abu alameer
29/06/2006, 12:55
غلعاد شاليت لا تحزن ... أنت في غزّة الآن، عندنا بحر أزرق وخبز لذيذ، وبعض الأطفال الذين أخطأتهم نارك ولم يصلهم الموت، ولكن وصلهم منك الجوع، لا بأس سنوفر لك الدواء لجرحك، وسنحصل عليه من الاحتياطي القليل، وستكون بخير، لا تقلق لن نقربك بسوء، ولن نسلمك إلى صديقك الحميم الموت، سنبعده عنك ونردّك إلى زهرة الحياة، وستتكلم عنا غدا عندما تعود، وستكتب مذكّراتك بهدوء قرب نافذة تطلّ على قرية خضراء مسكونة بالعشب ورائحة البرتقال، وستذكر مرورك هذا ، فإن رأيت شجراً كثيراً مقطوعاً وبيوتاً مهدّمة، ومقابر كثيرة لشبان صغار، وبقايا حارات مسكونة بالحفر العميقة ، تذكّر أنها من صناعتكم.
غلعاد شاليت أنت الآن ضيفنا رغم لباسك العسكري ، ورغم تنفيذك الأوامر بإطلاق القذائف علينا، تصيب من تصيب ، لا يهمّكَ في الأمر غير أنك جنديّ، عليه قضاء دوامه الرسميّ اليوميّ ، كي تتقاضى راتبك آخر الشهر، أتعلم يا غلعاد أنني لم أتقاضَ راتبي منذ أربعة أشهر ، ولو سمحتَ لي بإطالة وجودك معنا ،كي تزور بيتي وتتعرف على أطفالي ،وتسألهم بنفسك ماذا يشتهون الآن، ولماذا لم يسافروا كما كانوا يخططون ،قبل انتهاء المدارس إلى أهلهم البعيدين الممنوعين من زيارتنا هنا، واسأل إن شئت أصغرهم ، لماذا أصبحت أنا والدهم قاسياً جداً عليهم هذه الأيام، إنفردْ به ، ربما يخاف مني ، إذا قال أنني لم أعطه مصروفه منذ شهر فصدّقه، تعال وادخل مطبخي، سأفتح لك الثلاجة ،لا تتأفّف من الفراغ الجالس فيها، لا تهتم إلى جارتي فهي أرملة قتل زوجها عارضا.
غلعاد شاليت لا تحزن ... أنت في غزّة الآن، عندنا بحر أزرق وخبز لذيذ، وبعض الأطفال الذين أخطأتهم نارك ولم يصلهم الموت، ولكن وصلهم منك الجوع، لا بأس سنوفر لك الدواء لجرحك، وسنحصل عليه من الاحتياطي القليل، وستكون بخير، لا تقلق لن نقربك بسوء، ولن نسلمك إلى صديقك الحميم الموت، سنبعده عنك ونردّك إلى زهرة الحياة، وستتكلم عنا غدا عندما تعود، وستكتب مذكّراتك بهدوء قرب نافذة تطلّ على قرية خضراء مسكونة بالعشب ورائحة البرتقال، وستذكر مرورك هذا ، فإن رأيت شجراً كثيراً مقطوعاً وبيوتاً مهدّمة، ومقابر كثيرة لشبان صغار، وبقايا حارات مسكونة بالحفر العميقة ، تذكّر أنها من صناعتكم.
غلعاد شاليت أنت الآن ضيفنا رغم لباسك العسكري ، ورغم تنفيذك الأوامر بإطلاق القذائف علينا، تصيب من تصيب ، لا يهمّكَ في الأمر غير أنك جنديّ، عليه قضاء دوامه الرسميّ اليوميّ ، كي تتقاضى راتبك آخر الشهر، أتعلم يا غلعاد أنني لم أتقاضَ راتبي منذ أربعة أشهر ، ولو سمحتَ لي بإطالة وجودك معنا ،كي تزور بيتي وتتعرف على أطفالي ،وتسألهم بنفسك ماذا يشتهون الآن، ولماذا لم يسافروا كما كانوا يخططون ،قبل انتهاء المدارس إلى أهلهم البعيدين الممنوعين من زيارتنا هنا، واسأل إن شئت أصغرهم ، لماذا أصبحت أنا والدهم قاسياً جداً عليهم هذه الأيام، إنفردْ به ، ربما يخاف مني ، إذا قال أنني لم أعطه مصروفه منذ شهر فصدّقه، تعال وادخل مطبخي، سأفتح لك الثلاجة ،لا تتأفّف من الفراغ الجالس فيها، لا تهتم إلى جارتي فهي أرملة قتل زوجها عارضا.
