-
عرض كامل الموضوع : أحمد بشير العيلة
وشم الجمال
08/09/2008, 16:48
أوردة الباب المغلق
منفيٌّ
حيث تُقَشَّرُ عن جلدك رائحةُ الأرض
وتبتلُّ ملابسُك بماءٍ مالح
ما أعمقَ حزنك
أصبحتَ نخيلاً مهجوراً من سعف الرؤيا
صارت دنياك جداراً تتسلّقه
لا تملكُ إلاَّ أن تزعقَ للماضي
والحاضر
أما المستقبل
فقبورٌ لن تبعثَ منها حيّا
لا تملكُ إلاَّ
أن تصرخ كفُّك بشعاراتٍ
تكتبها حتى المللِ .
...
منفيُّ
جَرُّوكَ من الخارطة بسفن الرفض
فارتبكَ سلاحُك
وانْهَارَ رصاصاً فوق البحر
اخترقَتْ كُوفِيَتَكَ الطلقات
نَزَفَ الطينُ طويلاً منها بين يديّ البحر
شَكَّلَهُ جُزُراً أحياناً
وأحياناً " قُوبَاءَ " على جلدك
فسماؤك ذَبُلَتْ
أرختْ زرقتَها بجمودٍ فوقك
فتهدَّلَ نهدُ الشمسِ
بليداً
كالحرباء .
...
ما أصعب أن يصبح ضوءُ العالَم
جِلْدَ عجوز ٍمُتَرَهِّل
لا تنفذُ منه الآمال
ما أصعب أن تنكشط رؤاكَ بسكين ٍ حاد
ليعروك أمام الناس
فَتُقْصَفُ بلداً ... بلداً
قلباً ... قلباً
وطموحك
محفوظٌ في صندوق زجاجٍ قرب سريرك
تستيقظ كل صباحٍ محدوداً
والشلل التام
رغيفٌ أسود
تأكله رغماً عنك
لا بأس
جدران الغرفة لا زالت
تحفظ خارطةً لبلادك
علماً منفرشاً
وبعض الصور الرطبة
لا تتضايق من نفسك
انزعْ كفيّك وعلِّقْها
في أقرب مسمارٍ كوفيةَ مُنْهَك
لترتاح من التلويح
لبلادٍ لم ترها .
...
منفيٌّ
والمنفى أرضٌ لصراعك مع مجهول
يا صاح
كَفَّايَ ضباب
محراثٌ في أرضٍ صلبة
عصفورٌ مقطوعُ الرأس
المنفى خنجر
فاربطْ كفّيك وراء الظَّهْر
لتثيرَ العالمَ بظهورك
مرسوماً في كل صباحٍ في الصحف اليومية
افتحْ لوحاتِك بالقوّة
ألصقْها فوق الصدر
فصدري : معرضُكَ الخافقُ بالشوق
والمتجوّل أبداً بالأشعار
الواقيةِ من الطعن .
...
عيناكَ حصاد
يستوعبُ كلَّ حقول العالم
ويوقِّعها
أعلى كلِّ قصيدة .
...
شعورك صعبٌ أن يُعْلَن
عَلِّقْهُ كمفتاحٍ في رقبتكَ لبابٍ مجهول
صَدِّقْنِي
أخشى أن يصدأ
فتظلُّ حياتُكَ مُوصدة القلب
آهٍ لبيوتٍ لم تُفْتَحْ بعد رحيل
الأقفالُ عتيقة
تتورّم صدأً
ونحن هنا
نتورّم غربة .
...
مسكينٌ باب الدار
يلحسهُ البردُ صباحَ مساء
هَزُلَ المسكين
وقفَ كثيراً ينتظرُ الآتين بلا جدوى
وتراخى على عكاز الزمن القاسي
وهو يراقب وطناً يُبْنىَ داخل قلبي
من بذرة عشق
وطناً يُبني بدموع الشوق
قد طالَ رحيلُك أزماناً
والباب على العكاز انهار
ارحمهُ
أطلقْ كوفياتِك نحوه
مسكينٌ باب الدار
لم يسمعْ دقاتِ القلب المتواصل نحوه
جَفَّتْ أوردته
تجعّد
نخرتْهُ السوسةُ
فانْهار .
...
يا بابَ الدار
يا ذا المصنوع – بعشق ٍ–
من لحم الأهل
وشوق الأهل
ودقات أيادي الأطفال
أفتحْ
لننام
وشم الجمال
08/09/2008, 16:49
من رائحة الخبز العابقة بأيدي أمي
يخرج دلعونا
* * * * *
دلعونا
طفلٌ أشقى من أطفالي
ولدٌ يتسلّل لحقولي
يتمدّدُ فوق العشب الطالع بيني
وبين رؤاي
دلعونا
تطريزٌ آخر للأشياء
ينقرُ كالعصفور مواعيدَ العشقِ
فتقْطُرُ أجنحةُ رحيقٍ فوق أصابعنا
ولذلك نخجلُ
حين نمدُّ يدينا
لأيادي المحبوبات .
...
دلعونا
نهرٌ جَمَعَ منازلنا
في ضمّة زهر ٍ حوله
قلبٌ يتّسع لآلاف الشهداء
آهٍ دلعونا
كم نبتَ "اْللُّوتَسُ" (1) بين أصابع "شَبَّابَتِكَ" (2)
وكم نَبَضَ القلب
كم أرهقتَ جفونَك
كي تهدي كلَّ عريسٍ كُوفِيَّة
أذكرُ
كيف تُحَمِّم جسمَك في ضوء القمر الخمريّ
وتمسحهُ بمخيم
وأذكرُ
كيف لديك القدرة أن تحفظ أسماءَ الناس
وتواريخَ الميلاد لكل مدينة
دلعونا كان يُهَدْهِدُنَا بعد حصادٍ مُتْعَب
دلعونا كان يُجَمِّعَنَا حول سراجٍ
يسكبُ ضوءاً أصفرَ في عينينا
فيجيءُ إلينا
وبصوتٍ شاد
يزرع داخل تلك الصفرة سهرتنا
كنَّا ننبتُ حول حكاياه
ونقرفص
حين يَمَسُ براعمنا .
...
دلعونا أقدم أصحابي
يعرفني حين أهاجر عن نبضي
فيناجي القلب
يعرفني حين أَفُكُّ يديَّ من الأرض
فيضوعُ "عَتَابَا " (3)
يعرفني حين أَمُرّ
فيفتحُ خارطةَ فلسطين أمامي
ويُعَطِّرُنِي " دَبْكَة " (4) .
...
أعرفُ دلعونا
دلعونا كالخندق
يمشي وحده
وحمامٌ يلتقط الْحَبَّ الهارب من كِيسِ "الهيئة" (5)
دلعونا
أجملُ من يرقص في عرسي
ويشدّ قواي
يُوقفني جانب نخلته
ويلوِّح
دلعونا أجمل من " يَدْبُك " (6)
يقفز دلعونا
يجتاز حواجزنا الرملية
يطلقنا من كفيّه طيوراً
نحو فلسطي
قِمَََّةِ دلعونا .
_
وشم الجمال
08/09/2008, 16:51
الجنسية : فلسطيني
تاريخ ومحل الميلاد : فلسطين ، رفح 7/6/1966 م
الإقامة : نزحت أسرة الشاعر من فلسطين بعد حرب 1967م لحاقاً بوالد الشاعر في مصر، كان عمر الشاعر وقتها عاماً ونصف العام، وأقامت الأسرة في الإسكندرية حتى عام 1975م . من عام 1975م حتى الآن يقيم الشاعر في ليبيا.
المؤهل العلمي : بكالوريوس فيزياء - كلية العلوم - جامعة قاريونس - بنغازي -1990م
الحالة الإجتماعية : متزوج وله طفلان.
الأعمال الإبداعية:
- بدأ النخيل : ديوان شعر- دمشق 1990م
- مقالات وقصائد منشورة في الصحف والمجلات المحلية الليبية والعربية الأخرى
- شارك الشاعر في العديد من المؤتمرات والندوات والمهرجانات الأدبية التي عقدت في الجماهيرية والتي منها:-
· المؤتمر السادس عشر للكتاب العرب - طرابلس 1990م
· مهرجانات النهر الصناعي – بنغازي
· مهرجانات المدينة – بنغازي
- للشاعر العديد من المخطوطات والتي لم تطبع بعد ، منها:-
· صديقي القرنفل /ديوان شعر
· أوردة الباب المغلق / ديوان شعر
· نداء إلى الله / ديوان شعر
- عمل الشاعر محرراً ثقافياً في صحيفة قاريونس لمدة ثلاث سنوات منذ 1989م
- كان من ضمن لجان تحرير بعض الصحف الموسمية مثل (النهر –.المدينة)
- عمل محرراً متعاوناً في صحيفة (أخبار بنغازي)
- في العام 2003 كان من ضمن إدارة التحرير لمجلة الثقافة العربية
- عمل الشاعر معدّاً إذاعياً متعاوناً للبرامج المختلفة في إذاعات الجماهيرية الليبية
- يعمل الشاعر في مجال التعليم كمدرس لمادة الفيزياء منذ العام 1990م
- أدرج اسم الشاعر في معجم البابطين الصادر عن مؤسسة البابطين الكويتية (الجزء الأول: صفحة 228).
وشم الجمال
08/09/2008, 16:54
" ظريف الطول "
نهرٌ محفوظٌ بعناية
في متحف جَدِّي
* * * * *
بالأمس تماماً
عرفتُ بقصَّتِهِ
فسرقتُ المفتاحَ الصَّدِئَ لبابِ القبو المعتم
من " صَدْرِيّة " جدي
ودخلتُ لأفُْرِجَ عن شخصٍ
أعرفُ سيرتَه الآن .
...
ظريفَ الطول
كان المطر غزيراً يوم عرفتك
في كل صباحٍ
كانت سيرتك تؤكِّدُني
أتبلّلُ بأغانيك
فأمشي مُنتشياً
أقفزُ
ويدايَ تداعب أغصان الزيتون
المتدلِّية كموال " عتابا "
يوم عرفتك
أمسكتُ بيافا
وحملتُ الْبَيَّارَاتِ بكفي
فانبهرَ مؤذنُ مسجدها الجامع
ونادى فيكَ فجئتَ تهرول
وتخندقتَ أمام المسجد نخلة .
...
ظريفَ الطول
يا سُلَّمَنَا العالي
هل تسمح لي
أن أقطف منك صلاةَ العصر
قد هَرِمَ الزيتونُ بجسمي
وأريدُ بذوراً كي أتجدّد
كَفَّايَ الجامدتان كفرعٍ يابس
والممتدةُ فوق قناة
أرهقها السُّوس
لا تعبرْ للمنفى وإلا ...
شَمَتَ الرأيُّ العام بفرعك وهو يغوص
وماذا لو غصتَ بهذا الوحل
كيف سأغسلُ كلَّ ملابسك العسكرية وهي ثقيلة ؟!! .
