-
دخول

عرض كامل الموضوع : واقع يلفه حلم ...


وائل 76
04/06/2007, 01:27
واقع يلفه حلم .. هي سلسة حلقات كتبها لاجئ فلسطيني عاش في مخيمات لبنان عن تجربته التي إمتدت لستين عاماً منذ ما قبل نكبة العام 1948 مروراً بكل ما واكبته القضية الفلسطينية في مراحلها المختلفة ..

السيد كريم كاتب هذه الحلقات هو زميل لنا في أحد الشبكات الحوارية و قد بدء بكتابة تلك الحلقات منذ العام 2003 و تابع الكتابة ثم توقف فجأة قبل عام تقريباً و لم ينهي الحديث ولا أحد يعلم إن كان مازال على قيد الحياة أم إنتقل إلى جوار ربه .. نتمنى أن يكون مازال على قيد الحياة و أن يكمل حلقاته فهي سلسة حلقات مما إختزلته الذاكرة بعيداً عن العبث و التضليل الذي شاب تأريخ كل التاريخ العربي تحقيقاً لغايات هنا و هناك ..

أترككم مع الحلقات كما وردت حرفياً بقلم الأخ / كريم ,,

وائل 76
04/06/2007, 01:28
ان فلسطين انتظرتنا عشرات السنين لنأتي اليها كأبطال تحرير... وبأيدينا نكسر كل اغلالها والسلاسل الملتفة حولها ... نأتي اليها لنعيد كرامتنا .. لنعيد رجولتنا ... لنعيد انسانيتنا .

ففلسطين ليست ارضا وحسب....
وليست بيتا وبستانا وحسب ..
وليست حنينا الى طفولة وذكريات جميلة ...

... انها التاريخ والهوية .

انعود اليها بعد عشرات السنين لنؤكد شرعية اغتصابها ..؟
وعلى الرغم من اساليب الأغراء والأغواء لها ، فهي ما زالت حصينة .. هي ما زالت ممانعة . ... وهي مازات تتأمل ...!
انوقعها في خيبات الأمل ..؟؟
انعود اليها على ظهر باصات بيغين وشارون وفي جيوبنا بضع من الشاقلات ( العملة الأسرائيلية ) في شكل سواح او " قوادين " ...!؟
انعود اليها ونحن نحمل بيدنا " راية عفتها "..
ونعلنها .. وعلى رؤوس الأشهاد انها سقطت ...؟؟؟
وبيدنا نحمل وثائق تشريع فض بكارتها ... ممهورة من من ادعى وكالتها ، وهو مزور ..!
وتواقيع شهود من ابناء بيتنا ، وهم مزورون ...!

وبرعاية "الشيخ " الأمريكي وهو ايضا مزيف ...!
والمكان ...؟
اين ما كان ...!
من مدريد ... الى اسلو ... الى شرم الشيخ .. الى واشنطن وكمب دييفد ... الى ، قاهرة المعز لدين الله ...الى ................ .

ماذا سأقول لأولادي الذين اعلمهم ان يعيشوا ( واقعا يلفه حلم ) العودة اليها ..؟ .............................................. ...



انا لست بكاتب ولا اديب ولا حتى هاوي للكتابة ...
انما دافعي هو محاولة التفكير بصوت عال ومحاولة نشر ما اختزنته ذاكرتي على امتداد عمري الذي قارب الستين عاما في هذا الموقع لتكون مساهمة مني متواضعة الى كل من يقرأ ، ووفاء مني لأبنائي وأحفادي الذين ربما يلومنني لتقصيري في عدم كتابة ما اعتبره تجربة غنية وعملية عشتها بكل مرارة الآجئ المشرد من وطنة ، وقدر ان يمد الله بعمري لأعيش عصر المعرفة وسهولة تناولها بفضل ما وصل اليه عقل الأنسان من تطور وقدره على استخدام هذا العلم الذي كان حكرا لدوائر مغلقة / اغلقت اعيننا عن كثير من الحقائق ومورست علينا اضاليل وأكاذيب حتى توصلنا الى حدود اليأس والأحباط ليسهل عليهم تهميشنا وفرض حلول تستبعد اربعة او خمسة ملايين عربي فلسطيني من ساحة البحث السياسي وتحويلهم الى مجرد" قضية انسانية" يساهم البعض في حلها على هذا الأساس بمشاريع التعويض والتوطين او الألحاق او الوطن البديل ....... وكأن فلسطين وقضية الصراع ترتكز على ما احتل من فلسطين عام 1967 " الضفة والقطاع "... اما جوهر الصراع وأسباب النكبة عام 48 فالحديث عنها موصوم بعدم الواقعية وسباحة بعكس التيار ...

اما الحق .. / فهم يشككون فيه . والتاريخ .... يسهل عليهم تزويره !

ونسيوا او تناسوا ان الحق هو الله .. والله تعالى مع الحق .
والتاريخ / ... غاب عنهم انه سيأتي يوم يستطيع فيه المسحوقون كتابته بدموعهم ، مجردا من كل تزييف او تزوير او تنميق او توجيه .

وها هو شعبنا اليوم يصنع تاريخا جديدا بدمه .. وهو يؤكد كل يوم على فشل محاولات تزوير ارادته ويرفض ان يفاوض على دمه بدمه ويؤكد ايضا على ترابط شريان التواصل والحياة ما بين جيل الأمس وجيل اليوم وأجيال الغد والتي تقول ونقول معها:

ان فلسطين لنا ...

