وائل 76
24/05/2007, 17:45
حروف باردة في حتوف النَّهر البارد !!
(1)
ينهض من جسد الموت ، ينظر بعينين شاحبتين ، ويسير على شوارع مزروعة بالشظايا ، تنهشه الأوجاع على جانبي الطريق الدامي ...
على بقايا جدار مدمر يقف متأملا ، وقذائف الحكايات السوداء تحلق من فوقه ، تبعث الرعب في نفوس المدينة المحاصرة ، ولكن دون جدوى ، يظل واقفا يتأمل في جدار الصمت ، ويخط على حجارته بنزيف دمه كلمات تبعث القشعريرة : صامدون !!
--------------------------------
( 2 )
شدَّه المشهد كثيرا ، لم يعتقد أن السينما العربية تطورت بهذا الشكل منذ أن هاجر إلى الفضائيات الأجنبية قبل عدة سنوات ، كان مدهوشا بإتقان الديكور الخارجي ، وكأنه مخيم حقيقي ، صار يُثني على المخرج الذي أتقن اختيار المكان وتوزيده بكل ما يلزم ، انظر يقول لصديقه : حتى الممثلين لم يكونوا على هذه الدرجة من التميز ، تصرخ وكأن الرصاصة حقيقية ، حتى المشاهد المصاحبة المؤثرة والممثلين الآخرين كل كان على درجة عالية من الأداء الرائع ، يتابع ويقول : تخلصوا من اللغة الفصحى في الفيلم فجعلوا الحدث أكثر واقعية إلى نفس المشاهد ...
ابتسم صديقه ابتسامة ساخرة ، وكاد أن يتابع حديثه غير أن المذيعة خرجت لتقول : نكتفي بهذه المشاهد التي وردتنا من مراسلنا أعزائي المشاهدين ، ونتابع معكم بقية أخبار النشرة !!
------------------------
(3)
تلهث هاربة وبيديها أكف لأختيها الصغيرتين ، عيونها تقفز إلى أبعد من آخر الطريق تبحث عن مخرج ، والرصاصات لا أمَّ لها ولا يعرفون على أي جسد تختار ميتتها !!
والطريق الذي كان يرقص بالأمس للربيع ويغني لأحلام الطفولة ، لا يكاد يعرف كيف يحمي حلما أو يدفع ظلما ، ولا يقدر إلا أن يمد ذراعيه طريقا للنجاة لا يعرف متى تقصها قذائف الَّلهب وسعير الحروب !!
----------------------------
( 4)
من أين يأتي هذا المطر؟!
هذه الحبات المتواصلة التي تنعش قلبي ، وتكفي ليوم جديد من الحياة من بين أيامنا التي تركض بتسارع هاربة من رصيد عمرنا ، وضعت وجهها تحت حبات المطر وأغمضت عينيها كي تشعر بالسعادة للحظات ، صراخ النسوة أيقظها من حلمها الجميل ونظرت فإذا بالماء يتسرب من الخزان المرتفع !!
وضعت كفيها على خدها وقالت لدموعها : بل نقص من عُمري يوم جديد !!
سمير عطية
(1)
ينهض من جسد الموت ، ينظر بعينين شاحبتين ، ويسير على شوارع مزروعة بالشظايا ، تنهشه الأوجاع على جانبي الطريق الدامي ...
على بقايا جدار مدمر يقف متأملا ، وقذائف الحكايات السوداء تحلق من فوقه ، تبعث الرعب في نفوس المدينة المحاصرة ، ولكن دون جدوى ، يظل واقفا يتأمل في جدار الصمت ، ويخط على حجارته بنزيف دمه كلمات تبعث القشعريرة : صامدون !!
--------------------------------
( 2 )
شدَّه المشهد كثيرا ، لم يعتقد أن السينما العربية تطورت بهذا الشكل منذ أن هاجر إلى الفضائيات الأجنبية قبل عدة سنوات ، كان مدهوشا بإتقان الديكور الخارجي ، وكأنه مخيم حقيقي ، صار يُثني على المخرج الذي أتقن اختيار المكان وتوزيده بكل ما يلزم ، انظر يقول لصديقه : حتى الممثلين لم يكونوا على هذه الدرجة من التميز ، تصرخ وكأن الرصاصة حقيقية ، حتى المشاهد المصاحبة المؤثرة والممثلين الآخرين كل كان على درجة عالية من الأداء الرائع ، يتابع ويقول : تخلصوا من اللغة الفصحى في الفيلم فجعلوا الحدث أكثر واقعية إلى نفس المشاهد ...
ابتسم صديقه ابتسامة ساخرة ، وكاد أن يتابع حديثه غير أن المذيعة خرجت لتقول : نكتفي بهذه المشاهد التي وردتنا من مراسلنا أعزائي المشاهدين ، ونتابع معكم بقية أخبار النشرة !!
------------------------
(3)
تلهث هاربة وبيديها أكف لأختيها الصغيرتين ، عيونها تقفز إلى أبعد من آخر الطريق تبحث عن مخرج ، والرصاصات لا أمَّ لها ولا يعرفون على أي جسد تختار ميتتها !!
والطريق الذي كان يرقص بالأمس للربيع ويغني لأحلام الطفولة ، لا يكاد يعرف كيف يحمي حلما أو يدفع ظلما ، ولا يقدر إلا أن يمد ذراعيه طريقا للنجاة لا يعرف متى تقصها قذائف الَّلهب وسعير الحروب !!
----------------------------
( 4)
من أين يأتي هذا المطر؟!
هذه الحبات المتواصلة التي تنعش قلبي ، وتكفي ليوم جديد من الحياة من بين أيامنا التي تركض بتسارع هاربة من رصيد عمرنا ، وضعت وجهها تحت حبات المطر وأغمضت عينيها كي تشعر بالسعادة للحظات ، صراخ النسوة أيقظها من حلمها الجميل ونظرت فإذا بالماء يتسرب من الخزان المرتفع !!
وضعت كفيها على خدها وقالت لدموعها : بل نقص من عُمري يوم جديد !!
سمير عطية