-
عرض كامل الموضوع : في حال المعارضة السورية وطباعها
غريب الدار
16/05/2005, 16:58
يعرف الجميع كيف تمكنت السلطة البعثية منذ توليها الحكم في سوريا، وخاصة بعد الحركة التصحيحية، من القضاء على كل حركة سياسية تعارضها أو تخالفها إن كانت من الأحزاب التي نجت بشكل ما من بطش سادة الانقلابات العسكرية التي سبقتها، أو تلك التي حاولت القيام والتشكل لاحقاً. فقد احتوت بعض القوى حين ضمتها في تحالف صوري بقيادتها تحت اسم الجبهة الوطنية التقدمية، وأعطت لهذه الجبهة مهمة فائضة عليها، فاعتبرتها القيادة السياسية العليا في الدولة. إلا أن الطريقة القمعية العنفية هي التي اشتهرت فيها السلطة السورية وصارت إحدى سماتها بل وإحدى مقومات استمرارها بالانفراد بمسك كل مفاصل النظام السياسي. فقد قامت السلطة خلال الفترة بين منتصف السبعينيات ونهاية الثمانينيات بزج كل أعضاء هذه التنظيمات في السجون ما عدا بضعة أفراد تمكنوا من اللجوء إلى بلدان أخرى. وبهذا نجحت السلطة في القضاء على كل التنظيمات والأحزاب التي خالفتها واستراحت بعدها من أي تهديد أو تشويش يأتيها من الشارع السياسي. وبعدها ستبدأ منذ بداية التسعينيات (لم تنته حتى هذه اللحظة) إطلاق سراح السجناء بدفعات متباعدة عبر مراسيم عفو رئاسي تعتمد مبدأ المكرمة وليس العفو أو المصالحة السياسية. أي ليس اعترافاً بهذه الأحزاب أو قبولا بها.
:jakoush:
غريب الدار
16/05/2005, 16:59
استئناف النشاط
لم يثن السجن المديد أغلب أولئك السياسيين المسجونين أو الفارين عن الاستفادة من أول فرصة أتيحت لهم بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد وبداية مرحلة نجله الرئيس الحالي بشار الأسد التي اتسمت منذ بدايتها بفسحة أمنية قلقة وهشة لم تقدم الطمأنينة لأحد، غير أنها كانت كافية لهؤلاء السياسيين المعارضين أن يقوموا بنشاطات عديدة بشكل علني وأحياناً تحت أضواء الإعلام الخارجي. هؤلاء، هم وسياسيون ومثقفون غيرهم، يطلق عليهم الآن اسم المعارضة السورية. (التي تضم كل الجماعات الحالية التي تقوم بالحد الأدنى من النشاط السياسي، كالاجتماعات واللقاءات وإعلان المواقف السياسية، إن كانت هذه الجماعات تعمل تحت اسم تنظيمي أو بدون اسم. إضافة لأغلب هيئات حقوق الإنسان إذ يغلب على نشاطها السمة السياسية أكثر من الحقوقية، ولجان أخرى بتسميات متنوعة).
غريب الدار
16/05/2005, 17:00
لا شك بأن الظرف الذي مرت به المعارضة السورية يفرض علينا احترام الكثيرين من رموزها لصمودهم لحد الآن في سعيهم لتحقيق حلمهم بوطن يتسع للجميع، رغم الإنهاك الذي سببه لهم السجن وحرمانهم من أغلب حقوقهم وملاحقتهم والتضييق على مصادر رزقهم حتى هذه اللحظة. لكن هذا الاحترام للأفراد استناداً لتضحياتهم ومشقاتهم لا يجوز سحبه على المجموعات السياسية الراهنة، وإلا لكان شفقة وليس قبولاً أو تقديراً. فالبطش الذي تعرضت له المعارضة السياسية ليس مكسباً لها كما تحاول أن تسوّقه بل هو خسارة سياسية صريحة. :aah:
غريب الدار
16/05/2005, 17:01
يتفق جميع المعنيين بالمعارضة السورية، بمن فيهم أركانها والناطقون باسمها، على أنها ضعيفة ومترهلة وعاجزة. ويرهن أهل المعارضة تحسن أحوالها بسماح السلطة بترخيص الأحزاب وإعلانها. ومع ذلك فإن بعض هذه القوى تحاول ضمن الظروف الراهنة النهوض من حالة عجزها، إلا أنها لم تصب أي نجاح ملموس أو ذي قيمة. فجميعها ما زال متأخراً عن نقد تجاربه السابقة البعيدة والقريبة.