وبالتالي لا يحق لأحد مهما كان وعظم شأنه ان يزور بأسمنا اعلان استسلامنا للعدو ... فأن لم نستطيع النصر اليوم ، سننتصر غدا بأذن الله ولا يرغمن احدا ان نوقع بأيدينا وثيقة هزيمتنا وعارنا الذي سوف يحاسبنا الله والتاريخ عليه .

وأطلب العفو منكم والعذر ان اطلت فيما اكتب .. لكن لي رجاء في ان لا يتحول الموضوع الى مهاترات تفقده جوهر الترابط والأنسجام وليحاججني من يعترض على اي حدث بوقائع وحقائق وليس بالدفاع عن اشخاص ما كانوا ليكونوا لولا صدق تضحيات شعبنا على امتداد قرن من الزمان .

وتقبلوا فائق احترامي / كريم

وائل 76
04/06/2007, 01:29
( 1 ) كان يحاول الطيران !



خضر مرابعنا ... بيض صنائعنا.... سود مواقعنا .. حمر مواضينا ..
فلسطين لنا ، لنا ، لنا
ساعة اصطفافنا للتفقد والهتاف ..
يدوي صوتنا من على ارض ملعب مدرستنا الأبتدائية في احد مخيمات اللجوء في لبنان ،
ورغم صغرنا ، وقصر قاماتنا ، الا ان مدير تلك المدرسة لم يزدنا طولا
لذا تراه مرتقيا سلما خشبيا صنعت دراجاته على عجل وبغير ترتيب
يرتفع قدمين عن ارض ساحة الملعب ....

.. اللون "الخاكي " او( الكاكي بلغتنا الدارجة) او اللون العسكري لمن لا يعرف هذا ولا ذاك ، كان لباسه الدائم ...
نحيف الجسم ، متقد الحماس ، صوته الضعيف لا يساعده على ترجمة ما بداخله من قوة ... تخشى عليه السقوط من على درجات سلمه العتيق عندما تراه يشد جسمه الى الأعلى
كأنه يحاول الطيران..." وكعب " حذائه الصغير يرتفع كلما كان يقف على رؤوس اصابع رجليه
ويمينه تلوح في الفضاء بحركات متماوجة وراحتا يديه تحاول الرسم ، للتعبير عن ... مرابعنا
الخضراء ، ونحن خلفه نردد، ان فلسطين لنا، لنا ، لنا ...
لقد كان فخورا انه يعمل على بناء جيل من المتعلمين ومن المناضلين الذين ربما ساهموا في معركة التحرير القادمة لفلسطين ........ وربما ساهموا في بناء دولة العرب الوحدوية التي آمن بها وكان من دعاتها .... ( ترى ، هل سيتحقق حلمه بعد مضي عشرات السنين من النضال ...؟ )
لقد رأيته باكيا بعد اربعون عاما على ما آلت الية احوال النضال والمناضلين على كل الصعد في نفس المخيم الذي كان يدير مدرسته لسنوات طويلة خلت ...!!!

وائل 76
04/06/2007, 01:30
( 2 ) احفظوا اقلامكم من الأنكسار .




نحاول الدخول الى غرف الصفوف بأنتظام .. لكن .. من يقدر على استيعاب اطفال كان اللعب واللهو من طبيعتهم ..
..... نتدافع ثم ننحني عند مدخل باب "غرفة الصف "
وترتطم رؤوسنا بحبال مشدودة الى اوتاد منتشرة بأنتظام ومتراصة في الأرض ..
ننزلق على الطين المكون من التراب الكثيف والمطر غير عابئين لتعودنا على ذلك !

وكنا لا نخشى الا على بعض الدفاتر اوالكتب القليلة التي كنا نحملها في كيس مصنوع من القماش الرخيص، له حمالتين من نفس القماش او من حبل مجدول نعلقه في رقابنا ويتدلى على القسم الأمامي من اجسادنا النحيلة ... وكثيرا ما كنا نتحسس ذلك الكيس من وقت لآخر... لنطمئن على ما بداخله : " القلم " ! ..ما زال بخير، لم ينكسر .

"لا تعبثوا بأقلامكم .. ولا تخربشوا بها ولا تعيروها " قال لنا ذلك معلمنا بحزم وأضاف : " انه امانة بين يديكم " ثم كان يضيف : " ان القلم له حرمة .. فحافظوا على حرمة اقلامكم " ثم يردد لنا تلك الآية الكريمة من قول الله تعالى ( الذي علم بالقلم ) " .

عندما كبرت تذكرت ذلك الكلام واعتقدت ان شح الأقلام وعدم وجودها هو السبب ...! وكم كنت غبيا وقتها لما اعتقدت ... ولم اكن اعلم ما كان يهدف اليه معلمنا من وراء ذلك الا بعد ان تقدمت بالسن وفهمت الحكمة مما كان يريد ان نبني عليه . لذا حفظت قلمي من عدم الوقوع في الأنكسار ..

وفي الكيس ايضا ، كنا نتحسس بعض كسرات الخبز " هي زادنا"
فهل ما زالت جافة ... لم تتلوث بالطين ...!

سامحك الله يا معلمنا ورعاك .. لقد قال لنا : " لا يهم ان تأكلوا خبزكم ولو كان ملوثا ببعض الطين او العرق .. المهم ان لا تأكلوه مغمسا بالدم ... ان ذلك حرام ...!


