حسون
30/03/2005, 14:29
إذاً: وبعد سير سلحفاتي طويل متخلف وعاجز في عمل المعارضة السورية، بعد عدد محدود من خطوات التنسيق البسيطة خلال العام الماضي التي تلونت بأكثر السمات السلبية المترسبة من تاريخ المعارضة، سيبدو الأمر وكأن قفزة قد حصلت في حياتها:
ثلاثة اجتماعات فحسب بين 10/12/2004 و17/2/2005 ، بل يمكن القول فعلياً أن اجتماعين خلال أسبوع واحد كانا كافيين لإنجاز الخطوة (فللاجتماع الأول قصة خاصة، ظروف ودوافع سنأتي عليها، نقول هذا على الرغم من أهميته بحكم ما أدى إليه لاحقاً، بسبب رغبة الأطراف الحاضرة بمتابعة الأمر وتجاوز اشكالات ذلك الاجتماع).
كان الحدث اللافت داخل بيت المعارضة في الشهر الأخير من عام 2004 الذي شهد الاجتماع الأول المعني هو تطور الخلاف الحاد في وسط لجان إحياء المجتمع المدني إلى حد الانقسام وبروز مشروع توافقات جديد أراد أصحابه إعادة النظر الشاملة في بنية وتركيبة مشروعهم كذلك (وهذا هو الأكثر أهمية) خلق حدود ومعايير سياسية في المفاهيم، المواقف، والممارسات، والضوابط التنظيمية، مختلفة بحسب قولهم. جوهرها التمفصل على مسألة العامل الخارجي (من جهتنا نعتقد أن الأمر أكثر تعقيداً بكثير، والأسباب متعددة سنحاول قريباً التقدم بوجهة نظر نقدية شاملة في هذه القضية) ذلك الخلاف دفع المجموعة المعنية إلى النشاط الذي جاء بالاجتماع الأول وكما نعتقد بدوافع تأمين الشرعية والالتصاق شكلاً وتاريخاً بمشروع اللجان.
حصل الأمر بسرعة وحصرت أهدافه بدون مشاورات جادة (على الأقل مع العدد الأكبر من فعاليات المعارضة) في إطار المجموعة، كما حددوا الأطراف المدعوة بأنفسهم، فسابقاً لم تكن هناك دعوات لاجتماعات تضم طيف المعارضة، وها هي المرة الأولى التي يحصل فيها هذا. الاجتماعات الموسعة السابقة كانت أمراً تقليدياً ونظامياً داخل اللجان فحسب . سابقاً أيضاً لم تكن هناك سويات للتنسيق بين لجان الإحياء وطيف المعارضة بكامله. كان الأمر قاصراً على التجمع الوطني الديموقراطي، منتدى الأتاسي، جمعية حقوق الإنسان، واستبعدت منه بقية الأطراف الكردية وحزب العمل ، مناهضة العولمة، وبقية المنظمات الحقوقية، بحجج وأسباب مختلفة، مرة ترمى على التجمع وأخرى على غيره.
كان واضحاً في الاجتماع الأول أن الدعوة وأهدافها قد تأثرت بكل ذلك وأكثر ما تأثر هو سقف الدعوة، هل هي دعوة للتنسيق والارتقاء بعمل المعارضة على أساس مفاهيم العمل السياسي المعارض، أم دعوة للتنسيق على سقف مؤسسات مجتمع مدني أدنى من عمل حزبي وليس عملاً معارضاً بصورة منهجية. إن سقف الدعوة تأثر بالطرف أو المجموعة الداعية، طبيعة نشاطها، ووسائلها، هذا من جهة:
أما من جهة المدعوين فقد غاب الطرف الآخر الخلافي في لجان احياء المجتمع المدني من الاجتماع كلياً، غاب حتى الأشخاص المؤسسون ذوي الموقف الواضح في مسألة العامل الخارجي ، لكن قناعاتهم ونظرتهم إلى مشروع اللجان، نظرتهم إلى مفاهيم العمل الديموقراطي وحدود الانسجام فيه جعلهم في الطرف الآخر. فلم يدع أحداً منهم، كذلك استبعدت بعض الأطراف الكردية، واستبعد حزب العمل الشيوعي ببعض الأشخاص المحددين. ليس هذا فحسب بل دعيت شخصيات سياسية وثقافية تنتمي إلى أحزاب غير معارضة، بعضها في صف الجبهة الوطنية التقدمية (حتى الآن لا يعرف أحد السبب) وفي سياق الاجتماع استغرب بعضهم وجوده الشخصي قائلاً إن هذا الاجتماع هو اجتماع لطيف المعارضة، وما يطرح فيه هو جزء جوهري لنشاط المعارضة، فلماذا وجودنا إذاً؟!.
قبل الاجتماع كانت الصيغة المنتشرة تقول بأحد أهم وجوهها، أن هناك اجتماع للمعارضة في اليوم الفلاني. أم داخل الاجتماع فكانت الصيغة الأكثر انتشاراً أو حضوراً وتم التركيز عليها هي: التنسيق خلال عام 2005 على خطة عمل، هكذا تم التداول بعدة مسائل وطرحت قضايا عديدة منها الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، ومنها الوضع الاقتصادي والخصخصة والآثار الاجتماعية التي ستترتب عليها في الوطن، ومنها التهديدات الخارجية والمخاطر المتعلقة بها.
بعد ذلك التداول والحوارات تم الاتفاق على اجتماع ثان تدعى إليه الأطراف الغائبة بعد التذكير بها بصورة أو بأخرى بدون تناول منهجي للأمر حول ضرورة التشارو المسبقة، وضرورة وجود أوراق عمل، وضرورة عدم استبعاد أحد والانسجام في مسائل القناعات والممارسة الديموقراطية، كما تم الاتفاق على تشكيل هيئة تنسيق تضم كامل الطيف (بدون اسم) وتركت هذه المسائل للبت بها في الاجتماع القادم.
في الاجتماع الثاني حضر طيف واسع غابت منه بعض الأطراف بحجج : ضعف التنسيق والأداء التقني لاستغراق الدعوات (على الرغم من مرور فترة شهر على الاجتماع الأول) مما جعلنا نعتقد أن الأسباب مختلفة تعود إلى بعض الأسس القديمة في عمل المعارضة: أهمها الاستئصال والإقصاء المسبق. في الاجتماع ظهرت ورقة عمل وحيدة (ننشرها في نهاية الملف) ومن البداية اعتبر التجمع باسم الناطق الرسمي، كما اعتبرت لجان الإحياء باسم المجموعة الداعية أن كل شيء سيجري على أساس الورقة، وأن الاجتماع الأول قد وضع أسس التنسيق والموضوعات المعنية ولم تبق سوى عملية تداول والاتفاق النهائي، ثم التوقيعات وإصدار بيان بكل ذلك (كي نعيّد على شعبنا كما اقترح أحد الحضور بخطوة جديدة هامة ) وكاد الأمر يمشي سريعاً في ذلك الإطار لولا بعض الأطراف التي حضرت الاجتماع الأول أو لم تحضره وإصرارها على التحديد والوضوح ونقاش الأمر من كل جوانبه. بالنسبة لنا ومن خلال مندوبنا للاجتماع طرحنا الأمر على الوجه التالي: - خاصةً وأنه قرأ ورقة العمل المعنية مثل بقية الحضور داخل الاجتماع للمرة الأولى- فقال رفيقنا (بالمعنى التقريبي للأسف فلا وجود لمحاضر جلسات) نحن في حزب العمل الشيوعي سعداء جداً بحضور هذا الطيف الواسع من قبل المعارضة، من فعاليات المجتمع المدني (حزبية وغير حزبية) وإنه لشيء هام أن ندخل حواراً لنرتقي بعمل المعارضة ، الشروط القائمة في الوطن (مع تفصيلات فيها) تنادينا من سنوات لنخلق قطبا ًمعارضاً، برنامجاً للمعارضة، مؤسسات ديموقراطية، أدوات ووسائل عمل علنية وسلمية تدريجية ( كان يتكلم بقناعة تقول أن الاجتماع يستهدف عملاً وتنسيقاً من منطلق، من مفاهيم ونهج المعارضة الديموقراطية) وعلينا أن نحمي بشدة مثل هذا التواجد والهدف لكن لدينا بعض الملاحظات كي لا تستمر الرواسب السلبية القديمة بتأثيرها. فنحن لا نعرف ما جرى بالاجتماع الأول، وها نحن نفاجأ بورقة عمل لا نعرف أيضاً من أعدها ومن كلفه بذلك والأسباب التي جعلته يحدد فيها الأهداف وسقف العمل، كما أننا لا نعرف من دعا للاجتماع الأول، من هو الطرف المعني وهل تشاور مع الآخرين خاصةً وأن هناك إشكالاً داخل فاعلية وطنية هي لجان إحياء المجتمع المدني، ونخشى أن يكون الأمر قد تأثر عميقاً بذلك، أما الآن فإننا لا نزال نلحظ غياب عدد من الأطراف (ذكرها رفيقنا إذ كانت منحصرة في ثلاث قوى كردية والطرف الآثوري، والمنتدى الثقافي لحقوق الإنسان وإحدى المنظمات الحقوقية الجديدة "كلنا سواسية" ) وهذا خطأ يجعلنا نعتقد بالإضافة لكل حيثيات الاجتماع الأول أن القضايا السلبية في عمل المعارضة السورية لا تزال فعالة، ثم انتقل إلى ورقة العمل ليؤكد أنها لا تصلح أساساً للحوار والتداول من أجل التنسيق في صفوف المعارضة، فهي قد حددت سلفاً الأمر في نطاق التنسيق لعام 2005، كما حددت الأهداف بقضايا الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وصيغت مقدمتها كلياً على أساس سقف أو عتبة مختلفة عن معنى المعارضة السياسية الديموقراطية، إذ غيب الورقة السبب السياسي الرئيسي في كل ما وصل إليه الوطن، كما أنها لا تشير إلى أهدافنا كمعارضة، ولا تعنى لا من قريب ولا من بعيد بمسألة البرنامج، المؤسسات، الأدوات والوسائل الخاصة بالنشاط، ونحن في حزب العمل نريد أن نأخذ فرصتنا التامة في إعداد ورقتنا واقترح اعتبار ذلك الاجتماع هو بمثابة نقطة الانطلاق في تلك المسائل لتطوير عمل المعارضة (انتهى دور رفيقنا) كانت المفاجئة بالنسبة لنا عندما طلب أحد مندوبي المنظمات الحقوقية الدور ليقول : إننا في منظمتنا لم نأت إلى الاجتماع هذا أبداً من أجل التنسيق والعمل على أساس معارضة، فنحن منظمة "نقف في منتصف المسافة بين النظام والمعارضة" نهجنا، أهدافنا، وسائلنا مختلفة ولا نستطيع تغييرها إلى تلك المتعلقة بالمعارضة، إننا نحاسب على ذلك من قبل النظام وسيكون الأمر مناقضاً ومختلفاً عن طبيعتنا وبرنامجنا ووسائلنا، لقد جئنا إلى هذا الاجتماع تحديداً من أجل التنسيق على الحريات الأساسية وحقوق الإنسان بحسب طبيعتنا وأهدافنا، نهجنا ووسائلنا.
وبعده مباشرةً بالتسلسل كرر مندوبي المنظمات الحقوقية والهيئات الأخرى غير الحزبية نفس المنطق (بصورة مكثفة) كذلك بعض مندوبي الطيف الكردي لمحّ إلى أنهم ليسوا بالضرورة في إطار نهج وفعل معارض كما يطرح مندوب حزب العمل، في هذا الجو الخلافي تحدث مندوب مناهضة العولمة ليؤكد أن المجتمعين سابقاً لم يتفقوا أبداً على محتوى الورقة المقدمة، وأن مسائل أخرى قد نوقشت (الاقتصاد- الخصخصة – التهديدات الخارجية) طالباً شهادة بعض الحضور على ذلك وأكد أن الحوار والتنسيق يجب أن يشمل النقاط الأخرى وبدون ذلك يجد نفسه غير مفوض بمتابعة الحضور وسيعلن انسحابه بهذه الحالة.
اتضح لنا أن تنسيقات أكثر ضيقاً قد جرت قبل الاجتماع الثاني، وهاهي التفاصيل تشير لذلك، جرت محاولات كثيفة لمتابعة نقاش الورقة كما هي، باعتبار أن الاجتماع الأول فعلياً قد ناقش مسائل عديدة لكن التركيز قد جرى على التنسيق بخصوص الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وعندما لاحظ رفيقنا أن الاتجاه الحاسم داخل الاجتماع بما فيها الأطراف الحزبية (خاصةً التجمع الوطني الديموقراطي) يريد عملاً مختلفاً عن أصول المعارضة الديموقراطية، يريد تنسيقاً كما حددت الورقة، فطلب دوراً للتكلم وقال: إننا في حزب العمل الشيوعي نجد أنفسنا وبامتياز حزباً للمعارضة الجادة، في النهج، الأهداف، البرنامج والوسائل، هكذا نحن لا نتواجد ونرفض الوجود في منتصف المسافة بين النظام والمعارضة، ولا نوافق على عملية تنسيق مركزية تحت عتبة ونهج وأهداف مؤسسات مجتمع مدني أدنى من حزب، لا نوافق أن يفرض علينا مثل هذا الأمر بأي صورة، وطالما أن غالبية الحضور في هذا الاجتماع لا يريدون عملاً للمعارضة الديموقراطية الفعلية، ويريدون تنسيقاً وهيئة مناسبة من أجل أهداف محددة (أدنى من برنامج مركزي للمعارضة) فإننا حريصون على التنسيق، حريصون على تطويره هكذا دعونا نعمل بمنطق ديموقراطي فعلي. نرفض فرض أي منطق من أي جهة، نرفض فرض الشروط المسبقة، لا نعمل تحت سقف هيئات مجتمع مدني أدنى من حزب، ولا نفرض عليها سقف عمل حزبي سياسي معارض، فلنتفق الآن إذاً على تشكيل هيئة تنسيق في المسألتين المعنيتين، ولنؤجل الاجتماع حتى يأتي من يريد منا بورقة عمله التي يراها مناسبة، لنتفق لاحقاً على منطق التنسيق وأدواته، لنتفق على تركيبة الهيئة وضوابطها التنظيمية. وطلب رفيقنا من مندوب مناهضة العولمة البقاء والعمل على التنسيق المطروح بروحية التشارك والاتفاق بصورة ديموقراطية، لكنه أصر على موقفه، وهكذا بعد تداول سريع واتضاح الخلافات تم الاتفاق على تغيير اسم الهيئة والاتفاق على موضوعي التنسيق فحسب، لنترك للاجتماع القادم بقية المسائل المتعلقة بمقدمة البيان ونهج التنسيق ووسائله، مع ضرورة استكمال دعوة الأطراف الأخرى الغائبة.
وأكد رفيقنا أنه ربما تتاح الفرصة للجهود المبذولة من أجل إعادة توحيد لجان إحياء المجتمع المدني وإنهاء هذا الإشكال والآثار التي تركها على القضية.
بعد أسبوع وفي 17/2/2005 عقد الاجتماع الثالث بينما كانت مجموعتا لجان إحياء المجتمع المدني قد قطعتا أشواطاً بين: بلورة ذات كل واحدة منهما، وبين : اجتماعات ثنائية ضيقة بدفع من فاعلي خير للتوحد ثانيةً، لكن في الاجتماع الثالث حضر مندوبان واحدٌ عن كل مجموعة، كما حضرت بقية الأطراف الأخرى التي لم تدعى إلى حينه، وقاطع فعلياً مندوب مجموعة مناهضة العولمة.
