Nihal Atsiz
18/06/2009, 20:40
فضولي البغدادي
أمير الشعر التركماني
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
يقول الدكتور حسين محفوظ أستاذ الدراسات الشرقية في كلية الآداب بجامعة بغداد ((كان فضولي من عشيرة البيات، و هي فرع من قبيلة الغز (اوغوز- OĞUZ) التركمانية التي استوطنت العراق قديماً، وسكنت قرب واسط ولها امتدادات في الشرق وتركيا، و يقيم اليوم فرعٌ منهم بكركوك وبيوتات ببغداد وغيرها من المدن.
في إحدى قصائده التي قالها الشاعر في مدح الإمام علي يذكر الشاعر أنه مدح الإمام خمسين عاماً، وهو ما يؤكد أنه بدأ بقرض الشعر وهو يافع، و كان لفضولي الشيعي المذهب مكاتبات ومناظرات شعرية مع الشاه إسماعيل الصفوي الذي يعتبر في الوقت نفسه من ابرز شعراء الشعر الكلاسيكي التركي (أدب الديوان) حيث كان يكتب قصائده باسم (خطائي) وإليه أهدى الشاعر ديوانه (بنك و باده) وقد شبه السلطان العثماني بـ (بنك ـ الأفيون) وشبه الشاه الصفوي بـ (باده ـ الشراب). وعندما استولى العثمانيون على بغداد منهين بذلك حكم الصفويين استقبلهم فضولي بقصيدة للسلطان العثماني سليمان القانوني الذي أمر أوقاف بغداد بصرف راتب شهري للشاعر. إلا أن الأوقاف توقفت عن صرف الراتب الشهري للشاعر، وذلك بعد مرور فترة على مغادرة السلطان بغداد، فتأثر الشاعر من هذا الإجراء المتعسف فكتب شكواه إلى السلطان في قصيدته الخالدة (شكايت نامه – كتاب الشكوى) ولكن دون جدوى، وهو الأمر الذي دفعه للاعتكاف في كربلاء التي كان يعتبرها (أكسير الممالك) حيث فوض إليه إسراج المصابيح في حضرة الحسين الشهيد.
وقد توفي الشاعر في هذه المدينة بعد أن أُصيب بمرض الطاعون سنة 963 هجرية حيث دفن بمدينة كربلاء على خطي جنوبي صحن الروضة الحسينية تجاه باب القبلة.
ترك فضولي ميراثاً ضخماً خالداً للأدب التركي خاصة وللأدب الإنساني عامة من الشعر والنثر باللغات التركية والعربية والفارسية في أثار قيمة مثل: أنيس القلب (منظومة في 134 بيتاً)، حديقة السعداء (عن واقعة كربلاء، وترجمة خطب الإمام الحسين خلال الواقعة)، ديوان فضولي (ثلاثة مجلدات ضخمة باللغات الثلاث)، رسائل فضولي، رند وزاهد (منظومة في 850 بيتاً)، ساقي نامه (في 700 بيتاً)، مطلع الاعتقاد (في علم الكلام) ليلى ومجنون (3400 بيتا)ً.
ورغم أن علي شيرنوائي يعتبر أول من تناول موضوع مجنون ليلى في الشعر التركي إلا أنه لم يصب الشهرة التي بلغها فضولي لكونه قد كتبها باللغة التركية الجغتائية. أما فضولي الذي كتب نفس الموضوع متأثراً بالشاعر الأذربيجاني نظامي كنجوي فقد اختلف عن بقية الشعراء الأتراك الذين تناولوا نفس الموضوع بمنح مطولته الشعرية نفساً صوفياً مجرداً بذلك قصة الحب المعروفة من عناصرها الحسية محولاً بذلك تلك العناصر إلى عناصر مجازية.
كما يتجلى ذلك في النموذج التالي:
كنت رفيق دربي الدائم أيها القمر
أتترك رفيقتي هكذا للمصير المحتوم
افتخر أيها القدر بما جنته يداك
لا رفيقة لي غير تلك الدرة الساطعة
فالحزن مخيم على القلب حتى القيامة
إياك أن تقترب من خصلات شعرها أيها الثعبان
إلهي انقذني من الحزن والغم
وبلغ جسدي بشرى العدم
قطفت الوردة من بستان الأمل
وشربت الشراب من كأس الأجل
أنت ليلى وقالت هو ذا حبيب الروح
فما أفظعه من حب هذا الذي عشناه!
أوضح فضولي في مقدمة ديوانه الفارسي أن خطابه الشعري موجه للفقراء والمظلومين، ويعبر عن معاناتهم
لآهات المظلوم أصداء في شعري
و لأنات المحروم مكان في قصيدي
لي الفقر هو الجاه و العز
و لغيري الثروة والكنز
العفة و العدل كنز الحكام وتاجهم
الطغيان والطمع يعجل بأوانهم
أثنى على فضولي معظم النقاد والأدباء في زمانه وغير زمانه، قال عنه معاصره عهدي البغدادي ((مولانا فضولي كامل بكمال المعرفة' فاضل بفنون الفضائل ,لا ند له في بلاغته في اللغات الثلاث. قادر على صنوف الشعر ،ماهر في العروض..)) لقبه الشاعر التركي عبدالحق حامد المعروف لدى الأتراك بالشاعر الأعظم بأنه (شيخ الشعراء) و (أعظم شعراء الشرق). وقال عنه المستشرق المعروف جب ((أن فضولي البغدادي لم يجد إلهامه في صفحة من صفحات ديوان شاعر فارسي و لا تركي، وإنما وجده في قلبه ، وقد اهتدى بنور عبقريته في تلك الطريق التي شقها لنفسه ،ولم يسر فيها قبله ولا بعده أحد..)) ويقول عنه الباحثان ادمون فازي و عبد الحليم ممدوح ((كان شعراء الترك متعلمين متكلفين في المعنى والمبنى. أما ذلك العراقي المتواضع فشعره ديباجة صافية، ورونق لا يبلى)).
لا يزال هذا الشاعر العظيم محط الأوساط الثقافية التركمانية في سوريا والعراق وأذربيجان وتركيا. وكانت تركيا قد اقترحت في بداية السبعينات على العراق إقامة ضريح مناسب للشاعر يتناسب مع أهميته الشعرية مقابل بناء ضريح مماثل للشاعر العربي امرئ القيس بعد أن عثر علماء الآثار على مكان قبره بمنطقة ( ألما داغ) القريبة من العاصمة التركية أنقرة. إلا أن المشروع لم ينفذ، وكان أن قامت بلدية مدينة كربلاء بتسوية عشرة أمتار من عمق الصحن الحسيني لتوسيع الشارع الذي يقع عليه، وهو مكان لتجمع الباعة الذين يربطون فيه دوابهم أيضاً، الأمر الذي أدى تسوية قبر الشاعر فضولي، وهو ما ذكره الشاعر التركي كمال بيرام في كتابه (مزوبوتاميا) الذي ألفه عن زيارته للعراق بعد دعوته إلى مهرجان مربد الشعري في 1974 وأمام اهتمام وفود الأتراك الأذربيجانيون بزيارة قبر الشاعر الذي تفخر به لكونه كتب أشعاره بالتركية التركمانية التي تتشابه إلى حد بعيد مع اللهجة التركية الأذربيجانية، اضطرت الجهات العراقية إلى تشكيل لجنة لتحديد مكان لبناء ضريح جديد للشاعر في الصحن الحسيني الشريف. لكن اللجنة اختارت مكاناً أخر لبناء ضريح الشاعر فضولي، حول هذا الموضوع يذكر الكاتب التركي الأذربيجاني غضنفر باشاييف في كتابه (ست سنوات على ضفاف دجلة و الفرات) مايلي ((…كان قبر الشاعر حتى السبعينيات من هذا القرن موجوداً تحت قبة صغيرة بباب القبلة.. في عام 1975 تم توسيع الساحة من باب القبلة وهدم الضريح على أثره.. (…) في أيلول من عام 1994 تم بناء ضريح جديد للشاعر في غرفة مكتبة ودار المخطوطات التي تقع في الجانب الأيمن من باب القبلة ـ السياج الخارجي ـ المحيط بضريح الإمام الحسين (ع) وذلك بمناسبة مرور 500 عام على ميلاده..
لقد استطاع الشاعر التركماني العراقي فضولي الذي قال:
لو نالت الوردة نصيبها من نيران الردى
فمن نارها سيبعث طائر الحب استطاع أن ينقل نار الشعر إلى الأجيال الشعرية المتلاحقة عبر القرون .لذلك يحتفل التركمان في العراق في منتصف أيلول من كل عام بذكرى شاعرهم الكبير، كما تقام بنفس المناسبة مهرجانات شعرية وثقافية في تركيا وأذربيجان وجميع الجمهوريات التركية في تركستان تكريماً منها لإنجازاته الشعرية الهامة. حينما وضع الشاعر التركماني الكبير محمد فضولي البغدادي، توقيعه على الشعر التركماني، قبل أن يوارى الثرى في كربلاء على مقربة من قبر الإمام الحسين ،لم يكن يدري أنه يضع بذرة مباركة في تربة الشعر التركماني العراقي و فضائه.
أمير الشعر التركماني
////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////
يقول الدكتور حسين محفوظ أستاذ الدراسات الشرقية في كلية الآداب بجامعة بغداد ((كان فضولي من عشيرة البيات، و هي فرع من قبيلة الغز (اوغوز- OĞUZ) التركمانية التي استوطنت العراق قديماً، وسكنت قرب واسط ولها امتدادات في الشرق وتركيا، و يقيم اليوم فرعٌ منهم بكركوك وبيوتات ببغداد وغيرها من المدن.
في إحدى قصائده التي قالها الشاعر في مدح الإمام علي يذكر الشاعر أنه مدح الإمام خمسين عاماً، وهو ما يؤكد أنه بدأ بقرض الشعر وهو يافع، و كان لفضولي الشيعي المذهب مكاتبات ومناظرات شعرية مع الشاه إسماعيل الصفوي الذي يعتبر في الوقت نفسه من ابرز شعراء الشعر الكلاسيكي التركي (أدب الديوان) حيث كان يكتب قصائده باسم (خطائي) وإليه أهدى الشاعر ديوانه (بنك و باده) وقد شبه السلطان العثماني بـ (بنك ـ الأفيون) وشبه الشاه الصفوي بـ (باده ـ الشراب). وعندما استولى العثمانيون على بغداد منهين بذلك حكم الصفويين استقبلهم فضولي بقصيدة للسلطان العثماني سليمان القانوني الذي أمر أوقاف بغداد بصرف راتب شهري للشاعر. إلا أن الأوقاف توقفت عن صرف الراتب الشهري للشاعر، وذلك بعد مرور فترة على مغادرة السلطان بغداد، فتأثر الشاعر من هذا الإجراء المتعسف فكتب شكواه إلى السلطان في قصيدته الخالدة (شكايت نامه – كتاب الشكوى) ولكن دون جدوى، وهو الأمر الذي دفعه للاعتكاف في كربلاء التي كان يعتبرها (أكسير الممالك) حيث فوض إليه إسراج المصابيح في حضرة الحسين الشهيد.
وقد توفي الشاعر في هذه المدينة بعد أن أُصيب بمرض الطاعون سنة 963 هجرية حيث دفن بمدينة كربلاء على خطي جنوبي صحن الروضة الحسينية تجاه باب القبلة.
ترك فضولي ميراثاً ضخماً خالداً للأدب التركي خاصة وللأدب الإنساني عامة من الشعر والنثر باللغات التركية والعربية والفارسية في أثار قيمة مثل: أنيس القلب (منظومة في 134 بيتاً)، حديقة السعداء (عن واقعة كربلاء، وترجمة خطب الإمام الحسين خلال الواقعة)، ديوان فضولي (ثلاثة مجلدات ضخمة باللغات الثلاث)، رسائل فضولي، رند وزاهد (منظومة في 850 بيتاً)، ساقي نامه (في 700 بيتاً)، مطلع الاعتقاد (في علم الكلام) ليلى ومجنون (3400 بيتا)ً.
ورغم أن علي شيرنوائي يعتبر أول من تناول موضوع مجنون ليلى في الشعر التركي إلا أنه لم يصب الشهرة التي بلغها فضولي لكونه قد كتبها باللغة التركية الجغتائية. أما فضولي الذي كتب نفس الموضوع متأثراً بالشاعر الأذربيجاني نظامي كنجوي فقد اختلف عن بقية الشعراء الأتراك الذين تناولوا نفس الموضوع بمنح مطولته الشعرية نفساً صوفياً مجرداً بذلك قصة الحب المعروفة من عناصرها الحسية محولاً بذلك تلك العناصر إلى عناصر مجازية.
كما يتجلى ذلك في النموذج التالي:
كنت رفيق دربي الدائم أيها القمر
أتترك رفيقتي هكذا للمصير المحتوم
افتخر أيها القدر بما جنته يداك
لا رفيقة لي غير تلك الدرة الساطعة
فالحزن مخيم على القلب حتى القيامة
إياك أن تقترب من خصلات شعرها أيها الثعبان
إلهي انقذني من الحزن والغم
وبلغ جسدي بشرى العدم
قطفت الوردة من بستان الأمل
وشربت الشراب من كأس الأجل
أنت ليلى وقالت هو ذا حبيب الروح
فما أفظعه من حب هذا الذي عشناه!
