Rena
03/10/2007, 15:12
في هذا الوطن الجميل ....
بين تلك السهول , وتلك الحقول ...
في تلك المدينة وفي تلك القرية ...
بين الصحراء ومداها ...
بين الليالي وصداها ...
بين القبور وموتاها ..
وُجِدْتَ يا شعبي ...
لا تحزن يا وطني ....
شعبي لم يكن يوماً متخلفاً , وان كانت الحضارة تقاس بمعرفة الانسان لآداب الموائد الاقطاعية والرأسمالية , فلا بارك الله في هذه الحضارة ...
الموائد في بلادي لا تحتاج الى شوكة أو سكين لتمسك احداها باليد اليمنى والاخرى باليد اليسرى ... فموائد الفقراء تحتاج الى جملتين اثنين ... في البداية (( بسم الله )) وفي النهاية (( أطعمتنا من خيرك فلا تُحجنا الى أحدٍ غيرك )) .
يتردد قلمي عندما يفكر في هذا الشعب .... هل يكتب اجلالاً له أم شفقةً عليه ؟!
بل من شدة حزنه وألمه يكتب
بينما كنت اسير في أحد الشوارع الموجودة على القائمة السوداء .... كان طفلٌ يقوم ببيع ** العلكة التقليدية ** .... كانت دعوة الى عامة الشعب لاعتناق الصمت , لان صوتهم لم ينقذ قدميه العاريتين من التسول في شوارع وطني لتأمين ذاك الحذاء الرخيص المصنوع من البلاستيك والذي يعد فخر الصناعة الوطنية
وجدت في عينه قهر الدنيا كلها , قدماه متسختان ومع هذا فان لها رائحة مميزة .... انها رائحة التراب .... تراب الوطن الذي يتحدثون عنه , ويدّعون بأنهم يدافعون عنه بأرواحهم .... هذا التراب الذي تنتابهم حالة من الغثيان عندما يرون أحدهم يسير فوقه عاري القدم ... هذا التراب الطاهر ليس بطهر الأحذية الجلدية التي ترتديها الطبقة المخملية في المجتمع .... فعلينا ان نفتدي أحذيتهم بأرواحنا فهي أطهر وأغلى ثمناً من تراب
واذا ما دقّت الحرب طبولها ... تذهب الأحذية الجلدية وأصحابها تاركةً الوطن – الذي يصبح من غيرها بدون اية قيمة – وتبقى الأقدام العارية لتدافع عن هذا التراب .... عن هذه الشجرة .... عن هذا البيت الذي يشبه أقنان الدجاج لدى مُنتعلي الأحذية ....
وعندما يجيء الانتصاريعودون لهذا الوطن الفقير , يلقون خطبهم عن الشهادة وحب الارض ومدى احترامهم لمن قدّم روحه في سبيل هذا الوطن الغالي ... وتعود الحياة الى سابق عهدها .... ويبرهنون عن مدى احترامهم لهذا الشعب المقاوم , بأن ينام والدمع يترقرق في عينيه , يحاول ان يتذكر كيف كانت رائحة الخبز الطازج ...
عندما رأيت هذا الطفل الذي لم يبلغ التاسعة من عمره يقوم بمثل هذه الاعمال لم تسعني مخيلتي الا ان أرى أخي الصغير في مكانه .... فسرت في جسدي رعشةٌ كادت تقتلني ... وان عرضتَ عليه أية مساعدة مالية , يأبى أن يأخذها بدون مقابل فهو يشعر بكرامته ويشعر بأن العمل هو من يصنع الكرامة ... فلماذا لا يتعلم الكبار من هؤلاء الأطفال كيف يحافظون على كرامتهم ...!!
