dot
11/08/2006, 16:25
بقلم: د. وفاء سلطان
تزعم أسطورة صينية بأن غولاً كبيراً تربع على قمة جبل وتربّص بقرية هادئة وديعة تغفو على سفحه. كلما خرج إنسان من بيته قاصداً عمله، كان هذا الغول يزمجر من عليائه فيلقي الرعب في قلبه ويرده على عقبيه. أخيراً، تحولت القرية بكاملها إلى وكرٍ حَشرَ الناسُ أنفسهم فيهِ يقتلهم خوفهم وجبنهم، وينهشهم جوعهم ومرضهم. كان زعيم القرية شيخاً مســناً جباناً لم يُؤتَ من الحكمة قدراً ولا من العلم نذراً. ولما عجز عن مواجهة الأمر لجأ إلى ساحرة تعيش في أحد الكهوف أملاً في أن يجد لديها حلاً.
قالت الساحرة: آتني برجلين منكم كي أجعل منهما غولين عندئذٍ يصبح بمقدورهما أن يتحديا ذلك الغول، ولكن لن أخفي عنك سراً، إن باستطاعتي أن أحوّل الإنسان إلى غول لكنني لا أستطيع أن أفعل العكس، إذ ليس بمقدوري أن أجعل من الغول إنساناً!
في الصباح الباكر، توجه شابان شجاعان إلى كهف الساحرة. ونامتِ القرية على زمجرة غول لتستيقظ على هدير غولين!!
في العدد 303 من صحيفة العالم العربي الصادرة في لوس أنجلوس كتب الشيخ بلال حلاق في سياق رده على سؤال: "بعض الناس وهم على غير الإسلام يكرمون الضيف ويغيثون الملهوفين، هؤلاء إن أسلموا يُكتب لهم حسناتهم التي يعملونها بعد إسلامهم وأعمال الخير التي كانوا يعملونها وهم على الكفر كالصدقة وقرى الضيف وإغاثة الملهوف والإحسان إلى الأرامل. أما إن لم يسلم فمهما كان يرحم المساكين ويغيث الملهوفين ويعطف على الأيتام فليس له شيء، فمن قال إنّ له ثواباً يكفر لأنه كذّب القرآن."
تعالوا نتخيل معاً رجلاً وضع في الفناء الخلفي لحديقة بيته برميلاً كبيراً لجمع القمامة، وكلما عثر في بيته أو في حديقته الأمامية على نفاية تشوّه جماله أو تلوّث نظافته، أخذها وألقاها في ذلك البرميل. قضى حياته يجمع قاذوراته دون أن يفكر يوماً بالتخلص منها أو أن يسمح لعامل التنظيفات بتفريغ البرميل. النفايات ستتراكم وتتخمر؛ ستنمو عليها الجراثيم والفطور فتنشر في الجو سموماً تعود لتدخل بيته من خلال النوافذ لتتسرب عبر الهواء إلى رئتيه ومن ثم إلى جسده كله.
يُنهك المرض جسد ذلك الإنسان ويشـلّه دون أن يدرك أنه قد حفر قبره بيديه!
ينطبق هذا المثال تماماً على الصحة النفسية والعقلية للإنسـان، حيث أن للعقل (القوى العليا الضابطة) حيّزان: حيّز الوعي وهو الحديقة الأمامية للبيت، وحيّز اللاوعي وهو الفناء الخلفي.
تستمد أية فكرة شرعيتها ومنطقها من قابليتها للتطبيق العملي والآثار الإيجابية لهذا التطبيق. عندما يتبنى الإنسان فكرة ـ أية فكرة ـ ويؤمن بها في ساحة وعيه، يحاول جاهداً تطبيق تلك الفكرة على واقعه، وعندما يستحيل هذا التطبيق لكون تلك الفكرة وهمية غير منطقية، يبدأ آنذاك الصراع في حيّز الوعي، صراعٌ لا يجد الإنسان له حلاً إلا بقلع تلك الفكرة من حديقة بيته الأمامية (حيّز وعيه) ثم إلقائها في حيّز اللاوعي (برميل القمامة في حديقته الخلفية) وتركهـا هناك.
