- لم يبلغ في تغربه الاستيطاني عن المجتمع الفلسطيني درجة عنف السلطة السورية مع مجتمعها، لأن في حدود معرفتي للتاريخ السوري، لا أظن أنه قد أتى حين من الدهر على سوريا كان العنف على هذه الدرجة من الوحشية المصدرة للمجتمع عبر شرائح منه أي من أبنائه. طبعا لا أتحدث هنا فقط عن المجازر ضد الشعب الأعزل: مجازر سجناء تدمر- حماة -جسر الشغور -حلب وأخيرا القامشلي، بل أتحدث اليوم عن هذا الفيض من العدوانية المرضية التي تبلغ حد أن يسجن رجل (رياض سيف) يحمل مرض السرطان الموصوف والمحقق، ويرفض النظام تدخلاً دولياً - خارجياً أكثر رحمة من الأهل- لعلاجه واعادته إلى مخالبهم، أو أن يتم اعتقال سيدة طبيبة محترمة كفداء حوراني عضوة المؤتمرات القومية التي يرعونها، لكن سوء حظها أن عقلها لم يعد يثق بمشروع قومي بدون الديموقراطية واطلاق الحريات السياسية والتعبيرية، أوأن يدفع خبير اقتصادي كعارف دليلة سبع سنوات من عمره المنتج ثمنا لعمرهم اللصوصي، لأنه استجاب لضميره المهني وأبدى أراء مهنية بالاقتصاد السوري...!
ولذلك فالحديث عن الأمراض النفسية العدوانية لطغم السلطة ليس ترفا أدبيا، بل هو ضرورة حياتية للمجتمع السوري ليقاوم ما يستيطع داءه الكامن في حكامه، حيث وثنية السلطة الطغيانية هي مصدر كل الشرور والانحطاط منذ تشخيص الكواكبي له منذ أكثر من قرن، لكن الداء الانكشاري منذ نصف قرن كان يسمح للكواكبي بإصدارالجرائد واللجوء إلى القانون. لقد كان في ذلك الزمن الانكشاري ثمة محاكم تبريء كما كان قد حوكم وبريء الكواكبي نفسه...!
ولذلك نحن تجاه ظاهرة مرضية علينا أن نجتهد لاكتشاف بواباتها لولوجها، وربما تكون عقدة الجزمة بوصفها معادلا للـ(الرفس)، مدخلا مناسبا للحفرعن دلالة الهوس بها منذ الطفولة البائسة لرجل الأمن ابن الريف الرعاعي المعدم أو ابن حثالات المدن المنبوذ الذي لا يتيح له ذكاؤه المتوسط أن يلتحق بالجامعة فيلتحق بالصف الخاص للتعليم الابتدائي أوبالكلية الحربية التي تتيح له (جزمة) متينة تنسيه تاريخ البرد القارس الذي كان يفترس أقدامه عندما كان يذهب إلى المدرسة من القرية إلى البلدة أو عند الذهاب إلى وسط المدينة بالنسبة للحثالات الذين يعيشون على أطراف المدينة اعتمادا على التهريب والجريمة، حيث غدوا اليوم هم ممثلي المدن في ما يسمى بـ(البرلمان) مجلس الشعب السوري، أوفي حزب البعث الحاكم، بينما احتكر رعاع الريف قطاعي العنف: (المخابرت والجيش)، لتغدوا الحثالات المدينية هذه موظفة في خدمة السلطة الأمنية، وبالاضافة لحثالات الأطراف التي هبطت من مستوى الشريك الثاني إلى مستوى القاعدة المتنفعة الملحقة والمستتبعة، بالاضافة إلى هذين الشريكين (الرعاع والحثالات) لجأت السلطة الأمنية الطائفية إلى اختيار نماذج من المثقف المديني (الديوث)، والديوث نموذج للمريض الشاذ جنسيا الذي يستمتع بمشاهدة أنثاه تحت رجل آخر، وهؤلاء راحت الأجهزة الأمنية الحاكمة تعتمدهم كوزراء ومدراء عامين، وفي الآونة الأخيرة كمفاوضين، إذ تكون أغلبية الوفود لمفاوضة -خاصة فيما يمكن أن يوصف بالخيانة وفق مصطلحاتهم - تكون