الوطنية
:jakoush:
غريب الدار
16/05/2005, 17:01
تقول السلطة إن في سوريا معارضة وطنية، لكن هذا لا يعني اعترافاً بأحد أو قبولا به كما يعتقد بعض المعترضين. فصحيح أن السلطة استبدلت تسمية القوى والجهات المعادية بتسمية المعارضة الوطنية، وقد ترافق هذا مع موقف هذه القوى من الضغوطات الأميركية على السلطة، حين بدا هذا الموقف للسلطة وكأنه داعم لمواقفها. لكن حين تحتفظ السلطة لنفسها بحق تصنيف معارضة وطنية عن معارضة غير وطنية أو عميلة دون وضع حدود لهذا التصنيف، سيتاح لها المجال لاحقا أن تقمع أي مجموعة بحجة أن هذه المجموعة غير وطنية، حتى لو كانت هذه المجموعة هي كل المعارضين والمخالفين. لهذا لا يمكن اعتبار قول السلطة موقفاً جوهرياً جديداً من المعارضة
غريب الدار
16/05/2005, 17:02
الوطنية في الثقافة السياسية السورية مفهوم ملتبس. فإذ تقبل، ربما، المعارضة السورية، أو بعضها، أنها لم تكن معارضة ديموقراطية طوال تاريخها، أو لم تتبن ببعض مراحلها برنامجاً ديموقراطياً. وربما تقبل أيضا أنها لم تناصر أو تدافع عن حقوق الإنسان وخاصة حقوقه الفردية بنفس الشدة والاهتمام للقضايا الوطنية المتعلقة بمواجهة إسرائيل أو التصدي للإمبريالية، ولهذا فهي تتمسك بقوة أنها كانت دوماً معارضة وطنية، بما في ذلك التيار الديني، أي الأخوان المسلمين.
غريب الدار
16/05/2005, 17:02
مع ذلك لا نجد لدى هذه المعارضة رؤية واضحة لكيفية إنهاء النزاع السوري الإسرائيلي، ولا نجد في أدبياتها ما يوضح معنى الوطنية أو الوطن، اللهم إلا الشعارات واليافطات القومجية التي تعتبر الوطن هو ذاك الشيء الذي يتحدد ويتوقف قوامه وانحلاله على التهديد الخارجي الذي يصهر كل شيء في البلاد في مفهوم الوطن، فيصبح التراب والسلطة والاستبداد والفساد والإنسان كلها الوطن. ولقد اقتصر الفعل الوطني عندها، وضمن فهمها له، على مجرد تراكيب خطابية، لذلك استطاعت دوماً أن تزيد قولاً على قول السلطة في هذا الموضوع ترضي به ذاتها القاصرة.
