رداد السلامي
03/01/2009, 04:35
ثلاثية التوريث
قوى تقليدية..محيط عربي..دور امريكي
كتب/ رداد السلامي
لست متأكد ما إذا كان هناك تحولا حقيقيا في التفكير والوعي ، لكن جزء مما يحدث يتشكل وفق مزاج القوى الباحثة عن نفوذ تلك الشابة التي تناسلت من نسل قوى وشخصيات تقليدية كانت أحد دعائم النظام الحاكم وأسسه ومرتكزا ته التي طالما خدمته وخدمها .
ففي الوقت الذي تبدو فيه البلاد على غير ما يرام ، تشير الحقائق الموضوعية نحو بروز قوى تقليدية شابة تتوارث النفوذ والهيمنة ، وتتقاسم البلاد ، وتسيطر على مرافق ما يفترض أنها دولة ، حتى انها تتقاسم الأجهزة الأمنية ومواقع التأثير ، صحيح أن هناك صراعا يجري بين القديم والجديد في ذات المنظومة المختلة ، لكنه ليس صراعا بقدر ما هو تمويها ذكيا لترتيب مالم يرتب بعد ، فالصغار مدللين إلى بعد حد ويعرفون "إتيكيت" المعاملة وفنون الصراع بأساليب ذكية معظمها لايحس به ، والبعض يبرز ليختفي بحرص كبير من أن يرى..!!
لكن أيضا تكمن الاشكالية في أن هذه القوى الجديدة تعتبر قوى "كومبرادوراتية" ، ليست بريئة ولن تكون وستمضي على ذات النسق متتبعة آثار آباءها ، ولذلك تجد هذه القوى التقليدية الصغيرة والناشئة أكثر استماتة على إجراء الانتخابات وتوريث الدوائر الانتخابية ، لتجعل منذاتها بناء تحتي أو أرضية تبنى عليها عملية التوريث السياسي الكبير ، الذي يمثل مشروعا قادما تلوح بوادره في الأفق كما يرتب له خارجيا عبر زيارات ودعوات من قبل أمراء دول المحيط .
أمريكا رأس الرضى بما يحدث ، فإذا كان واقعنا الوطني قد سمح ببروز قوى وطنية ذات مشاريع وأهداف استراتيجية وإصلاحية ، وتتبنى مسارا سياسيا ونضاليا سلميا ، وتؤكد على أهمية الديمقراطية في تداول السلطة وإصلاح الأوضاع وكونت وعيا جماهيرا ووطنيا بذلك ، فإنها ستقوم بدعم عملية التوريث لأسباب تتصل بمطامحها وأهدافها الإستراتيجية في المنطقة ككل ، فالهيمنة الامريكية ووراءها هيمنة مجموعة المراكز الرأسمالية تفعل فعلها عن طريق التحالفات الاجتماعية والسياسية مع الطبقات الحاكمة في العلم الثالث والقوى التقليدية الناشئة هي أحد هذه التحالفات التي يتم التحالف معها لتحقيق التوريث واالقفز على الديمقراطية ، إذا ما كانت ستعمل على تصعيد قوى وطنية لا تستجيب للهيمنة الأمريكية واملاءاتها .
كما أن هناك إشكالية كبرى تتمثل في وجود صحف تتخذ طابعا مستقلا رؤساء تحريرها كانوا أشد معارضين للتوريث وفكرته تمول من قبل السلطة تعمل باتجاه تخليق وعي وطني غائم وقادر على التمييز فيما إذا كانت ثمة ترتيبات تجرى لهذه العملية التي لن تتحق بسهولة كما يبدو ، لأنها لا تستند إلى معايير ديمقراطية ودستورية وقانونية ، وتخالف أهداف ثورتي 26سبتمبر و14اكتوبر والوحدة اليمنية التي كان أبرز شروطها الديمقراطية والتعددية السياسية.
كما يحاول كتاب ليبراليون ، تصوير ولي العهد الجديد بأنه قوي ، ويقود حرب تحديثية ضد من يصفهم بالقوى التقليدية –قوى النفوذ القديمة في سلطة صالح- حيث يرى أحد الكتاب أن القوى القديمة في سلطة صالح تعتقد أن القوى العلمانية أصبحت قوية ومؤثرة على صناعة القرار، وتسعى لدمج اليمن في المنظومة الدولية وفق الشروط الأمريكية، وتتبنى أفكارا عصرية متناقضة مع تقاليد أبناء اليمن، وتعمل على تغيير المنظومة الفكرية والتشريعية للنظام السياسي، وتعتقد أن الرئيس صالح لديه استراتيجية واضحة تعمل على تقوية الاتجاه الليبرالي وتسعى لتمكينه من مؤسسات الدولة، وان هذه القوى الليبرالية تتبنى أفكار التوريث السياسي لصالح ابن الرئيس القائد العسكري القوي الذي تلقى تعليمه في جامعات الغرب" وهو ما يؤكد أن الدور الخارجي أيضا يعتمد عليه بشكل أساسي في عملية توريث الحكم ، كما يؤكد مصداقية ما أشرنا إليه حول تحالف أميركي مع قوى النفوذ الجديدة التي يتم تصعيدها وإحلالها عبر توريث مراكز الآباء للابناء ومنها توريث الدوائر الانتخابية تمهيدا لتوريث سياسي أكبر.
