ساكنة الروح
09/08/2009, 23:58
(ذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال؟) يونس – 32.
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }الحديد3
{قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً }الإسراء110
{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف180
{قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً }الإسراء110
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى }طه8
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }الحشر24
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد وآله الطاهرين .
اللّهم أنطقني بالهدى وألهمني التقوى .
إليكم أيها الأحباء نقدم هذه الباقات من الأزاهير التي قطفناها من حديقة لإيقان والعرفان
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
أَنَا العَالِمُ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ... أَنَا الكِتَابُ المسْطُوْرِ... أَنَا أَعْلَمُ هَمَاهِمَ الَبَهِائِمِ، وَمنْطِقَ الطَّيرِ، أَنَا الَّذِي أَجُوزُ السَّمَاوَاتِ السَّبعَ والأرَضِينَ السَّبعَ، في طَرْفَةِ عَيْن( ).
الهي ، ما عبدتك طمعا في جنتك, فتلك عبادة التجار. ولا خوفا من نارك, فتلك عبادة العبيد. ولكني وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك ..
الذي ليس في قلبه إلا حب الله يستوي عنده وجود كل ما سوي الله وعدمه لأن من وجد الله وجد كل شيء ومن لم يجد الله فما وجد شيء, فكل ما سوي الله وجوده جائز سبقه عدم ويلحقه عدم فهو عدم.
أحبك حبين حـب الهــوى وحــب لأنـك أهـل لـــذاك
فأمـا الــذي هو حــب الهوى فشغلي بك عمن سواك
كنتُ كنزاً مخفياً وأردتُ أن أعرَفَ فخلقتُ الخلقَ فبي عرفوني. (حديث قدسي )
هل زماننا اليوم هو غير زمان قائل البيت السابق الذي أدرك أن الإنسان، جسماً وروحاً، ينطوي على أسرار الكون في أدق تفاصيله – ومن هنا أهمية وجوده وحياته وكل اختباراته؟!
و أيّ أرض تخلو منك حتّى تعالوا يطلبونك في السمـاء
تراهم ينظرون إليك جهـراً وهم لا يبصرون من العماء
ظاهرياً قد نرى القسوة في الحياة، لكننا لا نرى اللطف بأعيننا الحسية.
عندما يبحث بعض الناس عن الله يقولون : نريد أن نراه...
قد تشعر باللطف في قلبك، ولكنك لا تستطيع أن تراه.
بعينيك ترى القسوة والقوة، لكن، لترى اللطف، عليك أن تغلقهما.
الله فيك، في داخلك، ولترى الله عليك أن تكون خارجه.. ..!
يقول أمير المؤمنين وامام العالمين ونقطة الأولين (ع) في معنى كون الله جل وعلا جلياً دون تجلٍّ: (الحمد لله الذي بطن خفيات الأمور ودلّت عليه أعلام الظهور وامتنع على عين البصير فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره، سبق في العلو فلا شيء أعلى منه، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه، فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه، ولا قربه ساواهم في المكان به)
هذا التوجيه من لدن أمير المؤمنين (ع) يجعل التعرف إلى الله سبيلاً لا بد منه
"وما يزال عبدي يتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها..."
عندما تتأمل رمال الشاطئ المتناثرة في موج البحر ... كيف أنها تروح جيئةً وذهاباً مع تلك الأمواج ... بدون مقاومة أو خوف ... وإنما بكل سلامٍ وتسليم ... وكأن البحر يغازل حبة الرمل ويداعبها مع كل موجة ...
لكي تصل إلى حقيقة الأشياء، أول ما يخطر ببالك: المعرفة.. أن تعرف عنها، وعن حقيقتها... أن تعرف عنها مادياً.. بالعلم والمعلومات....
فالزهرة مثلاً...
لو نظرتَ إليها بعين العلم المادي.. حلّلتَ كيميائيتها، وعرفتَ مكوناتها...
اسأل نفسك.. هل عرفتها بعد؟
ألم يفتك شيء ما لأنك لم ترى جمالها؟؟؟
لنسأل العالِم.. أين يكمُن الجمال في الزهرة؟
فيقول : ليس فيها جمال.. أنتم تتخيّلون ذلك.. هذا من خيالكم.
لقد فتّتها وحللتها قطعة قطعة، و هاكم ما وجدتُ: هذه الجزيئات هي التي تشكل الزهرة، الذرات، فيها دقائق و شحنات.. و لكن لا جمال فيها مطلقاً...من منّا لا يرى الزهرة جميلة؟ حتى عالِمنا العظيم، في لحظة شاعرية، سيهدي زوجته زهرة!
لن يهديها مواداً كيميائية مرصوفة بشكل زهرة! سيهديها جمالاً كامناً في الزهرة.
ولكن عندما يأخذ دور العالم يبدأ بالإنكار....
لأن الجمال لا يُرى بالعين المجردة.. ولا يساعدك المجهر على تقصّيه.. بل قلبك العاشق يا إنسان!
الشاعر يجلس قرب الزهرة، يغلق عينيه، ويراها في داخله، ثم يصبح هو الزهرة ذاتها...وهكذا يعرف ما هي الزهرة..هذا هو الحب والعشق....
عندما ترى امرأة، تراها من الخارج، ترى الطول والعرض، قد تسألها عن بلدها واسمها.. ولكنك لم تعرفها بعد.....أما عندما تقع في حب هذه المرأة، ستعرفها... ستعرف روحها، جمالها..
عندما تحبها، لم يبق أي شيء اسمه "أنت"، أو "هي".. بل وجودكما المشترك...
