-
دخول

عرض كامل الموضوع : قرآت في التجربة الغيفارية


وائل 76
24/11/2006, 23:42
ماذا تبقى من تشى غيفارا؟ الجزء الاول



في ذكرى مقتل إرنستو تشى غيفارا:
ماذا تبقى من تشى غيفارا؟
الغيفارية في حقبة العولمة
(الجزء الاول)

"تشى، رمز العالم لامكانيات رجل واحد"
فرانز فانون

رغم وفرة ما كتب عن تشى غيفارا وإرثه، فان الفصل الاخير لم يكتب بعد. فهناك الكثير من أعماله التي لم تنشر، وهناك الكثيرون ممن شاركوه المسيرة، منذ التحاقة بالثوار الكوبيين عام 1955، واللذين لم يقولوا كلمتهم الاخيرة بعد. إلا أن الاهم، أن شعوب الارض ما زالت تعيش أوضاعاً تزداد سوءً في ظل العولمة وسياساتها النيوليبرالية وفي ظل الاحتلال العسكري الامبريالي "والحرب على الارهاب"، ولن تتوقف هذه الشعوب عن المقاومة وإستلهام الغيفارية، فكراً وممارسةً، في نضالها ضد الاستغلال والظلم.
أثارت الغيفارية على مدى أربعة عقود، وما زالت، الكثير من الجدل في الاوساط السياسية والفكرية الثورية. وحيث تضيق هذه الدراسة بتقييم الغيفارية بكافة مفاهيمها، فاننا سنتناول عرضاً موجزاً لها دون أن يخل ذلك بمرتكزاتها الاساسية، متوقفين عند المحطات المفصلية في المسار الفكري والسياسي لتشى غيفارا والانتقادات التي تعرض لها. ولا ننوي من وراء ذلك إستنساخ التجربة الكوبية أو الغيفارية، بل إستخلاص العبر والدروس لمشروع النهوض العربي من خلال رؤية ترفض الدوغما والصنمية وتستخدم القوانين العامة لحركة الشعوب والتاريخ، وتستوحي في الوقت ذاته خصوصيات وسمات الواقع العربي الذي يكتنز بالعديد من العوامل الموضوعية والذاتية (بما فيها الكامنة) للنهوض وإحداث التغيير الثوري.

حياة قصيرة الأجل
لقي تشى حتفه ولم يبلغ من العمر الاربعين. وبين عامي 1956 (إنطلاقة الثورة الكوبية) و1967 (إستشهاده) تولى مهام ومناصب حسّاسة ورفيعة شملت القائد العسكري الثاني في الثورة الكوبية بجانب فيدل كاسترو، مدير البنك المركزي ووزير الصناعة في كوبا، وممثل الحكومة والثورة الكوبية على المستوى العالمي وثائراً امميا في الكونغو وبوليفيا.
إلاّ أن حياة غيفارا تظل قصيرة بكل المقاييس ومهما بلغ التفاؤل بقدرة الفرد ومواهبه، مما يستوجب الاخذ بعين الاعتبار ان الرجل لم تسنح له فرصة إكتمال تجربته ومفاهيمه وأفكاره وصياغتها في نظرية ورؤية ناضجة متكاملة. وربما تصبح المسألة أكثر وضوحاً وموضوعيةً إذا ما طرحناحا على النحو التالي: لو أخضعنا الكثير من الساسة والقادة والثوار في التاريخ الحديث للمعيار الزمني إياه وقيّمنا إنجازاتهم خلال إحدى عشر عاماً من حياتهم، فمن منهم تسنى له ان ينجز ما انجزه تشى خلال الفترة ذاتها؟

منظوران في قراءة الغيفارية
يتوقف الموقف من الغيفارية في حقبة العولمة، كما هو الحال في قراءة الماركسية والاشتراكية، على المنطلق والمنظور الذي يستخدم في قرائتها:
1) فهناك المنظور البرجوازي الذي يرى في الغيفارية نهجاً سياسياً قد مات وولى زمنه ولم يتبقى إلاّ أن نعلن مراسيم دفنه. وهو منظور يرى أن التاريخ قد إنتهى وان اللحظة لا تتسع إلا لمفاهيم وسياسات العولمة الرأسمالية والنيوليبرالية. وهذا النهج، عدا كونه أداة لرأس المال، لا يقدم سوى فهم آلي جامد بلا نبض ولا إبداع ولا يبقي من خيارات أمام الانسانية إلا أن تلفظ أنفاسها الاخيرة.
2) أما المنظور الآخر فيقوم على قراءة الغيفارية قراءة نابضة مكتنزة بالحيوية ويرى فيها رؤية وممارسة ترفضان الجمود العقائدي والتخشب الايديولوجي، قراءة تستشرف مفاهيمها تشى غيفارا الدينامية في تجارب الشعوب وترفض الركون الى علاقات الاستغلال والهيمنة القائمة وتقدم البديل لعالم افضل ومستقبل أسعد.
(1)
نقد الغيفارية بين الشخصنة والتدمير
خلافاً للانطباع العام، لم يحظى تشى في حياته ومماته بالافتتان والاسطورية والتمجيد فحسب، بل تعرض ايضاً، وما زال حتى يومنا هذا، لحملات عديدة من النقد والتجريح والتدمير التي إنهالت عليه من كافة قوى اليسار واليمين.
يجدر بنا هنا ان نلحظ ان الكثير من الانتقادات التي تعرض لها تشى في فكره وممارسته، قد طغت عليها العوامل والدوافع الشخصية والسيكولوجية لتشى غيفارا الفرد، وتجاهلت العوامل والظروف الخارجية والاجتماعية والاقتصادية ومجمل السياق العام في أميركا اللاتينية أو أفريقيا أو العالم الثالث. ولا داعي هنا للتيه في التبريرات والنوايا الطيبة لهذه الانتقادات، فالنوايا الطيبة هذه أمر لم تحظى بها الحركات الثورية وخصوصأ الماركسية عبر القرن الماضي الذي إحتقن بسموم الدعاية الرأسمالية المغرضة والسفيهة.
وبينما إنطلق الكثير من الانتقادات من مدافع اليمين الرجعي والآلة الاعلامية الرأسمالية في الغرب، فان "اليسار"، وخاصة المأجور منه لرأس المال وأوساطه الاكاديمية والاعلامية، لم يتواني عن الإدلاء بدلوه. وإلاّ فلمَ الإصرار، وبعد هذه السنوات الطويلة، على محاكمة تشى غيفارا وفكره وممارسته على أنه "تجربة أسطورة" أو مقاتل مغامر، أو ثوري حالم، وتحاشي تقييم الغيفارية في سياقها التاريخي والاجتماعي كتجربة من تجارب الشعوب ومساهَمة في التغيير الثوري الهادف الى إنسانيةٍ جديدة؟ ألم يكن تشى، كما كان كاسترو ولينين وإن شئتم فغاندي وغيرهم الكثيرون، نتاجاً للحقبة التي عاشوها ولسياق الظروف الاجتماعية والتاريحية التي أحاطت بهم؟ وعلى سبيل المثال، لماذ التقليل من دور الاتحاد السوفييتي (وتبعية الحزب الشيوعي البوليفي لموسكو وهيمنة النهج الستاليني على قراره وسياساته مثل العديد من الاحزاب الشيوعية في أميركا اللاتينية آنذاك) في فشل التجربة البوليفية، والاكتفاء باتهام تشى والقيادة الكوبية بعدم الاعداد السياسي والجماهيري الكفيل بتوفير المساندة للحملة في بوليفيا (1966 ـ 1967)، وأن تشى، وإن كان الامر صحيحاً، لم يتمكن من بناء قاعدة/حركة جماهيرية تدعم الثورة مما أدّى الى عزلته ورفاقه وتصفية العملية الثورية باسرها؟