...
ظريفَ الطول
أتعبني البرقُ المنقوع بأعلى الدار
أخشى أن يصدأ سقفُ البيت
وأنام شتاء العام القادم مبتلاً
وبدون حكايا
وإن لم تأتِ في موعدك صديقي
وتغنِّ لي
فالبرد سيأكلني ثانيةً
...
كنتُ وحيداً
منسلاً من حلم العالم
كعصافير خريفٍ يَبست
في كفِّ وسائل إعلامٍ قصوى
ومستثنى من أزهار اللوتس
كنتُ وحيداً
ألبسُ آخرَ خيمة
وكلَّ ضباب المدن الكبرى
كنتُ وحيداً
أمشي بين ذئاب الناس
أُنْهَشُُ كلَّ صباح ٍ
أتضاءلُ
أُمْسِكُ كَفَّ رُؤَاي
أمشى تحت القصف بدون حدائق
كنتُ وحيداً
وصوت تروس الآلات المتحدة
فَتَّتَ أُذُنِي
لا أسمعُ شِعْرَ الأشياء
وتماماً
كمباني بيروت المقصوفة
يموت الضوءُ أمامي
كنتُ وحيداً
والمنفى يمتد بداخل جسمي حتى الطعن
قدمايَ بذورٌ فاسدةٌ لا تنبتُ وطناً
لا تنبتُ غير المنفي
كنتُ وحيداً
وحين تكون وحيداً
يذبحكَ الصمتُ من التذكار إلى التذكار
كلُّ ضجيج العالم يُغْرَسُ كالشوك برأسك
وكالإزميل بجبهتك المجهدة كمرفأ .
...
ظريفَ الطول
يا ذا المشبوك على خط الأفق كبرعم
والواثق دوماً من نفسه
أأصارحك قليلاً ؟
هاتِ " الشَّبَّابَة " واسمعْ :
تُتْعِبُنِي قسوةُ كفّيكَ
حين تحاول أن تقطف نرجسةً لصديقتنا
تتعبني قسوتُك
حين تحاول أن تنهض نخلاً
تتطاولُ في زرقة أشيائي
تمنعني من أن أتسلق كتفيك
لأوشوشَ في سعفك
حاول أن تفهمني
صدّقني
لا أقدرُ أن أكبر
سأظلُّ صغيراً وشقياً
لأهزَّ جذوعك
كي يَسَّاقَطَ من كفيّك الرطبُ
وكتابُ حكايا .
...
ظريفَ الطول
أنتَ صديقي
فأعرني مشيتك
لِتُعْجَبَ بي واحدةٌ من هذا العالم مرة
أعرني
- ولو لقرونٍ – كلََّ ملامحك
كم أتمنى
أن تؤخذ لي لقطة
أتوهجُ فيها سنبلةً في كفِّ الكرمل
وعصافير
تنبتُ " كالحَنُّون "** على شفتي
وتغني :
( يا ظريف الطول وقِّفْ تَاقُولّك ........
_______
وشم الجمال
08/09/2008, 16:55
حول بحيرة تريتونيس (2)
ظهرت فجيعة
يوسبريدس
مهجةٌ سُحِقَتْ
نبضٌ تَفَتَّتَ قرب عيني
نهرٌ تبخّر في الكفوف
بعد أن ركب العصورَ جميعها
وامتدّ في شرايين بنغازي
يضوِّعُ تفاحات ( هيرا ) (3)
عبرَ ضوء ٍخافتٍ
مسح المدينةَ بالخرافة
نبضٌ له سحر الفواصل بين أحقابٍ وأخرى
نبضٌ غريبٌ لا يُحَسُّ بكفنا
لكن نراه بعيننا .. طللاً
ونقرؤهُ حضارة .
...
يوسبريدس
قافلةٌ من التاريخ نامتْ تحت أرضك
أَغْمَضَتْ أجفانَها حقباً
ولم نرها
سوى قطعٍ من الأحلام والفخار
هكذا تمضي
وتترك نبضها
طرقاً مجعدةً من الهجران
تماثيل
وأرغفةً من الأحجار
وتذكاراً لبنغازي
مقابرها
تُشْعِلُ الكلماتِ في أفواه من عبروا
ومن جاءوا
مقابرها
على كفَّي " سيدي اعبيد " (4)
تربط الأجيالَ عبر فواصل التوثيق للأجساد
وعبر غرابة اللُّقيا ببقعتها
النائمون هناك
كانوا بؤرةَ الأزمان
جاؤوا من تواريخ عديدة
عاشوا فوق جفنيها
يا لهذا السحر
مقبرةٌ
كلما تعب الزمانُ ينام فيها
كلما (انفلشتْ) جماعاتٌ بجانبها
تحفظ لقمةَ العيش التي أُخِذَتْ لمرحلةٍ
حكايا من تماثيل وأضرحة وعشب
فيا أصحاب
( أُلْبُومٌ ) بهذا السحر للماضين
أذهلني .
...
يوسبريدس
مشنقة أراها اليوم
مشنقة لأجيال القوارب
وهي تغرس حلمها في بحر برقة (5)
مشنقة لأجيال الشيوخ
الصانعين فضاءَ برقة
أي حزنٍ قد تراءى الآن منك
كل بكاء رهط النائمين بزندك
نذر قليل للرثاء
أحفادهم
داسوا على التاريخ والأجداد والمختار (6)
اغتسلوا بكيدهم الملوث بالدكاكين
أي جِنِّيٍّ أتوكِ به
ليقتلع البيوتَ المطمئنة من مدائن نبضها
ليقتلع العمالقةَ الذين تسامقوا
أشجارَ " كينياءٍ " (7) بذاكرة المدينة
ليقتلع الجذورَ من الحضارة
أي جِنِّيٍّ أتوك به
ليبصقنا بدون ملامح
ملحاً على السبخات مشلولا
أحفادهم
( لادون ) (8) أسود
خانَ المدينةَ
وابتلعها .
...
الخائنون
يسحبون الأرضَ من تحتي
يطفئون ملامحَ الآتين
يأكلون جذورهم
جرّافاتهم ردمتكم
أطفأتْ أسماءكم
فانتهيتم كالدُّمى
تتحركون
فوق مسرح التجار
من غير معنى .
...
الخائنون
يلقون كل عظام من ذهبوا
لإسمنت الفجيعة .
...
يوسبريدس
عَطَنٌ بتفاحات ذاكرة البلاد
وانهزامٌ للجياد
أخشى الوباء
أخشى الوباء
فإسمنت بهذا الخبث
يقلقني
وشم الجمال
08/09/2008, 16:56
إلى أبطال مخيم مرج الزهور المنفيين في الجنوب اللبناني
...
أن تعصر الميثيولوجيا
وترشف هذا النهار
عصيراً باردا ًلمزاجك
تماماً
مثلما ينحاز نهرٌ لابتسامتك
وأنت تقرأُ
ما نشرتَ اليوم من حزن ونار
في مقالتك الأخيرة
تماماً
مثلما طَعَنَتْكَ ذكرى
كيف تخدشني قضاياكَ الصغيرة
وأنا سبيٌّ مثل جدول
أرغموا مجراه أن يُنهي الخريطة ؟ .
...
صريعٌ جدول الحلم أمام الباب
مثل طابور ٍ من النمل
وقِفْلُ الخيل مغلق
مَنْ يفتحِ الأبوابَ كي تعدو إلى صدري
وتغرسَ تدمراً
عند التقاء بنفسجيْن
من قُبلاتيَ الأولى إلى زينوبيا
امسحي دبقَ البحار
فأنا أحاول أن أصلي اليوم عندك
كي تُسْقِطي عني الفجيعة .
...
يا امتدادي
الجمْ دماءك بالتراب
فالبحر عطشانٌ صباحَ اليوم
عند فَكِّ الواد
وأنا مصابٌ بالتخثُّر
خارج النخل وعكا
يا أسوارها
هل تسمحين
أن نعصر الميثيولوجيا
ونُلْقي
قبعةً لفجر ٍ ما إليك
وهل تسمحين
أن تَتَفَتَّتُ كل المنافي دونك
وهل تسمحين
أن نمسح البحر َمن صوتنا
لكي نتهجَّى البلادَ بدون تميُّع .
...
يا عنباً حول غزّة
قد عَتَّقُوكَ بمرج الزهور بكاءً
أن نعصر الميثيولوجيا
تماماً
مثلما أبكي على مَسْخِ الرجال إلى نبيذ
بعدما
ملؤوا انتفاضتنا عرائش
واخضراراً هائلاً في القلب .
...
اصمدوا
حزيرانُ قادم
خبيثٌ حزيران هذا
عند استواءِ الفواكه داخل " تل الربيع " (1)
وعند احتراق المواسم في حلمنا .
...
جيدٌ أن تستفيقَ اليوم من غير ثلوج
جيدٌ
أن تعصر الميثيولوجيا
وتُلْقِي بياناً جديداً
للوكالاتِ الهزيلة
وهي تجمعُ ثلجكم
وتلقِيهِ
كخبز يابسٍ للأنبياء
وهم حفاةٌ حول المسجد الأقصى
وفوق رؤوسهم
وَحْيٌّ مُجَمَّد
مثل سحابةٍ بيضاء من ثلجٍ وأدمع
الوكالات
تحرق خبزَكم
وتعجنكم فطيراً طيِّباً للمترفين
أوقفوا نزف الحكايا
من ذكرياتٍ ترتمي حول الكلام
أزيحوا
من فوق هذا الجسم أَنْهَارَ الخيام
واغتسلوا
بصخرة الإسراء
البردُ منقطعٌ للحظة
أُخرجوا
وادخلوا في آلة التصوير غاباتٍ من النخل
أكملوا دورةَ الأرض
وطوفوا حول يافا
أَلْفُ عصفورٌ سينطلقُ .
...
هنا
بين تلك الأصابع ِ
قاومتُ روما
هنا
بين تلك الأصابع ِ
وحين قطفتُ جيوشَ " صلاح الدين " من الأمنيات
مَرَّ سيلٌ من زغاريدٍ على الشهداء
فاضتْ حدائقُهم على كتفي
كيف أحملُ كل هذا الوجد وحدي ؟ .
...
هامشٌ نحنُ
يمتدُّ كالسرطان في كتبي
وأحلامي
وصوتي
كَفَّايَ عاقرتان
كيف أُوَضِيءُ الأنهارَ من حلمي
ومن عزفي
كيف أمرُّ " كالموّال " في ريق ِالحدائق
وفي جذوع البرتقال ؟
كيف أضمُّ أصحابي بكل مطار ؟
كيف ؟
اغفروا شكل الخيام
قد قَيَّّدَ الفقهاءُ " مالكَ "(2) في " المدينة "(3)
من يَقْوَى على فتوى رجوعك من "مرج الزهور"(4)؟!.
