-
دخول

عرض كامل الموضوع : أظهرت مقابلات على أبواب مراكز الاقتراع في مصر أن هناك ناخبين اختاروا طريق إرضاء الضمي


أحمد العجي
10/11/2005, 10:38
هذا هو الحال الآن مع سوريا وإيران .. هاتان الدولتان اللتان ظلتا ترفضان الانصياع للمطالب الأمريكية التي تدعوهما للتخلي عن دعم المنظمات الفلسطينية المعارضة لطموحات إسرائيل في فرض شروطها الاستسلامية على الفلسطينيين ، ووقف الدعم المادي والعسكري الذي تقدمانه لحزب الله اللبناني الذي يحسب له أنه أجبر إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان ، إضافة لاتهام سوريا دائماً وإيران أحياناً بأنهما يسمحان بتسلل ما تسميهم إدارة المحافظين الجدد بالمتسللين الإرهابيين عبر حدودهما إلى العراق .

لنبدأ بكلمة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التي ألقاها في مؤتمر عقد في طهران بعنوان "العالم بلا صهيونية" وقال فيها : إن "تأسيس دولة إسرائيل جاء على أيدي قوى القمع في العالم كخطوة ضد العالم الإسلامي" ، وذكّر بأن الإمام آية الله الخميني قال بأنه يجب "مسح إسرائيل من خريطة العالم" . كما دعا نجاد في تلك الكلمة الفلسطينيين لتوحيد قواهم حتى يستطيعوا "القضاء على النظام الصهيوني" ، وقال : "لن تسمح الأمة الإسلامية بأن يعيش العدو التاريخي في وسطها .. فكل من يوقع اتفاقية تعترف بكيان إسرائيل ، فكأنما وقع على استسلام العالم الإسلامي".

ولنقف على طبيعة المناسبة التي قيلت فيها تلك التصريحات ، ولماذا قيلت ، وفي هذا التوقيت بالذات ، ثم - وهذا هو الأهم - التحقق من مدى دقة التخوفات التي يحذر منها بعض المراقبين من احتمال تعرض إيران لعقوبات اقتصادية وعزلة سياسية ، إن لم يكن استهداف منشآتها النووية والبنى التحتية الرئيسة لاقتصادها لضربة عسكرية نتيجة تلك التصريحات .
(1)

إيران تواجه اليوم هجمة شرسة من أمريكا والغرب لأسباب ظاهرة أبرزها معارضة البرنامج النووي الإيراني ، ودعم طهران لحزب الله ، واتهامها برعاية الإرهاب ، وتدخلها في شئون العراق ، وكذلك لأسباب أخرى خفيه أبرزها تحول إيران لدولة نووية تكون خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية ، والتخوف من تنامي نفوذها في منطقة الخليج ووقوفها عائقاً يحول دون تنفيذ استراتيجية أمريكا في المنطقة وبخاصة السيطرة على منابع النفط فيها .
بداية ، نقول أن ما ذكره الرئيس الإيراني نجاد هو مجرد رأي طرحه في ندوة كان موضوعها "عالم بلا صهيونية" ، وليس قراراً بالحرب على إسرائيل أو إجراءاً عملياً للتحريض عليها بهدف إزالتها من خريطة العالم . والدليل على ذلك أن وزارة الخارجية الإيرانية أصدرت بياناً أكدت فيه أن إيران لا تنوي مهاجمة إسرائيل ، وقالت أيضاً : "إن جمهورية إيران الإسلامية قطعت تعهدات بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، ولم تلجأ ، وما هددت باللجوء إلى القوة ضد أي بلد" ، وإنها تؤكد مجدداً التزامها بالمواثيق الدولية . ومع ذلك فإن صدور هذا البيان لم يحل دون تريد نجاد بأن تصريحاته بحق إسرائيل هي "صائبة وعادلة" ، ذلك أن الدولة العبرية قامت فعلاً وليس افتراءً على أنقاض أرض فلسطين وتشتيت شعبها .