منهم، ويكون مندوب الأمن هو الشخصية الرئيسية المضمرة ولكن الفاعلة، الغائبة الحاضرة، لأنه هو من سيكتب التقرير بسلوك وأداء الجميع ودرجة الاخلاص بتنفيذ دور لخيانة المناط بهم دون أن تلحقه ومعلميه الطائفيين هذه السمعة، سمعة التفاوض مع اسرائيل بدون أي ميزان قوى، حيث أن تفاوضا بدون ميزان قوى، لن يترك للمفاوض الضعيف أية فرصة سوى (الخيانة)، هذه هي الفرص التي تترك لمثقفي المدينة (الدواويث)، لكنهم -في الآن ذاته- المفترض أنهم أبناء عوائل مدينية محترمة، إنها فرصة تحمل سمعة الخيانة بالنيابة عن عصابات المخابرات الطائفية والجيش الذي انحل إلى مستوى حرس جمهوري،هؤلاء الذين قادوا البلاد إلى هذا الحضيض يدفعون أبناء العوائل المدينية الذين يفترض أنهم (أبناء ناس) إلى افتداء سمعة من يباضعون أمهاتهم سفاحا استجابة لأمراضهم الماسوشية التي عبرنا عنها بصيغة (المثقف الديوث).
س - أخيرا هل تعبت وقررت الهجرة؟
ج - المسألة ليست مسألة تعب، بل يمكن القول أنها (مسألة قرف واشمئزاز): نعم قرف من خصمك الذي ينحط إلى مستوى عصابات (الزعران) عندما يخطفك من الشارع ليهددك بقطع اللسان أو يهدد عائلتك وأولادك ويرهبهم ويروعهم، نعم الاشمئزاز، والقرف من خصم تافه وصغير وجبان يتخايل بأنه جبار، أي أنه كما يقول المثل العربي: قط يتصاول صولة الأسد. ففي احدى المقابلات مع الأسد الصغير (الابن) ضحك ضحكة جذلى وهو يتحدث عن اتهامه من قبل المعارضة والصحافة الغربية بأنه (ديكتاتور)، يتحدث عن ذلك بسعادة غامرة وجزل صبياني، إذ هو يتمنى أن ينضم- وفق توهماته وتمثلاته - إلى نادي الديكتاتورية. إنه يتوق لأن يوصف بالدكتاتورية لأن مخياله الثقافي البيئي والعائلي يهيئ له أن العظمة تكمن في الديكتاتورية كما كان أبوه يعتقد ويبرهن... !
س - هل كان أبوه ديكتاتورا؟ سمعتك مرة في لقاء على قناة الجزيرة (الاتجاه المعاكس) تستكثر حتى على أبيه أن يكون ديكتاتورا، وذكرت بأن الوحيد الذي يستحق لقب الديكتاتور هو جمال عبد الناصر؟
ج - نعم هذا رأيي، لأن الديكتاتور يعتبرأن بلاده بكليتها ملكه، ومن ثم فهو يرى أن من حقه أن يتصرف بها كما يشاء. وهو إذ يتماهى معها يعتقد أنه الوحيد الذي يمثل مصالحها، فلا يقبل الرأي الآخر. ولأنه يتوهم ذلك فهو يعتقد أن الوطن كله ملكية خاصة، لذلك فهو لا يسرقه. وهكذا مات عبد الناصر نظيف الكف. لم يسرق مصر، كما فعل تلاميذ مدرسته لانقلابية (الأسد - القذافي - صدام حسين... الخ ) الذين لايستحقون الوصف بأكثر من قراصنة، وقادة عصابات مسلحة...
س -هل تعتقد أن الأسد الأب كان قرصانا، وسرق سوريا؟
ج - لا لم يسرق سوريا، بل سرق من سوريا، وهذا هو الفرق بين الديكتاتور والقرصان. وذلك ليس تقوّلا أو إتهاما جزافا بهدف الهجاء، بل هو اقرار صريح على لسان أحد كبار العصابة التي تحكم سوريا (رئيس احدى دوائر لمخابرات) إذ قال مرة بأننا نبالغ- كمعارضة- في الحديث عن حجم النهب الأسدي لسوريا عندما نتحدث عن ايرادات النفط التي يدخل الحديث عنها في اطار المحرمات، ليقول لنا أن ثروة (لأسد) الأب لا تتجاوز الثمانية مليارات دولار فقط...
