حوار مع حكيم آخر

** السلام عليكم
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
--كان هذا بداية القاء مع الحكيم الآخر , .. في البدء اعتقدت أنها بداية مُبشرة و لكن بعد مرور عدة دقائق جاءت لحظات الصمت , ليست لحظات بل استمرت الى دقائق طويلة جدا ,كنت أنظر إليه هو و الكتاب الذي يتفرس فيه و هو متجهم الوجه , انتظرت قليلا حتى ينتهي من مطالعته ..... الوقت يمر و لا كلام .و فجأة تحدث حانقا و قال:" كل واحد عرف كلمتين بقى فاكر نفسه شيخ او مفتي , يطلع في أي قناة فضائية و يقول كلام غلط × غلط .. حسبي الله و نعم الوكيل " . و جدتها فرصة لكي اجتذب اطراف الحديث معه و قلت :" هل هذا الكتاب ل فلان الفلاني؟!" . فقال :" لا , و لكن هذا الفلان الفلاني أيضا يتكلم دون علم ".
-- و ساد الصمت بعد هذه الجملة دقائق طويلة أيضا , و استمر في مطالعة الكتاب و كسر حاجز الصمت فتى صغير جاء يسأل عن أحد الأدعية , فأعطاه إياه و وجدتها فرصة لكي أستثير الحكيم و بدأ اللقاء ...
** هل يجب أن يكون هناك صيغة للدعاء إلى الخالق ؟ ألأ تكفي القلوب لكي يسمعها الله .
لماذا الأعتراض .. هل تفيد الشكوك التى تُثيرها في شئ , أم هي مُجَردة من أجل البلبلة ؟!
** يا حكيم .. كلا و لكن لا يجب تقييد الناس أثناء مناجاتهم مع الله .
لا يجوز مثل هذا الكلام .. فأنت تشكك الفلاح و العامل البسيط , و إن أردت النقاش فأقرأ لجهابذة العلماء ففي كتبهم شفاء لجراحك المضطربة يا فتى.
** يا حكيم لقد انحرفنا بمسار الحديث عن هدفي من هذا اللقاء , فهدفي لم يكن هذا السؤال . بل هو أبعد من هذا بكثير .
تكلم بما تريد يا بني .
** كيف أثق بالله ؟ ..... كيف استسلم أمامه .
سؤالك كبير جدا .. و لكن لا بأس , هل تملك كل المعرفة , هل تعرف كل العلوم الأرضية و هل تقسم الأرزاق لكل من في العالم ! , و هل تدرك ما يحدث في المجرات .
** بالطبع كلا , و لكن كيف أرضى بالمصائب التى تحل بي ؟
ربما تكون لخير و أنت لا تعلم , أو تكفير لخطية و أنت لا تعلم .
** لاأحب (ربما) , أريد أن أدرك المغزى من وراء كل الأمور التى تحدث لي.
هل أنت اعظم من الله , هل تدرك خفايا الأسرار , كيف تدرك بعقلك المحدود ما هو غير محدود , كيف ! عندما يقول لك الطبيب خُذ هذا الدواء ؟.. مع أن الدواء به مرارة العلقم و يسبب لك الغثيان و ربما يكون تأثيره أسوأ من أعراض المرض .. فهل تعترض .. الإجابة كــــلا . فكيف تثق بالطبيب و لا تثق بالـــلــه !
** يا حكيم , أعلم هذا و لكن كيف اطُبقه و انا راضي ؟
هه. هل تثق بأبيك , عندما يعاقبك .. هل يريد ان يضرك أو ان يسبب لك الآلام هل يتلذذ بهذا أم أنه يريد لك الصلاح , ساجيب نيابة عنك . هو يحبك و لكنه يريد ان يعلمك و لكنك ترفض و لذلك يلجأ لطريقة آخرى ربما تؤلمك قليلا و لكنها ستُعلمك في النهاية و تعرف الصواب .
** و لكن لماذا لا يغيرني بأمر واحد من اصبعه و ينتهي الأمر . لماذا المعاناة مع انه القادر على كل شئ .
أنت عنيد يا أحمد .. أين أختيارتك , لو فعل الله ما قلته منذ قليل فإنك تكون جمادا .. لا يكون لك حرية الإختيار , فانت بذلك تمحي عقلك .
nأخذ الحكيم كوب كبير من الماء و ارتشفه على ثلاث مراحل , و قال :" لقد اتعبتني يا ابني ".
** يا حكيم
--قاطعني
إن أردت المزيد فليكن في الغد , ,, ....
** متى يكون اللقاء الآخر ؟
عندما تعود لصوابك و تبتعد عن إبليس .
** يا شيخ ..
يكفي .. لم يعد هناك جديد معك .
بس خلاص انتهت القعدة......