لذلك ن معرفة الله تعالى في قلب أي آدمي إنما تساوي بمقدارها، مقدار حبه لله تعالى
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) المائدة54
أن الله محبة، والمحبة هي الفرح، والكون قد وجد بالمحبة، وبالمحبة يعود كل شيء لله. والمحبة هي جمال الفرح، وجمال الحقيقة. وحقيقة المحبة هي حقيقة الكون، إنها نور الروح التي تزيل مجاهل الظلمة. وعلى كل فرد أن ينال هذه المحبة في حياته، لذلك قال السيد المسيح: "إن ملكوت الرب في متناول الجميع". فالمحب حقيقة يجب أن يتجرد عن كل ما يشغل عن الله وأن لا يحب إلا الله, بمعنى أن لا يكون في قلبه شيء غير الله
الله هو اللطيف.. فلا تبحث عنه بفظاظة!
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا و حبّـك مقـرون بأنفاسـي
ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهــم إلا و أنت حديثي بين جلاســي
ولا ذكرتك محزوناً و لا فَرِحا إلا و أنت بقلبي بين وسواســـي
ولا هممت بشرب الماء من عطش إلا رَأَيْتُ خيالاً منك في الكـــأس
ولو قدرتُ على الإتيان جئتـُكم سعياً على الوجه أو مشياً على الرأس
ويا فتى الحيّ إن غّنيت لي طربا فغّنـني وأسفا من قلبك القاســـي
ما لي وللناس كم يلحونني سفها ديني لنفسي ودين الناس للنـــاس
بل حاول بطرق جديدة.. بطرق غير مباشرة لكي ترى الله كجمالٍ وحب مقدّس...
لا تكُن مفكّراً وشكّاكاً.. بل كن شاعراً و حساساً..
إذا توجّهتِ إلى داخلك ببساطة وعفوية...
ستنفجر وتُعطيك الإدراك والتذكّر لطبيعتك وللاستنارة...
هذا ليس تنظيراً وفلسفة بل تجربة واقعية جبارة...
فابدؤوا بالحياة والاحتفال... ولتنطلق أنغام القيثارة...
عندما تتوجّه طاقتك إلى الداخل: ستعود الطاقة إلى المصدر... فتحدث الجلوة فجأة وتبدأ الصحوة... عندها تستطيع رؤية الغيوم من بُعد آلاف الأميال.... وتسمع الموسيقى القديمة في غابات الصنوبر.. عندها سيكون كل شيء متاحاً لك.
الفكر محدود القدرة على الرؤية... على المعرفة.. لا يستطيع معرفة التناقضات أو إدراكها.. ولهذا لا يمكن للفكر أن يعرف الله... الله أبعد من حدود الكلمات...
لا يمكن للفكر أن يعرف الجوهر العميق في كيانك.. لأنه متناقض ومتخالف... يجمع ويدرك كل التناقضات... ويجمعها معاً في ميزان الحياة...
الفكر يعني الكلمات والنفس تعني الصمت...
الفكر ليس إلا جميع الكلمات التي كوّمتها خلال حياتك، أما الصمت فهو الشيء الذي كان وسيبقى معك، ليس تكديساً ولا تجميعاً...
هذا هو معنى النفْس... إنها صفتك وطبيعتك الجوهرية الحقيقية...
على خلفية من الصمت، تستمر بتجميع وإلصاق الكلمات، والكلمات ككل تُعرف بالفكر.
أحبك حبين حـب الهــوى وحــب لأنـك أهـل لـــذاك
فأمـا الــذي هو حــب الهوى فشغلي بك عمن سواك
كل شيء في العالم يُستَمَدّ من الله . عندما يأتي كل شيء منه , ما الذي يمكنك أن تقدمه له ؟ الشيء الوحيد الذي يمكنك أن تعطيه إياه هو حبك . هذا كل ما يتوقعه منك
لا تكن من الذين يخافون الله بل كن من عشّاقهِ
فالخوف لن يأخذك إليه بل سيؤدي بك إلى فراقهِ
وبدلاً من تشريح الأشياء، اتّحد معها لكي تفهمها...
عندها سترى الله.. لن تراه بإرادتك، ولن تراه كشخص ماثلٍ أمامك..
الله ليس بشخص أو شيء!!
انتبه!! فهذه الفكرة هي أعظم سوء فهم في التاريخ كله!
وقد سادت لفترة طويلة إلى درجة أنها أصبحت حقيقية...
حتى الكذبة إذا كررتها باستمرار عبر قرون.. ستصدّقها في النهاية وستظهر لك كأنها حقيقة محققة!
الله هو حضور ونور... ليس شخصاً أو ناطور!!
روحك جزء من نوره الطاهر.... الله إحساس في قلبك مثل الحب والمحبة....
لا تستطيع التحدّث إلى الحب، لكنك تستطيع أن تعيشه...
لن تراه محيطاً بك فحسب، بل في قلبك وكل كيانك.. وأنت تحيط به وهو يحيط بك...فوق المكان وفوق الزمان... وفوق إدراكنا المادي الضيق....
ليس علينا أن نقرّر ماهيّة الحقيقة، لكن علينا أن نتذكرها كاللحظة التي ينفتح فيها المرء على نفسه....وعندها من يعرف نفسه يعرف ربه.
{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الذاريات21
من يستطيع رمي جميع قراراته الفكرية، والمفاهيم المنطقية وكل الافتراضات والهواجس....
يصل إلى براءة طفولية يفتح فيها نفسَه على الحقيقة
كما تفتح الزهور بتلاتها في النور
وفي هذا التفتّح تصبح الرؤية الحقيقية ممكنة ولن يرى إلا نوراً في نور
{وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ }الأنعام3
كل ما هو جميل في هذا الوجود هو من الله.. كل ما فيه بهاءٌ وعظمةٌ هو الله...
ولكنة تعالي لا يوصف وكمال وصفة الإخلاص له والشعور به وحبه، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده... ) أمير المؤمنين
وعين الرضى عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
وفي الحقيقة هذه العظمة موجودة في كل شيء ومكان، حتى في الصخر الجامد تكمن العظمة.. وهي تنتظرك لكي تكتشفها...