هو ينســاها، لكنّهــا لا تنســاه إذ تعود عاجلاً أم آجلاً إلى حيّز وعيه على شكل ضغوط وأمراض نفسية لتخرب جهازه العقلي فتحوّله إلى مريض منهكٍ عاجزٍ عن فهم وضعه وما آلت إليه حالته!
عندما يزرع الشيخ بلال وأمثاله في عقل الطفل المسلم منذ نعومة أظفاره بأن الله لا يقبل صدقة أو إغاثة حتى ولو كانت لامرأة أرملة أو طفل يتيم لأنها صدرت عن إنسان غير مسلم، ما الذي يحدث؟!!
يكبر هذا الطفل ليصبح رجلاً ملتزماً بدينه وتعليمات شيخه!. يتطلّب التزامه الديني (كأي رجل ملتزم بدينه) أن يرفض ما يرفضه الله.
هنا يبدأ الصراع!.. كيف يرفض إغاثــةً من غير مســلم بينما هو يعيش عمليـاً على تلك الإغاثة؟!!.. أكله، شــرابه، لباسـه، دواؤه، لقاحاتــه، أســلحته، كتبــه، معدّاتــه.. كلهـا مصنوعة بأيد غير مســلمة ولو رفضها لتــاهَ في الصحراء لا يجد ناقة يمتطيهــا ولا خيمة يأوي إليها!
لا يحمّل الله نفسـاً إلا وسـعها، لذلك لا يمكن أن يفرض سبحانه على مخلوق فكرة غير قابلةٍ للتطبيق الحياتي، وبالتالي فاقدة لشرعيتها ومنطقيتها، كي لا يشرخ عقل الإنسان ويفقده منطقه وصوابه. أمّا أن يقنع الله أتباعَ دينٍ بأنه لا يقبل عملاً خيّراً إلا منهم ثم يضعهم في حالة مزرية يحتاجون فيها إلى كل عمل خير من غيرهم فلا شكّ بأنه أمرُ يتعارض مع عدله وحكمته!!
كيف يستطيع مؤمن أن يقبل ما يرفضه الله؟!
"ســالك" طبيب يهودي أوجد لقاحاً ضد شلل الأطفال وحرر البشرية من براثن هذا المرض الخطير. لا يوجد مسلم في العالم إلا وتجري في عروقه جرعة من هذا اللقاح. لا يوجد بلد إسلامي في العالم يحضّر هذا اللقاح في مخابره؛ يصل إلينا جاهزاً ومجاناً من منظمة الصحة العالمية. لو رفضنا تلك الإغاثة باعتبارها من مصدر غير إسلامي، ناهيكم عن غيره من اللقاحات والأدوية، لحصدتنا الحمى الصفراء والجدري والطاعون والجذام وشلل الأطفال وغيرها..
طرحُ الشيخ بلال لا يقتصر على تلك الخطورة بل يتعداها ليصبح إرهاباً يشلّ عقل المسلم وقوى تفكيره عندما يقول: "ومن قال أن إنّ له ثواباً يكفرُ لأنه كذّب القرآن"!
يتّخذ القرآن ذريعة كي يُثبتً صحة ادّعاءاته دون أن يشرح بالتفصيل في أيّة آيةِ وردت هذه الفكرة. إنه يدرك من خلال النظام العقائدي والتربوي القمعي السائد في البلاد الإسلامية بأن على المسلم أن ينفّذ دون أن يعترض ويُقاد دون أن يفكّر. لذلك، وبسهولة متناهية، يقحم القرآن في حديثه كي يفوّت على كل مسلم الفرصة كي يفكّر، أو يشكّ، أو يتساءل. هنا يزداد الإنسـان صراعاً مع نفسه ويختنق برميل قمامته بقاذورات رماها فيه هؤلاء السحرة لتعود بعد ذلك إلى حيّز وعيه بشكل ضغوط يعجز المسلم تحت وطأتها عن إقامة أية علاقة إنسانية ناجحة مع الطرف الآخر!
كيف سنثبت للعالم بأن الإسلام دين تسـامح؟!! هل يستطيع الشـيخ بلال أن يسامح جاره غير المسلم وهو يؤمن في قرارة نفسه أنّ الله لا يسامحه حتى ولو أغاث امرأة أرملة أو تصدّق على طفل يتيم؟!!.. هل يستطيع أن يقبل ما يقول هو نفسه بأنّ الله يرفضه؟.. هل يســتطيع أن يرفض ما يحتاج إليه؟!..
