King RORO
21/01/2005, 20:44
وقفت سارة ترقُب ذلك الشفق الأحمر العنيد الذى سحر لبها بجماله، و الذي أبى على الشمس أن يتبعها ، كلما حاولت أن تجذبه إليها ، إذا به ينتشر في أفق هذه السماء الرحيبة، و تعجبت سارة من روعة إمهال السماء له إذ لا تأذن لهذا الليل أن يغمُرُها إلا بعد أن يُنهي هذا الشفق حديثه إليها و يمضي.
تساءلت سارة....أين سيمضي؟ لا حيلة له إلا أن يتبع هذه الشمس، قد يتأخر عنها في غروبها، أو يسبقها عند شروقها ، لكنه لن يتمكن يوماً أن يذهب بعيداً عنها و يُفارقها ، رغم ما يُعاني من قسوة حرارتها، .... وأنا أيضاً .... مثلُك أيها الشفق، مهما عانيت، فلن أستطيع أن أفارق هذه الحقيقة التي صحوت عليها يوما ما...
هكذا حدثت سارة نفسها و هي تسير بجوار البحر تُودع الشمس عندما أذنت بالمغيب، لقد أخذا قرارهما بالانفصال و انتهى الأمر ، أصبحت الحياة مع أبي و أمي في بيت واحد ذكرى...
نعم مجرد ذكرى.....
كم أنا متألمة ، رغم أنهما أكدا لي دوماً أن لا ذنب لي فيما حدث ، و أنا أيضا أُدرك أن لا ذنب لهما ، فكل منهما إنسان رائع ، ولكن لا أدري لماذا لم يتفقا ؟ و إن كان بعد انفصالهما قد اتفقا على كل ما كان سبباً في راحتي و انتفاء معاناتي.
نعم لا يمكنني أبداً أبداً أن أنكر ذلك، و لكن بقى دوري أنا، أنا التي لم تأخذ قرارها بعد، هل سأجعل هذه التجربة مشجباً أعلق عليه كل أحزاني و أخطائي، أم من المفترض أن أكون انسانة أكثر ايجابية و أحاول التكيف مع هذا الوضع الجديد بما يُحقق لي الراحة و السعادة.
نعم، أعلم أني لا زلت صغيرة السن، و لكنني لمَّا صارحت المشرفة الاجتماعية في مدرستي، أرشدتني لخطوات كثيرة.
لماذا.... لماذا لم أقم بتنفيذ خطوة واحدة منها إلى الآن ؟
حسناً أين أوراقي، فقد طلبت مني أن أكتب الايجابيات التي حصلت عليها في ورقة، والسلبيات التي أعاني منها في ورقة أخرى، ثم أقوم بعقد مُقارنة بينهما . تُرى ما الذي سأجنيه إن فعلت ذلك؟
لا بأس، فلأجرب، وأظن أني لن أخسر شيئاً، و لكنى سأضطر لكتابة ما أعاني منه أولاً، فهو ما أشعر به إلى هذه اللحظة، أنا حزينة على انفصال والديَّ.
إذا كنتُ عند أبي فهو يُحسن معاملتي، و لكن أمي لا تتولى شؤوني، عندها أشعر بالحاجة إليها، وعندما أكون عند أمي، تبذل أقصى ما في وُسعها لحسن تربيتي و توجيهي، و لكن ينتابني إحساس بالضعف أو الخوف ، أريدك يا أبي.
المناسبات الاجتماعية مع أقاربنا و أصحابنا ، أشعر فيها بالنقص ، فأنا مع واحد منهما ، لاتجتمع أسرتى كلها كما تجتمع باقي الأسر.
عندما أكون عند أبي ، تحصل معي أمور خاصة، مثل كل البنات، و احتاج لشراء كل ما يلزمني، يا ربي .... كيف أتصرف، كيف أُخبر أبي، هنا أشعر بالألم الشديد و الاحتياج إلى أمي.
ما اشد حنيني و شوقي لجلستكما سوياً معي أنا وإخوتي ، تتابعان أخبارنا و دروسنا ، أفتقد الدفء الذي كنت أعيشه تحت ظلال أجنحتكم الحنونة.
و يختلط حبر القلم بدموع عينيها، لم تستطع سارة أن تحكم الحصار حولها ، فتسللت على حين غفلة منها ، و عرفت طريقها إلى وجنتيها الرقيقتين.
لا بد أن أصنع سعادتي بنفسي كما أرشدتني هذه المعلمة الحنون ، الآن أقوم بكتابة الإيجابيات، و لا بأس أن أذكر الأمور المادية أولاً لأعطي نفسي دفعة.
الآن عندي من كل شئ (زوجين) ، فبدلاً من غرفة واحدة ، غرفتين ، واحدة في بيت أبي ، و الثانية في بيت أمي ، و كذلك اللعب ، القصص ، الملابس،أماكن التنزه أصبحت أكثر تنوعاً ، معرفتي بالناس ، و بالمجتمع حولي أصبحت في ازدياد ، و خاصة بعد زواج أبي ، مما أتاح لي التعرف على عائلات أكثر ، وأنماط من الحياة ، كم ستثري رصيدي و فكري.
الحياة الآن سواء مع أبي أو أمي، لا شك، أنها أصبحت أكثر هدوءاً، بعد أن ازدادت حدة التوتر و الشجار بينهما فى الفترة الأخيرة.
الآن ، استشارتي لهما في أمر ما ، أصبحت أكثر نفعاً و إفادة لي ، حيث الحرص منهما متوجه لنصحي فقط ، لا لاستعراض كل منهما معلوماته أمام الآخر ،
لقد تعلمت عندما أصبح أماً أن أتحمل من أجل أولادي ، نعم زوجة أبي امرأة محترمة ، و تعاملنا معاملة طيبة و أقدرها ، لكنها مهما فعلت لا يمكن أبداً أن تحل محل أمي ، نعم أمي انسانة لا مثيل لها في هذا العالم ، و لا يمكن أبداً (استنساخها)!
أنهت سارة سطورها ، و نظرت فيها، و رأت وفرة نعم الله تعالى عليها ، تنهدت بعمق، و دعت الله أن يرضيها و يثبتها ، ابتسمت ابتسامة هادئة ، و رددت
و متى أعطت الحياة للإنسان كل شئ ، لو كمُلت لكانت جنة ، ولكنها دنيا .
و تبقى كلمة سارة (أتحمل من أجل أولادي)
تُرى هل سنوافقها عليها ؟
====================
((غادة أحمد))
تساءلت سارة....أين سيمضي؟ لا حيلة له إلا أن يتبع هذه الشمس، قد يتأخر عنها في غروبها، أو يسبقها عند شروقها ، لكنه لن يتمكن يوماً أن يذهب بعيداً عنها و يُفارقها ، رغم ما يُعاني من قسوة حرارتها، .... وأنا أيضاً .... مثلُك أيها الشفق، مهما عانيت، فلن أستطيع أن أفارق هذه الحقيقة التي صحوت عليها يوما ما...
هكذا حدثت سارة نفسها و هي تسير بجوار البحر تُودع الشمس عندما أذنت بالمغيب، لقد أخذا قرارهما بالانفصال و انتهى الأمر ، أصبحت الحياة مع أبي و أمي في بيت واحد ذكرى...
نعم مجرد ذكرى.....
كم أنا متألمة ، رغم أنهما أكدا لي دوماً أن لا ذنب لي فيما حدث ، و أنا أيضا أُدرك أن لا ذنب لهما ، فكل منهما إنسان رائع ، ولكن لا أدري لماذا لم يتفقا ؟ و إن كان بعد انفصالهما قد اتفقا على كل ما كان سبباً في راحتي و انتفاء معاناتي.
نعم لا يمكنني أبداً أبداً أن أنكر ذلك، و لكن بقى دوري أنا، أنا التي لم تأخذ قرارها بعد، هل سأجعل هذه التجربة مشجباً أعلق عليه كل أحزاني و أخطائي، أم من المفترض أن أكون انسانة أكثر ايجابية و أحاول التكيف مع هذا الوضع الجديد بما يُحقق لي الراحة و السعادة.
نعم، أعلم أني لا زلت صغيرة السن، و لكنني لمَّا صارحت المشرفة الاجتماعية في مدرستي، أرشدتني لخطوات كثيرة.
