تحسين أبو عاصي
10/09/2008, 06:36
أزمة الوعي العربي
بقلم أ . تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل –
-------------------------------------------------
يقول أيوجين روستو (رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية ، ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى سنة 1967م):
يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ، ليست خلافات بين دول أو شعوب ، بل هي خلافات تعتمد على صراع في الوعي بين الحضارتين ، بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية .
ويتابع قائلاً : إن الظروف التاريخية تؤكد ، أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي ، فلسفته ، وعقيدته ، ونظامه ، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي ، بفلسفته وعقيدته المتمثلة في الدين الإسلامي ، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف المعادى ، للعروبة والإسلام إلى جانب العالم الغربي ، والدولة الصهيونية . انتهى .
يعتبر الوعي عبر التاريخ الإنساني الطويل وعند كل الأمم والجماعات والشعوب من أهم العوامل المؤئرة في حسم الصراعات والخلاقات التي تقع بينها ، كما انه المصب الذي تتبلور فيه الأفكار والرؤى والأهداف وما إلى ذلك من مفردات ....
ولا اقصد هنا بالوعي من منظار معيَّن ، كأن نقول الوعي الديني بكل مشاربه ، أو الوعي العلماني بكل توجهاته ، أو الوعي القومي والاشتراكي أو ما شابه ذلك ؛ من اجل عدم اختزال مفهوم وجوهر الوعي البشري ، بل قصدت بالوعي هو ذلك الوعي الذي يجمع كافة الأفكار والمشارب والاتجاهات ، التي تهدف إلى تحقيق الحد الأدنى من الكرامة العربية ، من خلال جبهة موحدة قادرة على التصدي والتغيير ، باعتبار انه ربما وبفعل تأثير الأحداث المتلاحقة والضاغطة ، أن يلتقي جميع شرفاء الكلمة والضمير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال تلك الجبهة الموحدة ، ومن الطبيعي أن نتفهم ولو بغض النظر قليلا ، بأن كل فكر يعتبر نفسه هو الأجدر على بناء الوعي العربي ، وانه السبيل الوحيد من أجل الكرامة والبناء والتحرير ، ولكن ما لا يمكن أن نتفهمه هو المواقف السلبية المتشابه لجميع تلك القوى والأحزاب الفاعلة ، على الساحتين العربية والإسلامية ، والذي لا يتبلور عنه جهد مشترك أو رؤية دافعة موحدة ، تؤدي إلى تشكيل جبهة فاعلة موحدة ، تهدف إلى الضغط من أجل إيجاد حالة من التغيير المنشود ، بخطة يحكمها شكل من أشكال الوعي المشترك ، بين جميع المشارب والأفكار والأيديولوجيات والاتجاهات ، من خلال القواسم المشتركة التي يلتفون حولها .
بعض العلماء اعتبروا ووفق معادلتهم الخاصة : أن الخلل في الوعي هو بالضرورة خلل في الرؤى والبرمجة والتخطيط ، باعتبار أن كل نتيجة خاطئة تنم عن وعي خاطئ ، يكمن في كيفية وشكل التعاطي مع هذا الحدث أو ذاك ، أو مع هذه المعضلة أو تلك .
ومن أولويات الوعي أن يدرك الإنسان بأن مصلحته ومصلحة الناس من حوله تكمن في عدم الدمج بين النفعية والمبدئية ، بين الانتهازية والواجب ، وهذا هو من أهم أسباب التخبط والفشل والانحطاط ، لأن الوعي الحقيقي يفرض وبالضرورة العطاء أكثر من الأخذ ، والإيثار أكثر من الأنانية ، وتغليب المصالح العليا على المصالح الشخصية والدنيا ، كما يدعو إلى الشجاعة والمسئولية والمبادرة الذاتية والتضحية والإيثار، من هنا تكمن أهمية التضحية بالأرواح والدماء والأموال والممتلكات ، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من خلال عامل الوعي .
ولا شك بأن الوعي العربي يعيش حالة من الانحطاط لا مثيل لها ، وهي شبيهة بتلك المرحلة التاريخية التي عاشها العرب قبل يزوغ فجر الإسلام ، حيث التمزق والنظام القبلي ، والتجزئة و تفشي القتل والانحطاط القيمي ، وغياب الوازع الوطني والإنساني والأخلاقي .