نتدافع داخل غرفة الصف ....
من منا سيسبق ليأخذ مكانه بجانب العامود الخشبي المنغرس في الأرض ... لقد كانت له ميزة نحبها جميعا ، هي السند والراحة من ساعات الدروس الطويلة... والأنحناء الضروري على متكأ الدفاتر والكتب ........... " والمتكأ " كان حافة احدى ركبتينا المطوتين تحت بعضهما البعض ... فتلك " القعدة" اعاقت الكثيرين في عامودهم الفقري من جراء ذلك الأنحناء الطويل .. " ومع تقدمنا بالسن .. لكن ركبنا ما زالت صلبة .
فغرفة الدرس خيمة على شكل جرس وأرضها مفروشة بحصيرة رثة مصنوعة من القش الرخيص ... ونحن على ارضها كنا نجلس متربعين ...
فجميع غرف المدرسة كذلك ،

" خيمة بجانب اختها "

وائل 76
04/06/2007, 01:30
( 3 ) اصرار على ترديد الشعار .


ندخل " الخيمة " \ الصف... نجلس، ثم نتجه بأنظارنا الى المعلم الداخل الى اليه .. وبسرعة ، نقوم بتفحص قسمات وجهه .. ان ذلك مهم بالنسبة لنا ... فقراءة تلك القسمات سمة اختص بها بعضنا ...!
وفي الغالب ما كانت تنبئنا بنهار عسير ... !
نقف له بأحترام شديد ونردد امامه بصوت عال لا يخلوا من الحماس (( فلسطين لن ننساك ، ولن نرضى وطنا سواك ))

تلك الجملة التي عودنا على ترديدها معلمنا قبل بدئ الدروس مع اننا صرخنا بها ونحنعلى ارض "الملعب" ( كم كنت رائعا يا أستاذنا رحمك الله .. ... فرغم مظهره الخشن وعصبيته الزائدة الا انه كان يملك قلبا رقيقا .. وحسا وطنيا عظيما ..

- الاستاذ عبدالله يحثنا على الأقتراب من بعض ... لأنه بدوره قرأ وجوهنا وأحس بالبرد الذي كان يكز اسناننا -- ولم يكن يعرف : ان البرد مع الخوف والرهبة منه اختلطا وسببا لنا ذلك الأرتعاش ...


- المعلم عبدالله يصدر لنا امرا " كتابيا " على لوح الخشب الصغير المرتكز على " سيبة " من ثلاثة ارجل كانت تهتز كلما كتب عليه حرفا : بفتح الكتاب على الدرس التاسع ..
بعض التلاميذ منا لم ينصاع للأمر فورا مما كان يسبب في قصاصهم .. ولم يكن يعلم استاذنا ان هذا البعض كان لا يرى جيدا بسبب الرؤياالضعيقة التي سببتها الغيوم الكثيفة ولا من اضاءة داخل تلك الخيمة ... ! فقطرها لا يتجاوز الأربعة امتار وعددنا خمس وخمسون تلميذا غير الغياب ...!


- نبدأ بالتململ من ضيق المكان ... فحرارته ارتفعت ....

" اسكت يا ولد ".. يصرخ معلمنا ويردد كلاما لا نفهمة ..

- نزل ايدك عن راسك انت وهي .. وبيكفيكوا هرش ..... ولكم يلعن ابوكم .. !
تغسلوا.. تحمموا ... ولك انت يا زفت ، خلي امك تغسلك مليح ..! وانت ، ولك يا بنت خلي امك تنضفلك راسك بالكاز ..! ( برغم ان غرفة الصف تفوح برائحته)

"فاطمة تبكي وتقول بصوت متقطع :

" شعري يا استاذ خالي من اي قمل او سيبان..!! " تلك الحشرات التي تأبى الا ان تتسرب الى رؤسنا نحن الصبيان رغم حلاقة شعرنا على " الصفر "
فكل الأولاد في مدرستنا " قرعان" !!



-- استاذ، استاذ " بقة " على قميص فلاح ... " يقول احمد.

فلاح يرفع يده محتجا ويقول : خليل وضعها على قميصي ..!
يصرخ المعلم : ولكم يلعن "... " اللي بعثكم للمدرسة .. يلعن"... " هاللجئة اللي خلتني اشوفكم ..!
ولا نعرف ماذا يقصد ..!

-- كمال وأنور يهمسون في اذني ،الواحد تلو الآخر ان اقول " لمدارس"
"نحن موافقون على الهرب من المدرسة في الحصة القادمة ... "
-- يقرع جرس " الفسحة" بين الدرس الرابع والخامس لنتجمع بعد خروجنا الى الملعب في دوائر صغيرة سرعان ما تكبر سبعة ، ثمانية ، تسعة رفاق
قائدنا التلميذ النجيب مدارس ....

وائل 76
04/06/2007, 01:31
( 4 ) معلمنا " مدارس "



- و"مدارس هذا " هكذا اسمه - جار قريب لمسكننا ، وهو اكبر تلميذ في صفنا (هو يكبرنا بثلاث او اربع سنوات ) وكان له تأثير الساحر علينا ، لأننا برفقته كنا نطمئن حين نهرب من المدرسة... لأنه كان وحده القادر على تحمل كل تبعات ذلك "الهروب" امام ناظر المدرسة .. وكنا نطمئن اكثر معه حين نلتجئ في هروبنا الى بستان " اليهودي " - هكذا عرفنا اسمه -

وأسمه هذا اعطانا المبرر لسرقة حبات البرتقال ، وملاحقة طيور الدجاج بالحجارة

.... وآآآآآه، آه، لو اصبنا واحدة منها ... كم كنا نحب لحم الدجاج ..! فنحن كنا لا نتذوقه الا بمناسبة الأعياد اذا كان الحال ميسورا .
اتعرفون ..!
-- لقد كنا نسمي كل دجاجة بأسمها .......... كنا نعرفهم واحدة واحدة مثل ما كنا نعرف تلاميذ صفنا ...
تلك الشقراء تغافلنا وتهرب ... لقد كانت تبدو للوهلة الأولى هادئة ..!

