ارسلان
09/01/2009, 19:25
بقلم : عدلي صادق
كيف نقرأ الإجماع اللبناني، على أن الصواريخ التي أطلقت على نهاريا أمس، إنما هي قذائف ضالة، لا أب لها ولا أم؟! ربما كان المَخْرج الذي يتمناه اللبنانيون، هو أن تتبنى أم الصواريخ الغزية، ما أنكره آباؤه المُطلقون من الجنوب اللبناني، على الأقل، طلباً للمزيد من الحماسة للمقاومين في غزة. لكنها مناسبة لأن نلاحظ، وسط بحر الدم الفلسطيني المسفوك، بأن أقبح ما في مشهد الحرب التي يشنها المحتلون على غزة، هو تلك المعادلة التي تؤكد على أن الفلسطينيين، بحسابات الميدان، يمثلون طرفاً وحيداً، غير موصول بأطراف أخرى، مهما أفاض الآخرون، في تعبيراتهم العاطفية، عن كون معركة غزة هي معركتهم، محوراً، أو خندقاً ممانعاً، أو بُعداً إقليمياً، إذ بدا، في هذه اللحظات العسيرة، أن لا خندق ميدانياً، للفلسطينيين، سوى خندق أنفسهم، ولا نيران إلا ما توافر لهم من نيران. بل إن أية قذيفة وصلت الى غزة، من خنادق أخرى، عبر منعرجات التهريب، كانت تؤكد من خلال خط وصولها الى غزة، أنها غير قابلة للإطلاق من أي مكان آخر، حتى وإن كان هذا المكان، متحرراً من كل حصار، وكان المجتمع فيه أكثر عافية بكثير، ولم يُضنه شيء من حصار وحرمان، وأقرب الى الهدف، وأقوى في مواجهة العدو!
* * *
كان طريفاً ـ وإن كنا في غير وقت استدعاء الطرائف ـ أن يسارع كثيرون الى وصف الكاتيوشا التي أطلقت، بأنها صدئة، لكي يساعد هذا التوصيف، في التعرف على صاحب التوقيع على قرار الإطلاق: فهو متقادم تسليحاً وجاهزية، وطال غيابه عن أية معركة، على امتداد المسافة بين لمعان الحديد وصدئه!
وكان طريفاً، كذلك، أن يمتنع صاحب الإطلاق، في الإعلان عن نفسه، كأنما هو يُداري عملاً مُشيناً، فيما الكلام عن شرف المقاومة ومجدها، يبلغ في هذه اللحظات، ذروة البلاغة!
غزة وحيدة، ومن يساندها بالنار، يخرج عن الإجماع الوطني في بقاع الممانعة، أما في أماكن الممالسة، فإنما هو مقامر يهذي، ويتوجب إسكاته حتى وهو في طور الكلام. معنى ذلك أن غزة هي وحدها المرشحة لأن تتلقى تبعات أي إطلاق، وهي وحدها التي أعفيت من درس الرياضيات، فلا تحسب ولا تفترض، وإن حسبت أو افترضت، فليكن ذلك على النحو الخاطئ، الذي يدحضه الإجماع اللبناني على التبرؤ من إطلاق الصواريخ!
هذه هي معادلة الميدان المشبع بالنار الغاشمة في غزة. لم يتبق سوى أن نشتق من واقع المعادلة، معناها السياسي، وأن نخطو بمقتضى هذا المعنى. فالإيرانيون بلسان أعلى مرجعياتهم، يعلنون عن منع متطوعين مفترضين، من التوجه الى ساح الوغى، علماً بأنهم لم يكونوا قادرين أصلاً، على الوصول الى الميدان، ولم يكن أمرهم يشكل خطراً فعلياً على الجمهورية الإسلامية!
لا نطلب لأنفسنا الهزيمة، ولا نرتضي اليأس للمقاومين، لكننا ندعو أصحاب القرار "المقاوم" في غزة ودمشق، أن يستوعبوا المعادلة، وأن يتواضعوا بقدر ما هي متواضعة، قدراتنا وتوقعات الإسناد الحقيقي، الذي يمكن أن يخفف عنا حجم النيران، وبقدر ما هي باهظة ومفجعة، خسائرنا اليومية. نكتفي بذلك وسيكون للمساءلة وقتها المناسب. فما يهمنا الآن هو وقف العدوان!
