me2
27/04/2006, 13:02
بعد أذن كريم .. خليلنا هالمقال المنقول هون شي يومين تلاتة .. بعدين انقلو على حصاد المواقع .
روبرت فيسك: كل شيء يتغير في معبد الحقيقة بدمشق...
كنا في السابق نطلق على المبنى "معبد الحقيقة". عمارة شاهقة بعشرة طوابق على شكل مكعب بين اللون مع لمسات بالكريمة بشارع المزًة في دمشق، نوافذها الضخمة المغطاة بالرمال لم تنظف أبدا، مجموعة من المصاعد بالردهة تستغرق ربع ساعة لكي توصلك إلى الدور العاشر المخيف، يستقبل تمثال الرئيس حافظ الأسد يبدو وكأنه منحوت من الزبد النباتي الأصفر الغامق.
هنا، تقابل قساوسة المعبد، مدخنين بلا توقف.. قدرهم يتطلب منهم العمل والتأكد من أن الصحافيين الأجانب ـ ومع الأسف لهم، خادمكم روبرت فيسك أحدهم ـ يفهمون ويستوعبون القيم الإنسانية العربية القومية البعثية الأبوية الحنونة.
في أيام سوريا القديمة، كانت هذه المهمة بالغة المشقة لأي كبير أساقفة بالمعبد.
السيد إسكندر أحمد إسكندر كان وزيرا للإعلام عندما وصلت لأول مرة إلى دمشق، رجل نحيل بشنب غزير يعمل على تدوير الدفًة. اسم منصبه يوحي بقربه من "الرجل العظيم"، كان يبسط سلطته من مكتب بابه موصد بأقفال ثقيلة لزوم الأمن، في مبنى يحتوي أيضا على وكالة الأنباء السورية، برقيات الوكالة ـ الغير قابلة للهضم ـ كانت تنشر تكرارا في كل يوم بصحيفة "سيريا تايمز" وهي جريدة صغيرة الحجم لا تنفك عن التبليغ بانتهاء تنفيذ الخطة الخمسية الصناعية ونشر برقيات العمال الزراعيين الغارقين في البهجة والفرح والسرور وهم يهنؤون الرئيس بمناسبة ذكرى ثورته "التصحيحية"
إسكندر، والذي كانت مهمته بسنة 1982 كانت بالتحديد تعنيفي وتوبيخي على تجرئي بالدخول لمدينة (حماه) حيث كانت جحافل رفعت الأسد، شقيق الرجل العظيم والمستمتع الآن بتقاعده الإجباري في الاتحاد الأوروبي (وكر مجرمي الحرب المفضل) ـ تذبح بلا هوادة الآلاف من الإسلاميين العصاة... كانت المذابح تجري بدون حتى كلمة احتجاج من نفس الأمريكيين الذين الآن بدورهم يحاولون تصفية عدد مساوي من العصاة ،ولكن هذه المرة في العراق.
إذاعة دمشق، إحدى بهائم إسكندر الأليفة، كانت قد وصمتني بكوني "كاذب" لأنني نجحت في اختراق مدينة حماه المحترقة ودخلتها مقابل سماحي لأثنين من ضباط رفعت الأسد بالركوب معي في السيارة لإيصالهم هناك، لقد وقفت في حماه وأنا أشاهد بأم عيني إحدى دباباته وهي تقصف أقدم مساجد المدينة.
ومع ذلك، عندما استقبلني في ربيع 1982 كان يتأمل في الحفاظ على علاقات طيبة مع الصحيفة التي كنت أعمل بها (التايمز في حينها).
في البداية كان يصر على أنني لم أذهب إلى حماه ـ وذلك كان مجرد كلام فارغ أقنعته بعكسه سريعا ـ ثم قال أنه لايعلم شيئا عن تعليق إذاعة دمشق بخصوصي (أي أنني كذاب)، أنا متأكد تماما بأن إسكندر صادق على إذاعة النبأ التعليق.
ولكنه على كل حال تبسم منشرحا وقدم لي سيجارا وهو يقول ".. الأصدقاء الحقيقيون فقط، يستطيعون النقاش في مثل هذه أمور"
سنوات مرت بعد الحادثة، إسكندر اضطر لإجراء عملية قطع فيها جزء من دماغه في لندن، وعندما زرته سألته كيف يشعر بعد الصحو من البنج؟
أجابني "... البعثيون أناس قساة "
كان هنالك أيضا أياما عصيبة للسيد "زهير"... ـ مدير ـ إدارة الصحافة الأجنبية، أتذكر مساعدته الكريمة والصادقة في تدبير منح تأشيرات الدخول للصحافيين الغير ودودين والغير معترفين بالجميل ـ والذي كان أعوانه يتعقبونهم على كل حال ـ كوفئ الرجل لاحقا بتعيينه ملحقا صحفيا بالسفارة السورية في لندن، ولكنه اضطر لترك منصبه عندما اكتشف البريطانيون أنه كان متورطا في عملية إخفاء العقل المدبر للعملية لمحاولة تفجير طائرة العال الإسرائيلية، الذي قاموا بذلك كانوا من الدبلوماسيين السوريين ولم يكن زهير من ضمنهم.
عندما عاد زهير إلى دمشق صادق على منح صحفي أمريكي تأشيرة دخول لسوريا، الصحفي لم يخبره بأنه أيضا يحمل الجنسية الإسرائيلية، وقام بعد ذلك بنشر تحقيقاته في صحيفة بتل أبيب.
نقل زهير فورا إلى الطوابق السفلى بمعبد الحقيقة، ولم تتوفر له الحماية إلا من وزير الإعلام الجديد ، محمد سلمان، وهو البعثي الذكي، والذي سقط من قائمة المرضي عنهم عندما قام برفع الستار عن تمثال آخر "للقائد العظيم" خارج معبد الحقيقة.