في الاجتماع تقدمت ورقتا عمل بالمعنى الكامل . القديمة الأولى، وورقتنا (ورقة حزب العمل الشيوعي) كما تقدم الطيف الكردي بعدد من الملاحظات والمطالب المحددة التي حصرها كلياً في قضيته، وزعنا مشروعنا الذي صغناه من المنطلقات التالية:
1- نهج تنسيقي بين مؤسسات مجتمع مدني حزبية معارضة وأخرى أدنى من حزبية لا تعمل بنهج معارض.
2- السعي قدر الإمكان لتحديد دقيق في الأسباب التي أدت إلى حالة الوطن القائمة، والسعي للإشارة إلى التوجه السياسي الذي نريده بأهدافه الأساسية.
3- تحويل التكثيف الوارد في الورقة الأولى فيما يتعلق بمسائل الحريات الأساسية وحقوق الإنسان التي يجب العمل عليها، تحويلها إلى حقيقتها كملفات منفصلة تخص قطاعات معينة وإعطاءها الأهمية التي تستحقها.
4- الابتعاد بالتالي عن طرح المسائل بأبعادها النهائية أو الاستراتيجية فالأمر أمر تنسيق على مدى عام، بشكل خاص ما يتعلق بملف المسألة الكردية.
5- طرح المسائل بقدر الإمكان على أسس منهجية دقيقة من حيث المصطلحات والأبعاد القيمية والقانونية.
بالحوار والتداول اتضح أن الجهد الرئيسي والتعقيد قد انصب على مسألة الأقليات، الخصوصية فيها، أو الانطلاق من العام إلى الخاص، أو البعد عن الحلول الحدية. في ورقتنا سيجد القارئ الصيغة التي طرحناها والتي نعتقد أنها مناسبة لمثل ذلك التنسيق، الطرف الكردي بكامل طيفه أصر على التخصيص، الطرف الآثوري أراد نهجاً وصيغةً عامة نصل منها إلى التخصيص كما فعل مشروعنا، وهكذا أخيراً وبعد وقت طويل، بعد تعب حقيقي صدر البيان بصيغته النهائية، وكأنه دمج بين الورقتين والصيغ والنهج.
إن الطرف الآثوري رفض التوقيع على البيان بسبب الصيغة الواردة فيه عن الأقليات، بالنسبة لنا نعتقد أننا تقدمنا بالصيغة الأكثر دقة بالمعنى المنهجي والاصطلاحي، كما الأكثر دقة بعلاقتها بالمواثيق الدولية خاصةً ما يتعلق منها بحقوق الأقليات، ونعتقد أننا تقدمنا بالصيغة الأكثر توافقاً مع عملية التنسيق والصيغ التكتيكية على مدى العام القادم، ونعرف جيداً أن العمل التشاركي هو اقتراب متبادل، هو اتفاق معقد، والأمر لا ينتهي عند خطوة أولى، إنه عمل مفتوح على الممارسة الصادقة، مفتوح على الوعي الواضح المتطور، كما يقع بشكل حاسم تحت تأثير الحراكات المجتمعية الموضوعية، تحت تأثير قوتها واتجاهاتها.
بالطبع انتهى الاجتماع تحت ضغط ضرورة إصدار البيان، ولم يستكمل بعملية الحوار من أجل وضع الضوابط متعلقة بلجنة تنسيق ووسائل عملها مستقبلاً وبرنامجها الإعلامي، إذ من المفترض أن يستكمل ذلك لاحقاً، بدورنا سنتابع جهدنا بذلك الخصوص وسنحاول أن نكون في أرقى سويات الصدق بعملية التنسيق والتشارك على كل ما وقعنا وسنوقع عليه.
أخيراً : بعض ملاحظات تقييمية ونقدية:
1- على الرغم من كل الملابسات والاشتراطات التي أدت إلى البيان نعتبر الأمر خطوة جديدة هامة في حياة المعارضة الديموقراطية حتى ولو كان في حدود التنسيق المحدود، حتى ولو كان بعيداً كثيراً عن نهج ومنطق وبرنامج ووسائل المعارضة الفعلية.
2- ما جرى دفعنا للقاء سريع مع رفاق التجمع الوطني الديموقراطي لنذكرهم بجهدنا ومحاولاتنا السابقة معهم ومع غيرهم حول ضرورة البدء بالحوار على أصول وضرورات العمل الديموقراطي المعارض من أشهر بعيدة، لا فتين نظرهم من خلال تفاصيل الاجتماعات الثلاثة إلى ضرورة الإسراع بهذه الخطوة، وأن الوقت قد حان لإطلاق طاقة تفعيل معارض، مختلفة جذرياً عن الماضي في كل الميادين، وبكل المعاني، ونأمل أن مثل هذا لن يتأخر.
3- العمل الذي أنجز من منظورنا قابل بحد ذاته للتطوير وسنبذل أقصى جهودنا من أجل ذلك.