وبقول آخر ، فإن نجاد لم يكن يعبر في كلمته عن قرار إجرائي نحو وجود الكيان العبري ، ولا حتى عن موقف جديد للنظام الإسلامي في إيران من هذا الكيان . فقد دأبت طهران منذ انتصار الثورة الإسلامية فيها عام 79 على رفض وجود إسرائيل في قلب العالم الإسلامي ، والذي تمثل في قول الإمام الخميني بأنه "يجب مسح إسرائيل من خريطة العالم" كما ذكرنا ، كما يؤكده موقف إيران المبدئي حيال القضية الفلسطينية الذي يرى "إنهاء احتلال الأرض الفلسطينية وعودة كل اللاجئين الفلسطينيين .. وتنظيم استفتاء .. وإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية عاصمتها القدس". وإنما الجديد في هذه التصريحات أنها جاءت في توقيت يراه معظم المراقبين غير مناسب ، حيث تتعرض إيران لهجمـة أمريكية وأوروبية شرسة بسبب برنامجها النووي .
وما دام الأمر كذلك ، فلماذا هذه الضجة المفتعلة التي يثيرها الأمريكيون والأوروبيون حول تلك التصريحات ؟، ولماذا الضغط على مجلس الأمن ليصدر قراره الأخير الذي أدان فيه تصريحات الرئيس الإيراني حول إسرائيل ورفضته إيران ؟ .. هل الهدف من استصدار أمريكا لهذا القرار هو التمهيد لضرب طهران أم لزيادة الضغـوط عليها للتخلي عن برنامجها النووي .. أم ماذا ؟.
طهران من جانبها أكدت - في بيان الخارجية الذي أشرنا إليه - رفضها لهذا القرار الذي اقترحه أصلاً النظام الصهيوني ليغطي به جرائمه المروعة التي ارتكبها وما زال بحق الفلسطينيين ، وليعطي صورة مخالفة تماما للواقع الذي تمارسه على الأرض في الضفة الغربية وقطاع غزه . وتساءلت في البيان ذاته عن السبب في امتناع مجلس الأمن عن الانعقاد لمناقشة التهديدات المتكررة التي ما زالت توجهها أمريكا لإيران وإصدار بيانات شجب واستنكار لهذه التهديدات ، كما تساءلت عن السبب في عدم إدانة الهيئة الأممية للأعمال الإرهابية التي ارتكبها الإسرائيليون وما زالوا بحق الفلسطينيين ؟.
في التظاهرة التي جرت يوم الجمعة الماضي في طهران بمناسبة يوم القدس الذي عادة ما تحييه إيران في نهاية شهر رمضان من كل عام ، ندد المسئول عن الملف النووي الإيراني بالمعالجة الإعلامية المتعسفة التي تناولت بها وسائل الإعلام الغربية تصريحات نجاد حول إسرائيل ، والتي أوحت للمجتمع الدولي بأن طهران تسعى لامتلاك القنبلة الذرية من أجل محو الكيان العبري من خريطة العالم ، وهي الذريعة التي سوف تلجأ إليها واشنطن - بالقطع - إن آجلاً أو عاجلاً ، إذا ما قررت توجيه ضربة عسكرية لإيران كما فعلت مع العراق .





////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////










ليس من شك أن تصريحاً كهذا يمس الكيان العبري الحليف الأعظم لواشنطن ، وفي هذا التوقيت بالذات الذي بلغ التحالف والتخطيط والتنسيق وتقاطع المصالح بين أمريكا وإسرائيل أقصى ذروته .. تتعدد التفسيرات حول هدف الرئيس الإيراني الحقيقي من إطلاق هذه التصريحات من ناحية ، وردود الفعل المتوقعة عليها من أمريكا وإسرائيل من ناحية أخرى . وفي محاولة لرصد ما نشرته بعض الصحف ومواقع الإنترنت من آراء حول هذا الموضوع ، أمكن التوصل إلى عدد من الآراء نجمل أهمها فيما يلي :