والسخرية أيضاً
لا ضير في نقد الغيفارية، كحركة ثورية، طالما قام النقد على إرضية المقاومة ومقارعة الامبريالية. وعليه، فان تقييم الغيفارية يجب أن يقوم على ضوء المعطيات الخاصة لكل حالة، لا على محاولات التدمير والتشويه والتزييف. كما لا يجوز أن يقتصر نقد الغيفارية على تعداد الاخطاء والاخفاقات وتجاهل الانجازات التي حققتها الثورة والتجربة الكوبية على كافة المستويات، المحلية والاقليمية والاممية. لماذا النظر الى الفشل في بوليفيا، مثلاً، دون الاقرار بالانجازات في كوبا وأفريقياً؟
يقول خورخى كاستينييدا Jorge Castaneda "اليساري" السابق المرتد، أن كلاً من كاسترو وتشى قد فشلا ولم يعد هناك في عالم اليوم من يريد ان يقترب من فكرهما ويؤكد أنه "ليس هناك غيفاريون اليوم، كما أنه ليس هناك من هو معنيٌ بالاشتراكية". ويزعق أكاديمي أميركي، من حضن الاكاديمية الرأسمالية الناعم، ان تشى قد "فشل في بناء إقتصاد قويٍ متماسك كما فشل في نشر الثورة" وأن السياسات الاقتصادية والسياسية التي تبناها كانت "وبالاً" على العمال الكوبيين.
(2)
الفكر السياسي لتشى غيفارا:
المرتكزات ونقدها
البداية السياسية لتشى غيفارا
شكّل الانقلاب التي دبرته وكالة الآستخبارات الاميركية (سي آي إي) عام 1954 ضد الحركة الديمقراطية في غواتيمالا التي تزعمها يعقوب أربنز Jacobo Arbenz ، المواجهة السياسة الاولى لغيفارا (الذي كان آنذلك في زيارة لغواتيملا) مع الامبريالية الاميركية، وربما كان اللحظة الفاصلة بين تشى الرحّالة المتجول بحثاّ عن "معركته" وتشى الثائر. اتجه تشى، بعد ترحيله من غواتيملا، شمالاً نحو المكسيك حيث إلتقى فيدل كاسترو وأخاه راؤول في صيف 1955 وإلتحق هناك بالثوار الكوبيين.

البؤرة والثورة
رأى تشى أن الثورة في أميركا اللاتينية قد تأخرت لان حركاتها الثورية وقياداتها (بما فيها الاحزاب الشيوعية المرتبطة بموسكو والتيارات التروتسكية وغيرها) تبنت خطاً سياسياً خاطئاً ومستورداً ولم تنطلق من فهم موضوعي للواقع والظروف المحلية في تلك البلدان. أما الكفاح المسلح، فقد إسخدمته هذه الاحزاب إستخداماً لفظياً وإنتهازياً في معاركها البرلمانية ولتحقيق مكاسب سياسية آنية.
رأى غيفارا أن المفتاح الاساسي لانطلاق العملية الثورية في بلدان أميركا اللاتينية (بما فيها الوصول الى السلطة والاطاحة بالنظام الرأسمالي)، يكمن في إستراتيجية البؤرة الثورية (أو النواة الثورية المعروفة باستراتيجية أو نظرية الفوكو foco أو focoism من الاصل الاسباني) والتي لقيت نجاحاً في الحالة الكوبية كما دعا الى إستثمار الثورة الكوبية ونجاحاتها.
وتتلخص هذه الاستراتيجية في أن تقوم مجموعة صغيرة من الثوار بالمبادرة الثورية بإقامة قواعد عسكرية في الريف (القواعد الارتكازية) وبشكل منفصل عن الفلاحين، ثم تنطلق في عمليات عسكرية متصاعدة مع القوات العسكرية لنظام الحكم (المرتبط بالامبريالية)، عاملة على كسب دعم وتجنيد الجماهير التي تأخذ بالالتحاق بها وصولاً الى النصر النهائي. وتأسيساً على هذه الاستراتيجية، دعت الغيفارية الى إقامة العديد من هذه "البؤر" في أميركا اللاتينية والعالم كاستراتيجة للنضال.



يتبع

وائل 76
24/11/2006, 23:45
نقد إستراتجية البؤرة الثورية
إشتد النقد لهذه الاستراتجية بعد مصرع تشى وفشل حملته في بوليفيا. ويظل النقد الماوي لهذ الاستراتيجية (وغيرها من مفاهيم الكفاح المسح والعلاقة مع الفلاحين والجماهير) الاكثر جدية وأهمية بالرغم من أنه لم يخلو من الدوافع الشخصية والحزبية الضيقة، وفيما يلي الخطوط العريضة لهذا النقد:
1) لم تستوعب الغيفارية، في نظر الماويين، ان نسبة كبيرة من هؤلاء الفلاحين كانوا من الهنود الاصلانيين الذين لا يثقون أصلاً بالثوار حيث كانوا ينظرون اليهم بخشية كدخلاء كما كانوا ينظرون الى الرجل الابيض.
2) فيما يتعلق بالقواعد الاتكازية، وجد الناقدون ان تشى غيفارا وفيدل كاسترو ركزا على الوظيفة العسكرية لهذه القواعد وأغفلا الجانب السياسي والتثقيفي في العمل الجماهير.
3) وحول العلاقة بين البؤرة الثورية والحزب، إتهموا الغيفارية بالتقليل من الصعوبات والعقبات التي تواجهه استراتيجة حرب العصابات في بلدان اميركا اللاتينية والعالم الثالث والمغالاة في دور التجربة الكوبية وإحتمالات تكرارها ونجاحها في تلك البلدان.
لا تستطيع الشعوب المضطهدة ان تقضي على الامبريالية بشكل تام في الاغلبية الساحقة من بلدان العالم الثالث، كما تؤكد الماوية، دون تجنيد الفلاحين، كما أنه لا يمكن "لوحدات العصابات الصغيرة" ان تحل محل الحزب الثوري ذي القاعدة الجماهيرية العريضة والذي يحظى بمساندة العمال والفلاحين.
أما رد الغيفارية على مثل هذه الانتقادات فقد تمحور حول النقاط التالية:
1) لم يزعم تشى ولا فيدل كاسترو أن إستراتيجية "البؤرة الثورية" هي الخيار الوحيد للشعوب، بل وجدا انها الوسيلة الانجع لنضال الشعوب المقهورة في أميركا اللاتينية والعالم الثالث في ظل ظروف موضوعية وذاتية محددة، وبالذات في الحالة الكوبية، وضمن سياقها التاريخي والاجتماعي.
2) كما رأت الغيفارية في هذه الاستراتيجية، البديل المرشح لانجاز أهداف الثورة في التحرير والتمية الاقتصادية وبناء الاشتراكية (تحرير الشعوب من نير الاستغلال والفقر وقمع الانظمة العميلة الحاكمة وسيدها الامبريالي اليانكي).
3) إعتمد النمط الماوي في حرب الشعب طويلة المدى بشكل أساسي على مشاركة طبقة الفلاحين وإقامة مناطق (قواعد) إرتكازية ينطلق منها الكفاح المسلح. ورأت الغيفارية إن مفاهيم حرب الشعب في التجربة الصينية لا تصلح للتطبيق في بلدان أميركا اللاتينية لاختلاف الظروف الموضوعية في تلك القارة وبشكل أساسي لان الريف هناك كان أكثر تطورا من الريف الصيني، إضافة الى ان الفلاحين (بما فيهم الهنود الاصلانيون) يتميزون بالسلبية وغير مؤهلين لخوض الثورة.