أوضح فضولي في مقدمة ديوانه الفارسي أن خطابه الشعري موجه للفقراء والمظلومين، ويعبر عن معاناتهم
لآهات المظلوم أصداء في شعري
و لأنات المحروم مكان في قصيدي
لي الفقر هو الجاه و العز
و لغيري الثروة والكنز
العفة و العدل كنز الحكام وتاجهم
الطغيان والطمع يعجل بأوانهم
أثنى على فضولي معظم النقاد والأدباء في زمانه وغير زمانه، قال عنه معاصره عهدي البغدادي ((مولانا فضولي كامل بكمال المعرفة' فاضل بفنون الفضائل ,لا ند له في بلاغته في اللغات الثلاث. قادر على صنوف الشعر ،ماهر في العروض..)) لقبه الشاعر التركي عبدالحق حامد المعروف لدى الأتراك بالشاعر الأعظم بأنه (شيخ الشعراء) و (أعظم شعراء الشرق). وقال عنه المستشرق المعروف جب ((أن فضولي البغدادي لم يجد إلهامه في صفحة من صفحات ديوان شاعر فارسي و لا تركي، وإنما وجده في قلبه ، وقد اهتدى بنور عبقريته في تلك الطريق التي شقها لنفسه ،ولم يسر فيها قبله ولا بعده أحد..)) ويقول عنه الباحثان ادمون فازي و عبد الحليم ممدوح ((كان شعراء الترك متعلمين متكلفين في المعنى والمبنى. أما ذلك العراقي المتواضع فشعره ديباجة صافية، ورونق لا يبلى)).
لا يزال هذا الشاعر العظيم محط الأوساط الثقافية التركمانية في سوريا والعراق وأذربيجان وتركيا. وكانت تركيا قد اقترحت في بداية السبعينات على العراق إقامة ضريح مناسب للشاعر يتناسب مع أهميته الشعرية مقابل بناء ضريح مماثل للشاعر العربي امرئ القيس بعد أن عثر علماء الآثار على مكان قبره بمنطقة ( ألما داغ) القريبة من العاصمة التركية أنقرة. إلا أن المشروع لم ينفذ، وكان أن قامت بلدية مدينة كربلاء بتسوية عشرة أمتار من عمق الصحن الحسيني لتوسيع الشارع الذي يقع عليه، وهو مكان لتجمع الباعة الذين يربطون فيه دوابهم أيضاً، الأمر الذي أدى تسوية قبر الشاعر فضولي، وهو ما ذكره الشاعر التركي كمال بيرام في كتابه (مزوبوتاميا) الذي ألفه عن زيارته للعراق بعد دعوته إلى مهرجان مربد الشعري في 1974 وأمام اهتمام وفود الأتراك الأذربيجانيون بزيارة قبر الشاعر الذي تفخر به لكونه كتب أشعاره بالتركية التركمانية التي تتشابه إلى حد بعيد مع اللهجة التركية الأذربيجانية، اضطرت الجهات العراقية إلى تشكيل لجنة لتحديد مكان لبناء ضريح جديد للشاعر في الصحن الحسيني الشريف. لكن اللجنة اختارت مكاناً أخر لبناء ضريح الشاعر فضولي، حول هذا الموضوع يذكر الكاتب التركي الأذربيجاني غضنفر باشاييف في كتابه (ست سنوات على ضفاف دجلة و الفرات) مايلي ((…كان قبر الشاعر حتى السبعينيات من هذا القرن موجوداً تحت قبة صغيرة بباب القبلة.. في عام 1975 تم توسيع الساحة من باب القبلة وهدم الضريح على أثره.. (…) في أيلول من عام 1994 تم بناء ضريح جديد للشاعر في غرفة مكتبة ودار المخطوطات التي تقع في الجانب الأيمن من باب القبلة ـ السياج الخارجي ـ المحيط بضريح الإمام الحسين (ع) وذلك بمناسبة مرور 500 عام على ميلاده..
لقد استطاع الشاعر التركماني العراقي فضولي الذي قال:
لو نالت الوردة نصيبها من نيران الردى
فمن نارها سيبعث طائر الحب استطاع أن ينقل نار الشعر إلى الأجيال الشعرية المتلاحقة عبر القرون .لذلك يحتفل التركمان في العراق في منتصف أيلول من كل عام بذكرى شاعرهم الكبير، كما تقام بنفس المناسبة مهرجانات شعرية وثقافية في تركيا وأذربيجان وجميع الجمهوريات التركية في تركستان تكريماً منها لإنجازاته الشعرية الهامة. حينما وضع الشاعر التركماني الكبير محمد فضولي البغدادي، توقيعه على الشعر التركماني، قبل أن يوارى الثرى في كربلاء على مقربة من قبر الإمام الحسين ،لم يكن يدري أنه يضع بذرة مباركة في تربة الشعر التركماني العراقي و فضائه.