4- نرغب إلى رفاقنا والوسط السياسي الديموقراطي السوري الاهتمام بهذا الأمر والتقدم بكل الملاحظات النقدية الضرورية لتطوير عمل المعارضة الديموقراطية.
حزب العمل الشيوعي
ثلاثة اجتماعات فحسب بين 10/12/2004 و17/2/2005 ، بل يمكن القول فعلياً أن اجتماعين خلال أسبوع واحد كانا كافيين لإنجاز الخطوة (فللاجتماع الأول قصة خاصة، ظروف ودوافع سنأتي عليها، نقول هذا على الرغم من أهميته بحكم ما أدى إليه لاحقاً، بسبب رغبة الأطراف الحاضرة بمتابعة الأمر وتجاوز اشكالات ذلك الاجتماع).
كان الحدث اللافت داخل بيت المعارضة في الشهر الأخير من عام 2004 الذي شهد الاجتماع الأول المعني هو تطور الخلاف الحاد في وسط لجان إحياء المجتمع المدني إلى حد الانقسام وبروز مشروع توافقات جديد أراد أصحابه إعادة النظر الشاملة في بنية وتركيبة مشروعهم كذلك (وهذا هو الأكثر أهمية) خلق حدود ومعايير سياسية في المفاهيم، المواقف، والممارسات، والضوابط التنظيمية، مختلفة بحسب قولهم. جوهرها التمفصل على مسألة العامل الخارجي (من جهتنا نعتقد أن الأمر أكثر تعقيداً بكثير، والأسباب متعددة سنحاول قريباً التقدم بوجهة نظر نقدية شاملة في هذه القضية) ذلك الخلاف دفع المجموعة المعنية إلى النشاط الذي جاء بالاجتماع الأول وكما نعتقد بدوافع تأمين الشرعية والالتصاق شكلاً وتاريخاً بمشروع اللجان.
حصل الأمر بسرعة وحصرت أهدافه بدون مشاورات جادة (على الأقل مع العدد الأكبر من فعاليات المعارضة) في إطار المجموعة، كما حددوا الأطراف المدعوة بأنفسهم، فسابقاً لم تكن هناك دعوات لاجتماعات تضم طيف المعارضة، وها هي المرة الأولى التي يحصل فيها هذا. الاجتماعات الموسعة السابقة كانت أمراً تقليدياً ونظامياً داخل اللجان فحسب . سابقاً أيضاً لم تكن هناك سويات للتنسيق بين لجان الإحياء وطيف المعارضة بكامله. كان الأمر قاصراً على التجمع الوطني الديموقراطي، منتدى الأتاسي، جمعية حقوق الإنسان، واستبعدت منه بقية الأطراف الكردية وحزب العمل ، مناهضة العولمة، وبقية المنظمات الحقوقية، بحجج وأسباب مختلفة، مرة ترمى على التجمع وأخرى على غيره.
كان واضحاً في الاجتماع الأول أن الدعوة وأهدافها قد تأثرت بكل ذلك وأكثر ما تأثر هو سقف الدعوة، هل هي دعوة للتنسيق والارتقاء بعمل المعارضة على أساس مفاهيم العمل السياسي المعارض، أم دعوة للتنسيق على سقف مؤسسات مجتمع مدني أدنى من عمل حزبي وليس عملاً معارضاً بصورة منهجية. إن سقف الدعوة تأثر بالطرف أو المجموعة الداعية، طبيعة نشاطها، ووسائلها، هذا من جهة:
أما من جهة المدعوين فقد غاب الطرف الآخر الخلافي في لجان احياء المجتمع المدني من الاجتماع كلياً، غاب حتى الأشخاص المؤسسون ذوي الموقف الواضح في مسألة العامل الخارجي ، لكن قناعاتهم ونظرتهم إلى مشروع اللجان، نظرتهم إلى مفاهيم العمل الديموقراطي وحدود الانسجام فيه جعلهم في الطرف الآخر. فلم يدع أحداً منهم، كذلك استبعدت بعض الأطراف الكردية، واستبعد حزب العمل الشيوعي ببعض الأشخاص المحددين. ليس هذا فحسب بل دعيت شخصيات سياسية وثقافية تنتمي إلى أحزاب غير معارضة، بعضها في صف الجبهة الوطنية التقدمية (حتى الآن لا يعرف أحد السبب) وفي سياق الاجتماع استغرب بعضهم وجوده الشخصي قائلاً إن هذا الاجتماع هو اجتماع لطيف المعارضة، وما يطرح فيه هو جزء جوهري لنشاط المعارضة، فلماذا وجودنا إذاً؟!.
قبل الاجتماع كانت الصيغة المنتشرة تقول بأحد أهم وجوهها، أن هناك اجتماع للمعارضة في اليوم الفلاني. أم داخل الاجتماع فكانت الصيغة الأكثر انتشاراً أو حضوراً وتم التركيز عليها هي: التنسيق خلال عام 2005 على خطة عمل، هكذا تم التداول بعدة مسائل وطرحت قضايا عديدة منها الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، ومنها الوضع الاقتصادي والخصخصة والآثار الاجتماعية التي ستترتب عليها في الوطن، ومنها التهديدات الخارجية والمخاطر المتعلقة بها.
بعد ذلك التداول والحوارات تم الاتفاق على اجتماع ثان تدعى إليه الأطراف الغائبة بعد التذكير بها بصورة أو بأخرى بدون تناول منهجي للأمر حول ضرورة التشارو المسبقة، وضرورة وجود أوراق عمل، وضرورة عدم استبعاد أحد والانسجام في مسائل القناعات والممارسة الديموقراطية، كما تم الاتفاق على تشكيل هيئة تنسيق تضم كامل الطيف (بدون اسم) وتركت هذه المسائل للبت بها في الاجتماع القادم.
في الاجتماع الثاني حضر طيف واسع غابت منه بعض الأطراف بحجج : ضعف التنسيق والأداء التقني لاستغراق الدعوات (على الرغم من مرور فترة شهر على الاجتماع الأول) مما جعلنا نعتقد أن الأسباب مختلفة تعود إلى بعض الأسس القديمة في عمل المعارضة: أهمها الاستئصال والإقصاء المسبق. في الاجتماع ظهرت ورقة عمل وحيدة (ننشرها في نهاية الملف) ومن البداية اعتبر التجمع باسم الناطق الرسمي، كما اعتبرت لجان الإحياء باسم المجموعة الداعية أن كل شيء سيجري على أساس الورقة، وأن الاجتماع الأول قد وضع أسس التنسيق والموضوعات المعنية ولم تبق سوى عملية تداول والاتفاق النهائي، ثم التوقيعات وإصدار بيان بكل ذلك (كي نعيّد على شعبنا كما اقترح أحد الحضور بخطوة جديدة هامة ) وكاد الأمر يمشي سريعاً في ذلك الإطار لولا بعض الأطراف التي حضرت الاجتماع الأول أو لم تحضره وإصرارها على التحديد والوضوح ونقاش الأمر من كل جوانبه. بالنسبة لنا ومن خلال مندوبنا للاجتماع طرحنا الأمر على الوجه التالي: - خاصةً وأنه قرأ ورقة العمل المعنية مثل بقية الحضور داخل الاجتماع للمرة الأولى- فقال رفيقنا (بالمعنى التقريبي للأسف فلا وجود لمحاضر جلسات) نحن في حزب العمل الشيوعي سعداء جداً بحضور هذا الطيف الواسع من قبل المعارضة، من فعاليات المجتمع المدني (حزبية وغير حزبية) وإنه لشيء هام أن ندخل حواراً لنرتقي بعمل المعارضة ، الشروط القائمة في الوطن (مع تفصيلات فيها) تنادينا من سنوات لنخلق قطبا ًمعارضاً، برنامجاً للمعارضة، مؤسسات ديموقراطية، أدوات ووسائل عمل علنية وسلمية تدريجية ( كان يتكلم بقناعة تقول أن الاجتماع يستهدف عملاً وتنسيقاً من منطلق، من مفاهيم ونهج المعارضة الديموقراطية) وعلينا أن نحمي بشدة مثل هذا التواجد والهدف لكن لدينا بعض الملاحظات كي لا تستمر الرواسب السلبية القديمة بتأثيرها. فنحن لا نعرف ما جرى بالاجتماع الأول، وها نحن نفاجأ بورقة عمل لا نعرف أيضاً من أعدها ومن كلفه بذلك والأسباب التي جعلته يحدد فيها الأهداف وسقف العمل، كما أننا لا نعرف من دعا للاجتماع الأول، من هو الطرف المعني وهل تشاور مع الآخرين خاصةً وأن هناك إشكالاً داخل فاعلية وطنية هي لجان إحياء المجتمع المدني، ونخشى أن يكون الأمر قد تأثر عميقاً بذلك، أما الآن فإننا لا نزال نلحظ غياب عدد من الأطراف (ذكرها رفيقنا إذ كانت منحصرة في ثلاث قوى كردية والطرف الآثوري، والمنتدى الثقافي لحقوق الإنسان وإحدى المنظمات الحقوقية الجديدة "كلنا سواسية" ) وهذا خطأ يجعلنا نعتقد بالإضافة لكل حيثيات الاجتماع الأول أن القضايا السلبية في عمل المعارضة السورية لا تزال فعالة، ثم انتقل إلى ورقة العمل ليؤكد أنها لا تصلح أساساً للحوار والتداول من أجل التنسيق في صفوف المعارضة، فهي قد حددت سلفاً الأمر في نطاق التنسيق لعام 2005، كما حددت الأهداف بقضايا الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وصيغت مقدمتها كلياً على أساس سقف أو عتبة مختلفة عن معنى المعارضة السياسية الديموقراطية، إذ غيب الورقة السبب السياسي الرئيسي في كل ما وصل إليه الوطن، كما أنها لا تشير إلى أهدافنا كمعارضة، ولا تعنى لا من قريب ولا من بعيد بمسألة البرنامج، المؤسسات، الأدوات والوسائل الخاصة بالنشاط، ونحن في حزب العمل نريد أن نأخذ فرصتنا التامة في إعداد ورقتنا واقترح اعتبار ذلك الاجتماع هو بمثابة نقطة الانطلاق في تلك المسائل لتطوير عمل المعارضة (انتهى دور رفيقنا) كانت المفاجئة بالنسبة لنا عندما طلب أحد مندوبي المنظمات الحقوقية الدور ليقول : إننا في منظمتنا لم نأت إلى الاجتماع هذا أبداً من أجل التنسيق والعمل على أساس معارضة، فنحن منظمة "نقف في منتصف المسافة بين النظام والمعارضة" نهجنا، أهدافنا، وسائلنا مختلفة ولا نستطيع تغييرها إلى تلك المتعلقة بالمعارضة، إننا نحاسب على ذلك من قبل النظام وسيكون الأمر مناقضاً ومختلفاً عن طبيعتنا وبرنامجنا ووسائلنا، لقد جئنا إلى هذا الاجتماع تحديداً من أجل التنسيق على الحريات الأساسية وحقوق الإنسان بحسب طبيعتنا وأهدافنا، نهجنا ووسائلنا.
وبعده مباشرةً بالتسلسل كرر مندوبي المنظمات الحقوقية والهيئات الأخرى غير الحزبية نفس المنطق (بصورة مكثفة) كذلك بعض مندوبي الطيف الكردي لمحّ إلى أنهم ليسوا بالضرورة في إطار نهج وفعل معارض كما يطرح مندوب حزب العمل، في هذا الجو الخلافي تحدث مندوب مناهضة العولمة ليؤكد أن المجتمعين سابقاً لم يتفقوا أبداً على محتوى الورقة المقدمة، وأن مسائل أخرى قد نوقشت (الاقتصاد- الخصخصة – التهديدات الخارجية) طالباً شهادة بعض الحضور على ذلك وأكد أن الحوار والتنسيق يجب أن يشمل النقاط الأخرى وبدون ذلك يجد نفسه غير مفوض بمتابعة الحضور وسيعلن انسحابه بهذه الحالة.
اتضح لنا أن تنسيقات أكثر ضيقاً قد جرت قبل الاجتماع الثاني، وهاهي التفاصيل تشير لذلك، جرت محاولات كثيفة لمتابعة نقاش الورقة كما هي، باعتبار أن الاجتماع الأول فعلياً قد ناقش مسائل عديدة لكن التركيز قد جرى على التنسيق بخصوص الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، وعندما لاحظ رفيقنا أن الاتجاه الحاسم داخل الاجتماع بما فيها الأطراف الحزبية (خاصةً التجمع الوطني الديموقراطي) يريد عملاً مختلفاً عن أصول المعارضة الديموقراطية، يريد تنسيقاً كما حددت الورقة، فطلب دوراً للتكلم وقال: إننا في حزب العمل الشيوعي نجد أنفسنا وبامتياز حزباً للمعارضة الجادة، في النهج، الأهداف، البرنامج والوسائل، هكذا نحن لا نتواجد ونرفض الوجود في منتصف المسافة بين النظام والمعارضة، ولا نوافق على عملية تنسيق مركزية تحت عتبة ونهج وأهداف مؤسسات مجتمع مدني أدنى من حزب، لا نوافق أن يفرض علينا مثل هذا الأمر بأي صورة، وطالما أن غالبية الحضور في هذا الاجتماع لا يريدون عملاً للمعارضة الديموقراطية الفعلية، ويريدون تنسيقاً وهيئة مناسبة من أجل أهداف محددة (أدنى من برنامج مركزي للمعارضة) فإننا حريصون على التنسيق، حريصون على تطويره هكذا دعونا نعمل بمنطق ديموقراطي فعلي. نرفض فرض أي منطق من أي جهة، نرفض فرض الشروط المسبقة، لا نعمل تحت سقف هيئات مجتمع مدني أدنى من حزب، ولا نفرض عليها سقف عمل حزبي سياسي معارض، فلنتفق الآن إذاً على تشكيل هيئة تنسيق في المسألتين المعنيتين، ولنؤجل الاجتماع حتى يأتي من يريد منا بورقة عمله التي يراها مناسبة، لنتفق لاحقاً على منطق التنسيق وأدواته، لنتفق على تركيبة الهيئة وضوابطها التنظيمية. وطلب رفيقنا من مندوب مناهضة العولمة البقاء والعمل على التنسيق المطروح بروحية التشارك والاتفاق بصورة ديموقراطية، لكنه أصر على موقفه، وهكذا بعد تداول سريع واتضاح الخلافات تم الاتفاق على تغيير اسم الهيئة والاتفاق على موضوعي التنسيق فحسب، لنترك للاجتماع القادم بقية المسائل المتعلقة بمقدمة البيان ونهج التنسيق ووسائله، مع ضرورة استكمال دعوة الأطراف الأخرى الغائبة.
وأكد رفيقنا أنه ربما تتاح الفرصة للجهود المبذولة من أجل إعادة توحيد لجان إحياء المجتمع المدني وإنهاء هذا الإشكال والآثار التي تركها على القضية.
بعد أسبوع وفي 17/2/2005 عقد الاجتماع الثالث بينما كانت مجموعتا لجان إحياء المجتمع المدني قد قطعتا أشواطاً بين: بلورة ذات كل واحدة منهما، وبين : اجتماعات ثنائية ضيقة بدفع من فاعلي خير للتوحد ثانيةً، لكن في الاجتماع الثالث حضر مندوبان واحدٌ عن كل مجموعة، كما حضرت بقية الأطراف الأخرى التي لم تدعى إلى حينه، وقاطع فعلياً مندوب مجموعة مناهضة العولمة.
