قرصان الأدرياتيك
26/04/2009, 22:56
كان يحلمُ، لا بل كان يعيش حلمه هذا...
في يومهِ الأخير حاولَ أن يقضي مساءَه بعيداً عن الهمسات والعيون، بعيداً عن رقابة الآخرين؛ فاختار طريقَه منحدراً من أحد الجبال المُشرفة على مدينةٍ صغيرةٍ فتيّة مستلقية تستقبلُ الشّمسَ على شاطئ جزيرة صقليّة الإيطاليّة الشماليّ.
دخلَ مطعماً مُستلقياً هو الآخر على بطنِ جبلٍ من جبالها لا يدري ما يحملُ في جعبته الفارغة، قرأَ اسمه الغريب "أَلكَتْراتْس alcatraz" ودخل. وهناك علم من صديقته فرانتشيسكا البيضاء أَنَّ أَلكَتْراتْس هو اسم أشهر السّجون في الولايات المتّحدة الأميركيّة وقد أُغلقَ بعدَ أن نفّذَ أحدُ سجنائه فراراً اختفى من بعدها وإلى الأبد!
وفي صدر هذا المطعم وعلى وجه الجدار وجدَ عبارةً مكتوبة بخطٍ عريض تقول:
“un uomo solo che guarda il muro è un uomo solo, ma due uomini che guardano il muro è il principio di un'evasione”
وتعني: "رجلٌ واحدٌ فقط يتطلّع إلى الجدار ليسَ إلا رجلاً واحداً فقط، لكن أن يتطلّع رجلان إلى الجدار فهذا بداية فرار".
لم يجد سبباً لشرح عبارة كهذه مكتوبة على جدار أحد السجون الشهيرة. أعجبته كثيراً فنسخها على صفحةٍ من صفحات دفتره الحزين، وجلسَ وحيداً على طاولته يأكل مما اختارته له صديقته البيضاء...
كانت تعمل في المطبخ بينما كان هو وحيداً في جلسته هذه. كان وطاولته والطعام يراقبُ الآخرين، الجالسين هنا وهناك، بعينٍ لا تُفكّر ولا تُطلق سوى النظرات. حلمَ بالكون الواسع واقتربَ أكثر فأكثر ليجد مدينته الخفيّة هذه "جويوزا ماريا Gioiosa Marea" تستريح على شواطئ صقلية الجزيرة المقدّسة التي دنّسها العربُ كثيراً، وبين جبالها التي ما زالت تُعاني من وقع صخبهم وبداوتهم، وجدَ مطعمه الصغير هذا، وفيه، وعلى طاولةٍ وحيدةٍ، وحيدةٍ جداً، وجدَ شاباً سوريّاً يتكلّم العربيّة، ويحلم بوطنه، وطناً حرّاً يحمل اسمه، سرقه الأغرابُ وفيه هم باقون لا ينتهون، يأكل طعاماً غريباً في مكانٍ غريب، يستمع إلى لغةٍ غريبةٍ في جوٍّ غريب مشحون بالغربة ومُسربل بالبعد والشقاء، ينتظر صديقته البيضاء ذات العينين الزرقاوين والشعر الأسود القصير. وتحت أنغام الزمن ووقع خطواته حمل ذاته عند انتهاء عملها ومعاً صعدا إلى بيتها ليجلسا هناك على أرضٍ حميميّة جداً، وهناك ودون العيون والأفواه، جلسا يتبادلان أطراف الحديث، حتى الساعات المبكرة من يومه الآخر والأخير.
كان يعلم أنَّ رحلته هذه ستنتهي يوماً ما، وهي ذي قد انتهت. لملم ذاته، أو ما تبقى منها، ومع الحسرات والدموع قال: إلى اللقاء! خرج مبتلاً من الحزن والدمعات وحلم مجدّداً بالكون الواسع.
في يومهِ الأخير حاولَ أن يقضي مساءَه بعيداً عن الهمسات والعيون، بعيداً عن رقابة الآخرين؛ فاختار طريقَه منحدراً من أحد الجبال المُشرفة على مدينةٍ صغيرةٍ فتيّة مستلقية تستقبلُ الشّمسَ على شاطئ جزيرة صقليّة الإيطاليّة الشماليّ.
دخلَ مطعماً مُستلقياً هو الآخر على بطنِ جبلٍ من جبالها لا يدري ما يحملُ في جعبته الفارغة، قرأَ اسمه الغريب "أَلكَتْراتْس alcatraz" ودخل. وهناك علم من صديقته فرانتشيسكا البيضاء أَنَّ أَلكَتْراتْس هو اسم أشهر السّجون في الولايات المتّحدة الأميركيّة وقد أُغلقَ بعدَ أن نفّذَ أحدُ سجنائه فراراً اختفى من بعدها وإلى الأبد!
وفي صدر هذا المطعم وعلى وجه الجدار وجدَ عبارةً مكتوبة بخطٍ عريض تقول:
“un uomo solo che guarda il muro è un uomo solo, ma due uomini che guardano il muro è il principio di un'evasione”
وتعني: "رجلٌ واحدٌ فقط يتطلّع إلى الجدار ليسَ إلا رجلاً واحداً فقط، لكن أن يتطلّع رجلان إلى الجدار فهذا بداية فرار".
لم يجد سبباً لشرح عبارة كهذه مكتوبة على جدار أحد السجون الشهيرة. أعجبته كثيراً فنسخها على صفحةٍ من صفحات دفتره الحزين، وجلسَ وحيداً على طاولته يأكل مما اختارته له صديقته البيضاء...
كانت تعمل في المطبخ بينما كان هو وحيداً في جلسته هذه. كان وطاولته والطعام يراقبُ الآخرين، الجالسين هنا وهناك، بعينٍ لا تُفكّر ولا تُطلق سوى النظرات. حلمَ بالكون الواسع واقتربَ أكثر فأكثر ليجد مدينته الخفيّة هذه "جويوزا ماريا Gioiosa Marea" تستريح على شواطئ صقلية الجزيرة المقدّسة التي دنّسها العربُ كثيراً، وبين جبالها التي ما زالت تُعاني من وقع صخبهم وبداوتهم، وجدَ مطعمه الصغير هذا، وفيه، وعلى طاولةٍ وحيدةٍ، وحيدةٍ جداً، وجدَ شاباً سوريّاً يتكلّم العربيّة، ويحلم بوطنه، وطناً حرّاً يحمل اسمه، سرقه الأغرابُ وفيه هم باقون لا ينتهون، يأكل طعاماً غريباً في مكانٍ غريب، يستمع إلى لغةٍ غريبةٍ في جوٍّ غريب مشحون بالغربة ومُسربل بالبعد والشقاء، ينتظر صديقته البيضاء ذات العينين الزرقاوين والشعر الأسود القصير. وتحت أنغام الزمن ووقع خطواته حمل ذاته عند انتهاء عملها ومعاً صعدا إلى بيتها ليجلسا هناك على أرضٍ حميميّة جداً، وهناك ودون العيون والأفواه، جلسا يتبادلان أطراف الحديث، حتى الساعات المبكرة من يومه الآخر والأخير.
كان يعلم أنَّ رحلته هذه ستنتهي يوماً ما، وهي ذي قد انتهت. لملم ذاته، أو ما تبقى منها، ومع الحسرات والدموع قال: إلى اللقاء! خرج مبتلاً من الحزن والدمعات وحلم مجدّداً بالكون الواسع.