Danito
25/08/2006, 01:26
يوم تلقت إسرائيل الضربة القاضية
مقالات مترجمة
بدأت هزيمة الولايات المتحدة في حرب فيتنام تتكشف عندما شرع الجنرال وليام ويستمورلاند قائد القوات الاميركية في فيتنام في حينه بإحصاء اعداد القتلى كبديل لاحصاء الانتصارات العسكرية. وعندما لم يستطع الاشارة الى انجازات تحققت في ميدان المعركة، فقد كان ويستمورلاند يعمد الى ارسال تقارير يومية الى واشنطن عن عدد جنود الفيتكونغ الذين قتلتهم قواته.
وفي الاسابيع القليلة الماضية، تبنت قوات الدفاع الاسرائيلية بدورها طريقة احصاء القتلى. وعندما يشتبك اضخم واقوى جيش في الشرق الاوسط لاكثر من اسبوعين مع خمسين من مقاتلي حزب الله في بنت جبيل ولا يقوى على تركيعهم، فان القادة العسكريين يجدون أن لا خيار لديهم سوى الاشارة الى عدد القتلى من المقاتلين الذين تركهم العدو خلفه، حتى ليمكن افتراض ان بنت جبيل ستتحول الى رمز لحرب لبنان الثانية.
أما بالنسبة لمقاتلي حزب الله، فانها ستكون تذكرة بمأثرة ستالينغراد، في الوقت الذي تعتبر فيه بالنسبة لنا ذكرى مؤلمة لهزيمة حلت بجيش الدفاع الاسرائيلي.
كان زئيف شيف قد كتب في صحيفة هآرتس يوم الحادي عشر من آب الحالي أننا قد "تلقينا صفعة"، لكن عبارة "ضربة قاضية" تبدو الوصف الاكثر دقة. فما حصل لم يكن مجرد هزيمة عسكرية، بل اخفاق استراتيجي لا تزال تبعاته بعيدة المدى غير واضحة المعالم. ومثل الملاكم الذي تلقى اللكمة القاضية، فاننا ما نزال نجثم على الارض ونعاني من الدوار ونحاول ان نفهم ما الذي حدث لنا. وتماما مثلما أفضت حرب الايام الستة الى تغير استراتيجي في الشرق الاوسط، ووضعت الأطر المؤسسية لاسرائيل كقوة اقليمية، فان حرب لبنان الثانية قد تجلب العكس تماما. ان فشل جيش الدفاع الاسرائيلي يعمل على تآكل اكثر أرصدة أمننا القومي أهمية، وهي صورة البلد المحارب بقيادة جيش ضخم وقوي ومتقدم قادر على توجيه ضربة قاصمة لاعدائنا إذا ما حاولوا مضايقتنا. وقد كانت هذه الحرب، كما رشح منذ البدء، تدور حول "الوعي" و"الردع". وقد خسرنا المعركة في الاثنين.
المفهوم فشل ثانية
ليس من المهم أبداً تحديد القدرة الحقيقية لجيش الدفاع الاسرائيلي. كما انه ما من اهمية تكمن وراء التأكيدات على أن جيش الدفاع الاسرائيلي انما استخدم نزرا يسيرا من قوته، وان ترسانته لا تزال تحتوي على اسلحة متقدمة لم تدخل في المعركة. لكن ما يهم فعلا هي صورة جيش الدفاع الاسرائيلي - وفي الحقيقة صورة اسرائيل - في اعين اعدائنا في المنطقة.
وهنا يكمن اكثر اشكال الفشل خطورة في هذه الحرب. ففي دمشق وغزة وطهران والقاهرة ايضا، بات الناس ينظرون باندهاش إلى عجز جيش الدفاع الاسرائيلي عن إخضاع تنظيم من رجال العصابات (1500 مقاتل طبقا لمصادر اخرى)، وخلال مدة وصلت الى اكثر من شهر، ولحلول الهزيمة بجيش الدفاع الاسرائيلي الذي دفع ثمنا باهظا في معظم المعارك التي خاضها في جنوب لبنان. ولعل الاكثر خطورة من كل شيء هو ان جيش الدفاع الاسرائيلي لم يستطع تحييد قدرة حزب الله على اطلاق الصواريخ، كما أفضى أداؤه إلى حمل اكثر من مليون مواطن اسرائيلي على الهروب الى الملاجئ لاكثر من اربعة اسابيع. فما الذي حصل لهذا الجيش الجبار الذي لم يستطع، بعد شهر، ان يتقدم لاكثر من بضعة كيلومترات داخل لبنان؟ كما يتساءل العديدون من اولئك الذين يخططون لحروبهم التالية ضد اسرائيل.
لقد استندت قوة اسرائيل الرادعة الى اعتراف العدو بأنه سيدفع ثمنا باهظا جدا اذا ما أقدم على مهاجمة اسرائيل. فسورية على سبيل المثال، لم تطلق مئات الصواريخ على الجبهة الداخلية الاسرائيلية حتى في اوقات الحروب لانها كانت تخشى هجوما اسرائيليا قاسيا على دمشق وغيرها من المدن السورية الهامة. لكن ثلاثة آلاف صاروخ عندما يتم إطلاقها على الجليل وحيفا والخضيرة دون ان تطالب اسرائيل احدا بدفع الثمن، فإن ذلك يعني تدمير قوة الردع في اسرائيل.