في الاجتماع تقدمت ورقتا عمل بالمعنى الكامل . القديمة الأولى، وورقتنا (ورقة حزب العمل الشيوعي) كما تقدم الطيف الكردي بعدد من الملاحظات والمطالب المحددة التي حصرها كلياً في قضيته، وزعنا مشروعنا الذي صغناه من المنطلقات التالية:
1- نهج تنسيقي بين مؤسسات مجتمع مدني حزبية معارضة وأخرى أدنى من حزبية لا تعمل بنهج معارض.
2- السعي قدر الإمكان لتحديد دقيق في الأسباب التي أدت إلى حالة الوطن القائمة، والسعي للإشارة إلى التوجه السياسي الذي نريده بأهدافه الأساسية.
3- تحويل التكثيف الوارد في الورقة الأولى فيما يتعلق بمسائل الحريات الأساسية وحقوق الإنسان التي يجب العمل عليها، تحويلها إلى حقيقتها كملفات منفصلة تخص قطاعات معينة وإعطاءها الأهمية التي تستحقها.
4- الابتعاد بالتالي عن طرح المسائل بأبعادها النهائية أو الاستراتيجية فالأمر أمر تنسيق على مدى عام، بشكل خاص ما يتعلق بملف المسألة الكردية.
5- طرح المسائل بقدر الإمكان على أسس منهجية دقيقة من حيث المصطلحات والأبعاد القيمية والقانونية.
بالحوار والتداول اتضح أن الجهد الرئيسي والتعقيد قد انصب على مسألة الأقليات، الخصوصية فيها، أو الانطلاق من العام إلى الخاص، أو البعد عن الحلول الحدية. في ورقتنا سيجد القارئ الصيغة التي طرحناها والتي نعتقد أنها مناسبة لمثل ذلك التنسيق، الطرف الكردي بكامل طيفه أصر على التخصيص، الطرف الآثوري أراد نهجاً وصيغةً عامة نصل منها إلى التخصيص كما فعل مشروعنا، وهكذا أخيراً وبعد وقت طويل، بعد تعب حقيقي صدر البيان بصيغته النهائية، وكأنه دمج بين الورقتين والصيغ والنهج.
إن الطرف الآثوري رفض التوقيع على البيان بسبب الصيغة الواردة فيه عن الأقليات، بالنسبة لنا نعتقد أننا تقدمنا بالصيغة الأكثر دقة بالمعنى المنهجي والاصطلاحي، كما الأكثر دقة بعلاقتها بالمواثيق الدولية خاصةً ما يتعلق منها بحقوق الأقليات، ونعتقد أننا تقدمنا بالصيغة الأكثر توافقاً مع عملية التنسيق والصيغ التكتيكية على مدى العام القادم، ونعرف جيداً أن العمل التشاركي هو اقتراب متبادل، هو اتفاق معقد، والأمر لا ينتهي عند خطوة أولى، إنه عمل مفتوح على الممارسة الصادقة، مفتوح على الوعي الواضح المتطور، كما يقع بشكل حاسم تحت تأثير الحراكات المجتمعية الموضوعية، تحت تأثير قوتها واتجاهاتها.
بالطبع انتهى الاجتماع تحت ضغط ضرورة إصدار البيان، ولم يستكمل بعملية الحوار من أجل وضع الضوابط متعلقة بلجنة تنسيق ووسائل عملها مستقبلاً وبرنامجها الإعلامي، إذ من المفترض أن يستكمل ذلك لاحقاً، بدورنا سنتابع جهدنا بذلك الخصوص وسنحاول أن نكون في أرقى سويات الصدق بعملية التنسيق والتشارك على كل ما وقعنا وسنوقع عليه.
أخيراً : بعض ملاحظات تقييمية ونقدية:
1- على الرغم من كل الملابسات والاشتراطات التي أدت إلى البيان نعتبر الأمر خطوة جديدة هامة في حياة المعارضة الديموقراطية حتى ولو كان في حدود التنسيق المحدود، حتى ولو كان بعيداً كثيراً عن نهج ومنطق وبرنامج ووسائل المعارضة الفعلية.
2- ما جرى دفعنا للقاء سريع مع رفاق التجمع الوطني الديموقراطي لنذكرهم بجهدنا ومحاولاتنا السابقة معهم ومع غيرهم حول ضرورة البدء بالحوار على أصول وضرورات العمل الديموقراطي المعارض من أشهر بعيدة، لا فتين نظرهم من خلال تفاصيل الاجتماعات الثلاثة إلى ضرورة الإسراع بهذه الخطوة، وأن الوقت قد حان لإطلاق طاقة تفعيل معارض، مختلفة جذرياً عن الماضي في كل الميادين، وبكل المعاني، ونأمل أن مثل هذا لن يتأخر.
3- العمل الذي أنجز من منظورنا قابل بحد ذاته للتطوير وسنبذل أقصى جهودنا من أجل ذلك.
4- نرغب إلى رفاقنا والوسط السياسي الديموقراطي السوري الاهتمام بهذا الأمر والتقدم بكل الملاحظات النقدية الضرورية لتطوير عمل المعارضة الديموقراطية.
حزب العمل الشيوعي