1- المطالبة بطرد إيران من الهيئة الأممية وتوقيع عقوبات سياسية واقتصادية وحتى عسكرية عليها إذا اقتضى الأمر ، لأنها تشكل خطراً على المجتمع الدولي لكون النظام الحاكم في طهران نظاماً دكتاتورياً يسعى لتطوير برنامجه النووي حتى يصبح قادراً على إنتاج أسلحة نووية ، وبهذا تكون تصريحات نجاد قد وفّرت المبرر المنطقي لأمريكا والغرب وإسرائيل لضرب إيران بحجة منعها من تصنيع أسلحة نووية .

2- نجاد وخامنئي يعلمان أن تدخل أمريكا الأرعن في المنطقة سمح لإيران بأن تحتل مكاناً رائداً فيها ، كما يعلمان حاجة الغرب الماسة لطهران وقدرتها في التأثير على الأحداث في المنطقة ، ولذلك يريد نجاد اليوم قطف ثمار حاجة الغرب لبلاده ودخول إيران كشريك وليس كتابع في تقسيم الغنائم .
3- هناك من يرى أن تصريحات نجاد أتت في توقيت غير مناسب ، لكنها في الواقع "حق وصائبة وعادلة" ، وتعبر عن حقيقة أن الأرض التي قامت عليها إسرائيل هي أرض مسروقة لا بد أن تعود لأصحابها الفلسطينيين . ويتساءل أصحاب هذا الرأي عن الأسباب التي دعت الهيئة الأمم للموافقة على إقامة الكيان العبري عام 48 على أرض فلسطين التي اغتصبها العصابات الصهيونية بالقوة والإرهاب ، ولماذا لم تفعل شيئاً حيال احتلال هذا الكيان للضفة الغربية وقطاع غزه عام 67 ، ولماذا لم تمنعه من إقامة المستوطنات اليهودية فيهما ؟.

أحمد العجي
10/11/2005, 10:58
4- هدف نجاد من تصريحاته ، هو استرجاع شعبيته التي فقدها بسبب فشله في تحقيق وعوده الانتخابية التي قطعها على نفسه . فما يقصده في حقيقة الأمر منها ليس محو إسرائيل من الوجود ، وإنما إفساح المجال لقيام دولة جديدة تضم العرب واليهود معا .
5- تصريحات نجاد تعود لأسباب دينية وأيديولوجية بحتة ، فهو يرى أن مشكلة إسرائيل تكمن في أنها زرعت في محيط إسلامي لا يؤمّن لها السلامة ، لذا فإن على الإسرائيليين - في نظره - أن يبحثوا عن ارض أخرى يرحلون إليها ، متجاهلاً بذلك حقيقة مؤداها أن إسرائيل باتت من أقوى دول المنطقة عسكرياً ، ومن ثم فإن الحديث عن إزالتها من الوجود يعتبر جهلاً بالواقع ومجافياً له .
6- تُعدّ تصريحات نجاد فرصة ذهبية لاستثمارها في إثارة القضية الفلسطينية عالمياً والبحث في جذورها ونشأتها من جديد ، حتى تخرج من الوضع المتردي الذي آلت إليه الآن ، وبخاصة أنها تعبر عن رأي الغالبية العظمى من المسلمين .
7- رأي يصف كلمة نجاد بأنها عاصفة ديبلوماسية تهدد بزيادة عزل إيران عن المجتمع الدولي ، كما يرى أن رفض إيران الاعتراف رسمياً بإسرائيل يشكّل عائقا يحول دون تحسين العلاقات بين طهران والغرب ويزيد من مخاوف الغربيين وإسرائيل بشأن قيام إيران بتصنيع قنابل ذرية .
من هذه الآراء يخلص المراقب إلى أن هناك نوعين رئيسين من الآراء حول هذا الموضوع : الأول يرى أن ما قاله نجاد حق وعدل ويعبر عن آلام العرب والمسلمين وأحلامهم في التخلص من الكيان العبري الغريب الذي زرع في قلب أوطانهم على حساب الشعب الفلسطيني المسلم ، والثاني يرى أن هذه التصريحات ليست حكيمة ولا مسئولة ولا تتفق مع المعطيات الموضوعية ، لأنها تؤلب أمريكا والغرب على إيران وتوجد المبرر الكافي لقيام أمريكا وإسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لطهران ، إن لم يكن اجتياحها وإسقاط النظام الإسلامي الحاكم فيها .
ولم يغادروها حتى خلال الغزوات العديدة التي تعرضوا لها ، بدئاً بغزوات قبائل العبرانيين وقبائل الـبالستيا (الفلسطينيون الذين قدموا من جزيرة كريت في بحر إيجه واحتلوا الساحل الفلسطيني) ، ومروراً بالحروب الصليبية ، وانتهاء بالغزوة الصهيونية الاستيطانية المعاصرة .

ولا يغير من هذه الحقيقة دعاوى الصهيونية العالمية ووسائل الإعلام الأمريكية والعالمية التي تأتمر بأمرها والتي درجت على تشويه الحقائق وتزويرها ، ولا تلك الآراء المتشنجة التي تصدر عن قطيع "المستثقفين" والسياسيين في المنطقة العربية الذين باتوا يخشون قولة الحق في قيام الكيان العبري استرضاءً لسيد البيت الأبيض أو تحسباً من غضبه .
لقد أصبح من المألوف أن نسمع الأمريكيين والإسرائيليين بخاصة والغرب بعامة ، وهم يصفون مقاومة الاحتلال الأجنبي التي شرّعتها الأديان السماوية وأقرتها القوانين الوضعية بالإرهاب .. ويصفون الدفاع عن الشرف والعرض والنفس بالإرهاب ، ويصفون الدفاع عن الاستقلال وحماية الثروات والدفاع عن الأرض بالإرهاب .. ويصفون معارضة الظلم والاستبداد الذي يوقعونه في غيرهم من الشعوب بالإرهاب .. فهل هؤلاء الأمريكيون والإسرائيليون - والحال هذه - بحاجة إلى تصريحات نجاد ليدللوا بها على صحة مواقفهم الظالمة من الإسلام والعرب والمسلمين بعامة ، ومن إيران وسوريا باعتبارهما الهدف التالي للحرب التي يشنونها على ما يسمونه بالإرهاب ؟!!!.
(4)
أما دمشق التي أعلنت على الملأ وقوفها بجانب العراق أثناء تعرضه للغزو الأنجلو أمريكي ، والتي لم تتخذ هذا الموقف بقرار من حكامها فحسب وإنما بدافع وطني جبل عليه السوريون أياً كان حكامهم ، تواجه الآن موقفاً صعباً قد تدفع بموجبه ثمناً غالياً .
فليس من شك أن السياسة التي تتبعها الإدارة الأمريكية حاليا تجاه سوريا ، تقوم على استثمار قضية اغتيال رفيق الحريري في التشكيك بالنظام السوري وزيادة الضغوط عليه حتى يصل إلى النقطة التي توجب عليه اتخاذ قرار بعينه بالنسبة للمطلب الأمريكي الغائي ، وهو وجود حكومة طيعة في دمشق لا تخالف للبيت الأبيض والبنتاجون رأياً ولا تعصى له أمراً ، تماماً مثلما تفعل حكومة قرضاي في أفغانستان وحكومة الجعفري في العراق وحكومات عربية وإسلامية أخرى الآن .
فليس من هموم البيت الأبيض أن يُغتال الحريري أو غيره من الرجالات العربية المخلصة لبلادهم ، وإنما الهم الوحيد الذي يشغل أمريكا هو مصالحها في المنطقة ، ومصلحتها الآنية هي إيجاد حكومة طيًعة في دمشق على ما ذكرنا . وما واقعة اغتيال المرحوم الحريري بالنسبة للأمريكيين سوى حادث جلل بالنسبة لسوريا ولبنان والعرب ، أما بالنسبة لهم فلا يهمهم منه سوى استغلالــه في تركيع النظام السوري وإسقاطه إذا لم يستجب لمطالبهم .
وليس من شك أيضاً أن واشنطن منذ تفردت بقيادة العالم ، أخذت تنتهج سياسة خارجية تستهدف تصفية الحسابات مع الأنظمة والحكومات وحتى الأفراد الذين شكلوا في الماضي عوائق أمام تنفيذ خططها الاستراتيجية ، وبخاصة في المنطقة العربية والدول الإسلامية الأخرى . فلا غرابة إذن أن نراها اليوم وهي تسخّر هيمنتها على مجلس الأمن الدولي لتحقيق هذا الغرض ، فتدفعه لإصدار القرار تلو الآخر للضغط على سوريا ، بدعوى أن مسئولين سوريين كباراً هم ضالعون في قضية اغتيال الحريري ، وأن الأمر يتطلب من المجتمع الدولي التدخل لمنع سوريا استضافة المنظمات الفلسطينية في أراضيها والاستمرار في دعمها للإرهاب ، ووقف مساندتها لحزب الله اللبناني ، ومنع تسلل الإرهابيين للعراق عبر حدودها .. وما إلى ذلك من دعاوى وحجج واتهامات لا نهاية لها ، حتى تدفع مجلس الأمن - في نهاية المطاف - لإصدار قرار يسمح باستخدام الباب السابع من الميثاق الأممي ضد سوريا الذي يبيح استخدام القوة ضدها ، إذا لم تخضع لتلك القرارات وتصبح من الدول الطيعة للسياسات الأمريكية في المنطقة .
والواقع أنه لو كان الهدف الحقيقي من إثارة هذه القضية على المستوى الدولي هو فقط معرفة الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة التي تعتبر عملاً إرهابياً بكل المقاييس ومعاقبتهم ، لهان الأمر كثيراً ، لكن التصريحات التي يلقي بها المسئولون الأمريكيون تباعاً والتهديدات المستمرة التي تصدر عن الرئيس الأمريكي ووزيرة الخارجية باستخدام القوة العسكرية ضد سوريا إذا هي لم ترضخ للمطالب الأمريكية والقرارات الدولية ، تنبئ بشيء آخر تماما .
فمنذ بدأت القوات الأمريكية تواجه مأزقاً حقيقياً في العراق ، أخذ البنتاجون يخطط للخروج منه بالهروب إلى الأمام . فعقب سقوط بغداد دعا العديد من صقوره إلى مواصلة الزحف نحو دمشق لإسقاط نظام الحكم فيها بسبب انحيازه منذ البداية للعراق ضد الغزو الأنجلو أمريكي . لكن الصعوبات التي واجهتها القوات الأمريكية أثناء غزوها آنذاك حالت دون موافقة القادة الميدانيين على مواصلة الزحف نحو دمشق ، تحسباً من مخاطر لم يحسبوا حسابها جيداً .