يتبع
مقالات مترجمة
بدأت هزيمة الولايات المتحدة في حرب فيتنام تتكشف عندما شرع الجنرال وليام ويستمورلاند قائد القوات الاميركية في فيتنام في حينه بإحصاء اعداد القتلى كبديل لاحصاء الانتصارات العسكرية. وعندما لم يستطع الاشارة الى انجازات تحققت في ميدان المعركة، فقد كان ويستمورلاند يعمد الى ارسال تقارير يومية الى واشنطن عن عدد جنود الفيتكونغ الذين قتلتهم قواته.
وفي الاسابيع القليلة الماضية، تبنت قوات الدفاع الاسرائيلية بدورها طريقة احصاء القتلى. وعندما يشتبك اضخم واقوى جيش في الشرق الاوسط لاكثر من اسبوعين مع خمسين من مقاتلي حزب الله في بنت جبيل ولا يقوى على تركيعهم، فان القادة العسكريين يجدون أن لا خيار لديهم سوى الاشارة الى عدد القتلى من المقاتلين الذين تركهم العدو خلفه، حتى ليمكن افتراض ان بنت جبيل ستتحول الى رمز لحرب لبنان الثانية.
أما بالنسبة لمقاتلي حزب الله، فانها ستكون تذكرة بمأثرة ستالينغراد، في الوقت الذي تعتبر فيه بالنسبة لنا ذكرى مؤلمة لهزيمة حلت بجيش الدفاع الاسرائيلي.
كان زئيف شيف قد كتب في صحيفة هآرتس يوم الحادي عشر من آب الحالي أننا قد "تلقينا صفعة"، لكن عبارة "ضربة قاضية" تبدو الوصف الاكثر دقة. فما حصل لم يكن مجرد هزيمة عسكرية، بل اخفاق استراتيجي لا تزال تبعاته بعيدة المدى غير واضحة المعالم. ومثل الملاكم الذي تلقى اللكمة القاضية، فاننا ما نزال نجثم على الارض ونعاني من الدوار ونحاول ان نفهم ما الذي حدث لنا. وتماما مثلما أفضت حرب الايام الستة الى تغير استراتيجي في الشرق الاوسط، ووضعت الأطر المؤسسية لاسرائيل كقوة اقليمية، فان حرب لبنان الثانية قد تجلب العكس تماما. ان فشل جيش الدفاع الاسرائيلي يعمل على تآكل اكثر أرصدة أمننا القومي أهمية، وهي صورة البلد المحارب بقيادة جيش ضخم وقوي ومتقدم قادر على توجيه ضربة قاصمة لاعدائنا إذا ما حاولوا مضايقتنا. وقد كانت هذه الحرب، كما رشح منذ البدء، تدور حول "الوعي" و"الردع". وقد خسرنا المعركة في الاثنين.
المفهوم فشل ثانية
ليس من المهم أبداً تحديد القدرة الحقيقية لجيش الدفاع الاسرائيلي. كما انه ما من اهمية تكمن وراء التأكيدات على أن جيش الدفاع الاسرائيلي انما استخدم نزرا يسيرا من قوته، وان ترسانته لا تزال تحتوي على اسلحة متقدمة لم تدخل في المعركة. لكن ما يهم فعلا هي صورة جيش الدفاع الاسرائيلي - وفي الحقيقة صورة اسرائيل - في اعين اعدائنا في المنطقة.
وهنا يكمن اكثر اشكال الفشل خطورة في هذه الحرب. ففي دمشق وغزة وطهران والقاهرة ايضا، بات الناس ينظرون باندهاش إلى عجز جيش الدفاع الاسرائيلي عن إخضاع تنظيم من رجال العصابات (1500 مقاتل طبقا لمصادر اخرى)، وخلال مدة وصلت الى اكثر من شهر، ولحلول الهزيمة بجيش الدفاع الاسرائيلي الذي دفع ثمنا باهظا في معظم المعارك التي خاضها في جنوب لبنان. ولعل الاكثر خطورة من كل شيء هو ان جيش الدفاع الاسرائيلي لم يستطع تحييد قدرة حزب الله على اطلاق الصواريخ، كما أفضى أداؤه إلى حمل اكثر من مليون مواطن اسرائيلي على الهروب الى الملاجئ لاكثر من اربعة اسابيع. فما الذي حصل لهذا الجيش الجبار الذي لم يستطع، بعد شهر، ان يتقدم لاكثر من بضعة كيلومترات داخل لبنان؟ كما يتساءل العديدون من اولئك الذين يخططون لحروبهم التالية ضد اسرائيل.
لقد استندت قوة اسرائيل الرادعة الى اعتراف العدو بأنه سيدفع ثمنا باهظا جدا اذا ما أقدم على مهاجمة اسرائيل. فسورية على سبيل المثال، لم تطلق مئات الصواريخ على الجبهة الداخلية الاسرائيلية حتى في اوقات الحروب لانها كانت تخشى هجوما اسرائيليا قاسيا على دمشق وغيرها من المدن السورية الهامة. لكن ثلاثة آلاف صاروخ عندما يتم إطلاقها على الجليل وحيفا والخضيرة دون ان تطالب اسرائيل احدا بدفع الثمن، فإن ذلك يعني تدمير قوة الردع في اسرائيل.
يتبع