لماذا.... لماذا لم أقم بتنفيذ خطوة واحدة منها إلى الآن ؟
حسناً أين أوراقي، فقد طلبت مني أن أكتب الايجابيات التي حصلت عليها في ورقة، والسلبيات التي أعاني منها في ورقة أخرى، ثم أقوم بعقد مُقارنة بينهما . تُرى ما الذي سأجنيه إن فعلت ذلك؟
لا بأس، فلأجرب، وأظن أني لن أخسر شيئاً، و لكنى سأضطر لكتابة ما أعاني منه أولاً، فهو ما أشعر به إلى هذه اللحظة، أنا حزينة على انفصال والديَّ.
إذا كنتُ عند أبي فهو يُحسن معاملتي، و لكن أمي لا تتولى شؤوني، عندها أشعر بالحاجة إليها، وعندما أكون عند أمي، تبذل أقصى ما في وُسعها لحسن تربيتي و توجيهي، و لكن ينتابني إحساس بالضعف أو الخوف ، أريدك يا أبي.
المناسبات الاجتماعية مع أقاربنا و أصحابنا ، أشعر فيها بالنقص ، فأنا مع واحد منهما ، لاتجتمع أسرتى كلها كما تجتمع باقي الأسر.
عندما أكون عند أبي ، تحصل معي أمور خاصة، مثل كل البنات، و احتاج لشراء كل ما يلزمني، يا ربي .... كيف أتصرف، كيف أُخبر أبي، هنا أشعر بالألم الشديد و الاحتياج إلى أمي.
ما اشد حنيني و شوقي لجلستكما سوياً معي أنا وإخوتي ، تتابعان أخبارنا و دروسنا ، أفتقد الدفء الذي كنت أعيشه تحت ظلال أجنحتكم الحنونة.
و يختلط حبر القلم بدموع عينيها، لم تستطع سارة أن تحكم الحصار حولها ، فتسللت على حين غفلة منها ، و عرفت طريقها إلى وجنتيها الرقيقتين.
لا بد أن أصنع سعادتي بنفسي كما أرشدتني هذه المعلمة الحنون ، الآن أقوم بكتابة الإيجابيات، و لا بأس أن أذكر الأمور المادية أولاً لأعطي نفسي دفعة.
الآن عندي من كل شئ (زوجين) ، فبدلاً من غرفة واحدة ، غرفتين ، واحدة في بيت أبي ، و الثانية في بيت أمي ، و كذلك اللعب ، القصص ، الملابس،أماكن التنزه أصبحت أكثر تنوعاً ، معرفتي بالناس ، و بالمجتمع حولي أصبحت في ازدياد ، و خاصة بعد زواج أبي ، مما أتاح لي التعرف على عائلات أكثر ، وأنماط من الحياة ، كم ستثري رصيدي و فكري.
الحياة الآن سواء مع أبي أو أمي، لا شك، أنها أصبحت أكثر هدوءاً، بعد أن ازدادت حدة التوتر و الشجار بينهما فى الفترة الأخيرة.
الآن ، استشارتي لهما في أمر ما ، أصبحت أكثر نفعاً و إفادة لي ، حيث الحرص منهما متوجه لنصحي فقط ، لا لاستعراض كل منهما معلوماته أمام الآخر ،
لقد تعلمت عندما أصبح أماً أن أتحمل من أجل أولادي ، نعم زوجة أبي امرأة محترمة ، و تعاملنا معاملة طيبة و أقدرها ، لكنها مهما فعلت لا يمكن أبداً أن تحل محل أمي ، نعم أمي انسانة لا مثيل لها في هذا العالم ، و لا يمكن أبداً (استنساخها)!
أنهت سارة سطورها ، و نظرت فيها، و رأت وفرة نعم الله تعالى عليها ، تنهدت بعمق، و دعت الله أن يرضيها و يثبتها ، ابتسمت ابتسامة هادئة ، و رددت
و متى أعطت الحياة للإنسان كل شئ ، لو كمُلت لكانت جنة ، ولكنها دنيا .
و تبقى كلمة سارة (أتحمل من أجل أولادي)
تُرى هل سنوافقها عليها ؟
====================
((غادة أحمد))