dot
05/07/2006, 01:49
يتبين من التاريخ المكتوب ان المثل الاعلى الذي سير اكبر الكتل الانسانية وجعلها ان تضحي من اجله الغالى والنفيس لم يكن يتعدى عدد اصابع اليد. في البداية كانت الابطال هم الذين يسيرون الكتل البشرية الكبيرة كالاسكندر المقدوني وداريوس وهولاكو، مما جعل بعض المفكرين ان يعتبروا التاريخ الانساني ليس الا تاريخ الابطال. ومن ثم جاءت الاديان السماوية التي كانت فكرة الاله الداعي الى العبادة والخير المقترنة بالمكافئة والعقاب قاعدتها الاساسية والتي تستحق ان يضحى من اجلها الانسان، ولازالت تلعب دورا مهما في هذا الاتجاه.
بدا الشعور القومي وقبل عدة قرون يكون العامل الاساسي في توجيه اندفاع بعض الشعوب وقادتهم والصعوبة في الحفاظ على عدم الخروج من حدود المشاعر القومية النبيلة الى الافكار والسلوك العنصرية جلب للانسانية اكبر المصائب في تاريخها الا وهي الحرب العالمية الاولى والثانية. ومع بروز دور راس المال في تسيير السياسة الدولية بعد الثورة الصناعية ظهرت الشيوعية لتتحدى ليس فقط التاثير السلبي للمادة في توجيه السلوك الانساني بل اهم ما امن به الانسان كالدين والقومية والوطنية. الافتقار الى الاحتياجات الروحية والنفسية للانسان والقسوة في التطبيق اتت بالنهاية المحتومة لهذه الفلسفة بعد سبعة عقود. رغم ان التطور في ادارة الدولة وفي تطبيق القواعد الديمقراطية قد اديا الى تطور العدالة الاجتماعية، بقي راس المال المسير الاساسي لسلوك الدول.
انتشر الشعور القومي في الشرق الاوسط في المراحل الاخيرة للامبراطورية العثمانية وبعد عدة قرون من ظهورها في المجتمعات الاوربية ولعبت الدول الغربية دورا كبيرا في هذه العملية لمحاربة الدولة العثمانية في البداية ولتثبيت نتائج معاهدة سايكس -بيكو بعد سقوطها. (لويس ص۹۱) وكان هذا الشعور الغالب على اهداف الحركات التركية التي ظهرت في بدايات القرن العشرين لمواجهة التحديات الكبيرة والحفاظ على الامبراطورية العثمانية. وبعدها ظهر الشعور القومي عند العرب. وتطور هذا الشعور مع ازدياد التحدي الاسرائيلي وتحول في بعض الحالات الى العنصرية والشوفينية.
بالنسبة لماكدويل ظهر الكرد كقومية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر (ماكدويل ص١٣) اما بالنسبة للويس نشأ الشعور بالهوية وحتى بالقومية عند الكرد في القرن العشرين. (لويس ص۸) وتطور الشعور القومي عندهم تطورا سريعا وغير طبيعيا نتيجة للعديد من العوامل التاريخية والاجتماعية والجغرافية. فيما يلي اهمها:
- للنفوذ في الشرق الاوسط والسيطرة على مواردها الطبيعية اصطنعت الامبراطورية البريطانية في البداية والدول الاستعمارية الاخرى بعد ذلك من الكرد قضية امة متكاملة يستوجب على الغرب الدفاع عنهم.
- التعامل العاطفي للكتاب الغربيين مع الكرد، ومنذ نشوءه كقومية، المتاثرين بسياسة دولهم المبنية على المبدأ المكيافيللي "الغاية تبرر الوسيلة"، جعل الكردي ان يبالغ في وحدة اصله ولسانه وتاريخه وطنه.
- حداثة ترك الكرد الحياة القبلية والبداوة في المرتفعات والجبال العالية (بريطانيكا كوم ۲۰۰۱) وحرمان المجتمع الكردي من التعلم طوال تاريخه والى العقود الاخيرة للقرن الماضي ادت الى نشوء تصورات خيالية عندهم حول كمال عرقهم وعظمتها.
- تزامن ظهور الشعور القومي في الشرق الاوسط في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين مع حداثة ظهور الكرد كقومية.
- تطورت السياسة الكردية تحت الايحاء الغربي المبالغ فيه وفي المحيط الخاطئ الذي اوجده لهم الغرب ونمى عقلية المثقف الكردي على الغبن من ان وطنهم التاريخي الخيالي احتله العرب والفرس والترك. وبعد عزل شمال العراق من الادارة المركزية في تسعينيات القرن الماضي بدأت المدارس البرزانية والطلبانية يدرسون اطفالهم بالاوهام حول تاريخهم ووطنهم.
يقول ماكدويل عن الاعتقاد الخيالى الخاطئ عند الكرد حول تكاملهم القومي: "انه من المشكوك فيه جدا ان يكون الاكراد يكونون مجتمع عرقي منطقي مترابط من ناحية النسب". "عدم وجود ثقافة مدنية كردية وادب قومي كردي في بدايات القرن العشرين كانت يعتبر من العوائق القاتلة في تعريف الكرد كقومية". "في حالة الاكراد، الشعور بالتماسك القومي ينبع من فكرة (من المحتمل زائفة) النسب واللغة المشتركة. يواجه الكرد هنا صعوبة عملية المبنية قسما على عدم وحدة اللغة، والحداثة في نشوء الادب (منذ عشرينيات القرن الماضي) وعدم استعمال كتابة واحدة." (ماكدويل ص۲-٣)
النشوء الغير الطبيعي للشعور القومي الكردي مع الطبيعة العدوانية لسكان جبال زكاروز التي كوّن اللبنات الاساسية في نشوء القومية الكردية ادى الى الاندفاع الغير الطبيعي للاكراد في محاربة الدول التي يتواجدون فيها لارجاع مجدهم الذي اقنعهم الغرب بوجدها في الماضي وبناء الكردستان الكبرى الذي صورها لهم الغرب بانه كان وطن اجدادهم. اصبحوا اداة في ايدي الدول الاستعمارية استنزفوا الدول التي يتواجدون فيها وتعرضوا الى القتل والارهاب.
تتناول هذه المقالة الاصطلاحين كرد وكردستان الذين بعتبران من اهم الاصطلاحات المتعلقة بالكرد والمتعرضة الى درجة كبيرة من التحريف والمبالغة. وتقدم المقالة توضيحا لاصطلاح شهرزور الذي اُسِئ استعمالها من قبل الكثيرين من الكتاب والاخصائيين لصالح الكرد. كما يتناول المقالة البطل الاسلامي صلاح الدين الايوبي باختصار.
اصل الكرد
المتتبع لتطورات تاريخ الشعوب الفارسية يجد الفجوة الكبيرة في التواصل التاريخي واللغوي لمعني ومرادفات كلمة الكرد. منذ اكثر من القرن ونصف القرن يبحث المؤرخون عن اصل الكرد فمنهم من اشار الى الكردوخيين والاخر الى الكورتيين ومن ثم الى الميديين. ومع مرور الزمن نُقِضت جميع هذه النظريات. وفي هذا الشأن يحذر الباحث الالماني باول وايت من الافراط في استعمال كلمة الكرد. ويقول: "ان الصعوبات في تعربف كلمة الكرد تواجه الاكاديميون منذ القِدَم. لايوجد هناك تعريف واحد متفق عليه" (باول وايت).
في ارجاع اصل الكرد الى الكردوخيين، والذي كَثَّرَ الباحثين عن اصل الكرد من ذكرها في نهاية القرن التاسع عشر، يقول مينورسكي في الصحيفة ٢١ من كتابه "الاكراد ملاحظات وانطباعات": "والى الوقت القريب كان الشائع بان الاكراد من ابناء الكردوخيين الذين شاهدهم كزنفون واتصل بهم في سنة ٤۰١ قبل الميلاد عندما قاد العشرة الاف من اليونانيين. وقد تغير هذا الاعتقاد في الفترة الاخيرة حيث ان بعض العلماء المعاصرون يقسمون الشعوب التي لها العلاقة بالاسماء المذكورة الى قسمين: القسم الاول (وبصورة خاصة الكردوخيين) يقول فيهم انهم ليسوا من اصل اري ولكن يعتبرون الكورتيين الذين يعيشون في القسم الشرقي من بلاد الكردوخيين هم من اجداد الكرد". (مينورسكي ص٢١)
اما ماكدويل المؤرخ المعاصر والمختص في تاريخ الكرد يرفض هذا الاستنتاج ويقول: "ان الاصطلاح كورتي كان يطلق على المرتزقة البارثيين والسلوسيين الساكنين في جبال زاخاروس وانه ليس اكيدا اذا كانت تعني لغويا اسما للعرق. ( ماكدويل ص۹)
ويعتقد الاكاديمي مار ان اسم كاردوخي يبين من حيث الهيئة ان هذا الشعب من اصل واحد مع الاورارتيين (الذين كانوا يسمون انفسهم بالخالدين). واما اللغة القديمة فقد تغيرت من اساسها فيما بعد بلغة هندية – اوربية. واما عن علاقة الكورتيين بالكاردوخيين يرى مار بانه من الامور التي يصعب الحكم عليها.
ومع توسع الدراسات حول تاريخ الكرد في القرن العشرين بدأت تنعدم تدريجيا نظرية ارجاع اصل الكرد حتى الى الميديين. يقول برنارد لويس، ۱۹۹۸، في هذا المعني: "لايزال تحديد اصل الاكراد موضع خلاف تاريخي، رغم ادعاء معظم اكاديمي الكرد على الاصل الميدي، الا ان هذا الادعاء يلاقي صعوبة في الاثبات". (لويس ص۸) كما ان البحث الفيزيوكنومي (شكل الراس، الوان العيون، الشعر والبناء الجسمي) اثبت على ان الكرد لايختلف من المجتمعات المحيطة بهم. (ماكدويل ص۹)
يزداد الاعتقاد على ان هذا المصطلح كان يطلق على الشرايح الاجتماعية الخارجة على القانون والهاربة الى اعالي جبال زاكارزو ولفترة اكثر من الفي سنة، ولم يكن يعني اسما للقومية. (ماكدويل ص۱۳) وفي هذا الاستنتاج يمكن الاعتماد على المصادر التالية:
١. تعريف المؤرخ الكبير الطبري لكلمة الكرد في زمن النبي ابراهيم.
"نعم، الكرد هم بدو الفرس، وأَحد منهم اوصى بحرق ابراهيم في النار" (الطبري جلد۲ ص٥٨).
٢. تعريف ماكدويل لمصطلح كورتي الذي كان متداولا قبل اربعة قرون قبل الميلاد. (سبق ذكره)
٣. ماذكره موروني حول الكرد في عصر الفتوحات.
" وجود الاكراد في عصر الفتوحات الاسلامية كانت تسمع عادة من خلال حوادث اللصوصية وقطع الطرق ضد جيرانهم او من خلال التعاون مع قبيلة اخرى في الهجوم على السلطات المركزية." (موروني ص۲٦٥)
٤. وصف ماركو بولو (۱۲٥٤ – ۱۳۲٤) لكلمة الاكراد عند مروره من الموصل. يقول بكينكهام في الصحيفة ۲٩٤ من نفس الكتاب: "الرحالة ماركو بولو (۱۲٥٤ – ۱۳۲٤) مر من الموصل وذكر بانه حصل على كميات كبيرة من الذهب والحرير. وفي تلك الفترة لاحظ بانه في جبال هذه المنطقة توجد مجموعة من الرجال، وسماهم بالكارديس او اكراد، فيهم من النستوريين ويعقوبيين وايضا مسلون، الذين كانوا لصوص عظماء".(بكينكهام ص۲٩٤)
بدا الشعور القومي وقبل عدة قرون يكون العامل الاساسي في توجيه اندفاع بعض الشعوب وقادتهم والصعوبة في الحفاظ على عدم الخروج من حدود المشاعر القومية النبيلة الى الافكار والسلوك العنصرية جلب للانسانية اكبر المصائب في تاريخها الا وهي الحرب العالمية الاولى والثانية. ومع بروز دور راس المال في تسيير السياسة الدولية بعد الثورة الصناعية ظهرت الشيوعية لتتحدى ليس فقط التاثير السلبي للمادة في توجيه السلوك الانساني بل اهم ما امن به الانسان كالدين والقومية والوطنية. الافتقار الى الاحتياجات الروحية والنفسية للانسان والقسوة في التطبيق اتت بالنهاية المحتومة لهذه الفلسفة بعد سبعة عقود. رغم ان التطور في ادارة الدولة وفي تطبيق القواعد الديمقراطية قد اديا الى تطور العدالة الاجتماعية، بقي راس المال المسير الاساسي لسلوك الدول.
انتشر الشعور القومي في الشرق الاوسط في المراحل الاخيرة للامبراطورية العثمانية وبعد عدة قرون من ظهورها في المجتمعات الاوربية ولعبت الدول الغربية دورا كبيرا في هذه العملية لمحاربة الدولة العثمانية في البداية ولتثبيت نتائج معاهدة سايكس -بيكو بعد سقوطها. (لويس ص۹۱) وكان هذا الشعور الغالب على اهداف الحركات التركية التي ظهرت في بدايات القرن العشرين لمواجهة التحديات الكبيرة والحفاظ على الامبراطورية العثمانية. وبعدها ظهر الشعور القومي عند العرب. وتطور هذا الشعور مع ازدياد التحدي الاسرائيلي وتحول في بعض الحالات الى العنصرية والشوفينية.
