-
دخول

عرض كامل الموضوع : جهاد نصرة ونبيل فياض ورجولة النظام السوري


yass
07/10/2004, 16:43
بقلم: د. م. عبد الله الحمصي *



حين عاد احد أولادي من المدرسة بوجه تملؤه الدموع، سارع إلى شرح السبب قبل ان أبادر بالاستفسار .. قال إن ولداً أصغر منه اعترضه في الممشى الضيق المعبد الذي يخترق الغابة الكبيرة بين المدرسة والبيت وفي يده عصا، وحاول منعه من متابعة السير .. ولما كنت أعرف قاطع الطريق إياه وأعرف ليس فقط أنه في السابعة من العمر بل إنه ضعيف وصغير الحجم إلى درجة تقارب التأخر في النمو .. وأعرف ليس فقط ان ابني في العاشرة بل انه قوي البنية وأطول أقرانه .. باختصار .. لما كنت أعلم ان فرق القياس بين الولدين مشابه للفرق بين محيط عضلات ذراع العبد لله ومحيط عضلات أفخاذ شوارتزنيغر .. وان الميزان يميل لصالح ابني في هذا الصراع المحتمل في مجاهل الأدغال السويدية، فقد استغربت دواعي بكائه والسبب الذي منعه من إزاحة الخصم عن الطريق بكل سهولة وسحب العصا منه، وربما تهديده بعلقة على قفاه إذا ما عاد إلى مثلها .. استغربت إلى ان جاء تفسير ابن العاشرة .. حقيقياً .. جميلاً .. منطقياً .. محملاً بالمعاني.

قال ابن العاشرة: إن ابن السابعة صغير .. طفل .. ضعيف إلى درجة تجعل هزيمته مؤكدة .. ماذا تريدني أن أفعل؟ أن أضربه وأمسح به الأرض وأذيقه طعم الذل؟ تراجعت واخترت طريقاً آخر .. لماذا بكيت إذن وقد فعلت ما تعتقده صحيحاً؟ سأل الأب الذي هو أنا .. أجاب: لأنني هزمت .. أو بالأحرى لأنني أشعر بالهزيمة رغم أنني لم أهزم في الحقيقة .. فعانقت طفل العاشرة .. عانقت من بدأ يعرف ما هي الرجولة الحقة ومداها .. وأين تنتهي حدودها .. عانقت إنساناً صغيراً كنت أعرف أنه لا يتراجع عن صعوبة أكبر منه، ولكنني لم أعرف انه قادر على التراجع أمام صعوبة اصغر منه حين يكون الانتصار عليها امتهاناً للرجولة .. حتى ولو مازالت في براعمها .. مشروع رجولة.

في الثقافة الشعبية الأصيلة غير المريضة - العربية وغير العربية - فإن الرجل الحقيقي لا يضرب امرأة مثلاً ولا يذل من لا يستطيع الدفاع عن نفسه .. ليس فقط لأن ذلك خرق لقواعد الرجولة، بل لأنه أيضاً خرق لقواعد العدل الطبيعي (بالمعنى الفلسفي اليوناني) .. احتقار مزدوج للنفس .. مرة بدخول معركة مضمونة النتيجة والعواقب ومرة ثانية في إذلال نفس ضعيفة .. كسب رخيص في لعبة بوكر بأوراق لعب مشبوهة .. أو في سباق خيل منعت فيه الخيول الكريمة والفرسان الكرام من المشاركة ضمانا لفوز "اللارجل" .. نقيض الرجولة الأصلية الصحية .. الكامنة في كل رجل وامرأة.

إنني اتهم النظام السوري بانعدام الرجولة:

فلندع وثائق حقوق الإنسان المكتوبة وغير المكتوبة جانباً .. ولنلق بكل نصوص الدساتير وبكل القوانين الوضعية وغير الوضعية .. ولنعد إلى مفهوم الرجولة "الشعبي".

إن إذلال الناس بالقبض عليهم وزجهم في السجن أو محاصرتهم بالإقامة الجبرية أو باستجوابهم دون جرم حقيقي لا لبس فيه ولا يأتيه الباطل من أية جهة هو ممارسة لا رجولية .. حتى ولو اقتصر الأمر على استدعاء البشر - كجهاد نصرة ونبيل فياض - إلى فروع المخابرات او إلى فروع هذه الفروع والاكتفاء بالدعس على طرف أحذيتهم قبل إطلاق سراحهم .. فإن الأمر سيان .. ممارسة وقحة لقوة وقعت في غرام قوتها تعلم أنها وحيدة في الغابة وفي تطبيق شريعة الغابة. هذا أولاً.