عندما قصفت قوّاتك الجويّة سيّارة في شارع الشّيخ رضوان في غزّة، وتذكر هي أن زوجها كان يحمل لها فستانا جديدا، لكي يحتفلا معا بعيد زواجهما الأوّل ، لكنه عاد مكفّناً ، ربّما أصيبت بعقدة النقص أو ندب الحظ، ستعود يا غلعاد إلى بيتك وتصحب فتاتك إلى مرقص صاخب، وتنسى أنك لطّخت يدك ببريئة قُتلت أو شجرة قُطعت، أو سقف بيت أسقطته على من تحته، لا بأس، ستكون شاهداً صغيراً جدّاً على ما تصنعه آلتك الحربية بشوارعنا الضيّقة، وما تفعله أدمغتكم الماكرة بنا، ستأكل معنا من أجود ما عندنا، ونعرف تماما أنه لا يليق بجندي مثلك، له ثلاث وجبات مختلفة في اليوم الواحد، ويصحب طعامه شراب أمريكيّ لذيذ، وبعض البسكويت وقطع حلوى، تحمّلنا فنحن لسنا أنتم، وأنتم حاصرتمونا كثيراً ويبّستم عروقنا، بما أوصلنا إلى حدّ اختطافك ، ودعوتك القسريّة إلينا، حتى تعرف أنك والذين معك ، تخطئون جدا بحقنّا، وتصرّون على حقننا بالموت.
غلعاد شاليت ما كنّا حفرنا نفقاً ولا رمينا صاروخاً متواضعاً على برجك العسكريّ، لو أنك وقائدك ما أسرفتما في موتنا.
أتذكر هدى غالية التي قتلتم أهلها جميعاً؟ ليس لشيء... سوى لأنّها صدّقت الفرح يوم الجمعة ، وذهبت معهم إلى نزهة بحريّة، وعادت وحدها دون أهلها.
أتذكر إيمان حجّو التي رميتم قذيفة عليها، فأطفأتم قلب أمّها حسرة عليها ؟
أتذكر الشيخ الذي فجرتم بيته، وهو ذاهب في نومه يبحث عن لحظة هادئة ؟
ولا أظنك نسيت محمّد الدّرّة ؟
لا لم أذكّرك بالكثير، فالقائمة طويلة جداً ،وذِكر أسماء ضحاياكم أكثر من الوقت الذي ستقضيه معنا هنا.
غلعاد شاليت أعرف أنك مُصان بفعل قوّاتكم الحربيّة ، وأن مجلسكم المصغّر في حالة استنفار قصوى من أجلك، وأن عملاءكم وأصدقاءكم ومحبيكم ، ينتشرون الآن انتشار النّار في الهشيم من أجل تخليصك، وإرجاعك إلى حضن أمك التي ستبكي فرحا لعودتك، وشقيقاتك إن وُجدوا سيسامحْنك كثيرا على كل شيء سيّءٍ فعلته ضد رغباتهنَّ، بل شقيقك سيشتري لك هديّة جميلة، حتى يخفّف عنك ويُنسيكَ المحنة التي ألمّتْ بك، وربّما سيخرجونك إلى بلدٍ جميل تقضي فيه بعض الوقت للنّقاهة، لتنسى أيامك بيننا.
ولكن
نحن لا نريدك أن تنسى كما ينسى قادتكم ؛ ما أصبتم به قلوب أمَهاتنا وبناتنا وأطفالنا
لا نريدك أن تنسى هدم البيوت وخرائب الشوارع ، موت الأشجار والمعاقين بلا ذنب، المعتقلين عندكم الذين يرمون الحزن في قلوب ذويهم
لا نريدك أن تنسى مقابرنا الشبابيّة الممتدّة بحسراتها شرفات الليل والنهار
لا نريدك أن تنسى الأرامل والثكالى والأطفال الباكين على أبائهم، وعلى أعيادهم التي تمر غريبة عليهم دون أثر
لا نريدك أن تنسى ما فعله حصاركم في مخازن الدّواء والطّحين والمحلاّت الخاوية
لا نريدك أن تنسى دموع نسائنا على شبابهنَّ الذي قضى نحبه بانتظارهنَّ أزواجهنَّ
تذكّر يا غلعاد شاليت ، أننا لم نُحضرْك لكي نقتلك أو نقلقك ، ولكن لكي يعلم قادتك بأنَّ الظّلم يُحرِّك فينا عزائم الجبال،وأنه ليس بعد الموت ما يفعلوه بنا، ونحن المهدّدون الآن، باجتياح قوّاتك لأرضنا ودمار بيوتنا وقتل شبابنا وأطفالنا، سنقول لك أمراً مُهمّاً، تذكّرْه جيّداً وانقله إلى أصدقائك وزملائك وأهلك ، هو؛
أنّ الموت الذي تزرعونه في أنفسنا، تصعد بعده أرواحنا إلى ربّها شاكية، تدعو عليكم، ومن بقي منّا لن يغفر لكم، فاعلم وتعّلم وعلّم غيرك، أنّ شعباً بأكمله لن يموت، والسّماء أبداً لن تغطس في البحر قبل أن تدفعوا فواتير ظلمكم
إذهب إلى أهلك يا غلعاد شاليت
فلسنا قتلى لا ولسنا غُزاة. وإن كان الوقت ساعدك بالرجوع إلى أهلك اليوم، فحتماً لن تجده مساعدك غدا، والغد قريب عندما يشتدُّ لنا عود ،وتشتعل في الكرامة عزيمة من جديد، وترانا على تخومكم نسوسكم كالأغنام، سنرى ماذا فعلتم بنا وماذا عليكم لكي تدفعوه لنا، أعطيناكم فرصة للسّلام، قتلتم رابين لأنه أحبَّ زرع وردة على صدر جنديٍّ قاتل باسمكم ، ولكي يعطينا وقتا نذكر جنديّنا أيضا، ونجعل له نصباً تذكاريّاً، قتلتموه لأنكم لا تحبّون السّلام، ولا تريدونه، تدّعون أمام العالم بأنكم تطمعون به، ولكنكم تكذبون جداً، فمن أراد السّلام لا يبني جدارا على طول البلاد، كي يخنق الأرض والإنسان
إذهب إلى أمّك وأهلك الآن يا غلعاد شاليت ، وسنتحمّل منكم ما سيأتي ، وستعلم أنّ الظلم بأهله الى زوال.
* غلعاد شاليت: الجنديّ الإسرائيليّ الذي تمَّ أسره بعمليّة فدائيّة يوم 25/6/2006 من قبل بعض الأذرع العسكريّة الفلسطينيّة في غزّة.
عندما قصفت قوّاتك الجويّة سيّارة في شارع الشّيخ رضوان في غزّة، وتذكر هي أن زوجها كان يحمل لها فستانا جديدا، لكي يحتفلا معا بعيد زواجهما الأوّل ، لكنه عاد مكفّناً ، ربّما أصيبت بعقدة النقص أو ندب الحظ، ستعود يا غلعاد إلى بيتك وتصحب فتاتك إلى مرقص صاخب، وتنسى أنك لطّخت يدك ببريئة قُتلت أو شجرة قُطعت، أو سقف بيت أسقطته على من تحته، لا بأس، ستكون شاهداً صغيراً جدّاً على ما تصنعه آلتك الحربية بشوارعنا الضيّقة، وما تفعله أدمغتكم الماكرة بنا، ستأكل معنا من أجود ما عندنا، ونعرف تماما أنه لا يليق بجندي مثلك، له ثلاث وجبات مختلفة في اليوم الواحد، ويصحب طعامه شراب أمريكيّ لذيذ، وبعض البسكويت وقطع حلوى، تحمّلنا فنحن لسنا أنتم، وأنتم حاصرتمونا كثيراً ويبّستم عروقنا، بما أوصلنا إلى حدّ اختطافك ، ودعوتك القسريّة إلينا، حتى تعرف أنك والذين معك ، تخطئون جدا بحقنّا، وتصرّون على حقننا بالموت.
غلعاد شاليت ما كنّا حفرنا نفقاً ولا رمينا صاروخاً متواضعاً على برجك العسكريّ، لو أنك وقائدك ما أسرفتما في موتنا.
أتذكر هدى غالية التي قتلتم أهلها جميعاً؟ ليس لشيء... سوى لأنّها صدّقت الفرح يوم الجمعة ، وذهبت معهم إلى نزهة بحريّة، وعادت وحدها دون أهلها.
أتذكر إيمان حجّو التي رميتم قذيفة عليها، فأطفأتم قلب أمّها حسرة عليها ؟
أتذكر الشيخ الذي فجرتم بيته، وهو ذاهب في نومه يبحث عن لحظة هادئة ؟
ولا أظنك نسيت محمّد الدّرّة ؟
لا لم أذكّرك بالكثير، فالقائمة طويلة جداً ،وذِكر أسماء ضحاياكم أكثر من الوقت الذي ستقضيه معنا هنا.
غلعاد شاليت أعرف أنك مُصان بفعل قوّاتكم الحربيّة ، وأن مجلسكم المصغّر في حالة استنفار قصوى من أجلك، وأن عملاءكم وأصدقاءكم ومحبيكم ، ينتشرون الآن انتشار النّار في الهشيم من أجل تخليصك، وإرجاعك إلى حضن أمك التي ستبكي فرحا لعودتك، وشقيقاتك إن وُجدوا سيسامحْنك كثيرا على كل شيء سيّءٍ فعلته ضد رغباتهنَّ، بل شقيقك سيشتري لك هديّة جميلة، حتى يخفّف عنك ويُنسيكَ المحنة التي ألمّتْ بك، وربّما سيخرجونك إلى بلدٍ جميل تقضي فيه بعض الوقت للنّقاهة، لتنسى أيامك بيننا.
ولكن
نحن لا نريدك أن تنسى كما ينسى قادتكم ؛ ما أصبتم به قلوب أمَهاتنا وبناتنا وأطفالنا
لا نريدك أن تنسى هدم البيوت وخرائب الشوارع ، موت الأشجار والمعاقين بلا ذنب، المعتقلين عندكم الذين يرمون الحزن في قلوب ذويهم
لا نريدك أن تنسى مقابرنا الشبابيّة الممتدّة بحسراتها شرفات الليل والنهار
لا نريدك أن تنسى الأرامل والثكالى والأطفال الباكين على أبائهم، وعلى أعيادهم التي تمر غريبة عليهم دون أثر
لا نريدك أن تنسى ما فعله حصاركم في مخازن الدّواء والطّحين والمحلاّت الخاوية
لا نريدك أن تنسى دموع نسائنا على شبابهنَّ الذي قضى نحبه بانتظارهنَّ أزواجهنَّ
تذكّر يا غلعاد شاليت ، أننا لم نُحضرْك لكي نقتلك أو نقلقك ، ولكن لكي يعلم قادتك بأنَّ الظّلم يُحرِّك فينا عزائم الجبال،وأنه ليس بعد الموت ما يفعلوه بنا، ونحن المهدّدون الآن، باجتياح قوّاتك لأرضنا ودمار بيوتنا وقتل شبابنا وأطفالنا، سنقول لك أمراً مُهمّاً، تذكّرْه جيّداً وانقله إلى أصدقائك وزملائك وأهلك ، هو؛
أنّ الموت الذي تزرعونه في أنفسنا، تصعد بعده أرواحنا إلى ربّها شاكية، تدعو عليكم، ومن بقي منّا لن يغفر لكم، فاعلم وتعّلم وعلّم غيرك، أنّ شعباً بأكمله لن يموت، والسّماء أبداً لن تغطس في البحر قبل أن تدفعوا فواتير ظلمكم
إذهب إلى أهلك يا غلعاد شاليت
فلسنا قتلى لا ولسنا غُزاة. وإن كان الوقت ساعدك بالرجوع إلى أهلك اليوم، فحتماً لن تجده مساعدك غدا، والغد قريب عندما يشتدُّ لنا عود ،وتشتعل في الكرامة عزيمة من جديد، وترانا على تخومكم نسوسكم كالأغنام، سنرى ماذا فعلتم بنا وماذا عليكم لكي تدفعوه لنا، أعطيناكم فرصة للسّلام، قتلتم رابين لأنه أحبَّ زرع وردة على صدر جنديٍّ قاتل باسمكم ، ولكي يعطينا وقتا نذكر جنديّنا أيضا، ونجعل له نصباً تذكاريّاً، قتلتموه لأنكم لا تحبّون السّلام، ولا تريدونه، تدّعون أمام العالم بأنكم تطمعون به، ولكنكم تكذبون جداً، فمن أراد السّلام لا يبني جدارا على طول البلاد، كي يخنق الأرض والإنسان
إذهب إلى أمّك وأهلك الآن يا غلعاد شاليت ، وسنتحمّل منكم ما سيأتي ، وستعلم أنّ الظلم بأهله الى زوال.