بالنسبة لماكدويل ظهر الكرد كقومية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر (ماكدويل ص١٣) اما بالنسبة للويس نشأ الشعور بالهوية وحتى بالقومية عند الكرد في القرن العشرين. (لويس ص۸) وتطور الشعور القومي عندهم تطورا سريعا وغير طبيعيا نتيجة للعديد من العوامل التاريخية والاجتماعية والجغرافية. فيما يلي اهمها:
- للنفوذ في الشرق الاوسط والسيطرة على مواردها الطبيعية اصطنعت الامبراطورية البريطانية في البداية والدول الاستعمارية الاخرى بعد ذلك من الكرد قضية امة متكاملة يستوجب على الغرب الدفاع عنهم.
- التعامل العاطفي للكتاب الغربيين مع الكرد، ومنذ نشوءه كقومية، المتاثرين بسياسة دولهم المبنية على المبدأ المكيافيللي "الغاية تبرر الوسيلة"، جعل الكردي ان يبالغ في وحدة اصله ولسانه وتاريخه وطنه.
- حداثة ترك الكرد الحياة القبلية والبداوة في المرتفعات والجبال العالية (بريطانيكا كوم ۲۰۰۱) وحرمان المجتمع الكردي من التعلم طوال تاريخه والى العقود الاخيرة للقرن الماضي ادت الى نشوء تصورات خيالية عندهم حول كمال عرقهم وعظمتها.
- تزامن ظهور الشعور القومي في الشرق الاوسط في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين مع حداثة ظهور الكرد كقومية.
- تطورت السياسة الكردية تحت الايحاء الغربي المبالغ فيه وفي المحيط الخاطئ الذي اوجده لهم الغرب ونمى عقلية المثقف الكردي على الغبن من ان وطنهم التاريخي الخيالي احتله العرب والفرس والترك. وبعد عزل شمال العراق من الادارة المركزية في تسعينيات القرن الماضي بدأت المدارس البرزانية والطلبانية يدرسون اطفالهم بالاوهام حول تاريخهم ووطنهم.
يقول ماكدويل عن الاعتقاد الخيالى الخاطئ عند الكرد حول تكاملهم القومي: "انه من المشكوك فيه جدا ان يكون الاكراد يكونون مجتمع عرقي منطقي مترابط من ناحية النسب". "عدم وجود ثقافة مدنية كردية وادب قومي كردي في بدايات القرن العشرين كانت يعتبر من العوائق القاتلة في تعريف الكرد كقومية". "في حالة الاكراد، الشعور بالتماسك القومي ينبع من فكرة (من المحتمل زائفة) النسب واللغة المشتركة. يواجه الكرد هنا صعوبة عملية المبنية قسما على عدم وحدة اللغة، والحداثة في نشوء الادب (منذ عشرينيات القرن الماضي) وعدم استعمال كتابة واحدة." (ماكدويل ص۲-٣)
النشوء الغير الطبيعي للشعور القومي الكردي مع الطبيعة العدوانية لسكان جبال زكاروز التي كوّن اللبنات الاساسية في نشوء القومية الكردية ادى الى الاندفاع الغير الطبيعي للاكراد في محاربة الدول التي يتواجدون فيها لارجاع مجدهم الذي اقنعهم الغرب بوجدها في الماضي وبناء الكردستان الكبرى الذي صورها لهم الغرب بانه كان وطن اجدادهم. اصبحوا اداة في ايدي الدول الاستعمارية استنزفوا الدول التي يتواجدون فيها وتعرضوا الى القتل والارهاب.
تتناول هذه المقالة الاصطلاحين كرد وكردستان الذين بعتبران من اهم الاصطلاحات المتعلقة بالكرد والمتعرضة الى درجة كبيرة من التحريف والمبالغة. وتقدم المقالة توضيحا لاصطلاح شهرزور الذي اُسِئ استعمالها من قبل الكثيرين من الكتاب والاخصائيين لصالح الكرد. كما يتناول المقالة البطل الاسلامي صلاح الدين الايوبي باختصار.
اصل الكرد
المتتبع لتطورات تاريخ الشعوب الفارسية يجد الفجوة الكبيرة في التواصل التاريخي واللغوي لمعني ومرادفات كلمة الكرد. منذ اكثر من القرن ونصف القرن يبحث المؤرخون عن اصل الكرد فمنهم من اشار الى الكردوخيين والاخر الى الكورتيين ومن ثم الى الميديين. ومع مرور الزمن نُقِضت جميع هذه النظريات. وفي هذا الشأن يحذر الباحث الالماني باول وايت من الافراط في استعمال كلمة الكرد. ويقول: "ان الصعوبات في تعربف كلمة الكرد تواجه الاكاديميون منذ القِدَم. لايوجد هناك تعريف واحد متفق عليه" (باول وايت).
في ارجاع اصل الكرد الى الكردوخيين، والذي كَثَّرَ الباحثين عن اصل الكرد من ذكرها في نهاية القرن التاسع عشر، يقول مينورسكي في الصحيفة ٢١ من كتابه "الاكراد ملاحظات وانطباعات": "والى الوقت القريب كان الشائع بان الاكراد من ابناء الكردوخيين الذين شاهدهم كزنفون واتصل بهم في سنة ٤۰١ قبل الميلاد عندما قاد العشرة الاف من اليونانيين. وقد تغير هذا الاعتقاد في الفترة الاخيرة حيث ان بعض العلماء المعاصرون يقسمون الشعوب التي لها العلاقة بالاسماء المذكورة الى قسمين: القسم الاول (وبصورة خاصة الكردوخيين) يقول فيهم انهم ليسوا من اصل اري ولكن يعتبرون الكورتيين الذين يعيشون في القسم الشرقي من بلاد الكردوخيين هم من اجداد الكرد". (مينورسكي ص٢١)
اما ماكدويل المؤرخ المعاصر والمختص في تاريخ الكرد يرفض هذا الاستنتاج ويقول: "ان الاصطلاح كورتي كان يطلق على المرتزقة البارثيين والسلوسيين الساكنين في جبال زاخاروس وانه ليس اكيدا اذا كانت تعني لغويا اسما للعرق. ( ماكدويل ص۹)
ويعتقد الاكاديمي مار ان اسم كاردوخي يبين من حيث الهيئة ان هذا الشعب من اصل واحد مع الاورارتيين (الذين كانوا يسمون انفسهم بالخالدين). واما اللغة القديمة فقد تغيرت من اساسها فيما بعد بلغة هندية – اوربية. واما عن علاقة الكورتيين بالكاردوخيين يرى مار بانه من الامور التي يصعب الحكم عليها.
ومع توسع الدراسات حول تاريخ الكرد في القرن العشرين بدأت تنعدم تدريجيا نظرية ارجاع اصل الكرد حتى الى الميديين. يقول برنارد لويس، ۱۹۹۸، في هذا المعني: "لايزال تحديد اصل الاكراد موضع خلاف تاريخي، رغم ادعاء معظم اكاديمي الكرد على الاصل الميدي، الا ان هذا الادعاء يلاقي صعوبة في الاثبات". (لويس ص۸) كما ان البحث الفيزيوكنومي (شكل الراس، الوان العيون، الشعر والبناء الجسمي) اثبت على ان الكرد لايختلف من المجتمعات المحيطة بهم. (ماكدويل ص۹)
يزداد الاعتقاد على ان هذا المصطلح كان يطلق على الشرايح الاجتماعية الخارجة على القانون والهاربة الى اعالي جبال زاكارزو ولفترة اكثر من الفي سنة، ولم يكن يعني اسما للقومية. (ماكدويل ص۱۳) وفي هذا الاستنتاج يمكن الاعتماد على المصادر التالية:
١. تعريف المؤرخ الكبير الطبري لكلمة الكرد في زمن النبي ابراهيم.
"نعم، الكرد هم بدو الفرس، وأَحد منهم اوصى بحرق ابراهيم في النار" (الطبري جلد۲ ص٥٨).
٢. تعريف ماكدويل لمصطلح كورتي الذي كان متداولا قبل اربعة قرون قبل الميلاد. (سبق ذكره)
٣. ماذكره موروني حول الكرد في عصر الفتوحات.
" وجود الاكراد في عصر الفتوحات الاسلامية كانت تسمع عادة من خلال حوادث اللصوصية وقطع الطرق ضد جيرانهم او من خلال التعاون مع قبيلة اخرى في الهجوم على السلطات المركزية." (موروني ص۲٦٥)
٤. وصف ماركو بولو (۱۲٥٤ – ۱۳۲٤) لكلمة الاكراد عند مروره من الموصل. يقول بكينكهام في الصحيفة ۲٩٤ من نفس الكتاب: "الرحالة ماركو بولو (۱۲٥٤ – ۱۳۲٤) مر من الموصل وذكر بانه حصل على كميات كبيرة من الذهب والحرير. وفي تلك الفترة لاحظ بانه في جبال هذه المنطقة توجد مجموعة من الرجال، وسماهم بالكارديس او اكراد، فيهم من النستوريين ويعقوبيين وايضا مسلون، الذين كانوا لصوص عظماء".(بكينكهام ص۲٩٤)