dot
05/07/2006, 02:12
سليم حيدر الموسوي
تعتبر كركوك من اكثر المدن العراقية تركمانية من ناحية تاريخ القرون الاخيرة ومن ناحية التواجد التركماني في المدينة ومراكزها الحضرية ومن ناحية التأثير الثقافي وحضور اللغة التركمانية حتى بين غير التركمان من اكراد وعرب وسريان. رغم هذا فأن المشاريع القومية الكردوية تصر على اعتبار هذه المدينة جزءا من كردستان الكبرى، بل راحوا يطلقون عليها (قدس الاكراد) (وهذا يخفي قصدا
خبيثا يعني ان العراقيين والتركمان ذاتا مثل الاسرائليين الذين اغتصبوا القدس)!! تاريخ كركوك منذ القدم كانت كركوك جزءاٌ من بلاد الرافدين. أقدم ذكر ورد لها باسم (ارابخا) في التقويم الجغرافي الشهير عن ممتلكات الملك سرجون الأكدي (253-2473) ق.م. هناك من يعتقد أن اسم -كركوك - أتى من السومرية بمعنى العمل العظيم ( كار-عمل، كوك= قح - عظيم). يبدأ تاريخ مدينة كركوك مع انبثاق-
النار الأزلية عام 550 ق.م في العهد الكلداني. من المعروف أن هذه النار، التي لازالت حتى يومنا هذا في "بابا كركر" تتشكل من الغازات النفطية المنبعثة من باطن الأرض. منذ ذلك التاريخ بنيت المدينة تقديساٌ لهذه النار، وقريباٌ من الماء والكلأ المنتشر في المنطقة. وتحولت الى مركز لعبادة الاله "حدد" السامي العراقي. بعد احتلال الاسكندر المقدوني للرافدين عام 331 ق.م. تحولت المنطقة الى مركز لنشاط القائد الاغريقي سلوقوس الذي بنى فيها منطقة عسكرية سميت -كرخ سلوقايا- أي قلعة السلوقيين ومنها ربما أتى اسم "كركوك". في العصر الايراني الساساني، تحولت كركوك الى مركز رئيسي للمسيحية النسطورية السريانية التي انتشرت في بلاد الرافدين قادمة من سوريا. واطلق على اسقفية كركوك اسم- بيت جرماي - وقام الأباطرة الساسانيين بعدة مذابح شهيرة ضد النساطرة واشرسها في القرن الرابع الميلادي، راح ضحيتها عدة آلاف من السكان. في القرن السادس تمكن "يزيدن" أحد القادة السريان أن يكون أميراٌ على المدينة حتى سميت باسمه /كرخا
يزيدن/. في كركوك بنيت واحدة من أقدم الكنائس في التاريخ عام 470 ميلادي، وظلت هذه الكنيسة حتى فجرها الاتراك بعد انسحابهم عام 1918. ويعتقد أن جامع النبي دانيال المعروف في المنطقة قد أقيم محل كنيسة نسطورية قديمة ظلت قائمة حتى عام1700 م. بعد تكوين ولاية الموصل عام 1879 تبعت كركوك هذه الولاية. عام1918 فصلت عن كركوك ثلاثة أقضية لتكوين لواء أربيل. أما بالنسبة للتركمان القاطنين في المنطقة فهم من بقايا عدة مجاميع بدأت تستقر منذ القرن الثامن قبل الميلاد واستمر مع السلاجقة والاتابكة والعثمانيين، وقد امتزجوا بالسكان السريان والعرب وحملوا ميراثهم الحضاري رغم تمايزهم اللغوي. علما بان اللغة التركمانية هي الشائعة بين سكان مدينة كركوك حتى بين غير التركمان من عرب واكراد وسريان. يبلغ عدد سكان كركوك حالياٌ النصف مليون تقريباٌ بنسب عددية شبه متقاربة من الأكراد والتركمان مع نسبة أكبر من العرب تزداد مع الأعوام بحكم سياسة التعريب التي اتبعتها الحكومات العراقية، بالإضافة الى بضعة آلاف من السريان الكلدان والنساطرة. نظرة موضوعية الى واقع وتاريخ منطقة كركوك* لقد أصبح الواقع القومي لمنطقة كركوك مدار تجاذب شديد اعترته للأسف حوادث عنف مأساوية. وقد دأب الكثيرون من سياسيي الأكراد ومثقفيهم الى محاولات اثبات أن كركوك لم تكن تحوي
في أي يوم من الايام أغلبية تركمانية. ويستشهد هؤلاء عادة بمؤلفات ذات مصدر بريطاني، دبجت أثناء مفاوضات ولاية الموصل أعقاب الحرب العالمية الأولى أو بمؤلفات بعض الاكراد أنفسهم، كما لاحظنا أن معظم الكتاب الأكراد يستشهدون كحقيقة مسلم بها بمؤلف قاموس الأعلام لشمس الدين سامي، والذي يعتبرونه موسوعة تاريخية وجغرافية عثمانية مهمة. اذ ذكر فيه بأن ثلاثة أرباع أهالي كركوك هم من