نجاح الثورة الكوبية ليس دليلاً على صحة "البؤرة الثورية"
لقد نجحت نظرية الفوكو في كوبا، وعليه رأى تشى أنها مرشحة للنجاح ضمن ظروف (ذاتية وموضوعية) مشابهة، وإرتأت القيادة الكوبية أن الاستفادة من هذه التجربة وتكرارها وإستثمار عوامل النجاح والقوة فيها واجب على الثوريين الامميين وتجربة فيها مصلحة الشعوب المغلوبة على أمرها. فهل كان نجاح الثورة الكوبية دليلاً على نجاعة إستراتيجية البؤرة الثورية؟
يذهب بعض الماويين الى أن التجربة الكوبية لا تقدم الدليل على جدوى نظرية البؤرة الثورية (الفوكو)، وأن نجاحها يعود ويشير الى عوامل ذات دلالة أعمق: يعود نجاح الثورة الكوبية الى دور القوة الثورية المسلحة (العامل الذاتي) في النضال ضد واقع الاستغلال وما ينتجه هذا من أزمة سياسية (العامل الموضوعي) + دور طبقة فلاحية مستعدة وقادرة على حمل السلاح ضد قوى الاضطهاد والظلم (الى جانب البروليتاريا الفلاحية وأشباه البروليتاريا). بعبارة اخرى تؤكد التجربة الكوبية على التداخل الدياليكتيكي بين الذاتي (القوة المسلحة) والموضوعي (أزمة النظام ونضالات الجماهير ووجدانها) . وعليه رأت الماوية أن الغيفارية قد غالت في أهمية ودور الكفاح المسلح، وأكدت (أي الماوية) على ان الكفاح المسلح ضروري في مراحل النضال المختلفة، وأنه في حين يرتقي هذا الكفاح الى شكل النضال الرئيسي في مرحلة ما، فانه قد يتراجع ولا يعدو الشكل الرئيسي للنضال في مرحلة اخرى.

الفصل بين العسكري والسياسي
نادت الغيفارية بان تكون قيادة الثورة في الريف حيث يحتدم الكفاح المسلح وحيث يكون الالتحام التام معه وكي يتسنى للقيادة والكوادر الإفلات من قمع النظام الحاكم. أما الوحدة السياسية فستولد في أتون المعركة. وكذلك الامر فيما يتعلق بقضايا الاستراتيجية والتكتيك التي تتم صياغتها وإستخلاصها من خلال الاشتباك العسكري المباشر مع العدو.
رأت الماوية، على خلاف ذلك، أن هذا الخط ينذر بتناقضات عديدة تستفحل بين المدينة والريف، وبين الحزب والجيش، وبين أشكال النضال البرلمانية والسياسية والاخرى العسكرية. فقد ربط ماو، ربطاً دياليكتيكياً ومحكماً، بين أشكال النضال (ومنها العسكرية) من جهة، وعملية التثقيف السياسي وتجنيد وتنظيم الجماهير العريضة من جهة اخرى. وأقام هذه العلاقات على أساس مفاهيمه في التناقض الرئيسي والثانوي والإمساك بالعلاقة الدياليكتيكة بينهما (على سبيل المثال العلاقة بين العمل السياسي والعسكري، توزيع القوى العسكرية أو تجميعها وتركيزيها ...الخ).

الحزب والجيش
وهنا أيضاً إحتدم الخلاف مع الخط الماوي، إذ منحت الغيفارية الاولوية للكفاح المسلح، أما ماو فقد نادى بتزامن أشكال النضال السياسي والبرلماني مع الكفاح المسلح، أي الجمع بين كافة أشكال النضال في آن واحد.
أكد لينين وماو على الدور القيادي والمركزي للحزب الماركسي ـ اللينيني في إدارة النضال، مما يضمن الدور المستقل للبروليتاريا وقدرتها، من خلال الحزب، على قيادة الكفاح الثوري. وعليه أتهم المايون تشى بالمبالغة في أهمية الطلائعية العسكرية ومنح الثوار المسلحين دوراً مبالغاً فيه في حين قلل من دور الابعاد السياسية للنضال وأهمية التدريب والتثقيف السياسي والايديولوجي للكادر العسكري. وذهب البعض الى حد القول بان الثورة الكوبية كانت ثورة لقلة من رجال العصابات ولم تعنى بالجماهير (خصوصاً الطبقة العاملة) ودورها في الثورة.
في المقابل، أصرت الغيفارية على إستقلالية القرار السياسي للقوات المسلحة، ولم ترى تناقضاً بين مركزية الحزب وإستقلالية قيادة حرب العصابات.
يكمن التفسير لهذه الاشكالية، في تقديرنا، في أن الغيفارية جاءت في سياق أوضاع أميركا اللاتينية لترد على القوى السياسية هناك، وخاصة الاحزاب الشيوعية التي أمضت دهراً طويلا مستغلةً شعار الكفاح المسلح في مناوراتها السياسية والبرلمانية ولم تأخذه على محمل الجد وإعتبرته أمراً مؤجلاً ووسيلةً ثانويةً في النضال.

تحالف العمال والفلاحين
أمسك ماو بالعلاقة الوثيقة بين العمال والفلاحين:
1) تكمن جذور هذه العلاقة في الترابط بين النضال الثوري ضد الاقطاع (والعلاقات الاقطاعية وشبه الاقطاعية في الريف) من جهة، والنضال من أجل التحرير الوطني من جهة اخرى، حيث رأى ماو في هذين البعدين من كفاح الشعوب كلاً واحداً لا يمكن الفصل بينهما.
2) أكدت الماوية على التحالف الطبقي بين العمال والفلاحين.
3) حلل ماو طبقة الفلاحين بعناية فائقة فوجد في ثناياها فئات مختلفة وتفاوتات إجتماعية وإقتصادية أدت، بطبيعة الامر، الى تناقضات في المصالح.
4) حدد ماو موقفه من هذه الفئات والتناقضات بينها أي "التناقضات ضمن الطبقة الواحدة" فاستطاع ان يمسك بها وأن يضعها في خدمة الثورة.
5) عمل ماو على كسب فقراء الفلاحين الى صفوف الثورة وإعتبرهم عمودها الفقري (المادة الاساسية)، كما عمل وبشكل متزامن، على كسب تأييد الفئة الوسطى. أما الاغنياء والميسورون من طبقة الفلاحين فقد عمل على تحييدهم إن لم يستطع كسب تأييدهم.
على هذه الاسس أقام الماويون نقدهم للغيفارية والذي جاء مكثفاً في النقاط التالية:
1) إتهموا غيفارا بانه قلل من أهمية الفلاحين وما يختزنوه من كامن ثوري.
2) لم تستوعب الغيفارية العلاقة بين العمال والفلاحين، وقللت من أهمية التحالف الطبقي بين هاتين الطبقتين ومن قدرة البروليتاريا على خوض النضال وقيادته.
3) لم يهتم تشى بالثورة الزراعية في الريف ولم يعمل على جذب البروليتاريا لتصبح الطبقة القائدة بل صبت الغيفارية جل إهتمامها في "الوصول الى السلطة وتوسيع قطاع الدولة باسم الشعب".
لم يتجاهل تشى، في الحقيقة، دور العمال والفلاحين ولا التحالف بين هاتين الطبقتين ، ولكنه رأى أنه، ضمن ظروف معينة، فان الطليعة الثورية تستطيع ان تاخذ المبادرة للانطلاق بالثورة ومن خلال الممارسة الثورة نفسها، أي أنه ليس من الضروري الانتظار لاكتمال كافة الظروف الذاتية والموضوعية قبل إطلاق الرصاصة الاولى، لان هذه الظروف ستكتمل من خلال العملية الثورية كما يتم كسب دعم الجماهير وبناء الحزب الثوري. بعبارة اخرى كان شعار الغيفارية، وربما كانت الاولى بين الحركات الماركسية التي بادرت الى هذا النهج: الفعل الثوري أولاً ثم صياغة النظرية

.



يتبع

وائل 76
24/11/2006, 23:48
(3)
مناهضة الامبريالية: الثورة الاممية

اكذوبة التعايش السلمي
أخذ خروشتشيف في خمسينات القرن الماضي (في أعقاب المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي المنعقد عام 1956) بتعزيز مفهوم رجعي مرتد مفاده ان التوازن بين قوى الاشتراكية وقوى الراسمالية قد تبدل لصالح الاولى، مستنتجاً ومبشراً بان إنتصار الاشتراكية ممكن وقادم من خلال التعايش السلمي بين النظامين المتناحرين، بل ذهب الى ما هو أبعد معتقداً أن تنمية القدرات الذرية التدميرية من شأنه أن يردع الراسمالية والامبريالية وقد يكون الدرب الوحيد والممكن أمام الاتحاد السوفييتي.

لو كان حيّاًً، لكان تشى "إرهابياً" بامتياز
أما تشى، فقد فهم كما لينين في العقد الثاني من القرن الماضي، أن الامبريالية مرحلة متقدمة من النظام الراسمالي. وعليه، فان الصراع الطبقي على المستوى العالمي، يشكل وحدة مترابطة لا تتجزأ. وان التضامن بين الشعوب وبين الطبقات المستغََلة (تضامن الطبقات الشعبية) ليس ترفاً ولا مجرد خيار مفضل للشعوب، بل هو ضرورة يقتضيها النضال ضد راس المال وعولمته ومصالحه. هذا التضامن، كما رأى تشى وكما أثبتته التجربة الكوبية بما لا يمكن إنكاره، شرط لانتصار الطبقة العاملة والطبقات الشعبية في العالم الثالث.
كما لاحظ تشى بدقة ان محاولات التغيير الاجتماعي الساعية الى القضاء على التخلف تصطدم بالضرورة، عاجلاً أم آجلاً، بمواجهة كاملة مع الامبريالية. ومن هنا اطلق صيحته لثورة العالم الثالث ضد الامبريالية وكافة أشكال التبعية. ورأى ان الضمانة الوحيدة لانتصار هذه الثورة هي في أمميتها حيث تنخرط فيها شعوب العالم الثالث، وتدعمها الدول الاشتراكية (آنذاك) بوضوح ودون تحفظ ومن باب الواجب الثوري لا العمل الخيري. ضمن هذا الاطار أصبح التضامن واجباً ثورياً وليس مجرد خيار: تضامن شعوب العالم الثالث وحركات التحرر الوطني فيما بينها وتضامن الدول الاشتراكية والقوى التقدمية في العالم مع العالم الثالث والدول النامية. وكي لا يدع تشى مجالاً لللبس، أضاف انه إن لم تتضامن الدول الاشتراكية مع ثورات العالم الثالث فانها تصبح شريكة ومتواطئة مع القوى الرجعية: "إن تمني النجاح للضحية لا يكفي، فعلى المرء ان يشاركها مصيرها. على المرء ان يشارك الضحية الموت أو النصر". يتجلى في هذه الرؤية المسار الفكري والثوري لتشى غيفارا حيث طغى الطابع الانساني والاممي على فكره وممارسته وأسس لمواقفه من وحدة القارة اللاتينية pan-americanismo ووحدة شعوب العالم الثالث في نضالها وتمسكه بالابعاد الانسانية العميقة للماركسية وإيمانه بالثورة والنضال الامميين ضد الامبريالية. ومن هذا المنطلق أيضاً أدرك تشى في مرحلة مبكرة من الحرب الفيتنامية أن التضامن الاممي مع الشعب الفيتنامي عن طريق خلق "فيتنامات" متعددة ضرورة تاريخية ومهمة كل الثوار في العالم.

الماويون وأممية غيفارا
أثار التعايش السلمي و" الامبريالية السوفيتية" حفيظة ماو تسى تونغ ونقده اللاذع إذ إعتقد الزعيم الصيني أن حرب الشعب طويلة المدى هي العامل الحاسم في الانتصار على الراسمالية والامبريالية وليست الاسلحة المدمرة والمتطورة (كما جاءت الحرب الفيتنامية لاحقاً لتؤكد ذلك). راى ماو، وبحكم تجربته الطويلة في سنوات الثورة الصينية أن الضمانة الوحيدة للثورة وللقضاء على الراسمالية ودحر الامبريالية والاحتلال الاجنبي تكمن في تراكم الدعم الشعبي للثورة عبر حرب الشعب طويلة المدى التي يبادر بها رجال العصابات من قواعدهم الإرتكازية. أما كاسترو وغيفارا فقد وسعوا، كما إعتقد الكثيرون من الماويين، من دور هذه القواعد في العملية الثورية ونسبوا لها القدرة على خلق الشروط اللازمة للثورة في أميركا اللاتينية.
ويصبح الامر أكثر جلاءً في التهم التي كالها الماويون لتشى غيفارا والقيادة الكوبية بان دعوتهم للثورة الاممية وللحركات الثورية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية لم تنبع من موقف اممي في النضال ضد الامبريالية، بل كان حسب إدعائهم، خاضعاً "للمصلحة الوطنية الكوبية". "تتمثل الاممية الغيفارية، في نهاية المطاف، حسب ما قاله بعض الماويين، في مداعبة الطموحات الثورية للشعوب المضطَهدة، فقط من أجل إستخدامها كذخيرة للجانب السوفييتي في النزاع الدولي بين القطبين". وفي حين سرقت دعوة تشى غيفارا للتضامن مع الثورة الفيتنامية والى خلق "فيتنامات متعددة" لب الجماهير والثوار في كافة أصقاع العالم وأضحت، منذ ذلك اليوم، انشودة لتضامن الشعوب ضد الامبريالية الاميركية، وجد الماويون مأخذهم على تشى في أنه لم يذكر (ولم يتذكر) ان الصين كانت تدعم فيتنام دعماً مباشراً وعلنياً. وربما التفسير الحقيقي لمثل هذه المآخذ يقبع في مكان آخر: في علاقة كوبا بالاتحاد السوفييتي آنذاك.
هكذا فهم المايون اممية تشى، بين "المصلحة الوطنية الكوبية" و"ذخيرة للسوفييت في النزاع بين القطبين". ولا شك بأن الموقف السياسي، أياً كان، لا يخلو من الحسابات والمصالح المحلية والدولية، وليست مواقف تشى والقيادة الكوبية إستثناءً. إلاّ انه يجوز لنا أن نتسائل: اين صحة هذا القول بعد أربعة عقود من إستشهاد تشى وخمسة عشر عاماً من الانهيار السوفييتي؟ ويتصاعد النقد الماوي الى حد إنكار الغيفارية كخيار مقاومة للشعوب المضطهدة: "أن الغيفارية ليست، ولم تكن يوماً، اسلوباً مختلفاً لحرب الشعب: إنها استراتيجية معارضة لحرب الشعب، وأكثر من ذلك إنها معارضة للثورة الضرورية للامم المضطهدة".
(4)
بناء الاشتراكية

شرع غيفارا في معالجة البناء الاشتراكي وإشكاليات التخطيط الاقتصادي والبيروقراطية في مطلع عام 1961 كوزير للصناعة في الحكومة الكوبية ، إلاّ أنه لم يكمل المشوار بسبب مغادرته الجزيرة منطلقاً في ثورته الاممية. لم يتسنى له، إذن،أن يبلور مفاهيم ونظريات متكاملة رغم أنه إنكب على دراسة النظريات الاقتصادية الماركسية طيلة تلك الحقبة.
وبالرغم من رحيله المبكر، فان الفكر السياسي لغيفارا ومفاهيمه في البناء الاشتراكي كان متقدماً على عملية التنمية الصناعية بمعناها الاقتصادي البحت. "لن يكون للاشتراكية معنى، وبالتالي لن يتم إنجازها إلاّ إذا طرحت حضارة وأخلاق إجتماعية ونمطاً لمجتمع يقف كليةّ على النقيض من قيم الفردانية التافهة والانانية والمزاحمة وحرب الكل ضد الكل التي تتسم بها الحضارة الرأسمالية، أي ضد هذا العالم حيث "يأكل الانسان أخاه الانسان".
تكتسب مساهمة غيفارا في البناء الاشتراكي ، رغم عدم إكتمالها، أهمية خاصة للاعتبارات التالية:
1) الانسجام بين النظرية والممارسة.
2) المشاركة الجماهيرية هي ضمانة السيادة الوطنية: بدأ غيفارا منذ عام 1960 (أي بعد عام واحد من إنتصار الثورة الكوبية) بمعالجة إشكالية السيادة الوطنية والاستقلال الاقتصادي منطلقاً من أن الخطوة الاولى في تحقيق السيادة الوطنية تكمن في الاستقلال السياسي، يلي ذلك العمل تدريجياً نحو التنيمة والاستقلال الاقتصادي. تتمحور كافة الجهود، بعد إحراز السلطة السياسية، حول صيانة السيادة الوطنية التي ترتكز أساساً على الاستقلال الاقتصادي والتخلص من البتعية، وتصبح الانتصارات والانجازات الاقتصادية، كما يرى غيفارا، عنصراً هاماً في الوصول الى الهدف الاستراتيجي الاساسي: السيادة الوطنية. وذهب تشى الى أبعد من ذلك فأكّد على أن السيادة الوطنية، كي تتسنى لها الديمومة، تتطلب تحولاً بنيوياً يقوم على سلطة الشعب وعلى المشاركة الكاملة للجماهير في صنع القرار وتوجيه عملية التغيير.
3) إلتقاط مأزق الستالينية والنمط السوفييتي في البناء الاشتراكي مبكراً ونقده علناً ودون تقديس للكهنوت السوفييتي.
4) محاولة طرح بديل أصيل للاشتراكية والبناء الاشتراكي ينبع من إنسانية عميقة تقوم على علاقات إنسانية جديدة. (انظر لاحقاً)
5) إعادة الروح للاشتراكية والشيوعية والجمع بين التنمية الاقتصادية وبناء البنية المادية للانتاج وتوفير الحاجات والخدمات الاجتماعية للمواطنين من جهة، وضرورة تزامن هذه العملية هذا مع خلق وتطوير وعي جديد للانسان الذي يعمل على بناء المجتمع الجديد ضمن رؤية شيوعية جديدة وإخلاقية شيوعية أصيلة.

يتبع

وائل 76
24/11/2006, 23:50
نقد الاشتراكية القائمة فعلاً
بدأ تشى رحلته في البناء الاشتراكي في كوبا متأثراً بالنمط السوفييتي، وكان، كما يعتقد الكثيرون، مهندس العلاقات الكوبية ـ السوفيتية في مطلع ستينات القرن الماضي. إلاّ أنه سرعان ما أدرك، وخصوصاً بعد زياراته للاتحاد السوفييتي، أن النمط السوفييتي في البناء الاشتراكي لا يمكن أن يوصلنا الى شاطئ الاشتراكية، فاتخذ، منذ ذلك الحين، مواقف ناقدة وصريحة حياله. وقد شكلت هذه المواقف، التي لم تعرف المهادنة، إحراجاً للقيادة الكوبية.
كان يرى أن إستيراد نمط البناء الاشتراكي من دول اوروبا الشرقية يحمل مخاطر عديدة أهمها البييروفراطية وغياب العدالة الاجتماعية وتعميق الفجوة بين فئات المجتمع وتشكيل طبقة منتفعة من التكنوقراط والبيروقراط اللذين إحتكروا لانفسهم العديد من الامتيازات.
إتخذ البناء الاشتراكي في أنظمة الاشتراكية القائمة فعلاً (المنظومة الاشتراكية آنذاك) كما رآه تشى مساراً منفصلاً عن القيم الثورية وهو ما تجلى في حالة الركود التي سادت المجتمعات الاشتراكية آنذاك والتي كانت نتيجة مباشرة لأخطاء كثيرة في التخطط والسياسات التي أبعدت ما بين الجماهير وسلطة الدولة. فقد قامت الدولة في تلك المجتمعات بتهميش الجماهير وقلّصت مشاركتها في صنع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. أما نتيجة ذلك فهي معروفة للجميع، إذ فقدت الجماهير كل أمل بالمستقبل الموعود وتخلت عن مبادئ الاشتراكية والماركسية والتي هي في صميمها وجوهرها مبادئ إنسانية وأممية.
لهذه الاسباب، أخذ تشى في السنوات الاخيرة من حياته بالابتعاد قدر المستطاع عن النمط السوفييتي، وخلّف فيما يبدو الكثير من الاعمال الناقدة لهذا النمط والتي لم تنشر بعد. ولعل أهم هذه الاعمال وأكثرها راديكالية ما كتبه في نقده ل"كتيب الاقتصاد السياسي"Manual of Political Economy الصادر عام 1966 عن أكاديمية العلوم السوفيتية. وقد اتيح لكارلوس تابلاداCarlos Tablada نشر جزءٍ من هذه الملاحظات النقدية للخطط الاقتصادية السوفيتية التي يصفها غيفارا بانها طرائق "ميكانيكية" و"غير ماركسية". "لا بد للجماهير ان تدير بشكل مباشر مصيرها وأن تقرر أية حصة من الانتاج ستخصص من أجل التراكم وأي منها يذهب للاستهلاك. ويتوجب على التقنيات الاقتصادية ان تدار ضمن حدود هذه المعطيات ولا بد لوعي الجماهير أن يضمن تنفيذها". أما نقده لستالين فيكاد يصل ذروته حين يقول: "تكمن جريمة ستالين التاريخية الكبرى في أنه إنتقص من قيمة التثقيف الشيوعي ومأسس لصنمية منفلتة للسلطة".
على النقيض من السياسيات الاقتصادية السوفيتية التي تعظ "بتنمية قوى الانتاج" والتي نادى بها ستالين وخرشتشيف وخلفاؤهما، فان غيفارا لم يرى إنفصاماً بين بناء الاشتراكية والقيم الاخلاقية: "لست معنياً بالاشتراكية الاقتصادية الخالية من الاخلاق الشيوعية. نحن نكافح الفقر وفي الوقت ذاته نكافح الاغتراب أيضاً... اذا تم فك الاتباط بين الشيوعية والوعي، فانها تصبح [اي الشيوعية] مجرد وسيلة للتوزيع ولكنها لن تكون أخلاقية ثورية".
تمثل الاشتراكية في مفاهيم تشى مشروعاً تاريخياً للمجتمع الجديد الذي يقوم على قيم المساواة والتضامن والعمل الجمعي وإيثار الغير والجدل الحر ومشاركة الجماهير. وقد إستوحى غيفارا هذه القيم والمفاهيم في نقده للاشتراكية القائمة فعلاً في الاتحاد السوفييتي، حييث تصدى للعديد من القضايا التي تتعلق بالبناء الاشتراكي بجراة نادرة الامر الذي أثار الكثير من السخط والعداء له. إلا أن التطورات التي صاحبت وتلت إنهيار هذا النمط تشير الى صحة ومصداقية الكثير مما ذهب اليه غيفارا في نقده آنذاك. وما زلنا بحاجة الى الكثير من الدراسة والتدقيق في هذه المسائل ذات الارتباط الوثيق بما يجري من حولنا اليوم وتأثيراتها الكبيرة على مستقبل الاشتراكية والانسانية.

(5)
البحث عن البديل الاشتراكي

الاشتراكية مشروع تاريخي لمجتمع جديد
إرتكز تشى في بحثه عن درب جديد في البناء الاشتراكي على اسس ثلاثة:
1) وسائل الادارة الاقتصادية: رفض النمط الاوروبي الشرقي في بناء الاشتراكية ومجمل مؤثراته على الانسان والمجتمع. "لا يمكن للاشتراكية ان تتحقق" كما قال تشى "دون تغيير في الوعي لموقف أخوي حيال الانسانية، ليس فقط داخل المجتمعات التي تسعى الى بناء الاشتراكية أو تلك الني أنجزت هذا البناء، بل على المستوى العالمي حيال كافة الشعوب التي تعاني من الاضطهاد الامبريالي".
وخلافاً لمفاهيم "المدرسة الاقتصادية" في البناء الاشتراكي التي ترى في الاقتصاد والسياسات الاقتصادية فضاءً معزولاً عن الانسان والمجتمع محكوماً بقانون القيمة والسوق، رأى غيفارا ان القرارات والسياسات الاقتصادية التي تحدد اولويات الانتاج ووسائله يجب ان تحتكم بالمقام الاول الى المعايير الاجتماعية والاخلاقية والسياسية. وعليه، توخى تشى نمطاً في البناء الاشتراكي يقوم على اسس مغايرة تماماً للنمط السوفييتي.
2) حرية الجدل: كان تشى يرى ان الاختلاف في وجهات النظر وحق الجمهور العام في التعبير عن هذه الخلافات أمر طبيعي في عملية البناء الاشتراكي في سبيل شرعنة الاجماع الديمقراطي في الثورة. وكان يعتقد بانه ليس من الممكن تدمير الآراء المخالفة لآرائنا بالقوة لان هذا سيحول دون التطور الحر، وعليه يتوجب علينا إمّا ان ندمر هذه الآراء بالمحاججة أو ان نسمح لها بالتعبير عن ذاتها.
3) الديمقراطية الاشتراكية: رفض تشى مفاهيم الحكم الاستبدادية والديكتاتورية التي تسببت في أضرارٍ فادحة بالتجارب الاشتراكية في عصره، كما رفض، بشكل مطلق، الديمقراطية البرجوازية والبيروقراطية. إلاّ أنه لم يتسنى له، بسبب رحيله المبكر، أن يصيغ رؤية متكاملة للديمقراطية الاشتراكية أو أن يغني مساهماته في هذا المضمار.

الاشتراكية والانسان الجديد
إعتبر تشى أن إقامة علاقات إنسانية جديدة هي الهدف المركزي من وراء الثورة والاشتراكية. هذا هو المعيار الاساسي لتقييم كافة الانجازات، سلباً أو إيجاباً، أي بقدر ما يسهم كل إنجاز في التسريع أو التأخير في هذا المشروع: مشروع الانسانية الجديدة.
وعليه، حذّر تشى من المخاطر التي تقع فيها الطليعة الثورية عندما تنشغل في بناء عملية الانتاج لتلبية حاجات الناس والتغلب على الفقر الذي عانت منه قروناً طويلة. وكان يخشى، أكثر ما يخشى، ان يصبح الانتاج (مقداره ومعاييره) هو الغاية القصوى ويضيع الهدف الاساسي الذي من أجله قامت الثورة. ومن هنا إصطدم مع مدرسة العقلانية الاقتصادية لانها حصرت إهتمامها بالانجازات الاقتصادية البحتة والتي رأى تشى أنها ستؤدي الى إستخدام وسائل وتنفيذ سياسات تركز على النجاحات الاقتصادية في المدى القصير وتجازف بالمستقبل الثوري برمته لما تسببه من تآكل تدريجي في الوعي.
نادى غيفارا بإستخدام الموارد المتوفرة، على شحتها في المراحل المبكرة للبناء الاشتراكي، في إنجاز تنمية متعددة الوجوه والابعاد: الاقتصادية والاجتماعية والانسانية. ولن يتسنى هذا، كما رأى، إلا في التلازم والتكامل بين البناء الاقتصادي من جهة والتثقيف الشيوعي للانسان من جهة اخرى دون فصل بين الاعتبارات الاقتصادية وتلك السياسية ـ الايديولوجية:"يتطلب بناء الشيوعية، بالاضافة الى بناء القاعدة المادية الجديد، بناء الانسان الجديد".
وفي رده على الذين يلهثون وراء النتائج السريعة، أكد تشى ان الانتقال السريع الى الاشتراكية، في ظروف الشعوب المضطَهدة التي تعاني من التخلف المزمن ونهب مواردها وقلة رأس المال، سيكون محالاً دون تضحيات جسيمة وعلى كافة المستويات. "ليست الاشتراكية مجتمع رفاه، كما أنها ليست مجتمعاً طوباوياً يقوم على طيبة الانسان كإنسان. الاشتراكية نظام ينهض تاريخياً ويرتكز أساسا على وضع وسائل الانتاج الاساسية والتوزيع المتساوي للثروة في خدمة المجتمع باسره ضمن إطار الانتاج الاجتماعي. في رأينا أن الشيوعية هي ظاهرة وعي وليست مجرد ظاهرة إنتاج. لن نستطيع الوصول الى الشيوعية عن طريق التراكم الآلي البسيط للبضائع التي يتم توفيرها للناس ... لا يتسنى تحقيق الشيوعية كما عرّفها ماركس، وهي الشيوعية التي نطمح اليها، اذا لم يكن الانسان واعياً، إذا لم يخلق الانسان وعياًُ جديداً تجاه المجتمع". وكان شعاره: " إنتاج، مزيد من الانتاج، وعي ...تلك هي الاسس التي ينبغي للمجتمع الجديد أن يقوم عليها".

وائل 76
24/11/2006, 23:52
(6)
البحث عن الانسان الجديد
الحوافز المعنوية
أولى تشى جل إهتمامه للحوافز المعنوية (الاخلاقية) moral incentives التي إستحوذت على موقع مركزي في كافة أنشطته الفكرية والسياسية، كما تناول بعناية بالغة العديد من المسائل المتصلة بها مثل علاقة الوعي وتطويره عن طريق الحوافز الاخلاقية، دورهذه الحوافز في خلق الانسان الجديد، علاقتها بالجماهير، الفرد وعلاقته بالجماهير، الدولة والقيادة، تطوير الوعي الشعبي ودوره في مشاركة الجماهير في المجتمع الجديد.
إعتبر تشى ان الحوافز المادية (زيادة الاجور، المكافئات المالية والمادية، زيادة العلاوات..الخ) ثانوية في بناء المجتمع الجديد ووضعها في المكان الثانوي للحوافز المعنوية التي إعتبرها حجر الاساس في مشروع الاشتراكية الجديدة وفي التغيير الاجتماعي المنشود وإعتبرها ضمانة لمستقبل الانسانية. وقد إحتل الوعي والفعل الخلاّق للجماهير مكاناً أساسياً في ماركسية غيفارا الذي إستخدم التجربة الكوبية ودوره فيها لتطوير مفاهيمه هذه.

العيش الكريم حق طبيعي وليس إمتيازاً
ولم ينطلق تشى في سعيه لخلق "الوعي الشيوعي" من منظور أخلاقي بحت، ولم يكن موقفه مجرد شطحة مثالية، بل إستند فيما ذهب اليه الى اسس مادية وموضوعية. فكي تستطيع الحوافز المعنوية ان تؤدي الدور المنوط به، لا بد أن يتوفر شرطان أساسيان:
1) العدالة في التوزيع: أي ضمانة حقوق ومصالح اولئك الذين يضحون ويتطوعون ويبذلون الذات من أجل المجتمع والوطن والتنمية، ويتطلب هذا توزيع ثمار الانتاج على الكل والذي يشترط محو نمط الانتاج الراسمالي كي يتسنى نزع فائض القيمة من أيدي القلة ووضعه تحت تصرف المجتمع وفي خدمة أهدافه والايفاء بحاجاته.
2) الايفاء بالحاجات الاساسية لكل أفراد المجتمع (المأكل والملبس والمسكن والرعاية الصحية والتعليم وغيرها). وفي هذا ضمانة لديمومة التطوع والعطاء. فاذا غابت هذه الضمانات، ينكفء الفرد على ذاته وأنانيته وحماية مصالحه. فالايفاء بهذ الحاجات، إذن، ليس عملاً خيرياً لان البقاء والعيش الكريم حق لكل مواطن وليس إمتيازاً ولا ترفاً. لا بد من البدء في تنفيذ هذه المعادلة في العطاء والضمان الاجتماعي خلال المرحلة الانتقالية للاشتراكية كي يتسنى خلق وعي جديد.

الماركسية الانسانية:
الحوافز المعنوية ـ الوعي الجديد ـ إنعتاق الانسان
تهدف الاشتراكية إلى إلغاء العلاقات الاجتماعية الناجمة عن نمط الانتاج الراسمالي. وقد رأى تشى ان الحوافز المعنوية، من خلال عملية خلق الوعي الجديد، كفيلة باقامة الربط والتماثل بين مصلحة ومنفعة الفرد من جهة ومصلحة المجتمع (الكل الجمعي) من جهة اخرى كي يتمكن المرء من الشعوربتحقيق الذات عبر منفعة الكل الجمعي بدل أن يضيع ضحية الفردانية والاغتراب كما هو حاصل في المجتمع الراسمالي. كما تعزز هذه الحوافز علاقات التضامن بين الانسان وأخيه الانسان وبين الشعوب المختلفة. وعندما يشعر الفرد بانه جزء متكامل من الكل الجمعي، يصبح لجهوده وعمله معنىً عميقاً وينتفي التناقض والتنافس بين حاجات ومصالح للفرد من ناحية، ومصالح المجتمع من ناحية اخرى. هكذا تتوطد ثقة الفرد بالعمل في سبيل المصالح المشتركة للكل الجمعي ويصبح الفرد راغباً في المزيد من العطاء والتضحية.
تساهم الحوافز الاخلاقية، إذن، في تشكيل وعي الانسان الجديد وفي تحرير المبادرة الذاتية لدى الفرد والجماعات وفئات المجتمع. عندها تلتغي الحاجة الى "التوجيه من الخارج" لضمانة المنفعة الجمعية كما تزول الحاجة الى الحوافز المادية والرقابة والسلطة الخارجية ومحاربة الغش والفساد ويصبح الانسان، في وعيه الجديد، "أكثر إنسانيةً" وينطلق في أفعاله وأنشطته من دوافع ذاتية وترتقي أفعاله الى ما أسماه ماركس "أنشطةً ذاتية" تنبع من "الارادة الواعية للانسان" ويصبح قادراً على الإمساك بالمبادرة في أنشطته وحياته وصولاً الى الانعتاق التام، وبهذا يحقق المجتمع نقلته التاريخية من حيّز "الحاجة" الى فضاء "الحرية".
تلك هي الاسس لمساهمة تشى الهامة وحجته المركزية في مسألة الوعي وضرورة تطويره بالتزامن مع التغيرات الاجتماعية الاخرى عن طريق الحوافز المعنوية والإرتقاء بمفهوم العمل الى مستوى المهمة والوجب الاجتماعي. ومن رحم هذا الوعي، رأى تشى، يولد الانسان الجديد ذو القيم الجديدة التي تؤسس بدورها لأخلاقية جديدة (الأخلاقية الشيوعية). تصبح هذه الاخلاقية أساس المجتمع الجديد حيث تسود علاقات التضامن بين الافراد وحيث تتناغم حياة الفرد وأنشطته اليومية مع الاهداف العليا للمجتمع. هذا هو، بايجاز، أساس الماركسية الانسانية التي دعا اليها تشى حيث يتحرك الافراد ويتصرفون ضمن ظروف موضوعية وضمن عملية البناء الاشتراكي على أساس الاخلاقية الثورية المتمثلة بالتضحية والتضامن والتي تتميز بالتوازن والانسجام بين الفكر والفعل.

المبالغة في دور الفرد والعمل التطوعي
ذهب بعض الناقدين لغيفارا الى أنه عزز مفاهيم مثالية حول الفرد والذات وأنه شطّ في دور الفرد وفعله في الثورة والتغيير الاجتماعي والتاريخي، ونسب إلى الفرد أفكاراً ومعتقداتٍ كفيلة بان تولد واقعاً مادياً، أو بعبارة أكثر اخرى يصبح الفرد ومعتقداته قادراً على تحديد الواقع لا العكس حيث يحدد الواقع طبيعة الفرد. وليس في هذا تنكراً لمقولة ماركس الكلاسيكية في أن الافكار تصبح قوة مادية تلعب دوراً رئيسياً في التغيير الثوري، إلاّ أن هذا الدور يتوقف على مدى قدرة هذه الافكار على أن تسكن وعي الجماهير أولاً، كما يتوقف ثانيا على قدرتها في أن تعكس واقعاً موضوعياً والى أي حدٍ تكشف وتفسر القوانين التي تحكم حركة وتطور هذا الواقع.
رأى المايون ان غيفارا بالغ في أهمية ودور العامل الذاتي ودو الفرد: "أما الغيفارية فتعمل على الانكار التام لاهمية الظرف الموضوعي في كافة مراحل الكفاح المسلح، وتفضل، بدلاً عن ذلك، أن تتصرف وكأن الظرف الموضوعي قد إكتمل ولم يتبقى على الثوار إلاّ أن يتحلوا بالشجاعة والتكتيك الحسن". كما إتهمه الكثيرون بالمثالية والطوباوية الثورية لانه غالى في قيمة العمل لتطوعي وإستعداد الفرد للتضحية وبذل الذات من أجل المجتمع والوطن والثورة. ولا شك ان تشى تميز بنزعات وميول طوباوية، إلاّ أنه كان، بالدرجة الاولى، رجل ممارسة وفعل وإستطاع تحقيق الكثير من الانجازات في فترة قصيرة في كوبا (1959 ـ 1965). أما البعض الآخر فقد رأى أن التطوعية التي دعا اليها تشى تؤدي الى أنكار الظروف الموضوعية والتقليل من أهميتها.

(7)
إرث تشى غيفارا: نحو وعيٍ نقدي

منذ إغتيال تشى عام 1967، لم تتوقف محاولات الغرب الراسمالي من خلال مؤسساته الاعلامية والاكاديمية وما لحق بهم من جوقة اليساريين، عن تأبين الغيفارية والثورة الاممية والتبشير بانسداد الطريق أمام مقاومة الشعوب وحرب العصابات وحرب الشعب ونظرية البؤرة الثورية وكأن هذه الاخيرة هي كل ما أتى به تشى أو كأنها الوسيلة الوحيدة لمقاومة الشعوب.
1) تشى الايقونة أم الفعل الثوري؟ يريد الغرب الرأسمالي أن يبقى تشى صورةً وايقونة و"تقليعة" للجيل الناهض كي تظل هذه الاسطورة مصدراً للربح ولتبقى جوفاء ومفرغةً من مضامين الممارسة والفعل الثوري. وعليه فان السؤال الذي يقف أمامنا هو: ما الذي نريده نحن من تشى غيفارا؟ وماذا الذي نريد أن نقدمه للاجيال الناشئة في الوطن العربي والعالم الثالث من تجربته ومفاهيمه كي تحفره هذه الاجيال عميقاً في ذاكرتها؟
2) القدوة الثورية: يبقى تشى، رغم نقد الاصدقاء وذم الخصوم، مثال الانسجام التام بين النظرية والممارسة وبين القول والفعل، لذا تشبثت به الجماهير، خلال حياته وبعد مصرعة بعقود طويلة، قدوةً للثائر الذي ألهب قلوبها وعقولها في مشروع المقاومة والثورة. كيف لا، وقد أصرّ على الالتصاق بالواقع المادي للجماهير والتعرف على معاناتها عن كثب قبل ان يصيغ مفاهيمه في الثورة والتغيير. وهنا تكمن الدلالة البليغة لرحلاته المتعددة عبر القارة اللاتينية.
3) وحدة التحرير ومناهضة الرأسمالية: تكمن حجة تشى الاساسية في ان مناهضة الرأسمالية والتحرير الوطني يمثلان مركباً جامعاً متزامناً للانسانية والثورة في نضال العالم الثالث من أجل التحرير والسيادة الوطنية وبناء المجتمع الاشتراكي كما تظل السبيل الى خلق الوعي الجديد. ستشكل هذه الثقافة الجديدة الاساس الضروري لتأسيس قيم جديدة تخلق بدورها تغييرات فعلية ملموسة في مسلكية الفرد والجماهير.
4) خيار المقاومة: يبقى خيار المقاومة الركيزة الاساسية في فكر وممارسة تشى، كما يبقى حق الشعوب في ممارسة هذا الخيار حقاً طبيعياً ومخلداً بكافة أشكاله وأساليبه (المسلحة والسياسية والجماهيرية والبرلمانية ...غيرها) وبما ينسجم مع ظروفها الموضوعية والذاتية وسماتها وخصوصياتها وإملاءات المرحلة التاريخية التي تعيشها).
5) الكفاح المسلح: آمن تشى غيفارا ان الكفاح المسلح ضرورة في نضال شعوب العالم الثالث وأكد على أنه الاسلوب الرئيسي والأساسي في نضال الشعوب في مرحلة التحرير الوطني وفي مواجهة الاحتلال الاجنبي. وقد جرى الكثير من التسخيف لهذه الفكرة التي وجد فيها غيفارا ثمرة طبيعية لتراكم خبرات الشعوب في إطار الظروف الموضوعية والذاتية لكل مجتمع ولكل حركة ثورية.
6) محاربة الدوغما: لم يرى تشى في أيٍ من مفاهيمه وممارساته دوغما يتوجب على الشعوب وحركاتها الثورية أن تنصاع لها، بل ناضل ضد الجمود العقائدي والصنمية بكافة أشكالها ومواقفه في هذا الصدد غنية عن التعريف. خاض تشى معارك عديدة مع التعميمات المستوردة والتي كثيراً ما كانت تفوح بالرجعية والمهادنة وخيانه الجماهير ومصالحها والتي بشرت فيها القيادات السوفيتية وقيادات الاحزاب الشيوعية في الوطن العربي والعالم الثالث التي إرتبط بالخط السوفييتي وأصبحت عملياً بوقا له. لذا، فان الغيفارية لم تغفل ولم تتعارض مع الخصوصيات والسمات المميزة (الموضوعية والذاتية) لمجتمعات أميركا اللاتينية والعالم الثالث بل وجدت أنّ مسؤولية تحديد الخيارت الثورية ووسائل النضال العسكرية والسياسية هي في صلب مهام الحركة الثورية وطليعتها.
7) القضاء على الفساد: حارب تشى غيفارا الفساد والبيروقراطية ودفع بهذه المسألة الى أولويات النضال الثوري والاجتماعي ووضعها على رأس جدول أعمال الثورة والحزب. وتجدر الملاحظة هنا، أنه من منظور حركات التغيير الاجتماعي والثوري في التاريخ العربي المعاصر والعالم الثالث بشكل عام، فان تجربة المقاومة الاسلامية في فلسطين (حماس) وحزب الله في لبنان (في الحرب السادسة (12 تموز 2006) وتحرير الجنوب اللبناني (عام 2000) ومجمل مسيرة الحزب وتعاطيه مع الجماهير وحاجاتها وتوفير الخدمات الانسانية والاجتماعية لها) لهي تجرية جديرة بالدراسة وخاصة تلك الجوانب التي تميزت بالشفافية وتفاني القيادة في العطاء.




سامحوني الموضوع طويل كتير بس اكثر من رائع
تحياتي للجميع :D

ماما منوشه
25/11/2006, 00:38
اعذرني ما قدرت كفي قراءة وبحط هنا بس تسجيل متابعة
شكرا للموضوع:D

ِAbu Alzooz
25/11/2006, 08:33
يا وائل ماني عرفان شو بدي أحكي
قد ماحكينا مالح نوصل لدرجة إنسانية تشي

The morning
26/11/2006, 11:38
هيك موضوع بدو قعده مرتبه و عرواق .. :melody:
هلق بسجل متابعه و برجع للموضوع باقرب وقت ممكن ان شا الله :D

أبو علي
06/12/2006, 14:23
يا سيدي الموضوع حلو بس بدو قعدة طويللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل لللللللللة

abosleman
14/09/2007, 07:34
up........ up


لازم يعني كل فترة ينعمل رفريش لهيك مواضيع