اماهذه المزركشة ، لن تتعبنا ، فهي " ادمية " وبنت حلال ... !

اما تلك الرمادية " تصوروا " انها تتلصص علينا مثل البشر ..!!

اما ذاك الديك " المكنفش ريشة... الله لا يرضى عليه ويقصف عمرة......... فهو ابن حرام !

" ولكم ركزوا عليه يا اولاد " يقول لنا مدارس .

انه يتمختر امامنا كأنه اعظم فحل في العالم ..!


- ومدارس هذا رغم غبائه ومكوثه في الصف الرابع الأبتدائي ثلاث سنوات الا انه كان يملك فلسفة سبقت عمرنا بزمن طويل ...

" ان الله لن يحاسبنا على تلك السرقة،لا تخافوا " !

ان صاحب هذا البستان " يهودي " يقول لنا ذلك مدارس ثم يضيف :
الم تستمعوا الى قصص اليهود التي يرويها اهلنا والجرائم المرتكبة بحقنا من قبلهم.. ؟
وكيف قاموا بسرقة بيوتنا وسرقة بساتيننا ، وكروم العنب .. وأشجار الزيتون وغيرها من الأشجارة الأخرى المباركة من التين ..الم تسمعواعن أعمال القتل ، والطرد ، وهدم البيوت واستباحة الحرمات ؟ "

.... كل ذلك ، وكل تلك القصص ، كانت تعطينا مبررا ودافعا لنصب جام غضبنا على هذا البستان " اليهودي " اللعين.. ونلاحق جميع دجاجاته بما في ذلك الديوك الغبية والمتبخترة .. !

- كم كنت عظيما رغم غبائك يا مدارس ... وما اعجب بعض مدعي العلم الذين لا يملكون فلسفتك وبساطة تعبيرك عن حب الوطن ...

ويا ليتهم صادفوا مثلك يا مدارس لكنت علمتهم مثلما علمتنا وكنت حقا نعم المدارس لهم مثلما كنت لنا .


- بأنتهاء دوام المدرسة نعود لمنازلنا , وفي الطريق . نقوم بترديد دعاء طويل ، ونتمنى عدم الوشاية علينا من احد عند اهلنا.... فالعقاب سيكون عسيرا جدا. و كنا لا نعمل حساب المعلم عبد الله في اليوم التالي حين كان ياتي ثم يصرخ و يلعن و يضرب بكل ما ملكت يداه...... مسطره الخشب ....... كرسي القش الصغيرة التي يجلس عليها ........ قبضتنا يديه .... ولا انساه ابدا... ففي احدى حفلاته في الضرب عندما ركلني بقدمه" شلوتا ".. مثلما يركل اللاعب الكرة .. و لشده تلك الضربه تدحرجت حتى دخلت خيمه صف اخر....!

لقد ترفعت الى الصف الخامس وبدون امتحان

وائل 76
04/06/2007, 01:32
( 5 ) العتمة كانت تحل علينا قبل الليل !



تسعة اخوه .. اربعه صبيان ، وخمسة بنات ، اضافة الى امي وأبي كنا نعيش في غرفة واحده في "مجمع" سكني في احد مخيمات الجنوب اللبناني . والمجمع يقع على الطرف الغربي للمخيم ولا يفصله عن خيام اللاجئين الا بضعة امتار ( اصبح اليوم داخل المخيم ) وهذا المجمع يضم عشرة غرف كان مهجعا لجنود الاحتلال الفرنسي للبنان قبل "الاستقلال" ...

- أستأجر والدي فيه غرفة ب 8 ليرات لبنانية شهريا ، مساحتها 28مترا مربعا . جدرانها من حجر الطين و سقفها من صفائح المعدن الرقيق الذي تآكل بفعل مرور الزمن عليه ، وبرغم المحالات الحثيثة لصيانته كنا نضع اوعيه متعدده على الارض لتلقي " دلف" الماء المنسكب من السماء في فصل الشتاء اللعين – لقد كانت سنين الخمسينات غزيرة بالمطر...!

وكان رجلا من قرية لبنانية صغيرة محاذية للمخيم قد اشترى ذلك المجمع مع قطعة ارض صغيرة تابعة له منذ الأربعينات وحولها الى بستان يحتوي علىاشجار الحمضيات والرمان وبعض شجيرات " الأسكدنيا " ..؟ وكان البستان يحتوي على نبع ماء تم حفره وتوسيعه ليصبح غزيرا في انتاجه للماء ... وكان يطلق عليه اسم " العين الحلوة " وقد سمي مخيمنا على اسم هذا النبع وأصبح يعرف " بمخيم عين الحلوة " .
وقد تميز هذا النبع بوجود شجرتي " جميز " والجميز للذي لا يعرف هي من الأشجار الضخمة تحمل ثمارا متميزة جدا وهي على كل حال مضرب مثل ... ( لم تسلم تلك الشجرتين من همجية قصف العدو لهما ولم يعد لهما اليوم اي اثر ... وحتى العين الحلوة ، لم تعد كذلك )

والعم ابو جورج صاحب" البستان والمجمع" كان يسكن الى جوارنا او قل نحن الذين جاورناه .. وكان يشغل غرفتين فيه و يسكن مع عائلته المؤلفة من اربعة اولاد، بنتين واثنان من الصبيان ووالدته العجوز" ام ديب " ....

وام ديب هذه ، تجازوت الثمانين من عمرها ، ورغم ذلك كانت لا تغير عادتها ابدا ... ففي صباح كل يوم ، كانت تحمل سلتها المحتوية على بعض ما تنتجه ارض ابنها من فاكهة او خضار ، وتذهب الى قلب المدينة مشيا على الأقدام ، ثم تعود بنفس الطريقة وعلى نفس الطريق بعد ان تكون باعت ما بسلتها من حاجات ....." لقد كان لها بعض الزبائن في المدينة التي تبعد2 كيلوميتر عن المخيم ...

لقد كانت الأربعة الاف متر التي تقطعها ام ديب يوميا هي سر تمتعها الدائم بصحة جيدة ..!!

وأم ديب هذه كانت امرأة حنونة جدا ... وكانت تتأثر بما تسمع ويروى لها عن نكبة فلسطين والفاسطينيين عام 1948 .. وكانت ترى باي حال نعيش نحن اللآجئون .. ثم انها كانت تعرف فلسطين ... لقد عملت في صباها هناك، وعرفت كل ايام سعادتها هناك ... لقد تعرفت على زوجها اللبناني في حيفا ابو ديب وتحبا هناك
... وتزوجت ايضا في فلسطين ...

" ان الله غاضب عليهم لأنهم عذبوا السيد المسيح " وصلبوه " ... تضيف ام ديب : لا تخافوا ولا تيأسوا لأن "المخلص" تمجد اسمه سيأتي مجددا ويقضي على هؤلاء الملاعين ...!!


… مع انه كان بارا بوالديه ...

( الا انه والرغيف كأنهما فرسي رهان ، لا يدركه حتى يقطع الجري انفاسه ) !
والدي كان يعمل مزارعا في احد بساتين الجنوب اللبناني
وكان عمل المزارع مرهقا جدا ، اذ لم تكن تتوفر آلآت الفلاحة الحديثة فكل ما هو متوفر " المعول والشوكة " لحراثة الأرض وتهيأتها للزرع وكانت اجرة العامل لا تزيد في احسن الأحوال عن ليرة ونصف او ليرتين اذا كان الرجل محظوظا ( اي ما يعادل نصف دولار يوميا ) .. ولم اكن اعرف .. كيف ان ابي ترك انطباعا عند الناس " انه كريم جدا " فبالكاد كنا نتدبر امور معيشتنا وكانت الديون تتراكم عليه بأستمرار .
ولم انسى ابدا... ابدا . كيف كانت والدتي ترغمنا على النوم في الفراش باكرا.... وقبل حلول الظلام ، احيانا كثيرة ..

لأن ابي كان لا يملك ان يشترى زيتا للقنديل ...!!

وائل 76
04/06/2007, 01:33
( 6 ) اقوال شيخ جليل وارادة شعب صامد صنعت


ولد ابي في العقد الثاني من القرن العشرين ... وككل ابناء فلسطين ترعرع وكبر في ظل الصراع القائم بين العرب واليهود وفي ظل احتلال اجنبي مقيت ..

بريطانيا العظمى التى سمت احتلالها انتدابا مؤقتا " لخير العرب وتقدمهم " والذين صدقوا وخدعوا ..! والتي ساهمت مساهمة فعالة في خلق بؤر الأستيطان على ارض فلسطين وحمته ،

ونتج عن ذلك تنامي مقاومة، لهذا الأحتلال ومخططاته .... وابي كان واحد من الذين اشتركوا مثل غيره بفعالية ضد هذا الأحتلال مع اشقائه الأثنين .. .. وكان مندفعا بشدة ..

ربما يعود ذلك الى ان قائدا عظيما وشيخا جليلا ، كان يسكن بجوار بيت جدي في مدينة حيفا .. وكان هذا الشيخ الجليل صديقا حميا لجدي فأن لم يكن موجودا في الجامع تراه موجودا في مضافة جدي "ابو محمود" يقوم بالتوعية الدينية والوطنية ويحرض على حمل السلاح لمقاومة الأحتلال البريطاني وعصابات العدو الأسرائيلي ...

يقول ابي : لقد كنت ترى كما كبيرا من الرجال يأتون اليه لسماع خطبه الحماسية المحرضة ضد الأحتلال والصهيونية ..

ورغم ان الشيخ الشهيد عز الدين القسام رحمه الله لم يكن من ابناء حيفا مثل جدي .. لكن.. جمعتهما هموم الوطن من اقصاه الى اقصاه ... فالشيخ الجليل من شمال بلاد الشام ... وجدي كان من جنوبها .. فشمالها كان محتلا من الأستعمار الفرنسي وجنوبها تحت الأحتلال الأنكليزي ، فالهم كان واحد ...

لكن خطرا اكبر كان محدقا بالجنوب .... والمسافة ما بين الشمال والجنوب ، لم تكن عائقا امام شيخنا الجليل( عزالدين القسام) الذي وفد الى حيفا والتي منها فجر ثورة استمرت ثلاثة سنوات بعد استشهاده كانت مفصلا وتاريخا جديدا لنضال شعب فلسطين العربي ...

ورغم مرور عشرات السنين ما زال عزالدين القسام ملهما واستشهاده شعلة انارت طريق النضال امام المكافحين والثوار الحقيقيين حتى هذا اليوم .... فما بالكم بالذي عايشه عن قرب وسمع وحفظ دروسا ما زالت الى الأن تفعل ... ؟؟

لقد كان ابي واحدا من هؤلاء المحظوظين مع جدي وأعمامي الأثنين مثل كثيرين غيرهم ..

-- لقد عاشوا عن قرب مع ذلك الشيخ الجليل .. سمعوا وحفظوا .

اعتقل ابي من قبل سلطات الأحتلال البريطاني ، وحكم عليه بالأعدام في العام 1937 رغم انه لم يتجاوز السابعة عشر من عمره ، وبرغم ان القانون البرطاني المطبق في فلسطين لا يجيز حكم الأعدام تحت سن الثامن عشر.. لكنه الظلم والأحتلال والعنصرية ..

ذلك الأمر دفع جدي لرهن قطعة ارض صغيرة كان يملكها في حيفا ليكون قادرا على دفع تكاليف المحامين ، فقط لأثبات ان ابي لم يتجاوز السابعة عشر من عمره ..!

وبعد جلسات عدة خفض حكم الأعدام الى حكم مؤبد ... قضى منهم 3 سنوات وأفرج عنه وعن كثيرين غيره لأسباب سياسية تتعلق بما سمي وقتها " بالكتاب الأبيض " الذي اصدرته بريطانيا بعد قضائها على ثورة عام 1936-1939 .. و انفجار الحرب العالمية الثانية ومحاولتهم استمالة العرب الى جانبهم والذين صدقوا مرة اخرى !!

الم نتعلم من دروس الماضي ؟!

وائل 76
04/06/2007, 01:34
( 7 ) لدغنا من الجحر مرات ..!



انتهت السنوات الخمس للحرب العالمية الثانية وكانت لا تحمل جديدا على مستوى الصراع بين العرب واليهود في فلسطين ،باستثناء ما كان يتم تهريبه من اعداد كبيرة ومتزايدة من اليهود الغربيين الى فلسطين .... وما ان تحقق النصر كاملا للحلفاء حتى تراجعت بريطانيا عن " الكتاب الأبيض " وأستئؤنفت الهجرة اليهودية المشروعةوبمساعدة بريطانيا والولايات الأمريكية المتحدة التي بدت بعد النصر سيدة وحامية للأروبيين المنهكين بعد الحرب ..

وعادت الأحداث تتحرك في فلسطين وأستؤنف الصراع بيننا وبين اليهود للسيطرة على الأرض التي باتت بفعل حالة الهدوء تتآكل شبرا فشبرا من عام 1939 الى عام 1947-- ذلك العام الذي بدأ فيه العد التنازلي لوقوع الكارثة ....

وانا هنا لست موثقا لمجرى الأحداث انما محللا لأحداث تاريخية و من المفيد جدا ذكر ملاحظة هامة استنتجتها وهي: ( ان فلسطين قد حسم الصراع فيها لمصلحة اليهود عندما أخمدت ثورة العام 1939 .. وما كانت التسع سنوات اللآ حقة الا اخراجا لشرعية دولية مزورة لقيام دولة اسرائيل ...!! ( ؟)


ومن المستغرب حقا الا نستفيد من دروس الماضي ..! وما اشبه اليوم بالأمس .. مع فارق هام جدا وهو ان العدو والدول المساندة له كانوا في قمة الأندفاع لتحقيق مشروع " خلق اسرائيل " ... اما اليوم وبرغم كل مظاهر الضعف في الجسم العربي الا انه لا يشابه ما كانوا عليه قبل خمسون او ستون عاما مضت ... والعدو في حالة من التراجع خاصة في خلال العشر سنوات الأخيرة .. ( وان ما حصل في لبنان لهو خير شاهد على ما نقول .. وما يحصل اليوم بفعل الأنتفاضة المباركة في فلسطين " ان قدر لها ان تستمر " ستحقق نصرا اكيدا يبدأ بتفكك اساسات بنيان كيان العدو وينتهي بزواله حتما .

وعندما نستعرض بعض ذكريات " قوة اندفاع " العدو بالسيطرة على المدن والقرى ونقارن ما بين اليوم والأمس ، يجب علينا ان نبدأ بقلب الصورة .. فهل كان اليهود اقدر منا على التضحية ... حتما لا انما كانوا يملكون وعيا ويعرفون ماذا هم فاعلون ... ونحن نعيش جهلا ....! نضحي ... نقاوم ...وكنا لا نبخل بالدماء .. لكن يأتي من يجهض كل تضحياتنا ويسوسنا الى مواقع التخلي تحت شعارات زائفة ... سنأتي على ذكرها ...


ولدت في مدينة حيفا قبل اربع سنوات من الهجرة ... وكانت سيطرة اليهود على القسم الشرقي من المدينة... اما القسم الغربي فكان تحت سيطرة اهل المدينة من العرب الفلسطينيون ...وعندما اشتد الصراع في بداية شهرايار من العام 1948 وكانت المعارك تدور من شارع الى شارع و من منزل الى آخر بين بعض المسلحين من الفلسطينيين الغير منظمين او حتى الغير " منظبطين " في مواقعهم المحددة من "قبلهم" ... !! اذ لم يكن هناك اي قيادة تقود الناس وتنظمهم لتخوض معارك الدفاع . تسأل يأتي الجواب : (ان معظم القيادات ذهبت لتأتي بالسلاح ) !
ولم يكن اي مسؤول يسأل ولا من مراقب يوجه ..! وعندما تريد ان تسأل الناس الذين عايشوا تلك المرحلة عن تلك الأيام ... يردون عليك بأرتباك ظاهر ولا يدعونك ترتب اقوالهم لتستخلص منها تأريخا واضحا ... فكأنما الصدمة ما زالت مؤثرة عليهم ...او كأنهم لا يريدون ان تكشف مدى سذاجة اقوالهم وفقط يهربون الى ترديد معزوفتهم المملة عن العرب الذين باعوا فلسطين ..! وعلى كل حال ليست صدفة ان تسقط حيفا كاملة تحت سيطرة الصهاينة كأول مدينة فلسطينية ...

كان ذلك في نيسان 1948 ....

وائل 76
04/06/2007, 01:35
( 8 ) لقد كان من مدرسة عز الدين القسام .



اصوات صراخ ... باللغة العبرية ، والعربية تختلط احيانا مع ازيز الرصاص وأصوات الأنفجارات ...

جئنا .. جئنا ... اهربوا ... سنقتلكم جميعا ... كلمات يرددها جنود الأحتلال بمكبرات الصوت ...

ثم يضيفون .. : الم تسمعوا بدير ياسين ...!! ؟
يتردد ذلك الصوت من تلك المكبرات ...

ما هي الا ساعات قليلة ، وقبل بلوغ المهاجمين من جنود الأحتلال ازقة المدينة القديمة من حيفا ، والتي تجمع فيها الناس... مدنيين مع بعض المسلحين القلائل الباقين في المدينة للأحتماء المؤقت ثم التوجه نحو مينائها البحري المخصص لصيادي الأسماك " للهروب بحرا الى مدينة عكا التي لم تسقط بعد ... فكل الطرق البرية قطعت بسبب سيطرة اليهود عليها ...



فرغت حيفا في تلك الساعات القليلة من معظم سكانها .. ولم يبقى فيها الا من لم يقدرعلى ايجاد مركب من مراكب الصيد الصغيرة للهروب والنفاذ بجلده... !!!

يقول بعض المؤرخون الفلسطينيون اننا ساهمنا وحققنا اهداف اليهود عندما نشرنا وبشكل مبالغ جدا مجزرة دير ياسين )... وكانت احداثها قد جرت قبل 9 ايام من سقوط حيفا ... فحالة الفزع والخوف مما ارتكبه الصهاينة في تلك البلدة .. وأخبار الفظائع المنتشرة .. دفع سكان حيفا الى ترك كل شيئ ... نعم كل ما يملكون بقي مكانه ... حتى مواقد النار لم تطفئ من تحت اوعية طهي الطعام ...

ابي لم يكن موجودا مع عمي الأصغر في المدينة ( فالمسلحين تركوا مواقهم وسبقوا المدنيين الى مدينة عكا ) ..!!!
والدتي مع شقيقتها " والتي هي زوجة عمي الأكبر مع جدتي وجدي لم يكونوا في المنزل ... قالوا ان " محمود" سقط شهيدا ... يجب احضار الجثمان ثم دفنه ... لم يتسنى لهم الأمر ...

لقد شاهدوا جثة " ابا احمد " ولكنهم لم يستطيعوا جلبها ... فالصهاينة كثفوا هجومهم على المدينة القديمة... و تركت جثة عمي الأكبر بلا دفن ... لقد اصيب في وسط جبهته ...

--هو كان يشير دائما الى ذلك الموضع من جبهته ويتمنى الأستشهاد ... قال ابي ، ثم اكمل لقد كان عمكم بطلا تربى في مدرسة المجاهد عز الدين القسام ..واستشهد على نهجه ..

بعد اللجوء الى عكا ...
كانت اخبار المعارك في حيفا وسقوطها" السريع " بيد الأعداء وأخبار " قدوم الجيوش العربية للتحرير... !! واشاعة جو من الذعر والفزع بين الناس ، كل ذلك ، دفعهم الى استخلاص أمر واحد ...

( فالنخرج لعدة ايام ثم نعود بعد ان تكون الجيوش العربية حررت البلد ) .....!!!

( فقط خمسة عشر يوما ) هكذا كانوا يقولون ....!!
التشكيك بهويتنا وتاريخنا \ ضرورة للأعداء ؟ !
وامتد الزمن ... وما زالت الناس ... كثير من الناس تسأل ... اين الجيوش العربية ... ؟؟!!! ويحلو لنا ومنذ خمسون عاما مضت ان نقول ... فلسطين بيعت لليهود ... الملوك والرؤساء خانوا ..!! سبعة جيوش عربية وهزمت ...
لكن .. هل توقف احد ليسأل ، ومنذ التهجير الأول عام 48 لغاية الأن . سؤال ، او عدة اسئلة عن جيوش تلك المرحلة ... ؟؟؟؟
كل طرف من الأطراف العربية يبرر لنفسه ، برمي المسؤولية على غيره من الأطراف ...!!
الجميع يعتقد ان الآخر هو السبب .. " يحلوا لنا جلد الذات " ... نتلذذ بذلك ...
والعدو ... برمج عقولنا على هدم ذاتنا ... ليقتل فينا اي امل في المستقبل ... وليزداد يأسنا
وأحباطنا ... طالما ان لا رجاء من العرب ..!!! وقد نسي البعض انه جزء منهم .. فلا عجب ان تسمع " لعناتهم " ولا عجب ان يتبرأ جزء كبير منا، من اعلان انتماءه للعرب ... اصبحت تلك الهوية مثار خلاف بيننا . اصبح الأنتماء عيبة ...!!! ولا عجب ايضا اذا فتشنا عن هوية دينية نخلط ما بينها وبين الهوية القومية ...!! - وغدا سيطنطح لي احدهم ويقول : ( نحن مسلمون ) ... وماذا ستكون هويتنا لو لم نكن كذلك ... لا احد يريد المعرفة .. او لا يريد ان يعرف ... !!! الأيراني مسلم في اغلبيته ، لكنه ايراني ... ويقول ايراني عندما تسأله عن هويته ... والباكستاني ايضا ، والتركي ايضا .. وايضا ، وايضا ... الا العربي ... !!! يوجد تصميم على ذلك .. فقط مطلوب منا فقط ان نلغي انتماءنا القومي .
لماذا ..؟؟؟؟
النتيجة هي ما وصلنا الية .....( فكل العرب خونة )
وتحت هذا التبرير ( فالنتصالح مع العدو، فلا امل ولا رجاء من أمة خائنة ) .....!!

-اسرائيل كانت تبث في اذا عتها المسموعة " جدا " في الوطن العربي ، ويوميا ، وبصورة متكررة : تعليقات اذاعاتنا العربية "السياسية " ومقاطع من بعض خطب زعماءنا ، المتضمنة " المديح " الأخوي لبعضنا البعض ... ونحن نحفظ ايضا ونردد ... الجميع يكيل للجميع : ( مزامير التخوين والتشنيع والرذيلة ) ... ونحن نحفظ ونردد ....!!

ولدت اجيال في هذا المناخ وتربت على ذلك ... والنتيجة مرة اخرى ، هي ما وصلنا اليه ...

.. لقد زرعوا فينا كل الأكاذيب ..ومع الأسف ، في الغالب كنا نصدق ... !!
مثلا ، قالوا هزمنا سبعة جيوش عربية في حرب 1948 ..
وأدخلوا اليأس الى نفوسنا ..وصدقنا انها سبعة جيوش ...!!
و الحقيقة .. لو اسعترضنا تلك الدول التي ارسلت جيوشا ، ودرسنا امكانيات كل دولة على حدا، لتبين لنا وببساطة ، واقع حالنا في تلك الفترة من الزمن ...
ولنبدأ بمصر ... هي واقعة تحت الأحتلال البريطاني ..
ومع ذلك ، ارسلت 2500 جندي الى المعركة ، بأسلحة من المخازن البريطانية ...!! ولن ازيد .
العراق : ارسل 1750 جندي .. وحكومته ايضا تخضع للتاج البريطاني ...
الأردن : 7500 جندي ، وكان من اقوى الجيوش العربية ..
تدريبا وتسليحا ( لمستلزمات الأمارة ) !!! تصورا. ان قائد هذا الجيش ومديره بريطاني مستر " كلوب باشا " !!!
سوريا : 1500 جندي ... لم يمر على استقلالها اكثر من سنتين ..
لبنان 250 جندي .. ( تلك هي امكانياته في ذلك الوقت )
وبذلك يصبح المجموع 12500 جندي .. اضافة الى "بقايا" جيش الأنقاذ " المهلهل " والذي يفتقد الى التسليح ..
وهو بقيادة الظابط السوري العجوز فوزي القاوقجي مع مجموع
المسلحين الفلسطينيين الذين لا يتعدى عددهم بضع مئات ، لا قيادة لها ...!! ويفتقدون التدريب والتسليح ايضا ...!!

فماذا كان على الجانب الآخر ....

هذه احصائية اسرائيلية رسمية :
مجموع ما نطلق عليهم " عصابات " 90 الف مقاتل .. مدربين ، منظمين . انضوا تحت لواء قيادة واحدة تحت اسم " تساهال " اي الجيش الأسرائيلي
اضافة الى اللواء " اليهودي " الذي تشكل في الحرب العالمية الثانية في ارووبا، ومع انتهاءها ارسل الى فلسطين بكل اسلحته المتطورة وخبراته القتالية في الحرب العالمية ، وكان تعداده 35 الف عكسري نظامي ...
فهل كان ميزان القوى لصالحنا... ؟؟؟ !!!
هذا ، مع كل التأييد والتعاطف العالمي ،السياسي ، والمادي ، والمعنوي ، من شرق ومن غرب ، لدعم مشروع وجود اسرائيل ..
والتاريخ لم يسجل ، ان كل القوى الجبارة في العالم اتفقت يوما ، مثلما اتفقت على خلق ودعم هذا الكيان ...

فليس غريبا ان نهزم ... وليس غريبا ان ينتصر العدو ... لكن الغريب هو،
ان نخفي هذه الحقائق عن الناس .. ونلطم ونقول ( كل العرب خونة ، وقد باعوا فلسطين ... وأن الفلسطينيين باعوا وطنهم ولم يقاتلوا ..... والعدو يدعم هذا الرأى !!!

فهل نعود لقراءة التاريخ قراءة جديدة ؟؟

قهوة دايمي
04/06/2007, 03:45
شكرا جدا جزيلا