* غلعاد شاليت: الجنديّ الإسرائيليّ الذي تمَّ أسره بعمليّة فدائيّة يوم 25/6/2006 من قبل بعض الأذرع العسكريّة الفلسطينيّة في غزّة.
غلعاد شاليت أنت الآن ضيفنا رغم لباسك العسكري ، ورغم تنفيذك الأوامر بإطلاق القذائف علينا، تصيب من تصيب ، لا يهمّكَ في الأمر غير أنك جنديّ، عليه قضاء دوامه الرسميّ اليوميّ ، كي تتقاضى راتبك آخر الشهر، أتعلم يا غلعاد أنني لم أتقاضَ راتبي منذ أربعة أشهر ، ولو سمحتَ لي بإطالة وجودك معنا ،كي تزور بيتي وتتعرف على أطفالي ،وتسألهم بنفسك ماذا يشتهون الآن، ولماذا لم يسافروا كما كانوا يخططون ،قبل انتهاء المدارس إلى أهلهم البعيدين الممنوعين من زيارتنا هنا، واسأل إن شئت أصغرهم ، لماذا أصبحت أنا والدهم قاسياً جداً عليهم هذه الأيام، إنفردْ به ، ربما يخاف مني ، إذا قال أنني لم أعطه مصروفه منذ شهر فصدّقه، تعال وادخل مطبخي، سأفتح لك الثلاجة ،لا تتأفّف من الفراغ الجالس فيها، لا تهتم إلى جارتي فهي أرملة قتل زوجها عارضا.
غلعاد شاليت لا تحزن ... أنت في غزّة الآن، عندنا بحر أزرق وخبز لذيذ، وبعض الأطفال الذين أخطأتهم نارك ولم يصلهم الموت، ولكن وصلهم منك الجوع، لا بأس سنوفر لك الدواء لجرحك، وسنحصل عليه من الاحتياطي القليل، وستكون بخير، لا تقلق لن نقربك بسوء، ولن نسلمك إلى صديقك الحميم الموت، سنبعده عنك ونردّك إلى زهرة الحياة، وستتكلم عنا غدا عندما تعود، وستكتب مذكّراتك بهدوء قرب نافذة تطلّ على قرية خضراء مسكونة بالعشب ورائحة البرتقال، وستذكر مرورك هذا ، فإن رأيت شجراً كثيراً مقطوعاً وبيوتاً مهدّمة، ومقابر كثيرة لشبان صغار، وبقايا حارات مسكونة بالحفر العميقة ، تذكّر أنها من صناعتكم.
غلعاد شاليت أنت الآن ضيفنا رغم لباسك العسكري ، ورغم تنفيذك الأوامر بإطلاق القذائف علينا، تصيب من تصيب ، لا يهمّكَ في الأمر غير أنك جنديّ، عليه قضاء دوامه الرسميّ اليوميّ ، كي تتقاضى راتبك آخر الشهر، أتعلم يا غلعاد أنني لم أتقاضَ راتبي منذ أربعة أشهر ، ولو سمحتَ لي بإطالة وجودك معنا ،كي تزور بيتي وتتعرف على أطفالي ،وتسألهم بنفسك ماذا يشتهون الآن، ولماذا لم يسافروا كما كانوا يخططون ،قبل انتهاء المدارس إلى أهلهم البعيدين الممنوعين من زيارتنا هنا، واسأل إن شئت أصغرهم ، لماذا أصبحت أنا والدهم قاسياً جداً عليهم هذه الأيام، إنفردْ به ، ربما يخاف مني ، إذا قال أنني لم أعطه مصروفه منذ شهر فصدّقه، تعال وادخل مطبخي، سأفتح لك الثلاجة ،لا تتأفّف من الفراغ الجالس فيها، لا تهتم إلى جارتي فهي أرملة قتل زوجها عارضا.
