yass
18/05/2005, 13:29
عهد جديد : يمتلك فيه المواطن سلطة المحاسبة وحق السؤال
كان المشهد فريدا عندما سمعت صياح سائق سيارة اجرة يمد رأسه من النافذة ويصيح على سيارة بجواره يمكن أن نقول وفق معاييرنا نحن السوريين بانها ( مدعومة ) ، دفعني فضولي لاسترق السمع ، فوجدت ان سائق السيارة العامة يلوم ويصيح على صاحب السيارة المدعومة لأنه " زمّر " عندما كان وراءه بدون وجود سبب لذلك ..
وكل الوقت كان يقول له " ليش عم تزمّر يا .. كذا و كذا .. " احتد النقاش تجادلا وتصايحا ثم انسحب صاحب السيارة الشبح " المفيمة " امام اصرار السائق وعناده ، واخذ طريقاً اخر ، و بقي صاحب سيارة الاجرة واقفا الى ان غاب " المدعوم " عن الانظار ..
الشرارة التي اطلقت الثورة الفرنسية كانت انسكاب برميل خمر على الأرض ، وقد يكون " زمّور " سيارة مدعومة هو الشرارة التي نستدل منها ان ثورتنا السورية قد بدأت.
الثورة السورية لن تكون ثورة دموية تقليدية ، وانما هي ثورة على الخوف ، ورفض للخنوع والخضوع للباطل ، لم يكن سائق سيارة الاجرة يستطيع ان يرفع عينه في عين صاحب السيارة " المدعومة " لو ان هذه الحادثة وقعت منذ بضع سنوات ، ولكان مصير السائق الضرب والاهانة وربما السجن ..
المواطن السوري اليوم يتحرر من الخوف الذي عاش فيه سنين طويلة ، ونحن اذا لم نعترف باننا كنا نعيش حالة الخوف هذه فاننا لن نستطيع ان نوصف الحاضر الراهن على انه ايجابي.
نعم اليوم نحن نكسر القشرة السميكة التي غلفتنا ، ونتنفس لاول مرة منذ عقود هواء تزيد فيه نسبة الحرية.
الاقلام بدأت تطال شخصيات كانت في مقام المقدسات في الماضي القريب ، حيث كان يمكنك ان تكفر بالرب ما شئت في الشارع وباعلى صوتك ، بينما يتحتم عليك ان تهمس حين تذكر اسم هؤلاء ولو كان الذكر يصب في خانة المديح.
لنجد يوماً بعد يوم ان اسماءً كانت تعيش حالة انفراغية فوقية لم تعتد ان تسمع سوى المديح و " النفخ " من الوسط الفاسد الذي تعيش فيه ، تدخل مقلاة النقد وهاجس المحاسبة.
في مجلس الشعب يهاجم عضو في المجلس الحكومة وينتقد الاعلام ، ويطالب بتحقيق مع رجل في موقع المسؤولية والكل يعرف مدى قربه من السيد الرئيس ، المحامون في مؤتمرهم ينتقدون القضاء ويشيرون بشكل مباشر الى السمسرة ، والممارسات الخاطئة ويطالبون بشكل علني بالإصلاح والقضاء على الفساد ، الطلبة يتكلمون في المؤتمرات او الجلسات وينتقدون المناهج ويطالبون بإلغاء قانون الطوارئ ، تخرج بعض المظاهرات و تنفذ الاعتصامات دون ان تكون هناك اية اعتقالات ، اقلام المعارضة بدأت تتواجد في الصحف الرسمية ، وشخصيات عامة مثقفة بدأت بالحديث وانتقاد الوضع الراهن بجراءة في الفضائيات في حلقات تبث من قلب دمشق.
المواطن السوري بدأ يتكلم بدأ يتحرر من الخوف ، ونجد هذا التحرر في حالة متقدمة لدى النخبة وهو لا شك انه سينعكس على القاعدة ، والشيء الذي بت متأكدا منه انه في وقت قريب ، سيكون السكوت عن الخطأ بدافع الخوف شيئاً من الماضي ، وسيستمر الجميع بالمطالبة بالإصلاح وإلغاء الامتيازات ومحاربة الفساد والقضاء على التجاوزات وإنهاء حالة الحصانة القدسية التي تحيط بالشخصيات العامة من المسؤولين والمقربين وأصحاب النفوذ.
اعرف ان الصورة ليست وردية ، واعرف انه ربما يتم رصد حالة هنا واخرى هناك تهدف إلى وقف هذا المد الذي بات يشكل حالة رعب للكثير من الفاسدين، ولكني متأكد أيضا أن جميع من هم في مواقع المسؤولية باتوا يحسبون خطواتهم جيدا ويراقبون تحركاتهم لأنهم أصبحوا متأكدين بان الشعب يراقبهم ولن يرضى الا بمحاسبتهم بعدما بدأت قشرة الخوف تتشقق إيذانا بولادة عهد جديد ، عهد يمتلك فيه المواطن سلطة المحاسبة وحق السؤال ، حتى لو كان السؤال بسيطا ومعبرا عن " زمور " وقح أطلقته سيارة مدعومة فيأتيها جواب رافض " ليش عم تزمر " ؟؟
نضال معلوف
كان المشهد فريدا عندما سمعت صياح سائق سيارة اجرة يمد رأسه من النافذة ويصيح على سيارة بجواره يمكن أن نقول وفق معاييرنا نحن السوريين بانها ( مدعومة ) ، دفعني فضولي لاسترق السمع ، فوجدت ان سائق السيارة العامة يلوم ويصيح على صاحب السيارة المدعومة لأنه " زمّر " عندما كان وراءه بدون وجود سبب لذلك ..
وكل الوقت كان يقول له " ليش عم تزمّر يا .. كذا و كذا .. " احتد النقاش تجادلا وتصايحا ثم انسحب صاحب السيارة الشبح " المفيمة " امام اصرار السائق وعناده ، واخذ طريقاً اخر ، و بقي صاحب سيارة الاجرة واقفا الى ان غاب " المدعوم " عن الانظار ..
الشرارة التي اطلقت الثورة الفرنسية كانت انسكاب برميل خمر على الأرض ، وقد يكون " زمّور " سيارة مدعومة هو الشرارة التي نستدل منها ان ثورتنا السورية قد بدأت.
الثورة السورية لن تكون ثورة دموية تقليدية ، وانما هي ثورة على الخوف ، ورفض للخنوع والخضوع للباطل ، لم يكن سائق سيارة الاجرة يستطيع ان يرفع عينه في عين صاحب السيارة " المدعومة " لو ان هذه الحادثة وقعت منذ بضع سنوات ، ولكان مصير السائق الضرب والاهانة وربما السجن ..
المواطن السوري اليوم يتحرر من الخوف الذي عاش فيه سنين طويلة ، ونحن اذا لم نعترف باننا كنا نعيش حالة الخوف هذه فاننا لن نستطيع ان نوصف الحاضر الراهن على انه ايجابي.
نعم اليوم نحن نكسر القشرة السميكة التي غلفتنا ، ونتنفس لاول مرة منذ عقود هواء تزيد فيه نسبة الحرية.
الاقلام بدأت تطال شخصيات كانت في مقام المقدسات في الماضي القريب ، حيث كان يمكنك ان تكفر بالرب ما شئت في الشارع وباعلى صوتك ، بينما يتحتم عليك ان تهمس حين تذكر اسم هؤلاء ولو كان الذكر يصب في خانة المديح.
لنجد يوماً بعد يوم ان اسماءً كانت تعيش حالة انفراغية فوقية لم تعتد ان تسمع سوى المديح و " النفخ " من الوسط الفاسد الذي تعيش فيه ، تدخل مقلاة النقد وهاجس المحاسبة.
في مجلس الشعب يهاجم عضو في المجلس الحكومة وينتقد الاعلام ، ويطالب بتحقيق مع رجل في موقع المسؤولية والكل يعرف مدى قربه من السيد الرئيس ، المحامون في مؤتمرهم ينتقدون القضاء ويشيرون بشكل مباشر الى السمسرة ، والممارسات الخاطئة ويطالبون بشكل علني بالإصلاح والقضاء على الفساد ، الطلبة يتكلمون في المؤتمرات او الجلسات وينتقدون المناهج ويطالبون بإلغاء قانون الطوارئ ، تخرج بعض المظاهرات و تنفذ الاعتصامات دون ان تكون هناك اية اعتقالات ، اقلام المعارضة بدأت تتواجد في الصحف الرسمية ، وشخصيات عامة مثقفة بدأت بالحديث وانتقاد الوضع الراهن بجراءة في الفضائيات في حلقات تبث من قلب دمشق.
المواطن السوري بدأ يتكلم بدأ يتحرر من الخوف ، ونجد هذا التحرر في حالة متقدمة لدى النخبة وهو لا شك انه سينعكس على القاعدة ، والشيء الذي بت متأكدا منه انه في وقت قريب ، سيكون السكوت عن الخطأ بدافع الخوف شيئاً من الماضي ، وسيستمر الجميع بالمطالبة بالإصلاح وإلغاء الامتيازات ومحاربة الفساد والقضاء على التجاوزات وإنهاء حالة الحصانة القدسية التي تحيط بالشخصيات العامة من المسؤولين والمقربين وأصحاب النفوذ.
اعرف ان الصورة ليست وردية ، واعرف انه ربما يتم رصد حالة هنا واخرى هناك تهدف إلى وقف هذا المد الذي بات يشكل حالة رعب للكثير من الفاسدين، ولكني متأكد أيضا أن جميع من هم في مواقع المسؤولية باتوا يحسبون خطواتهم جيدا ويراقبون تحركاتهم لأنهم أصبحوا متأكدين بان الشعب يراقبهم ولن يرضى الا بمحاسبتهم بعدما بدأت قشرة الخوف تتشقق إيذانا بولادة عهد جديد ، عهد يمتلك فيه المواطن سلطة المحاسبة وحق السؤال ، حتى لو كان السؤال بسيطا ومعبرا عن " زمور " وقح أطلقته سيارة مدعومة فيأتيها جواب رافض " ليش عم تزمر " ؟؟
نضال معلوف