غريب الدار
16/05/2005, 17:04
صفة الوطنية التي يحلو للمعارضة أن تعتبرها مشتقة من ذاتها أو موقعها، وليست وصفاً لها أو لدورها، فتحجبها عن غيرها كما شاءت، هذه الوطنية تستند بأحد إرجاعاتها إلى قسمة اجتماعية حسب ملكية الأفراد أو منبتهم الاجتماعي أو الطبقي. فبها يكون كل فقير وطنياً بالأصالة، وكل غني مشكوكاً بوطنيته مهما أعيا نفسه بتقديم براهين على وطنيته، أو عليه أن يختصر الطريق و<<ينسلخ>> عن طبقته، كما راج في العرف السياسي اليساري المعارض وفي أدبياته. هذا الانسلاخ يتطلب من المنسلخ أن يلعن أصله وأهله وينقلب عليهم ويتبنى أيديولوجيا الفقر والتعتير. هذه الأيديولوجيا تفرض عليه الدعوة للإفقار وإكبار وتمجيد الفقر والنفور من الغنى ومن الرفاه. :jakoush:
غريب الدار
16/05/2005, 17:05
ولهذه الوطنية، حسب التصنيف المعارض، قسمة سياسية تخص القوى والجماعات السياسية تستند إلى الموقف من السلطة: فكل معترض عليها هو وطني كونها سلطة لا وطنية، حسب بعض التصنيفات. وقد شذ عن هذا التصنيف (الحُكم) تنظيم الاخوان المسلمين الذي اعتبرته أغلب القوى اليسارية المعارضة غير وطني، مستندة إلى شرط ثقافي للوطنية حين ربطتها بالتقدمية، وباعتبار أن كل تيار ديني رجعي وغير تقدمي فهو بالتأكيد ليس وطنياً.
غريب الدار
16/05/2005, 17:07
تصنيف الاخوان المسلمين هذا قديم، أما الآن فتعتبره ذات القوى تنظيماً وطنياً وديمقراطياً كونه يعارض السلطة ويدعو إلى الاحتكام للانتخابات، مع أنه لم يقر للآن بكامل حقوق المرأة ولا بمساواتها مع الرجل في المواطنة، ولم يعلن قبوله حرية الاعتقاد بما فيها الإلحاد
غريب الدار
16/05/2005, 17:11
تصنيف الاخوان المسلمين هذا قديم، أما الآن فتعتبره ذات القوى تنظيماً وطنياً وديمقراطياً كونه يعارض السلطة ويدعو إلى الاحتكام للانتخابات، مع أنه لم يقر للآن بكامل حقوق المرأة ولا بمساواتها مع الرجل في المواطنة، ولم يعلن قبوله حرية الاعتقاد بما فيها الإلحاد
غريب الدار
16/05/2005, 17:12
هذا الموقف لليسار من الاخوان لم يحظ بمثله الليبراليون (من ادعى الليبرالية أو اتهم بها)، فهم ما زالوا بقسمة المعارضة السائدة غير وطنيين، بل عملاء خونة
غريب الدار
16/05/2005, 17:13
واستناداً لهذه الوطنية، وليس استناداً إلى مواطنيتهم أو إنسانيتهم، فقد قُسم السوريون إلى ثلاثة أقسام: الوطني واللا وطني (وهذه التسمية المهذبة أو الوطنية للعمالة والخيانة) في ما يخص السياسيين أو المهتمين بالشأن العام، أما القسم الثالث فهو الإنسان العادي أي السوري غير المهتم بالشأن العام أو السياسي، فهذا يصعب الجزم بوطنيته فربما ينطق قولا أو يأخذ موقفاً يخدم خندق الأعداء. إلا أن الروح الوطنية اقتضت النظر لهذا الإنسان من ناحية نصف الكأس الملآن.
غريب الدار
16/05/2005, 17:14
هذا الإنسان العادي لا يكفيه أن يكون منتجاً ودافعاً لضرائبه ويحترم القوانين السارية وينصاع لها كي يعتبر وطنياً. وليس مهماً أن يحصّل درجات علمية متقدمة في بلد أهم سماته التخلف والأمية، وليس مهماً أن يكون موهوباً بغير موهبة النضال ومنازلة الأعداء، ومن في خندقهم، في منابر الخطابة. وليس مهماً أن يكون ديموقراطياً في بلد ينظم الاستبداد فيه حتى أنفاس أفراده، فبذلك سيكون ليبرالياً أي امبريالياً مرذولاً
غريب الدار
16/05/2005, 17:15
فهم الوطنية في الثقافة السياسية السورية ناجم عن أنها حصرت الفعل السياسي في ساحة معركة، تطلبت كأي معركة جبهتين وخندقين. ومن غير المسموح لأحد أن يتحرك بين الخندقين أو حولهما، فأصحاب خندق الوطن، أو الخندق الوطني، سيعتبرونه في الخندق المعادي وسيرمونه بكل قذائف الخيانة والعمالة واللاوطنية، كل هذا فقط لأنه ليس في خندقهم. وللسخرية، فإن كلا الخندقين يسمي خندقه الخندق الوطني
غريب الدار
16/05/2005, 17:16
بقيت صورة الخندقين وآلياتها، لعقود من الزمن، هي اللوحة الوحيدة في الفهم السياسي السوري والثقافي السوري، لكنها أخذت منذ بضع سنين تتغير وتنسحب لصالح لوحة ترى الميدان السياسي ساحة تضم العديد من اللاعبين أو المتنافسين وحتى المتصارعين، ويمكن للاعبيها تغيير مواقعهم حسب تحرك الآخرين وحسب تغير الأحوال والزمان. لكن السلطة السورية عاجلت هذا الفهم السياسي الجديد وقضت عليه، لأنه يشكل التهديد الحقيقي على لعبتها السياسية ذات الخندقين والتخوين، فاعتقلت عدداً من رموزه لتبث الرعب والخوف بقلوب لاعبين جدد لا يقبلون العمل السياسي في الميدان الأمني الخطر عليهم وعلى مصالحهم، هؤلاء الجدد هم من يمكنهم جعل النشاط السياسي فعالاً ومجدياً بنقله خارج ساحات المعارك والخنادق.
بعد ذلك جاء الغزو والاحتلال الأميركي للعراق ليعيد لوحة الخندقين إلى أوجها، ليسيطر على الذهنية السياسية السورية المسلح الذي يقتل الأميركي والغربي والشرطة العراقية ومن ينوي التطوع فيها على الخندق الوطني، حتى لو كانت أهدافه العودة بالعراق والمنطقة إلى عصر الانحطاط، ويرمى في خندق العمالة أي ديموقراطي يبحث عن سبل سلمية بهدف تحويل بلدان المنطقة إلى أوطان تقوم على فكرة المواطنة التي لا تتحقق إلا استناداً إلى مبدأ المساواة بين الأفراد بغض النظر عن جهاديتهم أو نضاليتهم أو...
غريب الدار
16/05/2005, 17:17
الميدان الأمني
أغلب تيارات المعارضة، تسعى إلى تغيير في النظام السياسي السوري، مع مخاطرتها بعدم معرفة ما سيكون مصيرها بعد التغيير، رغم أنها ترجو مكسباً مهماً منه، أقله انتقالها من النشاط السري إلى النشاط العلني. من جهتها، فإن السلطة لا تسمح صراحة بالنشاط السياسي لا العلني ولا السري طبعاً، لكنها تخلت عن أسلوب الاعتقال التعسفي خاصة في ما يتعلق بالنشاط العلني. غير أن المعارضة لم تستفد بشكل فعال من هذا الهامش غير المشرعن، فلم تتمكن من نقل نشاطها إلى الميدان السياسي بعيداً عن الميدان الأمني. فما زالت جرأتها محصورة في الأمني دون أن تتعداه إلى السياسي والفكري. فأغلب ما نصادفه من آراء لبعض الناشطين أو مقالات لبعض الكتاب، وحتى بعض البيانات وبعض التحركات والإجراءات، فإن الجديد فيها هو الجرأة الأمنية. وهذا سببه الخوف الحقيقي والكبير من بطش السلطة وعقابها الذي يصعب توقعه أو التنبؤ بتوقيته، إذ تسري بين أغلب الناشطين قناعة بأن هذا الهامش الأمني المتاح الآن ليس أكثر من فخ نصبته السلطة للإيقاع بهم، فالجميع واثق أن هذا الهامش المعتمِد على كف يد المخابرات لن يحرج السلطة بالرجوع عنه متى تشاء دون سابق إنذار، ومعاقبة كل من تحرك أو تحدث أو كتب بما لا يرضيها. وهذا أسلوب تعتمده السلطة الحالية طيلة وجودها وعلى مجالات غير المجال السياسي، فهي كثيرا ما تغض النظر عن أمور دون السماح الصريح بها لتبقي على خوف الناس بأنهم يرتكبون مخالفة. لدرجة أن أغلب مقتنيات السوريين التي يمتلكونها تقع ضمن هذا الإجراء.
