yass
02/11/2004, 18:15
هو معجب ببازوليني، وبازوليني هو مخرج ورسام وفي الوقت ذاته روائي كبير. إن من يتتبع مسيرة النجم السوري بسام كوسا يجد أنه لا يختلف كثيراً عن بازوليني، ذلك أنه هو الآخر - إلى جانب حضوره اللافت كممثل - كان مخرجاً وكاتباً للسينما وللتلفزيون والمسرح، وقبل ذلك كله هو كاتب قصة بارع. بسام فنان مثقف، ظهرت له مجموعة قصصية بعنوان (نص لص)، وفي السينما شارك كممثل في ثلاثة أعمال كبيرة ( الكومبارس - نسيم الروح - المتبقي)، أما كمخرج فقد أخرج للسينما ثلاثة أفلام قصيرة (فلاش - سهرة مهذبة - دواليك)، فيما أخرج للمسرح مسرحية (العشاء الأخير). في مطلع العام 2004اختير بسام كعضو لجنة التحكيم في مهرجان روتردام السينمائي. ونحن أمام هذه الشمولية أردنا الاطلاع ليس على تجليات إبداع بسام كوسا، إنما على الفكر وعلى الثقافة وعلى الرؤى والتصورات التي يستند عليها هذا الإبداع. ومن أجل ذلك كله أجرينا هذا الحوار مع بسام الكاتب والمشاهد والناقد. @ ">
@ في كل لقاء معك تبرز علاقتك الحميمة بالسينما، حدثنا عما تفضله منها -كمشاهد-؟
- أنا معجب بالدرجة الأولى بالسينما الإيطالية، معجب بالمخرج بيير باولو بازوليني وب فدريكو فيلليني وبأفلامه العظيمة كفيلم "الطريق" وَ "ليالي كابريا"، وكذلك بالمخرج الياباني العظيم أكيرا كوراساوا، وبشكل عام أنا معجب بسينما الستينات والسبعينات، بالذات الأوروبية.. @ ">
@ لا أراك تتحدث عن السينما الحديثة؟
- حقيقة لا أجد فيها ما يستدعي الاهتمام، وذلك لأنها معنية الآن بالجانب البصري المبهر، بعيدة عن الفكر وعن المضمون الإنساني الذي كان كثيفاً في السينما السابقة، السينما آنذاك كانت متأملة وفلسفية الطابع تدفعك دائماً للتفكير بعكس الحديثة والتي على ما يبدو أنها تأثرت بعصرنا الحالي والذي من أبرز سماته القضاء على التأمل وقتل أشياء جوانية وحميمية لدى الإنسان.. @ ">
@ لكن السينما التي تناقش الإنسان بعمق لا تزال موجودة.. فيلم الساعات كمثال.. هل شاهدته؟
- بالتأكيد شاهدته.. وهو فيلم عظيم.. وحديثي لا يعني خلو الساحة من الأمثلة الجيدة.. كلا.. هي لا تزال موجودة.. لكنها أقل مما كانت عليه في السابق.. السينما الآن أصبحت رهن العرض والطلب وأسيرة لرأس المال الذي غالباً ما يكون جاهلاً بالقيم الفنية والفكرية التي تحملها السينما.. إن هناك صراعاً كان ولا يزال وسيبقى بين رأس المال الجاهل وبين المثقف المشحون بالهم والرسالة.. الآن وكما يبدو أن الغلبة لرأس المال وهو ما يجعل السينما تظهر بهذا الشكل الرخيص.. @ ">
@ أعتقد أن هذا الصراع موجود بشكل واضح في عالمنا العربي.. بينما لدى الغرب هناك أشبه ما يكون بالموازنة فيما بين التيارين..
