javarmouna
07/06/2006, 19:36
اسم البرنامج: مهمة خاصة
مقدم الحلقة: باسم الجمل
تاريخ الحلقة: الخميس 6/4/2006 / قناة العربية
قصص مؤلمة لنشطاء تم اختطافهم في المغرب
عبد الناصر بنو هاشم أحد السجناء الذين اختطفوا قسراً، أمضى 9 سنوات في السجون السرية المغربية لم يعرف أهله عنه شيئاً، وعُدّ في عداد المفقودين على الأقل من قبل والده، كان في الثانوية العامة لما اختطف قبل نحو 30 عاماً، وقع في فخ نصبه له رفيق كان يعمل لصالح المخابرات المغربية، هنا في حي يعقوب المنصور في الرباط.
عبد الناصر بنو هاشم: كنت برفقة أحد الأشخاص كنت أعتبر أنه مناضل لكن اكتشفت في النهاية أنه لم يكن مناضلاً، بل كان يشتغل مع البوليس ويشتغل كان مخبراً، ورافقته إلى مكان معين في حي يعقوب منصور قال لي أنه سيذهب ليرى أحد الأشخاص ثم يعود إليّ، فانتظرته بينما أنا أنتظره إذا بأشخاص بلباس مدني يحيطون بي من كل جانب ويحملونني ثم يرمون بي داخل السيارة لتنطلق السيارة بسرعة.
باسم الجمل: أُقتيد عبد الناصر إلى مركز للبوليس في حي أجدال في الرباط، هناك أمضى 16 شهراً في عذاب مستمر.
عبد الناصر بنو هاشم: مورس عليّ التعذيب لثلاثة أيام بدون انقطاع، الغريب في الأمر أنهم عرفت أنهم يعرفون كل شيء عني وعن التنظيم السياسي السري الذي كنت أتعاطف معه..
باسم الجمل: اللي هو؟
عبد الناصر بنو هاشم: اللي هو منظمة "إلى الأمام" وهي منظمة ماركسية لينية، وأؤكد أنني لم أكن قيادياً في هذه المنظمة، كنت فقط من المناضلين البسطاء أنا آنذاك كنت تلميذاً في الثانوي.
باسم الجمل: من سجن الأجدال للبوليس نقل عبد الناصر ورفاقه إلى سجن قلعة أغدس في جنوب المغرب، وهي مبنى قديم من الطين في عمق الصحراء وبعيداً عن أعين الناس ولا يصلح حتى للحياة الآدمية، كانوا يفترشون التراب في غرف لا يدخلها النور، باردة في الشتاء وحارة في الصيف.
عبد الناصر بنو هاشم: استمرت الرحلة من الصباح الباكر إلى وقت المغرب، إذ نقلونا إلى جنوب المغرب كانت الحرارة مرتفعة جداً، ووضعوا علينا غطاءات خشنة وساخنة جداً، وطيلة الرحلة كنا مقيدي الأيدي والأعصب على أعيننا كانت رحلة خطيرة جداً، العديد منا أخذ البعض منا يتقيأ على الآخر، وقضينا حاجاتنا على بعضنا، كانت رحلة لا تتصور كانت خطيرة جداً، عندما وصلنا إلى المعتقل الجديد معتقل اللي عرفنا فيما بعد أنه يسمى أغدس وهو بجنوب المغرب في منطقة صحراوية استقبلونا بالعصي، وأتذكر أنني شخصياً الحارس الذي كان يرافقني إلى الزنزانة ضربني 3 ضربات بعصا على رأسي هنا بعد الضربة الثالثة فقدت الوعي.
باسم الجمل: في أغدس بدأ عبد الناصر ورفاقه محاولة التعايش مع المكان ومصادقة الزمان إن أمكن دون أن يعرف أحد من ذويهم مصيرهم، كان التعذيب والقهر هما السلوك الاعتيادي للحراس الذين كانوا في الأصل رعاة ضد السجناء بهدف كسر معنوياتهم وقتل الإنسان الذي فيهم.
عبد الناصر بنو هاشم: الخطير في هذا المكان هو أنه كان هناك ضرب يومي، يومياً كانوا يضربوننا، كانوا يدخلون بالليل مثلاً في الثانية عشر ليلاً ويفتحون الباب بسرعة ويدخلون ونحن نائمون ويأخذون في ضربنا ونحن نيام، وهناك ظلام دامس لا ترى حتى من يضربك ولا أين ستقع العصا في رأسك أو كتفك أو في ظهرك، وكانوا كل صباح يصطفون أمام باب لم يكن لدينا مرحاض داخل الزنزانة، وكنا نقضي حاجتنا داخل علب زيت علب من البلاستيك كنا نقضي فيها حاجاتنا، وكان علينا كل صباح أن نخرجها لنلقيها في المرحاض ثم نعود بها، كنا آنذاك عشرة كلنا العشرة كنا في نفس الزنزانة، الخمسة الشياب كانوا يفضلون ألا يخرجوا، ونحن الشباب كنا نفضل أن نخرج رغم العصا حتى نشم ولو شمة هواء واحدة نستنشق هواء وكذلك لنرى النور، كانوا يصطفون من باب الزنزانة إلى باب المرحاض وطيلة المسافة يضربوننا واحداً من على اليمين والآخر من على اليسار ونحن نحمل بلاستيكات مملوءة بحاجاتنا تتدفق على أيدينا على أرجلنا طيلة هذه المدة، وكنا نفضّل على الأقل في الصباح أن نقضي حاجاتنا داخل المرحاض بدل أن نقضيها في الزنزانة لأنه كان الوقت صيف وكانت الرائحة نتنة جداً وكان لا يُستحمل، كل ما فهمناه أنه كان يرغبون في أن يشعروننا أننا حيوانات، والغريب في الأمر أنهم كانوا عندما يطبخون الجزر واللفت مثلاً بعد أن يطبخونه يفرغون الماء التي تم الطبخ فيه ويضعون ماء أخضر ويضعون فوقه الزيت، وقبل أن يعطوه للسجناء يعطوا للكلاب قبلنا.
باسم الجمل: في العام 1985 من القرن الماضي أُفرج عن عبد الناصر ورفاقه، وأعطي كل منهم مئة درهم ليعودوا إلى ذويهم.
عبد الناصر بنو هاشم: السؤال الذي كان يؤرقني هو هل أبواي لا زالا على قيد الحياة؟ هل إخوتي لا يزالون على قيد الحياة؟ هل سأجدهم في نفس المكان؟ هل سأستطيع أن أجدهم؟ إذاً توجهت إلى المنزل الذي كنت أقطن به معهم، لاحظت أن المنزل لم يتغير على الأقل باب المنزل، وكان فيه بباب المنزل ثقب كنا نستعمله سابقاً يكون فيه قنب والقنب مربوط ونجر اللي كان ممكن لأي أحد أن يدخل أو يخرج، إذاً لاحظت أن الثقب لا زال بالباب، وطرقت الباب وفكرت قلت سألاحظ من خلال الثقب إن أتى رجل لفتح الباب سأنتظر وإن رأيت امرأة سأبتعد لربما تكون أمي حتى لا أصدمها، الملاحظة الثانية هو أن بعد الطرق اشتعل الضوء بنفس البيت الذي كان يستعمله والديّ حتى غرفة النوم لم تتغير، بعد لحظة رأيت سيدة تأتي لفتح الباب من خلال الثقب، إذاً كما فكرت في السابق عليّ أن أذهب حتى لا أصدم المرأة التي هي قادمة لفتح الباب، حاولت التحرك أحرك كتفيّ لكن رجليّ تسمرتا على الأرض لم أستطع التحرك كأن رجليّ تسمرتا على الأرض، فتح الباب فُتح الباب فتحت امرأة لم أعرفها وهي لم تعرفني، قالت لي: من أنت؟ بدون أن أفكر كنت في حالة لا يمكن وصف تلك الحالة هكذا أجبت: أنا ابنك، قالت لي: ابني من؟ قلت لها: عبد الناصر، قالت لي: ليس لي ابن بهذا الاسم، ثم دخلت وتركت الباب مفتوحاً، سيدة عجوز تفتح باب لشخص لا تعرفه وتترك الباب مفتوحاً وتدخل لتوقظ إخوتي كانوا جميعاً ينامون في نفس البيت، أنا لم أستطع الوقوف وتبتعها سمعتها تقول استيقظوا فهناك بالباب من يقول أنه أخوكم، دخلت، قام إخوتي أخذوا ينظرون إليّ ولا أحد منهم كانت له أية ردة فعل، بطبيعة الحال هناك أحد الإخوان تغيّر علي كثيراً تركته صغيراً وأصبح رجلاً، أختي أصبحت أطول مني كانت صغيرة جداً تغيروا، طالت المدة برهة من الزمن لا يمكنني تحديد الوقت لكن في لحظة فكرت أن كل هذه التمثيلية فهم لا يريدونني ويمثلون عليّ وشعرت كأن سكيناً تطعني من الداخل، في تلك اللحظة فكرت أن أخرج إذاً عائلتي لا تريدني، في تلك اللحظة بالضبط أحد إخوتي كأنه استفاق والتقى عليّ وأخذ يعانقني.. إذاً بدأ اللقاء
مقدم الحلقة: باسم الجمل
تاريخ الحلقة: الخميس 6/4/2006 / قناة العربية
قصص مؤلمة لنشطاء تم اختطافهم في المغرب
عبد الناصر بنو هاشم أحد السجناء الذين اختطفوا قسراً، أمضى 9 سنوات في السجون السرية المغربية لم يعرف أهله عنه شيئاً، وعُدّ في عداد المفقودين على الأقل من قبل والده، كان في الثانوية العامة لما اختطف قبل نحو 30 عاماً، وقع في فخ نصبه له رفيق كان يعمل لصالح المخابرات المغربية، هنا في حي يعقوب المنصور في الرباط.
عبد الناصر بنو هاشم: كنت برفقة أحد الأشخاص كنت أعتبر أنه مناضل لكن اكتشفت في النهاية أنه لم يكن مناضلاً، بل كان يشتغل مع البوليس ويشتغل كان مخبراً، ورافقته إلى مكان معين في حي يعقوب منصور قال لي أنه سيذهب ليرى أحد الأشخاص ثم يعود إليّ، فانتظرته بينما أنا أنتظره إذا بأشخاص بلباس مدني يحيطون بي من كل جانب ويحملونني ثم يرمون بي داخل السيارة لتنطلق السيارة بسرعة.
باسم الجمل: أُقتيد عبد الناصر إلى مركز للبوليس في حي أجدال في الرباط، هناك أمضى 16 شهراً في عذاب مستمر.
عبد الناصر بنو هاشم: مورس عليّ التعذيب لثلاثة أيام بدون انقطاع، الغريب في الأمر أنهم عرفت أنهم يعرفون كل شيء عني وعن التنظيم السياسي السري الذي كنت أتعاطف معه..
باسم الجمل: اللي هو؟
عبد الناصر بنو هاشم: اللي هو منظمة "إلى الأمام" وهي منظمة ماركسية لينية، وأؤكد أنني لم أكن قيادياً في هذه المنظمة، كنت فقط من المناضلين البسطاء أنا آنذاك كنت تلميذاً في الثانوي.
باسم الجمل: من سجن الأجدال للبوليس نقل عبد الناصر ورفاقه إلى سجن قلعة أغدس في جنوب المغرب، وهي مبنى قديم من الطين في عمق الصحراء وبعيداً عن أعين الناس ولا يصلح حتى للحياة الآدمية، كانوا يفترشون التراب في غرف لا يدخلها النور، باردة في الشتاء وحارة في الصيف.
عبد الناصر بنو هاشم: استمرت الرحلة من الصباح الباكر إلى وقت المغرب، إذ نقلونا إلى جنوب المغرب كانت الحرارة مرتفعة جداً، ووضعوا علينا غطاءات خشنة وساخنة جداً، وطيلة الرحلة كنا مقيدي الأيدي والأعصب على أعيننا كانت رحلة خطيرة جداً، العديد منا أخذ البعض منا يتقيأ على الآخر، وقضينا حاجاتنا على بعضنا، كانت رحلة لا تتصور كانت خطيرة جداً، عندما وصلنا إلى المعتقل الجديد معتقل اللي عرفنا فيما بعد أنه يسمى أغدس وهو بجنوب المغرب في منطقة صحراوية استقبلونا بالعصي، وأتذكر أنني شخصياً الحارس الذي كان يرافقني إلى الزنزانة ضربني 3 ضربات بعصا على رأسي هنا بعد الضربة الثالثة فقدت الوعي.
باسم الجمل: في أغدس بدأ عبد الناصر ورفاقه محاولة التعايش مع المكان ومصادقة الزمان إن أمكن دون أن يعرف أحد من ذويهم مصيرهم، كان التعذيب والقهر هما السلوك الاعتيادي للحراس الذين كانوا في الأصل رعاة ضد السجناء بهدف كسر معنوياتهم وقتل الإنسان الذي فيهم.