في بداية موسم الصيف , موسم السياحة والاصطياف , بينما كنت أجتاز الشارع الأكثر اكتظاظاً بالسياح ... ارى حاوية مهملات ممتلئة بأشياء غالية الثمن استُخدمت مرة او اثنتين ورُمِيَ بها ... كان احد الأطفال يبحث بداخلها لعله يجد شيئاً جميلاً يدخل به السعادة الى قلب امه , رمقه رجلٌ كان يجلس على شرفة منزله , وفي غضون ثوان أراه أمام الطفل ويقوم بضربه ويأمره بالرحيل , يُخْتَمُ الموقف بجملةٍ نطق بها (( لعنكم الله , أنتم من تشوهون الوجه الحضاري لهذا البلد )) ....
أموت وأعيش ألف مرة ولن أنسى هذه الجملة .... لا أستطيع , انسانيتي لا تسمح لي بنسيانها , ضميري لا يسمح لي , طفولتي التي سرقتموها لا تسمح لي ...
ان كان هذا الطفل من يشوه الوجه الحضاري لبلدنا , فهل أمثالك يمثلون الوجه الحضري في بلادي ..!!!؟
أشكرك يا أخي على وطنيّتك المفرطة .... أشكرك جزيل الشكر , فلم أكن أعلم أنه يوجد في بلادي من يغار على محتويات سلة المهملات ... ويتمنى ان تُحرق على أن يستفيد منها الفقير ...
لا تقل لي ولن أقول لك فأنت مثلٌ لكل مواطنٍ صالحٍ في أي مجتمع .... وبدون أي جدل ..
يقولون جنّة الأطفال منازلهم ... فماذا لو كانت الشوارع هي تلك المنازل !! ماذا لو كانت الجنة خلقت للبعض ولم تخلق للبعض الآخر ...!!
تُصدر الأوامر ... اليوم حظر تجوال وغداً حظر تجوال , وبعد غد ... ليس خوفاً من عملية فدائية , ليس خوفاً على الشعب الفقير ... بل خوفاً من الشعب الفقير أن يدرك مدى فقره عندما يرى فقر غيره ...
لا تخافوا من هذا الشعب ولا من ثورةٍ يخطط ليقوم بها فهو يعشق فقره , ولا يريد أن يتركه . القناعة التي يمتلكها شعبي عملةٌ صعبة , لن تنالوها مهما تكاثرت أموالكم ...
ولكن .... إياكم أن تسخروا من فقرنا ... ان تسخروا من ثيابنا الممزقة .... من أقدامنا العارية .... فحبنا لفقرنا يصنع المعجزات , فإياكم وايذاؤه .... فهو ابننا الوحيد نفديه بأرواحنا ... ودمائنا ....
تركنا لكم المال والجاه والغلال ,فاتركوا لنا فقرنا .... وتراب وطننا وسماءه .
وان علمتم بثورةٍ تولد فلا تتعبوا أنفسكم وتجمعوا الجيوش الجرارة لقمعها ....
فالشعب الجائع لا يمتلك القدرة على النهوض ليقوم بثورة .... الجوع يشلّه ويقعده ....
بل خافوا من ثورة بعضكم على بعض .... من ثورة أبناءكم عليكم لان الابن هو من يكتشف أخطاء أبيه ليثور عليها .....
سأبقى في شوارع وطني , لكي أبقى قريبةً من الحقيقة , لكي أحب الناس وأحس بفقرهم .... وان أضعتموني .... ابحثوا عني في احدى شوارع القائمة السوداء ....
وسيبقى قلمي النبيل ناطقاً باسم الفقراء والفقر في بلادي .... فالأغنياء لديهم من يكتب عن قصورهم و أمجادهم ....
أما أنت يا قلمي فلا تحزن لأني نذرتك للفقراء وبطولاتهم .... فأنت القلم الأبقى بين الأقلام الزائلة والرخيصة ....
وسيظل قلمي نبيلاً إلى أن أسمع صدى أصواتكم ....
لأنني أتنفس الحرية ... أعشقك يا شعبي الفقير.
2/10/2007
01:50 a.m
بين تلك السهول , وتلك الحقول ...
في تلك المدينة وفي تلك القرية ...
بين الصحراء ومداها ...
بين الليالي وصداها ...
بين القبور وموتاها ..
وُجِدْتَ يا شعبي ...
لا تحزن يا وطني ....
شعبي لم يكن يوماً متخلفاً , وان كانت الحضارة تقاس بمعرفة الانسان لآداب الموائد الاقطاعية والرأسمالية , فلا بارك الله في هذه الحضارة ...
الموائد في بلادي لا تحتاج الى شوكة أو سكين لتمسك احداها باليد اليمنى والاخرى باليد اليسرى ... فموائد الفقراء تحتاج الى جملتين اثنين ... في البداية (( بسم الله )) وفي النهاية (( أطعمتنا من خيرك فلا تُحجنا الى أحدٍ غيرك )) .
يتردد قلمي عندما يفكر في هذا الشعب .... هل يكتب اجلالاً له أم شفقةً عليه ؟!
بل من شدة حزنه وألمه يكتب
بينما كنت اسير في أحد الشوارع الموجودة على القائمة السوداء .... كان طفلٌ يقوم ببيع ** العلكة التقليدية ** .... كانت دعوة الى عامة الشعب لاعتناق الصمت , لان صوتهم لم ينقذ قدميه العاريتين من التسول في شوارع وطني لتأمين ذاك الحذاء الرخيص المصنوع من البلاستيك والذي يعد فخر الصناعة الوطنية
وجدت في عينه قهر الدنيا كلها , قدماه متسختان ومع هذا فان لها رائحة مميزة .... انها رائحة التراب .... تراب الوطن الذي يتحدثون عنه , ويدّعون بأنهم يدافعون عنه بأرواحهم .... هذا التراب الذي تنتابهم حالة من الغثيان عندما يرون أحدهم يسير فوقه عاري القدم ... هذا التراب الطاهر ليس بطهر الأحذية الجلدية التي ترتديها الطبقة المخملية في المجتمع .... فعلينا ان نفتدي أحذيتهم بأرواحنا فهي أطهر وأغلى ثمناً من تراب
واذا ما دقّت الحرب طبولها ... تذهب الأحذية الجلدية وأصحابها تاركةً الوطن – الذي يصبح من غيرها بدون اية قيمة – وتبقى الأقدام العارية لتدافع عن هذا التراب .... عن هذه الشجرة .... عن هذا البيت الذي يشبه أقنان الدجاج لدى مُنتعلي الأحذية ....
وعندما يجيء الانتصاريعودون لهذا الوطن الفقير , يلقون خطبهم عن الشهادة وحب الارض ومدى احترامهم لمن قدّم روحه في سبيل هذا الوطن الغالي ... وتعود الحياة الى سابق عهدها .... ويبرهنون عن مدى احترامهم لهذا الشعب المقاوم , بأن ينام والدمع يترقرق في عينيه , يحاول ان يتذكر كيف كانت رائحة الخبز الطازج ...
عندما رأيت هذا الطفل الذي لم يبلغ التاسعة من عمره يقوم بمثل هذه الاعمال لم تسعني مخيلتي الا ان أرى أخي الصغير في مكانه .... فسرت في جسدي رعشةٌ كادت تقتلني ... وان عرضتَ عليه أية مساعدة مالية , يأبى أن يأخذها بدون مقابل فهو يشعر بكرامته ويشعر بأن العمل هو من يصنع الكرامة ... فلماذا لا يتعلم الكبار من هؤلاء الأطفال كيف يحافظون على كرامتهم ...!!
في بداية موسم الصيف , موسم السياحة والاصطياف , بينما كنت أجتاز الشارع الأكثر اكتظاظاً بالسياح ... ارى حاوية مهملات ممتلئة بأشياء غالية الثمن استُخدمت مرة او اثنتين ورُمِيَ بها ... كان احد الأطفال يبحث بداخلها لعله يجد شيئاً جميلاً يدخل به السعادة الى قلب امه , رمقه رجلٌ كان يجلس على شرفة منزله , وفي غضون ثوان أراه أمام الطفل ويقوم بضربه ويأمره بالرحيل , يُخْتَمُ الموقف بجملةٍ نطق بها (( لعنكم الله , أنتم من تشوهون الوجه الحضاري لهذا البلد )) ....
أموت وأعيش ألف مرة ولن أنسى هذه الجملة .... لا أستطيع , انسانيتي لا تسمح لي بنسيانها , ضميري لا يسمح لي , طفولتي التي سرقتموها لا تسمح لي ...
ان كان هذا الطفل من يشوه الوجه الحضاري لبلدنا , فهل أمثالك يمثلون الوجه الحضري في بلادي ..!!!؟
أشكرك يا أخي على وطنيّتك المفرطة .... أشكرك جزيل الشكر , فلم أكن أعلم أنه يوجد في بلادي من يغار على محتويات سلة المهملات ... ويتمنى ان تُحرق على أن يستفيد منها الفقير ...
لا تقل لي ولن أقول لك فأنت مثلٌ لكل مواطنٍ صالحٍ في أي مجتمع .... وبدون أي جدل ..
يقولون جنّة الأطفال منازلهم ... فماذا لو كانت الشوارع هي تلك المنازل !! ماذا لو كانت الجنة خلقت للبعض ولم تخلق للبعض الآخر ...!!
تُصدر الأوامر ... اليوم حظر تجوال وغداً حظر تجوال , وبعد غد ... ليس خوفاً من عملية فدائية , ليس خوفاً على الشعب الفقير ... بل خوفاً من الشعب الفقير أن يدرك مدى فقره عندما يرى فقر غيره ...
لا تخافوا من هذا الشعب ولا من ثورةٍ يخطط ليقوم بها فهو يعشق فقره , ولا يريد أن يتركه . القناعة التي يمتلكها شعبي عملةٌ صعبة , لن تنالوها مهما تكاثرت أموالكم ...
ولكن .... إياكم أن تسخروا من فقرنا ... ان تسخروا من ثيابنا الممزقة .... من أقدامنا العارية .... فحبنا لفقرنا يصنع المعجزات , فإياكم وايذاؤه .... فهو ابننا الوحيد نفديه بأرواحنا ... ودمائنا ....
تركنا لكم المال والجاه والغلال ,فاتركوا لنا فقرنا .... وتراب وطننا وسماءه .
وان علمتم بثورةٍ تولد فلا تتعبوا أنفسكم وتجمعوا الجيوش الجرارة لقمعها ....
فالشعب الجائع لا يمتلك القدرة على النهوض ليقوم بثورة .... الجوع يشلّه ويقعده ....
بل خافوا من ثورة بعضكم على بعض .... من ثورة أبناءكم عليكم لان الابن هو من يكتشف أخطاء أبيه ليثور عليها .....
سأبقى في شوارع وطني , لكي أبقى قريبةً من الحقيقة , لكي أحب الناس وأحس بفقرهم .... وان أضعتموني .... ابحثوا عني في احدى شوارع القائمة السوداء ....
وسيبقى قلمي النبيل ناطقاً باسم الفقراء والفقر في بلادي .... فالأغنياء لديهم من يكتب عن قصورهم و أمجادهم ....
أما أنت يا قلمي فلا تحزن لأني نذرتك للفقراء وبطولاتهم .... فأنت القلم الأبقى بين الأقلام الزائلة والرخيصة ....
وسيظل قلمي نبيلاً إلى أن أسمع صدى أصواتكم ....
لأنني أتنفس الحرية ... أعشقك يا شعبي الفقير.
2/10/2007
01:50 a.m