...
أن تعصر الميثيولوجيا
تماماً
مثلما يبتلُّ " العاصي الثاني "(5) بأحماض القذائف
تتعفنُ الجغرافيا بالمهزلة .
...
من لَوَّثَ الأضواءَ صُبح هذا اليوم
رائحةُ النهار تصيبنا بدوار
هذا نهارٌ غامقٌ لا نبضَ فيه
مُعَلَّبٌٌ منذ الهزيمة
كل فجرٍ نستحمُّ بنكسة الأخبار
والعصافيرُ ذبيحة .
...
امنحيني كَفَّكِ
تعويذةً للكرمل
مَلَلْتُ من التداوي كل يوم
كلما داخَ اتجاهي
وَجَّهْتُ ليمونَ البلاد إلى دمي
كَمَّادَاتِ من عشب الخرائط فوق رأسي
آهِ يا رأسي
مليءٌ بالذُّباب وبالطموح
وبمُنْتَهَى الشهداء .
...
أن تعصر الميثيولوجيا
تماماً
مثلما
اقتربتْ يداكَ من الضباب
لتشرب القهوةَ في يافا
صباح الغد .
وشم الجمال
08/09/2008, 16:57
المنفَى
حمضٌ مسكوبٌ فوق الجلد
وأنا أتآكلُ
جَدّاً ... جَدّاً
نبضاً ... نبضاً
يا مطرُ
لِمَ لمْ تأت ؟
وتغسل هذا الحمض
سمائي مُنَتّفَةُ الغيم
وأنا أرتجفُ من الصحو ِ
الثلج كثيرٌ في جسمي
خنقَ الأنهار
لا خبر يفرح
لأن النساء بعيداتُ جِدّاً
واليخوتُ جوامد .
...
قلبي نهرٌ متقوقع ٌ
ومنزو في الرفّ
مكانهُ خواءٌ لا يُطاق
ريحٌ عاصفة ٌ
كرةُ ثلجٍ تنزلقُ على تجاعيدي
تكبرُ .. تكبرُ حتى ابتلاعي
من له القدرة أن يوقفها
أُعطيه كلَّ الدوالي
فضاءً صغيراً له .
...
قلبي مفتوحٌ للريح
النبضُ صريرٌ مزعج
ينقرُ رأسي طولَ الليل
يبلعُ كلَّ الأنهار المكتوبة صبح الأمس
لا يتركها ترسمُ خارطةً لخَضار
قلبي مفتوحٌ للريح لتزعق فيه
نزعتْ بمرارة
صورَ الشهداء من الجدران
وقضايا صغري
أَلَّفَهَا العشاقُ بلا وعي ٍ ... شِعراً .
المنفَى
أسوأُ عنوان
ما إن يبتعد شموخُك
حتى يتمدد قَصَبٌ وحشيٌّ حولك
يطعن بحوافٍ من ريح ٍ
تنحتُ قسوتَها في جذعي
تدوسُ على أوراق القلب الساقطة على طرقٍ تهوي
تتشبثُ أضلاعي بغصنٍ من صور الأصحاب
أتدفّأُ من جمر الأصحاب .
ذاكرتي
قِطْمِيرٌ حاولَ أن يستجدى الطقس
ويغطيني
لا من لمسة ماءٍ تفرد كفي سعفاً
ذاكرتي
نهرٌ مَرّ بيافا
فامتلأَ ضِفافا .
المنفَى
قِفْلٌ للأرض
تخرج من صندوق الدنيا مرتجفاً
شِعْرُكَ منفى
صلاتكَ منفى
وجهكَ منفى
و كُوفِيَّتُكَ الآن
صراخٌ مشلولٌ فوق الجدران
إياكَ وأحلامِ لقاء
لا تحلم ْ
أحلامكَ أحصنةٌ ربطت أطرافكَ بحوافرها
وتناءتْ
فَتَجَرْجَرْتَ
لا تحلمْ كي لا تتمزق .
شمسُ المنفى تفتحُ فكَّيها
تأكل كل طموحك
الضوء عذابٌ حين يكون رتيباً وسخيفاً
حين يطلّ بلا جدوى
داخل منفاك
وداخل سجنك
تَتَشَبَّعُ كل خلايا جسمك منه
تكاد بأحلامك تخضَّر
وتورق أجنحةٌ لك
تكبر ُ.. تكبر ُ
وترفرف
لكنك تُصْدم
بجدار السجن
مسكينٌ أنت
ضحك الضوءُ عليك
أعطاكَ تذاكرَ وهمية .
...
جرحك لا يهدأ
تأتي من رحلتك وتفتح باب الغرفة
تُشْعِلُ نبضَ الضوء
تنبض ألوانُ العلم المفروش على الجدران
ترمقكَ الصور ُالنازفةُ عليها
يُفتح جرحك
موسيقى هادئة ً
وكتابَ قصائد
يتحولُ جسمُك لمآذن
وصفوف كراسي
تُجْلِسُ أحبابَك فيها
تقف أمام تشوّقهم
و تُرَوِّد *
...
مسكين ٌجسمك
نواةٌ معطلةٌ عن تَفَتُّح
جذر ٌبليدٌ بأقصى الصفوف
مهيضٌ تحت زجاج ٍسميكٍ يُسمى :
وثيقةَ لاجئ
جَرَحَتْكَ عميقاً ؟
لا تحزنْ
جذوركَ صاغتْ عُشّاً ليمامٍ فوق الكهف
نبضكَ
يتمدّد فوق الباب
بيوتَ عناكب
لا تحزنْ
الكفار سينصرفون بعيداً
فاحملْ جرحَك واتبعني
وشم الجمال
08/09/2008, 16:58
نبضكَ - يا مسكين - ضباب
يملأُ نافذةَ رؤاك
يخنقُ أنفاسك
يطعنك بعنفٍ في كل محاولة تَفَتُّح
احذر ْ
لوحاتُ طموحك ينهشُها صدأٌ فتّاك
يمتدُّ من اللون الأول في روحك
حتى خطِ حدود النرجس في بلدك
هذا الجسد الناحل
مسجونٌ بين وثيقتك الباهتةِ الجذر
مسكينٌ دمعُك
جَفَّ من الحُرقة
اجمعْ ما بقيَ لعظمك من لحمٍ وعرائش
عسى أن تنهض
بطِّن صومعتَك
اسكنْ داخلها رصاصاً مدفوناً في الرمل
لا وطنَ لديك
اصدأْ كما تبغي السياسة
اليافطاتُ تمرّ في أذني بلا معنى
أحلامنا اهترأتْ
تفتّتتِ البشارةُ عند أول الأخبار
لا كفان لي لأجبرها
" مِثْلَ الزُّجَاجَةِ كَسْرُهَا لا َيُجْبَرُ " .
...
أنا صدِيءٌ بما فيه الكفاية
لا مطر ٌعلى قلبي
ولا أحلام
أنا الآتي من الوجع ِ
على كتفي نهار ٌذابلٌ لا حَدََّ له
كيف أَمُرُّ في الأخبار حُلْواً يافعاً
وألفُ قُفْلٍ في براعمنا ؟
كيف أهرِّبُ الأنهار َ في قصص الغرام
وألفُ صحراء ٍتعاندني ؟
كيف تضمني لغتي نبيّاً من قرنفل
وألفُ سدٍّ بين غاري والبشر ؟
كيف ؟ .. كيف ؟
أأطلعُ يا صحاب
أأحتملُ الرجوعَ إلى كيان النرجسة
أتحتملُ الجسور َرجوعَ أغنيتي
وبين أساسها صدأُ الممالك
أنا صدِيءٌ بما تُملى السياسة
لا نُضْر لي
رسائلُ الأحباب/ كيمياءُ التعازي
محاريثٌ لأطنان الصدأ
أستغلُّ تفكُّكاً في نقطةٍ بالعمق
كي أنجو بضوئي
ليمدَّ جذراً في الشقوق .
...
جلدي تآكل
لا سقف للنجوى إذن
ولا للأغنيات
لا أرض للتطريز المقدسيّ على تفتُّح صدرها
ولا دبكات
منهارٌ تماماً
مثل مئذنةٍ أطاحتها القذيفةُ فجر هذا اليوم
البلاد تخون مخلصَها
تَحْقِنَهُ بفقر ٍ دامسٍ ضَنِكٍ
جلدي تآكلَ
جيشٌ من الصدأ اللعين اجتاحني
هل يسيرُ العالمُ المجنون عكس الزنبقة ؟
إنه الصدأ المكلَّس فوق جسمي
قارةٌ قصوَى من اللعناتِ
والخنقِ المُبَرْمَج
صدأٌ يُحوِّل صرحَ قامتنا إلى حشرة
صدأٌ يفتّتُ حلمنا
ويهمِّشُ التاريخَ
محقونٌ فضائي بالضمور
مطحونٌ مدايَ بألفِ جور
من العراق إلى اليمن
وأنا أئنُ
أنا وَهِن
قارةٌ قصوى من البرد
لا كوفيةٌ للدفء
أو كفٌّ تَحِنُ ...
ولا وطن .
_________
وشم الجمال
08/09/2008, 16:59
أَقْعَى بجانب وَحشتي
عند الخروج من الهزائم
عَوَّى
وأشعلَ داخل قَبْوِ فرقتنا عيونه
عيناهُ جزء ٌمن بريق المرحلة
الكل مُؤتَنِسٌ بها
وأنا الوحيدُ بلا أنيس
كلما قاربتُ للنسغ ِ
ارتعدتُ من التنابح خلف ظهري
يا أبا جُعْدَة
اتئدْ
أحتاجُ شيئاً من صفاءٍ كي يمرَّ الأنبياءُ إلى نشيدي .
...
مَنْ رفيقي في ظلامٍ قارسٍ ؟
الذئبُ ساعتُنا التي عَوَّتْ على الجدران
فانضبطتْ فرائسُنا
إلى سجادةٍ فُرِشَتْ على البحر المقيت
وانضبطتْ تروسُ نشيدنا
لتحية القرف المخيف .
ذئبٌ على مَرْمَى طموحي
مزّقتْ أنيابُهُ طرفَ الحصير
وليس لي جسدٌ يُمَدَّدُ بارتياحٍ بعد ذلك
الذئب ينهش قامتي في كل عامٍ نخلتين
يا أيها الرعبُ المحاطُ بكل مطلع نرجسة
هذا دمى
خُذهُ لِتَطْلُعَ بارتياح ٍ
وابتعدْ عنها لتنمو
كيف تجثمُ صخرةٌ فوق البراعم
كيف يفترس العواءُ أصابعَ الملَك الملازم لانتمائي
من سينشلني
والأفق يسكنهُ العواء .
...
عواء ٌ
كَزِرّ ٍ مزعجٍ في ياقة الليل
أُجْبِرْنَا عليه ولم نقاوم
عواءٌ
ينمو كصخر ٍ حول رأسك
داسَ الخريطةَ ثم أقعى فوقها
كالحامض الماكر ،
مُتَآكِلٌ جِدّاً أنا
في كل ليلٍ تزدريني قوتي
يا أبا جُعده
مستنقعٌ جسدي وأنت تجثم حوله
لا نار فيه ولا رصاص لتبتعد .
...
الجوّ قاتم
غمامةٌ خرجتْ من الكوفية العانس
وغادرتِ المكانَ إلى كتابٍ قارصٍ
حيث الجنود الحامضون
يرتلونَ نشيدَ عودتهم إلى القِشَرِ السميكة
عائدٌ ذئبُ الحكايا
سمِّمُوا هذا العشاء
فسوف ينهشهُ معي .
لقد كرهتُ مفاصلي
تخشى يدايَ من التمدُّدِ
ركبتايَ من المسير
فالذئبُ يسكن قرب أول منحنى
خمسون عاماً تحت قوقعتي
مللتُ من البُزَاق
نصفُ أنهار البلاد استهلكتها غُدَّتاي
ونصفها لم يستوِ
كيف ينضج نهدُها
ولا كفٌّ ترويها بكل مساء ؟ .
...
من يبتهل لي
صدر البلاد الضامر الشتوي
لا يروي مآذننا
جفتْ زخارفُ مدخل المحراب
والأنبياء تفتتوا
سقطوا تراباً
الذئبُ غصَّ بعظمةٍ فاهتاج
هاج الترابُ
أسرى سريعاً للأفق
التصقَ التصاقاً بازرقاق الجلد
أناملي انتفختْ كأعواد الثقاب
قَدَحَتْ بدعوة مظلومٍ على الأفق
فاشتعلتْ
كيف أهربُ بالنبوّة
والأرض تلبس جلدَ ذئب ؟ .
نِصْفُ يافا في الدقيق ِ
ونصفها في الماء
والعشبُ فاصل
الخبز لَمْ يَنْمُ على سطح اكتفائي
الأيادي هاجرتْ من نصف قرن
معظم الأيدي الخبيرة في العجين
ماتتْ
لا خبزٌ على الصّاج
طَقْطِقْ يديكَ على الحديد
كي ينام القوم
وينسوا جوعَهم .
خيطُ الزخارف فوق صدر " الناصرة "
فَرَطَتْهُ " مريم "
صدرُها عارٍ ولا سَتْرٌ هناك
ومن أجدَى بستر
البتول ... أم المدينة ؟
إنها لغة التبادل بين عاجزتين .
الجنود تغيرت أشكالهم
رضعوا من الصخر المجاور للدناءة
لم يرتضوا صدر النَّهَر
شربوا البِرك
شَعْرٌ كثيفٌ اعتلَى أجسادَهم
تَقْطِيبُ جبهتهم أَضَرَّ الجمجمة
استدقت مثل جمجمة الذئاب
تحلَّقْنا بخوفٍ حولهم
عندما
غَصُّوا بأرضٍ كاملة .
...
يا أبا جُعدة
تحياتي
لستَ مُقْلِقَنَا الوحيد
ولستَ منهجنا الوحيد
نريدُ ليلاً هادئاً ،
كلما اشتدَّ العواء
امتدَّ خدشٌ في السماء
جلدُنا المصنوعُ من قُبَلِ الأمومة
ومن مياهِ القَطْر
أرقُّ من الندى
وأهمُّ من شَدْوِ الحصاد
أبعدْ نيوبَك مرةً عنِي
ليعرفني الغناء .
...
القحطُ عنواني صباح اليوم
كل سنبلة أُرَبِّيها تموتُ بصرختك
أكلتَ نصفَ قصائدي
صُعِقْتُ من المرارة والجفاف
أنت الذي الْتَهَمَ الغيومَ الآتية
وتركتَ سقفي عارياً
هل كلما استيقظتُ من حلم ٍ
أُحِسُ قوافلي
جذوعَ نخلٍ خاوية ؟ .
يا أبا جُعدة
- وليتكَ سامري –
أصنعتَ جسمَك من تصافحهم
وعظمَك من ضلوع الطاولات ؟
أَبَصَمْتَ كَشْرَتَكَ الأخيرة فوق صفحتهم
فصفّقنا ؟ !
إننا لغةٌ تعاندُ نفسها
كلماتها سقطتْ على عسل السياسةِ كالذباب
أجسادنا سِرْبٌ من النحل المهلل للسراب
ورؤوسنا أملٌ قديم
عشرون عاماً
ثم تسكن في المتاحف .
...
يا أبا جُعدة
- وليتكَ سامري -
أتصحبني إلى كهفٍ يُجِيدُ صناعة الرُّسل
أتصحبني إلى كهفٍ يشاركني البكاء
إني غشيمٌ في الأماكن
بُوْصَلَتِي عواؤك
يا نبييِّ
إنني المهزومُ والمجني عليه
والمحنّك في الضياع .
يا أبا جُعدة
افترسْنا الأنبياءَ
وانتشينا كل هذا الوقت
عَلَّمْتَنَا
أن نأكل القِيَمَ التي صَنَعَتْ نخيلاً في البلاد
فانكشفتْ شوارعنا لهم
ولم نقو َ
إلا علَى تكسيرِ زيتونةِ عيسي
بعد صلبٍ في المنافي
ازرع نيوبَك في الصميم
وانهشْ مآذننا
إننا نحيا بلا نبض ولا أحلام .
يا ذئبُ
لا جسم لي لتأكلني
ناحلٌ كالمرحلة
كُلْ فجرَنا القادم
واتركنا بلا أضواء
وشم الجمال
08/09/2008, 17:01
إلى روح الشيخ إمام
***
نبيٌّ تَنَزَّلَ فيهِ الغناء
فصارَ إمامَ الجروح الكثيرة
صار إمام الحقول
تَنَزَّلَ فيه الغناء
وأنبتَ سنبلةً حول ليل القرى
أضاءَتْ مئات البيوت بتقوَى النشيد
تمايلَ شعبٌ بأكمله
نبضُهُ الآن فِتْنَتُنا
لافِتَةٌ في التقدم
هتافٌ لمجموعةٍ تحتمي في النهار الأخير
تحاول نبشَ السماء ليمتدّ سعفٌ
أتاها على حين ( غنوة )
صليبُكَ عودُك
جَرْجَرْتَهُ في طريق الألم
يُدَنْدِنُ
كِلاَ الجانبين شهودٌ على الدّنْدَنَاتِ الجريحة
كِلاَ الجانبين استحالوا مشاعلَ إِذْ مَسَّهُم وَتَرٌ كالفرات
كِلاَ الجانبين استحالوا بكاء ً
على واقعٍ يتنافرُ والأمنيات
كِلاَ الجانبين استضاءوا وضاءوا .
...
رَنَّةُ عُودٍ
تُفَتِّحُهُمْ قُبْلَةً للجنود ( الغَلاَبا)
رنّة عُودٍ
تُعَاوِدُ صُنْعَ الظهيرة
صعيدٌ بكاملهِ يسمعك
كأنكَ وحيٌ أتاهم على حين فأسٍ وحين حصاد
صعيدٌ بكاملهِ
يرقصُ الرملُ فيه
مُسّ برنةِ عودٍ فأخصبْ
وعادَ تلهّبْ
صعيدٌ بكامله يسكبُ النخلَ على قامة الفقراء
إذا ما تحمَّم بالأغنية
صعيدٌ بكاملهِ هزَّنا إِذْ تَغَنَّى أمامَ جُرُوحَاتِنا
يُجَوِّدُنا واحداً واحداً
يُمَرِّرُ فوق مآذننا المتعَبات يديه
فأُذِّنَ ذات ارتقاء :
حَيَّ على الرفض ِ
حَيَّ على الأرض ِ
فارتجَّ ماء .
...
نبيٌّ تنزّل فيه الغناء
توزّع قلبي على ( نُوتَةٍ ) في يديه
فأورقَ للفقراء خبيزَ حكايا
وندىً
على ماردٍ بارد الكفِّ بعد إصابته في النوافذ
تمدّدَ خارطة ً
يتحرك وردٌ بشطآنه عبرها
إنه دعوةُ الطُّوب للالتحام
دعوةُ الناس مدَّ الجذور على الأغنيات
دعوتهم لاصطحاب السماء بأحلامهم
واصطحاب القرار
نبيٌّ تنزّل فيه الغناء
فصار إمامَ الهموم
إمام الغيوم الولودة
إمام النجوم
هنا ( تِرْعَةٌ ) شَرِبَتْ لحنَهُ ذات حزن
فقامت تهزّ الركود وتمضي مظاهرةً للحقول
تمرّغَ طميٌ من صوته فوقها
فماذا سينمو بقلب الرجال بُعيد القطاف ؟ .
...
هنا يتدافع طلابُه لانكسار السجون
هنا صوتُه
أنا الآن داليةٌ نسيت نفسها فوق آخر مجموعةٍ من غِناه
أنا الآن تونس وهي تناضلُ بالاستماع
طرابلس حين بكىَ
وأهرامه حين جاع
أنا قامةٌ شَكَّلَتْهَا رُؤاه
وحلم صباه
أنا المتعاليِ بأحلامه فوقهم
أنا المتوليِ زنازينَهم بالأغاني
متى شاء هذا الضياء .
...
نبٌّي تنزّل فيه الغناءُ على أرض مصر
توضّأ بغداد
تيمّم قُدْساً , وصَلَّى
على كل قاهرةٍ في البلاد .
...
النيلُ مات
أين إمام المياه يُصلي بنا ؟
وأين يداهُ / عيونُ تراتيلنا ؟
النيلُ مات
نبيٌّ بكامله ينتهِي
( نُوتَاتُةُ ) في الصدور ودائع
فمن ذا يحرِّف ضوءًا بهذا النشيج ِ
وهذي الروائع ؟!
وشم الجمال
08/09/2008, 17:02
ويسألني نخيليَ عَنِّي
هربتُ من الخصب خوفَ السؤال
أيُّ الجذوع كفيلٌ بهزِّ يديَ بُعيد الشحوب ليسَّاقط الوجد
لا وجهَ لي في مرايا المياه
ولا ماءَ لي في الوجوه الصديقة
أنا قمةٌ في الجفاف
ومطلوبُهم كل هُدنة
وبيئةُ رعبٍ من الشائعات .
...
الريح مُدْيَة
وهذا العجاج جواز مروري لأسمائهن
أنا لا أمرُّ من المنفذِ المتراخيَ عند البلاد
حتى أُمَرَّرُ من سُمِّ هذا الخِيَاط
والريح واقفةٌ بالسياط .
...