عندما قصفت قوّاتك الجويّة سيّارة في شارع الشّيخ رضوان في غزّة، وتذكر هي أن زوجها كان يحمل لها فستانا جديدا، لكي يحتفلا معا بعيد زواجهما الأوّل ، لكنه عاد مكفّناً ، ربّما أصيبت بعقدة النقص أو ندب الحظ، ستعود يا غلعاد إلى بيتك وتصحب فتاتك إلى مرقص صاخب، وتنسى أنك لطّخت يدك ببريئة قُتلت أو شجرة قُطعت، أو سقف بيت أسقطته على من تحته، لا بأس، ستكون شاهداً صغيراً جدّاً على ما تصنعه آلتك الحربية بشوارعنا الضيّقة، وما تفعله أدمغتكم الماكرة بنا، ستأكل معنا من أجود ما عندنا، ونعرف تماما أنه لا يليق بجندي مثلك، له ثلاث وجبات مختلفة في اليوم الواحد، ويصحب طعامه شراب أمريكيّ لذيذ، وبعض البسكويت وقطع حلوى، تحمّلنا فنحن لسنا أنتم، وأنتم حاصرتمونا كثيراً ويبّستم عروقنا، بما أوصلنا إلى حدّ اختطافك ، ودعوتك القسريّة إلينا، حتى تعرف أنك والذين معك ، تخطئون جدا بحقنّا، وتصرّون على حقننا بالموت.
غلعاد شاليت ما كنّا حفرنا نفقاً ولا رمينا صاروخاً متواضعاً على برجك العسكريّ، لو أنك وقائدك ما أسرفتما في موتنا.
أتذكر هدى غالية التي قتلتم أهلها جميعاً؟ ليس لشيء... سوى لأنّها صدّقت الفرح يوم الجمعة ، وذهبت معهم إلى نزهة بحريّة، وعادت وحدها دون أهلها.
أتذكر إيمان حجّو التي رميتم قذيفة عليها، فأطفأتم قلب أمّها حسرة عليها ؟
أتذكر الشيخ الذي فجرتم بيته، وهو ذاهب في نومه يبحث عن لحظة هادئة ؟
ولا أظنك نسيت محمّد الدّرّة ؟
لا لم أذكّرك بالكثير، فالقائمة طويلة جداً ،وذِكر أسماء ضحاياكم أكثر من الوقت الذي ستقضيه معنا هنا.
غلعاد شاليت أعرف أنك مُصان بفعل قوّاتكم الحربيّة ، وأن مجلسكم المصغّر في حالة استنفار قصوى من أجلك، وأن عملاءكم وأصدقاءكم ومحبيكم ، ينتشرون الآن انتشار النّار في الهشيم من أجل تخليصك، وإرجاعك إلى حضن أمك التي ستبكي فرحا لعودتك، وشقيقاتك إن وُجدوا سيسامحْنك كثيرا على كل شيء سيّءٍ فعلته ضد رغباتهنَّ، بل شقيقك سيشتري لك هديّة جميلة، حتى يخفّف عنك ويُنسيكَ المحنة التي ألمّتْ بك، وربّما سيخرجونك إلى بلدٍ جميل تقضي فيه بعض الوقت للنّقاهة، لتنسى أيامك بيننا.
ولكن
نحن لا نريدك أن تنسى كما ينسى قادتكم ؛ ما أصبتم به قلوب أمَهاتنا وبناتنا وأطفالنا
لا نريدك أن تنسى هدم البيوت وخرائب الشوارع ، موت الأشجار والمعاقين بلا ذنب، المعتقلين عندكم الذين يرمون الحزن في قلوب ذويهم
لا نريدك أن تنسى مقابرنا الشبابيّة الممتدّة بحسراتها شرفات الليل والنهار
لا نريدك أن تنسى الأرامل والثكالى والأطفال الباكين على أبائهم، وعلى أعيادهم التي تمر غريبة عليهم دون أثر
لا نريدك أن تنسى ما فعله حصاركم في مخازن الدّواء والطّحين والمحلاّت الخاوية
لا نريدك أن تنسى دموع نسائنا على شبابهنَّ الذي قضى نحبه بانتظارهنَّ أزواجهنَّ
تذكّر يا غلعاد شاليت ، أننا لم نُحضرْك لكي نقتلك أو نقلقك ، ولكن لكي يعلم قادتك بأنَّ الظّلم يُحرِّك فينا عزائم الجبال،وأنه ليس بعد الموت ما يفعلوه بنا، ونحن المهدّدون الآن، باجتياح قوّاتك لأرضنا ودمار بيوتنا وقتل شبابنا وأطفالنا، سنقول لك أمراً مُهمّاً، تذكّرْه جيّداً وانقله إلى أصدقائك وزملائك وأهلك ، هو؛
أنّ الموت الذي تزرعونه في أنفسنا، تصعد بعده أرواحنا إلى ربّها شاكية، تدعو عليكم، ومن بقي منّا لن يغفر لكم، فاعلم وتعّلم وعلّم غيرك، أنّ شعباً بأكمله لن يموت، والسّماء أبداً لن تغطس في البحر قبل أن تدفعوا فواتير ظلمكم
إذهب إلى أهلك يا غلعاد شاليت
فلسنا قتلى لا ولسنا غُزاة. وإن كان الوقت ساعدك بالرجوع إلى أهلك اليوم، فحتماً لن تجده مساعدك غدا، والغد قريب عندما يشتدُّ لنا عود ،وتشتعل في الكرامة عزيمة من جديد، وترانا على تخومكم نسوسكم كالأغنام، سنرى ماذا فعلتم بنا وماذا عليكم لكي تدفعوه لنا، أعطيناكم فرصة للسّلام، قتلتم رابين لأنه أحبَّ زرع وردة على صدر جنديٍّ قاتل باسمكم ، ولكي يعطينا وقتا نذكر جنديّنا أيضا، ونجعل له نصباً تذكاريّاً، قتلتموه لأنكم لا تحبّون السّلام، ولا تريدونه، تدّعون أمام العالم بأنكم تطمعون به، ولكنكم تكذبون جداً، فمن أراد السّلام لا يبني جدارا على طول البلاد، كي يخنق الأرض والإنسان
إذهب إلى أمّك وأهلك الآن يا غلعاد شاليت ، وسنتحمّل منكم ما سيأتي ، وستعلم أنّ الظلم بأهله الى زوال.
* غلعاد شاليت: الجنديّ الإسرائيليّ الذي تمَّ أسره بعمليّة فدائيّة يوم 25/6/2006 من قبل بعض الأذرع العسكريّة الفلسطينيّة في غزّة.
عندما قصفت قوّاتك الجويّة سيّارة في شارع الشّيخ رضوان في غزّة، وتذكر هي أن زوجها كان يحمل لها فستانا جديدا، لكي يحتفلا معا بعيد زواجهما الأوّل ، لكنه عاد مكفّناً ، ربّما أصيبت بعقدة النقص أو ندب الحظ، ستعود يا غلعاد إلى بيتك وتصحب فتاتك إلى مرقص صاخب، وتنسى أنك لطّخت يدك ببريئة قُتلت أو شجرة قُطعت، أو سقف بيت أسقطته على من تحته، لا بأس، ستكون شاهداً صغيراً جدّاً على ما تصنعه آلتك الحربية بشوارعنا الضيّقة، وما تفعله أدمغتكم الماكرة بنا، ستأكل معنا من أجود ما عندنا، ونعرف تماما أنه لا يليق بجندي مثلك، له ثلاث وجبات مختلفة في اليوم الواحد، ويصحب طعامه شراب أمريكيّ لذيذ، وبعض البسكويت وقطع حلوى، تحمّلنا فنحن لسنا أنتم، وأنتم حاصرتمونا كثيراً ويبّستم عروقنا، بما أوصلنا إلى حدّ اختطافك ، ودعوتك القسريّة إلينا، حتى تعرف أنك والذين معك ، تخطئون جدا بحقنّا، وتصرّون على حقننا بالموت.
غلعاد شاليت ما كنّا حفرنا نفقاً ولا رمينا صاروخاً متواضعاً على برجك العسكريّ، لو أنك وقائدك ما أسرفتما في موتنا.
أتذكر هدى غالية التي قتلتم أهلها جميعاً؟ ليس لشيء... سوى لأنّها صدّقت الفرح يوم الجمعة ، وذهبت معهم إلى نزهة بحريّة، وعادت وحدها دون أهلها.
أتذكر إيمان حجّو التي رميتم قذيفة عليها، فأطفأتم قلب أمّها حسرة عليها ؟
أتذكر الشيخ الذي فجرتم بيته، وهو ذاهب في نومه يبحث عن لحظة هادئة ؟
ولا أظنك نسيت محمّد الدّرّة ؟
لا لم أذكّرك بالكثير، فالقائمة طويلة جداً ،وذِكر أسماء ضحاياكم أكثر من الوقت الذي ستقضيه معنا هنا.
