-
دخول

عرض كامل الموضوع : بقلم سعود السبعاني بوش يترنح تحت ضربات المجاهدين في العراق


مسطول على طول
27/10/2006, 23:14
ســعود الســبعاني

لم يتوقع جورج بوش الإبن يوماً أن يتحول الى دون كيشوت بلباس ذلك الكابوي التكساسي المُتعجرف فيجد نفسه يُحارب طواحين الهواء العراقية وخصوصاً طواحين مُحافظة الأنبار

فبوش الأب كان حكيماً ويُدرك جيداً التداعيات والمآسي الكارثية المُترتبة في حال الذهاب بجيشه بعيداً والتمادي بالغوص في الوحل العراقي فقد كان يخشى من الإستنزاف البطيء وهو يعرف مخاطر الخوض في الرمال المُتحركه ولذلك أرادها في عام 1990 م أن تكون عاصفة رملية صحراوية عابرة تتلاشى خلال دقائق حتى لاتتحول عاصفته الى إعصار ترنيدو فيقتلعه ويُحطم هيبة جيشه العرمرم ؟

لذا فقد آثر بوش الأب حينها بأن ينفذ بجلده ويرضى بإنجاز ماسُمي بتحرير الكويت فقط لأنهُ يدرك العواقب الوخيمة في حالة الإنجرار خلف وهم النصر الكاسح وسراب الغرور الأجوف الجامح والعجرفة غير المحسوبة العواقب

ثم جاء ذلك الولد الأحمق بوش الأبن وهو الناقم على موقف والده المُتخاذل في نظره فوقع في الفخ العراقي وأضاع كل إنجازات بوش الأب حينما ذهب دون داعي هذه المره وبرجليه لكي يُقارع طواحين النخيل الشبحيه وفي مضارب أشد الأقوام صلابةً وشدة على وجه البسيطة!؟

ومن يُتابع خطابات بوش الأخيرة سيعرف بأن الرئيس قد فقد صوابه وبدأ يترنح بقوة وتنتابه حالات هستيرية ( دون كيشوتيه) رهيبة فبات يُهلوس ويُصرح بتصريحات خطيرة خصوصاً بعد إنهيار شعبيته كما أن إنتخابات الكونغرس الأمريكي باتت على الأبواب وخلال عشرة أيام فقط من الآن سيتحول ذلك التكساسي الجريح الى بطة عرجاء عاجزة عن التبرير وتكميم الأفواه !؟

فهو يعرف جيداً بأن قواته العسكرية تنزف بشدة في العراق وجيشه في حالة نفسية مُريعه يُرثى لها

فخلال 25 يوم فقط أي مُنذ بداية شهر أكتوبر الحالي خسرت القوات الأمريكي 101 جندياً أمريكياً وهذا هو العدد المُعلن فقط من قبل البنتاغون وأما الأعداد الحقيقة فهي أضعاف مُضاعفة لأنهم لم يذكروا كم كان عدد الجرحى والحالات الخطرة خلال تلك العمليات !؟

وبأقل من هذا الرقم 101 هزم حزب الله اسرائيل وطردها وحطم اسطورتها ... انزف ايها الامريكي الاحمق


لذلك فقد صرح بوش قبل أيام بأن الحرب في العراق تُشابه وضع الحرب في فيتنام وإضطر أن يوافق مع رأي الصحفي توماس فريدمان فيما ذهب إليه حينما ذكر في صحيفة النيويورك تايمز بأن الهجمات التي تُشن الآن على القوات الأمريكيه في العراق مُُشابهةً لهجمات الفيتكونغ في عام 1968م !؟

ثم صرح لاحقاً عن خطورة الحرب الإعلاميه التي يشنها أعدائه من المنظمات ( الإرهابيه ) الذين باتوا يُسيطرون على وسائل الإعلام وشبكات الأنترنت !!!؟

هاهو الكابوي الأمريكي المُتعجرف يعترف بهزيمته الساحقة علناً ويُعلن بعظمة لسانه بعد فترةً طويلة من الكذب والإنكار والعناد والتعتيم والتدليس والفبركة في الأخبار وإقتراف جرائم الحرب وممارسة الضغوط والتهديد أن مايجري في العراق فيتنام ثانية !؟