الريح مُدْيَة
من يذبح الآن هذا الرسول الذي لَقَّنَتْهُ الخيامُ مواويلَها
فاقتنىَ حجراً للطريق
وآخر للرجم
من يذبح الآن هذا الرسول الكئيب ؟!
هذا الذي لم يصل قومه
أكلُّ محاولةٍ للوصول تثير الترابَ على مشهد الأرض ؟
تَبْلَعُنَا ، قبل تبليغنا بالنشيد ؟
رسولٌ يذوب قُبيل انطلاق المنابر
الجهرُ عاطل
هل ينبغي أن نُعَذَّبَ قبل الوصول ؟ .
...
الرملُ خارطةٌ بليدة
شربتْ معابرَنا الأنيقة فاختفتْ أقدامُنا
شربتْ نواصينا
ولم ينبتْ لنا خيلٌ طوال فجيعتي
إنني المسحوبُ من أقصى المدائن
من جذور بيوتنا
والمقيّد في قوائمهم
عاجز ٌجسدى
ذاهبٌ للرمل يومياً ليفنىَ
مفتّتٌ بالاحتمال
مُكَوَّمٌ في كل صوتٍ
هل أتاكَ حديثُهم ؟
إنني رملُ الحديث وأغبرةُ الخطابة
إنني ريحُ السَّموم الباهظة
الآن تفركني الإجابةُ عن سؤال القمح
خُبزاً للصحابة .
...
يا ريح ُ
نافذتي لئيمة
فتَّتتْ وجهي على أقصى المشاهد
لقَّنتني غربتى
وتقلّصي والانتظار
يا ريح ُ
خُذْ رملي بعيداً عن عيون القافلة
بدِّدْ مساحة قامتي في كل ساعات الرجوع
بين التروس أصابعي رمل ٌ
متعطلٌ هذا المدى
مُتَحَنِّطٌ وجهي على مرمى انكساري
وأصابعي ذَبُلَتْ صراعاً كاملاً ،
...
أنا راهبٌ في الرفض تعبدهُ الحقائب
التباعدُ شَعرة شُدَّتْ بأطراف المداخل
متعطلٌ هذا المدى
لا نبضَ لي
جسدٌ يمرُّ بلا نتائج
( رُوزْنامةٌ ) صفراءُ تقلِبها رياحُ الوجه
في كل صبح تنمحي لغتي
وأعود أرسمها على جسدي
فتذروها الرياح .
...
هاتفٌ يهوِي كفأسٍ في الضلوع
وجسمي مُنْهَكٌ في الحرث
داليةٌ تموتُ من الدموع
وأخرى تزدريني
الحرث لا يعطى ابتسامتَها على سعة الخطوط
تلك الخطوطُ مطيّتي
جسدي يُجَرْجَرُ فوقها , وكأنه
زمنٌ يسيلُ على الجفاف .
...
لَمْ نَصِلْ
خطوطُ قاطرتي عدوُّ القاطرة
الأنبياء بكوا بها
لن يصلوا البلاد
إني رسول عاجز
أَكَلَ القوافلَ كلها قبل الوصول
وأتىَ على ظهر الذئاب
إني رسولٌ من رمال
لا جغرافيا به
مُكَيَّفٌ للدَّوْسِ والإِخبار عن كل المقاصد
مُتَفَنِّنٌ في الكشف عن آثارهم
لا تمروا من خلالي
ستأكلكم رمالي إن أتيتم
كل صحرائي عظام
أفكارُهم عطشتْ وماتتْ في كياني
إنني الرملُ التقيُّ
أشربُ الأفكار َوالأحلامَ والدعوات
وأتركهم عظاماً .
...
هل كلما حاولتُ يافا
أنهكتني زهرةُ النَّرد اللئيمة
وانتصبتُ كخيمةٍ في الريح
احتمالاتٌ تُشَكِّلُنِي
ملامحي انقلبتْ مئات
عاريُ الرأس تماماً
جاهزٌ للقصف
مُتْعَبٌ .. مُتْعَب
يا إلهي
خلقتهم من طين
وخلقتني من رمل !!
____________
وشم الجمال
08/09/2008, 17:04
وفي كلِّ صبح ٍ
تُسْحَقُ الأمنيات قُبيل التوكُّل
تُلْقىَ ضباباً أمام العيون
هل كلما جاء ضوءٌ لوجهي
تلاشىَ بلُغْمٍ قديم
يلازمني مثل حظٍّ لئيم .
...
طريقٌ تجمَّع للتوِّ قرب ضبابي
وأضربَ عن رحلتي للمآذن
أنامَ الدعاءُ على حافةٍ باردة
ولم أرهُ بعدها ؟
أشُلَّ الفضاء ؟ .
...
بهذا الفضاءِ تنهّدَ جيل ٌ
وأُدْمىَ
كملحٍ تناثرَ في الجرح .
...
هم واقفون
وسدٌّ أمام البلاد تنامىَ
بأيدٍ من الإنس
هذا التقاعس
لا سوسَ يأكلُ عُكَّازَهُ
لينفر مَسْخٌ من الإنس أرهقنا ألف عام .
...
ملحٌ من العَرَقِ البشريّ تعلَّق في الجوّ
بعضُ القُرى أطلقُوه ضباباً
ثم اختفوا خلفه بالقرون
أين أُشاهد روحي
وكل بَيَادِرِنَا ترتمي في الضباب
أغلقتْ موسماً كاملاً
عبّأتِ الطينَ خوفَ انقشاع الفؤوس من الرئتين .
...
أنا ذاهبٌ عَبْرَهُ
وأُدْرِكُ أَنِي أُضام
وأنِي المفتّت بين العواصم
لا طينَ يجرفني من ضياع
ولا ماءَ ينشلني للنسيج .
...
أنا ذاهبٌ عَبْرَهُ
تلاشيتُ من صرخات الثكالى
من الخجل المتراكم فوقي
لا ماء للوجه
جفتْ وجوهُ الرجال
قوامٌ يهزّ بأطرافه للُّزُوجة
زمانٌ لزِج
تحياتُهم فاترة
أحاديثهم لا صفاءَ بها
دخانٌ يلوكونه ثم يمضون
ألا إنها القارعة
قارعةٌ فاترةٌ مائعة
عذابٌ أتاهم يناسب هذا البرود
ويمنحهم لا شعوراً بليدا
ألا إنها القارعة
وبعضُ العذاب
بأنْ لا تُحِس مساحتَك الشاسعة .
...
أنحنُ ضحايا الضباب المعاصر
ضبابٌ على الفكر
في الورد ِ
بين السطور اللواتي كُتِبْنَ لأشواقهن
ضبابٌ على الروح ِ
في العظمِ
بين العروقِ ..
أنا أَتَضَبَّبُ ياكُلَّ معرفتي
كيف أصافحكم والكفوفُ بُخار
الفؤادُ خيال
الكلامُ صَدَى ..
أنا أتضبَّب
لا وجهَ لي
ولا طميَ يرضىَ بجذر فُتات
أنا أتضبّب يا أغنيات البلاد
أَغيثوا قوامي
ضبابٌ تحلَّق حولي
ينهشني كلَّ يوم
صدأٌ فاتكٌ يعتريني
أسَّاقط كالملح
ثم أُرَشُّ ضباباً على وجبة الأرض
أذهبُ غَمّاً
أملكُ كلَّ المساحة زُوراً
لن تستدلّ الرسائلُ عني
لا بيتَ لي
عريشةُ حزني تمزقني
اقطفوا أصدقائي عناقيد روحي
وامنحوني غناءً حميماً
حميم .
وشم الجمال
08/09/2008, 17:04
إلى طاهر على بو سنينة
مِنْ أربعين ربيعاً
أُسائلُ شعريَ عن سِرّ بسمتك الوارفة
ألستَ الذي منذُ خَطَّ (جمالٌ ) إليكَ
تَبَسَّمْتَ حتى النهاية
تيمَّمْ – يا طاهرَ القلب – أسماءَ أوتادِنا
أسماءَ شطآننا
ذُرانا من الإنس
لكَ الحقّ بكل نهار ٍ يجيء
يُقَبِّّلُ أشياءك الغافية
فها هو ناصر
يوقِّعُ فوق فضائك إسمه
هو الآن عطر ٌيفوحُ بأقصى تِلالك
وريحانةٌ تَبْتَنِي عشَّها – أبداً – في مدارك
فتوقيع ناصر
سراجٌ يسامرُ كهفَ الزمان الطويل
يؤنس عمرَك بالمفخرة
شهابٌ يمر بكامل قامتك الباسمة
قطيعٌ من المزن يغفو على كتفيك
وهذا اخضرارك صفّق لحظةَ توقيع ناصر
وأزهرَ مليونَ نبضٍ بأحلىَ حكاياك َ
يا طاهرَ القلبِ
احملْ وسامَك
طرِّز لها الأصدقاء جميعاً
رقِّصْ لهُ الكائنات
أنتَ الذي تملك الآن نبضَ الزعيم
وخطَّ الزعيم
انحتْ لهذا النشيد سرورَك
افتحْ نوافذَ بيتكَ قاطبةً
للعصافير التي ترحلُ الآن نحوكَ بالتهنئة
وترجعُ بالطَّمْأَنة
فتوقيعُ ناصر
ثروةُ جيلٍ تعايشَ في ذروة الانتماء
أبرِزهُ
سوف أنسفُ كلَّ الصخور من الصدر
وأسحبُ شمساً إلى نفسيَ المعتمة
أُفَجِّرُ نهراً لأَتْعَبِ أرضٍ ملكتُ تجاعيدَها عُنوه
أبرِزهُ لي
لجيلٍ تضامرَ من قِلَّةِ النبض
ومن وطأةِ الْمَسْغَبَة
أبرزهُ ضوءاً
فأيامُنا مُتْعَبَة
__________
وشم الجمال
08/09/2008, 17:06
جَدٌّ كمئذنةٍ أطلّ
فاتنٌ بالبسملة
زاخرٌ بالخير والدعوات والحلوى
يقرئهم سلاماً
وسؤالاتٍ عِذاب
كلهم - أحفادُه - قاموا إليه
يتعلقونَ عليه لبلاباً وشوقاً
يتسلقونَ بروجَهُ
فامتدَّ نعناعٌ عليه
يرتوِي ضحكاتهم
أُنظرْ إليهِ
جُيُوبُهُ احتلَّتها أيديَهم
تُفَتِّشُ في فضولٍ
كومةَ الأوراقِ والصور الصغيرة والنقود
فاغرورقتْ عيناهُ بالوجدِ
هذا البِنَاءُ من المشاعر
قامةٌ من زَقْزَقَة
تسكنهُ عصافيرٌ كثيرة
صاخبُ الأعشاش والنشوى
كل عُشٍّ لحفيد
وكل نبضٍ لرؤاه .
...
داخِلٌ للدار
حاملٌ كتفيْه أنهاراً مُهَيَّأَةً لقفز صغاره فيها
فارِداً كفّيه فانطلقتْ فراشاتٌ ملونةٌ كثيرة
واستراحتْ فوق أجفنِهم
فضاءً من حكايا .
...
داخِلٌ
أعلىَ من الأضواء والشجر القديم
انْحَنَى غُصْناً مليئاً بالفواكه
ظِلُّهُ قُبَلٌ تضمُّ نحولَهم حُبّاً
وتجمعهم إليه كضمتيّ ريحان
يا ظلَّه
يا ضوءَ تُربتهم
ودفءَ عروقهم
ياواسعاً بحُنُوِّكَ العالي
يستريحُ على محيطكَ لغوُهم أسرابَ ( لُوتس )
يتفيَّأُ الضحكُ الجميلُ لثغرهم نبراتِ صوتك .
...
داخلٌ
وبسمتهُ نهار ٌدافيءٌ
شمسٌ خفيفة
لامستْ أحفادَه
قَبَّلَتِ الجفونَ فمرَّ طيفٌ من رُؤى
بسمتهُ
حماماتٌ تحطّ على أياديهم
تُقَبِّلُ حلمهم
وتلتقطُ النسيمَ من الأصابع .
...
مضيافُ هذا الجَدّ
لا يدخل الدار َإلاّ حاملاً ضيفاً من السِّيَرِ القديمة
يُجْلِسْهُ في الوجدان
يُسْكِنْهُ حول جِنانهم
بطلاً يمرُّ على حصانٍ مارقٍ كالسهم من جنب الرؤوس
يهتزُّ شَعر جبينهم من ريح هذا السهم
كم مرة ركبوا بساطَ الريح
كم مرةً سلُّوا لعنتر سيفه وهو في كنف الضيافة
كم مرةً رحلوا مع الأفكار في مدن البخور
هاموا
ولولا القبضتان على الخدود
لنسوا رؤوسَهم الصغيرة في الخيال ،
مضيافُ هذا الجدّ
قسماتُهُ
آثارُ أنهارٍ عتيقة
نحتتْ قساوتَها وغاضتْ
في أيِّ قرنٍ صافحتْ هذا المدى عرقاً وبؤساً
في أي يومٍ خدَّش الحزنُ جبينَه
وجهُ هذا الجدّ أرضٌ جائعة
تُسْقَى
إذا لعب الصغار ُعلى ثراها
يسحبون بلغْوِهم تلك الخطوط
ويفردون الكَرْمَشَة
وجه هذا الجدّ أرضٌ جائعة
تُسْقَى ببسمتِه إليهم .
...
بسمةُ الجَدّ
سحابٌ لامعٌٌ
بلّل الزغبَ المطرّز جلدَهم
فتضاحكوا وتدافعوا وتسابقوا
حول ماءٍ يستحمُّ على يديه
قرنفلا .
...
بسمة الجدّ
غصونُ كمثرَى تَمِيلُ من الحلاوة
حقلُ كَرْزٍ باهرٍ
سحبٌ ثقالٌ من عذوبة
يتظللُ الأطفالُ من قيظٍ طويلٍ تحتها
ظِلُّ بسمته
شِغافٌ لُفَّ حول قلوبهم
فتفيّؤوا بالنبضِ عُمراً كاملاً
ظِلُّ بسمته نسيمٌ منعشٌ
يتنافسون ليلقطوه
ويسكبوا أجسادَهم فيه كحبات الندى
ظلّ بسمته حواديتٌ صغيرة
يزرعَها بتربتهم زهوراً وحبق .
...
بسمة الجدّ
فرعُ لوز ٍ
مُدَّتْ محاليق إليه
فاستراحتْ هذه الكرماتُ دهراً من سرور
واخضرّت رُؤَى
وشم الجمال
08/09/2008, 17:07
إلى روح الكاتب المسرحي محمد إدريس
***
أتذهبُ ؟!
مازالَ في القلب بعضُ حديث ٍ
وبضعةُ أنهار لم تكتشفها يداكَ
تجمَّدَتِ الآن
فانشقَّ قلبي من الطعنِ فيه
ألستَ الذي مرَّ قُربي فُراتاً كبيراً من الأصدقاء
ألستَ الكيان الذي أشعلَ العشقَ حول المدينة
ذات جفاء
أيا صاحبي
أتيْنا من القحطِ ، كُنَّا سويّاً
كُنَّا سويّاً نُلَمْلِمُ أقواتنا من غيوم ٍ بعيدة
نُخَلِّطُ نبضي ونبضك
نضحكُ ملءَ رغيفٍ من الخبز
ارجعْ
هناك رغيفٌ تمنَّى نضوجَكَ حوله
تمنَّى اتساعَك
تمنَّى التمدُّدَ حول دواليكَ ظُهْراً لينضج ،
إليكَ خرافاتنا كلها رفقةً للطريق
تعالَ لتأخذ آخرَ نُكته
وآخر بقعةِ ضوء على ريشِ هذا الغيابِ
وهذا الغيابُ
غيومٌ حُقِنَّا بها في الوريد
يبابٌ عظيم
يفتّت أضلاعَنا فوق ملحٍ عقيمٍ لتبتلّ ذاكرةٌ بالمصيبة
نواقيسنا اهترأتْ وهي تندبُ فوقي عصوراً من الموتِ
غيمٌ نحاسيٌّ تعالىَ وأغلقَ زرقتَنا
أصواتُنا شجرٌ يتكدّسُ في عُقْلَةٍ من زجاج
وهذي العيون التي تَعْمُرُ الوجه
ضوءٌ تَعَضَّلَ مُذ ْ لامسَ الرملَ
أين يمرّ انطلاقي
وأقدامنا نبتتْ من توتّر
من نقطةٍ في الفراغِ ووَهْم
وَهْمٌ كياني وصوتي وفكري
وهَْمٌ أنا
حفيفٌ ضعيفٌ يسيلُ على الأذنيْن ويمضي
فيا صاحبي المستمر إلى حيث لا يعلم القلب
اصنعْ لنا في زجاجِ ( اْلهُنالِكَ ) وادي انتظارٍ لنهرِ رجوعي
هَيِّيءْ لنا قطعةً من حريرٍ تليقُ بروحٍ تلاشتْ أمام دموعي .
...
تألقتَ فينا
تشكّلتَ فينا
تدفّأتَ فينا
و ( فينا ) التي قد تُحِب
مُزَلْزَلَةٌ للنهاية
مُمَزَّقَةٌ للألم
مُضَوَّعَةٌ للنحيب
انسرقَ القلبُ يا صاحبي
اصفّرَ عشبٌ على سطح أرواحنا
إليكَ نهاري
نهاراتُنا كلُّها نجمةٌ للذهاب لبَرٍّ بعيد
عيوني تفتّت هذي المشاهد
تمزقها إرباً
أين أنتَ من الصوت والضوء واللون والذاكرة
شروخٌ تُلَفُّ بأعصابنا
نضمر ُ
تأكلنا قسوةُ البُعْدِ
تنهشُنا
يا آخرَ الطيِّبينَ انتهينا
تركنا العيونَ على آخرِ الكلماتِ
فُقِئْنَا
فضوءُ الصباح يفيقُ كلَبْلاَبَةٍ زُنِقَتْ في العيون
يا آخر الطيّبين
مازالَ في البالِ شيءٌ أزيدُ به بسمتَك
تعالَ وخذهُ سلاماً وحِنطة
فالدَّرْبُ أطول مما تخيلتِ الأمهات
ومما توقَّعه الحكماء
تعالَ
هنا بعضُنا في انتظارك
وبعضٌ يعيدون صنعَ نهارك .
___________
وشم الجمال
08/09/2008, 17:08
رثاء في روح الشاعر / علي الفزاني
***
شرخٌ بقامتنا جديد
نزَّ ماءُ الروحِ يبكي من شقوقي
وأنا أنا
مليءٌ بالفواجع والضياع
غيمي تكدَّس قربَ كفي الضامرة
مسحَ الترابَ على أصابعها وذاب
تكفَّن في الأظافر واللسان
ولا عليّ لنا
ولا عليّ للوردِ الحميمِ
ولا عليّ اليوم للشِّعر الأليم
ولا عليّ ..............
...
يا عليّ
يامُزْنَةً رفعتْ فضاها سعفةً
ألقِ إليّ تحيةً أخرى انتظرتُ
وما أتتْ
مازالَ في الصُّبحِ احتمالٌ لسؤالك
ألقِ إليّ
مازالَ في الروحِ مجالٌ لمجالك
ألقِ إليّ بأَنْهُرٍ أخرى
انتظرتُ وما أتتْ
أستسقيكَ بالصلوات أن تهمِي على لغتي شجوناً
وانكساراً آخراً
أدمنتُ حزني يا صديقي
ضاعَ اتجاهُ البرتقال عن النشيد
ضُمَّ كفي قبل تسلِيم المدائن للنهاياتِ الأليمة
أنا في انتظار مرورك العالي
ولنْ تأتيِ
كفي يفتّتها الحنينُ ولا عليٌّ للندى
وجهي تساقطَ كالتراب ِ
ولا عليٌّ للملامح
قلبي تشظَّى في الفراقِ
ولا عليٌّ للِّقا .
...
أُعطيكَ نصفَ قصائدى
تبني بها حُصُراً ومئذنةً هناك
الناسُ قربي مزّقوا حُصُرِي
بأنيابِ العواء
هدَّموا صوتي وعاشوا في فضائي بالشقاء
وأنا نبيٌّ للمواجع يا عليّ
أَتَذْكُرُ ؟
كانَ صوتُكَ رأفةً زرعت سلاماً في القلوب
كان صوتكَ زورقي
هو صوتُ شاعر
يعتلي خيلاً مُصاغاً من رؤانا
هو صوتُ شاعر
يستريحُ تحيةً وجَمالا .
...
شجرٌ تشابكَ حول روحي
قلبي يدقُّ على صفيحٍ ساخنٍ
مُتَدَرْوِشاً يبكِي ويزْبد
يغمد سيفَه في النبضِ
يؤلمني
وأشهقُ يا عليّ
أشهقُ
أنتَ تعرف شهقتي
كيف التحمتَ وراءها
زمناً طويلاً من شجن
كيف انقبضْتَ كحامضٍ صَهَدَ الخيالُ على جحيمه
أنتَ تعرف شهقتي
مُرٌّ مذاقُ الأكسجينَ وخانقٌ
مُرٌّ بلا أرضٍ لأقدامي
ولا أهل لهمِّي
البلادُ استنشقتْ ماءً لنَفْيِي
غصَّ زرعي كلُّه
وهوى الرصاصُ إلى الجليد
أنتَ تعرف شهقتي
عجِّلْ بما ينمو على الأرواح من عشبٍ وراح
أرواحكم
جمرٌ يُدَفِّيءُ ما وراء الأسئلة
يبنِي لها الأعشاشَ خمراً لازماً للصحو
أرواحكم
لغةٌ تفكُّ طلاسم الُّدنيا وتُمْعِنُ في الحقائق
لكننا الطُّرشان لا نَشْفَى
يشفينا المماتُ ... ولا نموت .
...
نحن قومٌ من رمال
تفتّتنا الرياحُ أو الشجونُ أو الأبد
ننهارُ في لحظات لو مَسَّ الصراخُ جلودَنا
ونعودُ نبنِي نفسَنا بالكدِّ
كُتَلٌ من الأعصاب تحملنا
أعصابُنا رملٌ وماء
ما إن نَحُسَ بفَجْعَةٍ
ينزاحُ ماءُ الإلتصاق
نجفُّ يأساً أو فراق
نبكي طويلاً لالتصاقِ رمالنا بالروح
الدمعُ منقذُنا الوحيد من التفتت
لا تلوموا دمعَنا
هو نهرُ آخرةٍ تَجَمَّعَ من دموع الفاقدين
معبرُ الروح الأخير إلى السكينة
يا عليّ
خُذْ ما تبقَّى من ضلوع صدورنا
جَدِّفْ بها نحو السكون
اهدأْ بشكلٍ لا يليق سوى بشاعر
بلباقةٍ وأناقةٍ اصنعْ هدوءَك
جسمُك الكونيّ أرهقهُ التواصلُ والتحادثُ والكتابة
هيِّيء لهُ ضوءًا هناك
ضعهُ بجانب نجمةٍ ودعاء
انْسِجْ عليه من القصائد ما جَهِلْتَ عن الوراء
انقرْ بروحِك في جذوعِ الفجرِ
يأتيكَ الضياء
ببكائنا اليوميّ نستجدِي ملاذَك أن يُشِعّ
بخُضرة ٍ وعلاء .
...
يا عليّ
هَلاَّ استلمتَ رسالةَ الغفران من أيدي المعرِّي
هلا اجتمعتَ برَبْعِنَا
وتَلَوْتَ شِعرك في الأماسيِّ الرهيبة
أَدْرِي تلهّفك العظيم عن الحيوات التي قُرِأَتْ علينا
هل كائناتُ الشِّعر تسبحُ في الهدوء كما نُحب
أمْ في ضجيجٍ من صراخ .
...
يا عليّ
يا مَنْ يسافر
زاده
قوتُ القلوب – قلوبنا –
احملْ وصايانا لعالمك التقيّ
ابعثْ لنا
مَدَداً .. مَدَد
مَدَداً كمحلاقٍ تعلّق في النفوس مواعظاً
عناقيد انبثاقٍ للجموعِ إلى الجموح
قَطِّرْ لنا ضوءًا وحُبّاً
الكونُ أدمنَ ظلمةً ودمار
ابعثْ لنا عشباً نذوِّبَه
لنشفَى من طحالب حقدنا .
...
يا عليّ
هل أكتفِي بغصونك العُليا التي
عَرَشَتْ علي روحي مودة
هو ضوءُ نارك أَسْكَنَ الأحلام َ
في عمق الخلايا المستعدّة للصهيل
أَنْبَتَ الريشَ عليها
فاستمرتْ في التدافع والحديث
آهٍ .. حديثك
أيُّ معتقلٍ من الكلمات يحبسني
حين انفلاتك في الحكايا
كلُّ الأحاديث مياه
نشربُها
وتعود تشربها الخلائق
أيُّ عشبٍ يستفيقُ على الأحاديث التي
تركتْ شفاهُك
أيُّ طيرٍ يرتوِي لغةَ الحوار
هذي مياهُك غائضة
هربتْ من الأيدي إلى لوحٍ بعيد .
...
يا عليّ
يا رهينَ المحبسِ الأبديّ سَلِّمْ
سَلِّمْ على ذاك الفراغ المزدحم
سَلِّمْ على لغةٍ أَمِلْنَاهَا ولم نجدِ الحروف
سَلِّمْ على مُثُلٍ حَلُمْناها
وما طابَ المنام
على خبزٍ عجنَّاهُ سويّاً
نُعطيكَ أيديْنا .... فسَلِّمْ
نعطيكَ أفئدةً تنوءُ من النحيب
اطلِقْ سلامي
هل في فضائك فُسحةً لغسيلها
إننا نَعْيَا
ودونكَ يا عليّ
تتقافزُ الأرواحُ كالحيتانِ من جُمَلٍ حميمة
من جُمَلِ السلاماتِ ... الصباحاتِ
السؤال عن الجَّمالِ
عن قصيدة .
...
يا عليّ
إنِّي اقترفتُ جريمةَ الفقدانِ
فاغفرْ ضعفَنا
اغفرْ فجيعتَنا بشخصك
هذا أنا المنسيُّ بعدك
كل يومٍ يستبدُّ بيَ التفرُّقُ والرضوخ
هذا أنا المنسيّ
لا وطنٌ لحزني وانتحابي ..
يا عليّ .
_____________
وشم الجمال
08/09/2008, 17:10
قلبي على بيروت وردٌ ذابلٌ
طيرٌ يعاودُ ريشَه من طلقةٍ في الخصر
شِعرٌ يسيلُ على كتابٍ في الركام
قلبي اختناقٌ للكلام
وارتجافٌ مفجِعٌ مما أُصيبَ به الحمَام
قلبي ازدحامٌ الحزن ِ
ينحته الحُطام
قلبي على بيروت سربٌ جاهشٌ
نفضَ الهديلَ على دبابيس الأزيز
جُرِحتْ سماءٌ فوقنا
كم من الشهداءِ يلزمنا لتلتئم الجراح
كم من الطرقاتِ تعبرنا لنعبر من ثقوبٍ في الجناح
كم من الأطفالِ نطلقهم إلى سحبٍ بعيدة
كم من الجرحى يجرون الرمالَ إلى دماهم
قبل أن ينبت عشبٌ في قصيدة
قلبي على بيروت تهزمهُ المسافةُ
تتعبه الأناشيدُ التي حُصِدتْ مع القمح الشهيد
قلبي اختصارٌ للفجيعة
وانتحارٌ للسؤال
قلبي على بيروت
لا يقوى على مسكِ القذيفةِ
قبل أن تهوي على طفلٍ يفكر في ابتسامة
لا يقوى على مسح الدموع من الشجر
قلبي على بيروت
تسحبني المجازر من دموعي
"لا جسرَ في بيروت "
قالها طيرٌ يودُّ عبور أضلاعي إليها
كيف أعبرُ من جراحي لجراحي
كيف أسرجُ غيمةً فقدت قواها
من لهاثٍ غامقٍ تحت القذائف
كيف أقرأُ صفحةً من ماء بحرٍ مغلقٍ بالطائرات
لزِجٌ هوائي عندما أدنو
صمتي جدار
لغتي انهيار
والقلبُ سكينٌ على رئتيّ
يطعنني بأخبار الدمار
قلبي على بيروت
لا يقوى على قطف الزنابق قبل هذا الموت
لا يقوى على دفع الصغار إلى ملاجئهِ الدفينةِ في الصدور
لا يقوى على جمع القصائد من رسائل عاشقٍ قبل انهياره
لا يقوى على نبضٍ جديدٍ للضحايا
قلبي نهارٌ مُجهَدٌ من صوت هذا القصف
أصابته القذيفة في ضياءٍ قادمٍ للتو
يا ضوءنا الأبديّ
فلتصمد
كلنا نلتفُّ حولك
منهكين وضائعين وجائعين وميتين
كلنا درعٌ لأنفاسكِ
كلنا يا ضوء حيطان فتيلك
فوق بيروت صباحاً ،
كلُّ هذا اللحم والأرواح
والدم المسفوك والشهداء
والقلقون
والملقون خلف دمار هم
كلنا
كفان تشتعلان
في زمّ الضياءِ من الشوارع بعد قصف البارحة
كلنا يا ضوءُ ننهض من حطام عظامنا
نكنسُ ما تكسّر من نفوسٍ وابتساماتٍ قديمة
نغسل روحنا
هذا الدُّخان على زجاج الروحِ
تمسحهُ دموعٌ حين تبني بعلبك
لدينا قرب هذا القصف أغنيةٌ لفيروز النهار
نوقفهُ بأجفانٍ مُنفّخةٍ
لننشد مع ملائكةٍ ترافقُ صوتها
( من قلبي سلامٌ لبيروت )
دمعةٌ خدشت قذيفتهم قُبيلَ وصولها برج البراجنة
قُبلةٌ
وقت الفجيعةِ
أوقفت بعض الشظايا في فراغ المشهد الدمويّ في بيروت...
