sheldi
06/09/2009, 11:15
ذهبت الي الصين أربع مرات أبحث عما يسميه الغربيون المعجزة الصينية فكانت إجابة كل من ألتقيته من المسئولين: ليس في الصين معجزة, ومانفعله تستطيع كل دولة نامية أن تفعله وتحقق ما حققناه إذا كانت لديها أهداف واضحة للقيادة ولكل فرد, ومشروع قومي قابل للتنفيذ, وارادة سياسية, وقيادة لديها الكفاءة لإدارة التنمية وحشد الجهود للعمل بجدية دون تهاون مع الفشل والانحراف..
فاذا توافرت هذه العناصر تتحقق مايسمونه معجزة ونسميه تجربة قابلة للتكرار.هذه الوصفة جعلت الهيكل الانتاجي للصين أسرع وأعلي معدلات النمو في العالم, وحققت زيادة في الانتاجية والتصدير وفي التطور التكنولوجي برغم الحظر الذي تفرضه الدول المتقدمة التي تحتكر التكنولوجيا وتعرقل وصولها الي الدول النامية.. ومن حصيلة ماسمعته فإن أهم عوامل النجاح تتلخص فيما يلي: أولا: إن نجاح التجربة الصينية لا يمكن رده الي العوامل المادية للنمو الاقتصادي بقدر مايمكن تفسيرها بتركيز القيادة علي العوامل المعنوية ـ أي الروح المعنوية العالية, وجرعة الأمل في غد أفضل التي فجرها العمل السياسي في نفوس الصينيين, ووصول عائد التنمية الي المواطن العامل.. ويضاف الي ذلك قوة الدافع الوطني الذي يتمثل في المنافسة التقليدية مع اليابان والايمان بأن الحضارة الصينية العريقة هي مصدر الحضارة اليابانية.. كما يضاف الي ذلك النجاح في تحويل القطاع الزراعي الضخم( أكثر من800 مليون نسمة) الي قطاع منتج من خلال نموذج تطبقه القيادة بحماس كبير كمشروع قومي لمواجهة البطالة والفقر والإرهاب. ثانيا: جذب الاستثمارات الأجنبية ليس باعلانات الصحف والمجلات أو باللقاءات ودعوات العشاء وتبادل الوعود البراقة, ولكن بادراك ان المستثمرين لا يذهبون الي بلد إلا إذا كانوا سيحققون فيها أكبر قدر من الربح المضمون ويستطيعون تحويل أرباحهم دون الوقوع في براثن البيروقراطية والرشاوي والعمولات أو بأقل قدر منها! إنهم يبحثون عن بلد تتوافر فيه عوامل أساسية مثل المطارات والمواني والطرق والمواصلات الحديثة والمنتظمة بريا وبحريا وجويا, ووسائل الاتصال التي تمكنهم من الاتصال بأي مكان في العالم بدون مشاكل. وفي الوقت نفسه فإن الانفتاح لا يعني تسليم البلد للمستثمرين أو الرضوخ لكل شروطهم, ولا تتخلي الدولة عن دورها في حماية الاقتصاد الوطني وضمان أن تحقق المشروعات الاستثمارية مصلحة الصين أولا.. وقد نجحت الصين في انشاء مناطق حرة تجمع بين آليات السوق الحرة ووجود الدولة القوية, وفي البداية كانت المشكلة هي قلة الخبراء والمتخصصين الصالحين لتنفيذ سياسة الانفتاح بعقلية تتوافق مع النظم الحديثة في الإدارة الاقتصادية, وفرض ذلك تنفيذ برنامج لتدريب الكوادر الصينية, وارسالها في بعثات للتعلم من الدول المتقدمة, وتطبيق سياسة تكفل اختيار أكفأ من يستطيع إدارة الشركات بصرف النظر عن جنسيته, فوجود مدير أجنبي علي درجة عالية من الكفاءة والخبرة يساعد علي اعداد كوادر من الصينيين, وتوافق مع ذلك اصلاح التشريعات الاقتصادية, واصلاح نظم الرقابة والمحاسبة لكي لا يفلت من العقاب كل منحرف أو فاسد. وأحد أسرار التقدم في الصين أنها أصبحت تحترم أصحاب الخبرة والكفاءة, وتؤمن بأنها بدون هؤلاء سيبقي المجتمع الصيني متخلفا, وهذا ماجعل أعدادا كبيرة من الخبراء الصينيين المهاجرين في الغرب يعودون الي وطنهم ويقبلون العمل في قيادة المصانع ومراكز التطوير التكنولوجي بدخول أقل مما يحصلون عليه في الغرب, لشعورهم بأن وطنهم يحتاج اليهم, وينظر الي تضحيتهم بتقدير ويوفر لهم مناخ العمل والابداع.. وبهؤلاء أمكن للقيادة الصينية ان تقول إننا لا نعتمد الآن علي استيراد التكنولوجيا الجاهزة من الآخرين, ولو بقينا نعتمد علي استيرادها سيظل مجتمعنا كسيحا يزحف وراء غيره وينتظر الصدقات من الآخرين..
وهكذا اصبحت مؤسسات البحث العلمي هي الأساس للتقدم بعد تحديث اكاديمية العلوم, وزيادة الاستثمارات في البحث العلمي, وزيادة مرتبات العلماء والباحثين, وتحدد هدف لكل مؤسسة لتحسين المنتجات ومسايرة التطور في الأسواق العالمية, واعطاء كل صاحب اختراع نسبة من عائد تسويق هذا الاختراع, بحيث يمكن ان يحصل الباحث علي أموال كثيرة ويقولون: مادامت هذه الأموال من عائد جهده فليس لها حدود.. وفي كل شركة قسم كبير للأبحاث والتطوير ومتابعة الجديدى العالم في مجال نشاطها. هذه بعض ـ وليس كل ـ عوامل نجاح الانفتاح الاقتصادي في الصين, المهم ان الصين لم تتازل عن الأرض للمستثمرين بالمجان أو بالثمن ولم تأخذ بنظرية ان المستثمر لن يأخذ الأرض ويرحل وأخذت بنظرية أرض الصين للصين والمستثمر الأجنبي له أن يحقق ارباحا من نشاطه وليس له ان يقف علي أرض صينية ويقول: هذه أرضي! وهكذا تثبت تجربة الصين أن التقدم لايتحقق صدفة, ولا بالنوايا الحسنة ولابالوعود وحدها, ولكن يتحقق بالجهد وبالعمل, وبقدرة القيادة علي إدارة التنمية وحشد الناس وراءها لتحقيق الهدف.
فاذا توافرت هذه العناصر تتحقق مايسمونه معجزة ونسميه تجربة قابلة للتكرار.هذه الوصفة جعلت الهيكل الانتاجي للصين أسرع وأعلي معدلات النمو في العالم, وحققت زيادة في الانتاجية والتصدير وفي التطور التكنولوجي برغم الحظر الذي تفرضه الدول المتقدمة التي تحتكر التكنولوجيا وتعرقل وصولها الي الدول النامية.. ومن حصيلة ماسمعته فإن أهم عوامل النجاح تتلخص فيما يلي: أولا: إن نجاح التجربة الصينية لا يمكن رده الي العوامل المادية للنمو الاقتصادي بقدر مايمكن تفسيرها بتركيز القيادة علي العوامل المعنوية ـ أي الروح المعنوية العالية, وجرعة الأمل في غد أفضل التي فجرها العمل السياسي في نفوس الصينيين, ووصول عائد التنمية الي المواطن العامل.. ويضاف الي ذلك قوة الدافع الوطني الذي يتمثل في المنافسة التقليدية مع اليابان والايمان بأن الحضارة الصينية العريقة هي مصدر الحضارة اليابانية.. كما يضاف الي ذلك النجاح في تحويل القطاع الزراعي الضخم( أكثر من800 مليون نسمة) الي قطاع منتج من خلال نموذج تطبقه القيادة بحماس كبير كمشروع قومي لمواجهة البطالة والفقر والإرهاب. ثانيا: جذب الاستثمارات الأجنبية ليس باعلانات الصحف والمجلات أو باللقاءات ودعوات العشاء وتبادل الوعود البراقة, ولكن بادراك ان المستثمرين لا يذهبون الي بلد إلا إذا كانوا سيحققون فيها أكبر قدر من الربح المضمون ويستطيعون تحويل أرباحهم دون الوقوع في براثن البيروقراطية والرشاوي والعمولات أو بأقل قدر منها! إنهم يبحثون عن بلد تتوافر فيه عوامل أساسية مثل المطارات والمواني والطرق والمواصلات الحديثة والمنتظمة بريا وبحريا وجويا, ووسائل الاتصال التي تمكنهم من الاتصال بأي مكان في العالم بدون مشاكل. وفي الوقت نفسه فإن الانفتاح لا يعني تسليم البلد للمستثمرين أو الرضوخ لكل شروطهم, ولا تتخلي الدولة عن دورها في حماية الاقتصاد الوطني وضمان أن تحقق المشروعات الاستثمارية مصلحة الصين أولا.. وقد نجحت الصين في انشاء مناطق حرة تجمع بين آليات السوق الحرة ووجود الدولة القوية, وفي البداية كانت المشكلة هي قلة الخبراء والمتخصصين الصالحين لتنفيذ سياسة الانفتاح بعقلية تتوافق مع النظم الحديثة في الإدارة الاقتصادية, وفرض ذلك تنفيذ برنامج لتدريب الكوادر الصينية, وارسالها في بعثات للتعلم من الدول المتقدمة, وتطبيق سياسة تكفل اختيار أكفأ من يستطيع إدارة الشركات بصرف النظر عن جنسيته, فوجود مدير أجنبي علي درجة عالية من الكفاءة والخبرة يساعد علي اعداد كوادر من الصينيين, وتوافق مع ذلك اصلاح التشريعات الاقتصادية, واصلاح نظم الرقابة والمحاسبة لكي لا يفلت من العقاب كل منحرف أو فاسد. وأحد أسرار التقدم في الصين أنها أصبحت تحترم أصحاب الخبرة والكفاءة, وتؤمن بأنها بدون هؤلاء سيبقي المجتمع الصيني متخلفا, وهذا ماجعل أعدادا كبيرة من الخبراء الصينيين المهاجرين في الغرب يعودون الي وطنهم ويقبلون العمل في قيادة المصانع ومراكز التطوير التكنولوجي بدخول أقل مما يحصلون عليه في الغرب, لشعورهم بأن وطنهم يحتاج اليهم, وينظر الي تضحيتهم بتقدير ويوفر لهم مناخ العمل والابداع.. وبهؤلاء أمكن للقيادة الصينية ان تقول إننا لا نعتمد الآن علي استيراد التكنولوجيا الجاهزة من الآخرين, ولو بقينا نعتمد علي استيرادها سيظل مجتمعنا كسيحا يزحف وراء غيره وينتظر الصدقات من الآخرين..
وهكذا اصبحت مؤسسات البحث العلمي هي الأساس للتقدم بعد تحديث اكاديمية العلوم, وزيادة الاستثمارات في البحث العلمي, وزيادة مرتبات العلماء والباحثين, وتحدد هدف لكل مؤسسة لتحسين المنتجات ومسايرة التطور في الأسواق العالمية, واعطاء كل صاحب اختراع نسبة من عائد تسويق هذا الاختراع, بحيث يمكن ان يحصل الباحث علي أموال كثيرة ويقولون: مادامت هذه الأموال من عائد جهده فليس لها حدود.. وفي كل شركة قسم كبير للأبحاث والتطوير ومتابعة الجديدى العالم في مجال نشاطها. هذه بعض ـ وليس كل ـ عوامل نجاح الانفتاح الاقتصادي في الصين, المهم ان الصين لم تتازل عن الأرض للمستثمرين بالمجان أو بالثمن ولم تأخذ بنظرية ان المستثمر لن يأخذ الأرض ويرحل وأخذت بنظرية أرض الصين للصين والمستثمر الأجنبي له أن يحقق ارباحا من نشاطه وليس له ان يقف علي أرض صينية ويقول: هذه أرضي! وهكذا تثبت تجربة الصين أن التقدم لايتحقق صدفة, ولا بالنوايا الحسنة ولابالوعود وحدها, ولكن يتحقق بالجهد وبالعمل, وبقدرة القيادة علي إدارة التنمية وحشد الناس وراءها لتحقيق الهدف.