وهاهو يرضخ الآن ويبوح بالحقيقه القاسية والمُرة التي لطالما تهرب منها وأنكرها وفندها مراراً وتكراراً !؟

فأضطر بوش صاغراً أن يطلب المُساعدة من لدن عملائه الصغار في المنطقه لكي ينتشلوه من المُستنقع العراقي وينقذوه من ذلك المأزق الخطير كي يظهر بمظهر الرئيس المُنتصر أمام خصومه الديمُقراطيين المُتربصبن به وبحزبه والقادمين بقوة هذه المرة ؟

فأصبح بوش أرعناً لايُراعي مشاعر عُملائه الصغار الذين لم يتوانوا لحظةً في خدمته فلم يهتم لموقفهم المُحرج أو إهتزاز صورتهم المُخزية أمام شعوبهم حينما سيطلعون على تآمرهم وعمالتهم

فكشف اليوم في خطابه الغطاء عن عورات هؤلاء العُملاء المُتآمرين وذلك حينما ذكر بأن السعودية والأردن ومصر يقومون بجهودٍ حثيثة لإقناع المُتمردين السُنه في العراق بالكف عن القتال ومُحاولة تحييدهم !!!؟

لذلك فقد إستغرب الجميع قبل عدة أشهر بظهور المُتحدث الرسمي بإسم الجيش الإسلامي إبراهيم الشمري وهو مُلثم ويتحدث من الأُردن !؟

وكذلك بروز الدور المصري المُفاجيء الذي إستقطب بعض مُمثلي الهيئات الدينيه والسياسيه السُنية العراقيه ولغايةٍ في نفس فرعون هذه المرة !؟

وهنا لنا عودة لإجتماع مكة المُكرمه المشبوه وقيام آل سعود بتكليف المؤتمر الإسلامي برعاية ذلك اللقاء والذي هو عبارة عن ألعوبة سعوديه مُقنعة بالمظهر الإسلامي فهم يتحكمون بذلك المؤتمر ويسيرونه على أهوائهم وكلنا يذكر عندما قرر عبدالله بن عبدالعزيز ضم روسيا الإتحاديه الى المؤتمر الإسلامي كعضو مُراقب !

لذا فقد أوعز آل سعود الى المؤتمر الإسلامي بدعوة الفرقاء العراقيين من سُنةً وشيعه لتوقيع ماسُمي بوثيقة مكة !؟

حيث تم التحضير لهذا الإجتماع بأوامر أمريكيه وذلك بأمر من قبل خادم الحرمين الشريفين الجديد جورج بوش الأبن رضى الله عنه وتم التنفيذ بإدارة جهاز الإستخبارات السعوديه مُتمثلةً بـمقرن بن عبدالعزيز الذي كان ظهورهُ واضحاً وجلياً في تلك اللقاءآت !؟

المُضحك أن الملك السعودي الأهبل عبدالله بن عبدالعزيز وبعد مرور حوالي أربعة أعوام من الإحتلال الأمريكي الغاشم للعراق ودعم آل سعود اللامحدود لـغازي اليـاور وأيـاد عـلاوي والجـعفري وسـعدون اللادليمي ومن ثم المالكي ؟

يُحاول الآن أن يُوهمنا بأنهُ يدعم المُقاومة العراقيه ولذلك فقد قرر الأطرم فجأة أن يستقبل الشيخ حارث الضاري في قصره ويناديه بإسمه بصوت عالي وينوه عن وجوده عمداً وعلى مبدأ إياكِ أعني فأسمعي ياجاره ؟

فهو يُريد أن يُسمع سادته الأمريكان ويُثبت لهم بأنهُ سيبقى خادماً مُُطيعاً ويُبرهن لهم أن بإمكانه أن يدعمهم في محنتهم وأن يلعب دوراً خطيراً في التأثير على أهل السُنة في العراق وخصوصاً تلك الجهات الثائرة المُقاومه والرافضة للإحتلال وعلى رأسها هيئة علماء المُسلمين بقيادة الدكتور حارث الضاري

وهو أيضاً من خلال تصريحه بإسم حارث الضاري وإختياره له من دون جميع الذين حضروا ذلك اللقاء الملكي فهو أيضاً يوجه رسالةً داخلية أُخرى للشعب المصدوم والغاضب من موقف آل سعود التآمري والعدائي ضد الشعب العراقي لأنهم كانوا ومازالوا يدعمون المجهود الحربي الأمريكي ويُمولون أزلام المنطقة الخضراء ويُحاربون فصائل المقاومة العراقيه ويُساندون العملاء إعلامياً ومادياً !؟

فأراد أبوعابد من خلال ذلك اللقاء الرمضاني المكشوف أن يضرب عصفورين بحجر واحد فهو يُطبق أوامر سيده وولي أمره بوش , وبتصرفه هذا هو يُُطيعه ويُطبق فرماناته

ومن جهة أُخرى فهو يروج لنفسه ونظامه أمام بعض المواطنين المُغفلين على أنهُ صاحب نخوة وشهامة وهاهو يدعم فصائل المُقاومة العراقيه والدليل ؟

أنهُ دعى الشيخ حارث الضاري بشحمه ولحمه ليجلس بقربه ويكون في ضيافته ويفطر معه !؟

طبعاً لايختلف أحد على أن هيئة علماء المُسلمين قد عانت الكثير وتعاني من بطش قوات الإحتلال ومن الضغوط الداخلية والخارجية وهم يسعون لكسب التأييد والدعم العربي والإسلامي ولكن رضوخهم وقبولهم بالمجيء لدى مملكة الخونة وجلوسهم مع آل سعود الذين إستباحوا الدم العراقي وشاركوا في تجويع الشعب العراقي لمدة 12 عاماً وماتزال أيديهم مُلطخةً بدماء مليون ونصف مدني عراقي معظمهم كانوا من الأطفال أثناء فترة الحصار الجائر فهو يُعتبر خطئاً إستراتيجياً قاتلاً وسقطة لاتُغتفر من قبل الشيخ حارث الضاري ومن معه !؟

وياليت حارث الضاري قد فعل كما فعل السستاني الذي لم يعترف بآل سعود ولم يُعبرهم وقد تجاهلهم وكأنهم غير موجودين أصلاً !؟

وسيرى الضاري قريباً كيف سيتهالك آل سلول على رضى السستاني وسيسعون بكل الطرق والوسائل لكسب وده لأنهُ أحتقرهم وأهملهم فهؤلاء العبيد يخضعون دائماً أمام من يذلهم ويدعس على رؤوسهم

فلايفرح آل سعود بهذا الإنجاز ولايتفائلوا كثيراً لأن الهيئة لاتُمثل كل أطياف المُقاومة العراقيه وإن كان لهم دوراً إعلامياً فعالاً لايستهان به إلا أنهم لايمثلون إلا فصيلاً واحداً فقط والدليل أن عمليات المُقاومه ضد قوات الإحتلال قد إزدادت كماً ونوعاً بعد وساطة آل سلول تلك لأجل إنقاذ سيدهم الأمريكي المتورط والغائص في المُستنقع العراقي


ولايعتقد حارث الضاري أو يظن بأن آل سعود قد إستدعوه هذه المرة لأجل سواد عيون هيئة علماء المُسلمين أو من أجل إكرامه وتقديره ؟

بل لأجل خدمة ولي أمرهم وحاميهم بوش حتى يرضى عنهم ولايتخلى عن دعمهم وبهذا فقد أصبح هو الآمر الناهي في بلاد الحرمين فحُق لهُ أن يُكنى بخادم الحرمين الشريفين

وكذلك من أجل إسكات بعض الأصوات الدينية الداخلية الناقمة والتي تُطالب آل سعود بدعم المُقاومة العراقيه وتُحذر من تمدد النفوذ الشيعي

وأيضاً هو شعور بالغيرة من الدور القطري النشيط هذه الأيام وخصوصاً المساعي القطرية الأخيرة من أجل تقريب وجهات النظر بين حكومة حماس وفتح ويأتي هذا التحرك بعد الحصار السعودي المُطبق على حكومة حماس ومحاولة إسقاطها وهذا ماأثار حفيظة آل سعود وزاد في غضبهم وحقدهم على القطريين فأنتهزوا تلك الفرصة لكي يظهروا أنفسهم من جديد على وسائل الإعلام ويلعبوا دور الراعي الحريص والوسيط النزيه وهم أبعد مايكونون عن ذلك

مسطول على طول
27/10/2006, 23:29
آل سعود يشعرون بقلق كبير ورعب من المجهول القادم وبقائهم بات مرهوناً ببقاء الرئيس بوش في الإدارة ويتوقف على رضى الحكومة الأمريكيه القادمة عليهم ولهذا فهم يُريدون بذل المُستحيل لأجل إثبات ولائهم وكسب ثقة الإدارة الجديده ... وهم الإن بصدد اقامة جدار عازل مع العراق كما اشارة عليهم الشيخه كوندليزا رايس . وكما يريد ان يفعل بوش مع مكسيك

وإذا نظرنا لدورهم التآمري التاريخي في المنطقة وعبر مسيرتهم الحافلة بالمكائد والفتن فلن نلومهم فهؤلاء عائلة مُتطفلة وصولية تعتاش على خدمة السيد الأبيض وسر بقائها يكمن في وجود صراعات وتناقضات في المنطقة

والسؤال الموجه هو لهيئة علماء المُسلمين والتساؤل المطروح على موقف الدكتور حارث الضاري تحديداً ؟

إذا كنتم ترغبون في عقد صفقة مع قوات الإحتلال الأمريكيه أوتُريدون أن تتفاوضوا معهم فما الداعي إذن لأن تتفاهموا مع أذنابهم في المنطقه أو تتوسطوا لدى هؤلاء العملاء الصغار فيستخدمونكم كجسور لنيل أهدافهم وتحقيق مآربهم وتتركوا الرأس الكبير وهو السيد الأمريكي صاحب الحل والعقد والأمر والنهي حتى في مكة المكرمة نفسها !؟

إذا كان هدفكم هو التفاوض على إنسحاب القوات الأمريكيه وتهدئة الأوضاع لأجل ترتيب الأوراق وإعطاء فرصة لحفظ ماء وجه بوش لكي يُخرج نفسه من هذا المأزق فدونكم السفير الأمريكي زلماي خليل زاده فأجلسوا معه على طاولة المُفاوضات كما جلس قبلكم وزير الدفاع العراقي سلطان هاشم وجهاً لوجه مع نورمان شوارسكوف في خيمة سفوان وقد حُسم الأمر آنذاك بين الرؤوس ولم يتدخل الأذناب مع العلم أن العميل الصغير الفيلد مارشال خالد بن سلطان قائد قوات النمل وجربوع الصحراء كان حاضراً في ذلك اللقاء ولكنه كان مُجرد عبداً ذليلاً ولايجرؤ على الكلام بحضور سيده الكبير

فلسطيني للأبد
28/10/2006, 00:01
يسلمو أخ مسطول على طول عالموضوع:D
وبقول الله ينتقم من ال سعود

مسطول على طول
31/10/2006, 05:41
يسلمو أخ مسطول على طول عالموضوع:D
وبقول الله ينتقم من ال سعود


على راسي والله فلسطيني للأبد

بس شوف عدد قتلى الامرييكين تجاوزوا عدد قتلى الاسرائيليين بالحرب على لبنان الآخيره :gem:

الغضب القسامي
31/10/2006, 17:18
بوش خسر الحرب ان تراجع فهي ازمه وان لم يتراجع فتلك اكبر .. فعلاً كما وصفه اهله انه اغبى رئيس امريكي

بس خرب العراق عل آخر

بس نسي صاحب المقال جنود البريطانين وشله ولاننسى مايحصل في افغانستان

موضوع يستحق الحوار مو متل بعض المواضيع. ياريت في وقت

Eh@Ab
31/10/2006, 17:28
مشكور عالكلام :D

الإصلاحي
04/11/2006, 19:34
سلامي للعزيز مسطول على طول هناك رأي اخر يقول التالي.






رسالة ابن خلدون إلى الرئيس بوش


شاكر النابلسي (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)


-1-


يبدو أن السياسيين في الغرب كالسياسيين في الشرق لا يقرأون التاريخ، ولا يقرأون كذلك علم اجتماع الأمم قبل أن يُقدموا على التعامل مع هذه الأمم عسكرياً واقتصادياً وسياسياً. ويقال أن معاوية بن ابي سفيان كان يضع كتاب تاريخ الأمم تحت وساته ويقرأ في صفحاته كل ليلة، ورغم هذا كان ينفي لنفسه كل ما فيه من وقائع وحِكم.

ولو قرأ الساسة الغربيون ما كتبه المستشرقون الغربيون عن الشرق الأوسط وشعوبه وتاريخه بدراية وتأنٍ ووعي تام، لما وقعوا في كثير من الأخطاء السياسية والعسكرية القاتلة التي كبدتهم خسائر وكوارث كثيرة.

ولو قرأ الساسة الغربيون ما كتبه علماء الاجتماع العرب على وجه الخصوص كعلي الوردي العراقي، وسعد الدين ابراهيم المصري، وأحمد البغدادي الكويتي، وبرهان غليون السوري وغيرهم، عن بني جلدتهم وتاريخ أمتهم الاجتماعي، لغيروا الكثير من خططهم وتوجهاتهم وأفكارهم نحو العرب والشرق الأوسط عموماً. ولكن الخطأ الكبير الذي يقع فيه معظم الساسة والقادة في الغرب، أنهم يقررون خططهم وسياساتهم نحو العرب والشرق الأوسط على أساس وبموجب التقارير التي تصلهم من وزارة الخارجية التي تتلقى بدورها تقارير السفراء والقناصل القابعين في مكاتبهم الفخمة والمكيفة، وهم يرون الواقع العربي من خلف ستائر (الماركيزت) ومن خلال حفلات الكوكتيل التي يغشونها، ويقرأون الواقع العربي من خلال كتبة الأعمدة اليومية في الصحافة العربية، ومن خلال تعليقات المعلقين الدينيين والقوميين، في الفضائيات العربية.


-2-


ولو سألنا أنفسنا : كم قنصلاً أو سفيراً غربياً في الشرق الأوسط قرأ علي الوردي، أو هشام شرابي، أو سعد الدين ابراهيم، أو أحمد البغدادي، أو برهان غليون، لما وجدنا نسبة من هؤلاء تتعدى الثلاثة أو الأربعة بالمائة. ولو ذهبنا أبعد من ذلك، وسألنا أنفسنا: كم عدد القناصل والسفراء الأجانب، الذين قرأوا عبد الرحمن بن خلدون ومقدمته المشهورة في علم الاجتماع، وكيف حلل الواقع والمجتمع العربي قبل ستة قرون، وكيف ينطبق هذا التحليل الذي مضى عليه حتى الآن أكثر من ستمائة سنة على الواقع العربي الحالي، وكأن العرب لم يتغيروا ولم يتبدلوا ولم يتطورا منذ ستة قرون إلى الآن، وكأن عبد الرحمن بن خلدون قد أفاق من قبره ونظر إلى العالم العربي الآن بأسى وألم وكتب ما كتبه قبل ستمائة عام ويزيد، فستكون الاجابة أقل من تلك النسبة بكثير.


-3-


فلو قرأ جورج بوش مثلاً ما كتبه على الوردي عالم الاجتماع العراقي (ابن خلدون العراق) عن تركيب المجتمع العراقي، وعن طبيعة الشخصية العراقية، وعن حال الشعب العراقي الثقافي والديني والاجتماعي، والتركيب الديني والقبلي لهذا الشعب، لتردد كثيراً في القيام بحملته العسكرية، التي أدت إلى خلع صدام حسين فجر التاسع من نيسان 2003. ولربما لجأ بوش والإدارة الأمريكية إلى طرق أخرى غير الاسلوب العسكري في تغيير النظام السياسي العراقي. ولربما لجأ أولاً، إلى تغيير البنية الثقافية، واصلاح البنية الدينية، لتكون قابلة ومتقبِّلة للاصلاح السياسي، الذي هدفت اليه الحملة الأمريكية – البريطانية العسكرية على العراق 2003. فقد ثبُت للقاصي والداني، للأعمى والبصير، وللشيخ والصغير، أن العالم العربي قبل بذار الديمقراطية، كان بحاجة إلى حراثة عميقة ومحاريث ضخمة ذات أذرع طويلة، لكي تقلب وتحرث التربة الثقافية والاجتماعية والتراكمات الفقهية الدينية التي شكلتها النظم السياسية والمصالح السياسية على مر العصور العربية – الإسلامية وما زالت تشكلها حتى الآن.

لقد اعتنى الساسة الغربيون دائماً بالبذور قبل عنايتهم بالأرض وبكيفية تحضيرها لزراعة هذه البذور.

ظنوا أن بذورهم تصلح لكل زمان ومكان، ولكل طقس، ولكل تربة، صالحة كانت أم مالحة، غنية كانت أم فقيرة.

وهذا هو الخطأ الكبير الذي ارتكبه هؤلاء الساسة، ومن ورائهم بعض الليبراليين العرب الداعين إلى التغيير والتطوير.


-4-


يقول ابن خلدون موجهاً رسالته إلى من لا يعرف العرب ومنهم الرئيس بوش:

إن العرب نتيجة "لخلق التوحش الذي فيهم أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض، للغلظة والأنفة وبُعد الهمّة والمنافسة في الرياسة. فقلما تجتمع أهواؤهم." (المقدمة، الدار التونسية، ج1، ص 199).

ويقول كذلك:

"إن العرب أبعد الأمم عن سياسة المُلك. والسبب في ذلك أنهم أكثر بداوة من سائر الأمم وأبعد مجالاً في القفر، لاعتيادهم الشظف (الضيق والشدة) وخشونة العيش، فاستغنوا عن غيرهم، فصعُب انقياد بعضهم لبعض لإيلافهم ذلك وللتوحش." (ص 200).

وعن طريقة كيفية حكم الشعب العربي، لا يحتاج الحكام العرب في الماضي والحاضر إلى قراءة كتاب "الأمير" لمكيافيلي" لكي يتعلموا فن السياسة وكيفية أن يسوس هؤلاء الحكام قطعان الأنعام من شعوبهم. فيكفيهم قراءة ما قاله ابن خلدون في مقدمته:

"سياسة المُلك والسلطان تقتضي أن يكون السائس وازعاً بالقهر، وإلا لم تستقم سياسته." (ص200).

وهذه هي العبارة المخفيّة التي يُعلّقها الحاكم العربي في صدره الآن، كالتعويذة و(الحجاب)، ويضعها تحت وسادته، ويُعلّقها في صدر غرفة نومه مكتوبة بماء الذهب، ومؤطرة باطار سميك وفخم مُذهَّب، مقابل لوحة أخرى كاذبة وخادعة، يُعلقها الحاكم العربي في صدر مجلسه، أمام الناس، تقول : "العدلُ أساس المُلك" !

إن العرب "انقطعت منهم عن الدولة أجيال نبذوا الدين، فنسوا السياسة، ورجعوا إلى فقرهم، وجهلوا شأن عصبيتهم مع أهل الدولة ببعدهم عن الانقياد واعطاء النصفة (العدل)، فتوحشوا كما كانوا، ولم يبق لهم من اسم المُلك إلا أنهم من جنس الخلفاء ومن جيلهم." (ص201).

نعم، يا سيدي عبد الرحمن بن خلدون، لو نهضت من قبرك الآن، لأصبتَ بالفجع من منظر العرب الآن أمام مرآة العالم، ولرأيت العرب قد توحشوا الآن كما كانوا. وكما قلت منذ ستة قرون.

إن العرب "لما ذهب أمر الخلافة وانمحى رسمها، انقطع الأمر جملة من أيديهم. وأقاموا في قفارهم لا يعرفون المُلك ولا سياسته. وقد يحصل لهم في بعض الأحيان غلب على الدول المستضعفة، فلا يكون مآله وغايته إلا تخريب ما يستولون عليه من العمران." (ص202).

ولنا من استيلاء سوريا على لبنان، واستيلاء العراق على الكويت، خير دليل حديث على ما يقوله سيدنا ابن خلدون منذ قرون طويلة.

وانظر كيف يصوّر ابن خلدون حال بغداد، وكأنه يحمل الآن كاميرا تلفزيونية، وينقل لنا صوراً حية مباشرة من العراق:

"بويع ابراهيم بن المهدي فوقع الهرجُ ببغداد، وانطلقت أيدي الزعرة (الزعران) بها من الشطّار (اللصوص والمجرمين) ، والحربية (ناهبو المال) على أهل العافية والصون، وقطعوا السبيل، وامتلأت أيديهم على نهاب الناس (ما نهبوه من الناس) ، وباعوها علانية في الأسواق، واستعدى (استنصر) أهلها الحكام فلم يعدوهم (ينصروهم)."

أليس هذا ما جرى في العراق صباح التاسع من نيسان/ابريل 2003 من نهب وسلب، وما زال يجري حتى الآن، حيث انتشر الزعران واللصوص وقطّاع الطرق في بغداد وغير بغداد، واستنجد الشعب العراقي بجيرانه من العرب فلم ينجدوهم بل فتح بعضهم حدوده لارسال المزيد من الزعران واللصوص والمجرمين تحت راية المقاومة. فكانت المقاومة بالنسبة لهم تعني هدم المساجد، وتدمير الحُسينيات، وخطف النساء، وقتل المواطنين الأبرياء، وتفخيخ السيارات، وقتل رجال الجيش والشرطة. حيث المقاومة تعني لهم بهذا هدم الوطن، وقتل مواطنيه.

يتبع.......

الإصلاحي
04/11/2006, 19:40
لقد قسا ابن خلدون على العرب - في رأي الكثيرين من القوميين – قسوة كبيرة حين رمى العرب بطبيعة التوحش، وأنهم لا يتغلبون إلا على البسائط كقوله : " إنهم بطبيعة التوحش الذي فيهم أهل انتهاب وعيث (الافساد). ينتهبون ما قدروا عليه من غير مغالبة ولا ركوب خطر." (ص 197).

كذلك سخط العرب المحدثون على ابن خلدون إلى الحد الذي دفع بعض السلطات التربوية والتعليمية في العالم العربي إلى حذف كل ما قاله وكتبه ابن خلدون من مناهجها، وعدم تدريس آثاره في مدارسها ومعاهدها. وتطبيق الحظر عليه كما هو الحال بالنسبة لماركس ودارون وفرويد من المحظورين. وزاد من نقمة هؤلاء العرب عندما اقرَّ واعترف ابن خلدون أن العرب إذا تغلبوا على الأوطان أسرع اليها الخراب، وقوله الصريح في هذا : "والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم. فصار لهم خلقاً وجبلة. وكان عندهم ملذوذاً لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم، وعدم الانقياد للسياسة. وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له. فغاية الأحوال العادية كلها عندهم الرحلة والتغلب (الانتقال)، وذلك مناقض للسكون الذي به العمران ومناف له. فطبيعتهم انتهاب ما في ايدي الناس. وأن رزقهم في ظلال رماحهم." (ص19. وذلك طبقاً للحديث النبوي: (جُعل رزقي تحت ظلال رمحي.)

ولو قرأ السياسيون الغربيون وعلى رأسهم الرئيس بوش رسالة ابن خلدون في طبيعة العرب لفكّر ألف مرة قبل أن يفعل ما فعله بالعراق. خاصة عندما يقول ابن خلدون:

"العرب متنافسون في الرياسة. وقل أن يُسلّم أحدٌ منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته، إلا في الأقل وعلى كره من أجل الحياء، فيتعدد الحكام منهم والأمراء، وتختلف الأيدي على الرعية في الجباية والأحكام، فيفسد العمران وينتقض." (ص 19

هذا ما كان من حال العرب قبل ستة قرون، فماذا تغير الآن؟


-6-


هل كانت آراء ابن خلدون في العرب على هذا النحو من الصراحة والشجاعة وقوة المنطق وعقلانية التفكير، سبباُ في شهرته في الغرب هذه الشهرة المدوية، واشادة المستشرقين به، وانكبابهم على دراسة آثاره، وتتبع مسارات تفكيره، مما دفع مستشرقاً كالمستشرق ليفي بروفنسال ليقول: "إن صفات العبقرية عند ابن خلدون تتجلى في كونه أحرز قصب السبق في مجالات المعارف الإنسانية، مما جعله في مسار يثير نزعة المعاصرين له من المؤرخين" ؟

إن أهم ما قدمه لنا ابن خلدون نحن العرب، هو أنه كان أول من نقد الذات العربية نقداً علمياً وتاريخياً وواقعياً. فمن هنا نبدأ. ولم يجرؤ مؤرخ من أمثال الطبري والمسعودي وابن الأثير وغيرهم على دراسة التاريخ العربي بعمق وبنظرة نقدية فارزة، كما فعل ابن خلدون. فمثل هؤلاء المؤرخين كانوا يسجلون الوقائع فقط، مثلهم مثل كُتّاب الأرشيف. فهم لا يقدمون لنا أكثر مما هو واقع. في حين كان ابن خلدون يقدم لنا ما وراء الواقع، وهو ما لم يقدر عليه المؤرخون الآخرون. وقد شرح ابن خلدون منهجه الاستقرائي والاستنتاجي والتحليلي هذا في كتابة التاريخ العربي بقوله:

" فأنشأتُ في التاريخ كتاباً، وأبديتُ فيه لأولية الدول عملاً وأسباباً. وسلكت في ترتيبه وتبويبه مسلكاً غريباً، واخترعتُه من بين المناحي مذهباً عجيباً، وطريقة مبتدعة وأسلوباً، وشرحت من أحوال التمدن والعمران، وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية، وما يُمتّعك بعلل الكوائن وأسبابها."

وبهذا سبق ابن خلدون الفيلسوف كانت Kentفي ارساء نظرية التفكير النقدي الهادف للتاريخ والحضارة. وهذه النظرية هي لبُ النقد الذاتي، الذي نحن بحاجة اليه الآن، والذي بدأه ابن خلدون منذ ستة قرون، وتابعه ابن رشد وابن الهيثم. ثم انقطع في عصور الانحطاط، وعاد الآن من جديد على أيدي المفكرين الليبراليين العرب. ولكن من قاموا بالنقد الذاتي المتواضع حتى الآن يُكفّرون، ويُنبذون، ويُحاربون، ويُتهمون بأنهم يناصرون الغرب وسياسة الغرب وعدوان الغرب وبأنهم جالدو الذات الذي لا يكفون عن جلد الذات العربية ارضاءً لأسيادهم في الغرب!


-7-


من خلال هذه اللُمع الخلدونية يمكن أن نفهم العرب قبل ستمائة سنة، وكذلك الآن . فالحال لم يتغير، بعد مضي ستة قرون. ولو قرأ جورج بوش رسالة ابن خلدون في العرب قبل ستمائة سنة، وطبقها على واقع العرب الآن لما قام بحملته العسكرية على العراق 2003 ، ولعلم أن العالم العربي كله مستنقع، وليس العراق فقط. وعليه أولاً أن يطلب من علماء وخبراء الزراعة أنجع الطرق لتجفيف هذا المستنقع أولاً ، ومعالجته وتنظيفه، من كل أوساخه وقذاراته وفضلاته، قبل أن يضع قدمه فيه، وقبل أن يخطو فيه خطوة واحدة.

السلام عليكم.