إن الصراع بين الرفض والقبول وحده يكفي لصدع عقل المسلم، فهل يمكن أن تُبنى أمة سليمةٌ معافاةٌ من أناس ذوي عقولٍ متصدّعة؟..
العالم اليوم يسعى لأن يكون عائلة واحدة، كل فردٍ فيها معنيّ بقبول الفرد الآخر، ولذلك يحتاج المسلمون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى عقلائهم وحكمائهم ومفكريهم كي يسدّوا الطريق أمام هؤلاء السحرة وينقذوا الأمة من براثن غيلانها!
لنصغِ إلى خطبة الجمعة في أي بلدٍ إسلامي لا على التعيين، ماذا نسمع؟!
اللهمّ دمّر.. اللهم احرق.. اللهم اقتل.. اللهم رمّل.. اللهم يتِّم.. اللهم شـرِّد!.. ماذا يبقى لأمةٍ يتعســكر رجال دينها؟..
سـئِلَ بيكاسـو مرة: ما ســرُّ إبداعكَ؟ قال: قبل أن أهمّ بالدخول إلى مرسـمي أخلع جسدي على عتبته كما يخلع المسلم حذاءه على عتبة مسجده.
لم نعد بحاجة إلى خلع أحذيتنـا!.. علينا أن نخلع أجسادنا.. أحقادنا.. أسلحتنا.. وندخله مجردين إلا من أرواحنا!..
يخاطب شاعر أفغاني طفله بقوله:
"يا بني إنّ للحمام عيوناً جميلة..
"ولكن الصقور تملك السـماء..
"اقلع عينيك الجميلتين..
"وانبت لك مخالبــاً!"
ولنا أن نتصوّر مستقبل أمّةٍ تصبح بكاملهـا مفقوءة العيون حادة المخالب!..
ربّوا الصقـور!.. لا أحد يستطيع أن يلومكم على ذلك، ولكن اتركوا للحمام عيونه!!
تزعم أسطورة صينية بأن غولاً كبيراً تربع على قمة جبل وتربّص بقرية هادئة وديعة تغفو على سفحه. كلما خرج إنسان من بيته قاصداً عمله، كان هذا الغول يزمجر من عليائه فيلقي الرعب في قلبه ويرده على عقبيه. أخيراً، تحولت القرية بكاملها إلى وكرٍ حَشرَ الناسُ أنفسهم فيهِ يقتلهم خوفهم وجبنهم، وينهشهم جوعهم ومرضهم. كان زعيم القرية شيخاً مســناً جباناً لم يُؤتَ من الحكمة قدراً ولا من العلم نذراً. ولما عجز عن مواجهة الأمر لجأ إلى ساحرة تعيش في أحد الكهوف أملاً في أن يجد لديها حلاً.
قالت الساحرة: آتني برجلين منكم كي أجعل منهما غولين عندئذٍ يصبح بمقدورهما أن يتحديا ذلك الغول، ولكن لن أخفي عنك سراً، إن باستطاعتي أن أحوّل الإنسان إلى غول لكنني لا أستطيع أن أفعل العكس، إذ ليس بمقدوري أن أجعل من الغول إنساناً!
في الصباح الباكر، توجه شابان شجاعان إلى كهف الساحرة. ونامتِ القرية على زمجرة غول لتستيقظ على هدير غولين!!
في العدد 303 من صحيفة العالم العربي الصادرة في لوس أنجلوس كتب الشيخ بلال حلاق في سياق رده على سؤال: "بعض الناس وهم على غير الإسلام يكرمون الضيف ويغيثون الملهوفين، هؤلاء إن أسلموا يُكتب لهم حسناتهم التي يعملونها بعد إسلامهم وأعمال الخير التي كانوا يعملونها وهم على الكفر كالصدقة وقرى الضيف وإغاثة الملهوف والإحسان إلى الأرامل. أما إن لم يسلم فمهما كان يرحم المساكين ويغيث الملهوفين ويعطف على الأيتام فليس له شيء، فمن قال إنّ له ثواباً يكفر لأنه كذّب القرآن."
تعالوا نتخيل معاً رجلاً وضع في الفناء الخلفي لحديقة بيته برميلاً كبيراً لجمع القمامة، وكلما عثر في بيته أو في حديقته الأمامية على نفاية تشوّه جماله أو تلوّث نظافته، أخذها وألقاها في ذلك البرميل. قضى حياته يجمع قاذوراته دون أن يفكر يوماً بالتخلص منها أو أن يسمح لعامل التنظيفات بتفريغ البرميل. النفايات ستتراكم وتتخمر؛ ستنمو عليها الجراثيم والفطور فتنشر في الجو سموماً تعود لتدخل بيته من خلال النوافذ لتتسرب عبر الهواء إلى رئتيه ومن ثم إلى جسده كله.
يُنهك المرض جسد ذلك الإنسان ويشـلّه دون أن يدرك أنه قد حفر قبره بيديه!
ينطبق هذا المثال تماماً على الصحة النفسية والعقلية للإنسـان، حيث أن للعقل (القوى العليا الضابطة) حيّزان: حيّز الوعي وهو الحديقة الأمامية للبيت، وحيّز اللاوعي وهو الفناء الخلفي.
تستمد أية فكرة شرعيتها ومنطقها من قابليتها للتطبيق العملي والآثار الإيجابية لهذا التطبيق. عندما يتبنى الإنسان فكرة ـ أية فكرة ـ ويؤمن بها في ساحة وعيه، يحاول جاهداً تطبيق تلك الفكرة على واقعه، وعندما يستحيل هذا التطبيق لكون تلك الفكرة وهمية غير منطقية، يبدأ آنذاك الصراع في حيّز الوعي، صراعٌ لا يجد الإنسان له حلاً إلا بقلع تلك الفكرة من حديقة بيته الأمامية (حيّز وعيه) ثم إلقائها في حيّز اللاوعي (برميل القمامة في حديقته الخلفية) وتركهـا هناك.
هو ينســاها، لكنّهــا لا تنســاه إذ تعود عاجلاً أم آجلاً إلى حيّز وعيه على شكل ضغوط وأمراض نفسية لتخرب جهازه العقلي فتحوّله إلى مريض منهكٍ عاجزٍ عن فهم وضعه وما آلت إليه حالته!
عندما يزرع الشيخ بلال وأمثاله في عقل الطفل المسلم منذ نعومة أظفاره بأن الله لا يقبل صدقة أو إغاثة حتى ولو كانت لامرأة أرملة أو طفل يتيم لأنها صدرت عن إنسان غير مسلم، ما الذي يحدث؟!!
يكبر هذا الطفل ليصبح رجلاً ملتزماً بدينه وتعليمات شيخه!. يتطلّب التزامه الديني (كأي رجل ملتزم بدينه) أن يرفض ما يرفضه الله.
هنا يبدأ الصراع!.. كيف يرفض إغاثــةً من غير مســلم بينما هو يعيش عمليـاً على تلك الإغاثة؟!!.. أكله، شــرابه، لباسـه، دواؤه، لقاحاتــه، أســلحته، كتبــه، معدّاتــه.. كلهـا مصنوعة بأيد غير مســلمة ولو رفضها لتــاهَ في الصحراء لا يجد ناقة يمتطيهــا ولا خيمة يأوي إليها!
لا يحمّل الله نفسـاً إلا وسـعها، لذلك لا يمكن أن يفرض سبحانه على مخلوق فكرة غير قابلةٍ للتطبيق الحياتي، وبالتالي فاقدة لشرعيتها ومنطقيتها، كي لا يشرخ عقل الإنسان ويفقده منطقه وصوابه. أمّا أن يقنع الله أتباعَ دينٍ بأنه لا يقبل عملاً خيّراً إلا منهم ثم يضعهم في حالة مزرية يحتاجون فيها إلى كل عمل خير من غيرهم فلا شكّ بأنه أمرُ يتعارض مع عدله وحكمته!!
كيف يستطيع مؤمن أن يقبل ما يرفضه الله؟!
"ســالك" طبيب يهودي أوجد لقاحاً ضد شلل الأطفال وحرر البشرية من براثن هذا المرض الخطير. لا يوجد مسلم في العالم إلا وتجري في عروقه جرعة من هذا اللقاح. لا يوجد بلد إسلامي في العالم يحضّر هذا اللقاح في مخابره؛ يصل إلينا جاهزاً ومجاناً من منظمة الصحة العالمية. لو رفضنا تلك الإغاثة باعتبارها من مصدر غير إسلامي، ناهيكم عن غيره من اللقاحات والأدوية، لحصدتنا الحمى الصفراء والجدري والطاعون والجذام وشلل الأطفال وغيرها..
طرحُ الشيخ بلال لا يقتصر على تلك الخطورة بل يتعداها ليصبح إرهاباً يشلّ عقل المسلم وقوى تفكيره عندما يقول: "ومن قال أن إنّ له ثواباً يكفرُ لأنه كذّب القرآن"!
يتّخذ القرآن ذريعة كي يُثبتً صحة ادّعاءاته دون أن يشرح بالتفصيل في أيّة آيةِ وردت هذه الفكرة. إنه يدرك من خلال النظام العقائدي والتربوي القمعي السائد في البلاد الإسلامية بأن على المسلم أن ينفّذ دون أن يعترض ويُقاد دون أن يفكّر. لذلك، وبسهولة متناهية، يقحم القرآن في حديثه كي يفوّت على كل مسلم الفرصة كي يفكّر، أو يشكّ، أو يتساءل. هنا يزداد الإنسـان صراعاً مع نفسه ويختنق برميل قمامته بقاذورات رماها فيه هؤلاء السحرة لتعود بعد ذلك إلى حيّز وعيه بشكل ضغوط يعجز المسلم تحت وطأتها عن إقامة أية علاقة إنسانية ناجحة مع الطرف الآخر!
كيف سنثبت للعالم بأن الإسلام دين تسـامح؟!! هل يستطيع الشـيخ بلال أن يسامح جاره غير المسلم وهو يؤمن في قرارة نفسه أنّ الله لا يسامحه حتى ولو أغاث امرأة أرملة أو تصدّق على طفل يتيم؟!!.. هل يستطيع أن يقبل ما يقول هو نفسه بأنّ الله يرفضه؟.. هل يســتطيع أن يرفض ما يحتاج إليه؟!..
إن الصراع بين الرفض والقبول وحده يكفي لصدع عقل المسلم، فهل يمكن أن تُبنى أمة سليمةٌ معافاةٌ من أناس ذوي عقولٍ متصدّعة؟..
العالم اليوم يسعى لأن يكون عائلة واحدة، كل فردٍ فيها معنيّ بقبول الفرد الآخر، ولذلك يحتاج المسلمون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى عقلائهم وحكمائهم ومفكريهم كي يسدّوا الطريق أمام هؤلاء السحرة وينقذوا الأمة من براثن غيلانها!
لنصغِ إلى خطبة الجمعة في أي بلدٍ إسلامي لا على التعيين، ماذا نسمع؟!
اللهمّ دمّر.. اللهم احرق.. اللهم اقتل.. اللهم رمّل.. اللهم يتِّم.. اللهم شـرِّد!.. ماذا يبقى لأمةٍ يتعســكر رجال دينها؟..
سـئِلَ بيكاسـو مرة: ما ســرُّ إبداعكَ؟ قال: قبل أن أهمّ بالدخول إلى مرسـمي أخلع جسدي على عتبته كما يخلع المسلم حذاءه على عتبة مسجده.
لم نعد بحاجة إلى خلع أحذيتنـا!.. علينا أن نخلع أجسادنا.. أحقادنا.. أسلحتنا.. وندخله مجردين إلا من أرواحنا!..
يخاطب شاعر أفغاني طفله بقوله:
"يا بني إنّ للحمام عيوناً جميلة..
"ولكن الصقور تملك السـماء..
"اقلع عينيك الجميلتين..
"وانبت لك مخالبــاً!"
ولنا أن نتصوّر مستقبل أمّةٍ تصبح بكاملهـا مفقوءة العيون حادة المخالب!..
ربّوا الصقـور!.. لا أحد يستطيع أن يلومكم على ذلك، ولكن اتركوا للحمام عيونه!!