الكرد والبقية من الترك والعرب وغيرهم. وقد اعتمد الدكتور نوري الطالباني في مؤلفه الموسوم (منطقة كركوك ومحاولات تغيير واقعها القومي) نفس الاتجاه، فقد ذكر انه اعتمد في سرد المعلومات عن تاريخ المنطقة وماضيها وجغرافيتها وعلميتها الخالصة، تركية كانت أو عربية أو كردية أو غربية، واستطرد قائلا، بأن مؤلف الموسوعة العثمانية (قاموس الاعلام) هو المؤرخ التركي شمس الدين سامي الذي زار
منطقة كركوك قبل قرن من الزمان ودون معلومات دقيقة عنها لا يمكن أن يكون مناصرا للكرد. وللحقيقة فأن المرحوم شمس الدين سامي ليس تركيا بل هو ألباني، ولد بألبانيا سنة 1226 للهجرة ودرس في المدرسة المتوسطة اليونانية في يانية، وتعلم التركية والفارسية والعربية على يد مدرسين خصوصيين، ثم انتقل الى اسطنبول وانصرف الى الصحافة فأسس جريدة (صباح) اليومية وبدأ يكتب القصص فالف قصة
(معاشقت طلعت وفطنت) والتي نقض بها نظام الزواج في الدولة العثمانية، وألف قصة (ثورة كاوة الحداد على الطاغية ضحاك) فأبعد الى طرابلس الغرب. ولما عاد من المنفى انصرف الى تأليف القواميس اللغوية والاعلامية. وللحقيقة أيضا فأن المرحوم سامي لم يكن رحالة أيضا فهو لم يزر كركوك ولا بغداد التي كتب عنها وتشير الانسكلوبيديا الاسلامية بوضوح أن مواد القاموس مستقاة من كتاب Dictionnaire d histore et de geograpie universel لمؤلفه Bouillet في حين اعتمد المؤلف على بعض المراجع العربية والفارسية وبعض الوثائق والتقارير من الولايات العثمانية وغير المدققة لاضافة مواد عن المدن الشرقية والعثمانية التي لم يتناولها المؤلف المذكور. ولو أردنا الاعتماد على دقة معلوماته فان من الواجب اعتبار مدينة بغداد تركية بالكامل، فهو يذكر أن اللغة التركية في بغداد كانت في الدرجة الأولى وفي الدرجة الثانية العربية. ان أغلب المراجع الموثوقة تشير الى كون كركوك منطقة تركمانية خالصة،
تعتبر كركوك من اكثر المدن العراقية تركمانية من ناحية تاريخ القرون الاخيرة ومن ناحية التواجد التركماني في المدينة ومراكزها الحضرية ومن ناحية التأثير الثقافي وحضور اللغة التركمانية حتى بين غير التركمان من اكراد وعرب وسريان. رغم هذا فأن المشاريع القومية الكردوية تصر على اعتبار هذه المدينة جزءا من كردستان الكبرى، بل راحوا يطلقون عليها (قدس الاكراد) (وهذا يخفي قصدا
خبيثا يعني ان العراقيين والتركمان ذاتا مثل الاسرائليين الذين اغتصبوا القدس)!! تاريخ كركوك منذ القدم كانت كركوك جزءاٌ من بلاد الرافدين. أقدم ذكر ورد لها باسم (ارابخا) في التقويم الجغرافي الشهير عن ممتلكات الملك سرجون الأكدي (253-2473) ق.م. هناك من يعتقد أن اسم -كركوك - أتى من السومرية بمعنى العمل العظيم ( كار-عمل، كوك= قح - عظيم). يبدأ تاريخ مدينة كركوك مع انبثاق-
النار الأزلية عام 550 ق.م في العهد الكلداني. من المعروف أن هذه النار، التي لازالت حتى يومنا هذا في "بابا كركر" تتشكل من الغازات النفطية المنبعثة من باطن الأرض. منذ ذلك التاريخ بنيت المدينة تقديساٌ لهذه النار، وقريباٌ من الماء والكلأ المنتشر في المنطقة. وتحولت الى مركز لعبادة الاله "حدد" السامي العراقي. بعد احتلال الاسكندر المقدوني للرافدين عام 331 ق.م. تحولت المنطقة الى مركز لنشاط القائد الاغريقي سلوقوس الذي بنى فيها منطقة عسكرية سميت -كرخ سلوقايا- أي قلعة السلوقيين ومنها ربما أتى اسم "كركوك". في العصر الايراني الساساني، تحولت كركوك الى مركز رئيسي للمسيحية النسطورية السريانية التي انتشرت في بلاد الرافدين قادمة من سوريا. واطلق على اسقفية كركوك اسم- بيت جرماي - وقام الأباطرة الساسانيين بعدة مذابح شهيرة ضد النساطرة واشرسها في القرن الرابع الميلادي، راح ضحيتها عدة آلاف من السكان. في القرن السادس تمكن "يزيدن" أحد القادة السريان أن يكون أميراٌ على المدينة حتى سميت باسمه /كرخا