*كاتب صحافي يمني
قوى تقليدية..محيط عربي..دور امريكي
كتب/ رداد السلامي
لست متأكد ما إذا كان هناك تحولا حقيقيا في التفكير والوعي ، لكن جزء مما يحدث يتشكل وفق مزاج القوى الباحثة عن نفوذ تلك الشابة التي تناسلت من نسل قوى وشخصيات تقليدية كانت أحد دعائم النظام الحاكم وأسسه ومرتكزا ته التي طالما خدمته وخدمها .
ففي الوقت الذي تبدو فيه البلاد على غير ما يرام ، تشير الحقائق الموضوعية نحو بروز قوى تقليدية شابة تتوارث النفوذ والهيمنة ، وتتقاسم البلاد ، وتسيطر على مرافق ما يفترض أنها دولة ، حتى انها تتقاسم الأجهزة الأمنية ومواقع التأثير ، صحيح أن هناك صراعا يجري بين القديم والجديد في ذات المنظومة المختلة ، لكنه ليس صراعا بقدر ما هو تمويها ذكيا لترتيب مالم يرتب بعد ، فالصغار مدللين إلى بعد حد ويعرفون "إتيكيت" المعاملة وفنون الصراع بأساليب ذكية معظمها لايحس به ، والبعض يبرز ليختفي بحرص كبير من أن يرى..!!
لكن أيضا تكمن الاشكالية في أن هذه القوى الجديدة تعتبر قوى "كومبرادوراتية" ، ليست بريئة ولن تكون وستمضي على ذات النسق متتبعة آثار آباءها ، ولذلك تجد هذه القوى التقليدية الصغيرة والناشئة أكثر استماتة على إجراء الانتخابات وتوريث الدوائر الانتخابية ، لتجعل منذاتها بناء تحتي أو أرضية تبنى عليها عملية التوريث السياسي الكبير ، الذي يمثل مشروعا قادما تلوح بوادره في الأفق كما يرتب له خارجيا عبر زيارات ودعوات من قبل أمراء دول المحيط .
أمريكا رأس الرضى بما يحدث ، فإذا كان واقعنا الوطني قد سمح ببروز قوى وطنية ذات مشاريع وأهداف استراتيجية وإصلاحية ، وتتبنى مسارا سياسيا ونضاليا سلميا ، وتؤكد على أهمية الديمقراطية في تداول السلطة وإصلاح الأوضاع وكونت وعيا جماهيرا ووطنيا بذلك ، فإنها ستقوم بدعم عملية التوريث لأسباب تتصل بمطامحها وأهدافها الإستراتيجية في المنطقة ككل ، فالهيمنة الامريكية ووراءها هيمنة مجموعة المراكز الرأسمالية تفعل فعلها عن طريق التحالفات الاجتماعية والسياسية مع الطبقات الحاكمة في العلم الثالث والقوى التقليدية الناشئة هي أحد هذه التحالفات التي يتم التحالف معها لتحقيق التوريث واالقفز على الديمقراطية ، إذا ما كانت ستعمل على تصعيد قوى وطنية لا تستجيب للهيمنة الأمريكية واملاءاتها .
كما أن هناك إشكالية كبرى تتمثل في وجود صحف تتخذ طابعا مستقلا رؤساء تحريرها كانوا أشد معارضين للتوريث وفكرته تمول من قبل السلطة تعمل باتجاه تخليق وعي وطني غائم وقادر على التمييز فيما إذا كانت ثمة ترتيبات تجرى لهذه العملية التي لن تتحق بسهولة كما يبدو ، لأنها لا تستند إلى معايير ديمقراطية ودستورية وقانونية ، وتخالف أهداف ثورتي 26سبتمبر و14اكتوبر والوحدة اليمنية التي كان أبرز شروطها الديمقراطية والتعددية السياسية.
كما يحاول كتاب ليبراليون ، تصوير ولي العهد الجديد بأنه قوي ، ويقود حرب تحديثية ضد من يصفهم بالقوى التقليدية –قوى النفوذ القديمة في سلطة صالح- حيث يرى أحد الكتاب أن القوى القديمة في سلطة صالح تعتقد أن القوى العلمانية أصبحت قوية ومؤثرة على صناعة القرار، وتسعى لدمج اليمن في المنظومة الدولية وفق الشروط الأمريكية، وتتبنى أفكارا عصرية متناقضة مع تقاليد أبناء اليمن، وتعمل على تغيير المنظومة الفكرية والتشريعية للنظام السياسي، وتعتقد أن الرئيس صالح لديه استراتيجية واضحة تعمل على تقوية الاتجاه الليبرالي وتسعى لتمكينه من مؤسسات الدولة، وان هذه القوى الليبرالية تتبنى أفكار التوريث السياسي لصالح ابن الرئيس القائد العسكري القوي الذي تلقى تعليمه في جامعات الغرب" وهو ما يؤكد أن الدور الخارجي أيضا يعتمد عليه بشكل أساسي في عملية توريث الحكم ، كما يؤكد مصداقية ما أشرنا إليه حول تحالف أميركي مع قوى النفوذ الجديدة التي يتم تصعيدها وإحلالها عبر توريث مراكز الآباء للابناء ومنها توريث الدوائر الانتخابية تمهيدا لتوريث سياسي أكبر.
*كاتب صحافي يمني