عاشقة الكلمات
27/08/2007, 19:45
(أنا معجب بالثور والنسر وبالانسان، بل أنا أعشق هذه الكائنات إلى الدرجة التي سوف تمنعني حتما من أن أصبح إنسانا ذا طموح) قد تساعد رسائل «فان غوغ» الى اخيه «ثيو» القارئ على متابعة تطوره الفني، وفهم ما تثيره لوحاته في نفس المشاهد، وتقلبات الالوان عليها. توقع «فان غوغ» ان يصل سعر لوحته «أزهار عبّاد الشمس» الى 500 فرنك وقت انجازها، معتبرا اياها علامته الفارقة كرسام. اليس غريبا ان يكون الفنان الذي فشل في بيع اي لوحة اثناء حياته عدا لوحة «كرمة العنب الاحمر» قادرا بأعماله، وبعد مائة وعشرين عاما، ان يمنحنا ذلك الالهام بعظمة الطبيعة وسحرها؟ لعل سبب تجاهله ورفض اعماله، اثناء حياته، يرجع الى ان الذوق السائد في اي فترة من الفترات تحدده مجموعة صغيرة من الفنانين، لكأنهم يمنحون المتفرج عدسة ذات مواصفات، بها يمكن النظر الى اللوحات، واي شيء جديد لا يتوافق مع ذلك سيكون مرفوضا، الى ان يتم تهديم الذوق السائد وايجاد ذوق جديد، على ايدي جيل جديد، من الفنانين.
الميزة الاخرى هي ان «فان غوغ» لم يخلف وراءه اتباعا كالفنانين الآخرين، (رغم ان رواد التعبيرية اعتبروه أبا روحيا لهم)، ولعل سبب ذلك حالة التفرد التي جسدتها حياته مقارنة بحياة الرسامين الآخرين.
تكشف الرسائل الاولى الى اخيه «ثيو»، عن عزمه في منتصف العشرين من عمره ان يكون راهبا، معبرا بذلك عن حاجته لأن يكون مفيدا للآخرين، او كما يسميه «ارضاء للحس العميق بالواجب». إلا ان المشكلة التي واجهته، هي صعوبة تقبله من قبل السلك الديني، لنكرانه المطلق للذات، والمضي الى حد متطرف في مساعدة عمال الفحم في بلجيكا، اذ كان يقضي كل اوقات فراغه مع المرضى، موزعا مرتبه الهزيل عليهم، ومقدما لهم مختلف المساعدات الاخرى. اضافة الى ذلك، كان عقله المتفتح عائقا امام تقبل اي نوع من التعاليم الجامدة، لذلك فشل في دراسته، ولم يستطع الحصول حتى على ادنى درجة في السلم الكهنوتي.
وبنفس الحميّة التي دفعته للانتماء الى السلك الديني، اقتنع بأن الرسم الذي كان يعتبره، الى حد تلك الفترة، هواية، هو المجال الذي سيخدم بواسطته الناس، فيصبح الرسم واجبا، وواجبا مقدسا، لكن كيف يمكن البدء، وهو لم يدرس الرسم اكاديميا؟ كل شيء سهل بالنسبة الى «فان غوغ». ومع انه كان في السابعة والعشرين من عمره، لكنه اندفع بحماسة للدراسة على ايدي رسامين محترفين بأخذه دروسا خاصة معهم، مواصلا في الوقت نفسه تأجير النساء (الموديلات) لعمله، دافعا معظم نقوده التي كان يحصل عليها من اخيه «ثيو» لهن. وحينما وصف نفسه ذات مرة امام احد اصدقائه الرسامين بأنه فنان، غضب الصديق، وبدوره لم يتراجع «فان غوغ» عن رأيه، «لأن هذه الكلمة تعني بالنسبة اليّ: البحث دائما، دون ايجاد الحل النهائي، ودون العثور الكلي على ضالتنا، انها بالضبط عكس الجملة: انا اعرفها، وانا وجدتها.. على قدر علمي كلمة فنان تعني: أنا في طور البحث، انا اكافح، انا منغمر، كليا، في عملية البحث من اعماق قلبي».
الميزة الاخرى هي ان «فان غوغ» لم يخلف وراءه اتباعا كالفنانين الآخرين، (رغم ان رواد التعبيرية اعتبروه أبا روحيا لهم)، ولعل سبب ذلك حالة التفرد التي جسدتها حياته مقارنة بحياة الرسامين الآخرين.
تكشف الرسائل الاولى الى اخيه «ثيو»، عن عزمه في منتصف العشرين من عمره ان يكون راهبا، معبرا بذلك عن حاجته لأن يكون مفيدا للآخرين، او كما يسميه «ارضاء للحس العميق بالواجب». إلا ان المشكلة التي واجهته، هي صعوبة تقبله من قبل السلك الديني، لنكرانه المطلق للذات، والمضي الى حد متطرف في مساعدة عمال الفحم في بلجيكا، اذ كان يقضي كل اوقات فراغه مع المرضى، موزعا مرتبه الهزيل عليهم، ومقدما لهم مختلف المساعدات الاخرى. اضافة الى ذلك، كان عقله المتفتح عائقا امام تقبل اي نوع من التعاليم الجامدة، لذلك فشل في دراسته، ولم يستطع الحصول حتى على ادنى درجة في السلم الكهنوتي.
وبنفس الحميّة التي دفعته للانتماء الى السلك الديني، اقتنع بأن الرسم الذي كان يعتبره، الى حد تلك الفترة، هواية، هو المجال الذي سيخدم بواسطته الناس، فيصبح الرسم واجبا، وواجبا مقدسا، لكن كيف يمكن البدء، وهو لم يدرس الرسم اكاديميا؟ كل شيء سهل بالنسبة الى «فان غوغ». ومع انه كان في السابعة والعشرين من عمره، لكنه اندفع بحماسة للدراسة على ايدي رسامين محترفين بأخذه دروسا خاصة معهم، مواصلا في الوقت نفسه تأجير النساء (الموديلات) لعمله، دافعا معظم نقوده التي كان يحصل عليها من اخيه «ثيو» لهن. وحينما وصف نفسه ذات مرة امام احد اصدقائه الرسامين بأنه فنان، غضب الصديق، وبدوره لم يتراجع «فان غوغ» عن رأيه، «لأن هذه الكلمة تعني بالنسبة اليّ: البحث دائما، دون ايجاد الحل النهائي، ودون العثور الكلي على ضالتنا، انها بالضبط عكس الجملة: انا اعرفها، وانا وجدتها.. على قدر علمي كلمة فنان تعني: أنا في طور البحث، انا اكافح، انا منغمر، كليا، في عملية البحث من اعماق قلبي».