غلعاد شاليت أعرف أنك مُصان بفعل قوّاتكم الحربيّة ، وأن مجلسكم المصغّر في حالة استنفار قصوى من أجلك، وأن عملاءكم وأصدقاءكم ومحبيكم ، ينتشرون الآن انتشار النّار في الهشيم من أجل تخليصك، وإرجاعك إلى حضن أمك التي ستبكي فرحا لعودتك، وشقيقاتك إن وُجدوا سيسامحْنك كثيرا على كل شيء سيّءٍ فعلته ضد رغباتهنَّ، بل شقيقك سيشتري لك هديّة جميلة، حتى يخفّف عنك ويُنسيكَ المحنة التي ألمّتْ بك، وربّما سيخرجونك إلى بلدٍ جميل تقضي فيه بعض الوقت للنّقاهة، لتنسى أيامك بيننا.
ولكن
نحن لا نريدك أن تنسى كما ينسى قادتكم ؛ ما أصبتم به قلوب أمَهاتنا وبناتنا وأطفالنا
لا نريدك أن تنسى هدم البيوت وخرائب الشوارع ، موت الأشجار والمعاقين بلا ذنب، المعتقلين عندكم الذين يرمون الحزن في قلوب ذويهم
لا نريدك أن تنسى مقابرنا الشبابيّة الممتدّة بحسراتها شرفات الليل والنهار
لا نريدك أن تنسى الأرامل والثكالى والأطفال الباكين على أبائهم، وعلى أعيادهم التي تمر غريبة عليهم دون أثر
لا نريدك أن تنسى ما فعله حصاركم في مخازن الدّواء والطّحين والمحلاّت الخاوية
لا نريدك أن تنسى دموع نسائنا على شبابهنَّ الذي قضى نحبه بانتظارهنَّ أزواجهنَّ
تذكّر يا غلعاد شاليت ، أننا لم نُحضرْك لكي نقتلك أو نقلقك ، ولكن لكي يعلم قادتك بأنَّ الظّلم يُحرِّك فينا عزائم الجبال،وأنه ليس بعد الموت ما يفعلوه بنا، ونحن المهدّدون الآن، باجتياح قوّاتك لأرضنا ودمار بيوتنا وقتل شبابنا وأطفالنا، سنقول لك أمراً مُهمّاً، تذكّرْه جيّداً وانقله إلى أصدقائك وزملائك وأهلك ، هو؛
أنّ الموت الذي تزرعونه في أنفسنا، تصعد بعده أرواحنا إلى ربّها شاكية، تدعو عليكم، ومن بقي منّا لن يغفر لكم، فاعلم وتعّلم وعلّم غيرك، أنّ شعباً بأكمله لن يموت، والسّماء أبداً لن تغطس في البحر قبل أن تدفعوا فواتير ظلمكم
إذهب إلى أهلك يا غلعاد شاليت
فلسنا قتلى لا ولسنا غُزاة. وإن كان الوقت ساعدك بالرجوع إلى أهلك اليوم، فحتماً لن تجده مساعدك غدا، والغد قريب عندما يشتدُّ لنا عود ،وتشتعل في الكرامة عزيمة من جديد، وترانا على تخومكم نسوسكم كالأغنام، سنرى ماذا فعلتم بنا وماذا عليكم لكي تدفعوه لنا، أعطيناكم فرصة للسّلام، قتلتم رابين لأنه أحبَّ زرع وردة على صدر جنديٍّ قاتل باسمكم ، ولكي يعطينا وقتا نذكر جنديّنا أيضا، ونجعل له نصباً تذكاريّاً، قتلتموه لأنكم لا تحبّون السّلام، ولا تريدونه، تدّعون أمام العالم بأنكم تطمعون به، ولكنكم تكذبون جداً، فمن أراد السّلام لا يبني جدارا على طول البلاد، كي يخنق الأرض والإنسان
إذهب إلى أمّك وأهلك الآن يا غلعاد شاليت ، وسنتحمّل منكم ما سيأتي ، وستعلم أنّ الظلم بأهله الى زوال.
* غلعاد شاليت: الجنديّ الإسرائيليّ الذي تمَّ أسره بعمليّة فدائيّة يوم 25/6/2006 من قبل بعض الأذرع العسكريّة الفلسطينيّة في غزّة.