Tarek007
08/09/2005, 00:29
"كرامات" الصور...
صورة السيد الرئيس "الضرورة" يد القدر الحانية و تلطف العناية, تلاحقك في كل مكان خلال تدرجك العمري أو خلال تنقلك من مكان الى لآخر,مطبوعة على الغلاف الخارجي لسجل درجات كل الطلاب من المرحلة الإبتدائية و حتى الثانوية ملصوقه في غرف الصفوف في أبرز نقطة و على الحيطان وفوق السبورة وفي غرفة المدير و المدرسين .موجودة على كل جدران الأسوار و النوافذ و في كل مساحة خالية على واجهات المباني الحكومية و تزداد في الأعياد الوطنية زيادة مرعبة حتى تكاد صورة "تزوغ" النظر.صور ملونة و "سادة" و في كل الأوضاع و "البوزات" ضاحكا و عابسا, آمرا, ماشيا, واقفا, قاعدا, و حتى "مقرفصا" بنظارة و بدون نظارة بربطة عنق أو بدونها,أما على سطح المكاتب فيستلقي السيد الرئيس على شكل تمثال نصفي أو منحوتة للرأس بلون خشبي أو ابنوسي أو بينهما وفي الساحات العامة تنتصب تماثيل "مقدودة" من الحجر ذات حجم طبيعي أو "الإكسترا" , و على تلة عند مدخل المدينة "يربض" تمثال مهول رافعا يده كمن يقسم يمينا و اضواء ساطعة تنيره لكي نراه ليلا و نهارا.
الإصرار على السلعة يجعلها رائجة حسب قانون إقتصادي معروف يقول "العرض المتزايد يخلق طلبا متزايد" و لذلك يتطوع كثيرين بتعليق صور للسيد الرئيس في صدر مجالسهم و على مقدمات أو مؤخرات سياراتهم و ربما يضعون له تماثيل صغيرة تقف على رفوف دكاكينهم الى جوار آنية السكر و البن و علب العلكة و المرطبات,لا تخلو هذه التصرفات من التملق أو الخوف و بعضها لا يخلو من عفوية و صدق و بساطة,و في وسط هذه "الهيصة" تنسج القصص عن قدسية الصورة و جلال التمثال ,و لكني أنا بنفسي كنت شاهدا على أحدى "كرامات" صور السيد الرئيس.ففي احدى سنوات الهطول المطري الغزير طاف نهر بردى و خاصة الفرع الذي يسمى "بانياس" الذي يمر من وسط دمشق عبر ساحة المرجة و في الجزء الذي يقع بين جسر فكتوريا و جسر الرئيس و تحديدا خلف المتحف الحربي و التكية السليمانية حيث يغفو جسر صغير يتكىء على أحدى ضفتيه "كشك" معدني يبيع فيه صاحبة الصحف و بعض القرطاسية و يحتمي من شرطة البلدية و رجال الأمن و الشرطة و لصوص آخرين بصورة كبيرة للسيد الرئيس وضعها خلف الكشك تظهرة و قد فتح ذراعية و صدرة و عينية يريد أحتضان جمهور يحتشد أسفل الصورة.شهدت بعيني التي ستأكلهما "شاشة الكومبيوتر" كيف جر تيار المياه القوي مواقف الباصات المجاور و كشك الرجل و صحفه و قرطاسيته و بقيت الصورة راسخة بشموخ في وجه السيول و قد أزدادت ذراعي الرئيس اتساعا و صدرة أنتفاخا و عينيه جحوظا.
كرامة أخرى لم اشاهدها و قد حدثني بها من لا اشك بتقواه و صدقه قال:عزمت محافظة العاصمة على هدم أحدى الضواحي ذات البناء العشوائي و حشدت لذلك قوة من رجال الشرطة و الأمن و حفظ النظام مع وحدة هدم مدججة بكل ما أوتيت من بلدوزرات و جرافات و مطارق و شواكيش و همم عالية لتحطيم تلك الضاحية.ولكن القوة فوجئت بأن جدران تلك الضاحية البائسة قد "زينت" بصور للسيد الرئيس و شعارات تدعو بحياته و بقائة للأبد فعادت قوة الهدم مذمومة مدحورة بعد أن وقفت عاجزة أما جدران مسلحة حتى الثمالة بصور للسيد الرئيس.