ونلاحظ بوضوح أن كل سنة تكوينية في نفس الإنسان، إنما تبرز بسبب التكوين الإنساني الذي يضم في خلقته كل مكونات الكون، وهي المادة والطاقة والحياة ومميزاتها والروح ومميزاتها الظاهرة للعقل.
فنمط التسليم في النفس وليد سنة الطاعة الكونية، حيث كل ما في الكون حادث مربوب لرب واحد مدبر حكيم قوي متين... له الصفات الحسنى؛ فكل ما في الكون طائع مسبح لله تعالى متحد به ومعه.
يقول الإمام علي (ع): (كل شيء خاشع له وكل شيء قائم به) فسبحان (المتجلي لخلقه بخلقه والظاهر لقلوبهم بحجته)
عندما تغيب الأفكار ويبقى ذهنك صافياً
عندما لا يكون عندك خيار وتكون لأمر الله مسلّماً
عندما لا يكون هناك كلمات ويكون قلبك فاعلاً
عندها ستتمكن ن رؤية الله في كل الأشياء والمخلوقات.
الخوف لن يأخذك إلى الله.... بل الحب سيجلبه إليك...فتعرفه وتعبده عن يقين
سأل ثعلب اليماني أمير المؤمنين (ع): هل رأيت ربك؟ فقال (ع): أفأعبدُ ما لا أرى؟!.
لله إحساس في قلبك مثل الحب والمحبة....
لا تستطيع التحدّث إلى الحب، لكنك تستطيع أن تعيشه...
لقد عاش الإنسان حتى الآن تحت سيطرة فكرة أن الله كشخصية او حال ... وقد تسبّبت هذه الفكرة بكارثتين كبيرتين:
أولهما هو ما يُسمى بـ "المؤمن" أي الذي يعتقد بوجود الله في مكان ما في أعالي السماء، ومن واجبه تعظيمه وعبادته... أن يدعو ويصلّي لكي ينعم عليه بالخيرات، وليساعده في تحقيق الرغبات والأمنيات... لكي يعطيه ثروة الحياة الدنيا إضافة إلى جنة الحياة الآخرة.... وهذا مجرّد إضاعة للوقت والجهد ليس إلا....
في الطرف الآخر نجد أن الناس الذين رأوا غباء "المؤمنين" قد أصبحوا مُلحدين أو "كافرين"... وبدؤوا بإنكار وجود الله... لكنهم كانوا أيضاً مخطئين... أي ضالّين...
لقد بدؤوا ينكرون ليس وجود الله كشخصية فحسب، بل نكروا حتى تجربة الألوهية...
الله هو البساطة والعفوية لا المُكر والدّهاء.... الله ليس تاجراً لكي تتديّن منه بضعة كيلوغرامات من الآثام... لتردّها بعد فترة بحفنة من الحسنات والعبادات...
الله أقرب إليك من حبل الوريد.... وما وسعني أرض ولا سماء.. وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن - الصادق طبعاً....
قول الإمام علي (ع) في هذا المعنى:
(الحمد لله الذي لم يسبق له حالٌ حالاً فيكون أولاً قبل أن يكون آخراً، ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً، كل مسمى بالوحدة غيره قليل... ).
عيناك التي تشعّان بالحب سترى الحجر جميلاً.. وستكتشف جماله الباطني....
انني في حالة صعبة جداً، فمنذ اليوم الذي دخل فيه حبُ الله فيّ قلبي، اختفَت الكراهية في داخلي.. لذلك حتى لو أردتُ أن أكره فلن أستطيع. حتى لو أتى الشيطان أمامي لا يسعني إلا أن أحبه
إن الإنسان يبحث عن الله أو الحياة ضمن حدود معينة ... ونسي أنه يبحث عن اللامحدود ... فكيف تضع تصوراً مسبقاً أو حداً ما لبحثك!
إنك لن تجده بذلك أبداً ... بل ستبقى مكانك بتعاستك وبؤسك وقيودك التي تظنها حياةً ... وصلاتك التي تظنها صلةً وما أنت بمكفول ولا موصول... بل في بحور الشيطان تسبح وتجول.
عندما تبحث عن الجلال و العظمة في الأشياء، ستراها في كل مكان، وسيختفي القبح من حياتك تدريجياً....
وقال أمير المؤمنين (ع): لا تراه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان، قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين، متكلم لا بروّية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة، لطيف لا يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء
في الحقيقة، ليس هناك أي شيء بشع.. لأن الله، الجمال الصافي، هو الذي خلق كل شيء.. خلقه على صورته، على جماله... وخاصة: "خُلق الإنسان على صورة الله ومثاله..."
أما القبح فهو فهمنا الخاطئ.. القبح هو سوء فهمنا للأشياء ونظرتنا السطحية إليها.
الفرق بين الشخص المستنير الحكيم والشخص العادي ليس في النوعية... إنهما متشابهان تماماً..
لكن هناك فقط فرق بسيط هو أن المستنير واعي ومُدرك أن الله موجود في كل الوجود... وأنه متغلغلٌ في أعماق قلبه مثلما هو منتشر في أعلى سماء وأعمق ماء....
المستنير قد تذكّر الذكرى النافعة... واستذكر نبض الكون الأبدي وتناغمَ معه... فرأى أن الكون ليس ميتاً، بل إنه يضجّ بالحب والحياة...... هذه الحياة هي الله!
الشخص العادي ببساطة نائم ومليء بالأحلام... وأحلامه تشكل حواجزاً وأوهام، تمنعه من رؤية حقيقة ذاته.
وطبعاً عندما لا تكون مدركاً لحقيقتك ولا عارفاً لنفسك، فكيف ستعرف حقيقة الآخرين؟؟؟ كيف ستصبح عارفاً بالله؟؟
الاختبار الأول يجب أن يجري داخلك أنت.... وبمجرّد أن ترى النور في الصدور... فيك أنت... ستستطيع رؤيته في كل مكان....
الشخصية سجنٌ يجب أن نحرر الله الذي في فكرنا منها... ويجب أن نحرره من أي شكل أو صورة أو فكرة محددة... عندها فقط يمكن أن يأخذ جميع الأشكال وجميع الأسماء والصفات... هذا هو سر الأسماء الحسنى التسع وتسعين، المتعاكسة في معانيها، والتي ستوحي إليك بالاسم المئة... الصمت والفناء وما لا يمكن التعبير عنه بالكلمات..... وسيصبح الله عندها، لا تراه الأبصار ولا تحدّه حدود ولا تدركه العقول.........
ن الله حضور وليس شخص، انتبه كثيراً لكلمة "حضور".... لأنك قد تستمر بسماع الكلمة وفق الفكر المشوّش المشفّر.... وربما تحوّل "الحضور" إلى "شيء" أو موضوع محدد، فتعود وتقع في نفس المصيدة مرة أخرى...
الله هو حضور في أعمق نقطة من كيانك وتكوينك.... إنه حضورك أنت ذاتك وليس لقاءً أو اندماجاً مع شخص آخر... او ما يسمي عند المتصوفة وحدة الوجود
عندما أقول أن الله حضور، فأنا ببساطة أقصد أنه ذلك الوجود والحقيقة الكونية.. ذلك المكان الهادئ.. ذلك الفراغ الذي لا يستطيع أي أحد دخوله...
ذلك المكان الخاص الطاهر النقي الذي لم تمسسه يدٌ ولا أفكار.... انه العرفان
العيـن تبصر من تهـواه وتفقده ونـاظر القلب لا يخلو مـن النظر
إن كان ليس معي فالذكر منه معي يراه قلبي وإن قد غاب عن بصري
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ }الزخرف84
عندما تبحث عن (ذي الجلال) ستراه في كل مكان، ستراه في البرق، وستسمعه مع الرعد، ستحس به يغسلك بالمطر....تسمعه في الصمت والصوت...وسترى الأمور على حقيقتها لأول مرة:
لا إله إلا الله.............سبحان الله
أحبك يا بديع الكون يا تسبيحة الزمن
وبي شوق إلى مرآك في الأحشاء يحرقني
أحبك يا صباح الروح يا أنسي لدى الشجن
لأنك في دروب العمر بالحسنى ترافقني
وتسمع صوتي الواهي وحين أَزِلُّ تدركني
ولو ينسى وجودي الناس تبقى أنت تذكرني
ويتركني جميع الخلق لكن لست تتركني
لقد تعلمت معنى.. سبحان الله وعرفان الله المعنى الحقيقي و الجديد بالنسبة لى وقد كان ذلك أصعب لي من فهم "لا إله إلا الله".. كانت الصعوبة أكبر لأن هذا المعنى الجديد لم يكن موجودا عندي إطلاقا لأنني كنت أعتقد أنني أقيم علاقة مباشرة بالله.. لم استطع أن أربط بين "لا إله إلا الله" وبين "معرفة الله سبحانة".. وأدركت تدريجيا خطأي وبدأت أتلمس المفهوم الحقيقي للعرفان وسجدت لله وسبحتة شكرا وحمدا لأنه أتاح لي فرصة وضع قدمي على أول الطريق داعيا أن يثبتني عليه
لقد أدركت إن الله في داخلي وأدركت ان الله يتغلغل في الوجود واكتشفت إن الله ليس متغلغلاً في الوجود فقط، بل هو أساس الوجود كله، فأدركت ان الله في داخلي وانا مرتبط ومتحول ومتحرك في هذا الوجود وأدركت ان الله موجود في كل عنصر من عناصر الوجود بل هو الوجود والواجد والموجود.
، وفي هذه الحالة من الوعي الذي فيها يكون كل شيء هو الله ويعمل بمشيئة الله ومن أجل الله، يصل الإنسان إلى حالة التوحيد، حالة الأحادية (الاسلام والتسليم الذي اتي به وطلبة جميع الرسل) التسليم هو ثمرة الرضى، وبالتسليم لأمر الله يُدرك الإنسان أنّه في ملكوت الله. وبذلك يصل هذا الإنسان الي مقام العرفان ويبلغ مرحلة الفناء
الله معنا كل لحظة، إنه الألوهية في قلوبنا النابضة، في رئتينا حين نتنفس لكن المشكلة هي أننا ـ أحياناً ـ لسنا مع الله. نريده أن يكون معنا ولنا، في حين لا نحاول التقرّب منه.
حين نصبح مع الله، نعي أهمية الحياة، نعي أن علينا الإحساس بالشكر والامتنان ونعي أهمية وجودنا.
الله أعطاك كل ما أنت بحاجة إليه، منحك النور الداخلي. وهو دائماً إلى جانبك ومعك ليساعدك على التمييز بين الصح والغلط، يغمرك بغبطته ورضاه. لا تكن مثل أولئك المستلقين على قارعة الطريق بانتظار من يوصلهم معه، فهذا مضيعة للوقت وهدر للطاقة الكامنة فيك.
المعبد والمسجد في قلبك.. وأنت في هذا الكون... في المعبد الأكبر... تسجد في كل لحظة لذي الجلال و الإكرام....
إن شغل القلب بالرب سبحانه ، أعظم من أن تحيط به إشارة أو عبارة أو مقالة ، يقطع السالك إلى ربه من المقامات ما الله أعلم بها ، وتعتريه من الأحوال ما الله أعلم بأسرارها ، تنكشف عنه من الحجب والأستار فيرى ويعلم ، ويجد ويتذوق ، ويدرك ويعاين ، ويجالس ويكالم ، فهو القتيل في حبه والغارق في بحور معانيه .قال الله : ما تحبّبَ إليّ عبدي بشيء أحبُّ إليَّ ممّـا افترضته عليه ، وإنّه ليتحبّبُ إليّ بالنوافل حتّى اُحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، إذا دعاني أجبته ، وإذا سألني أعطيته .
اللهمّ ارزقني حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ كلّ عمل يوصلني إلى قربك .
