شكو زولو
26/11/2004, 23:08
في قرية قريبة من مدينة أنطاكية، عاش، قديماً، ولدٌ اسمه سمعان. كان أهله فقراء، فلم يتعلّم القراءة والكتابة. وكان أبوه راعي غنم.
عاش سمعان بين الأغنام. ارتبط بها برباط العِشرَة والصداقة. كان يلعب معها، يأكل معها، وأحياناً ينام بجانبها. وعندما كَبُر قليلاً صار يرافق أباه إلى الجبال والحقول. تعلّم الأصوات التي كان أبوه ينادي بها الأغنام. تعلّم كيف يعتني بها، متى يخرج بها إلى الحقل ومتى يعود. وتعلّم أيضاً كيف يختار لها المرعى الجيّد. بالمختصر، تعلّم سمعان كل شيء عن الأغنام.
وشيئاً فشيئاً، صار أبوه يسلّمه الأغنام ليذهب بها إلى المرعى لوحده. فرح الراعي الصغير بذلك لأنه أحسّ بأنه أصبح رجلاً كبيراً كأبيه.
هكذا كان سمعان يقضي أيامه عندما يكون الطقس جيّداً ويكون هناك عشب في الحقل. وكلّما خرج بخرافه إلى الجبال، كان يجلس ساعات طويلة يتأمّل السماء الزرقاء الصافية، ويلاحظ الغيوم، بأشكال مختلفة، تتحرّك، على مهل، هنا وهناك. كانت الطبيعة خلاّبة. كل شيء فيها يمجّد الله: الأشجار والصخور والعصافير والفراشات... وبين الحين والحين، اعتاد سمعان أن يردّد كلمات من الكتاب المقدّس سمعها من أبيه أو من كاهن القرية. فكان يقول مثلاً: "المجد لله"، "سبحان الله"، "ما أعظم أعمالك يا رب، كلّها بحكمة صنعت". ولم يكن هناك إنسان، في الجبال، يتحدّث إليه، فكان سمعان يحبّ الهدوء ويحبّ الصلاة.
هكذا ساعده الهدوء والتأمّل في الطبيعة ليكون قريباً من الله.
وحدث، ذات مرّة، أن كان الطقس بارداً والرياح شديدة والثلج يتساقط، فلم يخرج سمعان بالخراف إلى الحقول كعادته، بل أسرع إلى كنيسة القرية لحضور القدّاس الإلهي. في الكنيسة، كان الكاهن يقرأ الإنجيل. وانتبه سمعان إلى الأقوال التالية: "طوباكم أيها الجياع الآن لأنكم ستشبعون. طوباكم أيها الباكون الآن لأنكم ستضحكون. ويل لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم ستحزنون وتبكون" (لوقا 6: 21، 25).
لم يفهم سمعان معنى هذه الكلمات. لكن، كان يهمّه أن يفهم لأنه كان يعتبر أنّ هذه الأقوال تخصّه. أليست هي أقوال الرب يسوع موجّهة إلى كل الحاضرين وإليه هو أيضاً؟ وإذا لم يفهم فكيف ينتفع؟ كيف يعمل بموجب كلام الرب؟
وانتظر سمعان إلى أن انتهى الكاهن من خدمة القدّاس الإلهي. فجاء إليه وسأله عن معنى ما قرأ وكيف يمكنه أن يتمِّم وصايا الرب الإله. حدّثه الكاهن عن الرهبان وكيف أنّهم يحبّون الله ويتركون كل شيء ليهتمّوا بأمر واحد فقط وهو إتمام هذه الوصيّة: "كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماوي هو كامل". كذلك كلّمه الكاهن عن الصوم والصلاة والتوبة.
تحرّك قلب سمعان لِما قاله الكاهن. كان عمره، يومذاك، خمس عشرة سنة. فركع وألصق جبينه بالأرض وراح يصلّي على طريقته ويطلب من الله أن يلهمه كيف يبدأ ليتمّم هو، أيضاً، الوصايا الإلهية. بقي سمعان يصلّي هكذا وقتاً طويلاً إلى أن نعس وغفا. وفي غفوته، رأى حلماً. رأى نفسه يحفر حفرة، لكنّه تعب وتوقّف. فسمع صوتاً يقول له: "لا تتوقّف! تابع الحفر". فعاد يحفر من جديد. فجاءه الصوت أيضاً: "عمّق الحفرة أكثر!" فبدأ يعمل بهمّة أكبر. واستمرّ هكذا إلى أن قال له الصوت: "كفاك الآن! بإمكانك أن تبدأ بالبناء. ولكن انتبه! إذا لم تتعب كفاية فلن تنجح".
واستفاق سمعان من نومه، وجلس يتأمّل في حلمه هذا، فأدرك، في قلبه، أنّ الربّ يدعوه لأن يصير راهباً مجاهداً. فقام للحال وترك كل شيء، بيته وأهله وأغنامه وأغراضه، وانضمّ إلى أحد الأديار وأصبح راهباً عظيماً وقدّيساً كبيراً.
