لم يصدقني أحد عندما أخبرتهم بأن الشمس والقمر قد اجتمعا معا في سمائنا ذات صباح جميل..

حاولت أن اقنعهم..وبذلت جهدا خارقا في سبيل ذلك..ولكنهم اكتفوا بنظرات السخرية المؤلمة..
وبعبارات التهكم الموجعه..

أقسمت لهم وحلفت بكل شئ مقدس أؤمن به..ذكرت لهم كيف أننا استيقظنا ذات صباح على أشعة الشمس وضياء القمر.. تملأ دنيانا بالنور وتشع علينا بالجمال..

رويت لهم حكايا ت جميلة وسعيدة حدثت في ذلك الصباح الذي لاينسى..أخبرتهم كيف أن الحروف أصبحت أكثر اشراقا..والكلما ت ازدادت وضوحا..والعبارات البسيطة أصبحت حكاية حب رائعة..أبطالها وبلا منازع الشمس والقمر..

وضحت لهم كيف أن كل سكا ن ذلك الصباح اليتيم..تركوا أعمالهم وتفرغوا لمتابعة أجمل وأغرب لقاء جمع حبيبين..

وقفوا جميعا ليشاهدوا ويستمتعوا بمشاهد لاتنسى من لقاء لن يتكرر..جمع بين قلب الشمس ووجدان القمر..

ضحكوا حين شاهدوا فرحتهم باللقاء..وشعروا براحة كبيرة لاجتماعهم ..وبكوا من أجلهم كثيرا حين حانت ساعة الفراق..وسطر القمر أخر حروف الشمس بشعاعه الأخاذ..

سحرت الناس في ذلك اليوم الذي لاينسى ..كلما ت لاتنسى ..ولن نسمع مثلها أبدا..سطرتها أنامل الشمس بحروف من نور..

أصبح الجميع مغرمين بالشعر..ومتابعين لروائع النثر..وخبراء في تحليل العبارات ..وقرأة مابين السطور..

فهم جميعا قد بهرهم الضوء..وتشبعوا من النور..في صباح كان كل مافيه هو الضياء..وسيده وبلا منازع القمر وحبيبته الشمس..

شاهدنا القمر يقترب من الشمس..وينظر لعينيها بلهفة ..ويتأملها بعمق..وكأنه يريد أن يسافر في أعماقها..ويسبر أغوارها..

أحتضنها وهو يرتجف..وضع رأسه المتعب على كتفها..واسترسل في بكاء مرير..في الوقت الذي ارتسمت على وجهه ابتسامة غريبة ومعبرة ..

احتضنها أمامنا جميعا لساعات..وخاطبها أمامنا جميعا بكلمات ليست كالكلمات..

سمعنا منه ولأول مرة عن الحب..وتعلمنا منه أجمل وأطهر معاني العشق..ورأينا بأم أعيننا أوجاع قلوب عذبها الهوى وجار عليها النوى..وفرقها القدر..

طال عناقهما..وبدا لنا أنهما قد التصقا..وحسبنا ان الشمس والقمر قد أصبحا شيئا واحدا..فهما كانا مصدر النور والاشعاع الوحيد في ذلك الصباح..وكانا كلما زادا قربا..كلما زاد الضياء اشعاعا..حتى خفنا أن يذهب نورهما بأبصارنا..

فجأة ..ودون سابق انذار..ابتعد القمر قليلا عن شمسه.. ثم أشاح عنها ببصره..
ثم استدار وبدأ في رحلة صعود جديدة الى السماء..دون أن يلتفت خلفه..ودون أن يقول وداعا..

وقفت في مكانها..تتابعه بعينيها..حتى استقر في السماء..وتلاشى تماما..

انتظرت قليلا..ثم صعدت الى حيث يجب أن تكون الشمس..استقرت في كبد السماء..ثم أغمضت عينيها..وكانت تللك أخر مرة قدر لبشر أن يرى فيها عيني الشمس..

لانعلم لغاية اليوم..عن سر اجتماعهما في مدينتنا..ولا نعلم شيئا عن سبب اختيارهما لها..
ولكننا نعرف أنهما كانا أروع ضيفين حلا في ديارنا..وأجمل حبيبين عطرا سماء بلدتنا..

وداعا أيتها الشمس..وأعدك بأننا لن ننساك..وكيف لنا أن ننساك!!وضياءك يبهرنا في كل يوم..

وداعا أيها القمر..ويكفينا أنك ونيس وحدتنا..ومبدد وحشتنا..حين احتدام الظلام ..وقدوم الهموم والاحلام..

وداعا لكما..يامنبت النور..وأصل الاشعاع..وضياء الكون..

أنا أصدقك لأن الشمس والقمر دائما" مجتمعان لكن لكي تراهم يجب أن تزيل عن عينيك غشاوة السواد وبغير ذلك لم تستطيع رؤيتهم