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }الحديد3
{قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً }الإسراء110
{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف180
{قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً }الإسراء110
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى }طه8
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }الحشر24
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد وآله الطاهرين .
اللّهم أنطقني بالهدى وألهمني التقوى .
إليكم أيها الأحباء نقدم هذه الباقات من الأزاهير التي قطفناها من حديقة لإيقان والعرفان
قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
أَنَا العَالِمُ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ... أَنَا الكِتَابُ المسْطُوْرِ... أَنَا أَعْلَمُ هَمَاهِمَ الَبَهِائِمِ، وَمنْطِقَ الطَّيرِ، أَنَا الَّذِي أَجُوزُ السَّمَاوَاتِ السَّبعَ والأرَضِينَ السَّبعَ، في طَرْفَةِ عَيْن( ).
الهي ، ما عبدتك طمعا في جنتك, فتلك عبادة التجار. ولا خوفا من نارك, فتلك عبادة العبيد. ولكني وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك ..
الذي ليس في قلبه إلا حب الله يستوي عنده وجود كل ما سوي الله وعدمه لأن من وجد الله وجد كل شيء ومن لم يجد الله فما وجد شيء, فكل ما سوي الله وجوده جائز سبقه عدم ويلحقه عدم فهو عدم.
أحبك حبين حـب الهــوى وحــب لأنـك أهـل لـــذاك
فأمـا الــذي هو حــب الهوى فشغلي بك عمن سواك
كنتُ كنزاً مخفياً وأردتُ أن أعرَفَ فخلقتُ الخلقَ فبي عرفوني. (حديث قدسي )
هل زماننا اليوم هو غير زمان قائل البيت السابق الذي أدرك أن الإنسان، جسماً وروحاً، ينطوي على أسرار الكون في أدق تفاصيله – ومن هنا أهمية وجوده وحياته وكل اختباراته؟!
و أيّ أرض تخلو منك حتّى تعالوا يطلبونك في السمـاء
تراهم ينظرون إليك جهـراً وهم لا يبصرون من العماء
ظاهرياً قد نرى القسوة في الحياة، لكننا لا نرى اللطف بأعيننا الحسية.
عندما يبحث بعض الناس عن الله يقولون : نريد أن نراه...
قد تشعر باللطف في قلبك، ولكنك لا تستطيع أن تراه.
بعينيك ترى القسوة والقوة، لكن، لترى اللطف، عليك أن تغلقهما.
الله فيك، في داخلك، ولترى الله عليك أن تكون خارجه.. ..!
يقول أمير المؤمنين وامام العالمين ونقطة الأولين (ع) في معنى كون الله جل وعلا جلياً دون تجلٍّ: (الحمد لله الذي بطن خفيات الأمور ودلّت عليه أعلام الظهور وامتنع على عين البصير فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره، سبق في العلو فلا شيء أعلى منه، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه، فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه، ولا قربه ساواهم في المكان به)
هذا التوجيه من لدن أمير المؤمنين (ع) يجعل التعرف إلى الله سبيلاً لا بد منه
"وما يزال عبدي يتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها..."
عندما تتأمل رمال الشاطئ المتناثرة في موج البحر ... كيف أنها تروح جيئةً وذهاباً مع تلك الأمواج ... بدون مقاومة أو خوف ... وإنما بكل سلامٍ وتسليم ... وكأن البحر يغازل حبة الرمل ويداعبها مع كل موجة ...
لكي تصل إلى حقيقة الأشياء، أول ما يخطر ببالك: المعرفة.. أن تعرف عنها، وعن حقيقتها... أن تعرف عنها مادياً.. بالعلم والمعلومات....
فالزهرة مثلاً...
لو نظرتَ إليها بعين العلم المادي.. حلّلتَ كيميائيتها، وعرفتَ مكوناتها...
اسأل نفسك.. هل عرفتها بعد؟
ألم يفتك شيء ما لأنك لم ترى جمالها؟؟؟
لنسأل العالِم.. أين يكمُن الجمال في الزهرة؟
فيقول : ليس فيها جمال.. أنتم تتخيّلون ذلك.. هذا من خيالكم.
لقد فتّتها وحللتها قطعة قطعة، و هاكم ما وجدتُ: هذه الجزيئات هي التي تشكل الزهرة، الذرات، فيها دقائق و شحنات.. و لكن لا جمال فيها مطلقاً...من منّا لا يرى الزهرة جميلة؟ حتى عالِمنا العظيم، في لحظة شاعرية، سيهدي زوجته زهرة!
لن يهديها مواداً كيميائية مرصوفة بشكل زهرة! سيهديها جمالاً كامناً في الزهرة.
ولكن عندما يأخذ دور العالم يبدأ بالإنكار....
لأن الجمال لا يُرى بالعين المجردة.. ولا يساعدك المجهر على تقصّيه.. بل قلبك العاشق يا إنسان!
الشاعر يجلس قرب الزهرة، يغلق عينيه، ويراها في داخله، ثم يصبح هو الزهرة ذاتها...وهكذا يعرف ما هي الزهرة..هذا هو الحب والعشق....
عندما ترى امرأة، تراها من الخارج، ترى الطول والعرض، قد تسألها عن بلدها واسمها.. ولكنك لم تعرفها بعد.....أما عندما تقع في حب هذه المرأة، ستعرفها... ستعرف روحها، جمالها..
عندما تحبها، لم يبق أي شيء اسمه "أنت"، أو "هي".. بل وجودكما المشترك...
لذلك ن معرفة الله تعالى في قلب أي آدمي إنما تساوي بمقدارها، مقدار حبه لله تعالى
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) المائدة54
أن الله محبة، والمحبة هي الفرح، والكون قد وجد بالمحبة، وبالمحبة يعود كل شيء لله. والمحبة هي جمال الفرح، وجمال الحقيقة. وحقيقة المحبة هي حقيقة الكون، إنها نور الروح التي تزيل مجاهل الظلمة. وعلى كل فرد أن ينال هذه المحبة في حياته، لذلك قال السيد المسيح: "إن ملكوت الرب في متناول الجميع". فالمحب حقيقة يجب أن يتجرد عن كل ما يشغل عن الله وأن لا يحب إلا الله, بمعنى أن لا يكون في قلبه شيء غير الله
الله هو اللطيف.. فلا تبحث عنه بفظاظة!