وشم الجمال
08/09/2008, 17:13
ردُّوا الجفونَ على العـــراقْ واحـــموا مآثـرنا العـراقْ
هي عينُنا ، إذْ لا عــــــــيو نٌ في جماجمــــنا العِـــتاقْ
نَعْمَى ، ونَسحق نبضــــــةً نبتتْ على صـــــورٍ بِهاقْ
يا ألفَ مــــــــــــــجزرة ٍنراها ثم نُطْـــــــــــــــوَى كالنِّياقْ
عُذراً لأن عيــــــــــــــــــــونن ا قُصِفَتْ بِمَسْـكَنَةِ الرفاقْ
يا أمـــّـــــــــةً عميــاءَ تمــــــــــــــــــــضي فوق صخـرٍ لا يُطاقْ
هذى عزائمنا تعـــــــــــــــــــــــ ــــــــود إلى الخنادق من خِناقْ
هذى الخيولُ من الضلـــــــــــــــــــــ ـــــوعِ تدفّقتْ سيلاً فُواقْ
هذا الصمود وقــــــــــودُها والكاظمون لهــا وِثـــــاقْ
يا رافديْن و خطوتيــــــــــــــــــــ ــــــــــن وصهوتين إلى استباقْ
بغدادُ مفتاح الخرائـــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــط مِرجل التاريخِ فاقْ
بغدادُ صبراً ، آلَ نخـــــــــــــــــــــــ ــــل ٍ، كلُّ بدر ٍمن مُحاقْ
إبنِ بأعيننا الجســـــــــــــــــــــ ــــــــــور ومدِّي للكرخِ اشتياقْ
أعطِ الرصـــافةَ من ضلو عي أنجمَ الشِّعر الرِّقـــاقْ
إني المتيّم يارصـــــــــــــــــا فةَ فاقبلي بعـضَ العِـناقْ
أسريتُ نـحـــــــوكِ عاشـقاً وربطتُ في النَّجف البُراقْ
فإذا الســــــــَّـــــماوة زرقتي و الأعظمــــيةُ لي حِداقْ
و الكاظمــيــــــــــةُ مرقدي حيث الخلــود على وِفاقْ
قبَّلتُ نهــــــــــــــرك يا(ديــــا لا) ماؤك العــــذريُّ راقْ
مدِّي التشبّثَ في عــــــرو قي قد تعبتُ من الفراقْ
مازلتُ أسألها ارتفــــــــــا عاً و امتـــــداداً و انطباقْ
كالسعفتين على يـــــــــــــــد يْن وكالقلــوب على العراقْ
فأسُ الخليل بِنَيْنـــــَـــــــوَى كسرَ الغــــــزاةَ بَنِي النفاقْ
هم طوطمُ البغيِ السقـــــــــــــــــــــ ـــيمِ و ميزةُ العقلِ المُعاقْ
نحن النبوءات العــــــــــر يضــــــة في تطلّعها انطلاقْ
هل تستوي الشمسُ الأبــــــــــــــــيّة مع حُثــــــــالاتٍ بُصاقْ
يا أمَّ قصرٍ ياصمــــــــــــــو داً ماوجدتُ له خــــِلاقْ
تحت القباب تركتُ نفـــــــــــــــــــــــ سي عطرَ أعمدةٍ دِقاقْ
كوفيـّـتــــي نبضـــــــــي أنـا نبضُ الفــــــــدائيِّ اعتناقْ
يانخلَ بصرة هـُـــــــــــــزّني نحواً و شِـــــعراً و انعتاقْ
بَصَرِي لبصرةَ ، يانخـــــــــــــــــــــ يلَ تقدّمي ســاقاً بســـــاقْ
اصّاعدتْ كُتلي سحابـاً يسحق القصفَ انســـحاقْ
هارونُ يُقصف؟ يا صُـــــر اخــاً شَـــلَّ قـــــوّته اختناقْ
بغدادُ تُقصَف يا ســــــــلا حــاً ظامئــــــــــــاً للامتشاقْ
شَرِبَتْ قذائفَها شــــــــــمو خاً، كأس مــــــوتاها دِهاقْ
يهتزُّ دجـلة يا إلـــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــهي رُدَّ أكبــــــــــــــاداً تُراقْ
نحن الفرات إلى الفـــــــر ات نشـــــــــــــــدُّ أَزْراً وانبثاقْ
يا دجلةً في داخــــــــــلي للماء وجــــــــــــــدٌ و احتراقْ
إنّي شــــــــــهيد الرافدينْ يا للشــــــــــــــــــهادة ِ من مذاقْ
وشم الجمال
08/09/2008, 17:14
من رأى منكم أريحا
يزرع الورد المجفف في يديه
يرتوي من عشقها المحبوس في جرس الرجاء
يستحمّ بطينها المبتل من شهدٍ قتيل
يستعيد نخيلـَها للمفردات
سعداتُ .. نخلٌ في أريحا كلما انطلق الرصاص
سعداتُ:
موطننا المكبّل في الخرائط
ملحـُنا المحشوّ في جرح اللقاء
وانبعاث العشب في لغة البكاء
سعدات .. ماءٌ للصهيل
وبرتقالٌ للأصيل
سعدات .. مفتتح الرحيل .
سعدات .. نخلٌ في أريحا
سعدات .. صخرٌ قدّ من مدنٍ جريحة
سعدات .. نجمٌ حطّ في صوتِ الصبايا ذات نبض
سعدات .. جبهتنا العتيقة
خندقٌ حول الأرامل والعيون
كرمةٌ في بيت شِعر
سعدات .. نهرٌ في حكاية روحنا
ضفةٌ أخرى لأردنٍّ جريح
صفحةٌ أولى بديوان الرياح
سعدات .. منفى الحالمين
جُزر الكناري والنوارس والفوارس
محبس الروح الشهيدة حين تبحث عن جسد
طبقاتُ تاريخٍ من الألم المُحلـّى بالدماء
سعداتُ نخلٌ في أريحا
لا تقلعوا النخل الأخير من اكتمالي
لا تهدموا جدران نبضي فوق نبضي
آهِ يا نبضي تعبتُ من الأنين
آهِ يا منفى
آمنتُ بالمنفى .. فلا وطنٌ لأجنحتي الطريدة
آمنتُ بالمنفى .. إذا جسدي تمزق من سياطِ الريح
آمنتُ بالروح الضليعة في الزجاج
سعداتُ روحـُـك في زجاج
والزجاج عليه سجنٌ
ثم خلف السجن سجنٌ خلف سجن
كيف تسحبنا أريحا للجنون
ونحن عشّاقٌ لها
كيف تسرقنا من الأجراس
تحبسنا بلا أنفاس
نحنُ عشّاقٌ ولا وردٌ لنا
من بنى منكم أريحا ذات وجد
من رأى منكم أريحا ذات وأد
من يُقبّلها وقد سجنت عشيقيْها عليها
من يعاتبها وصوت القصف شوكٌ في البكاء
من يراسلها وكل حمائمي
تعبتْ من الجدران في كتبِ البخار
من يغازلها وقد خُطِفَ العشيقُ من الكلام ؟.
هبطت ملائكة ٌ عليكَ لتستعيدك
هبطت زرافات من الشهداءِ تحمى قامتك
مسح الشهيد رفيقه بيدين من ماء البنفسج
مرّ الشهيدُ كنسمةٍ في هاتفٍ خلويّ
يبتكر المشاهدَ للفضائيات والمُهج الأسيرةِ مثل طيرٍ عالقٍ بين السحاب
سبحَ الشهيدُ على مكالمةٍ أخيرة
زرع التوقّعَ والترقّبَ في أَصِيص ِ سحابةٍ بُنِيتْ على حجرٍ عتيق
رفعَ الشهيدُ سلالماً يشتاقُ أحمدُ دَرْجَها
مسكَ الشهيدُ قذيفةً كادت تمرّ من الجدارِ إلى الجسد
سأل الشهيدُ رفيقه:
هل في أريحا شارع ٌ لزراعةِ الأمل الذي أحضرت
هل في أريحا قُبلةٌ كالزادِ نحملها هناك؟
هل في أريحا بيتُ شِعرٍ باحثٌ عن أحمدٍ حتى تـُعسّله البلاغةُ والبيان؟
هل في أريحا .............
سأل الشهيدُ رفيقه ... ها قد أُصِيبَ سؤاله برصاصةٍ
فتساقطت كلّ الحروفِ على التراب
وبكى شهيدٌ في شهيدٍ آخرٍ
قال الشهيدُ لصاحبه :
الضوءُ يتلو ما تيسّر من نهارك
اخرج إليهم نصف بحر
ارفع إليهم قامتك
هبطت عليك دموعنا من كلّ فجّ ٍ مشتعل
الله معك .... اللهُ معك.
حملتكَ أدعيةُ القلوبِ على جناحٍ من ضياء
وضعتكَ فوق بساطها
رفعتكَ فوق قذيفةٍ أخرى
كلُّ القلوب تماسكت في لحظةٍ كادتْ تخرّ لها السماء
كلُّ القلوب تآزرت في لحظةٍ رَخُصَ البكاء
كلّ القلوبِ على أريحا
آهٍ أريحا
هذا عشيقك في جوار بكائنا
خطفوا شذاهُ ليصلبوه
خطفوا الأهلّة من سماءٍ واقفة
خطفوا البذور من السلالاتِ التليدة للتقدم
خطفوا تحيتنا الأنيقة
خطفوا البروق من السطور
خطفوا النسور من التضاريس العميقة
خطفوا البخور من التمني
والرحيق من الزجاج
خطفوا السراج من الندى
خطفوا صهيلكَ يا فتى .
آهٍ أريحا
كلُّ عشاقك ماتوا دونكِ
كلّ الدروب إلى أريحا من جفونٍ لا تنام
كلُّ السماءِ على أريحا سربُ موسيقى المقام
كلُّ الرياح إلى أريحا بات يتعبها الهيام .
سعدات .. سربٌ من نوارس
قبةٌ ظهرت على ماءٍ بعيد
نشرةٌ للزهر في بيتِ القصيد
قُبلةٌ مثل الفراشةِ فوق خدِّ أميرة من زنبق ٍ
لهفةٌ مثل الحريرِ
على وسادةِ موجةٍ نامت طويلاً فوق شُبّاكِ الغصون
سعدات .. كمثرى تـُجفّف شهدها في الشمس
سعدات .. أوردة الرخام لوردتين على الكلام
سعداتُ .. أشرعة الفنيقيين في لغو الحمام
سعدات .. مخترع ُ الأمام
قديسُ ديْرٍ من غمام
باني القصائد في أريحا
مكتشفٌ لأوردة الصخور
صانعٌ منها الأسنةِ والعطور
متعاقدٌ أبديُّ مع ضوء القيام .
آهٍ أريحا
لي نقوشٌ فوق صخرك من سنين
لي أنينٌ فوق جدرانك يحيا
كم من الأرواح يلزم كي يعود الريشُ للرمزِ المجمّدِ
كم من التحليق يلزم كي نعود
سعدات عاد إليكِ يوماً
خانتهُ جدرانُ البيوت
ضغطت عليه
تحوّطته
غلَّقتْ أبوابها العشرين حوله
نادتهُ:
أقبل هيتَ لك
ردّ الرفيقُ برفقه :
حاشا لربي ؛ العشق في لغتي انطلاق
شقّت حنينه
فتدفق النهرُ المقاتلُ بين جدرانٍ تعانده
مرّت طيورُ كثيرةٌ من حوله
وهوت به في العشقِ
فاشتعلت لواتسُ فوق ماء الروح نبضاً تلو نبض
كلُّ سحابةٍ دخلت إليه ليطمئن
سعداتُ أكمل دورةَ الزيتون داخل سجنه
يا صاحبيّ السجن
لو تخرجانِ إلى أريحا .... تذكراني عندها
نسيا المتيّمَ في الصخورِ كعشبةٍ برّيةٍ
نسياهُ دهراً بين قاذفتيْن
مرّت نهاراً في الجوار قذيفة ٌ
كشفت حقيقة عاشقٍ في سجنه
نادت قذائفَ في المدائن أن تعالوا
هاهو المغموس في الجدران ، نُخرجه ونفضح أمرَهُ
سقطتْ عليه
نقرتْ حجارته طويلاً
هدمتْ نقوشه
غرست مخالبها بلحمه
طارتْ بهِ
يا صاحبيّ السجنِ هل تبكي أريحا ؟
النساء
قطّعْنَ أيدِيهن حين رأينه
وانهار الدعاءُ على مآذنه التي تمضي
مطرٌ كثيرٌ حول قامتهِ
قمرٌ يرافقه
ويحرسهُ
يفتِّش عن حصانِ راكضٍ في ساعديه .
سعدات يا سرباً يقلـّمه الجنود
اترك براعمَنا علينا
سوف تعشقنا أريحا وقتَ يخضرّ الكلام
سعداتُ يا عشقاً يجدد وجدَه
تهديكَ عاشقةٌ سلام
فاصطبر واروِ نخيلكَ
فالقصائد لا تنام
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة