dot
30/08/2006, 14:47
بقلم: راي كلوز *
هل يعقل أن يقوم الرئيس بوش بأمر جنوني لحد شن هجوم عسكري ضد إيران. وحتى لو أراد ذلك حقاً، فهل يعقل أن يؤيده في ذلك كل من الكونغرس والبنتاغون والجمهور الأميركي؟
ولكن في العام ,2002 تنبأت بأن نوايا بوش الظاهرة لغزو العراق ستتحوّل بالتأكيد إلى مجرد عملية احتيال وستنتهي بكارثة مطلقة، وقد عززتُ هذه الفكرة بلائحة من الأسباب.
والمشكلة اليوم هي أن عواقب الهجوم على إيران تبدو أكثر فظاعة.. ولكن، <متى كانت المرة الأخيرة التي قلق فيها هذا الرئيس بشأن الحصول على موافقة مسبقة من أحد؟> وهنا يستشيط بي الغضب عندما يعتقد رئيسي فعلاً بأنه ينفّذ وصية الله.
أما الأسباب التي تحدوني إلى الاعتقاد على مضض بأن بوش سيشنّ هجوماً على إيران قبل انتهاء ولايته في نهاية العام ,2008 فهي:
.1 كما كان متوقعاً، عرضت إيران الدخول في مفاوضات، رافضةً الشرط المسبق بوقف تخصيب اليورانيوم. وإيران، التي ستواصل مماطلتها في انتظار فشل المساعي الأميركية لحمل النفوذ الدولي على فرض عقوبات قاسية، لا تزال مقتنعة، مع مبرر كافٍ، بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالإطاحة بنظام طهران على المستوى التكتيكي، وشن حرب أشمل ضد الإسلام على المستوى الاستراتيجي. أما نحن، فلن ننجح في إقناع أو ترهيب القيادة الإيرانية لتفعل ما نريده. وهذا هو جوهر المشكلة في واشنطن: فصانعو القرار.. كبوش، وتشيني، ورامسفيلد وحتى رايس، لا يفهمون ولا يقبلون بهذه الحقيقة، وبالتالي فإن كل توقعاتهم وحساباتهم تنطلق من فرضية خاطئة.
.2 ستفشل الولايات المتحدة في حمل مجلس الأمن على إنشاء (ثم فرض) نظام عقوبات تعتبرها واشنطن قاسية بما فيه الكفاية. وسينمّ عن إدارة بوش ضعف في العزيمة وزيف صداقتها <لحلفائها>، ما سيؤدي لتفاقم الانقسامات وتدهور مصداقية القيادة السياسية والأخلاقية الأميركية الضعيفة. وإيران ستشاهد هذا التهاوي، مبتسمةً كقطة فارسية.
.3 مهما كانت العقوبات التي سيتم فرضها في نهاية الأمر، فإنها لن تقنع إيران بالتخلي عن طموحاتها النووية، التي ستواصل تطوير برنامجها حتى تجتاز <الخط الأميركي الإسرائيلي الأحمر> والذي يتمثل بامتلاك المواد الخام الضرورية لصنع قنبلة نووية كلما اختارت أن تقوم بذلك. (وكما نعلم جميعا، فهذا <الخط الأحمر> قد يتم اجتيازه قبل صنع قنبلة نووية <بكثير>، ومن شبه المؤكد أن يتم ذلك قبل مغادرة بوش منصبه في مطلع العام 2009).
.4 بالتالي، هذا هو الحساب الذي يواجه بوش:
أ لقد تعهّد بوش بأنه لن يغادر منصبه قبل ضمان منع قدرة إيران على التحوّل إلى قوة نووية. وذلك يعني التزامه بشن هجوم عسكري على إيران، إذا ما فشلت كل الوسائل الأخرى، وهي ستفشل. فهو يؤمن بشدة أن إيران تشكّل خطراً وجودياً لإسرائيل، وتهديداً خطيراً للشعب الأميركي. كما يعتقد بوش أن إيران مصممة على تدمير الآمال الأميركية في إقامة <الشرق الأوسط الجديد>، من خلال دعمها السري للعناصر المعادية لأميركا، معززةً بسلطة امتلاكها النهائي للأسلحة النووية. وبالنظر إلى تفاني بوش <للفوز في الحرب على الإرهاب>، فإن تحييد إيران أمر يساوي إن لم يفق، <النصر> في العراق.
ب يعتزم بوش حالياً استنزاف كل الفرص لتحقيق أهدافه بكل الوسائل. ومع فشل تلك الفرص سيحاول تحقيق أغراضه من خلال التهديد بالهجوم العسكري، ما سيؤدي لزيادة الدعم الداخلي تجاه النظام الإيراني والمعارضة الدولية لسياسات الولايات المتحدة، وخصوصاً في العالم الإسلامي. ومما لا شك فيه، أن أي مواجهة عسكرية إيرانية أميركية محتملة ستكثّف المعارضة الداخلية والإقليمية ضد الأهداف الأميركية في العراق.
ج إن أفضل أمل لتجنّب الحرب مع إيران هو معارضة هذه الفكرة من قبل القوات المسلحة الأميركية ومن السياسيين الأميركيين. ولكن، قيل لي ان بوش اقتنع بأن لدى <استراتيجية القيادة الجوية> خطة عملية لشن هجوم شامل على 1500 هدف بشكل شبه متزامن في إيران، من شأنها أن تصدّ بفاعلية أي رد انتقامي مضاد، ومن دون الحاجة لعملية برية أو <احتلال> يلي الصراع. (وهذا المنطق يعتمد، حسبما يبدو، على فانتازيا عقول المحافظين الجدد المنحرفة، والتي تتمثل بأمل تدمير القدرات النووية والعسكرية لإيران، في عرض <الصدمة والترويع>، يؤدي إلى تأجيج ثورة داخلية في إيران، مع إيجاد عناصر معتدلة موالية تستولي على السلطة باسم الحرية والديموقراطية).
.5 أعتقد أن إيران تريد فعلاً أن تُقبَل كعضو محترم في مجتمع الدول المتحضرة النافذة، وفي حال تحقق هدفها، فإنها ستعود بالنفع على أميركا والعالم. من هنا فإن جذب إيران من خلال هذا الهدف هو <الجزرة> الوحيدة والأهم التي يتعيّن علينا أن نقدّمها للقيادة الإيرانية اليوم، على أن يكون تحقيقه عبر مجاملة التطلعات الوطنية الشرعية الإيرانية ثم تغييرها. لكن قيمة هذا الحافز الإيجابي قد تبددت كلياً من خلال عدوانية اللهجة <الدبلوماسية> الأميركية، التي ساهمت في تقويض قوة المساومة لدينا، وفي جعل مهمة التكيّف المعقول مع إيران بالغ الصعوبة.
.6 بالإضافة لكل تلك العوامل، يبدو جلياً بالنسبة لي أن بوش حدد المسار التالي للسياسة الأميركية...وهي:
أ مواصلة الجهود الواهية لتحقيق اتفاقية استسلام إيراني من خلال عقوبات اقتصادية ضعيفة وغير فاعلة، تترافق مع حملة من الذم.
ب تليها مباشرةً مرحلة من التهديدات بشن عملية عسكرية، تتزايد خلالها المعارضة المحلية والدولية للسياسة الأميركية، على نحو دراماتيكي، ما يجعل خيارات بوش أكثر إيلاماً وصعوبة.
ج يقرّ بعدها بوش بأن مخاطر وتكاليف الحرب الاستباقية ضد إيران أقل هولاً من مخاطر وتكاليف السماح لإيران بامتلاك الأسلحة النووية.
د وقبل نهاية ولايته، سيشن بوش هجوماً عسكرياً جوياً واسع النطاق ضد أهداف إيرانية اختيرت بتأنٍّ، بالشراكة مع إسرائيل، وبرغم نصائح العديد من مستشاريه، وبمسوّغ التهديد الإيراني النووي للأمن القومي، وبإيمان راسخ بأن الله يتّفق معه في هذه النقطة، وبيقين بأن التاريخ سيعترف لا بل سيقدّر قيادته الشجاعة والملهمة.ــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــ
*
محلل سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية في قسم الشرق الأدني. والعنوان الاصلي: بوش مأسور بخطابه.. لماذا سيختار الحرب على ايران؟
المصدر : موقع كاونتر بانش
هل يعقل أن يقوم الرئيس بوش بأمر جنوني لحد شن هجوم عسكري ضد إيران. وحتى لو أراد ذلك حقاً، فهل يعقل أن يؤيده في ذلك كل من الكونغرس والبنتاغون والجمهور الأميركي؟
ولكن في العام ,2002 تنبأت بأن نوايا بوش الظاهرة لغزو العراق ستتحوّل بالتأكيد إلى مجرد عملية احتيال وستنتهي بكارثة مطلقة، وقد عززتُ هذه الفكرة بلائحة من الأسباب.
والمشكلة اليوم هي أن عواقب الهجوم على إيران تبدو أكثر فظاعة.. ولكن، <متى كانت المرة الأخيرة التي قلق فيها هذا الرئيس بشأن الحصول على موافقة مسبقة من أحد؟> وهنا يستشيط بي الغضب عندما يعتقد رئيسي فعلاً بأنه ينفّذ وصية الله.
أما الأسباب التي تحدوني إلى الاعتقاد على مضض بأن بوش سيشنّ هجوماً على إيران قبل انتهاء ولايته في نهاية العام ,2008 فهي:
.1 كما كان متوقعاً، عرضت إيران الدخول في مفاوضات، رافضةً الشرط المسبق بوقف تخصيب اليورانيوم. وإيران، التي ستواصل مماطلتها في انتظار فشل المساعي الأميركية لحمل النفوذ الدولي على فرض عقوبات قاسية، لا تزال مقتنعة، مع مبرر كافٍ، بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالإطاحة بنظام طهران على المستوى التكتيكي، وشن حرب أشمل ضد الإسلام على المستوى الاستراتيجي. أما نحن، فلن ننجح في إقناع أو ترهيب القيادة الإيرانية لتفعل ما نريده. وهذا هو جوهر المشكلة في واشنطن: فصانعو القرار.. كبوش، وتشيني، ورامسفيلد وحتى رايس، لا يفهمون ولا يقبلون بهذه الحقيقة، وبالتالي فإن كل توقعاتهم وحساباتهم تنطلق من فرضية خاطئة.
.2 ستفشل الولايات المتحدة في حمل مجلس الأمن على إنشاء (ثم فرض) نظام عقوبات تعتبرها واشنطن قاسية بما فيه الكفاية. وسينمّ عن إدارة بوش ضعف في العزيمة وزيف صداقتها <لحلفائها>، ما سيؤدي لتفاقم الانقسامات وتدهور مصداقية القيادة السياسية والأخلاقية الأميركية الضعيفة. وإيران ستشاهد هذا التهاوي، مبتسمةً كقطة فارسية.
.3 مهما كانت العقوبات التي سيتم فرضها في نهاية الأمر، فإنها لن تقنع إيران بالتخلي عن طموحاتها النووية، التي ستواصل تطوير برنامجها حتى تجتاز <الخط الأميركي الإسرائيلي الأحمر> والذي يتمثل بامتلاك المواد الخام الضرورية لصنع قنبلة نووية كلما اختارت أن تقوم بذلك. (وكما نعلم جميعا، فهذا <الخط الأحمر> قد يتم اجتيازه قبل صنع قنبلة نووية <بكثير>، ومن شبه المؤكد أن يتم ذلك قبل مغادرة بوش منصبه في مطلع العام 2009).
.4 بالتالي، هذا هو الحساب الذي يواجه بوش:
أ لقد تعهّد بوش بأنه لن يغادر منصبه قبل ضمان منع قدرة إيران على التحوّل إلى قوة نووية. وذلك يعني التزامه بشن هجوم عسكري على إيران، إذا ما فشلت كل الوسائل الأخرى، وهي ستفشل. فهو يؤمن بشدة أن إيران تشكّل خطراً وجودياً لإسرائيل، وتهديداً خطيراً للشعب الأميركي. كما يعتقد بوش أن إيران مصممة على تدمير الآمال الأميركية في إقامة <الشرق الأوسط الجديد>، من خلال دعمها السري للعناصر المعادية لأميركا، معززةً بسلطة امتلاكها النهائي للأسلحة النووية. وبالنظر إلى تفاني بوش <للفوز في الحرب على الإرهاب>، فإن تحييد إيران أمر يساوي إن لم يفق، <النصر> في العراق.
ب يعتزم بوش حالياً استنزاف كل الفرص لتحقيق أهدافه بكل الوسائل. ومع فشل تلك الفرص سيحاول تحقيق أغراضه من خلال التهديد بالهجوم العسكري، ما سيؤدي لزيادة الدعم الداخلي تجاه النظام الإيراني والمعارضة الدولية لسياسات الولايات المتحدة، وخصوصاً في العالم الإسلامي. ومما لا شك فيه، أن أي مواجهة عسكرية إيرانية أميركية محتملة ستكثّف المعارضة الداخلية والإقليمية ضد الأهداف الأميركية في العراق.
ج إن أفضل أمل لتجنّب الحرب مع إيران هو معارضة هذه الفكرة من قبل القوات المسلحة الأميركية ومن السياسيين الأميركيين. ولكن، قيل لي ان بوش اقتنع بأن لدى <استراتيجية القيادة الجوية> خطة عملية لشن هجوم شامل على 1500 هدف بشكل شبه متزامن في إيران، من شأنها أن تصدّ بفاعلية أي رد انتقامي مضاد، ومن دون الحاجة لعملية برية أو <احتلال> يلي الصراع. (وهذا المنطق يعتمد، حسبما يبدو، على فانتازيا عقول المحافظين الجدد المنحرفة، والتي تتمثل بأمل تدمير القدرات النووية والعسكرية لإيران، في عرض <الصدمة والترويع>، يؤدي إلى تأجيج ثورة داخلية في إيران، مع إيجاد عناصر معتدلة موالية تستولي على السلطة باسم الحرية والديموقراطية).
.5 أعتقد أن إيران تريد فعلاً أن تُقبَل كعضو محترم في مجتمع الدول المتحضرة النافذة، وفي حال تحقق هدفها، فإنها ستعود بالنفع على أميركا والعالم. من هنا فإن جذب إيران من خلال هذا الهدف هو <الجزرة> الوحيدة والأهم التي يتعيّن علينا أن نقدّمها للقيادة الإيرانية اليوم، على أن يكون تحقيقه عبر مجاملة التطلعات الوطنية الشرعية الإيرانية ثم تغييرها. لكن قيمة هذا الحافز الإيجابي قد تبددت كلياً من خلال عدوانية اللهجة <الدبلوماسية> الأميركية، التي ساهمت في تقويض قوة المساومة لدينا، وفي جعل مهمة التكيّف المعقول مع إيران بالغ الصعوبة.
.6 بالإضافة لكل تلك العوامل، يبدو جلياً بالنسبة لي أن بوش حدد المسار التالي للسياسة الأميركية...وهي:
أ مواصلة الجهود الواهية لتحقيق اتفاقية استسلام إيراني من خلال عقوبات اقتصادية ضعيفة وغير فاعلة، تترافق مع حملة من الذم.
ب تليها مباشرةً مرحلة من التهديدات بشن عملية عسكرية، تتزايد خلالها المعارضة المحلية والدولية للسياسة الأميركية، على نحو دراماتيكي، ما يجعل خيارات بوش أكثر إيلاماً وصعوبة.
ج يقرّ بعدها بوش بأن مخاطر وتكاليف الحرب الاستباقية ضد إيران أقل هولاً من مخاطر وتكاليف السماح لإيران بامتلاك الأسلحة النووية.
د وقبل نهاية ولايته، سيشن بوش هجوماً عسكرياً جوياً واسع النطاق ضد أهداف إيرانية اختيرت بتأنٍّ، بالشراكة مع إسرائيل، وبرغم نصائح العديد من مستشاريه، وبمسوّغ التهديد الإيراني النووي للأمن القومي، وبإيمان راسخ بأن الله يتّفق معه في هذه النقطة، وبيقين بأن التاريخ سيعترف لا بل سيقدّر قيادته الشجاعة والملهمة.ــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــــــــــــ� �ــــــــــــــ
*
محلل سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية في قسم الشرق الأدني. والعنوان الاصلي: بوش مأسور بخطابه.. لماذا سيختار الحرب على ايران؟
المصدر : موقع كاونتر بانش