- هذا صحيح.. ربما لأن هناك -لدى الغرب- برجوازية وطنية تملك عمقاً ثقافياً.. بينما البرجوازية العربية هي غالباً برجوازية محدثة وطارئة لا تملك ثقافة ولا تملك أخلاقاً في بعض الأحيان، وبالتالي فإن هؤلاء لا يعنيهم الشأن الثقافي بل هم يسخرون منه ويهزأون، وما يعنيهم بالدرجة الأولى أرصدتهم وكيف يضخمونها.. وأعتقد أن هذا سبب انحطاط العرب أنهم لا يعنون بالثقافة، والأمة التي لا تأخذ الثقافة على محمل الجد هي بالضرورة أمة متخلفة.. @ ">
@ لو سألناك عن أفضل فيلم شاهدته؟
- لا يمكن لك تحديد الأفضل بهذه السهولة، إن قلنا ان هناك نوعين من السينما، نوع يمثله فيلم Men In Black وهو النوع المبهرج الخالي من المضمون، ونوع ثان يمثله فيلم (عطر امرأة) فقطعاً أنا أميل إلى النوع الثاني الذي استطاع الموازنة بين الشكل الجماهيري وبين القيمة الفنية الراقية.. @ ">
@ مشاركتك السينمائية هي في الإجمال رائعة.. وإن كنت أفضل فيلمك الأول (الكومبارس) الذي أراه عميقاً وفلسفياً بشكل يدفعني دائماً للتساؤل عن سبب قلة اهتمام الجمهور به.. في الوقت الذي حصد فيلمك (نسيم الروح) كل الاهتمام.. برأيك ما سبب هذا التباين في الاهتمام؟
- أنا أيضاً أحمل تقديراً خاصاً لفيلم (الكومبارس) وأراه أعمق وأفضل من غيره.. ولا أملك تفسيراً لعدم اهتمام الجمهور به سوى أننا نعيش في واقع ينعدم فيه وجود المؤسسات التي تدعم وتسوق العمل السينمائي الجيد.. @ ">
@ لك تجربة مع السينما الإيرانية من خلال مشاركتك في الفيلم الرائع (المتبقي).. ما هو الفرق الذي لمسته ما بين العمل في كل من السينما الإيرانية والسينما السورية؟
- بداية لا توجد سينما سورية.. الموجود هي أفلام سورية وهي ناتج اجتهادات فردية لا تملك مقومات الديمومة بعكس السينما الإيرانية التي تبدو أكثر احترافاً ومستندة على مؤسسات ترعاها وتضمن استمرارها.. العمل معهم بلا شك أضاف لي الشيء الكثير.. لكنه في الآن نفسه أشعرني بالفرق الهائل بيننا وبينهم.. إنهم ينظرون للسينما باحترام.. وإيران عموماً تملك إرثاً ثقافياً هائلاً وهي قبل ذلك دولة صناعية وأعتقد أن هذا سبب رئيس في تطور سينماهم وبلوغها هذه المرتبة الرفيعة عالمياً.. ولو سألتني كيف سنصل إلى ما وصلوا إليه.. فسأجيبك أنه متى ما توفرت لدينا القدرة على صناعة الصاروخ فحينها سنتمكن - بالضرورة - من صناعة السينما.. دون ذلك لن يكون لدينا سوى "افلام" عربية.. @ ">
@ تبدو محبطاً بهذه الإجابة.. بذكر الإحباط.. الآن لك عشرون سنة في المجال الفني.. أليس محبطاً لك استمرار تهافت الجمهور على الأعمال السيئة؟ السؤال بصيغة أخرى.. ما جدوى ما تقومون به إن كان الجمهور هو هو لم يتغير؟
- برأيي أن المنظار الذي فرضته غير صحيح وغير دقيق.. إذ ليس مطلوباً مني كفنان أن أضمن التغيير.. إن مهمتي ومهمة الفن بشكل عام هي مجرد إلقاء الضوء على المشكلة.. وحل المشكلة هي مسؤولية المجتمع نفسه بمؤسساته المختلفة.. وجواباً على سؤالك.. لا أنا لست محبطاً لأن هذا هو حق الحياة علي أن أبذل لمجتمعي أفضل وأنبل ما أستطيع، أن أبدي وجهة نظري إزاء مشاكله، ولا يهم حصول التغيير الفوري بقدر ما يهم وصول الرسالة بطريقة تحترم عقل المتلقي.. @ ">
@ لكن هذه الرسالة غير مضمون وصولها، خاصة وأنكم تناقشون وتوجهون أعمالكم إلى البسطاء الكادحين المنتمين إلى القاع، وهؤلاء لا يملكون ترف متابعة أعمالكم، وبالتالي ستنحصر متابعتها على شريحة ضيقة من الجمهور الذي هو يمتلك مسبقاً ذات الأفكار التي تقدمونها.. ما رأيك؟