ولعل ما تعرضت له الأمتين العربية والإسلامية عبر التاريخ يكمن في فقرها لوعي المواجهة والبناء ، مما جعلها تعيش حالات من التخلف والضياع ، كما جعلها فريسة سهلة للنيل منها ، في الوقت الذي نجح أعداؤها في دك حصونها ، واختراق صفوفها ، وهزيمة جيوشها بفعل نجاحهم ( أي الأعداء ) بامتلاك الوعي الذاتي والموضوعي ، الذي مكنهم من تحقيق نجاحات باهرة ضدنا ، ومن أهم العناصر التي شكلت الوعي العدائي ضد الأمتين العربية والإسلامية هو قدرة الأعداء على فهم طبيعة تفكيرنا ، وغياب وازع العطاء والتضحية عندنا ، وشيوع الأفكار الهدامة ، والعادات والتقاليد البالية ، والأفكار المتهترئة والاتكالية الممقوتة ، والإشاعات الكاذبة الضارة ، وهو ما اعتُبر جزء من نسيج مجتمعي هش ، مما ساعد أعداؤنا في تحقيق اختراقنا بسهولة ، فكان نجاح الحملات الصليبية ، ثم نجاح هجمات المغول ، ثم وقوع العالمين العربي والإسلامي تحت الحكم التركي ، وما آلت إليه الأمور فيما بعد من فقر وجهل وظلم ، ومن ثم انهيار الخلافة العثمانية ، ثم الخضوع لاتفاقيات سايكس بيكو ، التي أعادت رسم خارطة العالمين العري والإسلامي من جديد ، وما نجم عن ذلك من إفرازات مريرة نجني أشواكها حتى اليوم .
لقد نجح أعداؤنا في فهمنا وقدموا التضحيات من اجل النيل منا ، نجحوا في فهم تركيبتنا وسيكولوجيتنا وإمكانياتنا وطرق تفكيرنا وثقافتنا ، علما بأن من أهم عوامل النصر في الدراسات الإستراتيجية ، هو إما أن تفهم عدوك وإما أن يفهمك ، فإن فهمت عدوك ( وهذا بالطبع من خلال وعيك ) كنت الأقرب لتحقيق النصر عليه ، وإن فهمك عدوك كان هو الأقرب في تحقيق النصر عليك ، وهذه الحركة الصهيونية بصعودها وهيمنتها ، وإمكانياتها المدعومة من الوعي الغربي والتخلف العربي معاً ، تمكنت من تحقيق أكبر الانتصارات في السيطرة على الإعلام العالمي ، كما نجحت في الوصول إلى رأس الهرم السياسي في معظم دول العالم وصناع القرار ، حتى أن وزير دفاع جورجيا دافيد كازرشفيلي والذي كان مواطنا إسرائيليا يعيش في كيان العدو ، وبمجرد أن انهار الاتحاد السوفيتي ، عاد إلى موطنه الأصلي في جورجيا ليتولى حقيبة الدفاع هناك ، وليعمل على توتير منطقة القوقاز .
والمتتبع بإنصاف لحال العالمين العربي والإسلامي يشعر بألم كبير وبحرقة بالغة ، على ما آلت إليه الأمور من انحطاط وفشل وهوان ، فجميع الحركات التي دعت إلى التحرر في المنطقة العربية والعالم الإسلامي أفل نجمها أو كاد ، بغض النظر عن مشاربها الفكرية والعقدية ، والكثير منها تقاطعت أهدافها ومصالحها مع أهداف ومصالح أعدائها ، مما أفقدها الكثير من الدعائم التي يعتمد عليها الوعي في ديمومته .
الوعي العربي يعيش أزمة فكر ، وأزمة ثقافة ، وأزمة انتماء وهوية ، ثلاثة عشر مليون مهاجر في دولة الإمارات العربية وحدها ، وأصوات إماراتية شريفة تحذر من التداعيات الخطيرة لذلك كما حدث في سنغافورة وماليزيا ، ودول الخليج العربي ومياهه تحولت إلى قواعد عسكرية تصب في تحقيق الأهداف الإسرائيلية ، والحركة التعليمية في الوطن العربي تم تسييسها والهيمنة عليها لصالح أعدائنا ، والسودان يخضع لمؤامرة التقسيم ، والعراق حدث عنها ولا حرج . وليبيا سلمت كل أوراقها واليمن متخبط في سياسته وتعامله مع شعبه ، ومصر يكفي ما حدث من انهيار للصخور الجيرية التي أودت بأرواح العشرات الآمنين في بيوتهم ، وما سبق ذلك من كوارث يتعرض لها الشعب المصري ولا يزال ، مثل كارثة غرق العبارة ، وانهيار العمارات السكنية ، وانزلاق القطارات والحافلات إلى مياه البحر ، والنظام المصري بجيشه وترسانته أعجز من أن يرد على جندي إسرائيلي واحد يطلق النار على جنود أو مدنيين مصريين .
، وسوريا عاجزة عن تحرير الجولان ومن المتوقع أن تلحق في ركب التسوية الأمريكي ، وما ينعكس ذلك على قوى المقاومة ، كما عجزت من قبل على تحرير لواء الإسكندرونة . ولبنان خطط ومؤامرات تهدف إلى نزع البندقية المقاومة ، والجيوش العربية ناجحة بامتياز في قمع شعوبها ، وسجناء الرأي تكتظ بهم السجون ، والشعوب تتنفس من تحت البوستار ( الحذاء ) الحاكم .
ودول المغرب العربي تعيش الفرْنَسَة ( بتسكين الراء ) بأوَجّها ، حتى أنها لازالت تواجه مشكلات التعريب في بعض المناطق حتى الآن .
وفي السعودية نهب وسرقة الثروات والأموال النفطية ، ونسبة الفقر والبطالة في ازدياد ، ومدن الصفيح شاهد حي على تخزين المليارات بأسماء الأمراء والأميرات في بنوك أوروبا .
وفلسطين فقدت كل إمكانيات قيام الدولة من جراء الوقائع المادية على الأرض ، والقضية الفلسطينية تسير نحو المجهول ، وغزة تعيش الحصار والخناق ، وبارك الله في أيسلندا التي قررت حكومتها قبول 29 لاجئاً فلسطينياً عالقين منذ عامين فيمعسكر للاجئين على الحدود العراقية السورية ومن قبلها حكومات البرازيل وتشيلي وكندا التي استقبلت العشرات أيضاً .
لقد نجح بوش من قبل في اختيار مسئول عنالشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي ، اسمه إليوت أبرامز ، الذي اختص بالكتابةفي موضوع التحالف الضروري بين اليمين الأصولي المسيحي ، ومؤيدي إسرائيل في أميركا ، كان هذا التحالف قوة دفع رئيسية في اتجاه الحرب على العراق وأفغانستان من قبل ، وأنه لا بد من نقلة جديدة إلى يومالقيامة ( وفق تصور اليوت أبرامز ) .
فهل يمتلك العالمين العربي والإسلامي وعيا يرتقي إلى مواجهة بوش وزمرته !!! ؟ .
لا بد من توحيد المواقف بين جميع شرفاء الرأي والكلمة ، ولابد من التقاء الوعي حول قواسم مشتركة لجميع المشارب الفكرية ، والاتجاهات السياسية الشريفة ، وذلك بتشكيل جبهة موحدة فاعلة قادرة على التغيير ، فما حدث في لبنان من تشكيل جبهة موحدة للموالاة و أخرى للمعارضة ، وفي العراق حيث الجبهة العراقية للحوار الوطني ، لماذا لا يتكرر على المستوى العربي أو الإسلامي في العالمين العربي والإسلامي بشكل أوسع ، أو حتى لماذا لا يتكرر في أقطار عربية منفردة أخرى كالعراق ولبنان ؟ صحيح أن هناك اعتبارات محلية وعربية ودولية كثيرة تخص كل قطر عربي ؛ لكن اعتبار فقدان الكرامة يفوق كل الاعتبارات الأخرى ، فهل نشعر بفقدان كرامتنا ؟ أم أن المهانة هي مهنة الأجداد و الآباء والأبناء ؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
زيارتكم لمدونتي وتعليقاتكم عليها شرف كبير لي
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////) مدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين
tahsseen.maktoobblog.com قلب يحترق في واحة خضراء
بقلم أ . تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل –
-------------------------------------------------
يقول أيوجين روستو (رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية ، ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى سنة 1967م):
يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ، ليست خلافات بين دول أو شعوب ، بل هي خلافات تعتمد على صراع في الوعي بين الحضارتين ، بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية .
ويتابع قائلاً : إن الظروف التاريخية تؤكد ، أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي ، فلسفته ، وعقيدته ، ونظامه ، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي ، بفلسفته وعقيدته المتمثلة في الدين الإسلامي ، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف المعادى ، للعروبة والإسلام إلى جانب العالم الغربي ، والدولة الصهيونية . انتهى .
يعتبر الوعي عبر التاريخ الإنساني الطويل وعند كل الأمم والجماعات والشعوب من أهم العوامل المؤئرة في حسم الصراعات والخلاقات التي تقع بينها ، كما انه المصب الذي تتبلور فيه الأفكار والرؤى والأهداف وما إلى ذلك من مفردات ....
ولا اقصد هنا بالوعي من منظار معيَّن ، كأن نقول الوعي الديني بكل مشاربه ، أو الوعي العلماني بكل توجهاته ، أو الوعي القومي والاشتراكي أو ما شابه ذلك ؛ من اجل عدم اختزال مفهوم وجوهر الوعي البشري ، بل قصدت بالوعي هو ذلك الوعي الذي يجمع كافة الأفكار والمشارب والاتجاهات ، التي تهدف إلى تحقيق الحد الأدنى من الكرامة العربية ، من خلال جبهة موحدة قادرة على التصدي والتغيير ، باعتبار انه ربما وبفعل تأثير الأحداث المتلاحقة والضاغطة ، أن يلتقي جميع شرفاء الكلمة والضمير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال تلك الجبهة الموحدة ، ومن الطبيعي أن نتفهم ولو بغض النظر قليلا ، بأن كل فكر يعتبر نفسه هو الأجدر على بناء الوعي العربي ، وانه السبيل الوحيد من أجل الكرامة والبناء والتحرير ، ولكن ما لا يمكن أن نتفهمه هو المواقف السلبية المتشابه لجميع تلك القوى والأحزاب الفاعلة ، على الساحتين العربية والإسلامية ، والذي لا يتبلور عنه جهد مشترك أو رؤية دافعة موحدة ، تؤدي إلى تشكيل جبهة فاعلة موحدة ، تهدف إلى الضغط من أجل إيجاد حالة من التغيير المنشود ، بخطة يحكمها شكل من أشكال الوعي المشترك ، بين جميع المشارب والأفكار والأيديولوجيات والاتجاهات ، من خلال القواسم المشتركة التي يلتفون حولها .
بعض العلماء اعتبروا ووفق معادلتهم الخاصة : أن الخلل في الوعي هو بالضرورة خلل في الرؤى والبرمجة والتخطيط ، باعتبار أن كل نتيجة خاطئة تنم عن وعي خاطئ ، يكمن في كيفية وشكل التعاطي مع هذا الحدث أو ذاك ، أو مع هذه المعضلة أو تلك .
ومن أولويات الوعي أن يدرك الإنسان بأن مصلحته ومصلحة الناس من حوله تكمن في عدم الدمج بين النفعية والمبدئية ، بين الانتهازية والواجب ، وهذا هو من أهم أسباب التخبط والفشل والانحطاط ، لأن الوعي الحقيقي يفرض وبالضرورة العطاء أكثر من الأخذ ، والإيثار أكثر من الأنانية ، وتغليب المصالح العليا على المصالح الشخصية والدنيا ، كما يدعو إلى الشجاعة والمسئولية والمبادرة الذاتية والتضحية والإيثار، من هنا تكمن أهمية التضحية بالأرواح والدماء والأموال والممتلكات ، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من خلال عامل الوعي .
ولا شك بأن الوعي العربي يعيش حالة من الانحطاط لا مثيل لها ، وهي شبيهة بتلك المرحلة التاريخية التي عاشها العرب قبل يزوغ فجر الإسلام ، حيث التمزق والنظام القبلي ، والتجزئة و تفشي القتل والانحطاط القيمي ، وغياب الوازع الوطني والإنساني والأخلاقي .
ولعل ما تعرضت له الأمتين العربية والإسلامية عبر التاريخ يكمن في فقرها لوعي المواجهة والبناء ، مما جعلها تعيش حالات من التخلف والضياع ، كما جعلها فريسة سهلة للنيل منها ، في الوقت الذي نجح أعداؤها في دك حصونها ، واختراق صفوفها ، وهزيمة جيوشها بفعل نجاحهم ( أي الأعداء ) بامتلاك الوعي الذاتي والموضوعي ، الذي مكنهم من تحقيق نجاحات باهرة ضدنا ، ومن أهم العناصر التي شكلت الوعي العدائي ضد الأمتين العربية والإسلامية هو قدرة الأعداء على فهم طبيعة تفكيرنا ، وغياب وازع العطاء والتضحية عندنا ، وشيوع الأفكار الهدامة ، والعادات والتقاليد البالية ، والأفكار المتهترئة والاتكالية الممقوتة ، والإشاعات الكاذبة الضارة ، وهو ما اعتُبر جزء من نسيج مجتمعي هش ، مما ساعد أعداؤنا في تحقيق اختراقنا بسهولة ، فكان نجاح الحملات الصليبية ، ثم نجاح هجمات المغول ، ثم وقوع العالمين العربي والإسلامي تحت الحكم التركي ، وما آلت إليه الأمور فيما بعد من فقر وجهل وظلم ، ومن ثم انهيار الخلافة العثمانية ، ثم الخضوع لاتفاقيات سايكس بيكو ، التي أعادت رسم خارطة العالمين العري والإسلامي من جديد ، وما نجم عن ذلك من إفرازات مريرة نجني أشواكها حتى اليوم .
لقد نجح أعداؤنا في فهمنا وقدموا التضحيات من اجل النيل منا ، نجحوا في فهم تركيبتنا وسيكولوجيتنا وإمكانياتنا وطرق تفكيرنا وثقافتنا ، علما بأن من أهم عوامل النصر في الدراسات الإستراتيجية ، هو إما أن تفهم عدوك وإما أن يفهمك ، فإن فهمت عدوك ( وهذا بالطبع من خلال وعيك ) كنت الأقرب لتحقيق النصر عليه ، وإن فهمك عدوك كان هو الأقرب في تحقيق النصر عليك ، وهذه الحركة الصهيونية بصعودها وهيمنتها ، وإمكانياتها المدعومة من الوعي الغربي والتخلف العربي معاً ، تمكنت من تحقيق أكبر الانتصارات في السيطرة على الإعلام العالمي ، كما نجحت في الوصول إلى رأس الهرم السياسي في معظم دول العالم وصناع القرار ، حتى أن وزير دفاع جورجيا دافيد كازرشفيلي والذي كان مواطنا إسرائيليا يعيش في كيان العدو ، وبمجرد أن انهار الاتحاد السوفيتي ، عاد إلى موطنه الأصلي في جورجيا ليتولى حقيبة الدفاع هناك ، وليعمل على توتير منطقة القوقاز .
والمتتبع بإنصاف لحال العالمين العربي والإسلامي يشعر بألم كبير وبحرقة بالغة ، على ما آلت إليه الأمور من انحطاط وفشل وهوان ، فجميع الحركات التي دعت إلى التحرر في المنطقة العربية والعالم الإسلامي أفل نجمها أو كاد ، بغض النظر عن مشاربها الفكرية والعقدية ، والكثير منها تقاطعت أهدافها ومصالحها مع أهداف ومصالح أعدائها ، مما أفقدها الكثير من الدعائم التي يعتمد عليها الوعي في ديمومته .
الوعي العربي يعيش أزمة فكر ، وأزمة ثقافة ، وأزمة انتماء وهوية ، ثلاثة عشر مليون مهاجر في دولة الإمارات العربية وحدها ، وأصوات إماراتية شريفة تحذر من التداعيات الخطيرة لذلك كما حدث في سنغافورة وماليزيا ، ودول الخليج العربي ومياهه تحولت إلى قواعد عسكرية تصب في تحقيق الأهداف الإسرائيلية ، والحركة التعليمية في الوطن العربي تم تسييسها والهيمنة عليها لصالح أعدائنا ، والسودان يخضع لمؤامرة التقسيم ، والعراق حدث عنها ولا حرج . وليبيا سلمت كل أوراقها واليمن متخبط في سياسته وتعامله مع شعبه ، ومصر يكفي ما حدث من انهيار للصخور الجيرية التي أودت بأرواح العشرات الآمنين في بيوتهم ، وما سبق ذلك من كوارث يتعرض لها الشعب المصري ولا يزال ، مثل كارثة غرق العبارة ، وانهيار العمارات السكنية ، وانزلاق القطارات والحافلات إلى مياه البحر ، والنظام المصري بجيشه وترسانته أعجز من أن يرد على جندي إسرائيلي واحد يطلق النار على جنود أو مدنيين مصريين .
، وسوريا عاجزة عن تحرير الجولان ومن المتوقع أن تلحق في ركب التسوية الأمريكي ، وما ينعكس ذلك على قوى المقاومة ، كما عجزت من قبل على تحرير لواء الإسكندرونة . ولبنان خطط ومؤامرات تهدف إلى نزع البندقية المقاومة ، والجيوش العربية ناجحة بامتياز في قمع شعوبها ، وسجناء الرأي تكتظ بهم السجون ، والشعوب تتنفس من تحت البوستار ( الحذاء ) الحاكم .
ودول المغرب العربي تعيش الفرْنَسَة ( بتسكين الراء ) بأوَجّها ، حتى أنها لازالت تواجه مشكلات التعريب في بعض المناطق حتى الآن .
وفي السعودية نهب وسرقة الثروات والأموال النفطية ، ونسبة الفقر والبطالة في ازدياد ، ومدن الصفيح شاهد حي على تخزين المليارات بأسماء الأمراء والأميرات في بنوك أوروبا .
وفلسطين فقدت كل إمكانيات قيام الدولة من جراء الوقائع المادية على الأرض ، والقضية الفلسطينية تسير نحو المجهول ، وغزة تعيش الحصار والخناق ، وبارك الله في أيسلندا التي قررت حكومتها قبول 29 لاجئاً فلسطينياً عالقين منذ عامين فيمعسكر للاجئين على الحدود العراقية السورية ومن قبلها حكومات البرازيل وتشيلي وكندا التي استقبلت العشرات أيضاً .
لقد نجح بوش من قبل في اختيار مسئول عنالشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي ، اسمه إليوت أبرامز ، الذي اختص بالكتابةفي موضوع التحالف الضروري بين اليمين الأصولي المسيحي ، ومؤيدي إسرائيل في أميركا ، كان هذا التحالف قوة دفع رئيسية في اتجاه الحرب على العراق وأفغانستان من قبل ، وأنه لا بد من نقلة جديدة إلى يومالقيامة ( وفق تصور اليوت أبرامز ) .
فهل يمتلك العالمين العربي والإسلامي وعيا يرتقي إلى مواجهة بوش وزمرته !!! ؟ .
لا بد من توحيد المواقف بين جميع شرفاء الرأي والكلمة ، ولابد من التقاء الوعي حول قواسم مشتركة لجميع المشارب الفكرية ، والاتجاهات السياسية الشريفة ، وذلك بتشكيل جبهة موحدة فاعلة قادرة على التغيير ، فما حدث في لبنان من تشكيل جبهة موحدة للموالاة و أخرى للمعارضة ، وفي العراق حيث الجبهة العراقية للحوار الوطني ، لماذا لا يتكرر على المستوى العربي أو الإسلامي في العالمين العربي والإسلامي بشكل أوسع ، أو حتى لماذا لا يتكرر في أقطار عربية منفردة أخرى كالعراق ولبنان ؟ صحيح أن هناك اعتبارات محلية وعربية ودولية كثيرة تخص كل قطر عربي ؛ لكن اعتبار فقدان الكرامة يفوق كل الاعتبارات الأخرى ، فهل نشعر بفقدان كرامتنا ؟ أم أن المهانة هي مهنة الأجداد و الآباء والأبناء ؟
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
زيارتكم لمدونتي وتعليقاتكم عليها شرف كبير لي
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -/////////////// (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////) مدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين
tahsseen.maktoobblog.com قلب يحترق في واحة خضراء