sona78
01/09/2008, 17:23
فداء عيتاني
في عام 1999 طرح ثلاثة من الأكاديميّين الفلسطينيّين في جامعة أوكلاهوما صيغة لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين حول العالم. بقيت المسألة قيد الأخذ والرد، ولم يوافق الإسرائيليون على ما طُرح، ووضعوا شروطاً من وزن عودة 50 ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضي إسرائيل و75 ألفاً إلى أراضي السلطة، شرط أن يكونوا من مواليد الأرض المحتلة، وألا يعود معهم النسل أو الزوج، وأن تتم هذه العودة على مدى عشرة أعوام بمعدل 5 آلاف كل عام.
في عام 2008 استقبل لبنان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي ظهر على قناة العربية الفضائية، ليعيد طرح مسألة العودة من ضمن سلسلة ملفات أخرى يفترض أنه يتم التفاوض عليها مع إسرائيل حالياً.
ومن يتابع محمود عباس جيداً، يعرف أنّ الرئيس الفلسطيني عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي الضعيف إيهود أولمرت حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على النحو الآتي:
ـ السماح بعودة جزء من الفلسطينيين إلى إسرائيل، وطبعاً دون اعتراض على حجم العائدين وعددهم.
ـ إعادة جزء من اللاجئين إلى أراضي السلطة الفلسطينية، مع تحديد العدد الذي يمكن لهذه الأراضي استيعابه.
ـ يعطى جواز السفر الفلسطيني إلى اللاجئين الباقين خارج الأراضي الإسرائيلية والفلسطينية، وهو جواز لا يسمح لهم بالعودة إلى أراضي السلطة، وطبعاً لا يسمح بدخولهم إلى إسرائيل، أمّا الدخول إلى أراضي السلطة فيُسمح به فقط بصفة زيارة بعد الحصول على تأشيرة مسبقة.
ـ تسقط عن اللاجئين في الخارج صفة لاجئ قانونياً، ويصبحون فلسطينيّي الجنسية كرعايا، ما يسهّل أعمالهم ولكن ذلك يلزمهم بالحصول على إقامات في الدول المستضيفة لهم، ويتم إلغاء المخيمات ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وكل المظاهر والقوانين التي يمكن أن ترتبط بهذه القضية (بما فيها القرار 194).
وتتوافر معلومات من فصائل منظمة التحرير عن التسويق لهذا المشروع، حيث تفيد بعض هذه الفصائل أن التعويضات التي ستدفع ستكون عبر صندوق دولي، كما سبق أن اقترح الرئيس بيل كلينتون خلال المفاوضات التي أجراها مع الطرفين في كامب ديفيد، وهي 40 مليار دولار لإسرائيل، و50 ملياراً للبنان بصفته المتضرر الأكبر من عملية إلغاء حق العودة، و5 مليارات لسوريا، و15 ملياراً للأردن، و15 ملياراً للسلطة الفلسطينية.
ويتحدث رأفت مرّة، الباحث في قضايا اللاجئين والموالي لحماس، عن أن الوجود الرئيسي للّاجئين الفلسطينيين هو في الأردن، إلا أنه تم حل المشكلة هناك عبر إعطائهم جواز السفر الأردني، فذاب ما يقارب الثلاثة ملايين فلسطيني في البلاد، وكذلك الأمر في سوريا التي تعامل الفلسطيني كما تعامل مواطنيها، الأمر الذي لا يترك مشكلة كبيرة على المستوى الإنساني إذا ما تم تغيير صفة نصف مليون لاجئ هناك إلى رعايا لسلطة الحكم الذاتي. أما في لبنان حيث يعيش قرابة 450 ألفاً من اللاجئين، فإن كارثة ستحلّ عند تحويلهم إلى رعايا عليهم الحصول على إقامات سنوية، ما قد يسرّع سفرهم وترحيلهم.
وتتقاطع هذه الرؤية مع وجود مناخ عنصري ضد الفلسطينيين في لبنان، برز خلال لقاء محمود عباس ببعض القوى المسيحية المحسوبة على قوى المعارضة اللبنانية، حيث سمع كلاماً عن إمكان ترحيل الفلسطينيين إلى مصر والسعودية. وأهمّ المآخذ على المشروع، بحسب مرة، هي عدم حصوله على موافقة 6 ملايين لاجئ، ولا على موافقة كل الأطراف الفلسطينية.
من ناحيته، يرى مروان عبد العال، عضو قيادة الجبهة الشعبيية لتحرير فلسطين، أن المشروع برمته هو عملية تحايل على حق العودة، مشيراً إلى أن طرح هذه الأفكار يأتي في إطار المفاوضات، وأنها تحصل على موافقة مبدئية، وهي محاولة لوضع مراحل لقضية العودة بدل حلها بالكامل.
أسرع محمود عباس في طرح مشروعه على أولمرت الضعيف، وكان يسعى إلى رسم اتفاق إطار، ينتزعه منه، إلا أن مصادر في منظمة التحرير قالت إن عباس الضعيف هو الآخر قد لا يتمكن من انتزاع أي شيء، ولكنه يأمل بذلك. وهو يحاول تثبيت هذا الحل، الذي ينهي قضية اللجوء عبر مباركة الرئيس جورج بوش. ويزور عباس لبنان، المتضرر الأكبر من الاتفاق، لإغواء سياسييه بما يمكن أن يكون، وكلما سأل صحافي عمّا فعله أبو مازن في لبنان، تقول له المرجعيات الرسمية «اسأل السرايا الحكومية، فنحن لم نسمع من الرجل سوى الشكوى على الواقع المرّ، وإعطائنا الحق في التعامل مع السلاح الفلسطيني».
ضاق الذرع من السلاح، داخل المخيمات وخارجها، وأعطى عباس لبنان الحق في التعامل مع المخيمات بما يراه مناسباً، وترك شيئاً ما في الكواليس. تسوية قد لا يتمكن من إقرار الاتفاق حولها، إلا أنه في حال حصول اتفاق مؤجّل التنفيذ، فإن النزاع لن يكون فقط فلسطينياً فلسطينياً، بل لبنانياً لبنانياً، على من يبقى ومن يرحل.
جريدة الاخبار
في عام 1999 طرح ثلاثة من الأكاديميّين الفلسطينيّين في جامعة أوكلاهوما صيغة لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين حول العالم. بقيت المسألة قيد الأخذ والرد، ولم يوافق الإسرائيليون على ما طُرح، ووضعوا شروطاً من وزن عودة 50 ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضي إسرائيل و75 ألفاً إلى أراضي السلطة، شرط أن يكونوا من مواليد الأرض المحتلة، وألا يعود معهم النسل أو الزوج، وأن تتم هذه العودة على مدى عشرة أعوام بمعدل 5 آلاف كل عام.
في عام 2008 استقبل لبنان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي ظهر على قناة العربية الفضائية، ليعيد طرح مسألة العودة من ضمن سلسلة ملفات أخرى يفترض أنه يتم التفاوض عليها مع إسرائيل حالياً.
ومن يتابع محمود عباس جيداً، يعرف أنّ الرئيس الفلسطيني عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي الضعيف إيهود أولمرت حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين على النحو الآتي:
ـ السماح بعودة جزء من الفلسطينيين إلى إسرائيل، وطبعاً دون اعتراض على حجم العائدين وعددهم.
ـ إعادة جزء من اللاجئين إلى أراضي السلطة الفلسطينية، مع تحديد العدد الذي يمكن لهذه الأراضي استيعابه.
ـ يعطى جواز السفر الفلسطيني إلى اللاجئين الباقين خارج الأراضي الإسرائيلية والفلسطينية، وهو جواز لا يسمح لهم بالعودة إلى أراضي السلطة، وطبعاً لا يسمح بدخولهم إلى إسرائيل، أمّا الدخول إلى أراضي السلطة فيُسمح به فقط بصفة زيارة بعد الحصول على تأشيرة مسبقة.
ـ تسقط عن اللاجئين في الخارج صفة لاجئ قانونياً، ويصبحون فلسطينيّي الجنسية كرعايا، ما يسهّل أعمالهم ولكن ذلك يلزمهم بالحصول على إقامات في الدول المستضيفة لهم، ويتم إلغاء المخيمات ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وكل المظاهر والقوانين التي يمكن أن ترتبط بهذه القضية (بما فيها القرار 194).