الحشو أعلاه كان مقدمة لأحكي لكم هذه الحكاية فمن شاء فليضحك و من شاء فليبك...
في ساعة مزاج عال للإدارة الحكومية التي أعمل لديها قررت هذه الإدارة هدم جدار يتوسط المبنى و إنشاء جدار آخر بدلا عنه ,طبعا لم يكن هناك سببا لهدم الجدار و لا لإنشائه من جديد و ليس هناك سببا أساسا لوجود حتى الإدارة الحكومية نفسها.فوجئت الإدارة بمسئول الأمن فيها و هو يرغي و يزبد و يتوعد من يمس الجدار بسوء هدىء المدير من روعة و سأله عن سبب هذه الثورة العارمة بسبب جدار فلسنا بصدد هدم حائط البراق هو مجرد جدار قديم تبول عليه جميع موظفي و حتى موظفات المديرية.زاد هياج مسؤل الأمن و ضرب بيده اليمنى ثم اليسرى ثم الأثنتين معا على الطاولة ثم صاح ألا ترى أن على الجدار بعض الصور القديمة و شعار عتيق بعمر الثورة.أستغفر المدير جميع الآلهة و كاد أن يقبل قدمي مسؤل الأمن إستغفارا لهذه الغلطة.
تم تشكيل لجنة ضمت كبار رؤؤساء الأقسام و مسؤلي الأمن و تم مسح الشعار و رفعت الصور بكل عناية ثم جمعت في مكان واحد و أحرقت كما أحرقت جثة غاندي بكل الجلال و القدسية التي تستحقها ثم هدم الجدارهدم الجدار.بعد أسبوع واحد أصبح المدير سفيرا و مسؤل الأمن قفز الى رتبة رئيس ديوان قاضي الفرد العسكري في المحكمة العسكرية.
و الله من وراء القصد
منقول " لكاتب قصة الحقيبة السرية "
صورة السيد الرئيس "الضرورة" يد القدر الحانية و تلطف العناية, تلاحقك في كل مكان خلال تدرجك العمري أو خلال تنقلك من مكان الى لآخر,مطبوعة على الغلاف الخارجي لسجل درجات كل الطلاب من المرحلة الإبتدائية و حتى الثانوية ملصوقه في غرف الصفوف في أبرز نقطة و على الحيطان وفوق السبورة وفي غرفة المدير و المدرسين .موجودة على كل جدران الأسوار و النوافذ و في كل مساحة خالية على واجهات المباني الحكومية و تزداد في الأعياد الوطنية زيادة مرعبة حتى تكاد صورة "تزوغ" النظر.صور ملونة و "سادة" و في كل الأوضاع و "البوزات" ضاحكا و عابسا, آمرا, ماشيا, واقفا, قاعدا, و حتى "مقرفصا" بنظارة و بدون نظارة بربطة عنق أو بدونها,أما على سطح المكاتب فيستلقي السيد الرئيس على شكل تمثال نصفي أو منحوتة للرأس بلون خشبي أو ابنوسي أو بينهما وفي الساحات العامة تنتصب تماثيل "مقدودة" من الحجر ذات حجم طبيعي أو "الإكسترا" , و على تلة عند مدخل المدينة "يربض" تمثال مهول رافعا يده كمن يقسم يمينا و اضواء ساطعة تنيره لكي نراه ليلا و نهارا.
