نقوش على مرفأ الذاكرة نتذكر ما نود تذكره في تلك اللحظة المعينة التي يجب علينا أن نتذكر بها.. ونعلم بأن لكل شي ذاكرة.. فالباب له ذاكرة.. والوردة لها ذاكرة.. والحجر أيضا.. واللحن والرائحة والعين والقلب.. هنالك أشياء نتذكرها مرغمين في حين نود أن ننساها بملىء أنفسنا.. وهنالك أشياء ننساها مرغمين ونحن نود أن نتذكرها.. ما الذي يحصل لنا.. في هذا العالم.. هل هنالك قوى خفية تتحكم بذاكرتنا وتملي علينا ما نفعل وما لا يجوز أن نفعل..

هنالك أشياء تمر علينا كل صباح.. وكل مساء ولا نلتفت إليها وإلى وجودها وتأثيرها في حياتنا.. ونتذكرها حين نفقدها.. وهنالك أشخاص أيضا.. لا نعلم مدى تأثيرهم على حياتنا إلا عندما يبتعدون عنا.. حينها ندرك ما قيمة الأشياء والأشخاص.. وللذاكرة نصيب كبير في تحديد مجريات حياتنا.. فالذاكرة تدلنا على مكان عملنا كل صباح.. وعلى أسماء الأشخاص حولنا.. وعلى ما يجب وما لا يجب.. وللأرض ذاكرة أيضا.. وللعشب.. ولطعم القهوة.. ولصوت فيروز.. ولدندنة العصافير.. حتى الإنسان يملك ذاكرة.. ولكنه يرفض أن يتذكر أنه مخلوق من تراب.. فيتكبر.. ويصرخ.. ويبطش.. ويظلم.. ويكفر.. ويتعالى عن كل شي.. هذا هو الإنسان الذي يملك ذاكرة.. ولا يملكها..

في هذا اليوم.. لم أتذكر طعم الكافيين الموجود في دمي.. تذكرت أشياء من الطفولة.. من الربيع الأول.. من تفتح الورود.. من إبتسامة الطفولة.. من الدمع.. من الهمس وراء الأشجار.. والإختباء لساعات في الظلمة.. تذكرت أصوات الباعة في سوق اللحم.. تذكرت رائحة التبغ المعتقة.. رائحة البارود.. تذكرت سيمفونية بحيرة البجع.. تذكرت طعم التفاح.. وجه جدي.. بيتنا الأول.. ولعبتي الأولى.. طعم الماء.. يا ترى كيف هو طعم الماء؟؟

تذكرت موعدي مع الطبيب.. ووجه السكرتيره.. تذكرت أصدقائي.. وصوت المصلين حين يرددون بعد الإمام كلمة "آمــــــيـــــــن".. تذكرت ألمي.. والورق.. ألواني.. كتبي.. صفحاتي الممزقة.. صدف البحر.. المرآه.. تذكرت أن آخذ نصيبي من الحياة.. وأن أقنع بما لدي.. على الأقل بالوقت الحالي

تذكرت شوارع مررت بها لمرة واحده في حياتي.. تذكرت السور القديم.. في تلك المنطقة البعيدة عن أعين الناس.. تذكرت ما لم أتذكره في عشرين سنة من العمر ضاعوا هكذا.. تذكرت النجوم.. وعيد ميلادي الحادي عشر.. تذكرت صوت جرس البيت.. نافذة غرفتي.. سلحفاتي الصغيرة المكسورة الصدفة.. كنت أشفق عليها.. حتى أتى اليوم الذي إختفت به.. تذكرت عشقي الأول.. ودمعتي الأولى.. تذكرت طعم رغيف الخبز الساخن.. طعم النعنع في كاسة الشاي.. كعب حذاء إمرأة.. تذكرت أن أطفىء الشموع قبل أن أنام.. وتذكرت أن أدعو إليكِ قبل أنا أنام.. تذكرت كل شي.. إلا أنني نسيت أن أتذكركِ..
__________________

عن جد فراس كتير حلوة وتحفة يسلمو ايديك بجد انا بلا قية تحفةةةةةة

قرأت ثم قرأت ... و ارتويت ..

لم أستطع التمييز أهي خاطرة أم قصة ..

أعجبني اسلوبك يا غالي و أعجبني المزج بين القصة و الخاطرة ..

تحياتي

مشكورة يا سنفورة لمروررك نورتي الموضوع بلمساتك وصار احلى بحضورك انتي وابو جريج