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت إلا و حبّـك مقـرون بأنفاسـي
ولا خلوتُ إلى قوم أحدّثهــم إلا و أنت حديثي بين جلاســي
ولا ذكرتك محزوناً و لا فَرِحا إلا و أنت بقلبي بين وسواســـي
ولا هممت بشرب الماء من عطش إلا رَأَيْتُ خيالاً منك في الكـــأس
ولو قدرتُ على الإتيان جئتـُكم سعياً على الوجه أو مشياً على الرأس
ويا فتى الحيّ إن غّنيت لي طربا فغّنـني وأسفا من قلبك القاســـي
ما لي وللناس كم يلحونني سفها ديني لنفسي ودين الناس للنـــاس
بل حاول بطرق جديدة.. بطرق غير مباشرة لكي ترى الله كجمالٍ وحب مقدّس...
لا تكُن مفكّراً وشكّاكاً.. بل كن شاعراً و حساساً..
إذا توجّهتِ إلى داخلك ببساطة وعفوية...
ستنفجر وتُعطيك الإدراك والتذكّر لطبيعتك وللاستنارة...
هذا ليس تنظيراً وفلسفة بل تجربة واقعية جبارة...
فابدؤوا بالحياة والاحتفال... ولتنطلق أنغام القيثارة...
عندما تتوجّه طاقتك إلى الداخل: ستعود الطاقة إلى المصدر... فتحدث الجلوة فجأة وتبدأ الصحوة... عندها تستطيع رؤية الغيوم من بُعد آلاف الأميال.... وتسمع الموسيقى القديمة في غابات الصنوبر.. عندها سيكون كل شيء متاحاً لك.
الفكر محدود القدرة على الرؤية... على المعرفة.. لا يستطيع معرفة التناقضات أو إدراكها.. ولهذا لا يمكن للفكر أن يعرف الله... الله أبعد من حدود الكلمات...
لا يمكن للفكر أن يعرف الجوهر العميق في كيانك.. لأنه متناقض ومتخالف... يجمع ويدرك كل التناقضات... ويجمعها معاً في ميزان الحياة...
الفكر يعني الكلمات والنفس تعني الصمت...
الفكر ليس إلا جميع الكلمات التي كوّمتها خلال حياتك، أما الصمت فهو الشيء الذي كان وسيبقى معك، ليس تكديساً ولا تجميعاً...
هذا هو معنى النفْس... إنها صفتك وطبيعتك الجوهرية الحقيقية...
على خلفية من الصمت، تستمر بتجميع وإلصاق الكلمات، والكلمات ككل تُعرف بالفكر.
أحبك حبين حـب الهــوى وحــب لأنـك أهـل لـــذاك
فأمـا الــذي هو حــب الهوى فشغلي بك عمن سواك
كل شيء في العالم يُستَمَدّ من الله . عندما يأتي كل شيء منه , ما الذي يمكنك أن تقدمه له ؟ الشيء الوحيد الذي يمكنك أن تعطيه إياه هو حبك . هذا كل ما يتوقعه منك
لا تكن من الذين يخافون الله بل كن من عشّاقهِ
فالخوف لن يأخذك إليه بل سيؤدي بك إلى فراقهِ
وبدلاً من تشريح الأشياء، اتّحد معها لكي تفهمها...
عندها سترى الله.. لن تراه بإرادتك، ولن تراه كشخص ماثلٍ أمامك..
الله ليس بشخص أو شيء!!
انتبه!! فهذه الفكرة هي أعظم سوء فهم في التاريخ كله!
وقد سادت لفترة طويلة إلى درجة أنها أصبحت حقيقية...
حتى الكذبة إذا كررتها باستمرار عبر قرون.. ستصدّقها في النهاية وستظهر لك كأنها حقيقة محققة!
الله هو حضور ونور... ليس شخصاً أو ناطور!!
روحك جزء من نوره الطاهر.... الله إحساس في قلبك مثل الحب والمحبة....
لا تستطيع التحدّث إلى الحب، لكنك تستطيع أن تعيشه...
لن تراه محيطاً بك فحسب، بل في قلبك وكل كيانك.. وأنت تحيط به وهو يحيط بك...فوق المكان وفوق الزمان... وفوق إدراكنا المادي الضيق....
ليس علينا أن نقرّر ماهيّة الحقيقة، لكن علينا أن نتذكرها كاللحظة التي ينفتح فيها المرء على نفسه....وعندها من يعرف نفسه يعرف ربه.
{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الذاريات21
من يستطيع رمي جميع قراراته الفكرية، والمفاهيم المنطقية وكل الافتراضات والهواجس....
يصل إلى براءة طفولية يفتح فيها نفسَه على الحقيقة
كما تفتح الزهور بتلاتها في النور
وفي هذا التفتّح تصبح الرؤية الحقيقية ممكنة ولن يرى إلا نوراً في نور
{وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ }الأنعام3
كل ما هو جميل في هذا الوجود هو من الله.. كل ما فيه بهاءٌ وعظمةٌ هو الله...
ولكنة تعالي لا يوصف وكمال وصفة الإخلاص له والشعور به وحبه، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده... ) أمير المؤمنين
وعين الرضى عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا
وفي الحقيقة هذه العظمة موجودة في كل شيء ومكان، حتى في الصخر الجامد تكمن العظمة.. وهي تنتظرك لكي تكتشفها...
ونلاحظ بوضوح أن كل سنة تكوينية في نفس الإنسان، إنما تبرز بسبب التكوين الإنساني الذي يضم في خلقته كل مكونات الكون، وهي المادة والطاقة والحياة ومميزاتها والروح ومميزاتها الظاهرة للعقل.
فنمط التسليم في النفس وليد سنة الطاعة الكونية، حيث كل ما في الكون حادث مربوب لرب واحد مدبر حكيم قوي متين... له الصفات الحسنى؛ فكل ما في الكون طائع مسبح لله تعالى متحد به ومعه.
يقول الإمام علي (ع): (كل شيء خاشع له وكل شيء قائم به) فسبحان (المتجلي لخلقه بخلقه والظاهر لقلوبهم بحجته)
عندما تغيب الأفكار ويبقى ذهنك صافياً
عندما لا يكون عندك خيار وتكون لأمر الله مسلّماً
عندما لا يكون هناك كلمات ويكون قلبك فاعلاً
عندها ستتمكن ن رؤية الله في كل الأشياء والمخلوقات.
الخوف لن يأخذك إلى الله.... بل الحب سيجلبه إليك...فتعرفه وتعبده عن يقين
سأل ثعلب اليماني أمير المؤمنين (ع): هل رأيت ربك؟ فقال (ع): أفأعبدُ ما لا أرى؟!.
لله إحساس في قلبك مثل الحب والمحبة....
لا تستطيع التحدّث إلى الحب، لكنك تستطيع أن تعيشه...
لقد عاش الإنسان حتى الآن تحت سيطرة فكرة أن الله كشخصية او حال ... وقد تسبّبت هذه الفكرة بكارثتين كبيرتين:
أولهما هو ما يُسمى بـ "المؤمن" أي الذي يعتقد بوجود الله في مكان ما في أعالي السماء، ومن واجبه تعظيمه وعبادته... أن يدعو ويصلّي لكي ينعم عليه بالخيرات، وليساعده في تحقيق الرغبات والأمنيات... لكي يعطيه ثروة الحياة الدنيا إضافة إلى جنة الحياة الآخرة.... وهذا مجرّد إضاعة للوقت والجهد ليس إلا....
في الطرف الآخر نجد أن الناس الذين رأوا غباء "المؤمنين" قد أصبحوا مُلحدين أو "كافرين"... وبدؤوا بإنكار وجود الله... لكنهم كانوا أيضاً مخطئين... أي ضالّين...
لقد بدؤوا ينكرون ليس وجود الله كشخصية فحسب، بل نكروا حتى تجربة الألوهية...
الله هو البساطة والعفوية لا المُكر والدّهاء.... الله ليس تاجراً لكي تتديّن منه بضعة كيلوغرامات من الآثام... لتردّها بعد فترة بحفنة من الحسنات والعبادات...
الله أقرب إليك من حبل الوريد.... وما وسعني أرض ولا سماء.. وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن - الصادق طبعاً....
قول الإمام علي (ع) في هذا المعنى:
(الحمد لله الذي لم يسبق له حالٌ حالاً فيكون أولاً قبل أن يكون آخراً، ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً، كل مسمى بالوحدة غيره قليل... ).
عيناك التي تشعّان بالحب سترى الحجر جميلاً.. وستكتشف جماله الباطني....
انني في حالة صعبة جداً، فمنذ اليوم الذي دخل فيه حبُ الله فيّ قلبي، اختفَت الكراهية في داخلي.. لذلك حتى لو أردتُ أن أكره فلن أستطيع. حتى لو أتى الشيطان أمامي لا يسعني إلا أن أحبه
إن الإنسان يبحث عن الله أو الحياة ضمن حدود معينة ... ونسي أنه يبحث عن اللامحدود ... فكيف تضع تصوراً مسبقاً أو حداً ما لبحثك!
إنك لن تجده بذلك أبداً ... بل ستبقى مكانك بتعاستك وبؤسك وقيودك التي تظنها حياةً ... وصلاتك التي تظنها صلةً وما أنت بمكفول ولا موصول... بل في بحور الشيطان تسبح وتجول.
عندما تبحث عن الجلال و العظمة في الأشياء، ستراها في كل مكان، وسيختفي القبح من حياتك تدريجياً....
وقال أمير المؤمنين (ع): لا تراه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان، قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين، متكلم لا بروّية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة، لطيف لا يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء
في الحقيقة، ليس هناك أي شيء بشع.. لأن الله، الجمال الصافي، هو الذي خلق كل شيء.. خلقه على صورته، على جماله... وخاصة: "خُلق الإنسان على صورة الله ومثاله..."
أما القبح فهو فهمنا الخاطئ.. القبح هو سوء فهمنا للأشياء ونظرتنا السطحية إليها.
الفرق بين الشخص المستنير الحكيم والشخص العادي ليس في النوعية... إنهما متشابهان تماماً..
لكن هناك فقط فرق بسيط هو أن المستنير واعي ومُدرك أن الله موجود في كل الوجود... وأنه متغلغلٌ في أعماق قلبه مثلما هو منتشر في أعلى سماء وأعمق ماء....
المستنير قد تذكّر الذكرى النافعة... واستذكر نبض الكون الأبدي وتناغمَ معه... فرأى أن الكون ليس ميتاً، بل إنه يضجّ بالحب والحياة...... هذه الحياة هي الله!
الشخص العادي ببساطة نائم ومليء بالأحلام... وأحلامه تشكل حواجزاً وأوهام، تمنعه من رؤية حقيقة ذاته.
وطبعاً عندما لا تكون مدركاً لحقيقتك ولا عارفاً لنفسك، فكيف ستعرف حقيقة الآخرين؟؟؟ كيف ستصبح عارفاً بالله؟؟
الاختبار الأول يجب أن يجري داخلك أنت.... وبمجرّد أن ترى النور في الصدور... فيك أنت... ستستطيع رؤيته في كل مكان....
الشخصية سجنٌ يجب أن نحرر الله الذي في فكرنا منها... ويجب أن نحرره من أي شكل أو صورة أو فكرة محددة... عندها فقط يمكن أن يأخذ جميع الأشكال وجميع الأسماء والصفات... هذا هو سر الأسماء الحسنى التسع وتسعين، المتعاكسة في معانيها، والتي ستوحي إليك بالاسم المئة... الصمت والفناء وما لا يمكن التعبير عنه بالكلمات..... وسيصبح الله عندها، لا تراه الأبصار ولا تحدّه حدود ولا تدركه العقول.........
ن الله حضور وليس شخص، انتبه كثيراً لكلمة "حضور".... لأنك قد تستمر بسماع الكلمة وفق الفكر المشوّش المشفّر.... وربما تحوّل "الحضور" إلى "شيء" أو موضوع محدد، فتعود وتقع في نفس المصيدة مرة أخرى...
الله هو حضور في أعمق نقطة من كيانك وتكوينك.... إنه حضورك أنت ذاتك وليس لقاءً أو اندماجاً مع شخص آخر... او ما يسمي عند المتصوفة وحدة الوجود
عندما أقول أن الله حضور، فأنا ببساطة أقصد أنه ذلك الوجود والحقيقة الكونية.. ذلك المكان الهادئ.. ذلك الفراغ الذي لا يستطيع أي أحد دخوله...
ذلك المكان الخاص الطاهر النقي الذي لم تمسسه يدٌ ولا أفكار.... انه العرفان
العيـن تبصر من تهـواه وتفقده ونـاظر القلب لا يخلو مـن النظر
إن كان ليس معي فالذكر منه معي يراه قلبي وإن قد غاب عن بصري
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ }الزخرف84
عندما تبحث عن (ذي الجلال) ستراه في كل مكان، ستراه في البرق، وستسمعه مع الرعد، ستحس به يغسلك بالمطر....تسمعه في الصمت والصوت...وسترى الأمور على حقيقتها لأول مرة:
لا إله إلا الله.............سبحان الله
أحبك يا بديع الكون يا تسبيحة الزمن
وبي شوق إلى مرآك في الأحشاء يحرقني
أحبك يا صباح الروح يا أنسي لدى الشجن
لأنك في دروب العمر بالحسنى ترافقني
وتسمع صوتي الواهي وحين أَزِلُّ تدركني
ولو ينسى وجودي الناس تبقى أنت تذكرني
ويتركني جميع الخلق لكن لست تتركني
لقد تعلمت معنى.. سبحان الله وعرفان الله المعنى الحقيقي و الجديد بالنسبة لى وقد كان ذلك أصعب لي من فهم "لا إله إلا الله".. كانت الصعوبة أكبر لأن هذا المعنى الجديد لم يكن موجودا عندي إطلاقا لأنني كنت أعتقد أنني أقيم علاقة مباشرة بالله.. لم استطع أن أربط بين "لا إله إلا الله" وبين "معرفة الله سبحانة".. وأدركت تدريجيا خطأي وبدأت أتلمس المفهوم الحقيقي للعرفان وسجدت لله وسبحتة شكرا وحمدا لأنه أتاح لي فرصة وضع قدمي على أول الطريق داعيا أن يثبتني عليه
لقد أدركت إن الله في داخلي وأدركت ان الله يتغلغل في الوجود واكتشفت إن الله ليس متغلغلاً في الوجود فقط، بل هو أساس الوجود كله، فأدركت ان الله في داخلي وانا مرتبط ومتحول ومتحرك في هذا الوجود وأدركت ان الله موجود في كل عنصر من عناصر الوجود بل هو الوجود والواجد والموجود.
، وفي هذه الحالة من الوعي الذي فيها يكون كل شيء هو الله ويعمل بمشيئة الله ومن أجل الله، يصل الإنسان إلى حالة التوحيد، حالة الأحادية (الاسلام والتسليم الذي اتي به وطلبة جميع الرسل) التسليم هو ثمرة الرضى، وبالتسليم لأمر الله يُدرك الإنسان أنّه في ملكوت الله. وبذلك يصل هذا الإنسان الي مقام العرفان ويبلغ مرحلة الفناء
الله معنا كل لحظة، إنه الألوهية في قلوبنا النابضة، في رئتينا حين نتنفس لكن المشكلة هي أننا ـ أحياناً ـ لسنا مع الله. نريده أن يكون معنا ولنا، في حين لا نحاول التقرّب منه.
حين نصبح مع الله، نعي أهمية الحياة، نعي أن علينا الإحساس بالشكر والامتنان ونعي أهمية وجودنا.
الله أعطاك كل ما أنت بحاجة إليه، منحك النور الداخلي. وهو دائماً إلى جانبك ومعك ليساعدك على التمييز بين الصح والغلط، يغمرك بغبطته ورضاه. لا تكن مثل أولئك المستلقين على قارعة الطريق بانتظار من يوصلهم معه، فهذا مضيعة للوقت وهدر للطاقة الكامنة فيك.
المعبد والمسجد في قلبك.. وأنت في هذا الكون... في المعبد الأكبر... تسجد في كل لحظة لذي الجلال و الإكرام....
إن شغل القلب بالرب سبحانه ، أعظم من أن تحيط به إشارة أو عبارة أو مقالة ، يقطع السالك إلى ربه من المقامات ما الله أعلم بها ، وتعتريه من الأحوال ما الله أعلم بأسرارها ، تنكشف عنه من الحجب والأستار فيرى ويعلم ، ويجد ويتذوق ، ويدرك ويعاين ، ويجالس ويكالم ، فهو القتيل في حبه والغارق في بحور معانيه .قال الله : ما تحبّبَ إليّ عبدي بشيء أحبُّ إليَّ ممّـا افترضته عليه ، وإنّه ليتحبّبُ إليّ بالنوافل حتّى اُحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، إذا دعاني أجبته ، وإذا سألني أعطيته .
اللهمّ ارزقني حبّك وحبّ من يحبّك وحبّ كلّ عمل يوصلني إلى قربك .