The morning
13/04/2009, 10:55
لـطاما كـنت أشـعر بأنـّي أحمل ذنبا ً ما اتجاه حـمص مدينتي الصغيره التي أشـعلت اليـوم الدموع على جـفنيّ ..
فـأنا لم أتحدث يوما ً باللهجه الـحمصيـه التي تقـتضي بـضم الأحـرف الأولى من الكلمه و كـسر الأحـرف الأخيره و التشديد عليها فيما يتعلّق بالكلمات المنتهيه بأحرف مفتوحه الـصدى بل على الـعكس تماما فأنا لطالما سـخرت مازحة ً مـن بعض الأقـرباء الذيـن يتحدثـون باللهجه الحمصـيه في بيتنا .. فأنا أذكـر جيـدا ً صـوت ضحـكتي يدوي صـافرا ً من أذنيّ عندما سـمعت عمـّي ينادي بأعلى صوته : "سـَكـْــر ِيي الـبُـورداي " .. و أذكر أيـضا وجهي الـضاحك عنـدما داعبـت يدا طفـله صـغيره خديّ و هي تـقول لي بكلماتها ذات السنتين : " فــيئــِــيي " بـلهجه حمـصيه طفوليه برئيه جدّا ً. لـكني يوما ً لم أجيد التحدث بهذه اللهجه على الـرغم من أننـي محاطه بـكثيرين من اللذين يتقنونها بـشكل ممتـاز و يترجمونها للانكليزيه أحيانا :lol: ..
أشـعر بالـذنب أيـضا ً لأنني لا أذكـر حمـص في شـريط ذكـرياتي و أشـواقي .. فأنا غالبا ً أخـصّ الشـام دمـشقي الرائـعه بكلّ الأشـواق و الـذكريات و اتحدث عن دمـشق بخـصوصيّـه و حنين و بعد روحـيّ و ثقافي ّ و و و .. و أنـسـى حمـص و كـأنني لا أعـرفها و كأنها لا تسـكنني و لا تـمتلك باسـمها صكّـا ً من التاريخ و الذكريات فيّ .. لديّ في حمص ذكريات ٌ تمـلأ ما لا يـُملأ من أشـواق و تـحكي حكـايات كثيره . . ذكرياتي مع حـمص طفوليه و شبابيـّه في شـوارعها و بين محالها .. فأنا أذكر جـيدا عنـدما خـرجت ممـسكا ً بـيد أعزّ الناس عليّ مـتجهين الى شـارع الدبـلان في أيام ٍ رمضانيـّه حميمه نـبحث عن مـشروبي المفضل الذي تذوقته أثناء أحدى الزيارات العائليه و التي أصـبح من يومها مشروبي المفضل على مائده الافطار و أصـبح فقدانه من الـسوق مشـكله تتطلّب الـذهاب الى الدبلان بحثا ً عنه .. و اذكر جيدا أيـام بحثي المجـنون كمراهقه عـن بعض الكـتب و الـصور و الأحداث التي كـنت أجاري و أسـبق عـصري فيها .. و أذكر رحلتـي في صـباح كلّ أحـد الى بـائع المنـاقيـش التـي تذوب و تترك اثرها على الشـفاه كـالقبل الفـاضحه .. و أخـصّ بالذكرى الآن رحلـتي المجنونه مع اثنتين من صـديقاتي الى احدى شـوارع حمص القديمه التي أنـسى دائما اسـمها .. - تقع خلـف بسـتان الديـوان بالقرب من جامع صـغير نسـيت أسـمه أيـضا ً - و نسـياني للأسـماء هنا لا يـأتي من أهمالي و انما من أنني لم أمـر في تلك الشـوارع كثيرا ً بل كانت مرّه واحده هي التي هـربت فيها من اللحـاق ببـاص المدرسه و فـضلت خوض مغامرتي الاولى بالتوغـّل في شـوارع لا أعـرفها مع صـديقات ٍ لم تـكن تربطني بهنّ معرفه كبيـره لاختلاف أعمارنا و لـكنني خـضت تلك التجربه التـي أعتبرها أحدى أجمل التجارب في حـياتي و سـرت و توغلت و أنا أكل ما يـسمى بخبز الـعسكر المشهور في مدينه حمص .. كان سـاخنا ً و كانت روعه المكان و المغامره تطغي عليّ .. كلّ شـيئ, كلّ شـيئ يعود الى ذاكرتـي الآن حـيّا ً و كـأنه يحدث مجـددا ً .. صـراخنـا, ضحـكاتنا , خـوفنا , جهـلنا , جننونا .. كـــــلّ شـــيئ , كــــلّ شـيئ حتـّى البرد..