الإصرار على السلعة يجعلها رائجة حسب قانون إقتصادي معروف يقول "العرض المتزايد يخلق طلبا متزايد" و لذلك يتطوع كثيرين بتعليق صور للسيد الرئيس في صدر مجالسهم و على مقدمات أو مؤخرات سياراتهم و ربما يضعون له تماثيل صغيرة تقف على رفوف دكاكينهم الى جوار آنية السكر و البن و علب العلكة و المرطبات,لا تخلو هذه التصرفات من التملق أو الخوف و بعضها لا يخلو من عفوية و صدق و بساطة,و في وسط هذه "الهيصة" تنسج القصص عن قدسية الصورة و جلال التمثال ,و لكني أنا بنفسي كنت شاهدا على أحدى "كرامات" صور السيد الرئيس.ففي احدى سنوات الهطول المطري الغزير طاف نهر بردى و خاصة الفرع الذي يسمى "بانياس" الذي يمر من وسط دمشق عبر ساحة المرجة و في الجزء الذي يقع بين جسر فكتوريا و جسر الرئيس و تحديدا خلف المتحف الحربي و التكية السليمانية حيث يغفو جسر صغير يتكىء على أحدى ضفتيه "كشك" معدني يبيع فيه صاحبة الصحف و بعض القرطاسية و يحتمي من شرطة البلدية و رجال الأمن و الشرطة و لصوص آخرين بصورة كبيرة للسيد الرئيس وضعها خلف الكشك تظهرة و قد فتح ذراعية و صدرة و عينية يريد أحتضان جمهور يحتشد أسفل الصورة.شهدت بعيني التي ستأكلهما "شاشة الكومبيوتر" كيف جر تيار المياه القوي مواقف الباصات المجاور و كشك الرجل و صحفه و قرطاسيته و بقيت الصورة راسخة بشموخ في وجه السيول و قد أزدادت ذراعي الرئيس اتساعا و صدرة أنتفاخا و عينيه جحوظا.
كرامة أخرى لم اشاهدها و قد حدثني بها من لا اشك بتقواه و صدقه قال:عزمت محافظة العاصمة على هدم أحدى الضواحي ذات البناء العشوائي و حشدت لذلك قوة من رجال الشرطة و الأمن و حفظ النظام مع وحدة هدم مدججة بكل ما أوتيت من بلدوزرات و جرافات و مطارق و شواكيش و همم عالية لتحطيم تلك الضاحية.ولكن القوة فوجئت بأن جدران تلك الضاحية البائسة قد "زينت" بصور للسيد الرئيس و شعارات تدعو بحياته و بقائة للأبد فعادت قوة الهدم مذمومة مدحورة بعد أن وقفت عاجزة أما جدران مسلحة حتى الثمالة بصور للسيد الرئيس.
الحشو أعلاه كان مقدمة لأحكي لكم هذه الحكاية فمن شاء فليضحك و من شاء فليبك...
في ساعة مزاج عال للإدارة الحكومية التي أعمل لديها قررت هذه الإدارة هدم جدار يتوسط المبنى و إنشاء جدار آخر بدلا عنه ,طبعا لم يكن هناك سببا لهدم الجدار و لا لإنشائه من جديد و ليس هناك سببا أساسا لوجود حتى الإدارة الحكومية نفسها.فوجئت الإدارة بمسئول الأمن فيها و هو يرغي و يزبد و يتوعد من يمس الجدار بسوء هدىء المدير من روعة و سأله عن سبب هذه الثورة العارمة بسبب جدار فلسنا بصدد هدم حائط البراق هو مجرد جدار قديم تبول عليه جميع موظفي و حتى موظفات المديرية.زاد هياج مسؤل الأمن و ضرب بيده اليمنى ثم اليسرى ثم الأثنتين معا على الطاولة ثم صاح ألا ترى أن على الجدار بعض الصور القديمة و شعار عتيق بعمر الثورة.أستغفر المدير جميع الآلهة و كاد أن يقبل قدمي مسؤل الأمن إستغفارا لهذه الغلطة.
تم تشكيل لجنة ضمت كبار رؤؤساء الأقسام و مسؤلي الأمن و تم مسح الشعار و رفعت الصور بكل عناية ثم جمعت في مكان واحد و أحرقت كما أحرقت جثة غاندي بكل الجلال و القدسية التي تستحقها ثم هدم الجدارهدم الجدار.بعد أسبوع واحد أصبح المدير سفيرا و مسؤل الأمن قفز الى رتبة رئيس ديوان قاضي الفرد العسكري في المحكمة العسكرية.
و الله من وراء القصد
منقول " لكاتب قصة الحقيبة السرية "