طبعا كان يتحدث عن الأب، ولم يتحدث عن الابن (باسل) الذي كان على الأب أن يرسل رئيس وزرائه (الزعبي) ليتابع مليارات (باسل) في أوربا بعد مقتله. ويبدو أن هذا الزعبي المسكين كان عليه أن يدفع ضريبة معرفته بأموال العائلة، فكان لابد من التخلص منه بنحره أو بأمره بالانتحار...!
ولعل مثل هذه التصريحات لهذا المسؤؤل الأمني الكبير هي التي تقف وراء تهميشه ووضعه في الظل منذ سنوات.
س - نعود الى نقطة البداية، منذ اصداركم لما سمي بـ"وثيقة الألف" التأسيسية لـ"لجان إحياء المجتمع المدني"، وأنت تعتبر من كتاب حافة الهاوية، هل شعرت بأنك سقطت أخيرا فيها؟
ج - ليس هناك هاوية نسقط فيها أكثر من هاوية الواقع المعاش. لقد قال أحد المسؤواين الأمنيين ممننا لي بأنهم يحترموني لدرجة أن التسامح معي يبلغ حد أن هناك مئات المساجين والمعتقلين الذين لم يقولوا أكثر من %10 مما أقوله وأكتبه....
لكن قرفي بلغ ذروته عندما راحوا يستأسدون على عائلتي: زوجتي وأطفالي كما ذكرت. يرسلون استدعاءات أمنية لإبني الذين يعرفون أنهم طفّشوه من جامعة حلب الى الجامعة اللبنانية الأمريكية، أي يعرفون أنه ليس في البيت، فهم يستدعونه إذن لارهاب العائلة بوصفه من جماعة (الموالاة) على حد تعبيرهم... تصور أنهم بعد محاولتهم تحطيمه ودفعه للإنتحار عندما راحوا يعطونه الأصفار وترسيبه لسنتين متواليتين في جامعة حلب، تصور هذا الطالب الذي يرسب بالأصفار في جامعة وطنه، انه يكرم في الجامعة الأمريكية - اللبنانية، بوصفه من الأوائل ويحصل على منحة كاملة لدراسة الماجستير. تصور أن عليه أن لا يكون مع الموالاة وأن يكون مع حزب الله الذي لا يرى في وطنه سوريا سوى (سوريا الأسد)، وأن يكون مع حلفاء حزب الله الصغار من أيتام المخابرات السورية.
تصور أن أستاذا جامعيا في الرياضيات، ورئيسا للنقابة في الجامعة، يستدعي زوجتي ليبلغها رسائل المخابرات وتهديداتهم، ويذكرها بأيام عز ارهاب النظام ومجازره في حماة وحلب، وكيف سحل الناس وسحلت عيونهم ودمرت المنازل فوق رؤؤسهم في حماه، وكيف أن عشرات الآلاف دخلوا إلى السجون على الشبهة لا يزالون مفقودين الى اليوم. والنتيجة المترتبة على هذه المقدمات أن زوجها سيعرض العائلة إلى مصير مشابه بعد أن ورط ابنه في أن يكون مع الموالاة في لبنان، ولهذا فمن أجل حماية العائلة من زوجها فقد رسبوا ابنتها في الجامعة، معلنين أن الأمر يمكن معالجته إذا تم استيعاب الرسالة. فموضوع النجاح أو الرسوب أمر هين وما هو على المخابرات بعسير، وأن هناك تقارير سيكتبها رقباء سيراقبون سلوكها وتحركاتها وتصرفاتها من اجل ان يكتبوا تقريرا جيدا بها يحميها ويحمي عائلتها من المصير الأسود الذي سينتظرها، وأن ترسيب ابنتها ليس إلا لتنبيهها بعدم سلوك طريق أبيها...!