أِشعر بالخجل من حمـص عندما تـغرقني بـذكرياتي فيها و ذكـرياتها معي و ياسمينها و بيتنا و مركزها الثقافي الذي لطالما قرعت ابوابه دون أن يجيبني .. فالمركز الثقافيّ في حمص لم يشـبع يوما ً رغباتـي الثقافيّه, هو دائما يـعاني نـقص و يـعاني معرضه للـكتاب جـهلا ً من قـبل المـسؤولين و لـكنني لا يمـكن أن أنـسى أنّ أوّل مسرحيه حـضرتها في حـياتي كانت على خشـبته .. كـنت طفـله و خـذلني كـطفله و بـقي يخذلني حتـّى الآن .. الا انه كان أوّل مكان يـلبي أمنـيتي برؤيه خـشبه مسـرح حقيقيه ..
أنـا لا أخـص حمص بزيارات ٍ كـثيره عنـدما أزور سـوريا و هـذا شـيئ مـؤلم.. و لكن أذا أهملنا عـشقي الجنـوني لدمشق و تلبيتها لكامل رغبـاتي الثقافيه و الـعاطفيه و العائـليّـة فـأننـي أتـبع مـقوله أحـدهم بأنّ وطـن الانـسان هو مـكان تجـمّع أكـبر عدد مـن أقربـاءه و بـذلك تـربح دمـشق كفـّه الميـزان دائـما ً ..
و أشـتاق كـثيرا ً لـحمص و أشــتاق لـطفولتي فيها و لـطيـبه أهلها الـذين حـملوني الـكثير من الـهدايا أثر سـفري .. فأحـدى صـديقات الـعائله أعـطتني (( شنكليش حـمصي )) كانت قد عجنته بيديها و الآخرى أهـدتني حـقيبه صـغيره لأضب فيها أغراض سـفري و هي في الواقـع حقيبه لا تـكفي لأغراضي الشـخصيه التي أحملها في يدي على الطائره و لـكنني لم أتوانى عن شـكرها بـاسمه لطيبتها .. و هـناك آخرى و أخريات يصررن دائـما على تزويدي بـما يعتـقدون بأنّ الأميركان لا يـجيدون صـنعه كـالزعتر الحلبي و الزيتون التدمري و حلاوه الجبن الحمصيه و و و .. و الكـثير الكثـير الكـثير من المأكـولات التي نـمتاز فيـها كـحماصنـه أولا ً و كـسورين ثانيا ً.. و كلـهم و على مـدي عمـري الـحمصي أغـرقوني بالطـيبه الحمصيه و اللهجه الحـمصيه و الذكاء الحمـصي و النـكت الحمصيه .. كلّ شـيئ في حمـص مميـز بـشهاده كلّ من يتناقل النـكت عن حـمص ..
حـمص , مديـنتي الـصغيره التي أعـرف في شـوارعك و أجهل الكـثير و القليل .. مدينتي التـي أشـتاقك و أهـمل ذلـك خـوفا ً من عدم قـدرتي على مواجهه كمّ الاشـواق و الدمـوع التـي تستطيعين بسـرعه كـنت أجهلها قبل الـيوم اثارته فيّ .. فلم أكن أعلم سـابقا أنّ ثلاث كلمات حمصيه و صورتين شيئ كاف ٍ لـجعل عينيّ ورديتين غارقـتين بمـياه مالحه ٍ تنـهمر بـصوت صرير ٍ يكزّ على أسـناني غاضبا ً من بعدي و خصيصا في هذه الفـتره المـلونه ببيض الفـصح الـذي يمتلك ُ تاريخا ً من الأحـداث و الذكريات التي تشعل فيّ رغبه متوحشـه لأن أكـون هـناك بيـنهم , بين الـعيد و الـبيض و الطيبه الحمصـيه و أجراس الكـنائس و أصـوات المـؤذنين و زحمـه الـسوق و طيش الأطفـال و أصـواتهم و ضـجيجهم و صـوت بـائع الـغاز و بائع المازوط و زائر الليل ,الزبال الذي يـهوي بـحاويه القـمامه على الأرض ليزلزل هـدوء نـومي فأفتح عيـنيّ لثانـيه واحـده و أغفو مجـددا ً بسلام بت ُّ أفتقد حمصيته ُ مؤخرا ً..
حـمص , فـصح مـجيد و كــلّ الحب و الشـوق لـك و لأهـالك اللذين يحفرون على جبهتـي وطـنا ً :D
فـأنا لم أتحدث يوما ً باللهجه الـحمصيـه التي تقـتضي بـضم الأحـرف الأولى من الكلمه و كـسر الأحـرف الأخيره و التشديد عليها فيما يتعلّق بالكلمات المنتهيه بأحرف مفتوحه الـصدى بل على الـعكس تماما فأنا لطالما سـخرت مازحة ً مـن بعض الأقـرباء الذيـن يتحدثـون باللهجه الحمصـيه في بيتنا .. فأنا أذكـر جيـدا ً صـوت ضحـكتي يدوي صـافرا ً من أذنيّ عندما سـمعت عمـّي ينادي بأعلى صوته : "سـَكـْــر ِيي الـبُـورداي " .. و أذكر أيـضا وجهي الـضاحك عنـدما داعبـت يدا طفـله صـغيره خديّ و هي تـقول لي بكلماتها ذات السنتين : " فــيئــِــيي " بـلهجه حمـصيه طفوليه برئيه جدّا ً. لـكني يوما ً لم أجيد التحدث بهذه اللهجه على الـرغم من أننـي محاطه بـكثيرين من اللذين يتقنونها بـشكل ممتـاز و يترجمونها للانكليزيه أحيانا :lol: ..
أشـعر بالـذنب أيـضا ً لأنني لا أذكـر حمـص في شـريط ذكـرياتي و أشـواقي .. فأنا غالبا ً أخـصّ الشـام دمـشقي الرائـعه بكلّ الأشـواق و الـذكريات و اتحدث عن دمـشق بخـصوصيّـه و حنين و بعد روحـيّ و ثقافي ّ و و و .. و أنـسـى حمـص و كـأنني لا أعـرفها و كأنها لا تسـكنني و لا تـمتلك باسـمها صكّـا ً من التاريخ و الذكريات فيّ .. لديّ في حمص ذكريات ٌ تمـلأ ما لا يـُملأ من أشـواق و تـحكي حكـايات كثيره . . ذكرياتي مع حـمص طفوليه و شبابيـّه في شـوارعها و بين محالها .. فأنا أذكر جـيدا عنـدما خـرجت ممـسكا ً بـيد أعزّ الناس عليّ مـتجهين الى شـارع الدبـلان في أيام ٍ رمضانيـّه حميمه نـبحث عن مـشروبي المفضل الذي تذوقته أثناء أحدى الزيارات العائليه و التي أصـبح من يومها مشروبي المفضل على مائده الافطار و أصـبح فقدانه من الـسوق مشـكله تتطلّب الـذهاب الى الدبلان بحثا ً عنه .. و اذكر جيدا أيـام بحثي المجـنون كمراهقه عـن بعض الكـتب و الـصور و الأحداث التي كـنت أجاري و أسـبق عـصري فيها .. و أذكر رحلتـي في صـباح كلّ أحـد الى بـائع المنـاقيـش التـي تذوب و تترك اثرها على الشـفاه كـالقبل الفـاضحه .. و أخـصّ بالذكرى الآن رحلـتي المجنونه مع اثنتين من صـديقاتي الى احدى شـوارع حمص القديمه التي أنـسى دائما اسـمها .. - تقع خلـف بسـتان الديـوان بالقرب من جامع صـغير نسـيت أسـمه أيـضا ً - و نسـياني للأسـماء هنا لا يـأتي من أهمالي و انما من أنني لم أمـر في تلك الشـوارع كثيرا ً بل كانت مرّه واحده هي التي هـربت فيها من اللحـاق ببـاص المدرسه و فـضلت خوض مغامرتي الاولى بالتوغـّل في شـوارع لا أعـرفها مع صـديقات ٍ لم تـكن تربطني بهنّ معرفه كبيـره لاختلاف أعمارنا و لـكنني خـضت تلك التجربه التـي أعتبرها أحدى أجمل التجارب في حـياتي و سـرت و توغلت و أنا أكل ما يـسمى بخبز الـعسكر المشهور في مدينه حمص .. كان سـاخنا ً و كانت روعه المكان و المغامره تطغي عليّ .. كلّ شـيئ, كلّ شـيئ يعود الى ذاكرتـي الآن حـيّا ً و كـأنه يحدث مجـددا ً .. صـراخنـا, ضحـكاتنا , خـوفنا , جهـلنا , جننونا .. كـــــلّ شـــيئ , كــــلّ شـيئ حتـّى البرد..
أِشعر بالخجل من حمـص عندما تـغرقني بـذكرياتي فيها و ذكـرياتها معي و ياسمينها و بيتنا و مركزها الثقافي الذي لطالما قرعت ابوابه دون أن يجيبني .. فالمركز الثقافيّ في حمص لم يشـبع يوما ً رغباتـي الثقافيّه, هو دائما يـعاني نـقص و يـعاني معرضه للـكتاب جـهلا ً من قـبل المـسؤولين و لـكنني لا يمـكن أن أنـسى أنّ أوّل مسرحيه حـضرتها في حـياتي كانت على خشـبته .. كـنت طفـله و خـذلني كـطفله و بـقي يخذلني حتـّى الآن .. الا انه كان أوّل مكان يـلبي أمنـيتي برؤيه خـشبه مسـرح حقيقيه ..
أنـا لا أخـص حمص بزيارات ٍ كـثيره عنـدما أزور سـوريا و هـذا شـيئ مـؤلم.. و لكن أذا أهملنا عـشقي الجنـوني لدمشق و تلبيتها لكامل رغبـاتي الثقافيه و الـعاطفيه و العائـليّـة فـأننـي أتـبع مـقوله أحـدهم بأنّ وطـن الانـسان هو مـكان تجـمّع أكـبر عدد مـن أقربـاءه و بـذلك تـربح دمـشق كفـّه الميـزان دائـما ً ..
و أشـتاق كـثيرا ً لـحمص و أشــتاق لـطفولتي فيها و لـطيـبه أهلها الـذين حـملوني الـكثير من الـهدايا أثر سـفري .. فأحـدى صـديقات الـعائله أعـطتني (( شنكليش حـمصي )) كانت قد عجنته بيديها و الآخرى أهـدتني حـقيبه صـغيره لأضب فيها أغراض سـفري و هي في الواقـع حقيبه لا تـكفي لأغراضي الشـخصيه التي أحملها في يدي على الطائره و لـكنني لم أتوانى عن شـكرها بـاسمه لطيبتها .. و هـناك آخرى و أخريات يصررن دائـما على تزويدي بـما يعتـقدون بأنّ الأميركان لا يـجيدون صـنعه كـالزعتر الحلبي و الزيتون التدمري و حلاوه الجبن الحمصيه و و و .. و الكـثير الكثـير الكـثير من المأكـولات التي نـمتاز فيـها كـحماصنـه أولا ً و كـسورين ثانيا ً.. و كلـهم و على مـدي عمـري الـحمصي أغـرقوني بالطـيبه الحمصيه و اللهجه الحـمصيه و الذكاء الحمـصي و النـكت الحمصيه .. كلّ شـيئ في حمـص مميـز بـشهاده كلّ من يتناقل النـكت عن حـمص ..
حـمص , مديـنتي الـصغيره التي أعـرف في شـوارعك و أجهل الكـثير و القليل .. مدينتي التـي أشـتاقك و أهـمل ذلـك خـوفا ً من عدم قـدرتي على مواجهه كمّ الاشـواق و الدمـوع التـي تستطيعين بسـرعه كـنت أجهلها قبل الـيوم اثارته فيّ .. فلم أكن أعلم سـابقا أنّ ثلاث كلمات حمصيه و صورتين شيئ كاف ٍ لـجعل عينيّ ورديتين غارقـتين بمـياه مالحه ٍ تنـهمر بـصوت صرير ٍ يكزّ على أسـناني غاضبا ً من بعدي و خصيصا في هذه الفـتره المـلونه ببيض الفـصح الـذي يمتلك ُ تاريخا ً من الأحـداث و الذكريات التي تشعل فيّ رغبه متوحشـه لأن أكـون هـناك بيـنهم , بين الـعيد و الـبيض و الطيبه الحمصـيه و أجراس الكـنائس و أصـوات المـؤذنين و زحمـه الـسوق و طيش الأطفـال و أصـواتهم و ضـجيجهم و صـوت بـائع الـغاز و بائع المازوط و زائر الليل ,الزبال الذي يـهوي بـحاويه القـمامه على الأرض ليزلزل هـدوء نـومي فأفتح عيـنيّ لثانـيه واحـده و أغفو مجـددا ً بسلام بت ُّ أفتقد حمصيته ُ مؤخرا ً..
حـمص , فـصح مـجيد و كــلّ الحب و الشـوق لـك و لأهـالك اللذين يحفرون على جبهتـي وطـنا ً :D