كيف نقرأ الإجماع اللبناني، على أن الصواريخ التي أطلقت على نهاريا أمس، إنما هي قذائف ضالة، لا أب لها ولا أم؟! ربما كان المَخْرج الذي يتمناه اللبنانيون، هو أن تتبنى أم الصواريخ الغزية، ما أنكره آباؤه المُطلقون من الجنوب اللبناني، على الأقل، طلباً للمزيد من الحماسة للمقاومين في غزة. لكنها مناسبة لأن نلاحظ، وسط بحر الدم الفلسطيني المسفوك، بأن أقبح ما في مشهد الحرب التي يشنها المحتلون على غزة، هو تلك المعادلة التي تؤكد على أن الفلسطينيين، بحسابات الميدان، يمثلون طرفاً وحيداً، غير موصول بأطراف أخرى، مهما أفاض الآخرون، في تعبيراتهم العاطفية، عن كون معركة غزة هي معركتهم، محوراً، أو خندقاً ممانعاً، أو بُعداً إقليمياً، إذ بدا، في هذه اللحظات العسيرة، أن لا خندق ميدانياً، للفلسطينيين، سوى خندق أنفسهم، ولا نيران إلا ما توافر لهم من نيران. بل إن أية قذيفة وصلت الى غزة، من خنادق أخرى، عبر منعرجات التهريب، كانت تؤكد من خلال خط وصولها الى غزة، أنها غير قابلة للإطلاق من أي مكان آخر، حتى وإن كان هذا المكان، متحرراً من كل حصار، وكان المجتمع فيه أكثر عافية بكثير، ولم يُضنه شيء من حصار وحرمان، وأقرب الى الهدف، وأقوى في مواجهة العدو!
* * *
كان طريفاً ـ وإن كنا في غير وقت استدعاء الطرائف ـ أن يسارع كثيرون الى وصف الكاتيوشا التي أطلقت، بأنها صدئة، لكي يساعد هذا التوصيف، في التعرف على صاحب التوقيع على قرار الإطلاق: فهو متقادم تسليحاً وجاهزية، وطال غيابه عن أية معركة، على امتداد المسافة بين لمعان الحديد وصدئه!
وكان طريفاً، كذلك، أن يمتنع صاحب الإطلاق، في الإعلان عن نفسه، كأنما هو يُداري عملاً مُشيناً، فيما الكلام عن شرف المقاومة ومجدها، يبلغ في هذه اللحظات، ذروة البلاغة!
غزة وحيدة، ومن يساندها بالنار، يخرج عن الإجماع الوطني في بقاع الممانعة، أما في أماكن الممالسة، فإنما هو مقامر يهذي، ويتوجب إسكاته حتى وهو في طور الكلام. معنى ذلك أن غزة هي وحدها المرشحة لأن تتلقى تبعات أي إطلاق، وهي وحدها التي أعفيت من درس الرياضيات، فلا تحسب ولا تفترض، وإن حسبت أو افترضت، فليكن ذلك على النحو الخاطئ، الذي يدحضه الإجماع اللبناني على التبرؤ من إطلاق الصواريخ!
هذه هي معادلة الميدان المشبع بالنار الغاشمة في غزة. لم يتبق سوى أن نشتق من واقع المعادلة، معناها السياسي، وأن نخطو بمقتضى هذا المعنى. فالإيرانيون بلسان أعلى مرجعياتهم، يعلنون عن منع متطوعين مفترضين، من التوجه الى ساح الوغى، علماً بأنهم لم يكونوا قادرين أصلاً، على الوصول الى الميدان، ولم يكن أمرهم يشكل خطراً فعلياً على الجمهورية الإسلامية!
لا نطلب لأنفسنا الهزيمة، ولا نرتضي اليأس للمقاومين، لكننا ندعو أصحاب القرار "المقاوم" في غزة ودمشق، أن يستوعبوا المعادلة، وأن يتواضعوا بقدر ما هي متواضعة، قدراتنا وتوقعات الإسناد الحقيقي، الذي يمكن أن يخفف عنا حجم النيران، وبقدر ما هي باهظة ومفجعة، خسائرنا اليومية. نكتفي بذلك وسيكون للمساءلة وقتها المناسب. فما يهمنا الآن هو وقف العدوان!