:jakoush: :gem: :sosweet:
غريب الدار
16/05/2005, 17:18
حالة الترهيب هذه تجعل المعارضين يعملون تحت ضغط الخوف من أن يطاولهم العقاب جراء ما يقومون به، ولهذا فهم يعتبرون أنهم يقومون بعمل مهم وكبير إن هم تجرأوا على مخافة السلطة بفعل أو بنشاط أو بقول بغض النظر عن أهميته السياسية. فينحصر أغلب نشاطهم في الميدان الأمني حيث النصر والربح مضمون نهائياً للسلطة، بعكس الميدان السياسي حيث لا تملك الكثير من فرص الفوز. لهذا نراها تتعامل مع أي فعل أو قول بمقياس الشغب والتآمر والخطر، لتقابله بالضبط الأمني والحل الأمني. ولا تتوانى المعارضة عن استخدام أدوات الميدان الأمني مثل التخوين والعمالة وقسمة السوريين إلى وطنيين ولا وطنيين ورميهم بخندقين، والحكم على الآراء تقديراً لنوايا أصحابها أو من ستخدم أو تقديراً ظنياً إن كانت تشكل خطراً على أمن الوطن، دون الاتفاق على ما هو هذا الوطن وما هو أمنه، كقولها بأن سوريا مستهدفة بدون تمييز بين السلطة والشعب. فنجد بعض المعارضة، وبقلّة نزاهة، يخوّن (كما السلطة) كل من يخالفها رأيها أو موقفها من القضايا الوطنية (ذاتها مواقف السلطة) وتتهمه بالميل للأميركان المصنفين لديها العدو رقم واحد أو رقم اثنين. :lol:
غريب الدار
16/05/2005, 17:20
العلنية والسرية
لم تختر الأحزاب السورية المعارِضة العمل السري عارضة بإرادتها عن العمل العلني. فالسلطات السياسية والأمنية هي المسؤولة عن هدم الحياة السياسية في سوريا طوال أكثر من أربعة عقود ماضية. ولن يكون من السهل على السلطة ولا معارضيها إقامة حياة سياسية علنية، كذلك هو حال جميع السوريين، إذ ليس في ذاكرتهم شيء عن العمل السياسي الطبيعي. وتجربة السنوات الأربع الماضية التي كانت محاولة في هذا الاتجاه بيّنت هذا العجز، فإضافة لعدم شجاعة السلطة لدفع الأمر أكثر صوب حدود معقولة، فنجدها لحد الآن لا تحتمل وجود رأي مخالف وتقمعه بوسائل عديدة، نجد أن المعارضة بدورها لم تستطع أن تكون أكثر أهمية أو أثراً خلال مرحلة العلنية المشوشة القصيرة هذه قياساً بما كانت عليه خلال فترات الملاحقة والاعتقال السابقة المعتم عليها من السلطة بشكل مطلق خلافاً للحال الآن. وهذا يتفق عليه الغالبية.
غريب الدار
16/05/2005, 17:21
تجربة المعارضة السرية تلك كانت فاشلة تماماً، ليس لأن السلطات الأمنية استطاعت أن تقضي على كل الأحزاب والجماعات وتعتقل كل أعضائها تقريباً، بل هذا الجانب ليس له أهمية بالمعنى السياسي في تقييم التجارب الحزبية والسياسية. فحتى لو عجزت السلطات الأمنية عن القضاء على حزب ما فهذا لن يعني دليل نجاحه السياسي، وإن كان نجاحاً أمنياً. فمقياس النجاح هنا هو المقدرة على استقطاب الناس وكسب تأييدهم، وهذا لم تحققه المعارضة السورية يوماً. بل فشلت حتى بلفت انتباه الناس أو نيل تعاطفهم، ما خلا بعض الشفقة على أعضائها الذين <<ضيعوا شبابهم>> حسب رأي الأهل. وأسباب ذلك عديدة لكن أهمها برأيي هو استبعاد المعارضة اعتبار الرأي العام السوري حصراً هو الحَكم عليها وعلى أدائها، وأنه مصدر شرعيتها كما هو مطلوب (وهي تطالب) أن يكون مصدر شرعية من في السلطة. لهذا يفتقد قول الجميع وأفعالهم للحد الأدنى من المسؤولية تجاه الرأي العام، فلا يعتبر أحد أنه سيتغير في حاله شيء إن أخطأ أو أصاب إلا بالمقياس الأمني. لهذا نرى الجميع دوماً يتخوفون من مساءلة السلطة وليس من مساءلة الناس لهم، فهؤلاء لا أثر لهم على مكانتهم ووجودهم.
غريب الدار
16/05/2005, 17:22
كما يعود فشل هذه الأحزاب وبرامجها وخطابها لعدم مقدرتها على التواصل مع الناس أو التعبير عن همومهم، ولتعاليها عليهم وعدم احترامهم لأنها تعتبر نفسها نخبة عارفة بمصالح الناس أكثر منهم. وتقر هذه الأحزاب ببعض الفشل على هذا الصعيد لكنها تعزوه بشكل مطلق إلى قمع السلطة ومنعها من العمل العلني وتخويف الناس من تأييدها والالتفاف حولها. لكنني أعتقد أن هذا ليس السبب الرئيسي رغم أهميته ودوره، فالأحوال الآن تتيح للسياسي من قول رأيه بالكثير من الوضوح والصراحة ضمن أوساطه الاجتماعية. ومع هذا لم نلحظ أي تطور أو تقدم في كسب المعارضة أي تأييد شعبي. وأرجّح أن السبب الأهم هو اعتياد السياسيين الناشطين الآن على العمل السري ولم يتمرسوا بالنشاط العلني. فالنشاط السري أهون وأسهل كونه لا يضع أمام السياسي سوى تحد واحد هو الاختفاء عن العيون الأمنية، ولا يحمله أية مسؤولية سوى المحافظة على ذاته بعيداً عن قبضة المخابرات. وحتى هذا الخطر هو مؤجل إلى أجل غير مسمى، وقد لا يتحقق حسب ظن الناشط الذي يكون في الأغلب بعمر الشباب، إذ يشكل العمل السري بالنسبة له إغراء بحد ذاته. هذا العمل الذي لا يتطلب مهارات أكثر من إتقان كتابة بيانات حماسية غير مسؤولة ورشاقة في توزيعها، وإجادة اقتناص أفراد واقعين تحت أزمات راهنة لجرهم أو لجذبهم إلى التنظيم، حيث لن يكون من السهل عليهم الانسحاب منه لاحقاً خوفاً من التشهير والاتهامات السفيهة التي سيلاحقهم بها هذا التنظيم، وما زال هذا العرف ساريًا حتى الآن وبأثر رجعي. :jakoush:
غريب الدار
16/05/2005, 17:22
أما النشاط العلني فيتطلب مهارات وكوادر وآليات مختلفة تضع السياسي أمام مسؤوليات آخرها الأمني. فهي مسؤوليات سياسية واجتماعية وأخلاقية تحاسبه على كل قول أو موقف أو سلوك أمام الجمهور من الشعب أو النخب أو السياسيين الآخرين. فالمقياس هنا هو النجاح أو الفشل وليس الإفلات من المخابرات أو الاعتقال.
غريب الدار
16/05/2005, 17:23
موقع المعارضة
المعارضة في سوريا هي موقع أكثر منها دوراً، استولت عليه بعض الشخصيات والجماعات منذ زمن طويل وصار له سلطته وأسياده يتحكمون ليس بأحزابهم وتنظيماتهم فحسب بل بما يعتبرونه موقع المعارضة، إذ يخولون أنفسهم بمنح أو حجب لقب معارض عن السياسيين الآخرين، كما حصل بموقفهم من جماعة الغادري حين تمحور هذا الموقف على اعتبار هذه الجماعة من المعارضة أم لا، وليس على أي شيء آخر. فبدت جماعات المعارضة السورية أقرب لتركيبة العشيرة حين فصلت أبعاد ساحة المعارضة على مقاساتها وأحاطتها بسور عال لممانعة دخول سواها إليها. ولم ينتبهوا إلى أنهم صاروا أسرى هذه الأسوار وصارت علاقة أفرادها مع هذا الموقع علاقة انتماء، وكأنهم لا يريدون أن يأتي يوم يخرجون منه إلى مواقع السلطة، وكأنهم بذلك سيفقدون هويتهم وماهيتهم الوحيدة: أي المعارضة
غريب الدار
16/05/2005, 17:23
الدور المعارض هو فعل تنافسي، والموقف الاعتراضي هو رد فعل عصبي، وربما عصابي. والمعترض يتحدد، فقط، بمن يعترض عليه، أما المعارض فيتحدد بمواقف وآراء قبل وبغض النظر معارضته جهة أو سلطة، مما يضعه في موقع اللاعب المنافس مهما صغر حجمه. ومع أن مجال التنافس الآن معدوم ظاهرياً، إذ أن الشرعية التي تعتمدها الفئة الحاكمة في السلطة ليست مجالاً للتنافس. فهذه الشرعية (وهي ليست شرعية)، التي تستند أساسا إلى عامل القوة العنفية والعسكرية التي سميت سابقاً بالثورية والانقلابية، تخلت عنها كل أطراف المعارضة منذ بعض الوقت، بعد أن اعتمدتها وآمنت بها لفترة طويلة سابقاً، وذلك لأسباب عديدة ليست خافية على الجميع، أهمها عدم توفر الإمكانية الذاتية بعد أن تمكنت السلطة من الانتصار عليها في الميدان الأمني وتحطيم بناها التنظيمية بواسطة الاعتقال والتعذيب والتهجير. إضافة إلى أن هذه القوى لم يعد لها من رصيد سياسي (تسميه نضالياً) سوى كمية معاناتها من الملاحقة الأمنية وعدد سجنائها ومعتقليها. ولا نجد أي إنجاز مهم لها على مختلف جوانب الصعيد السياسي سوى اعتراضها على السلطة، مكتفية به على أنه برهان يؤكد صحة مواقفها وسلوكها، وأن تضحياتها جراء هذا الموقف كفيلة بإثبات طهر نواياها ومقاصدها. وتعتبر أن الكرة الآن في ملعب الجمهور ليختار بين السلطة وبينها!! بين الظالم والمظلوم، وبين الجاني والضحية. والحقيقة أن الخيار ليس صعباً فالفارق ليس سياسياً. حتى أننا نجد كثيرين يرون فيهما وجهين لعملة واحدة.
غريب الدار
16/05/2005, 17:24
الحيرة في الموقف
لا يجوز لمن اختار العمل في الحقل السياسي ضمن جماعة أو تنظيم أو حزب أن يتذرع بالحالة الأمنية ليقف حائراً أمام الجمهور طارحاً عليه الأسئلة والتساؤلات بدل أن يقدم له المواقف والإجابات. ولا يكفي هذا الجمهور ليختار هذه الجهة أو تلك لمجرد أنها تعترض على أداء السلطة أو على مواقفها دون أن تقدم آراءها ومواقفها بشكل تفصيلي واضح وجريء من كل جديد في الحياة العامة والسياسية في البلاد بغض النظر إن توافقت مع السلطة أو خالفتها. وعلى هذه الجهة، كالمعارضة السورية، لكي تكسب احترام الجمهور وتأييدهم أن تتعامل مع الأحداث بمسؤولية كما لو أنها تمتلك القرار بشأنها. فبغير ذلك سيصعب علينا فهم مواقفها، أو للدقة انتفاء مواقفها. إذ نراها بدلا من أن تقدّم لنا الإجابات على خيارات الواقع وأسئلته نجدها تواجهنا بالحيرة مكتفية بالشكوى. فهي تصمت أمام تحولات السلطة الأخيرة في المجال الاقتصادي، وتختفي حين تبادر السلطة للتفاوض مع الإسرائيليين، وتطل لتخبرنا بعجز السلطة عن الإصلاح وبجور الأميركان، وتشتكي أن الشعب السوري خارج المعادلة وأنها أضعف من أن تطرح نفسيها بديلاً، فلا يبقى أمام السوريين تجاه هذه الصورة إلا التضرع لأبواب السماء أو لأبواب السفارات الغربية.
نهاية
غريب الدار
16/05/2005, 17:24
نهاية
لا بد أني خلطت أحيانا بين الآراء والمواقف الحالية لقوى المعارضة وبين آرائها ومواقفها السابقة لعدم معرفتي الأكيدة بكل ما تخلت عنه، وهذا ليس ناجماً عن تقصيري بمتابعة خطابها وأدبياتها، بل لعدم تطرقها للكثير من القضايا التي كانت تشغلها في السابق. واعتبرتْ أنه يتوجب علينا تقدير ما تريده لمجرد مطالبتها بالديمقراطية وتصديها البلاغي للأمريكان ومطالبة السلطة بالإصلاح. والآن أعتقد أنه يجب علينا الإجابة عن سؤال: لماذا لا يوجد معارضة سياسية في سوريا.
ana karaat hada el esham el azeem wa bakeet dakaek ufaker, eza kan fee suria haik mufakreen, fa men ayen yastaoredoon hal wezaraa el hameer, kalamak dakeek ,fekree gedan nageh, wa tashkhees saleem,
atamanna samaa el badeel fee raeyak, ya gareeb mucharakatak kulla aazemme, alla la yehremna mennak o men ketabatak. maaan hatta el democratee al kamlee.
:D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D :D
ana ashoor bel naks le anno ma ende keebwoord bel arabee, lekaee astatee eltauasol maakom.laken ana mtabee o akraa lakum o usharekon. salamat
to live is to die
20/05/2005, 08:09
:D :D :D
أحمد العجي
20/05/2005, 08:58
علينا قبل ان نتتطرق لمسمى المعارضة ان نعرف من هي المعارضة وماهو هدفها وماذا تتطمح اليها واين هي المعارضه هل هي داخل سوريا وفعلا تعاني من الاظطهاد والضيم انا ان هناك معارضة في المنفى تصول وتجول وتنعم بخير البلد المضيف لها اعزائي المعارضة السورية اغلبها معارضه مادية تسعى للكرسي فقط وعلى سبيل المثال المعارضف في البيت الاسدي نفسه عندما احس الرئيس السابق حافظ الاسد بمنافسة اخيه رفعت قلص كل صلاحيتها ومن ثم نفى الى الخارج هذا مثال من امثله كثيره على امنيه الوصول الى كرسي الرئاسه انا برائي ان المعارضة الشريفة التي فعلا تستحتق كب التقدير والاحترام هي المعارضة الداخليه وان اصبحت الان معدومة او مخنوقة ان صح التعبير
اخوية نت
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة