-
دخول

عرض كامل الموضوع : أحمد فؤاد نجم


verocchio
16/09/2007, 15:54
يعد أحمد فؤاد نجم واحداَ من أعمدة الشعر العامي في مصر على الإطلاق، فإذا كان بيرم التونسي، فؤاد حداد، صلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودي قد لعبوا أدواراً ريادية مختلفة في تدشين عهد جديد للشعر العامي في مصر، ناقلين إياه إلى منطقة التفاعل الحي المباشر مع هموم وقضايا الناس اليومية وذلك في فترات عاش فيها الشعب المصري تجربة قلما مر بها في تاريخه وهي التخلص من الاستعمار ومقاومة محاولاته البائسة للعودة من جديد، والشروع في بناء وطن مستقل .. وذلك عبر تجارب أثبت من خلالها هذا الشعب البطل قدرات وجسارة في مواجهة تحديات البناء والاستقلال.
وإذا كان هذا الدور الكبير الذي قد قام بإنجازه وترجمته في أعمال عظيمة جيل الرواد، فإن نجم قد أخذ على عاتقه مهمة من نوع آخر، لا تقل شأنا، بل من الممكن اعتبارها امتداداً طبيعياً لمشروع هذا الجيل، المهمة الشعرية التي بدأ نجم في تبنيها والدفاع عنها في كتاباته هي كيفية توجيه النقد اللاذع والساخر لمن قاموا بهدم هذا الإنجاز الذي حققه الشعب المصري وضحى من أجله .. لمن حولوا الحلم إلى كابوس (هما باعوا الجلابية .. والوطن والبندقية .. وإحنا أصحاب القضية).
وقد بدأ نجم التحول إلى الدخول في معترك الحياة السياسية وكتابة الشعر السياسي منذ هزيمة 5 يونيو 1967 ومن وقتها وهو يخوض حرباً شعرية لا هوادة فيها ضد نظام اختلف معه على طول الخط، بدا بعد الهزيمة ناقداً بسخرية من تسببوا فيها (إيه يعني في العقبة جرينا .. ولا في سينا .. هيّ الهزيمة تنسينا إننا أحرار). ولم يلبث نجم إلا وظهر ف كتاباته كأحد المدافعين عن استعادة الكرامة وتحرير الأرض رافضاً مع طلاب مصر محاولات الدخول في مفاوضات مبكرة للسلام فانطلق بأشعاره مع نغمات رفيق دربه الشيخ إمام عيسى يشدون للحرية والحرب كطريق لا بديل عنه لاستعادة شرف الأمة، في مظاهرات صاخبة أعادت الحياة والروح لمصر (حسك عينك تزحزح يدك عن الزناد .. خليك يا عبده رابض لساعة الحساب) (اتفجري يا مصر .. اتفجري للحرب يتولد النهار .. اتفجري للحرب للحرية .. اتفجري للحرب دمعة ونار .. اتفجري للحرب ضد الجوع، ضد القهر، ضد التتار .. اتفجري للحرب شمس وضحكة والحرب لسّة ف أول السكة). وبعد حرب أكتوبر 73 كانت لنجم حربٌ أخرى ضد الفساد ولصوص السوق في ضوء متغيرات اقتصادية جديدة (بنادي على الورشجية الصغار .. ودول مسروقين من سماسرة كبار .. حا تخرب بيوتكم فلوس أمريكاني .. مع الانفتاح جات مصيبة لمصر). ولم تخلو أشعار نجم أيضاً من التفاعل مع قضايا التحرر الوطني وفي مقدمتها القضية الفلسطينية (يا فلسطينية والثورة هيّ الأكيدة .. بالبندقية نفرض حياتنا الجديدة .. والثورة مهما طالت وبانت بعيدة .. مدْ الخطاوي هوّ اللي يسعف معاكو).
وظل نجم يحارب ويدفع ثمن حربه سنوات وشهور بين جدران المعتقلات، ولكن كل العذابات تهون من أجل مصر التي وهبها حياته (بحبك .. بحبك .. بحبك يا مصر، ولو يشنقوني .. ولو يعدموني .. ولو فكروا بالعذاب يبعدوني .. ها قرب وأقرب .. ومش ممكن أهرب) مصر التي ظل يتغنى بعمالها وفلاحيها وطلابها، والذي رأى فيهم البديل الذي كان يدافع عنه (وعرفنا مين سبب جراحنا .. وعرفنا روحنا والتقينا .. عمال وفلاحين وطلبة .. دقت ساعاتنا وابتدينا .. نسلك طريق ما لهش راجع والنصر قرب من إيدينا).
ظل أحمد فؤاد نجم ـ وبجدارة ـ شاعر قريب الصلة بالناس وبالواقع، وستظل أشعاره يرددها الجميع في مناسبات شتى ليس فقط لعظمتها في حد ذاتها، بل لأن معظمها تم تحويلها إلى أغاني وضع ألحانها وغناها رفيق دربه الشيخ إمام عيسى ورددها وراءه الكثير من الناس .