- أرى أن هذا ينطبق جزئياً على السينما والمسرح والكتاب فهي أقرب إلى النخبوية، بينما التلفزيون - وهو وسيلتنا في الوقت الحاضر - فهو أكثر شيوعاً وانتشاراً ولا أعتقد أن هناك منزلاً يخلو منه، ولذا لست أخشى على رسالتنا من عدم الوصول، لأنها تصل فعلاً.. @ ">
@ هل الدراما السورية تعيش نهضة حقيقية؟
- لو قارناها بمثيلاتها في الدول العربية فبإمكاننا أن نجيب بنعم، لكن إن أردنا أن نكون موضوعيين فعلاً لابد أن نطرح المقارنة على الصعيد العالمي ونرى أي مكان نحتل بين دول العالم أجمع.. وبلا شك نحن نحتل مرتبة متدنية نوعاً ما.. وما يغيضني فعلاً هو رؤية أولئك الممجدين الذين يفخمون أعمالنا بشكل يجعلنا نتوهم أننا عظيمون فعلاً وقد بلغنا منتهى طموحنا.. @ ">
@ أنت تقصد الصحفيين؟
- الصحفيين وكثيرا من المسؤولين الذي يرضون بأقل القليل وهم بمدحهم هذا يساهمون في استمرار انحطاطنا الفني والثقافي.. إن أكثر ما يؤلم هو رؤية صحفي يمجد مخرجاً تافهاً ويصوره كما لو أنه بيرغمان أو كويبريك.. وهذا للأسف يحدث بغزارة في صحافتنا العربية التي بدل أن تكون عامل بناء أصبحت معول هدم.. @ ">
@ نوادي السينما كانت منتشرة في سوريا في الثمانينات.. الآن اختفت بشكل تام.. ما سبب ذلك؟
- ليست نوادي السينما وحدها.. بل حتى المسرح يعاني.. نحن نعيش حالة موات ثقافي على مستوى الوطن العربي.. إذ لا توجد مؤسسات تكفل الرعاية لهذه المجالات الهامة.. وبرأيي أن وأد مثل هذه المشاريع التنويرية هو قضاء على مصدر هام من مصادر الاطلاع وبالتالي قضاء على الفن بشكل عام.. @ ">
@ لكن يبقى هناك أمل.. فأنا وعندما شاهدت المسلسل الرائع (بقعة ضوء) أيقنت من إمكانية تطور الدراما والسينما العربية؟
- بالطبع دائماً هناك أمل.. ونحن نملك جيلاً شاباً يحاول أن يفلت من عقال التخلف الاجتماعي وأن يقول ما يريد بطريقة فنية متطورة.. هذا الجيل يحاول كسر القوالب الفنية الجامدة والمفاهيم العقيمة التي جاءتنا من مصر.. وقد استطاع نوعاً ما من بلوغ شيء من هدفه.. إذ أصبحت الدراما حرة تنضح واقعية بعد أن كانت أسيرة الأستوديو والبلادة.. لكن ورغم ذلك تبقى سطوة المجتمع المتخلف مؤثرة وحاضرة وهي ما تؤخر من عملية التغيير والتطوير.. @ ">
@ في دمشق يروج المسرح السياحي الهابط.. وعبر القنوات الفضائية تنتشر أعمال سورية تافهة جداً.. البعض يطالب بضرورة التصدي لهؤلاء ومنعهم من البروز.. أنت ما رأيك؟
- بداية لا يحق لأي شخص أن يقرر منع هذا العمل أو غيره.. الفن يتنفس بالحرية ودونها لن يتطور.. لذلك فالمسألة مسألة مبدأ بالنسبة لي.. وأقول انه بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة.. فالمسرحية التي لا تعجبك واجهها بمسرحية أخرى جيدة تصنعها أنت.. وكذا الأمر بالنسبة للأعمال التلفزيونية.. لا تنشغل بالمنع.. حاول أن توجد وتصنع المثال الجيد، والذي متى ما وجد فإنه حتماً سيدحر العمل السيئ.. واختصاراً للكلام أبداً أنا لا أؤيد مسألة المنع وفرض الوصاية.. @ ">
@ الآن دعنا نتحدث عن بسام كوسا الكاتب؟ أين هو؟
- هو موجود، لكنه رهين المزاجية والحالة النفسية.. أنا كنت ولا زلت أكتب وأنشر عبر الصحف.. لكن في الفترة الأخيرة استهلكني جهد الكتابة لمسلسل "عالمكشوف".. @ ">
@ لقد أذهلني ما قرأته لك من قصص في مجموعتك الرائعة (نص لص) وقد لمست فيها كآبة ووحشة وسخرية شبيهة بما لدى تشيخوف وغادة السمان.. هل تأثرت بهما؟
- هي مجاملة رقيقة منك وأتمنى أن أكون كذلك.. بالنسبة للتأثر فأنا أقرأ كثيراً لتشيخوف وربما يكون هناك من أثر جاء منه، خاصة فيما يتعلق بالنهايات المفتوحة.. أما غادة فأنا لم أقرأ لها الكثير وذلك لأنها تناقش هموم الطبقة الارستقراطية التي لا تعنيني بشيء.. أنا مشغول دائماً بشخصيات القاع.. بأولئك المطحونين الذي لا يجدون سبباً للاستمرار في الحياة.. ولذلك تجد أن نهايتهم في قصصي هي دائماً واحدة.. الموت.. @ ">
@ قصص بهذه المأساوية والروعة، ألم تفكر في تحويلها إلى أعمال مرئية؟
- نعم، كانت هناك محاولات، فقصة (سهرة مهذبة) قد حولتها - كمنتج ومخرج - إلى فيلم سينمائي قصير.. وكذلك قصة (أنا وهو) رغب أحد الإخوة تصويرها لولا أن السيناريو الموضوع لم يكن مناسباً وبالتالي رفضت العرض.. @ ">
@ سليمان الشمري، فنان سعودي هاو اشترك معك في صناعة فيلم تلفزيوني قصير.. حدثنا عن ذلك؟
- كان ذلك قبل سنوات، جاء إلي بنص رائع من تأليفه هو، وقد توليت أنا إدارة المشروع، وقد كلفنا المخرج الكبير حاتم علي بمهمة إخراجه، فيما قام جمال سليمان ببطولته.. والنتيجة كانت رائعة للغاية حتى أن كثيراً من نقادنا حين رأوه أثنوا عليه ثناء عالياً.. @ ">
@ الآن أين سليمان الشمري.. وأين فيلمه؟
- هو عاد إلى السعودية بغرض التسويق لعمله بصفته المنتج.. ومنذ ذلك الحين لم أسمع عنه.. ويبدو أن في عدم بروزه حتى الآن تأكيد على حالة الموات التي نعيشها كعرب.. @ ">
@ في رمضان هذه السنة لديك عملان، حدثنا عنهما، وعن دورك فيهما؟
- ليس من عادتي أن أتحدث عن أعمالي. لكن وكمعلومات عامة أنا أشارك - كما أشرت - في عملين، الأول هو (أحلام كبيرة) من إخراج الصديق (حاتم علي)، أما الثاني فمسلسل (عصر الجنون) للمخرج مروان بركات، بمشاركة سلاف فواخرجي وعدة نجوم آخرين. @ ">
@ كلمة أخيرة توجهها لجمهورك في السعودية..
- أتمنى أن أكون عند حسن ظنهم دائماً..
الرياض
@ في كل لقاء معك تبرز علاقتك الحميمة بالسينما، حدثنا عما تفضله منها -كمشاهد-؟
- أنا معجب بالدرجة الأولى بالسينما الإيطالية، معجب بالمخرج بيير باولو بازوليني وب فدريكو فيلليني وبأفلامه العظيمة كفيلم "الطريق" وَ "ليالي كابريا"، وكذلك بالمخرج الياباني العظيم أكيرا كوراساوا، وبشكل عام أنا معجب بسينما الستينات والسبعينات، بالذات الأوروبية.. @ ">
@ لا أراك تتحدث عن السينما الحديثة؟
- حقيقة لا أجد فيها ما يستدعي الاهتمام، وذلك لأنها معنية الآن بالجانب البصري المبهر، بعيدة عن الفكر وعن المضمون الإنساني الذي كان كثيفاً في السينما السابقة، السينما آنذاك كانت متأملة وفلسفية الطابع تدفعك دائماً للتفكير بعكس الحديثة والتي على ما يبدو أنها تأثرت بعصرنا الحالي والذي من أبرز سماته القضاء على التأمل وقتل أشياء جوانية وحميمية لدى الإنسان.. @ ">
@ لكن السينما التي تناقش الإنسان بعمق لا تزال موجودة.. فيلم الساعات كمثال.. هل شاهدته؟
- بالتأكيد شاهدته.. وهو فيلم عظيم.. وحديثي لا يعني خلو الساحة من الأمثلة الجيدة.. كلا.. هي لا تزال موجودة.. لكنها أقل مما كانت عليه في السابق.. السينما الآن أصبحت رهن العرض والطلب وأسيرة لرأس المال الذي غالباً ما يكون جاهلاً بالقيم الفنية والفكرية التي تحملها السينما.. إن هناك صراعاً كان ولا يزال وسيبقى بين رأس المال الجاهل وبين المثقف المشحون بالهم والرسالة.. الآن وكما يبدو أن الغلبة لرأس المال وهو ما يجعل السينما تظهر بهذا الشكل الرخيص.. @ ">
@ أعتقد أن هذا الصراع موجود بشكل واضح في عالمنا العربي.. بينما لدى الغرب هناك أشبه ما يكون بالموازنة فيما بين التيارين..
- هذا صحيح.. ربما لأن هناك -لدى الغرب- برجوازية وطنية تملك عمقاً ثقافياً.. بينما البرجوازية العربية هي غالباً برجوازية محدثة وطارئة لا تملك ثقافة ولا تملك أخلاقاً في بعض الأحيان، وبالتالي فإن هؤلاء لا يعنيهم الشأن الثقافي بل هم يسخرون منه ويهزأون، وما يعنيهم بالدرجة الأولى أرصدتهم وكيف يضخمونها.. وأعتقد أن هذا سبب انحطاط العرب أنهم لا يعنون بالثقافة، والأمة التي لا تأخذ الثقافة على محمل الجد هي بالضرورة أمة متخلفة.. @ ">
@ لو سألناك عن أفضل فيلم شاهدته؟
- لا يمكن لك تحديد الأفضل بهذه السهولة، إن قلنا ان هناك نوعين من السينما، نوع يمثله فيلم Men In Black وهو النوع المبهرج الخالي من المضمون، ونوع ثان يمثله فيلم (عطر امرأة) فقطعاً أنا أميل إلى النوع الثاني الذي استطاع الموازنة بين الشكل الجماهيري وبين القيمة الفنية الراقية.. @ ">
@ مشاركتك السينمائية هي في الإجمال رائعة.. وإن كنت أفضل فيلمك الأول (الكومبارس) الذي أراه عميقاً وفلسفياً بشكل يدفعني دائماً للتساؤل عن سبب قلة اهتمام الجمهور به.. في الوقت الذي حصد فيلمك (نسيم الروح) كل الاهتمام.. برأيك ما سبب هذا التباين في الاهتمام؟
- أنا أيضاً أحمل تقديراً خاصاً لفيلم (الكومبارس) وأراه أعمق وأفضل من غيره.. ولا أملك تفسيراً لعدم اهتمام الجمهور به سوى أننا نعيش في واقع ينعدم فيه وجود المؤسسات التي تدعم وتسوق العمل السينمائي الجيد.. @ ">
@ لك تجربة مع السينما الإيرانية من خلال مشاركتك في الفيلم الرائع (المتبقي).. ما هو الفرق الذي لمسته ما بين العمل في كل من السينما الإيرانية والسينما السورية؟
- بداية لا توجد سينما سورية.. الموجود هي أفلام سورية وهي ناتج اجتهادات فردية لا تملك مقومات الديمومة بعكس السينما الإيرانية التي تبدو أكثر احترافاً ومستندة على مؤسسات ترعاها وتضمن استمرارها.. العمل معهم بلا شك أضاف لي الشيء الكثير.. لكنه في الآن نفسه أشعرني بالفرق الهائل بيننا وبينهم.. إنهم ينظرون للسينما باحترام.. وإيران عموماً تملك إرثاً ثقافياً هائلاً وهي قبل ذلك دولة صناعية وأعتقد أن هذا سبب رئيس في تطور سينماهم وبلوغها هذه المرتبة الرفيعة عالمياً.. ولو سألتني كيف سنصل إلى ما وصلوا إليه.. فسأجيبك أنه متى ما توفرت لدينا القدرة على صناعة الصاروخ فحينها سنتمكن - بالضرورة - من صناعة السينما.. دون ذلك لن يكون لدينا سوى "افلام" عربية.. @ ">
@ تبدو محبطاً بهذه الإجابة.. بذكر الإحباط.. الآن لك عشرون سنة في المجال الفني.. أليس محبطاً لك استمرار تهافت الجمهور على الأعمال السيئة؟ السؤال بصيغة أخرى.. ما جدوى ما تقومون به إن كان الجمهور هو هو لم يتغير؟
- برأيي أن المنظار الذي فرضته غير صحيح وغير دقيق.. إذ ليس مطلوباً مني كفنان أن أضمن التغيير.. إن مهمتي ومهمة الفن بشكل عام هي مجرد إلقاء الضوء على المشكلة.. وحل المشكلة هي مسؤولية المجتمع نفسه بمؤسساته المختلفة.. وجواباً على سؤالك.. لا أنا لست محبطاً لأن هذا هو حق الحياة علي أن أبذل لمجتمعي أفضل وأنبل ما أستطيع، أن أبدي وجهة نظري إزاء مشاكله، ولا يهم حصول التغيير الفوري بقدر ما يهم وصول الرسالة بطريقة تحترم عقل المتلقي.. @ ">
@ لكن هذه الرسالة غير مضمون وصولها، خاصة وأنكم تناقشون وتوجهون أعمالكم إلى البسطاء الكادحين المنتمين إلى القاع، وهؤلاء لا يملكون ترف متابعة أعمالكم، وبالتالي ستنحصر متابعتها على شريحة ضيقة من الجمهور الذي هو يمتلك مسبقاً ذات الأفكار التي تقدمونها.. ما رأيك؟
- أرى أن هذا ينطبق جزئياً على السينما والمسرح والكتاب فهي أقرب إلى النخبوية، بينما التلفزيون - وهو وسيلتنا في الوقت الحاضر - فهو أكثر شيوعاً وانتشاراً ولا أعتقد أن هناك منزلاً يخلو منه، ولذا لست أخشى على رسالتنا من عدم الوصول، لأنها تصل فعلاً.. @ ">
@ هل الدراما السورية تعيش نهضة حقيقية؟
- لو قارناها بمثيلاتها في الدول العربية فبإمكاننا أن نجيب بنعم، لكن إن أردنا أن نكون موضوعيين فعلاً لابد أن نطرح المقارنة على الصعيد العالمي ونرى أي مكان نحتل بين دول العالم أجمع.. وبلا شك نحن نحتل مرتبة متدنية نوعاً ما.. وما يغيضني فعلاً هو رؤية أولئك الممجدين الذين يفخمون أعمالنا بشكل يجعلنا نتوهم أننا عظيمون فعلاً وقد بلغنا منتهى طموحنا.. @ ">
@ أنت تقصد الصحفيين؟
- الصحفيين وكثيرا من المسؤولين الذي يرضون بأقل القليل وهم بمدحهم هذا يساهمون في استمرار انحطاطنا الفني والثقافي.. إن أكثر ما يؤلم هو رؤية صحفي يمجد مخرجاً تافهاً ويصوره كما لو أنه بيرغمان أو كويبريك.. وهذا للأسف يحدث بغزارة في صحافتنا العربية التي بدل أن تكون عامل بناء أصبحت معول هدم.. @ ">
@ نوادي السينما كانت منتشرة في سوريا في الثمانينات.. الآن اختفت بشكل تام.. ما سبب ذلك؟
- ليست نوادي السينما وحدها.. بل حتى المسرح يعاني.. نحن نعيش حالة موات ثقافي على مستوى الوطن العربي.. إذ لا توجد مؤسسات تكفل الرعاية لهذه المجالات الهامة.. وبرأيي أن وأد مثل هذه المشاريع التنويرية هو قضاء على مصدر هام من مصادر الاطلاع وبالتالي قضاء على الفن بشكل عام.. @ ">
@ لكن يبقى هناك أمل.. فأنا وعندما شاهدت المسلسل الرائع (بقعة ضوء) أيقنت من إمكانية تطور الدراما والسينما العربية؟
- بالطبع دائماً هناك أمل.. ونحن نملك جيلاً شاباً يحاول أن يفلت من عقال التخلف الاجتماعي وأن يقول ما يريد بطريقة فنية متطورة.. هذا الجيل يحاول كسر القوالب الفنية الجامدة والمفاهيم العقيمة التي جاءتنا من مصر.. وقد استطاع نوعاً ما من بلوغ شيء من هدفه.. إذ أصبحت الدراما حرة تنضح واقعية بعد أن كانت أسيرة الأستوديو والبلادة.. لكن ورغم ذلك تبقى سطوة المجتمع المتخلف مؤثرة وحاضرة وهي ما تؤخر من عملية التغيير والتطوير.. @ ">
@ في دمشق يروج المسرح السياحي الهابط.. وعبر القنوات الفضائية تنتشر أعمال سورية تافهة جداً.. البعض يطالب بضرورة التصدي لهؤلاء ومنعهم من البروز.. أنت ما رأيك؟
- بداية لا يحق لأي شخص أن يقرر منع هذا العمل أو غيره.. الفن يتنفس بالحرية ودونها لن يتطور.. لذلك فالمسألة مسألة مبدأ بالنسبة لي.. وأقول انه بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة.. فالمسرحية التي لا تعجبك واجهها بمسرحية أخرى جيدة تصنعها أنت.. وكذا الأمر بالنسبة للأعمال التلفزيونية.. لا تنشغل بالمنع.. حاول أن توجد وتصنع المثال الجيد، والذي متى ما وجد فإنه حتماً سيدحر العمل السيئ.. واختصاراً للكلام أبداً أنا لا أؤيد مسألة المنع وفرض الوصاية.. @ ">
@ الآن دعنا نتحدث عن بسام كوسا الكاتب؟ أين هو؟
- هو موجود، لكنه رهين المزاجية والحالة النفسية.. أنا كنت ولا زلت أكتب وأنشر عبر الصحف.. لكن في الفترة الأخيرة استهلكني جهد الكتابة لمسلسل "عالمكشوف".. @ ">
@ لقد أذهلني ما قرأته لك من قصص في مجموعتك الرائعة (نص لص) وقد لمست فيها كآبة ووحشة وسخرية شبيهة بما لدى تشيخوف وغادة السمان.. هل تأثرت بهما؟
- هي مجاملة رقيقة منك وأتمنى أن أكون كذلك.. بالنسبة للتأثر فأنا أقرأ كثيراً لتشيخوف وربما يكون هناك من أثر جاء منه، خاصة فيما يتعلق بالنهايات المفتوحة.. أما غادة فأنا لم أقرأ لها الكثير وذلك لأنها تناقش هموم الطبقة الارستقراطية التي لا تعنيني بشيء.. أنا مشغول دائماً بشخصيات القاع.. بأولئك المطحونين الذي لا يجدون سبباً للاستمرار في الحياة.. ولذلك تجد أن نهايتهم في قصصي هي دائماً واحدة.. الموت.. @ ">
@ قصص بهذه المأساوية والروعة، ألم تفكر في تحويلها إلى أعمال مرئية؟
- نعم، كانت هناك محاولات، فقصة (سهرة مهذبة) قد حولتها - كمنتج ومخرج - إلى فيلم سينمائي قصير.. وكذلك قصة (أنا وهو) رغب أحد الإخوة تصويرها لولا أن السيناريو الموضوع لم يكن مناسباً وبالتالي رفضت العرض.. @ ">
@ سليمان الشمري، فنان سعودي هاو اشترك معك في صناعة فيلم تلفزيوني قصير.. حدثنا عن ذلك؟
- كان ذلك قبل سنوات، جاء إلي بنص رائع من تأليفه هو، وقد توليت أنا إدارة المشروع، وقد كلفنا المخرج الكبير حاتم علي بمهمة إخراجه، فيما قام جمال سليمان ببطولته.. والنتيجة كانت رائعة للغاية حتى أن كثيراً من نقادنا حين رأوه أثنوا عليه ثناء عالياً.. @ ">
@ الآن أين سليمان الشمري.. وأين فيلمه؟
- هو عاد إلى السعودية بغرض التسويق لعمله بصفته المنتج.. ومنذ ذلك الحين لم أسمع عنه.. ويبدو أن في عدم بروزه حتى الآن تأكيد على حالة الموات التي نعيشها كعرب.. @ ">
@ في رمضان هذه السنة لديك عملان، حدثنا عنهما، وعن دورك فيهما؟
- ليس من عادتي أن أتحدث عن أعمالي. لكن وكمعلومات عامة أنا أشارك - كما أشرت - في عملين، الأول هو (أحلام كبيرة) من إخراج الصديق (حاتم علي)، أما الثاني فمسلسل (عصر الجنون) للمخرج مروان بركات، بمشاركة سلاف فواخرجي وعدة نجوم آخرين. @ ">
@ كلمة أخيرة توجهها لجمهورك في السعودية..
- أتمنى أن أكون عند حسن ظنهم دائماً..
الرياض