أما الآن وقد تفاقم التورط الأمريكي في العراق ، وبدت معالم فشل الغزو في تحقيق أهدافه أمام الرأي العام الأمريكي والعالمي ، أخذت واشنطن تبحث عن مخرج لها عن طريق الضغط على إيران تارة وعلى سوريا تارة أخرى ، ليساعدانها في التخلص من هذا المأزق دون أن تتنازل عن أهدافها الرئيسة من هذا الغزو ، وهي السيطرة على منابع النفط العراقية ، وإيجاد حكومة موالية في بغداد ، وإقامة قواعد ثابتة لها في بلاد الرافدين . فأخذت توزع الاتهامات على هذين البلدين ، حيث تدّعي تارة أنهما يسمحان للعناصر المسلحة بالتسلل إلى العراق عبر حدودهما ، وتصف تارة أخرى نظام الحكم فيهما بالدكتاتورية والتخلف ، وتتهمهما تارة ثالثة باحتضان المنظمات الإرهابية ومدها بالسلاح والعتاد والمال ، ومحاولة تصنيعهما لأسلحة الدمار الشامل .
ثم تأتي أخيراً جريمة اغتيال الحريري لتكثف أمريكا من ضغوطها على دمشق ، بدعوى أن مسئولين سوريين مقربين من النظام الحاكم ومن الرئيس السوري بشار الأسد بالذات ضالعون فيها . ولأن ضرب إيران في هذا التوقيت لن يأتي - في نظر البنتاجون - بالفائدة المرجوة منه بسبب وجود حكومة متشددة في طهران ، وتصاعد المقاومة العراقية لقوات الاحتلال ، وتدني نسبة تأييد الشعب الأمريكي لسياسة بوش الخارجية ، فإن الأمريكيين قد قرروا - على ما يبدو - بتأجيل ضرب إيران الآن ، والتوجه نحو توظيف مجلس الأمن الدولي لتكثيف الضغوط على دمشق بهدف إيجاد حكومة طيعة في دمشق تستجيب لطلبات واشنطن حتى لو تطلب الأمر توجيه ضربة عسكرية لسوريا .
خاتمة وتعليق :

