ahmedelhosane
13/11/2009, 15:44
مرآة الموت
لا أعلم السر من تلك القطعة الزجاجية الصغيرة جدا, رغم كل ما تسببه من مشاكل جمة ليس لها تفسير الإ إنني لا أقدر على التخلص منها . سأروي لكم البدايات القديمة لتلك المرآة ...
" منذ عدة شهور بينما أتناول طعامي كالمعتاد , و بعد عودة اخي من دراسته في المعهد القابع في آخر حدود القاهرة الكبرى و بعد عدة ساعات تم تجهيز الطعام في سرعة شديدة و تناولنا من أصناف الطعام المحمر و المشمر ,بعد الطعام و شرب أقداح الشاي النصف ممتلئة .. تحدث أخي معي في العديد من مشاكله مثل المواصلات و صعوبة تواصله مع الناس و ضغط العمل الذي يولد الإنفجار و معاملة بابا و ماما ... كان أخي مُحملا بأثقال عديدة لا يقدر على التخلص منها و كان في حاجة ماسة لمن يشاركه همومه و احزانه الدفينة التى لا يسردها لأحد مهما كان , أخي يحكي و انا استمع و يحكي و يحكي .. كل هذا و انا في داخلي اشعر بالذنب تجاه هذا المغلوب على أمره .. آآه انا من شارك معهم في تلك الماساة ... كلهم تكالبوا عليه و حاولوا خنقه و القضاء عليه من أجل ماذا , لأنهم يعتقدون بفعلهم هذا يساعدوه , و للأسف كنت أسكت و لا انصحهم أو أقدم المشورة, فجأة في صباح اليوم التالي نظرت لأخي على سريره , كان ممددا كملاك جميل وديع , تشعر بالبهجة عندما تنظر له فهو كان شديد البياض و ذو خدود حمراء كالأطفال , و لكن .. أخي كان ساكن , ثابت على غير طبيعته , أقتربت منه تحسست أنفاسه .. لم أشعر بها لم أشعر بالحرارة التى كانت تصدر منه دائما أو ذلك الصوت الذي يشتهر به , حاولت لمسه .. جلده كان باردا , أين الحيوية التى يتمتع بها .. و أيضا كان جسده متيبسا .. تراجعت للخلف , ما هذا ايمكن ان يكون هذا الموت ؟... فكرت مرة و مرات , شربت كوب من الماء , و أخذت نفسا عميقا .. اقتربت من أخي , و تجرأت و لمسته مرة آخرى .. حركته بعنف شديد .. أكثر و أكثر ... .... ... و لكن لم ُيبدي أي رد فعل , ماذا حدث؟ لا يمكن ان يكون مات فهو في كامل قوته و عافيته ...........................................
سقطت أمامه على الأرض و انا ارتجف , لا أعلم من ماذا .. كنت مثل الجنين في بطن أمه , متقوسا في نومي .. كنت أُغمض عيناي محاولا أن أهرب من هذا الكابوس .. كنت أريد أن أفقد القدرة على التفكير .. اريد العودة إلى بطن امي من جديد , .. .كنت محتضنا نفسي بعنف و قدمي تلتصق بصدري, كنت اتمسك بقدمي كأنها أملي الوحيد الباقي في الحياة , أو كأنها الحقيقة الباقية التى أريد ان أتمسك بها , عندما اتنفس تدفع رئتاي تلك الأرجل بعنف مبالغ فيه , فعلا كنت آخذ أنفاسا عميقة كأنها آخر مرة أقدر فيها على التنفس , جسمي يتصبب عرقا و انا ملتصق بتلك الأرض الباردة .. شعور غريب ان تشعر بالحرارة و البرودة في آن واحد , شعرت أن هناك شيئا غريبا يحدث , شعرت بالآلام المخاض التى تشعر بها المرأة عند الولادة , الألم يشتد .. تزداد أنفاسي قسوة و عنف , قلبي ضرباته غير منتظمة .. .. .. .. .. كل هذا لأنني ادركت أن اخي مات , كلما أدرك أنه مات تزداد الحالة التى انا عليها سوءا .. أريد أن أهرب .. نعم أريد الهروب من هذا ....
.....................................
قررت أن أستيقظ من تلك الحالة , حاولت أن أفرد قدماي و انتقل من جواره و لكن ... لقد فردتها و لكن جسدي لا يزال كما هو , ما تلك البلبلة لقد شعرت بقدمي مفرودة و لكني أراها كما هي . .. ملتصقة بصدري , ما هذا رئتاي لم تعودا تعملان , أنا في حالة سكون أيضا ... ,,, جسمي أصبح باردا الآن .. ربما تكون حرارة الأرض التى التصقت بها هي صاحبة تأثير الحرارة , و لكن كلا .. فعلا لا أشعر بحرارة في جسدي كله ... أشعر ان جسدي ضاعت من الحرارة و روح الحياة .. لا توجد نبضات من القلب . أملك قلبا لا يعمل ... آآه ,,, ربما أكون مثل أخي .. فكرت لحظة و تسالت هل أنا ميت الآن ؟ هل هذا هو شعور الموتى ؟ أنا حر الآن .. جسمي _لم يعد لي جسد_ أو الحالة التى أنا فيها الآن خفيفة .. أشعر .. بعدم وجود أثقال ..
لكن ماذا ترى تلك الأعين الجديدة التى أمتلكها الآن ... انه أخي .. لقد أستيقظ من على سريره ,, ربي!!!
أنه يتثاءب و (يفرك) عينيه , هل صار حيا مرة أخرى ؟ كلا . لقد تركته ميتا منذ لحظات , كيف استيقظ من موته , هو ليس بإله حتى ينام و يغفو و يموت و يحيا متى شاء , أنه أخي البسيط الحيلة , ... لحظات صمت وقفتها أمام نفسي ,ثم أعقبها فيضان من الأسئلة ... هل أنا حزين .. هل أنا متمسك بكوني أرضيا؟ لماذا أنا حزين لأن أخي صار حيا ؟ هل انا من أعطاه تلك الحياة ؟ هل ألم المخاض الذي شعرت به هو الذي أعطاه الروح من جديد ؟ هل تبادلت معه الأدوار ؟
لقد كاد أن يدهسني بقدمه الكبيرة عندما حاول أن ينزل من على السرير متجها لكي يذهب إلى المعهد , و لكنه تفاداني في آخر لحظة , لم يكلف نفسه عناء النظر لي و أنا في تلك الحالة , كأنني مجرد قطعة اثاث في المنزل , حاولت أن أدفعه تجاه جسدي حتى يشعر بحالتي الجديدة و لكن ,.,.,., أنا كنسمة الهواء الخفيفة لا تقوى سوى أن تحرك ورقة خفيفة .
فقدت الأمل , لقد ارتدى أخي ملابسه و ذهب الى المعهد , كل هذا و جسدي ملقى على الأرض.... استسلمت لحياتي الجدية و انطلقت في العالم أجوبه كالريح , و لكن لم أشعر بمعنى الابتسامة او الحزن او الحقد او الحب لقد تجردت من كل هذا, كان يشغل تفكيري تلك الحياة الجديدة ... الخلود الأبدي أو ربما الإنتظار حتى يوم الحساب ,, لا اعلم أيهما صحيح , عدت و جلست امام الجسد المسجى امامي .. اطلب منه ان يقبلني مرة اخرى و لكنه لم ينبت ببنت شفة .. استلقيت بجواره و تركت كل الافكار و غفوت و كل ذرة في كياني الروحي الجديد تتساءل ماذا أيضا ؟؟؟ "
و بعد غفوة لا أعلم مدتها أستيقظت من النوم بسبب فيضان المياه الذي انتشر حولي في الغرفة لأن أمي قررت تنظيف المنزل فجأة , و هنا تحركت (انا وجسدي) و قفزت على السرير متجنبا المياه , ادركت أنني حي من المنظور الأرضي .. لا أعلم هل شعرت بالفرح أم لا .. و لكنني ادركت انني مُقصر ...
ذهبت .. و أمام المرآة وقفت .. نظرت لذلك الوجه ... تذكرت الحكاية السابقة , فلا أعلم ما يختلج نفسي من شعور و لكني اعلم انها تجربة فريدة و لن تتكرر ...
لا أعلم السر من تلك القطعة الزجاجية الصغيرة جدا, رغم كل ما تسببه من مشاكل جمة ليس لها تفسير الإ إنني لا أقدر على التخلص منها . سأروي لكم البدايات القديمة لتلك المرآة ...
" منذ عدة شهور بينما أتناول طعامي كالمعتاد , و بعد عودة اخي من دراسته في المعهد القابع في آخر حدود القاهرة الكبرى و بعد عدة ساعات تم تجهيز الطعام في سرعة شديدة و تناولنا من أصناف الطعام المحمر و المشمر ,بعد الطعام و شرب أقداح الشاي النصف ممتلئة .. تحدث أخي معي في العديد من مشاكله مثل المواصلات و صعوبة تواصله مع الناس و ضغط العمل الذي يولد الإنفجار و معاملة بابا و ماما ... كان أخي مُحملا بأثقال عديدة لا يقدر على التخلص منها و كان في حاجة ماسة لمن يشاركه همومه و احزانه الدفينة التى لا يسردها لأحد مهما كان , أخي يحكي و انا استمع و يحكي و يحكي .. كل هذا و انا في داخلي اشعر بالذنب تجاه هذا المغلوب على أمره .. آآه انا من شارك معهم في تلك الماساة ... كلهم تكالبوا عليه و حاولوا خنقه و القضاء عليه من أجل ماذا , لأنهم يعتقدون بفعلهم هذا يساعدوه , و للأسف كنت أسكت و لا انصحهم أو أقدم المشورة, فجأة في صباح اليوم التالي نظرت لأخي على سريره , كان ممددا كملاك جميل وديع , تشعر بالبهجة عندما تنظر له فهو كان شديد البياض و ذو خدود حمراء كالأطفال , و لكن .. أخي كان ساكن , ثابت على غير طبيعته , أقتربت منه تحسست أنفاسه .. لم أشعر بها لم أشعر بالحرارة التى كانت تصدر منه دائما أو ذلك الصوت الذي يشتهر به , حاولت لمسه .. جلده كان باردا , أين الحيوية التى يتمتع بها .. و أيضا كان جسده متيبسا .. تراجعت للخلف , ما هذا ايمكن ان يكون هذا الموت ؟... فكرت مرة و مرات , شربت كوب من الماء , و أخذت نفسا عميقا .. اقتربت من أخي , و تجرأت و لمسته مرة آخرى .. حركته بعنف شديد .. أكثر و أكثر ... .... ... و لكن لم ُيبدي أي رد فعل , ماذا حدث؟ لا يمكن ان يكون مات فهو في كامل قوته و عافيته ...........................................
سقطت أمامه على الأرض و انا ارتجف , لا أعلم من ماذا .. كنت مثل الجنين في بطن أمه , متقوسا في نومي .. كنت أُغمض عيناي محاولا أن أهرب من هذا الكابوس .. كنت أريد أن أفقد القدرة على التفكير .. اريد العودة إلى بطن امي من جديد , .. .كنت محتضنا نفسي بعنف و قدمي تلتصق بصدري, كنت اتمسك بقدمي كأنها أملي الوحيد الباقي في الحياة , أو كأنها الحقيقة الباقية التى أريد ان أتمسك بها , عندما اتنفس تدفع رئتاي تلك الأرجل بعنف مبالغ فيه , فعلا كنت آخذ أنفاسا عميقة كأنها آخر مرة أقدر فيها على التنفس , جسمي يتصبب عرقا و انا ملتصق بتلك الأرض الباردة .. شعور غريب ان تشعر بالحرارة و البرودة في آن واحد , شعرت أن هناك شيئا غريبا يحدث , شعرت بالآلام المخاض التى تشعر بها المرأة عند الولادة , الألم يشتد .. تزداد أنفاسي قسوة و عنف , قلبي ضرباته غير منتظمة .. .. .. .. .. كل هذا لأنني ادركت أن اخي مات , كلما أدرك أنه مات تزداد الحالة التى انا عليها سوءا .. أريد أن أهرب .. نعم أريد الهروب من هذا ....
.....................................
قررت أن أستيقظ من تلك الحالة , حاولت أن أفرد قدماي و انتقل من جواره و لكن ... لقد فردتها و لكن جسدي لا يزال كما هو , ما تلك البلبلة لقد شعرت بقدمي مفرودة و لكني أراها كما هي . .. ملتصقة بصدري , ما هذا رئتاي لم تعودا تعملان , أنا في حالة سكون أيضا ... ,,, جسمي أصبح باردا الآن .. ربما تكون حرارة الأرض التى التصقت بها هي صاحبة تأثير الحرارة , و لكن كلا .. فعلا لا أشعر بحرارة في جسدي كله ... أشعر ان جسدي ضاعت من الحرارة و روح الحياة .. لا توجد نبضات من القلب . أملك قلبا لا يعمل ... آآه ,,, ربما أكون مثل أخي .. فكرت لحظة و تسالت هل أنا ميت الآن ؟ هل هذا هو شعور الموتى ؟ أنا حر الآن .. جسمي _لم يعد لي جسد_ أو الحالة التى أنا فيها الآن خفيفة .. أشعر .. بعدم وجود أثقال ..
لكن ماذا ترى تلك الأعين الجديدة التى أمتلكها الآن ... انه أخي .. لقد أستيقظ من على سريره ,, ربي!!!
أنه يتثاءب و (يفرك) عينيه , هل صار حيا مرة أخرى ؟ كلا . لقد تركته ميتا منذ لحظات , كيف استيقظ من موته , هو ليس بإله حتى ينام و يغفو و يموت و يحيا متى شاء , أنه أخي البسيط الحيلة , ... لحظات صمت وقفتها أمام نفسي ,ثم أعقبها فيضان من الأسئلة ... هل أنا حزين .. هل أنا متمسك بكوني أرضيا؟ لماذا أنا حزين لأن أخي صار حيا ؟ هل انا من أعطاه تلك الحياة ؟ هل ألم المخاض الذي شعرت به هو الذي أعطاه الروح من جديد ؟ هل تبادلت معه الأدوار ؟
لقد كاد أن يدهسني بقدمه الكبيرة عندما حاول أن ينزل من على السرير متجها لكي يذهب إلى المعهد , و لكنه تفاداني في آخر لحظة , لم يكلف نفسه عناء النظر لي و أنا في تلك الحالة , كأنني مجرد قطعة اثاث في المنزل , حاولت أن أدفعه تجاه جسدي حتى يشعر بحالتي الجديدة و لكن ,.,.,., أنا كنسمة الهواء الخفيفة لا تقوى سوى أن تحرك ورقة خفيفة .
فقدت الأمل , لقد ارتدى أخي ملابسه و ذهب الى المعهد , كل هذا و جسدي ملقى على الأرض.... استسلمت لحياتي الجدية و انطلقت في العالم أجوبه كالريح , و لكن لم أشعر بمعنى الابتسامة او الحزن او الحقد او الحب لقد تجردت من كل هذا, كان يشغل تفكيري تلك الحياة الجديدة ... الخلود الأبدي أو ربما الإنتظار حتى يوم الحساب ,, لا اعلم أيهما صحيح , عدت و جلست امام الجسد المسجى امامي .. اطلب منه ان يقبلني مرة اخرى و لكنه لم ينبت ببنت شفة .. استلقيت بجواره و تركت كل الافكار و غفوت و كل ذرة في كياني الروحي الجديد تتساءل ماذا أيضا ؟؟؟ "
و بعد غفوة لا أعلم مدتها أستيقظت من النوم بسبب فيضان المياه الذي انتشر حولي في الغرفة لأن أمي قررت تنظيف المنزل فجأة , و هنا تحركت (انا وجسدي) و قفزت على السرير متجنبا المياه , ادركت أنني حي من المنظور الأرضي .. لا أعلم هل شعرت بالفرح أم لا .. و لكنني ادركت انني مُقصر ...
ذهبت .. و أمام المرآة وقفت .. نظرت لذلك الوجه ... تذكرت الحكاية السابقة , فلا أعلم ما يختلج نفسي من شعور و لكني اعلم انها تجربة فريدة و لن تتكرر ...