تصور أن استاذا جامعيا يفخر بأداء دور محقق مخابراتي. تصور منظومة المثل العليا التي أنتجها البعث خلال مايقارب نصف قرن، وهي أن يغدو المخبر (رجل الأمن) المثل الأعلى للمجتمع السوري الذي يتشهى ويتشوف الى موقعه حتى الأستاذ الجامعي في جامعات البعث...
تصور حالة التسفّل الذي يراد للمجتمع السوري أن ينحط لها، وذلك عن سابق تصميم واصرار، ليس لتدمير القيم الأخلاقية والوطنية فقط بل والعلمية عندما أوفدوا ستة آلاف خريج جامعة على أسس أمنية ودورات شبيبية ومظلية، قبل انهيار مثلهم الأعلى (شاوشيسكو)، وعاد هؤلاء ليكونوا اليوم هم غالبية اساتذة الجامعة في سوريا التي انحطت الى ما دون ماكانت عليه جامعات (شاوسيسكو) حيث لم يبق استاذ جامعي لاينصاع لأوامر رقباء وعرفاء المخابرات في كتابة التقارير التي غدت هي المهمة النضالية الوحيدة للبعثيين.
وبالمحصلة لم يبق هناك بعثي واحد في سوريا ليس مخبراً. وهذا الأمر ليس تهمة، بل هو أمر اجرائي وظيفي للحصول على عمل، وحمائي لكي لا يساءل الموظف عن الفساد. أي لا بد له من الاندماج العضوي في منظومة الفساد البعثي لكي يحافظ على وظيفته. ولنتصور أية منظومة للقيم يؤسس عليها هذا النظام من أجل (الممانعة) والصمود والتصدي في مواجهة المخططات الامبريالية والصهيونية...!
س - لكني التقيتك السنة الماضية في باريس حين شاركت في لقاء إشهار "رابطة العقلانيين العرب"، وقد فهمنا حينها بأن المخابرات في أمن الدولة راحوا يهددونك بالاغتيال عن طريق أتباع (ابو القعقاع) بعد أن صفوه غبّ انتهاء مهمته، بما وصفته في حينها أن النظام كان يريد تهديد المعارضة بأصولية مخترعة من صنع يديه كما يفعل في لبنان! وفهمنا منك في حينها أنك تريد أن تهدئ الأجواء حولك بعد تصعيدهم بالتهديد بالقتل، وذلك بعد أن اختطفوك لأنك انتقدت حليفهم حزب الله في مقالاتك المنشورة بجريدة "السفير" اللبنانية، وكشفت عن أنه صنولهم وامتداد غوغائي لبنيتهم التكوينية الرعاعية البعثية، وذلك قبل سطوه المسلح الأخير على بيروت المدينة والثقافة والحرية والجمال.
ج - نعم، كان رأي الجميع أن هذه العصابة المسلحة الحاكمة لن تتورع عن القيام بأي عمل سيما وسبق لها أن اختطفتني ليلا، ورفضت العصابة الأمنية التي أرسلوها لتنفيذ الخطف أن تعرفني على نفسها بأنها من عصابات (أمن الدولة)، وكانوا خلال الطريق وهم يطوقوني يتحدثون مع رئيسهم قائلين: إن الهدف رقم كذا... قد تم السيطرة عليه سيدي... ولم يكن هذا الهدف المسلح والمدرع سوى كهل في بيجاما النوم خرج قاصدا البقال المجاور لبيته... وليقوم بعدها رئيس عصابة الفرع في حلب بتهديدي بقطع لساني ودهسه بجزمته اللماعة. وبهذه المناسبة يجدر الاشارة إلى تلك الملاحظة (البسيكو-سوسيولوجية) أن كل ضباط المخابرات الذين عرفتهم في حياتي من خلال الاستدعاءات خلال ثلاثين سنة يتميزون بسمة واحدة تميزهم وهي جزماتهم. فأول ما يلفت نظرك نحو ضباط الأمن هو جزماتهم الأنيقة اللماعة ذات الكعب (النقار)، وبذلك يمكن للباحثين السوريين في علم النفس الاجتماعي - ولا أعرف إذا كانت هذه ظاهرة قومية عربية- إذا أرادوا أن يقوموا بدراسة سوسيو-بسيكولوجية لشريحة المخابرات والعسكر في سوريا، أن تكون الجزمة أو بتعبيرهم (البوط) مدخلا لشخصيتهم عبر تقصي مغزى المشترك الدلالي لـ (البوط) في وعيهم ولاوعيهم...!
س- هل هناك دلالة للجزمة اللماعة (النقارة) سوى دلالة العنف والاستعراض؟
ج- هناك دلالة العنف التي تقول لك أن الجنرلات يمارسون العنف بأنفسهم، سيما عندما ترى هذه الجزمات ذات مقدمات مدببة ورفيعة، أي لايكلفون به الجلادين فقط، بل هم يتمتعون بممارسته. ولقد حدثني الكثيرون من الأصدقاء المعتقلين عن جنرالات شهيرين جدا كانوا يمارسون التعذيب بسادية فظيعة، وقد توقف بعضهم عند تصوير هذه الجزمات التي كانوا يلمحونها من تحت أطراف (الطماشات) التي توضع على العيون، وهم يستشعرون التهديد الذي تمثله عندما ستنقض (رفسا ولبطا) على الرأس وبين الأفخاذ ، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن ما يلفت النظر بـ(عقدة الجزمة)، بأنها ليست تعبيرا مضخما يرد على تاريخهم عندما كانوا (حفاة) فحسب، بل هي ذات أشكال وزركشات تناسب عمر الشباب اليافعين يحتذيها جنرالات ستينيون، فتتبدى وراء كل هذا العنف الخارجي رخاوة صبيانية، بل وغنج ودلع يشي بالتخنث والتسفل الحسي لشدة انسحاقهم أمام سادتهم المهووسين بعلاقات تراتبية دورانية تدخل الجميع بمتاهة اذلال متبادل متواصل يبلغ حد ايقاع الاذلال بالنفس التي تشيأت ماسوشيا بدورها في صورة موازية ومناظرة - في آن واحد- لحالة استلاب سادي مضاد في صيغة ما وصفناه ذات مرة بـ (العلاقة القضيبية بالعالم
- هل هذه تغريبة أدبية؟ أم أنك تقصد -فعلا- تقديم توصيف علمي لظاهرة الأمن والعسكر...؟
ج- طبعا، إن شكل الصياغة لا يخلو من المسحة الأدبية الساخرة. لكن لا بد من أن نطرح ظاهرة العنف السلطوي في سوريا بمنتهى الجدية والألم الذي تحول إلى سلوك عصابي مرضي يعكس هلعا هذيانيا من المجتمع الذي تنصب عليه ردود فعل وحشية يستحيل لكائنات طبيعية سوية أن تقوم بها نحو بني جلدتها. حتي اضطررنا لتقديم اقتراح توصيف علاقة السلطة بالمجتمع السوري بأنها علاقة استيطان. لكن العنف الاستيطاني الاسرائيلي -مع ذلك- لم يبلغ في تغربه الاستيطاني عن المجتمع الفلسطيني درجة عنف السلطة السورية مع مجتمعها، لأن في حدود معرفتي للتاريخ السوري، لا أظن أنه قد أتى حين من الدهر على سوريا كان العنف على هذه الدرجة من الوحشية المصدرة للمجتمع عبر شرائح منه أي من أبنائه. طبعا لا أتحدث هنا فقط عن المجازر ضد الشعب الأعزل: مجازر سجناء تدمر- حماة -جسر الشغور -حلب وأخيرا القامشلي، بل أتحدث اليوم عن هذا الفيض من العدوانية المرضية التي تبلغ حد أن يسجن رجل (رياض سيف) يحمل مرض السرطان الموصوف والمحقق، ويرفض النظام تدخلاً دولياً - خارجياً أكثر رحمة من الأهل- لعلاجه واعادته إلى مخالبهم، أو أن يتم اعتقال سيدة طبيبة محترمة كفداء حوراني عضوة المؤتمرات القومية التي يرعونها، لكن سوء حظها أن عقلها لم يعد يثق بمشروع قومي بدون الديموقراطية واطلاق الحريات السياسية والتعبيرية، أوأن يدفع خبير اقتصادي كعارف دليلة سبع سنوات من عمره المنتج ثمنا لعمرهم اللصوصي، لأنه استجاب لضميره المهني وأبدى أراء مهنية بالاقتصاد السوري...!
ولذلك فالحديث عن الأمراض النفسية العدوانية لطغم السلطة ليس ترفا أدبيا، بل هو ضرورة حياتية للمجتمع السوري ليقاوم ما يستيطع داءه الكامن في حكامه، حيث وثنية السلطة الطغيانية هي مصدر كل الشرور والانحطاط منذ تشخيص الكواكبي له منذ أكثر من قرن، لكن الداء الانكشاري منذ نصف قرن كان يسمح للكواكبي بإصدارالجرائد واللجوء إلى القانون. لقد كان في ذلك الزمن الانكشاري ثمة محاكم تبريء كما كان قد حوكم وبريء الكواكبي نفسه...!
ولذلك نحن تجاه ظاهرة مرضية علينا أن نجتهد لاكتشاف بواباتها لولوجها، وربما تكون عقدة الجزمة بوصفها معادلا للـ(الرفس)، مدخلا مناسبا للحفرعن دلالة الهوس بها منذ الطفولة البائسة لرجل الأمن ابن الريف الرعاعي المعدم أو ابن حثالات المدن المنبوذ الذي لا يتيح له ذكاؤه المتوسط أن يلتحق بالجامعة فيلتحق بالصف الخاص للتعليم الابتدائي أوبالكلية الحربية التي تتيح له (جزمة) متينة تنسيه تاريخ البرد القارس الذي كان يفترس أقدامه عندما كان يذهب إلى المدرسة من القرية إلى البلدة أو عند الذهاب إلى وسط المدينة بالنسبة للحثالات الذين يعيشون على أطراف المدينة اعتمادا على التهريب والجريمة، حيث غدوا اليوم هم ممثلي المدن في ما يسمى بـ(البرلمان) مجلس الشعب السوري، أوفي حزب البعث الحاكم، بينما احتكر رعاع الريف قطاعي العنف: (المخابرت والجيش)، لتغدوا الحثالات المدينية هذه موظفة في خدمة السلطة الأمنية، وبالاضافة لحثالات الأطراف التي هبطت من مستوى الشريك الثاني إلى مستوى القاعدة المتنفعة الملحقة والمستتبعة، بالاضافة إلى هذين الشريكين (الرعاع والحثالات) لجأت السلطة الأمنية الطائفية إلى اختيار نماذج من المثقف المديني (الديوث)، والديوث نموذج للمريض الشاذ جنسيا الذي يستمتع بمشاهدة أنثاه تحت رجل آخر، وهؤلاء راحت الأجهزة الأمنية الحاكمة تعتمدهم كوزراء ومدراء عامين، وفي الآونة الأخيرة كمفاوضين، إذ تكون أغلبية الوفود لمفاوضة -خاصة فيما يمكن أن يوصف بالخيانة وفق مصطلحاتهم - تكون منهم، ويكون مندوب الأمن هو الشخصية الرئيسية المضمرة ولكن الفاعلة، الغائبة الحاضرة، لأنه هو من سيكتب التقرير بسلوك وأداء الجميع ودرجة الاخلاص بتنفيذ دور لخيانة المناط بهم دون أن تلحقه ومعلميه الطائفيين هذه السمعة، سمعة التفاوض مع اسرائيل بدون أي ميزان قوى، حيث أن تفاوضا بدون ميزان قوى، لن يترك للمفاوض الضعيف أية فرصة سوى (الخيانة)، هذه هي الفرص التي تترك لمثقفي المدينة (الدواويث)، لكنهم -في الآن ذاته- المفترض أنهم أبناء عوائل مدينية محترمة، إنها فرصة تحمل سمعة الخيانة بالنيابة عن عصابات المخابرات الطائفية والجيش الذي انحل إلى مستوى حرس جمهوري،هؤلاء الذين قادوا البلاد إلى هذا الحضيض يدفعون أبناء العوائل المدينية الذين يفترض أنهم (أبناء ناس) إلى افتداء سمعة من يباضعون أمهاتهم سفاحا استجابة لأمراضهم الماسوشية التي عبرنا عنها بصيغة (المثقف الديوث).