روبرت فيسك: كل شيء يتغير في معبد الحقيقة بدمشق...
كنا في السابق نطلق على المبنى "معبد الحقيقة". عمارة شاهقة بعشرة طوابق على شكل مكعب بين اللون مع لمسات بالكريمة بشارع المزًة في دمشق، نوافذها الضخمة المغطاة بالرمال لم تنظف أبدا، مجموعة من المصاعد بالردهة تستغرق ربع ساعة لكي توصلك إلى الدور العاشر المخيف، يستقبل تمثال الرئيس حافظ الأسد يبدو وكأنه منحوت من الزبد النباتي الأصفر الغامق.
هنا، تقابل قساوسة المعبد، مدخنين بلا توقف.. قدرهم يتطلب منهم العمل والتأكد من أن الصحافيين الأجانب ـ ومع الأسف لهم، خادمكم روبرت فيسك أحدهم ـ يفهمون ويستوعبون القيم الإنسانية العربية القومية البعثية الأبوية الحنونة.
في أيام سوريا القديمة، كانت هذه المهمة بالغة المشقة لأي كبير أساقفة بالمعبد.
السيد إسكندر أحمد إسكندر كان وزيرا للإعلام عندما وصلت لأول مرة إلى دمشق، رجل نحيل بشنب غزير يعمل على تدوير الدفًة. اسم منصبه يوحي بقربه من "الرجل العظيم"، كان يبسط سلطته من مكتب بابه موصد بأقفال ثقيلة لزوم الأمن، في مبنى يحتوي أيضا على وكالة الأنباء السورية، برقيات الوكالة ـ الغير قابلة للهضم ـ كانت تنشر تكرارا في كل يوم بصحيفة "سيريا تايمز" وهي جريدة صغيرة الحجم لا تنفك عن التبليغ بانتهاء تنفيذ الخطة الخمسية الصناعية ونشر برقيات العمال الزراعيين الغارقين في البهجة والفرح والسرور وهم يهنؤون الرئيس بمناسبة ذكرى ثورته "التصحيحية"
إسكندر، والذي كانت مهمته بسنة 1982 كانت بالتحديد تعنيفي وتوبيخي على تجرئي بالدخول لمدينة (حماه) حيث كانت جحافل رفعت الأسد، شقيق الرجل العظيم والمستمتع الآن بتقاعده الإجباري في الاتحاد الأوروبي (وكر مجرمي الحرب المفضل) ـ تذبح بلا هوادة الآلاف من الإسلاميين العصاة... كانت المذابح تجري بدون حتى كلمة احتجاج من نفس الأمريكيين الذين الآن بدورهم يحاولون تصفية عدد مساوي من العصاة ،ولكن هذه المرة في العراق.
إذاعة دمشق، إحدى بهائم إسكندر الأليفة، كانت قد وصمتني بكوني "كاذب" لأنني نجحت في اختراق مدينة حماه المحترقة ودخلتها مقابل سماحي لأثنين من ضباط رفعت الأسد بالركوب معي في السيارة لإيصالهم هناك، لقد وقفت في حماه وأنا أشاهد بأم عيني إحدى دباباته وهي تقصف أقدم مساجد المدينة.
ومع ذلك، عندما استقبلني في ربيع 1982 كان يتأمل في الحفاظ على علاقات طيبة مع الصحيفة التي كنت أعمل بها (التايمز في حينها).
في البداية كان يصر على أنني لم أذهب إلى حماه ـ وذلك كان مجرد كلام فارغ أقنعته بعكسه سريعا ـ ثم قال أنه لايعلم شيئا عن تعليق إذاعة دمشق بخصوصي (أي أنني كذاب)، أنا متأكد تماما بأن إسكندر صادق على إذاعة النبأ التعليق.
ولكنه على كل حال تبسم منشرحا وقدم لي سيجارا وهو يقول ".. الأصدقاء الحقيقيون فقط، يستطيعون النقاش في مثل هذه أمور"
سنوات مرت بعد الحادثة، إسكندر اضطر لإجراء عملية قطع فيها جزء من دماغه في لندن، وعندما زرته سألته كيف يشعر بعد الصحو من البنج؟
أجابني "... البعثيون أناس قساة "
كان هنالك أيضا أياما عصيبة للسيد "زهير"... ـ مدير ـ إدارة الصحافة الأجنبية، أتذكر مساعدته الكريمة والصادقة في تدبير منح تأشيرات الدخول للصحافيين الغير ودودين والغير معترفين بالجميل ـ والذي كان أعوانه يتعقبونهم على كل حال ـ كوفئ الرجل لاحقا بتعيينه ملحقا صحفيا بالسفارة السورية في لندن، ولكنه اضطر لترك منصبه عندما اكتشف البريطانيون أنه كان متورطا في عملية إخفاء العقل المدبر للعملية لمحاولة تفجير طائرة العال الإسرائيلية، الذي قاموا بذلك كانوا من الدبلوماسيين السوريين ولم يكن زهير من ضمنهم.
عندما عاد زهير إلى دمشق صادق على منح صحفي أمريكي تأشيرة دخول لسوريا، الصحفي لم يخبره بأنه أيضا يحمل الجنسية الإسرائيلية، وقام بعد ذلك بنشر تحقيقاته في صحيفة بتل أبيب.
نقل زهير فورا إلى الطوابق السفلى بمعبد الحقيقة، ولم تتوفر له الحماية إلا من وزير الإعلام الجديد ، محمد سلمان، وهو البعثي الذكي، والذي سقط من قائمة المرضي عنهم عندما قام برفع الستار عن تمثال آخر "للقائد العظيم" خارج معبد الحقيقة.