عبد الناصر بنو هاشم: الخطير في هذا المكان هو أنه كان هناك ضرب يومي، يومياً كانوا يضربوننا، كانوا يدخلون بالليل مثلاً في الثانية عشر ليلاً ويفتحون الباب بسرعة ويدخلون ونحن نائمون ويأخذون في ضربنا ونحن نيام، وهناك ظلام دامس لا ترى حتى من يضربك ولا أين ستقع العصا في رأسك أو كتفك أو في ظهرك، وكانوا كل صباح يصطفون أمام باب لم يكن لدينا مرحاض داخل الزنزانة، وكنا نقضي حاجتنا داخل علب زيت علب من البلاستيك كنا نقضي فيها حاجاتنا، وكان علينا كل صباح أن نخرجها لنلقيها في المرحاض ثم نعود بها، كنا آنذاك عشرة كلنا العشرة كنا في نفس الزنزانة، الخمسة الشياب كانوا يفضلون ألا يخرجوا، ونحن الشباب كنا نفضل أن نخرج رغم العصا حتى نشم ولو شمة هواء واحدة نستنشق هواء وكذلك لنرى النور، كانوا يصطفون من باب الزنزانة إلى باب المرحاض وطيلة المسافة يضربوننا واحداً من على اليمين والآخر من على اليسار ونحن نحمل بلاستيكات مملوءة بحاجاتنا تتدفق على أيدينا على أرجلنا طيلة هذه المدة، وكنا نفضّل على الأقل في الصباح أن نقضي حاجاتنا داخل المرحاض بدل أن نقضيها في الزنزانة لأنه كان الوقت صيف وكانت الرائحة نتنة جداً وكان لا يُستحمل، كل ما فهمناه أنه كان يرغبون في أن يشعروننا أننا حيوانات، والغريب في الأمر أنهم كانوا عندما يطبخون الجزر واللفت مثلاً بعد أن يطبخونه يفرغون الماء التي تم الطبخ فيه ويضعون ماء أخضر ويضعون فوقه الزيت، وقبل أن يعطوه للسجناء يعطوا للكلاب قبلنا.
باسم الجمل: في العام 1985 من القرن الماضي أُفرج عن عبد الناصر ورفاقه، وأعطي كل منهم مئة درهم ليعودوا إلى ذويهم.
عبد الناصر بنو هاشم: السؤال الذي كان يؤرقني هو هل أبواي لا زالا على قيد الحياة؟ هل إخوتي لا يزالون على قيد الحياة؟ هل سأجدهم في نفس المكان؟ هل سأستطيع أن أجدهم؟ إذاً توجهت إلى المنزل الذي كنت أقطن به معهم، لاحظت أن المنزل لم يتغير على الأقل باب المنزل، وكان فيه بباب المنزل ثقب كنا نستعمله سابقاً يكون فيه قنب والقنب مربوط ونجر اللي كان ممكن لأي أحد أن يدخل أو يخرج، إذاً لاحظت أن الثقب لا زال بالباب، وطرقت الباب وفكرت قلت سألاحظ من خلال الثقب إن أتى رجل لفتح الباب سأنتظر وإن رأيت امرأة سأبتعد لربما تكون أمي حتى لا أصدمها، الملاحظة الثانية هو أن بعد الطرق اشتعل الضوء بنفس البيت الذي كان يستعمله والديّ حتى غرفة النوم لم تتغير، بعد لحظة رأيت سيدة تأتي لفتح الباب من خلال الثقب، إذاً كما فكرت في السابق عليّ أن أذهب حتى لا أصدم المرأة التي هي قادمة لفتح الباب، حاولت التحرك أحرك كتفيّ لكن رجليّ تسمرتا على الأرض لم أستطع التحرك كأن رجليّ تسمرتا على الأرض، فتح الباب فُتح الباب فتحت امرأة لم أعرفها وهي لم تعرفني، قالت لي: من أنت؟ بدون أن أفكر كنت في حالة لا يمكن وصف تلك الحالة هكذا أجبت: أنا ابنك، قالت لي: ابني من؟ قلت لها: عبد الناصر، قالت لي: ليس لي ابن بهذا الاسم، ثم دخلت وتركت الباب مفتوحاً، سيدة عجوز تفتح باب لشخص لا تعرفه وتترك الباب مفتوحاً وتدخل لتوقظ إخوتي كانوا جميعاً ينامون في نفس البيت، أنا لم أستطع الوقوف وتبتعها سمعتها تقول استيقظوا فهناك بالباب من يقول أنه أخوكم، دخلت، قام إخوتي أخذوا ينظرون إليّ ولا أحد منهم كانت له أية ردة فعل، بطبيعة الحال هناك أحد الإخوان تغيّر علي كثيراً تركته صغيراً وأصبح رجلاً، أختي أصبحت أطول مني كانت صغيرة جداً تغيروا، طالت المدة برهة من الزمن لا يمكنني تحديد الوقت لكن في لحظة فكرت أن كل هذه التمثيلية فهم لا يريدونني ويمثلون عليّ وشعرت كأن سكيناً تطعني من الداخل، في تلك اللحظة فكرت أن أخرج إذاً عائلتي لا تريدني، في تلك اللحظة بالضبط أحد إخوتي كأنه استفاق والتقى عليّ وأخذ يعانقني.. إذاً بدأ اللقاء