-
دخول

عرض كامل الموضوع : مختارات ساخرة لعزيز نيسين


alwashak
19/09/2007, 07:13
المكان الجميل
قصة لـ عزيز نيسين


انتقل جيرانهم إلى مكان جميل ، و صاروا يفخرون بمكانهم الجميل هذا .
هم أيضاً أرادوا أن ينتقلوا إلى المكان الجميل الذي انتقل إليه جيرانهم ، و لكن أين سيجدون هذا المكان الجميل ؟! و كيف سيذهبون إليه ؟! . .
انطلقوا باحثين عن هذا المكان الجميل ، مشوا كثيراً ، قطعوا الأنهار و التلال فرأوا رجلاً مسناً ، سألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه ، فقال لهم :
- سيروا ملتزمين اليمين ، ثم انعطفوا إلى اليمين ، و كلما صادفتم طريقاً على يمينكم امشوا فيه .
مشوا كثيراً . . قطعوا الأنهار و التلال ، ثم رأوا رجلاً مقعداً ، فسألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه ، فقال لهم :
- انحرفوا إلى اليمين ، ثم التزموا اليمين و لا تتركوه أبداً .
فعلوا ما قاله الرجل ، و مشوا كثيراً . . نزلوا إلى السهول و صعدوا الجبال ،حرقتهم أشعة الشمس و بللهم المطر ، أمضوا في سيرهم صيفين و شتاءين ، و في النهاية رأوا متسولاً ، فسألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه ، فقال لهم :
- التزموا باليمين ، ستجدون على يمينكم طريقاً صاعداً ، اصعدوا ثم انحرفوا إلى اليمين .
فعلوا ما قاله المتسول ، و مشوا أياماً و أسابيع و شهوراً و سنين . . ثم صادفوا شرطياً ، سألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه ، فقال : - إذا ذهبتم يميناً فستجدون ساحة على اليمين ، اقطعوها ، فستجدون منحدراً ، سيروا فيه .
فعلوا ما قاله الشرطي ، نزلوا كثيراً و صعدوا كثيراً ، تسلقوا جبالاً شامخة و عبروا صحارى واسعة ، و في النهاية رأوا طفلاً فسألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه ، فقال لهم :
- ارجعوا إلى الزاوية التي على اليمين ، فستجدون على يمينكم شجرة ، دعوها على يمينكم و تابعوا سيركم .
ذهبوا من الطريق الذي دلّهم الطفل عليه ، ثم رأوا بائع أشياء قديمة ، فسألوه عن المكان الذي يبحثون عنه فقال لهم :
- انحرفوا على اليمين و تابعوا سيركم ، سترون مفترق طرق ، امشوا على الطريق اليميني .
فعلوا ما قاله . أخذوا يمينهم ، التزموا باليمين ، مشوا على اليمين ، نزلوا إلى اليمين ، صعدوا إلى اليمين ، و في نهاية الطريق رأوا سيارة خاصة يجلس بداخلها رجل بدين ، فسألوه عن المكان الجميل الذي يبحثون عنه ، فقال لهم :
- لقد وصلتم ، إنه هنا .
- فرحوا كثيراً . . و أحسوا بالتعب .
أخيراً . . وصلوا إلى المكان الذي أشار لهم عليه ، و وقفوا فيه ، ثم نظروا حولهم ، و إذا بهم يدركون أنهم وصلوا إلى نفس المكان الذي انطلقوا منه ، فنهضوا و راحوا يبحثون عن المكان الجميل .
سيصلون ، و لا شك ، لأنهم أناس رائعون و طيبون ، فهم يبحثون باستمرار ، و لهذا فإنهم سيصلون إلى هدفهم

:pos:

butterfly
21/09/2007, 06:18
جميلة جدا ً

من " قرأت لك "

:fglasses:

TheLight
22/09/2007, 04:16
كان في موضوع سابقا باخوية فيه عدد لا بأس به عن كتابات لعزيز نيسن.....

ح نحاول نرجعو بالتديج....

بس قبل...لمحة عن عزيز نيسن...

عزيز نيسين (1915- 1995) اسمه الحقيقي محمد نصرت نيسين من مواليد تركيا عام 1915 في جزيرة قرب استانبول و استخدم اسم عزيز نيسن الذي عرف به فيما بعد كاسم مستعار كنوع من الحماية ضد مطاردات الأمن السياسي في تركيا و رغم ذلك فقد دخل السجون مرات عديدة يعتبر عزيز نيسن واحد من أفضل كتاب ما يعرف بالكوميديا السوداء في العالم او ما تسمى بالقصص المضحكة المبكية و المضحك المبكي في حياته انه و برغم شهرته الواسعة في كل ارجاء العالم كمبدع فذ الا ان بلده الأم تركيا لم تعطه من حقه سوى القليل توفي عزيز نيسن في تموز عام 1995

الجوائز التي نالها

-جائزة السعفة الذهبية من إيطاليا عام 56، 1957

-جائزة القنفذ الذهبي من بلغاريا

-جائزة التمساح الأولى من الاتحاد السوفيتي 1969

-جائزةاللوتس الأولى من اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا 1975

- الجائزة الأولى عام 1968م على كتابه (ثلاث مسرحيات أراجوزية)

- جائزة المجمع اللغوي التركي عام 1969

اعماله:

1 - لا تنسى تكة السروال

2 - خصيصيا للحمير

3 - اسفل السافلين

4 - الطريق الطويل

5 - الفهلوي (زوبك)

6 - مجنون على السطح

7 - الهداف

8 - صراع العميان

9 - آه منا نحن معشر الحمير

10- الحمار الميت لا يخاف الذئب

11- سر نامة

12- الطريق الوحيد

13- بتوش الحلوة

14- قطع تبديل للحضارة

15- الاحتفال بالقازان

16- يحيى يعيش ولا يحيا

المسرحيات :

1 - وحش طوروس

2 - ثلاث مسرحيات اراجوزية

3 - جيجو.

4 - حرب المصفرين وماسحي الجوخ.

TheLight
22/09/2007, 04:21
كيف الطقس اليوم؟؟
بقلم عزيز نيسن

عليّ أولاً أن أعرفكم بسعدي بيك بصورة جيدة. ثمة نوع من الناس يقال فيهم إنهم "مثل بعر الأرنب لا يفوح ولا يلوث" إن سعدي بيك هو المثال الأفضل على هذا النوع. لا في العير ولا في النفير، لا للصيف ولا للضيف. فإذا سألته "كم حزباً في البلد؟" فهو لن يجيبك حتى بـ"لا أعرف" بل يكتفي برفع كتفيه وزمّ شفتيه.‏

هو رجل رزين ومهذب، يكبرني بعشر سنوات لكنه يبدو بعمر أبي لشدة رزانته ورصانته، لا يمكنك اقتلاع الكلمة من فمه إلاّ مثل اقتلاع الضرس الملتهب، فهو يكاد لا يتكلم أبداً.‏

يقيم مع زوجته وابنته في قصر صغير عتيق في "أرن كوي" ورثه عن أبيه ولا يؤجر أياً من أجنحته على أمل أن يحصل لابنته على صهر يقيم معهم.‏

ألتقي به كل صباح، فإذا لم يحدث ذلك في القطار، حدث حتماً في عبّارة الساعة التاسعة التي تنطلق من "حيدر باشا".‏

اضطررت لملازمة الفراش خمسة عشر يوماً بسبب المرض، وفي اليوم الأول لعودتي إلى العمل بعد إبلالي من المرض ترجلنا، سعدي بيك وأنا، سوية من القطار ومشينا باتجاه العبّارة، وإذ بأحد المعارف يمر بنا ويقول لسعدي بيك:‏

ـ كيف الطقس يا سعدي بيك؟‏

ثم تابع طريقه من غير أن ينتظر جواباً من سعدي بيك. ثم لحق بنا واحد آخر وقال وهو يهبط السلالم الرخامية:‏

ـ مرحباً سعدي بيك.‏

ـ أهلاً..‏

ـ كيف الطقس يا سعدي بيك؟‏

قال الرجل ذلك وهرب مبتعداً، وكان واحداً من زملائنا. نظرت إلى وجه سعدي بيك، فوجدته شاحباً مثل كلس مزج بطلاء أخضر...‏

ثم سمعنا أصواتاً ساخرة خلفنا:‏

ـ كيف الطقس يا سعدي بيك؟‏

ـ كيف الطقس يا سعدي بيك؟‏

كان غضب سعدي بيك يتصاعد، لكنه يحاول إخفاءه. صعدنا إلى العبّارة وجلسنا في القاعة السفلى. قال رجل يجلس على مقربة:‏

ـ مرحبا سعدي بيك.‏

لم أكن على معرفة بهذا الرجل المسن والمتأنق. ردّ عليه سعدي بيك التحية:‏

ـ أهلاً يا سيدي.‏

ـ كيف الحال يا سيدي؟‏

ـ شكراً لكم. الحمد لله.‏

ـ أوه! أوه! أنعم الله عليكم بالصحة والعافية. كيف الطقس؟‏

قفز سعدي بيك من مكانه كالسهم، التقط قبعته وابتعد فخرجت معه لأنه رفيق طريقي لسنوات. وقفنا جنباً إلى جنب في مؤخر العبّارة. عرفت أنه مستاء جداً من شيء ما لكني تجنبت سؤاله خشية أن يزعجه السؤال. التزمنا الصمت حتى وصلت العبّارة إلى المرفأـ حيث سأله عدد من الأشخاص عن الطقس ونحن نترجل من العبّارة.‏

بدأت أغتاظ بدوري، وأردت التدخل لكني لم أفعل لأنني لا أعرف ما هو الموضوع. ولم يكن الغيظ يناسب هذا الرجل المهذب. سألته بعد أن صعدنا إلى الأتوبيس معاً:‏

ـ ما الأمر يا سعدي بيك؟ لماذا يسألك الجميع عن أحوال الطقس؟‏

نظر في وجهي نظرة ارتياب ثم قال:‏

ـ ألا تعرف؟‏

ـ لا... لا أعرف.‏

ـ سأحكي لك هذا المساء على العبّارة.‏

افترقنا عند أول النفق.‏

بقيت متشوقاً لما سيحكيه لي سعدي بيك، ولم يبرح خيالي مشهد وجهه الغاضب وهو الرجل اللبق المهذب ذو الأعصاب الباردة. إذن فقد حدث معه شيء ما في غضون الأسبوعين اللذين قضيتهما طريح الفراش.‏

التقينا في المساء عند جسر مرفأ "قاضي كوي". قال لي:‏

ـ يحسن بنا ألا نستقل هذه العبّارة.‏

فهمت أنه يريد انتظار العبّارة التالية خشية التعرض لسخريات معارفه اللذين يستقلون هذه العبّارة.‏

كان ثمة بائعو سمك طازج على القوارب، اشترى منهم سعدي بيك كيلو ونصف من السمك، تمشينا لبعض الوقت على المرفأ، ثم ركبنا عبّارة الثامنة وعشر دقائق. السمك المبلل كاد يثقب أسفل الكيس الورق الذي تشبّع بالماء. وهكذا جلسنا فوق السطح وسعدي بيك يمسك بكيس السمك بحرص. قال لي:‏

ـ أنت لا تعرف إذن؟‏

في تلك اللحظة قال أحدهم:‏

ـ كيف الطقس اليوم يا سعدي بيك.‏

نهض سعدي بيك من مكانه دون أن يتفوه بكلمة واحدة. هبطنا معاً إلى الأسفل وقصدنا مؤخّر العبّارة حيث استند سعدي بيك إلى الدرابزين وجلست على المقعد الخشبي المجاور، وقد أمسك بكيس الورق بحرص شديد. قال لي:‏