والواقع أنه لا تصريح نجاد حول إزالة إسرائيل من خريطة العالم ولا اغتيال الحريري ، يغيران من جوهر الموقف الأمريكي من هذين البلدين ، فكل ما في الأمر أن أمريكا تلقفت هذين الحدثين وخرجت بهما عن سياقهما ، لتحشد المجتمع الدولي ضد طهران وسوريا ، ولتضمن وقوفه بجانب الأمريكيين حين يقررون توجيه ضربة استباقية لهما على نحو ما فصلنا .
والدليل على ذلك أن تصريحات نجاد لم تقتصر على دعوته بإزالة إسرائيل وحدها من خريطة العالم وإنما شملت أيضاً أمريكا . لكن واشنطن تغاضت عما قيل بحقها في هذه التصريحات وألقت بكل ثقلها باتجاه إقناع العالم بأن النظام في إيران بات يشكل خطراً حقيقياً على وجود إسرائيل ، كما يؤيد الشكوك الأمريكية في أن طهران تسعى لصنع أسلحة نووية بعد ما تمكنت من صنع صاروخ بلاستي (شهاب 3) يستطيع أن يطال إسرائيل ودول جنوب أوروبا .
أما سوريا التي يبدو أن سياساتها التي توصف بـ "باللينة" حيال المطالب الأمريكية غير العادلة ، فلا تجد في المقابل إلا تزايداً في التعسف الأمريكي حيالها . ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى أن واشنطون استطاعت - بطريقة أو بأخرى - إقناع دمشق بخطورة النتائج والاستنتاجات التي ضمنها المحقق الألماني "ميهلس" في تقريره على مستقبل النظام الحاكم في دمشق واستمراره ، وبخاصة أن ثمة اتهامات مباشرة تضمنها التقرير حول تورط مسئولين مقربين من الرئيس السوري حافظ الأسد في هذه الجريمة .
لكن الحقيقة التي ينبغي أن تظل بادية للعيان أمام المسئولين في سوريا قبل إيران ، هي أن : لا تصريحات نجاد ولا اغتيال الحريري يشكّلان عاملاً حاسماً في تشكيل قرار أمريكا إذا ما واتتها الظروف المناسبة لتوجيه ضربة عسكرية جزئية أو شاملة لأي منهما .

gaener
10/11/2005, 13:42
موضوع حلو كتير كتير