هكذا شقّ القدّيس سمعان العمودي الكبير طريقه إلى القداسة، والكنيسة تعيّد له في اليوم الأول من أيلول من كل عام. صلواته معنا جميعاً.
عاش سمعان بين الأغنام. ارتبط بها برباط العِشرَة والصداقة. كان يلعب معها، يأكل معها، وأحياناً ينام بجانبها. وعندما كَبُر قليلاً صار يرافق أباه إلى الجبال والحقول. تعلّم الأصوات التي كان أبوه ينادي بها الأغنام. تعلّم كيف يعتني بها، متى يخرج بها إلى الحقل ومتى يعود. وتعلّم أيضاً كيف يختار لها المرعى الجيّد. بالمختصر، تعلّم سمعان كل شيء عن الأغنام.
وشيئاً فشيئاً، صار أبوه يسلّمه الأغنام ليذهب بها إلى المرعى لوحده. فرح الراعي الصغير بذلك لأنه أحسّ بأنه أصبح رجلاً كبيراً كأبيه.
هكذا كان سمعان يقضي أيامه عندما يكون الطقس جيّداً ويكون هناك عشب في الحقل. وكلّما خرج بخرافه إلى الجبال، كان يجلس ساعات طويلة يتأمّل السماء الزرقاء الصافية، ويلاحظ الغيوم، بأشكال مختلفة، تتحرّك، على مهل، هنا وهناك. كانت الطبيعة خلاّبة. كل شيء فيها يمجّد الله: الأشجار والصخور والعصافير والفراشات... وبين الحين والحين، اعتاد سمعان أن يردّد كلمات من الكتاب المقدّس سمعها من أبيه أو من كاهن القرية. فكان يقول مثلاً: "المجد لله"، "سبحان الله"، "ما أعظم أعمالك يا رب، كلّها بحكمة صنعت". ولم يكن هناك إنسان، في الجبال، يتحدّث إليه، فكان سمعان يحبّ الهدوء ويحبّ الصلاة.
هكذا ساعده الهدوء والتأمّل في الطبيعة ليكون قريباً من الله.
وحدث، ذات مرّة، أن كان الطقس بارداً والرياح شديدة والثلج يتساقط، فلم يخرج سمعان بالخراف إلى الحقول كعادته، بل أسرع إلى كنيسة القرية لحضور القدّاس الإلهي. في الكنيسة، كان الكاهن يقرأ الإنجيل. وانتبه سمعان إلى الأقوال التالية: "طوباكم أيها الجياع الآن لأنكم ستشبعون. طوباكم أيها الباكون الآن لأنكم ستضحكون. ويل لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم ستحزنون وتبكون" (لوقا 6: 21، 25).
لم يفهم سمعان معنى هذه الكلمات. لكن، كان يهمّه أن يفهم لأنه كان يعتبر أنّ هذه الأقوال تخصّه. أليست هي أقوال الرب يسوع موجّهة إلى كل الحاضرين وإليه هو أيضاً؟ وإذا لم يفهم فكيف ينتفع؟ كيف يعمل بموجب كلام الرب؟
وانتظر سمعان إلى أن انتهى الكاهن من خدمة القدّاس الإلهي. فجاء إليه وسأله عن معنى ما قرأ وكيف يمكنه أن يتمِّم وصايا الرب الإله. حدّثه الكاهن عن الرهبان وكيف أنّهم يحبّون الله ويتركون كل شيء ليهتمّوا بأمر واحد فقط وهو إتمام هذه الوصيّة: "كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماوي هو كامل". كذلك كلّمه الكاهن عن الصوم والصلاة والتوبة.
تحرّك قلب سمعان لِما قاله الكاهن. كان عمره، يومذاك، خمس عشرة سنة. فركع وألصق جبينه بالأرض وراح يصلّي على طريقته ويطلب من الله أن يلهمه كيف يبدأ ليتمّم هو، أيضاً، الوصايا الإلهية. بقي سمعان يصلّي هكذا وقتاً طويلاً إلى أن نعس وغفا. وفي غفوته، رأى حلماً. رأى نفسه يحفر حفرة، لكنّه تعب وتوقّف. فسمع صوتاً يقول له: "لا تتوقّف! تابع الحفر". فعاد يحفر من جديد. فجاءه الصوت أيضاً: "عمّق الحفرة أكثر!" فبدأ يعمل بهمّة أكبر. واستمرّ هكذا إلى أن قال له الصوت: "كفاك الآن! بإمكانك أن تبدأ بالبناء. ولكن انتبه! إذا لم تتعب كفاية فلن تنجح".
واستفاق سمعان من نومه، وجلس يتأمّل في حلمه هذا، فأدرك، في قلبه، أنّ الربّ يدعوه لأن يصير راهباً مجاهداً. فقام للحال وترك كل شيء، بيته وأهله وأغنامه وأغراضه، وانضمّ إلى أحد الأديار وأصبح راهباً عظيماً وقدّيساً كبيراً.
هكذا شقّ القدّيس سمعان العمودي الكبير طريقه إلى القداسة، والكنيسة تعيّد له في اليوم الأول من أيلول من كل عام. صلواته معنا جميعاً.