ـ إياك وإياك! إذا فتح أحدهم حديثاً عن الطقس فاهرب منه على الفور! فإذا حدث وسألك عن الطقس فلا تنبس ببنت شفة، فليسأل ولكن لا تجبه. ذلك أنهم يبدؤون الكلام بهذه الطريقة أي بالسؤال عن أحوال الطقس ثم يستدرجون المرء ويقحمونه في ورطة. الرجل الذي أمامك يبدأ بكلمة الطقس فلا ترى خطراً في الحديث عن أحوال الطقس. بعد ذلك ينتقل من الطقس إلى الماء وإذ بموضوع الحديث ينزلق إلى الأرض. ثم... وإذ بك متورطاً بلا وعي في حديث... إياك! انتبه حماك الله... ها أنت في ورطة...‏

حدث ذلك منذ حوالي عشرة أيام... ركبت القطار من محطة "أرن كوي" كعادتي كلّ يوم. جاء شخص وجلس بجانبي. مضى بنا القطار بضع دقائق ونحن صامتان. ثم قال الرجل:‏

ـ الطقس يزداد سوءاً هذه الأيام.‏

لم أتفوه بكلمة لأنني لا أحبّ الناس الفضوليين من أمثاله. قال بعد قليل:‏

ـ الجوّ ينذر بالسوء، أليس كذلك يا سيدي؟‏

خجلت من الاستمرار بالصمت فقلت له:‏

ـ نعم.‏

لعنة الله عليّ إن كنت تفوّهت بأية كلمة أخرى.‏

بعد ذلك قال الرجل:‏

ـ يبدو أنها لن تمطر أبداً هذا العام.‏

الرجل يمد صحنه لالتقاط الكلام من فمي وأنا أجيبه بالصمت.‏

ـ أليس كذلك يا سيدي؟ الظاهر أنها لن تمطر أبداً هذا العام.‏

لا أخرجني الله حياً من هذه العبّارة إن كنت أكذب عليك، لقد أجبته بكلمة واحدة أيضاً:‏

ـ نعم.‏

وكيف أقول "لا" يا أخي؟ فهو يقول لي: "يبدو أنها لن تمطر"، فهل أرد عليه بالقول:‏

"لا، سوف تمطر"؟ فما أدراني إن كانت ستمطر، أم لا؟ هذه المرة انتقل الرجل إلى الحديث عن الماء، قال:‏

ـ لدينا شح في الماء... الوضع سيئ جداً‏

أنا صامت.‏

ـ أليس كذلك يا سيدي، لدينا شح في الماء؟‏

ـ نعم.‏

ـ إذا لم تهطل الأمطار سنشهد محلاً. هذا العام لدينا محل. يقال إن الأناضول تحترق من الجفاف.‏

ثم يضغط عليّ لأؤكد على كلامه:‏

ـ أليس كذلك يا سيدي؟‏

ـ نعم.‏

ـ سوف نضطر لشراء القمح من الخارج.‏

عندما رأى أنني لم أقل شيئاً، ألحّ قائلاً:‏

ـ سنشتري، أليس كذلك يا سيدي؟‏

ـ وهل أنا وزير التجارة يا أخي؟ مالي أنا إن اشترينا قمحاً أو شعيراً‏

ـ سنشتري أليس كذلك يا سيدي؟‏

ـ نعم.‏

ـ لا يمكن إدارة الأمور على هذه الصورة. إن الحكومة عاجزة عن إدارة هذه الأمور.‏

يتبع

TheLight
22/09/2007, 04:22
تتمة

بدأنا من الطقس وانتهينا إلى الحكومة. هل يمكن للحكومة أن تخطر على البال إذا كان الحديث يدور عن الطقس؟ أترى من أين وإلى أين؟‏

ـ إن الحكومة عاجزة عن إدارة الأمور، أليس كذلك يا سيدي؟‏

بما أن الأمور وصلت إلى الحكومة، لم أجبه حتى بنعم هذه المرة. الطقس... فهمنا، والماء... فهمنا أيضاً، ولكن ما شأننا بالحكومة؟ التزمت الصمت، لكن الرجل لكز خاصرتي وصرخ قائلاً:‏

ـ أليس كذلك؟‏

ـ نعم.‏

ذلك أنه سيلكزني ثانية إذا لم أرد عليه.‏

ـ الأسعار ترتفع باطراد. ماذا سيحل بهذا الشعب؟‏

كان بوسعي أن أقول له: لا، الأسعار لا ترتفع، بل تنخفض يوماً بعد يوم". لكن ذلك يقتضي طق الحنك مع الرجل. قلت له بهدف التخلص منه:‏

ـ نعم.‏

ـ سوف ننتهي إلى وضع كارثي.‏

إنه يفاقم من خطورة الكلام باطراد. التزمت الصمت بلا مبالاة، فقال:‏

ـ أليس كذلك يا سيدي؟‏

تابعت تجاهلي فلكزني مرة أخرى، فقفزت من مكاني وأنا أطلق أنّة.‏

ـ أليس كذلك يا سيدي؟‏

ـ نعم.‏

إذا لم أرد على سؤاله فسوف يوجه لكمة إلى أنفي ويسألني: "أليس كذلك؟". انتباهي منصرف إلى الخارج من خلال النافذة. لكننا لم نصل بعد إلى محطة حيدر باشا، حتى أنزل من القطار وأتخلص من الرجل.‏

تمادى الرجل وتمادى حتى تجاوز كل الحدود، ومن حين لآخر أردت أن أجيبه بـ"لا"ـ لكن ذلك يعني الدخول معه في جدال بين نعم ولا، في حين أنني لست بوارد جدال من هذا النوع.‏

يحكي ويحكي ويحكي، ثم يسألني:‏

ـ أليس كذلك يا سيدي؟‏

فإذا التزمت الصمت لكزني فأطلقت أنّة وملت جانباً، وقد حشرني الرجل لُصق النافذة فلم يعد بإمكاني أن أهرب وأنجو بجلدي. لم يبق أمامي إلا القفز من النافذة.‏

الرجل يحكي بلا توقف، ثم يضرب بيده على ركبتي ويسألني:‏

ـ أليس كذلك يا سيدي؟‏

فأمسّد مكان الضربة وأجيبه:‏

ـ نعم.‏

ثم يمسكني من كتفي ويهزني:‏

ـ أليس كذلك يا سيدي؟‏

ـ نعم.‏

كنت لأفضل لو بطحني على الأرض وضربني.. قصارى القول أننا وصلنا أخيراً محطة حيدر باشا بين لكز وصفع ولكم وشد ودفع وهز، والحمد لله...‏

عندما ترجلنا من القطار اختفى الرجل في الزحام، أما أنا فلم أرفع رأسي عن الأرض خشية أن أراه من جديد.‏

في اللحظة التي أردت فيها الصعود إلى العبّارة نقرت يدٌ على كتفي ثلاث مرات، التفتَ وإذ به شرطي، قال لي:‏

ـ تفضل معي إلى المخفر لحظة لو سمحت.‏

عندما سمعت كلمة المخفر ارتبط لساني، فأنا لم أدخل قسم شرطة في حياتي، ولا أعرف ما يكون، ولكن ما العمل... ذهبت معه إلى المخفر، وماذا رأيت هناك؟ رأيت الرجل الذي واظب على سؤالي: "أليس كذلك يا سيدي؟" مبتسماً بالإضافة إلى راكبين كانا يقتعدان المقعد المواجه لمقعدنا.‏

ظننت أن الراكبين قد أشفقا عليّ بعد رؤيتهما لذلك الرجل وهو يلكزني ويلكمني طوال الرحلة فقدما شكوى ضده، والله أعلم. قلت للمفوض:‏

ـ أولاً أنا لست مدعياً على أحد.‏

فقال المفوض:‏

ـ ولكن ثمة من هو مدع عليك، هذا الرجل قدم شكوى ضدك.‏

يا سلام! أنت تجيب بنعم على كل ما يقوله الرجل، فيقوم هو بتقديم شكوى ضدك! هل سمعت بما يشبه هذا؟‏

قال الرجل:‏

ـ نعم، لقد شتم الحكومة بكل ما يخطر على البال من شتائم، وهذا السيدان شاهدان على ما أقول.‏

ثم حكى كل ما قاله لي أثناء الرحلة ناقلاً إياه على لساني، قلت:‏

ـ أنا لم أقل هذا الكلام، بل هو الذي قاله.‏

وقال الشاهدان:‏

ـ نعم هو الذي قال الكلام، أما هذا الرجل فقد وافق على كل الكلام بنعم ونعم ونعم.‏

قال الرجل:‏

ـ لقد تحدثت بتلك الطريقة بقصد اختبار نواياه.‏

إذن فسوف أهلك بين الأرجل فقط لأنني قلت نعم.‏

أمسك سعدي بيك بكيس الورق المملوء بالسمك في حضنه وقال:‏

ـ السمكات تكاد تسقط فقد انفتح أسفل كيس الورق.‏

كان يمسك أسفل كيس الورق في راحتيه. سألته:‏

ـ ماذا حدث بعد ذلك يا سعدي بيك؟‏

ـ سجلوا إفاداتنا، والآن سنذهب إلى المحكمة.‏

ـ ولكن لماذا قدّم ذلك الرجل شكوى ضدك؟‏

لقد ثار فضولي مثلك لمعرفة ذلك، فسألته السؤال نفسه عندما خرجنا من المخفر.‏

فأجابني قائلاً:‏

ـ حينما كنت تجيبني بنعم لم تكن تفعل ذلك عن طيب خاطر، فخفت أن تشي بي، فسبقتك إلى المخفر بمجرّد نزولي من القطار.‏

فقلت له:‏

ـ حسناً يا أخي ما دمت خائفاً إلى هذه الدرجة، لماذا إذن تتمادى في الكلام وتضرب يميناً وشمالاً؟‏

ـ وماذا أفعل، فأنا غير قادر على ضبط لساني، يحدث هذا رغماً عني.‏

إذن، إياك ثم إياك! لا أحد قادر على تمالك نفسه في هذه الأيام. كل واحد يبحث عن أحد يشكو له همّه، وليس من المعقول أن يقف وسط الناس ويخطب فيهم بصورة مباشرة. لذلك فهو يبدأ بالحديث عن الطقس مع أي شخص قربه.‏

الطقس ثم الماء... ثم تنتهي الأمور بهذه الطريقة. هل فهمت؟ إذا حدث وذكر لك أحدهم كلمة الطقس، فاهرب منه فوراً ولا تدعه يكمل كلامه، وإلا وجدت نفسك في ورطة مثلي.‏

ضحكت، ثم لم أتمالك نفسي عن سؤاله:‏

ـ كيف الطقس اليوم يا سعدي بيك؟

لم أكد أكمل جملتي حتى ضرب سعدي بيك على رأسي بكيس الورق المملوء بالسمك. في الوقت الذي ألقيت فيه بالسمك من فوق رأسي وثيابي، كان سعدي بيك قد اختفى عن الأنظار

TheLight
22/09/2007, 04:30
ذنب الكلب (كيف انتحرت)
بقلم عزيز نيسن



بالرغم من أن نشر أخبار الانتحار في الجرائد شيء ممنوع، وبما أن الخبر خاص بانتحاري أنا ، فأتوقع أن تفرح الأوساط الرسمية والجدية جداً ، لانتحارإنسان غير جدّي.
في أحد الأيام كنت مصاباً بمرض الانتحار، حيث كان الانتحار يخطر ببالي دائماً. انتحاري الأول كان هكذا.
قلت لنفسي أيها العاشق اختر نوعاً من أنواع الموت ، بالمسدس ، بالسكين؟
الموت واحد … وحتى يكون الموت مميزاً قررت أن أنتحر بالسم كالملوك القدماء. أخذت سماً مدهشاً. حبست نفسي في الغرفة ، ثم كتبت رسالة طويلةرومانسية قلت في نهايتها : ” الوداع أيتها الدنيا الفانية ، الوداع أيها الزمن الملعون ، الوداع أيها الصدر الأعظم …”
بعد أن قلت هكذا ، شربت كأس السم دفعة واحدة , ثم تمددت على الأرض .وانتظرت ، الآن سيجف دمي وبعد قليل ستشل يديّ ورجليّ ، ولكن لم يحدث شيء لي ، شربت كأساً آخر من السم ، ومرة أخرى لم يحدث شيء ,
و أخيراً علمت أن المواد المغشوشة في هذا البلد ليست الحليب و الزيت والجبن فقط، بل السم مغشوش أيضاً.وهكذا فإن الانسان هنا لا يستطيع الانتحار حتى, كما يريد.
و من جهتي فإني إذا وضعت شيئاً في رأسي فسأعمله بالتأكيد ، وفي هذهالمرة قررت أن أطلق رصاصة على رأسي.
وهكذا وضعت فوهة المسدس على رأسي وإصبعي على الزناد- طق.
حاولت مرة ثانية أيضاً : - طق.
مرة أخرى و أيضاً : - طق.
و لكن ظهر أن هذا النوع من المسدسات أتى من أمريكا على هيئة مساعدات،و بدون قطع تبديل.
و بعد أن عرفت عدم إمكانية الانتحار بالرصاص ، فكرت بالموت بالغاز لأن الموت بهذه الطريقة مضمون تماماً.
من المعلوم و حسب ما أعرف فإن التسمم بالغاز يؤدي إلى موت شاعري.
تحت صنبور الغاز إلى آخر حد ، وكنت قد أغلقت جميع الثقوب في الغرفة،و تمددت على الكنبة ، وأخذت وضعية بحيث يجدوا جثتي وهي في منتهىالجدية ثم بدأت أنتظر عزرائيل
أتى الظهر ثم المساء ولكني لم أمت ؟!
ي المساء دخل صديقي إلى الغرفة.

صرخت : - لا تدخل

- مالأمر؟

- أنا أموت.

- أنت لا تموت ، أنت مجنون.

شرحت لصديق عن المشروع ، ولكنه ضحك :
- حقاً ،إنك غبي جداً ،فهذا الصنبور لا يخرج منه غاز بل هواء.

و بعدها سألني :
- هل تريد أن تنتحر حقاً؟

- طبعاً.

- أرغب في مساعدتك .

وبعد ذلك طلب مني أن أذهب إلى محل السكاكين وأشتري سكيناً من نوع بورصا ، ونصحني بأن أغمد السكين في بطني وأخرج أمعائي بيدي كالأبطال اليابانيين. شكرت صديقي لمساعدته، وذهبت مباشرة واشتريت سكين بورصا متينة، في الحقيقة إنه أمر غير جميل أن يمسك الانسان سكيناً و يمزق أمعاءه، لأن الأطباء الذين سيفحصون جثتي في المشفى ، لن يجدوا أي نوع من أنواع الغذاء في أمعائي وهذا بالطبع أمر محرج بالنسبة لي، ولكن فليكن ما يكون، وضعت السكين في جيبي و بينما أنا عائد إلى البيت مسروراً هجم علي شرطيان ، و بدأت أعرفهما عن نفسي:
يا سادة ، توقفوا ، استمعوا إلي للحظة ، أنا أدفع الضريبة بشكل منتظم، ولا أتكلم أي شيء بحق حكومتنا، رجل شريف مثلي..

و لكنهما قطعا حديثي في منتصفه ، عندما وجدوا السكين في جيبي وصاحا:
- ما هذه ؟

إذاً ، أنا تورطت مع دورية من دوريات قسم مكافحة الجرائم، قلت لنفسي:
- يا ربي ، نتيجة القرارات الصائبة في هذا البلد ، فإننا لا نستطيع أن نعيش ، ولا نتسطيع أن نموت أيضاً؟ هل سنبقى نتعذب دائماً هكذا؟

و لكن صاحب الإرادة والعزم يجب أن يكون مثلي ، فإذا قلت أنني سأموت فهذا يعني أنني سأموت حتماً.
أخذت من الدكان حبلاً ثخيناً ، ولوح صابون ، صوبنت الحبل جيداً و ربطته في الحلقة الموجودة في السقف و أدخلت عنقي في عقدة المشنقة الزلاقة كمن يدخل إلى مصلحة الضرائب وأوقعت الكرسي من تحت قدمي ولكني سقطت أرضاً قبل أن أتأرجح مرة واحدة.
الحبال أيضاً كانت تالفة ، وإيجاد حبال سليمة أمر غير ممكن ، قال لي صاحب المحل:
وهل يعقل أن تكون البضاعة سليمة ويبيعونها, لقد فهمت تماماً، أنه لايوجد إمكانية للموت ، و قلت لأعيش إذاً على الأقل . و كما تعلمون ، فالحياة تبدأ من المعدة أولاً و هكذا أكلت بسطرما بالبيض و بعض المعلبات و المحاشي الكاذبة ، و بالإضافة لذلك أكلت المعكرونة وبعد ذلك ذهبت إلى محل حلويات وأكلت 5 ، 6 قطع من المعمول.
و دخل إلى المحل بائع جرائد وبدأ يصرخ:
- 16 صفحة ، إذا لم تقرأها غلف بها.

لم يكن من عادتي قراءة الصحف المؤيدة للحزب الحاكم، قلت : لأقرأها و بينما أقرأ العناوين وجدت نفسي نائماً، شعرت بألم في بطني ، كطعنةالسكين، ولكن كيف … ألم لا يوصف … لم أستطع التحمل أكثر من ذلك
فبدأت أصرخ و أولول ، و بالكاد أخذوني في سيارة الاسعاف إلى المشفى مغمياً عليّ.
لما فتحت عيني وجدت الطبيب فوق رأسي يسألني:
- أنت مصاب بالتسمم ، لا يخفى شيء على الطبيب ، هل انتحرت؟

- أين تلك الأيام السعيدة يا دكتور ؟ أين هي؟

- أنا أقول أنك مصاب بالتسمم ، ماذا أكلت؟

- بسطرما.

صرخ الطبيب:
- ماذا ؟ هل أكلت بسطرما؟ أنت مجنون؟ و هل تؤكل البسطرما؟ ألم تقرأ الجرائد؟ إنها مليئة بأخبار المتسممين من البسطرما… ولكن هذا لا يشبه تسمم البسطرما،ماذا أكلت غير ذلك؟

- ذهبت إلى المطعم.

- أنت مخبول.

- في المطعم أكلت معلبات.

- هكذا إذاً؟ و ماذا أكلت بعد؟

- معكرونة ومعمول…

- طبعاً سوف تتسمم . معلبات، معكرونة ،معمول!.. و ماذا أيضاً؟

- و الله لم آكل شيئاً آخر ، بينما كنت أقرأ الجريدة المؤيدة للحكومة …

صرخ الطبيب:
- ماذا؟ توجه بالدعاء إلى الله لأنك لم تمت , لقد مرت هذه المشكلة ببساطة هذه المرة.
عندما خرجت من المشفى كنت أفكر : طيب نحن ماذا سنفعل ، لا يتركوننا نموت ولا يتركوننا نعيش… ولكن بإمكاننا أن نزحف بكل سهولة إلى القبر

TheLight
22/09/2007, 04:43
الفئران تأكل بعضها
بقلم عزيز نيسن

في احد الازمان واحد البلدان … لا, الحكاية لا تصح هكذا , تصح اذا حددنا الزمان والمكان .
الزمان : بعد الميلاد .
المكان : مكان ما في هذا العالم .
هاقد صار الزمان والمكان معروفين .

لنـــأت الى الحادثة , في المكان الذي ذكرناه , والزمان الذي حددناه , كان ثمة مخزن كبير . المخزن كان مملوءاّ بما يؤكل , يحرق , يلبس , ..يغسل . كل شيء مفصل مرتب.
الخضار اليابسة كالحمص والفاصولياء والفول … في طرف , الحبوب كالذرة والارز والشعير ..في طرف … والاحذية والالبسة في طرف آخر .

كان يدير المخزن المحدد المكان والزمان , مدير ناجح, في يوم لم يعد يعرف المدير الناجح ماذا يعمل , الفئران احتلت المخزن . الماكولات صارت تتناقص. الفئران قرضت الجبن والخبز المقمر .

المدير الناجح لا يجلس ويداه على خصره ابداَ, حارب الفئران بكل ما أوتي من بأس , لكنه وبالرغم من كل ما بذله , لم يكسب الحرب . الصابون وقطع الجبن تتناقص يوما بعد يوم , الملابس اصبحت مثقبه ومهبرة , أعشاش الفئران بنيت داخل اكياس الطحين ..
لم يبق اطمئنان على سلامة المخزن من الفئران التي أخذت تسمن وتسمن وتعجعج وتتكاثر كلما اكلت من الحبوب والاطعمة , غصّ المخزن بالفئران , واحتل جيش منها المخزن الكبير .. بدا انه حتى الوقوف بالمخزن مستحيل .. لم تكتفي الفئران بالتهام المأكولات وقرض الملبوسات وقضم الجبن والسجق , بل انها راحت تسن اسنانها واظافرها بالجلود والاحذية والخشب ..

اصبحت الفئران من وفرة الغذاء , بحجم القطط , ومع الزمن بحجم الكلاب , كانت لا تهجع ابدا تتراكض وتتلاعب وتنط في المخزن .. وفوق ذلك سدت اكثر اماكن التهوية والانارة والجمال فيه ..

المدير الناجح استمر في حربه مع الفئران دون هوادة .. وضع اكثر أنواع السموم مضاء في كل جهة وكل صوب … لم يستفد شيئا …!!! لا بل ان الفئران اعتادت على السم المقدم لها .. لانها كانت تنتشي بتناولها كما ينتشي الانسان المعتاد على سموم النشوة , وبدات مع مرور الزمن تطلب السم اكثر .. واذا لم يقدم لها هذا السم .. مع الزيادة عن اليوم السابق .. كانت تدب على الارض بارجلها فتكاد تهد المخزن .
جمع مدير المخزن أفضل أنواع القطط وفلتها في المخزن ليلا ..وفي الصباح وجد وبر القطط المسكينة وبقايا عظامها , لم تستطع القطط مجابهة الفئران , ولم يقتلها اقوى السموم .
بدا المدير الناجح بصلي افخاخ كبيرة .. وصار … يحدث ان يقع بعض الفئران فيها في الفخ … لكن اذا وقعت خمسة فارات في الفخ ليلا … فانها تلد ما لايقل عن عشرين او ثلاثين فارا في النهار .

وفكر المدير … اهتدى الى طريقة فريدة : صنع ثلاث اقفاص جديدة .. رمى في كل منها ما كان يقع من الفئران الحية في الفخ ..امتلا كل قفص من الاقفاص بالفئران .. لم يقدم للفئران طعاما او اي شيء.. اختارت الفئران التي باتت على الطوى ثلاث أيام , خمسة ايام , اختارت الفئران الاضعف بينها , قطعتها اكلتها اشبعت بطونها .. وبعد وقت جاعت … بدات تتصارع … وبنتيجة صراعها الدامي هذا … سطت على واحدة منها .. حنقتها , قطعتها … اكلتها ..وهكذا اخذ عدد الفئران يتناقص مع مرور الايام .. تبقى الفارة الاكبر , صاحبة العزم الاقوى , وتتقطع الفارات الضعيفات ويؤكلن .

تحولت الاقفاص المملوءة بالفئران الى ساحات حرب حقيقية … بقي في كل قفص من الاقفاص الثلاث ثلاث الى خمس فئران … الفارات الباقيات صرن يترامين على بعضهن ويتعاضضن ..قبل ان يشعرن بالجوع ..ذلك ان الواحدة منهّن اذا لم تفتك بالاخرى فان الاخرى ستقطعها تقطيعا ..
لذلك صارت كل فارة من الفئران من اجل حماية نفسها تستغل فترة نوم او سهو الفارة الاخرى لتنقض عليها وتخنقها وتقطعها … واكثر من ذلك … صارت تتحد فارتان او ثلاث في كل قفص ويهاجمن اخرى .. وتلك المتحدة في المطاف الاخير … تتحاين الفرصة لياكل بعضها الاخر …
اخيرا بقي في كل قفص فأرة واحدة : الاقوى , الاذكى , الاكبر , الاكثر صمودا …
عندما بقي في كل قفص فارة واحدة … فتح الرجل أبواب القفص وفلت الفئران الثلاثة داخل المخزن .. واحدة واحدة …؟؟
بدات تلك الفئران الثلاث , الضخمة , المغذاة … المتوحشة , المعتادة على اكل بنات جنسها , تنقض على فئران المخزن .. مهما بلغ عددها , تخنقها وتقطعها وتلتهمها .. ولكونها توحشت … صارت تاكل ما ياكل من الفئران وتقتل الباقي من اجل حماية نفسها … كيلا تخنقها وتلتهمها الفارات الاخريات …
وهكذا , وخلال مدة قصيرة… تخلص المحزن الآنف الذكر من الفئران …

الحكاية انتهت هنا …
سؤال اوجهه لكم ايها القراء الاعزاء:

===================

كيف خطر في بال المدير الناجح هذا المكر الذي لا يخطر ببال الشيطان ؟؟كيف اهتدى الى اسلوب الخلاص من الفئران وذلك باطعامها بعضها البعض ؟؟؟

الجواب :
لان مدير المخزن كان الفأر الاقوى الذي بقي سالماَ بنتيجة تآكل ابناء جنسه . لقد اصبح مديرا لذلك المخزن عن طريق أكل وقتل اصدقائه … طبق على الفئران اسوب حياته الخاص … الناجح .

:pos:

Syrian__Angel
22/09/2007, 04:49
رائعين جداً ...

للصراحة ، انا قصة " ذنب الكلب - كيف انتحرت - " اوّل مرة بقرأها .. دائماً عالوتر ..

ألف شكر لصاحب الموضوع .. والك ذا لايت عالتكملة :D

TheLight
22/09/2007, 05:01
آه منا نحن معشر الحمير
بقلم عزيز نيسن

ملاحظة صغيرة...أه منا نحن معشر الحمير هي من أجمل ما كتب...اكيد الكل بيعرفها
والمجموعة القصصية (أه منا نحن معشر الحمير) عنا بالمكتبة.... اطئش هون


يحكى أننا نحن الحمير كنا في قديم الزمان نتحدث بلغة كالتي تتحدثون بها أنتم البشر، كانت لنا لغة خاصة بنا.
ويحكى أننا لم نكن ننهق في قديم الزمان كما نحن عليه الآن، وتعلمون أننا الآن نعبر عن رغباتنا وأحاسيسنا، ومشاعرنا، وأفراحنا، وأتراحنا فيما بيننا بواسطة النهيق!
النهيق هو إصدار صوت مؤلف من حرفين بشكل متكرر :» هـ .. ا، هـ... ااا« هذا هو النهيق..
تقلصت لغتنا الغنية تلك، وتقلصت الى أن صارت كلمة واحدة مؤلفة من حرفين. يعود ربط ألسنتنا نحن الحمير الى حادثة قديمة جداً.. يحكى أن هنالك حماراً عجوزاً من الجيل القديم، في يوم من تلك الأيام كان يرعى هذا الحمار العجوز في البراري وحده، وكان يغني الاغنيات الحميرية في أثناء الرعي، في لحظة من تلك اللحظات تناهت الى أنفه رائحة..
إنها رائحة ليست طيبة، إنها رائحة ذئب.
رفع الحمار ابن الجيل القديم أنفه الى الأعلى، وبدأ يستنشق بعمق، الجو يحمل رائحة ذئب حادة.. سلّى الحمار العجوز نفسه بقوله :
- لا يا روحي، إنه ليس ذنباً..
وتابع الرعي..
ولكن رائحة الذئب تزداد بالتدريج.. اما الحمار العجوز فهو خائف من جهة، ومتظاهر باللا مبالاة من جهة أخرى، ويقول لنفسه :
- ليس ذئباً.. لماذا سيأتي الذئب الى هنا؟ ولم سيلقاني؟ بينما كان يسلّي نفسه هكذا، فجأة تناهى الى أذنيه صوت..
ليس صوتاً عذباً، إنه صوت ذئب..
شنف الحمار العجوز أذنيه رافعا إياهما الى أعلى... نعم إنه صوت ذئب، ولأنه غير راض بمجيء الذئب، تابع قضم العشب وهو يقول :
- لا يا روحي.. هذا الصوت ليس صوت ذئب... يتهيأ لي...
إقترب كثيراً جداً ذلك الصوت المخيف، والحمار يقول لنفسه :
- لا، لا... أتمنى ألا يكون ذئباً... أما عند الذئب عمل آخر ليأتي الى هنا؟!
من ناحية أخرى سيطر الرعب على قلبه، وبدأ يتلفت فيما حوله..
نظر.. وإذا بذئب يظهر بين الضباب والدخان على قمة الجبل المقابل.. فقال :
- هـ ا ا ا، ما أراه ليس ذئباً لا بد أنه شيء آخر.
إزداد خوفه عندما رأى الذئب يعدو خلف الاشجار. ولكن لأنه غير راغب في مجيء الذئب، خدع نفسه قائلاً :
- ليس ذئباً، إن شاء الله لا يكون ذئباً..أما بقي له مكان آخر ليجد هذا المكان ويأتي الى هنا؟ لم تعد عيناي سليمتين، لهذا فإنني ظننت أن خيال الأشجار ذئب.
إقترب الذئب اكثر، عندما صارت المسافة بينهما خمسين خطوة حميرية، سلّى نفسه قائلاً:
- جعل الله بمشيئته هذا المخلوق الذي أراه أمامي ليس ذئباً...لم سيكون ذئباً يا روحي .. لعله جمل أو فيل، ولعله شيء آخر.. ويمكن ألا يكون شيئاً البتة.
إقترب الذئب مكشراً عن أنيابه، وعندما بقي بينهما عدة خطوات، قال الحمار العجوز :
- أنا أعرف أن هذا القادم ليس ذئباً، نعم أنه ليس ذئباً، ولكن ليس سيئاً أن أبتعد عن هذا المكان قليلاً..
بدأ المسير.. نظر خلفه فوجد أن الذئب يتبعه مكشراً عن أنيابه، مسيلاً لعابه.
بدأ الحمار إبن الجيل القديم بالدعاء والتوسل لربه :
- يا ربي إجعل هذا الذي يتبعني ليس ذئباً حتى ولو كان كذلك.. إنه ليس ذئباً يا روحي، وكل خوفي لا معنى له..؟!

بدأ الحمار العجوز يعدو، وركض الذئب خلفه. ركض الحمار بكل ما تقوى عليه قوائمه، وهو يقول في داخله : - إنه ليس ذئباً حتى لو كان كذلك... اللهم لا تجعله ذئباً... لم سيكون ذئباً يا روحي؟
هرب الحمار وتبعه الذئب. عندما شعر الحمار بأنفاس الذئب الساخنة تحت ذيله، قال لنفسه :
- انا أراهن إن هذا ليس ذئباً... لا يمكن أن يكون المخلوق الذي أشعر بأنفاسه تحت ذيلي ذئباً... عندما لامس فم الذئب الرطب ما بين فخذي الحمار، إنهار الحمار تماماً... إلتفت، نظرخلفه، فوجد الذئب يهم بالقفز عليه.. تجمد الحمار تحت تأثير نظرات الذئب الحادة فما عاد يستطيع أن يخطو خطوة واحدة، فأغمض عينيه كي لا يرى الذئب، وبدأ يتأتىء بالقول :
- إنه ليس ذئباً يا روحي... إنه ليس ذئباً بمشيئة الله... لم سيكون ذئباً؟ عض الذئب الشرس الجائع بأنيابه الحادة الحمار من فخذه، وقضم قطعة كبيرة... إرتبط لسان الحمار وهو يهوي على الأرض ألماً... ومن خوفه نسي اللغة الحميرية. نهشه الذئب من رقبته وصدره وبدأ ينفر الدم من جميع أطراف الحمار، وعندئذ بدأ يصرخ :
- هـ اا.. إنه ذئب هـ... ااا، هو .. هـ.. ااا... هو وووو.
الذئب يمزقه، وهو بسبب ارتباط لسانه لا يصرخ إلا :
- هـ اااا... هووووو.. هـ اا... ااا، هـاااا
سمعت الحمير كلها صراخ الحمار من الجيل القديم بآخر كلماته. حيث كانت تردد أصداءها صخور الجبال، وهو يتمزق بين أنياب الذئب :
- هـ اااا، هـ ااا، هـ اااااا....
وهكذا يقال إننا نحن الحمير نسينا المخاطبة والمحادثة منذ ذلك اليوم، وبدأنا نعبر عن أفكارنا بواسطة النهيق... ولو لم يخدع نفسه ذلك الحمار إبن الجيل القديم حتى وصل الخطر الى تحت ذيله، كنا سنبقى على معرفة بالكلام....!!!!؟؟؟ آه منا نحن الحمير.... آه منا نحن الحمير.... هـ ااا... هـ ااا.... هـ ااا

TheLight
22/09/2007, 05:09
الذئب أصله خاروف
بقلم عزيز نيسن


في مكان مجهول لا تعرف موقعه بسهولة يعيش راع وأغنامه وكلابه. لكن الراعي لا يشبه الرعاة الآخرين.. فهو لا يعرف للرحمة معنى. ولا يعتقد أن للألم وجوداً.. كان ظالما. يحمل بدل الناي صفارة.. وبيده هراوة. والنعاج – التي يحلبها ويجز صوفها ويبيع أمعاءها ويأخذ روثها ويسلخ جلدها ويأكل لحمها ويستفيد من كل ما فيها – لا يكن لها شفقة أو محبة.. يحلب الأغنام يوميا ثلاث مرات حتى يسيل الدم من أثدائها.. وعندما تشكو ذارفة الدموع من عينها ينهال عليها ضربا على رؤوسها وظهورها.

لم تحتمل النعاج وحشيته فكانت تتناقص يوما بعد يوم.. لكنه ازداد قسوة.. فقد كان على العدد المتناقص من الأغنام أن يعوضه عن كل ما هرب أو مات من القطيع.. وقد فقد الراعي عقله وجن لأنه كان يحصل على حليب وصوف أقل مما كان يحصل عليه. وراح يطارد الأغنام المتبقية في الجبال والسهول حاملا هراوته في يده. ومطلقا كلابه أمامه. كان بين الأغنام خروف نحيف كان الراعي يريد حلبه والحصول منه على حليب عشرين جاموسة.. وكان غضبه أنه لا يحصل على قطرة حليب منه.. لأنه ببساطة خروف. وليس نعجة.. وفي يوم غضب الراعي منه وضربه ضربا مبرحا جعله يهرب أمامه.. فقال له الخروف : «ياسيدي الراعي أنا خروف قوائمي ليست مخصصة للركض بل للمشي.... الأغنام لا تركض. أتوسل إليك لا تضربني ولا تلاحقني ». لكن الراعي لم يستوعب ذلك ولم يكف عن ضربه.. ومع الأيام بدأ شكل أظلاف الخروف يتغير لكثرة هروبه إلى الجبال الصخرية والهضاب الوعرة للخلاص من قسوة الراعي القاتل.. طالت قوائمه ورفعت.. فازدادت سرعة ركضه هربا لكن الراعي لم يترك إليته.. فاضطر الخروف للركض أسرع. ولكثرة تمرغه فوق الصخور المسننة انقلعت أظلافه ونبتت مكانها أظافر من نوع آخر.. مدببة الرأس ومعقوفة.. لم تعد أظافر بل مخالب.

مرة أخرى لم يرحمه الراعي فواصل الخروف الركض فكان أن شفط بطنه إلى الداخل واستطال جسمه وتساقط صوفه.. ونبت مكان الصوف وبرة رمادية قصيرة وخشنة. وأصبح من الصعب على الراعي أن يلحق به.. لكن ما ان يلحق به حتى يواصل ضربه وإهانته. وهو ما جعل الخروف يرهف السمع حتى يستعد للهرب كلما سمع صوت قدوم الراعي أو كلابه. ومع تكرار المحاولة انتصبت أذناه وأصبحت مدببة قابلة للحركة في كل إتجاه.. على أن الراعي كان يستطيع أن يصل إليه ليلا وضربه براحته فالخراف لا ترى في الظلام.. وفي ليلة قال الخروف له : سيدي الراعي.. أنا خروف.. لا تحاول تحويلي إلى شيء آخر غير الخروف.. لكن الراعي لم يستوعب ما سمع.. فكان أن أصبح الخروف يسهر ليلا ويحدق بعينه في الظلام.. ولكثرة تحديقه كبرت عيناه وبدأت تطلقان شررا.. وغدت عيناه كعودي كبريت في الليل.. تريان في الظلام أيضا.

كانت نقطة ضعف الخروف هي إليته.. فهي ثقيلة تعطله عن الركض. لكن.. لكثرة الركض ذابت إليته واستطالت. وفي النهاية أصبحت ذيلا على شكل سوط. ورغم فشل الراعي في اللحاق به فإنه كان يلقي الحجارة عليه ويؤلمه.. وكرر الخروف على مسامع الراعي : «إنني خروف يا سيدي.. ولدت خروفا.. وأريد أن أموت كبشا.. فلماذا تضغط علي كي أتحول إلى مخلوق آخر ؟».

لم يكن الراعي يفهم..فبدأ الخروف يهاجم الراعي عندما كان يحصره في حفرة ما لحماية نفسه من الضرب. وغضب الراعي أكثر.. فضاعف من قسوته بجنون لم يشعر به من قبل.. فاضطر الخروف أن يستعمل أسنانه. لكنه لم يستطع ذلك لأن أسنانه داخل ذقنه المفلطحة. وبعد محاولات دامت أياما بدأت أسنانة تنمو. وفيما بعد استطال لسانه أكثر. واصبح صوته غليظا خشنا. ولم يستوعب الراعي ذلك.. وواصل ما يفعل وبالقسوة نفسها.

ذات صباح شتوي استيقظ الراعي مبكرا ليجد المكان مغطى بالجليد. وتناول هراوته التي سيحث بها نعاجه المتبقية على حليب عشر بقرات وذهب إلى الزريبة. لكن ما ان خرج من الباب حتى وجد بقعا من الدم الأحمر فوق الثلج.. ثم رأى أشلاء أغنام متناثرة.. لقد قتلت كافة النعاج ومزقت. ولم يبق منها ولا واحدة.. وظلل عينيه بيديه ونظر بعيدا فرأى الخروف.. كان الخروف قد مد قائمتيه الأماميتين قدامه وتمدد بجثته الضخمة على الثلج وهو يلعق بلسانه الطويل الدماء من حول فمه. ثمة كلبا حراسة يتمددان على جانبيه دون حراك.. ونهض الخروف وسار بهدوء نحو الراعي.. كان يصدر صوتا مرعبا.. وبينما الراعي يتراجع إلى الخلف مرتجفا قال متمتما : «يا خروفي.. ياخروفي.. ياخروفي الجميل ». عوى الخروف قائلا : «أنا لم أعد خروفا » كرر الراعي ما قال.. عوى الخروف قائلا : «في السابق كنت خروفا. ولكن بفضلك أصبحت ذئبا»
وجرى وراءه....

TheLight
22/09/2007, 05:37
الحمار الحائز على وسام
بقلم عزيز نيسن

كان في قديم الزمان .. بلد , الغربال في التبن , والجمل دلاّل, والجربوع حلاق , و أنا في حضن امي اهتز , وبكري مصطفى شيخ الاسلام, والجاويش انجلي قائد عام , وكركوز رئيس وزراء, وكان حاكم سلطان ,البلاد التي كانت تحت نفوذ هذا السلطان أشرقن شمس الحرية عليها , واخضوضرت شجرة الديمقراطية في تربتها .. الخير كثير والراحة أكثر , سكانها لا هم لهم ولا غم .
راحت ايام جاءت أيام , حل فيها -وقاكم الله – قحط لا يوصف . الذين كانو يأكلون الكثير واللذيذ أصبحوا محرومين حتى من كسرة الخبز اليابس .
وجد السلطان ان المجاعة ستفتك بالرعية فبحث عن طريق للخلاص . أطلق المنادين في انحاء البلاد , دارها بلدة بلدة , قرية قرية , حارة حارة , كان القرار الذي نادى به هكذا :
– يا أهالي البلد ! الحاضر يعلم الغايب ! كل من قدم خدمة للسلطنة أو نفعا للوطن , فليسرع الى القصر ليقدم له مولانا السلطان وساماَ.

نسي الناس جوعهم, حرمانهم , همومهم , ديونهم ,مصاريفهم ... وهرعوا الى السلطان هائمين بأوسمته .. فلكل وسام حسب حجم خدماته .. وسام المرتبه الاولى مطلي بالذهب, وسام المرتية الثانية بماء الذهب , وسام المرتية الثالثة بالفضة , وسام المرتبه الرابعة بالقصدير ,والخامس توتياء والسادس تنك وهكذا .. وهكذا فالاوسمة انواع ..

الذاهب يحصل على وسام والآيب يحصل على وسام وبقي الحال على هذا حتى انه , من فرط صنع الاوسمة , لم يبق في بلاد السلطان ذاك شيء من خردة الحديد او توتياء او تنك ..
وكيف ان (الجنجل ) المعلق في رقبة البغل يصدر باهتزازه صوتا (شنغر شنغر )هكذا أخذت الاوسمة تهتز على السطور المنفوخة كالمنافيخ.
سمعت بقرة عن الاوسمة ,شنغر شنغر, تقرقع على صدور الناس , وان السلطان يمنح قاصديه اوسمه , ففكرت : – الوسام في الواقع من حقي انا !
ووضعت في ذهنها فكرة الحصول على الوسام.
وبالرغم من كون عمودها الفقري وقفصها الصدري ناقبين , وانها تطب على الارض كمن يزحف زحفا , فقد حضرت الى باب القصر ركضاَ ,قالت لرئيس البوابين : – اخبرو السلطان بأن بقرة تريد مقابلته .
أرادوا صرفها فبدات تخور : – لا أخطو خطوة واحدة من أمام الباب قبل ان أواجه السلطان !
أرسلوا للسلطان : – مولانا , بقرة من رعيتكم تسأل المثول أمامكم .
لتأت لنرى باية حال هي هذه البقرة !
قال السلطان : – خوري لنرى ما ستخورين به !
قالت البقرة : – مولاي , سمعت بانك توزع أوسمة....اريد وساما .
فصرخ السلطان : – بأي حق ؟ و ماذا قدمت ؟ ما نفعك للوطن حتى نعطيك وساما !؟
قالت البقرة : – اذا لم اعط انا وساما فمن يعطاه ؟؟؟ ماذا اقدم الانسان بعد كل هذا ؟ تأكلون لحمي وتشربون حليبي وتلبسون جلدي . حتى روثي لا تتركونه .. بل تستعملونه فمن اجل وسام من التنك ماذا اعمل ايضا ؟؟؟
وجد السلطان الحق في طلب البقرة فأعطاها وساما من المرتبة الثانية . علقت البقرة الوسام في رقبتها وبينما هي عائدة من القصر , ترقص فرحا َ, التقت البغل :
– مرحبا يا اختي البقرة ؟
– مرحبا يا أخي البغل!
– ما كل هذا الانشراح ؟من اين انت قادمة ؟
شرحت البقرة كل شيء بالتفصيل , واذ قالت انها أخذت وساما من السلطان , هاج البغل , وبهياجه , وبنعاله الاربعة , ذهب الى قصر السلطان :
– سأواجه مولانا السلطان !
– ممنوع
الا انه وبعناده الموروث عن ابيه , حرن وتعاطى على قائميه الخلفيين .أبى التراجع عن باب القصر. نقلوا الصورة الى السلطان فقال :
– البغل ايضا من رعيتي , فليأت ونرى ؟؟
مثل البغل بين يديه . أخذ سلاما بغلياًَ , قبّل اليد والثوب, ثم قال أنه يريد وساما فسأله السلطان :
– مالذي قدمته حتى تحصل على وسام ؟؟
– آ ... يا مولاي.. ومن قدم أكثر مما قدمت ؟ ألست من يجمل مدافعكم وبنادقكم على ظهره أيام الحرب ؟ألست من يركب اطفالكم وعيالكم ظهره أيام السلم ؟؟ لولاي ما استطعتم فعل شيء
أصدر السلطان اذ راى البغل على حق قرارا :
اعطوا مواطني البغل وساما من المرتبه الاولى
وبينما كان البغل عائدا من القصر بنعاله الاربعة , وهو في حالة فرح قصوى .. التقى بالحمار . قال الحمار :
– مرحبا يا ابن الاخ
قال البغل :
– مرحبا ايها العم .
– من اين انت قادم والى اين انت ذاهب ؟
حكى له البغل حكايته قال الحمار :
– ما دام الامر هكذا سأذهب انا الاخر الى سلطاننا وآخذ وساماً!
وركض بنعاله الاربعة الى القصر . صاح حراس القصر : داه .. جي .. لكنهم لم يستطيعوا صده بشكل من الاشكال , فذهبوا الى السلطان :
– مواطنكم الحمار يريد المثول بين أيديكم . هلا تفضلتم بقبوله ايها السلطان ؟؟
قال السلطان:
– ماذا تبغي يا مواطننا الحمار ؟
فاخبر الحمار السلطان رغبته . فقال السلطان وقد وصلت روحه الى أنفه :
– البقرة تنفع الوطن والرعية بلحمها وحليبها وجلدها وروثها , واذا قلت البغل , فانه يحمل الاحمال على ظهره في الحرب والسلم , ومن ثم فانه ينفع وطنه , ماذا قدمت انت حتى تأتي بحمرنتك وتمثل أمامي , دون حياء , وتطلب وساماً؟ .. ما هذا الخلط الذي تخلطه ؟
فقال الحمار وهو يتصدر مسرورا ً:
– رحماك يا مولاي السلطان. ان اعظم الخدمات هي تلك التي تقدم اليكم من رعاياكم الحمير , فلو لم يكن الالوف من الحمير مثلي بين رعيتكم , أفكنتم تستطيعون الجلوس على العرش ؟هل كانت استمرت سلطتكم ؟ احمد ربك على كون رعيتكم حمير مثلي تماما , ومن ثم على استمرار سلطنتكم !
أيقن السلطان أن الحمار الذي أمامه لن يرضى بوسام من التنك كغيره فقال : – ايه يا مواطني الحمار, ليس عندي وسام يليق بخدماتكم الجليلة , لذا آمر بأن يقدم لك عدل من التبن يوميا في اسطبل القصر .

كل كل كل ....حتى تستمر سلطنتي.....

TheLight
22/09/2007, 06:30
مزحة حمار
بقلم عزيز نيسن

عيناه تستندان على عظمتي وجنتيه البارزتين، و حاجباه كثان ملتصقان ببعضهما..
جبهته عريضة مندفعة إلى الأمام قدر إصبعين، و رأسه الكبير الضخم منغرز في صدره، يعني لا عنق له بتاتاً، أسماله الرثة تكشف عن جسده المغطى بالشعر القاسي كما وجهه.
يداه طويلتان، عندما يسبلهما تصل أطراف أصابعه إلى ركبتيه، قصير القامة، ضخم ، عريض المنكبين، مثل الفرس.
جريمته... ما هي ؟.. جرائمه كثيرة، امتص دم السيدة التي خنقها، ذبح زوجين و قطعهما ببلطة و ملحّهما، عمل قاطع طريق.
علق ثلاثة سائقين على الأشجار المغروسة على جانب الطريق.
تعرفك على جرائم و جنايات "جيلو" لا يجلب لك سوى الصداع ، هذا الرجل لم يفعل شيئاً سوى القتل، لم يأكل و لم يشرب، عندما اقترف كل هذه الجنايات لم يرف له جفن، بل حتى أنه لم يكن يشعر أن ما يقوم به هو عملية قتل و إجرام بل مهنة امتهنها ، و بذلك كان يعيش حياته الطبيعية ، كما العامل الذي يعمل و الموظف الذي يؤدي وظيفته، مثل جميع الذين يقومون بأعمالهم الطبيعية كذلك كان "جيلو" يشعر أنه يقوم بعمل عادي ، لذلك لم يع بأي شكل من الأشكال لمَ ألقي القبض عليه وزج في السجن.
حال خروجه من هنا بالسلامة ، سيعود لمزاولة ما اعتاد عليه.
طالت محاكمته و استمرت لمدة أربع سنوات ، و السبب في ذلك هو تكشّف جرائم سبق أن ارتكبها، و في نهاية المطاف حكم عليه بالإعدام.
لم يفهم القرار"جيلو" الذي اتخذته المحكمة، حتى أنه لم يفهم الكلمات التي تضمنتها العبارة الطويلة التي قرأها القاضي، بل طرب لها، إذ ظن أن هذه الكلمات الجميلة المنمقة التي لم يفهمها ما هي إلا قرار خلاصه.
بعد صدور القرار تم ترحيله إلى السجن ، و هناك راح يحدث زملاءه الذين تحلقوا حوله متلهفين لسماع أخباره.
- أخيراً انتهت المشكلة العويصة يا أصدقاء، تحدث القاضي كثيراً لكن أي حديث ؟.. إما أن يكون الحديث بهذا الشكل أو لا.. عقبى عليكم.
قرار حكم "جيلو" غير قابل للطعن ، لذلك فهو ليس بحاجة إلى تحويله إلى محكمة التمييز ،بل يتم تحويله أوتوماتيكياً ليصادق عليه المستشار. كان فرحه و سعادته لا توصفان ، بعدما صادق المستشار على القرار المذكور، حتى أنه رد على كل من أعلمه:
- "جيلو" تم التصديق، تم التصديق.
- نعم كل شيء يسير على ما يرام، ها قد تم التصديق على قرار الحكم، هذا يعني أنني تخلصت تماماً.
عندما صادق المجلس بعد مصادقة المستشار على القرار المذكور،كاد "جيلو" أن يطير من الفرح:
- يا أخي حتى السجناء كانوا يساعدونني في ذلك ليرضى الله عليهم جميعاً، بعد الآن لن يستطيع أحدٌ أن يفسد أمري، أليس كذلك.
يجيبه الأخوة:
- نعم يا "جيلو" لا أحد سيفسد ذلك.
في نهاية المطاف صادق رئيس الجمهورية على القرار، و بهذه المصادقة راح "جيلو" يتباهى من العناية التي حظي بها:
- تخلصت تماماً، نعم تخلصت! الجميع من أنصاري، الحاكم ،و السجان، و رئيس الجمهورية حتى .
ثمة شعور بالقلق بات ينتابه مع مرور الأيام لعدم إطلاق سراحه ، متسائلاً :و هل هناك جهة أخرى يجب أن تصادق على هذا القرار ؟. لا ، لا يوجد . إذاً لمَ لم يطلق سراحه حتى الآن ؟.
هذا القلق بدأ يتعاظم يومياً ، و هو ينتظر إخلاء سبيله .
ذات يوم نقله السجانون من زنزانته إلى منفردة حجرية ، هكذا كانوا يعاملون المحكومين بالإعدام . إلا أن هذه النقلة أسعدت "جيلو" كثيراً حتى أنه قال للحارس الذي أقفل باب المنفردة :
-نعم يا أخي ، هنا مكاني الحقيقي و ليس بين المجرمين و الجناة .
ثم أردف محدثاً نفسه :
-لا شك أنهم سيمنحوني قسطاً من الراحة، نعم ،قبل إطلاق سراح السجين يهتمون به، و يعتنون به ، ومن ثم يخرجونه.
لذلك أخذ بمضي جل وقته في النوم.
ذات صباح ، و بينما كانت الشمس تنبلج ، فُتح الباب ليدخل الإمام، و معه مدير السجن و المدعي العام، و ثلة من الحراس، و مع دخولهم ثمة بارقة سعادة شعت في بؤبؤي عينيه الصغيرتين، هذا يعني أنهم أتوا ليقولوا له " هيا يا "جيلو" مع السلامة " كم هم أناس رائعون.
"جيلو" الواثق من إطلاق سراحه قال لهم:
- تفضلوا اجلسوا يا سادة.
رد عليه الإمام:
- ليغفر الله خطاياك.
و من ثم طلب من "جيلو" ترديد الأدعية و إعلان التوبة.
راح "جيلو" يحاكي حاله:
- هكذا دعوت إلى الله و تبت ، و بذلك أصبحت نظيفاً طاهرا ً، و لم يبق سوى إطلاق سراحي.
طلب منه رئيس السجانين أن يسامحهم.
كم هم رائعون، ها نحن نتصافح و نتسامح قبل الفراق، حتى أنه خجل من نفسه لأنه ظن سوءاً برئيس السجن.
كاد رئيس السجن أن يذرف الدموع ، بينما ارتسمت أمارات الحزن على وجوه السجانين ، لأن "جيلو"سيخرج من السجن.
أجابهم "جيلو" بصوت حزين.
- مسامح أنت يا أخي، و أنتم أيضاً سامحوني،ومن ثم توجه بالحديث إلى المدعي العام و مدير السجن و الإمام.
- سنلتقي قريباً إن شاء الله.
هذه الكلمات أغضبت المدعي العام .ومدير السجن و الإمام ، حتى أنهم لم يشاطروه أمنيته .
قام سجانان بإمساك "جيلو" من تحت إبطيه، إيه ! إما أن يكون الوداع بهذا الشكل أو لا. من عتبة باب الزنزانة قام رجلان من الدرك باستلامه، فرح "جيلو" كثيراً عندما رأى الدركيين المسلحين ، إذ قال متمتماً
" ليرضى الله عليهما، لقد أتيا كي يحمياني من أعدائي ".
طار "جيلو" من الفرح عندما ألبساه الثياب الخاصة بالإعدام، نعم هكذا يجب أن يكون فأسماله الرثة لا تسر صديقاً و لا عدواً:
- هذا رائع، ألبسوني القفطان الجديد و الآن سيطلقون سراحي.
نعم ألبسوه الملابس البيضاء ، و بجانبه رجال الدرك ليدافعوا عنه، هذا يعني أن كل شيء على ما يرام.
عندما أركبوه في السيارة قال لهم:
- و الله لقد أتعبتكم في ذلك، لا داعي للسيارة.
هذا يعني أنهم لن يحملّوه مشقة السير على قدميه ، بل سينقلونه بالسيارة، أوصدوا باب السيارة المصفحة، لتنطلق.
عندما فتحوا باب السيارة ، اندهش "جيلو" عندما وجد نفسه في ساحة كبيرة، و قال:
- الله، الله كل هؤلاء أتوا لاستقبالي، الآن سيطلقون سراحي وسط هذه الجموع الغفيرة.
دفع رجال الدرك "جيلو" على عامود خشبي منتصب وسط الساحة.رفعوه إلى ذلك المكان ، هذا يعني أنه سينظم له احتفال، لذلك قال "جيلو" بينه و بين نفسه مبتسماً:
- لقد أنفقوا الكثير من أجلي.
قرب العمود الخشبي كرسي يمكن الصعود عليه بوساطة درجتين، رفعوا "جيلو" على الكرسي، هل كان سيلقي كلمة من على الكرسي أمام هذه الجموع، واضح أنه سيقوم بذلك لكن لمَ ربطوا يديه، يبدو أنهم عرفوا أنه مرتعش و قد يتسبب بمكروه، بعد قليل سيقولون له:
- مع السلامة يا "جيلو".
إلا أنهم سألوه ما هو طلبك الأخير.
يبدو أنهم يطلبون منه إلقاء كلمة.
- لا، لن أستطيع التحدث أمام هذا الحشد الكبير.
- أليس لك أي طلب.
- و الله إنكم تحرجونني، و ماذا سأتمنى أكثر مما فعلتم.
لم يفهم "جيلو" لمَ وضعوا الحبل المدهون بالزيت على عنقه.
و بدفعة واحدة من قدم منفذ الحكم للكرسي التصق الحبل تماماً على عنق "جيلو" قال له:
- توقف " ولك " أنا لا أحب المزاح.
كان سيقول له ما هذا المزاح الثقيل، مزاح الحمار عند الصباح ، إلا أن صوته تجمد في حنجرته

أبو السييم العظيم
22/09/2007, 07:41
بالفعل موضوع رائع جداً ، و خصوصاً أنه يتناول من أهم كتاب الأدب الساخر و المميز بأسلوبه النقدي الشيق ....

شكرا كتيير لصاحب الموضوع alwashak و كمان لـ The light و لكل يللي شاركونا .. :D
:D

butterfly
22/09/2007, 20:07
يسلمو كتير كتير
جميعا ً

المكتبة .. فيها هالكتب لعزيز نيسين


أه منا نحن معشر الحمير (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
الحمار الميت (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
خذوا حذركم ( حصريا عنا :gem: ) (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)

أبو السييم العظيم
22/09/2007, 20:49
يسلمو كتير كتير
جميعا ً

المكتبة .. فيها هالكتب لعزيز نيسين


أه منا نحن معشر الحمير (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
الحمار الميت (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)
خذوا حذركم ( حصريا عنا :gem: ) (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////)


وين ، مين ، شو مكتبة ما مكتبة .......... :shock: :?

ليش نحنا وين :p

شكرا butterfly على ملاحظتك :D

TheLight
25/09/2007, 01:11
عاش الشيخ شزالت
بقلم عزيز نيسن

« الاسم يشبه الاسم والمكان يشبه المكان والإنسان يشبه الإنسان والرجل كأنه الرجل والمرأة كأنها المرأة. إن ما نحكيه حكاية.. فإذا زل لساننا وذكرنا اسمكم فنرجو عفوكم »..
كان يا مكان في أحد الأيام رجل في مدينة «بخارى» قلبه أطهر من الماء. عيناه في الأرض.جبينه في السماء.. ولا يتوانى لحظة عن ذكر الله. لا يقدم على سوء.. ولا يخطو خطوتين دون وضوء.. لا يعير انتباها لهراء.. ولا يقطع وقت صلاة.. بلغ الأربعين.. طوال حياته ما حفر أمام إنسان.. وما خلع ثيابه في الحرام. وما كتب حرفا دون معنى في كلام.. كان ملاكا لا ينقصه إلا جناحان.. اعتكف على الدعاء والرجاء وهو يكرر : «اللهم اجعلني أسمو في طريق الحق».. وفي نهاية الليلة الثالثة للدعاء سمع صوتا يدعوه أن يفتش في الأرض عن الشيخ «شزالت » ليهب نفسه له ويكون عبدا من عبيده.

قطع الرجل الجبال والوديان وسار على مدى صيفين وشتاء وفي النهاية وصل مدينة «بغداد ».. كان يسأل من يقابله عن الشيخ «شزالت».. لكن لا أحد كان يعرفه.. ووصل مدينة دمشق ومنها إلى مدينة شيراز لكنه لم يجد مايريد.. صار الرجل عجوزا شعره منسدل على كتفيه ولحيته إلى صدره وعاد من جديد إلى مدينته : «بخارى».. مرت أيام لم يذق فيها زادا ولم يغمض له جفن ولم تعد ركبتاه تقدران على حملة فانهار على جانب النهر.. نظر إلى الماء قائلا لنفسه : «لأجدد وضوئي وأقيم الصلاة ». وبينما كان يتوضأ رأى خيارة تنساب إليه مع تيارالماء..لم يستطع المقاومة.. التقط الخيارة ليسد جوعه.. خيارة كبيرة أكلها على مرتين مضغها وبلعها.. لكنه سرعان ما قال لنفسه : «أكلت خيارة لا أعرف صاحبها.. هذه ثمرة محرمة.. سأبحث عن حقلها ثم سأعرف صاحبها واستسمحه عن الخيارة التي أكلتها.. ونهض بسرعة وسار في عكس التيار فوجد حقل خيار وسأل عن صاحبه وعرف مكانه».

قرع الباب فوجد أصوات شتائم قوية تنبعث من الداخل.. وفتح الباب رجلا تتطاير من وجهه علامات الشر. وسأله : «ماذا تريد يا حمار ؟. فقال : أريد صاحب حقل الخيار».

ودخل الرجل ليجد أربعين غرفة في الدار.. في كل غرفة أربعون من اللصوص والأشرار يلعبون القمار.. كان صاحب حقل الخيار يجلس متربعا يجمع حصته من الرابحين. قال له الرجل مزمجرا : «ماذا تريد يا حمار ؟.. فروى له قصة الخيارة وطلب أن يسامحه فيها.. فقال الرجل : هذا الحقل ليس لي وحدي.. نحن ثلاثة أخوة. رجلان وامرأة. أخي الأصغر يسكن في مدينة تدعى بلخ أما أختي فتسكن في مدينة مروة والخيارة التي أكلتها ليس لي فيها سوى الثلث.. سأسامحك فيه إذا ما خدمت في هذا البيت الذي أديره في القمار عشر سنوات. ثم بعد ذلك اذهب لتحصل على ثلثي السماح من أخي وأختي».

لم يجد الرجل الزاهد مفرا من العمل عشر سنوات في المقمرة حارسا وكانسا وماسحا.. وخلال هذه السنوات تعلم كل ألعاب القمار وحيل الغش ليصبح مقامرا ما عرف التاريخ مثله. وما أن انتهت المدة حتى قال له الرجل : «سامحتك بثلث الخيارة التي أكلتها والآن اذهب إلى أخوي واستسمحهما.. أخذ العنوان وخرج إلى الطريق.. لكن لأنه اعتاد على القمار ما عاد يستطيع الاستغناء عنه. وفي كل مكان ينزل فيه كان يكسب من يلاعبهم. وإذا وقع في طريقه بيت في قرية حوله إلى مقمرة.

وصل إلى البيت الذي يبحث عنه وقرعه ليجد رجلا ثملا يفتح له وسأله : ماذا تريد يا حمار ؟.. وحكى حكايته.. فأخذوه إلى صاحب البيت الذي طلب منه أن يسامحه في ثلث الخيارة. لكن الرجل أصر على أن يخدم في بيته المكون من أربعين غرفة في كل غرفة مشرب لمدة عشر سنوات حتى يسامحه.. وبعد أن انتهت المدة حلل الثلث الثاني من الخيارة التي أكلها في الحرام.. لكنه في المقابل تعلم فنون الشراب وطرد السكارى وأصبح سكيرا لا يوجد له مثيل في العالم.. صار يشرب في وقفة زجاجة وفي جلسة برميلا. وقال له صاحب البيت : سامحتك بثلث خيارتي والآن اذهب إلى أختي وها هو العنوان.

أخذ العنوان وذهب.. ولأنه اعتاد على الخمر والقمار فما عاد يستطيع دونهما صبرا. ولو صادف في طريقه قرية مؤلفة من بيتين حول الأول إلى مقمرة وحول الثاني إلى خمارة..وواصل سيره حتى وصل إلى البيت الثالث.. وما ان طرق الباب حتى وجد إمرأة عارية تفتح له الباب وهي تقول : تفضل يا روحي.. دخل.. كان في الداخل 40 غرفة في كل غرفة نساء عاريات ورجال يحتضونهن مع موسيقى وشراب وغناء. صاحبة البيت عجوز شمطاء صرخت في وجهه : ماذا تريد يا حمار ؟. فحكى لها الحكاية وطلب منها أن تسامحه في ثلث الخيارة الباقي ليستريح ضميره.

قالت له : بيتي هذا بيت دعارة. أديره بعيدا عن الدولة. إذا عملت عندي هنا عشر سنوات سأسامحك بثلث الخيارة. وإلا فلن أسامحك.. وعبثا حاول المقاومة.. وعندما لم يجد مخرجا خدم في البيت عشرة أعوام.. وفي هذه الفترة استقبل الزبائن واشترى واصبح في هذا العمل خبيرا ما عرف التاريخ مثله. وعندما انتهت المدة قبل ثوب المرأة واستأذنها.. فقالت له : سامحتك بثلث الخيارة التي أكلت.. هيا اذهب سهل الله لك الطريق. ليجعل الله التراب ذهبا بين يديك.

ومشى بلاد الله وعرف خلق الله.. قطع ودياناً وجبالاً..سار على مدى صيفين وشتاء.. ثم رأى في صباح أحد الأيام مدينة لا يعرف اسمها. كان ينبعث منها صوت الطبل والزمر.. قال لنفسه : لابد أنه العيد. دخل من باب المدينة ليجد زينة. أعلام وفوانيس.. طبول تقرع. ومزامير تصدح.. كان يسير وأمامه خمسة عازفين. وعلى بعد كل مئة خطوة تذبح الكباش والعجول والجمال والأغنام قرابين.. آلاف الأشخاص على جانبي الطريق احتشدوا وهتفوا بكل قوتهم «عاش الشيخ شزالت » دهش الرجل عندما وجد أشخاصا يلبسون معاطف رسمية يتوجهون إليه ويقبلون قدميه وثوبه ويديه. قال الرجل وهو في ذهول : ما هذا ؟. من هو الشيخ شزالت ؟ انني أبحث عنه منذ سنوات.. قال مقبلو اليدين والثوب والقدمين : «رحماك.. نحن الذين نبحث عن الشيخ شزالت.. تعال لتكون على رأسنا.. قال : لا بد أن في الأمر خطأ.. قالوا «شهرتكم ملأت الأصقاع ». قالوا : «توقفوا. أنا مصاب بعلة ». قالوا : «كلنا مصابون بعلة ».. قال : «لكنني مقامر».. قالوا : «كلنا مقامرون لكن لم يرتق أحد منا لسموك.. لهذا ستكون ملكنا » قال : «لكني أيضا سكير » قالوا : «نحن جميعا نشرب ولكن لا أحد يشرب مثلك ».. قال : «وأنا كذلك.....» قالوا : «أحسن يا سلطاننا.. تفضل بالجلوس على عرشكم».

فهم الرجل أنه أمضى ثلاثين عاما.. كل عشرة في مكان لكي يصل إلى علو «شزالت » وأن الشخص الذي يبحث عنه هو ذاته.. وقد انتظروه سنوات طويلة لكي يتوجوه وسط فرق الموسيقى. ودخل القصر. وجلس على العرش

TheLight
25/09/2007, 01:17
المراقب
بقلم عزيز نيسن

أيامه الاخيرة فى السجن كانت جحيما لا يطاق..هجرته زوجته وهو مسجون..بعد خروجه كادت الوحدة تقتله..كان في شوارع العاصمة.. غريبا يائسا..لم يجد نفسه فيها ..حالته المادية كانت سيئة للغاية..لا تساعده على دفع ايجار شقته الضيقة الصغيره..قرر أن يتركها ويبحث عن غرفة صغيرة خارج المدينه يقدر على دفع كلفتها..
لقد كان فيما مضي ناشطا سياسيا..يطالب بالعدالة الاجتماعية..وبحقوق الفقراء والمعدمين..لقد افني حياته وزهرة شبابه ..مطالبا بحقوقهم..لكنه الآن بعد خروجه من السجن صار أكثر بؤسا منهم..

بعد بحث طويل عثر علي بغيته..منزل شعبي مؤلف من غرفة صغيرة..يبعد عن المدينة مسافة ساعتين سيرا على الاقدام ..كتب قديمة..ملابس باليه..كل ما يملك..قبالة المنزل بنيت بقالة صغيرة..من بقايا الاخشاب والتنك المهترئ..
والى يسارها كوخ لبيع الخضار..كان البائعان يشتكيان من قلة عدد الزبائن فى المنطقة..ومن فقرهم المدقع ..توطدت عري الصاقة بينه وبينهم..بعد فترة قصيرة من استقراره فى مسكنه الشعبي حضر الى الحي بائع الكعك وبائع الذرة..ثم بائع حلوى الغريبه..ثم بائع المياة الغازية واخيرا الاسكافي..واستقروا جميعا مع عائلاتهم فى الحي..تحول المكان بمرور الوقت الى سوق تجاري بسيط..بدأ عامل النظافة يكنس الشوارع…وكثر الباعة المتجولون..وشيد هناك مقهى..
كان يشعر بالسعادة الغامرة لهذا الجو الرحب الباعث للفرح والبهجة..لكنه مع الاسف ما زال عاطلا عن العمل..ولم يبق امامه سوى الاستدانة من اصدقائه ..لكنهم للاسف جميعا مفلسون..عرض عليه احد معارفه العودة الى المدينة والسكن معه فى غرفة واحدة مجانا..اعجبته الفكرة كثيرا..لكن يستحيل عليه اخلاء منزله..فهو مدين للبقال وبائع الخضار وآخرين..وفي ليلة من الليالي وبينما هو يفكر فى مخرج لما هو فيه..اذا بالباب يقرع..كان الحاضرون البقال وبائع الخضار..وصاحب المقهى..اعتذر لهم انه لا يملك شئ ليقدمه لهم..فقالوا له ..لا بأس فقد احضرنا معنا الشاي والسكر..لقد كان يعتقد انهم حضروا للمطالبة بديونهم..قالوا له..لقد سمعنا انك تنوي ان تغادر..قال لهم اطمئنوا لن اغادر المنزل قبل ان ادفع لكم ديونكم..قالوا له ..عيب يا سيد.. ديون ماذا ..وهل بيننا ديون..هل طالبناك بشئ..؟
نحن نعرف ما فعلت من اجل الفقراء والمساكين ..لقد حضرنا لمنزلك لنطلب منك البقاء وعدم الانتقال..فأنت رجل بركه..ومنذ اتيت لهذا الحي..والحركة التجارية في ازدياد مستمر..ونحن من سيدفع لك ايجارك وايضا سندفع لك اجرة لكي تبقي..فانت كما قلنا لك رجل بركه وأي بركه..!
شكرهم على عرضهم..واعتذر عن قبوله..لكنهم اصروا عليه..كان على وشك ان يجهش بالبكاء..ثمة تغيير فى هذا البلد يحدث..وكأن صحوة بدأت توقظ الناس من سباتهم..فهو لم يعمل مع رفاقه كل تلك السنين لأمور تافهه..وهؤلاء الاشخاص الواقفون أمامه كانوا يشيحون بوجوههم عنه ويحتقرونه فيما مضي..!
أدامكم الله ..شكرا جزيل الشكر ..ولكن اسمحوا لي فأنا لا يمكن أن اقبل معونتكم..!..عرضوا عليه أن يستئجروا له منزلا افضل..وان يضعوا خادما يخدمه..وان يبعثوا له بالطعام كل يوم مجانا..لكنه اصر على الرفض..حينها..
نظر الثلاثة في وجوه بعضهم وقرروا انه لابد من اخباره بالحقيقة..اسمع يا استاذنا الكبير..أدامك الله لنا ذخرا وعزا..عندما حضرت الي حينا..بدأت الشرطة السرية تجوب ازقته بمظاهر متعدده(زبال ماسح احذية الخ)..لمراقبتك ووضعك باستمرار تحت انظارهم..وعلي هؤلاء الشرطة جاءت شرطة آخرون لمراقبتهم..وعلى الآخرون جاء آخرون لمراقبتهم..حتى استقر اغلبهم..فى هذا الحي..فازدهرت تجارتنا..واصبحت حالتنا المادية ممتازة..فإذا انتقلت انت من هنا..ستعود المنطقة الى حالها من الفقر والعوز لان جميع افراد الشرطه سيرحلون ليقتفوا أثرك..فلا ترحل الله يخلينياك يا سيدنا لا ترحل..وأجهشوا بالبكاء..وأجهش معهم بالبكاء..ولكن لأمر آخر..


تقنية كوبي بيست ( يذكرك بالخير يا حشت نشت)

فخر القصيم
29/10/2007, 23:17
يسلمووووووووووووووووووو كتير الايد اللي كتبتوا:yahoo:

تشي
30/10/2007, 15:50
آه منا نحن معشر الحمير



:clap::clap::clap::clap::clap::clap::clap::clap::c lap:
شكرا كتييييير الك على الموضوع

:ss::ss::ss::ss::ss:

abosleman
27/05/2008, 23:04
انتعلوا حذاء ضيقاً عند ذهابكم لطلب يد فتاة. ألبسوا حذاء ضيقاً بعض النمر عندما ستلتقون للمرة الأولى بمن سيصبح حماكم في المستقبل.
تستطيعون الزواج من الفتاة التي تريدون عندما ترتدون حذاء ضيقاً. حتى لو رفضت تلك الفتاة فإن والديها سيجبرانها على ذلك وهذا مجرب لا محال.
لقد تعلمت تلك الحقيقة قبل سنوات طويلة.

عشق “سيرمت” فتاة حتى الجنون. وبسبب هذا العشق أهمل جميع أشغاله وأعماله. جميع أصدقائه كانوا يشفقون عليه وعلى حالته حتى أنني قلت له ذات مرة:
- أتحبك الفتاة أيضاً؟
- وأي حب!!..
- إذن تزوجا.
- وكيف أتزوج يا أخي فأنا وحيد هنا في استنبول . أمي وأبي في أرظروم ولا أحد لي هنا. ومن سيطلب الفتاة من أمها؟.
- ياهوه..! تلك الأزمان ولت، اذهب مباشرة إلى والدها وقل له “توافقت واتفقت مع ابنتكم لذلك أرجوكم أن تمدوا لي يد المساعدة للزواج بها”.
- وأنا من أجل ذلك سأتزوج. والد الفتاة غني، وبغير هذه الوسيلة لا أستطيع ضمان حياتي. هيا لنذهب، والدا الفتاة في البيت اليوم.
- لا أستطيع يا عزيزي سرمت.
- ياهوه..! إنها خدمة أخوية. وبفضلها ستنقذ حياتي.
وافقت لأنه كان على وشك البكاء. حذائي الذي انتعله مهترئ، أضحى مثل تمساح فاغر فمه، أيعقل أن نذهب إلى بيت الفتاة بهذا الحذاء. ولا نقود لدي لشراء حذاء جديد. طلبت سلفة من معلمي على الرغم من معرفتي ببخله وأنه يعتبر من أبخل من في ببيالي. قال لي يومها:
- هاه، تذكرت، عليك عشر ليرات هل سددتها؟
أما مديرنا الإداري فهو رجل طيب، أنقذني وأعطاني خمس عشرة ليرة على أن يحسم المبلغ من راتبي. اتجهنا أنا وسرمت مباشرة إلى سوق الأحذية المحلية، هناك تباع أرخص الأحذية.
تعتبر الأحذية ذات المقاسات دون السبعة والثلاثين، أحذية ولادية وتباع بأربع عشرة ليرة وسبعين قرشاً، وما فوق وحتى الستة وأربعين أحذية رجالية أغلى بعشر ليرات، مقاس قدمي ثمانية وثلاثين.
إن هذه المفارقة تعتبر من أكثرها ظلماً في هذه الحياة. أيعقل أن أدفع عشر ليرات زيادة بسبب نمرة واحدة؟!. عدا عن ذلك من غير المعقول أن يكون سعر الحذاء ثمانية وثلاثين بسعر الستة وأربعين. لم استطع شرح هذه المظلمة للبائع بأي شكل من الأشكال لذلك اتجهنا إلى المدير، أظهر تفهمه إلا أنه قال:
- ماذا نفعل إذا كانت الأنظمة السارية هكذا؟
لم أستطع ضبط نفسي لذلك رحت ألقي كلمة قائلاً:
- سحقاً لجميع أنواع الظلم في العالم.
- اصمت وإلا فتحنا محضراً بذلك.
جمعنا ولملمنا كل ما لدينا أنا وسرمت إلا أن ذاك لم يكف لشراء حذاء مقاسه ثمانية وثلاثين.
قال لي سرمت:
- خذ سبعة وثلاثين.
- ضيق لا يناسب قدمي.
- تنتعله من أجل خاطري.
- ياهوه..! أي خاطر وماطر في الأحذية والأقدام؟
قلت بيني وبين نفسي ماذا أفعل؟. من أجل خاطر الصداقة اشتريت الحذاء. أبرزت النوايا الحسنة لانتعال الحذاء، حقيقة حاول البائعان كثيراً مساعدتي، مسكين، سرمت، حبات العرق تنساب من جبينه، وأخيراً نجحا وربطا رباط الحذاء وقالا:
- هيا قم.
قالا لي ذلك لأني كنت ملقى على الأرض. نهضت بعدما حملاني من تحت إبطي ، وحال نهوضي صرخت:
- أغيثوني.
أتمنى أن لا يحرم الله قدماً من حريتها، فحرية القدم لا تشبه حرية الصحافة ولا حرية الوجدان.
قال البائع:
- سيتوسع الحذاء عندما تسير عليه قليلاً.
أي مسير فأنا لا أستطيع الحراك. خرجنا إلى الشارع وأنا أشعر أن شرايين مخي تنتفض لدرجة أن حبات العرق أخذت تنساب من أسفل ظهري، في هذه اللحظات قال لي سرمت:
- هل حضرت قصصك الساخرة التي سترويها لوالد الفتاة؟.
ركبنا الترمواي.
- رجاء يا سرمت أزل هذه البلاء من قدمي.
- لا تخلعه سيتوسع بعد قليل.
على ما يبدو أنه لن يتوسع ، وبسبب الألم قلت له:
- سأخلعها وعندما ننزل من الترمواي انتعلها ثانية.
وأي حال وصلت إليها حتى أشفق على الركاب والمراقب والجابي، لذلك هبوا جميعاً لمساعدتي في خلعها، حاولوا كثيراً إلا أنهم فشلوا. أحد الركاب قال:
- لنقصهما وننقذه.
قلت له:
- لا!!.
كيف سيقصه وبألف يا ويلاه جمعنا ثمنه، لا سيما أن في أعماقي أملاً بتوسع الحذاء وانتعاله براحة.
نزلنا من الترمواي وأنا أصرخ متألماً، أتأوه وأتأخأخ ولم أدر كيف مشينا.
في الطريق سألني سرمت:
- هل حفظت القصص الساخرة التي سترويها، رجاء قل له ما تشاء وأضحكه، لأنه عندما يضحك سيلين وسيزوجني ابنته. رجاء أرو له نكات جحا ولا تنس قصصاً أخرى.
عندما وصلنا إلى البيت لم أعرف كيف ألقيت بنفسي على الديوان وغطيت وجهي بيدي.
- سألنا والد الفتاة:
- ما سبب زيارتكما؟
راح سرمت يستغيث بنظرات حتى كاد أن يبكي. أما أنا فلم أستطع التفوه بحرف واحد. كنت أتصبب عرق الموت، ووجهي محمراً كالشوندر. وكل قطعة من جسدي تلتهب من الحمى.
لاحظ سرمت أن لا أمل مني بالمساعدة، لذلك انفكت عقدة لسانه وراح يثرثر ويروي الحكايات، بينما كنت أتصبب عرقاً.
سألتني والدة الفتاة:
- لم لا تتحدث؟
أجابها سرمت:
- إنه خجول جداً يا سيدي.
يداي بين فخذي، وأنا أتقلب من الألم، أثناء ذلك أحضرت محبوبة سرمت القهوة. من ينظر في وجه الفتاة يهرب إلى آخر الدنيا، جازاك الله يا سرمت أمن أجل هذه الفتاة كل هذا.
في النهاية نجح سرمت في رواية كل ما حفظ من قصص ساخرة كذلك نجح في إضحاك الرجل وزوجته حتى “طقت خواصرهما”، وجهي متغضن من الألم، وفي عيني أشعر بشرارة تشبه البرق.
أخيراً عرض سرمت رغبته في الزواج من ابنتهم. أجابه والدها:
- لنفكر بالأمر.
بينما قالت والدتها:
- خيراً إن شاء الله، إنها القسمة والنصيب.
بعد ذلك سألني هل أنت أعزب؟
عندها أجبتها مطأطئاً رأسي:
- نعم.
كانت الكلمة الوحيدة التي تفوهت بها.
بعد خروجنا من عندهم تركني سرمت غاضبا بعدما أنبني قائلاً:
- أي صديق أنت؟. يا خسارة.
هكذا بقيت وحيداً وسط الزقاق، جلست على الرصيف، كنت سأمشي حافياً لو استطعت خلع حذائي. لكنه التصق بقدمي. فلم ينخلع وكأنه أصبح جزءاً من جسدي.
لا أدري كيف وصلت إلى مركز الجريدة. وألقيت بنفسي على أريكتي متمدداً:
- أنقذوني يا أصدقاء!.
حاولوا كثيراً دون جدوى:
- قطعوه، قطعوه.
كل واحد منهم حمل سكيناً أو مشرطاً أو موس حلاقة.
اقترح أحد الأصدقاء قائلاً:
- هذا اختصاص، لا بد من عمل جراحي.
لقد التصق الحذاء بقدمي لدرجة أنهم قطعوه، ومع ذلك لم ينخلع، وأخيراً نجحوا بعدما قطعوه إرباً إرباً. وبذلك استطاعت قدميّ معانقة حريتهما. وأنتم تعرفون معنى ذلك.
ثلاثة أيام لم أستطع المشي بتاتاً. وكل ما حدث تم بعد ذلك.
سابقاً/ كنت أنتعل ثمانية وثلاثين لكن بعد ذلك، حتى الأربعين بات ضيقاً على قدمي، فقد كبرت قدماي بعدما عانقتا حريتهما، ألسنا هكذا نحن بني البشر عندما نتحرر من أي احتجاز ومهما طال أمده نتضخم ولا نستطيع الدخول من باب البيت.
بعد أربعة أيام قدم إلي والد الفتاة التي طلبها سرمت، وبعدما تحدثنا بموضوعات شتى قال لي:
- قررنا، أنا وزوجتي، تزويجك ابنتنا.
ذهلت مما سمعت:
- لم؟ لم أفهم…
- لأننا أعجبنا بك كثيراً، لم نصادف طوال حياتنا شاباً خجولاً مثلك، لم نر شاباً ذا تربية عالية مثلك، يوم أتيت إلينا كنت تقطر عرقاً من شدة الخجل ووجهك مبقع حمرة، لم تتفوه بتاتاً وكنت مطأطئ الرأس، شرف لأي عائلة دخول صهر مؤدب إليها.
- وماذا عن صديقي.. ماذا سيحل به؟.
- أرجوك اتركه، فهو ثرثار أحمق، وقليل الحياة. تصرف بشكل غير عقلاني، حسب ظنه أنه كان يروي قصصاً ونكات . لا فتاة عندي كي أزوجه.
راح الرجل يزورني مرة كل ثلاثة أيام ممتدحاً تربيتي وحيائي:
- أنا بحياتي.. مثلك مؤدب، ذو أخلاق عالية، وجهك يقطر حياء.. لا تدري أين تضع يديك..
- يا سيدي أنا لا أفكر بالزواج الآن.
- فكروا بالأمر.. سآتي ثانية ونتحدث في الموضوع.
وهكذا أخذ الرجل يزورني كل يومين أو ثلاثة أيام ليتحدث ممتدحاً حيائي، تربيتي:
- لم أرد شاباً ذا تربية عالية، وأخلاق.. وجهك مبقع حياء.. لا تعرف أين تضع يدك..
ذات يوم لم أستطع ضبط أعصابي، أخرجت من درج طاولتي قطع حذائي ذي السبعة والثلاثين ملفوفة بجريدة وألقيت بها أمامه وصرخت به:
ها هي الأخلاق والتربية والخجل خذه وزوجه ابنتك!.
تذكروا عندما تنوون الذهاب لطلب يد فتاة أن تنتعلوا حذاء ضيقاً.





ماحلوة الـ up بدون قصة ...:D