ثانياً: إنني لا أوجه اتهامي بانعدام الرجولة لصغار منفذي الأوامر - مع ان سيكولوجية هؤلاء جديرة بالدراسة - ولا حتى لرؤسائهم الصغار ولكن للرؤوس الأكبر التي يفترض فيها الإمساك بأطراف جميع الخيوط .. وأوجه السؤال .. بسيطاً .. مباشراً .. شعبياً دون أي رنين ثقافي مزخرف:

كيف ترضى رجولتكم استخدام القوة - سلطة كانت أم تسلطاً - ضد من لا يملك القدرة على رد الصاع صاعين، بل لا يملك حتى رده نصف صاع أو حتى كسراً مئوياً من الصاع؟

والى متى سترضى رجولتكم بالنصر في حلبة سباق كُسِرت فيه أرجل جميع الخيول الأخرى .. وامتداداً لهذه التساؤل الشعبي الفج .. كيف تستطيعون - في نهاية يوم السباق العادل هذا - النوم مع نسائكم بعد هذا النصر الرخيص؟

ثالثاً: إن الدفاع عن هذا وذاك في هذا السياق ليس دفاعاً عن جهاد نصرة ونبيل فياض بالذات، ولكنه دفاع عن الإنسان بما فيه ذلك الإنسان القابع في كل محقق مخابراتي وكل آمر له .. أي أنه أيضاً دفاع عن الإنسان القابع فيكم.

لقد جملني جهاد مع الكثيرين من أمثالي في الرزمة التي يدعوها الكثيرون من أمثاله "قومجيين" .. أي أنه وضعني في نفس السلة التي وضع فيها نظامكم ونظام صدام العراق، فسبب لي عند قراءة مقالاته حساسية جلدية وحكة لا أغفرها له .. لكنها لم تمنعني من إهداء مقال له بعد استدعائه إلى بؤرة مخابرات ما في مرة سابقة .. ولم أندم على ذلك إلا حين ضمني تعسفياً إلى حزب الكلكلة - أو ربما الجلجلة - برتبة وكيل الحزب في السويد. أما نبيل فقد سبب لي مغصاً معوياً شديداً حين خاض حرباً شعواء، استخدم فيها أسلحة دمار شامل منسوخة بورق الكربون عن أعمال مستشرقين لم يعد لهم أية قيمة فكرية، حتى في الدول التي أنجبتهم دون ان تتبنى نجابتهم.

بكلمات أخرى: إن الليبراليين - جدداً كانوا أم قدامى - خصومي .. لأنني اشتراكي، شكاك بالمعادلة التي تجمع بين الدجاجة والذئب في قفص العولمة. والإخوان المسلمون خصومي إلى درجة أكبر .. لأنني علماني .. وفوقها ملحد. والقوميون السوريون أعدائي وأعداء كل ذرة هواء أتنفسها .. لأنني لا أؤمن بالعِرق ولا بخلائطه الممتازة مهما كانت أناقة تقديم المنتج للمستهلك. لكن ذلك لا يعني السكوت على عملية إسكاتهم وإسكات غيرهم بالقوة، لمجرد أنهم خصومي، بل يعني أنني أريد الانتصار على خيولهم في سباق شريف أثبت فيه المحتد الشريف لخيلي وقدرتها على كسب السبق، وإلا فهزيمة لا تجللني بالعار.

سأدافع مع آخرين عن كل هؤلاء .. وعن حقهم وحق غيرهم في كل ذرة هواء ليبرالية أو مؤمنة في الدنيا .. بما فيها قبرص كلما استخدم شوارتزنيغر من الشوارتزنغرات عضلاته لإرهابهم وتأخير التاريخ يوماً آخر، وسأقول كما أقول اليوم في وجه من أوقف جهاد نصرة ونبيل فياض في الغابة السورية، ومن أمسك بالخيوط عن بعد .. رباه .. ما أقل رجولتكم .. ما أضعفكم.

__________

* كاتب سوري - هيرنوساند (السويد)

الأستاذ
10/10/2004, 16:53
ممممممممممممممممممممممممم مممممم :?
كلام موزون :pos:

g
06/01/2005, 14:23
:?:

عاشق من فلسطين
06/01/2005, 15:17
أول شي أبو مارل الغالي الله يسلم هالأيدين وتاني شي أنا كتير تأثرت بهالمقال لأني دقت هالشغلة اللي عم يحكي عليها الأستاذ عبدالله لأنو فعلا" أنت في سورية صاحب رأي يعني صاحب غرفة باسمك في السجن أو في الفرع أو في المخفر ومع ذلك أنا أكثر رجولة من كل هؤلاء لأنو بالرغم من أنو فيهون يوصلولي متى أرادوا بس أنا ماني خايف منهم بينما هنن عندون رعب مني ومن أمثالي ودليل ذلك الملاحقة الدائمة لأمثالنا وأنا ماني هون عم ادعي الوطنية أو الثورية أو أي شي بس أنا زلمة أخترت خطي بالحياة ومستعد موت مشانو وعندي حرية فيني مارسها حتى وأنا مقيد ...
مشكور أبو مارل ..
وبالنسبة للأخ g يعني أهلا وسهلا فيك بس بتمنى أنو تكون مشاركاتك أكتر من :?: