لمعه الالماسه
19/01/2009, 19:11
»الغارديان« (افتتاحية):
في الأسبوع الماضي حاول كبير محرري صحيفة الـ »تايمز« البريطانية تفسير السبب الذي يجعل ضغط المجتمع الدولي على إسرائيل يبدو عبثياً دائماً او غير كافٍ في معظم الاوقات. وكتب هذا المحرر يقول ان تجربة اليهود في النصف الأول من القرن العشرين جعلتهم يفقدون الشعور بالامان والثقة بالرأي العام العالمي.
لذا، لا نجد تجاوباً من إسرائيل عندما نحثها على احترام هذا الرأي العام والثقة بالمجمتع الدولي لان الفكرة الاساسية السائدة فيها تقوم على اساس رفض هذا الخيار.
ربما يكون هذا الطرح صحيحا من الناحية النفسية، لكنه لا يتفق مع ذلك مع الاعتبارات الاخرى كما يتناقض مع الافكار الديموقراطية التي اعتنقها مؤسسو إسرائيل بل ومن المستحيل ايضا ان يتفق مع التزاماتها كعضو في المجتمع الدولي الاكبر، وهذا عدا عن ان الرغبة في الانضمام الى هذا المجتمع الدولي كانت من طموحات زعماء الصهيونية الأوائل.
اذاًَ، مع دخول الدبابات الاسرائيلية مدينة غزة الآن، يصبح السؤال هو: ماهي الاعمال او الاقوال التي تستطيع دول العالم الاخذ بها كي تجد استجابة لها في بلد يبدو انه ادار ظهره بالكامل للمجتمع الدولي؟
من المتعارف عليه في عالم الدبلوماسية ان بمقدور كل دولة التعبير عن عدم رضاها على عمل او إجراء تقوم به دولة اخرى من خلال دعوة سفير هذه الدولة الى وزارة الخارجية للتحدث معه وتناول فنجان قهوة، وبالطبع ثمة اجراء آخر يتمثل في سحب السفير. ولمثل هذه الاجراءات الدبلوماسية انعكاسات مهمة بالتأكيد، لذا، حان الوقت كي يقوم وزير الخارجية البريطانية ديفيد ميليباند باستدعاء رجل اسرائيل في لندن السفير رون بروسور للتحدث حول فنجان من القهوة.
هنا، يتعين على ميليباند اثارة اربعة مواضيع لوقف اطلاق النار في غزة، وجميعا معروفة لدى السفير ومع ذلك يتعين التأكيد عليها من جديد.
الاول هو الجانب الانساني، فهناك غضب رسمي وغير عادي في الامم المتحدة ولدى مسؤولي الصليب الاحمر الدولي بسبب ما يجري من انتهاك لحقوق الانسان في الشرق الاوسط.
وهذا يعني ان على ميليباند والسفير الاسرائيلي عدم اضاعة أي وقت للاتفاق بأنه لا يمكن السماح باستمرار مجزرة الفلسطينيين الابرياء في غزة.
المسألة الثانية، ربما يثير السفير بروسور كما هو متوقع موضوع امن اليهود البريطانيين و»الاوروبيين« الذين يشعرون بالخوف من رد فعل بعض المتطرفين الذين لا يميزون بين افعال دولة وما بين هوية ومعتقدات الافراد الدينية. وهنا لابد ان ميليباند يدرك الا امن المواطنين البريطانيين »اليهود« ولا امن اسرائيل نفسها يمكن ان يتعززا من خلال شن حرب لا يمكن تحقيق النصر الكامل فيها اطلاقا. وعلى السفير ان يدرك هذه النقطة ايضا.
ثالثا، ينبغي على ميليباند الاعراب عن قلقه للسفير حول قانونية الاعمال العسكرية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي، فهناك شواهد كثيرة موثقة تبين ان الطريقة التي يخوض بها الجنود الاسرائيليون المعركة يمكن ان تثير تحقيقا دوليا في المستقبل لما تتضمنه من جرائم حرب شنيعة.
رابعا وأخيرا، يجب ان تتناول المناقشات التزامات اسرائيل كعضو في مجتمع الدول المتحضرة. وعلى هذه الدولة هنا الا تطمئن للمشاحنات المطولة التي شهدها مجلس الامن قبل صدور قراره الاخير الداعي لوقف اطلاق النار. وعليها الا تطمئن ايضا لامتناع امريكا عن المشاركة في التصويت على القرار بالاعتقاد ان واشنطن سوف تبقى الى جانبها دائما فكل الدلائل تشير الى ان ادارة اوباما لن تكون متعاطفة مع اعمال اسرائيل فيما يتعلق باستمرار سياسة الحصار بل ومن المرجح ان تتحدث واشنطن حتى مع اعداء اسرائيل.
ولما كانت اسرائيل لا تُبدي حتى الآن ما يشير الى استعدادها لتغيير سياستها ومن ثم الانصياع لرغبات المجتمع الدولي، نجد هناك الان من يتحدث حول احتمال اتخاذ اجراءات معينة ضدها مثل الغاء الاتفاقيات التجارية التي تربطها مع دول الاتحاد الاوروبي وسحب الدعم المالي، والغاء ضمانات اعتمادات التصدير وحظر تقديم السلاح اليها.
صحيح ان البعض قد لا يحبذ الاندفاع في اتخاذ مثل هذه الاجراءات ويتعين عدم تطبيقها الا عند الضرورة، لكن من الواضح ان البلد الذي لا يعبأ باعتبارات المجتمع الدولي يدفع اصدقاءه عندئذ لتطبيقها في نهاية المطاف
في الأسبوع الماضي حاول كبير محرري صحيفة الـ »تايمز« البريطانية تفسير السبب الذي يجعل ضغط المجتمع الدولي على إسرائيل يبدو عبثياً دائماً او غير كافٍ في معظم الاوقات. وكتب هذا المحرر يقول ان تجربة اليهود في النصف الأول من القرن العشرين جعلتهم يفقدون الشعور بالامان والثقة بالرأي العام العالمي.
لذا، لا نجد تجاوباً من إسرائيل عندما نحثها على احترام هذا الرأي العام والثقة بالمجمتع الدولي لان الفكرة الاساسية السائدة فيها تقوم على اساس رفض هذا الخيار.
ربما يكون هذا الطرح صحيحا من الناحية النفسية، لكنه لا يتفق مع ذلك مع الاعتبارات الاخرى كما يتناقض مع الافكار الديموقراطية التي اعتنقها مؤسسو إسرائيل بل ومن المستحيل ايضا ان يتفق مع التزاماتها كعضو في المجتمع الدولي الاكبر، وهذا عدا عن ان الرغبة في الانضمام الى هذا المجتمع الدولي كانت من طموحات زعماء الصهيونية الأوائل.
اذاًَ، مع دخول الدبابات الاسرائيلية مدينة غزة الآن، يصبح السؤال هو: ماهي الاعمال او الاقوال التي تستطيع دول العالم الاخذ بها كي تجد استجابة لها في بلد يبدو انه ادار ظهره بالكامل للمجتمع الدولي؟
من المتعارف عليه في عالم الدبلوماسية ان بمقدور كل دولة التعبير عن عدم رضاها على عمل او إجراء تقوم به دولة اخرى من خلال دعوة سفير هذه الدولة الى وزارة الخارجية للتحدث معه وتناول فنجان قهوة، وبالطبع ثمة اجراء آخر يتمثل في سحب السفير. ولمثل هذه الاجراءات الدبلوماسية انعكاسات مهمة بالتأكيد، لذا، حان الوقت كي يقوم وزير الخارجية البريطانية ديفيد ميليباند باستدعاء رجل اسرائيل في لندن السفير رون بروسور للتحدث حول فنجان من القهوة.
هنا، يتعين على ميليباند اثارة اربعة مواضيع لوقف اطلاق النار في غزة، وجميعا معروفة لدى السفير ومع ذلك يتعين التأكيد عليها من جديد.
الاول هو الجانب الانساني، فهناك غضب رسمي وغير عادي في الامم المتحدة ولدى مسؤولي الصليب الاحمر الدولي بسبب ما يجري من انتهاك لحقوق الانسان في الشرق الاوسط.
وهذا يعني ان على ميليباند والسفير الاسرائيلي عدم اضاعة أي وقت للاتفاق بأنه لا يمكن السماح باستمرار مجزرة الفلسطينيين الابرياء في غزة.
المسألة الثانية، ربما يثير السفير بروسور كما هو متوقع موضوع امن اليهود البريطانيين و»الاوروبيين« الذين يشعرون بالخوف من رد فعل بعض المتطرفين الذين لا يميزون بين افعال دولة وما بين هوية ومعتقدات الافراد الدينية. وهنا لابد ان ميليباند يدرك الا امن المواطنين البريطانيين »اليهود« ولا امن اسرائيل نفسها يمكن ان يتعززا من خلال شن حرب لا يمكن تحقيق النصر الكامل فيها اطلاقا. وعلى السفير ان يدرك هذه النقطة ايضا.
ثالثا، ينبغي على ميليباند الاعراب عن قلقه للسفير حول قانونية الاعمال العسكرية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي، فهناك شواهد كثيرة موثقة تبين ان الطريقة التي يخوض بها الجنود الاسرائيليون المعركة يمكن ان تثير تحقيقا دوليا في المستقبل لما تتضمنه من جرائم حرب شنيعة.
رابعا وأخيرا، يجب ان تتناول المناقشات التزامات اسرائيل كعضو في مجتمع الدول المتحضرة. وعلى هذه الدولة هنا الا تطمئن للمشاحنات المطولة التي شهدها مجلس الامن قبل صدور قراره الاخير الداعي لوقف اطلاق النار. وعليها الا تطمئن ايضا لامتناع امريكا عن المشاركة في التصويت على القرار بالاعتقاد ان واشنطن سوف تبقى الى جانبها دائما فكل الدلائل تشير الى ان ادارة اوباما لن تكون متعاطفة مع اعمال اسرائيل فيما يتعلق باستمرار سياسة الحصار بل ومن المرجح ان تتحدث واشنطن حتى مع اعداء اسرائيل.
ولما كانت اسرائيل لا تُبدي حتى الآن ما يشير الى استعدادها لتغيير سياستها ومن ثم الانصياع لرغبات المجتمع الدولي، نجد هناك الان من يتحدث حول احتمال اتخاذ اجراءات معينة ضدها مثل الغاء الاتفاقيات التجارية التي تربطها مع دول الاتحاد الاوروبي وسحب الدعم المالي، والغاء ضمانات اعتمادات التصدير وحظر تقديم السلاح اليها.
صحيح ان البعض قد لا يحبذ الاندفاع في اتخاذ مثل هذه الاجراءات ويتعين عدم تطبيقها الا عند الضرورة، لكن من الواضح ان البلد الذي لا يعبأ باعتبارات المجتمع الدولي يدفع اصدقاءه عندئذ لتطبيقها في نهاية المطاف