وتتوافر معلومات من فصائل منظمة التحرير عن التسويق لهذا المشروع، حيث تفيد بعض هذه الفصائل أن التعويضات التي ستدفع ستكون عبر صندوق دولي، كما سبق أن اقترح الرئيس بيل كلينتون خلال المفاوضات التي أجراها مع الطرفين في كامب ديفيد، وهي 40 مليار دولار لإسرائيل، و50 ملياراً للبنان بصفته المتضرر الأكبر من عملية إلغاء حق العودة، و5 مليارات لسوريا، و15 ملياراً للأردن، و15 ملياراً للسلطة الفلسطينية.
ويتحدث رأفت مرّة، الباحث في قضايا اللاجئين والموالي لحماس، عن أن الوجود الرئيسي للّاجئين الفلسطينيين هو في الأردن، إلا أنه تم حل المشكلة هناك عبر إعطائهم جواز السفر الأردني، فذاب ما يقارب الثلاثة ملايين فلسطيني في البلاد، وكذلك الأمر في سوريا التي تعامل الفلسطيني كما تعامل مواطنيها، الأمر الذي لا يترك مشكلة كبيرة على المستوى الإنساني إذا ما تم تغيير صفة نصف مليون لاجئ هناك إلى رعايا لسلطة الحكم الذاتي. أما في لبنان حيث يعيش قرابة 450 ألفاً من اللاجئين، فإن كارثة ستحلّ عند تحويلهم إلى رعايا عليهم الحصول على إقامات سنوية، ما قد يسرّع سفرهم وترحيلهم.
وتتقاطع هذه الرؤية مع وجود مناخ عنصري ضد الفلسطينيين في لبنان، برز خلال لقاء محمود عباس ببعض القوى المسيحية المحسوبة على قوى المعارضة اللبنانية، حيث سمع كلاماً عن إمكان ترحيل الفلسطينيين إلى مصر والسعودية. وأهمّ المآخذ على المشروع، بحسب مرة، هي عدم حصوله على موافقة 6 ملايين لاجئ، ولا على موافقة كل الأطراف الفلسطينية.
من ناحيته، يرى مروان عبد العال، عضو قيادة الجبهة الشعبيية لتحرير فلسطين، أن المشروع برمته هو عملية تحايل على حق العودة، مشيراً إلى أن طرح هذه الأفكار يأتي في إطار المفاوضات، وأنها تحصل على موافقة مبدئية، وهي محاولة لوضع مراحل لقضية العودة بدل حلها بالكامل.
أسرع محمود عباس في طرح مشروعه على أولمرت الضعيف، وكان يسعى إلى رسم اتفاق إطار، ينتزعه منه، إلا أن مصادر في منظمة التحرير قالت إن عباس الضعيف هو الآخر قد لا يتمكن من انتزاع أي شيء، ولكنه يأمل بذلك. وهو يحاول تثبيت هذا الحل، الذي ينهي قضية اللجوء عبر مباركة الرئيس جورج بوش. ويزور عباس لبنان، المتضرر الأكبر من الاتفاق، لإغواء سياسييه بما يمكن أن يكون، وكلما سأل صحافي عمّا فعله أبو مازن في لبنان، تقول له المرجعيات الرسمية «اسأل السرايا الحكومية، فنحن لم نسمع من الرجل سوى الشكوى على الواقع المرّ، وإعطائنا الحق في التعامل مع السلاح الفلسطيني».
ضاق الذرع من السلاح، داخل المخيمات وخارجها، وأعطى عباس لبنان الحق في التعامل مع المخيمات بما يراه مناسباً، وترك شيئاً ما في الكواليس. تسوية قد لا يتمكن من إقرار الاتفاق حولها، إلا أنه في حال حصول اتفاق مؤجّل التنفيذ، فإن النزاع لن يكون فقط فلسطينياً فلسطينياً، بل لبنانياً لبنانياً، على من يبقى ومن يرحل.
جريدة الاخبار