يزيدن/. في كركوك بنيت واحدة من أقدم الكنائس في التاريخ عام 470 ميلادي، وظلت هذه الكنيسة حتى فجرها الاتراك بعد انسحابهم عام 1918. ويعتقد أن جامع النبي دانيال المعروف في المنطقة قد أقيم محل كنيسة نسطورية قديمة ظلت قائمة حتى عام1700 م. بعد تكوين ولاية الموصل عام 1879 تبعت كركوك هذه الولاية. عام1918 فصلت عن كركوك ثلاثة أقضية لتكوين لواء أربيل. أما بالنسبة للتركمان القاطنين في المنطقة فهم من بقايا عدة مجاميع بدأت تستقر منذ القرن الثامن قبل الميلاد واستمر مع السلاجقة والاتابكة والعثمانيين، وقد امتزجوا بالسكان السريان والعرب وحملوا ميراثهم الحضاري رغم تمايزهم اللغوي. علما بان اللغة التركمانية هي الشائعة بين سكان مدينة كركوك حتى بين غير التركمان من عرب واكراد وسريان. يبلغ عدد سكان كركوك حالياٌ النصف مليون تقريباٌ بنسب عددية شبه متقاربة من الأكراد والتركمان مع نسبة أكبر من العرب تزداد مع الأعوام بحكم سياسة التعريب التي اتبعتها الحكومات العراقية، بالإضافة الى بضعة آلاف من السريان الكلدان والنساطرة. نظرة موضوعية الى واقع وتاريخ منطقة كركوك* لقد أصبح الواقع القومي لمنطقة كركوك مدار تجاذب شديد اعترته للأسف حوادث عنف مأساوية. وقد دأب الكثيرون من سياسيي الأكراد ومثقفيهم الى محاولات اثبات أن كركوك لم تكن تحوي
في أي يوم من الايام أغلبية تركمانية. ويستشهد هؤلاء عادة بمؤلفات ذات مصدر بريطاني، دبجت أثناء مفاوضات ولاية الموصل أعقاب الحرب العالمية الأولى أو بمؤلفات بعض الاكراد أنفسهم، كما لاحظنا أن معظم الكتاب الأكراد يستشهدون كحقيقة مسلم بها بمؤلف قاموس الأعلام لشمس الدين سامي، والذي يعتبرونه موسوعة تاريخية وجغرافية عثمانية مهمة. اذ ذكر فيه بأن ثلاثة أرباع أهالي كركوك هم من
الكرد والبقية من الترك والعرب وغيرهم. وقد اعتمد الدكتور نوري الطالباني في مؤلفه الموسوم (منطقة كركوك ومحاولات تغيير واقعها القومي) نفس الاتجاه، فقد ذكر انه اعتمد في سرد المعلومات عن تاريخ المنطقة وماضيها وجغرافيتها وعلميتها الخالصة، تركية كانت أو عربية أو كردية أو غربية، واستطرد قائلا، بأن مؤلف الموسوعة العثمانية (قاموس الاعلام) هو المؤرخ التركي شمس الدين سامي الذي زار
منطقة كركوك قبل قرن من الزمان ودون معلومات دقيقة عنها لا يمكن أن يكون مناصرا للكرد. وللحقيقة فأن المرحوم شمس الدين سامي ليس تركيا بل هو ألباني، ولد بألبانيا سنة 1226 للهجرة ودرس في المدرسة المتوسطة اليونانية في يانية، وتعلم التركية والفارسية والعربية على يد مدرسين خصوصيين، ثم انتقل الى اسطنبول وانصرف الى الصحافة فأسس جريدة (صباح) اليومية وبدأ يكتب القصص فالف قصة
(معاشقت طلعت وفطنت) والتي نقض بها نظام الزواج في الدولة العثمانية، وألف قصة (ثورة كاوة الحداد على الطاغية ضحاك) فأبعد الى طرابلس الغرب. ولما عاد من المنفى انصرف الى تأليف القواميس اللغوية والاعلامية. وللحقيقة أيضا فأن المرحوم سامي لم يكن رحالة أيضا فهو لم يزر كركوك ولا بغداد التي كتب عنها وتشير الانسكلوبيديا الاسلامية بوضوح أن مواد القاموس مستقاة من كتاب Dictionnaire d histore et de geograpie universel لمؤلفه Bouillet في حين اعتمد المؤلف على بعض المراجع العربية والفارسية وبعض الوثائق والتقارير من الولايات العثمانية وغير المدققة لاضافة مواد عن المدن الشرقية والعثمانية التي لم يتناولها المؤلف المذكور. ولو أردنا الاعتماد على دقة معلوماته فان من الواجب اعتبار مدينة بغداد تركية بالكامل، فهو يذكر أن اللغة التركية في بغداد كانت في الدرجة الأولى وفي الدرجة الثانية العربية. ان أغلب المراجع الموثوقة تشير الى كون كركوك منطقة تركمانية خالصة،