ما بعرف
09/10/2007, 15:32
سليم الحص
مَن يحكم؟ هذا السؤال لا يُطرح بوجود الديموقراطية.
فالديموقراطية نظام يُضفي على الحكم شرعية شعبية. الشعب يحكم نفسه عبر ممثليه: أما في غياب الديموقراطية فالحكم لا يستند إلى إرادة الشعب الحرة، فهو إذاً لا يتمتع بشرعية شعبية.
في لبنان طبقة سياسية وفئة حاكمة منبثقة منها. والطبقة السياسية نتاج إرادة نخبة من السياسيين قد لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين: هؤلاء يشغلون عناوين الأخبار يومياً. أما سائر من يُسمّون ساسة في لبنان فهم من أتباع هؤلاء أو من صنع أيديهم. التيار يُعرف عموماً بشخص، والحزب في أكثر الحالات كذلك. والكتل تعرف بزعيم أو اثنين. وهذا يصح على تكتل الأكثرية كما على تكتل المعارضة.
يقال إن الحكومة هي التي تحكم لبنان وتتحدث باسمه وتقرر عنه. والحكومة قد تكون جامعة فتُسمى حكومة ائتلاف أو وحدة وطنية، وفي تلك الحال تكون معبّرة عن حفنة من زعماء التيارات والأحزاب والكتل المشاركة. أما إذا استأثرت الأكثرية بالحكم، كما هي الحال اليوم، فقرار الحكم يأتي معبّراً عن إرادة قلة قليلة من القيادات قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، هي التي تقود الأكثرية.
وفي لبنان قد تحلّ الشرعية المدوّلة محلّ الشرعية الشعبية المحلية. فالحكومة الحالية تحظى بشرعية مدوّلة سافرة. الإدارة الأميركية تدعمها كلية. إنك تسمع رئيس الدولة العظمى يردد القول بضرورة الحفاظ على حكومة لبنان الحالية التي يعرفها باسم رئيسها: أما بريطانيا وفرنسا وألمانيا وسواها من الدول الكبرى فكثيراً ما تسير على خطى الإدارة الأميركية، وكذلك تفعل أكثر الأقطار العربية البارزة.
كادت الشرعية المدوّلة تُختصر بالإدارة الأميركية أو برأسها. نقول بالشرعية المدوّلة وليس بالشرعية الدولية، لأن هذه الأخيرة كثيراً ما تكون مرادفة للأمم المتحدة ومتفرعاتها. هذا مع العلم أن قرارات الأمم المتحدة كثيراً ما تكون خاضعة لطغيان الولايات المتحدة الأميركية، ولكنها أحياناً كثيرة تكون مخففة بفعل إرادة بعض أعضاء مجلس الأمن من ذوي العضوية الدائمة، وهم خمسة، ومنهم روسيا والصين اللذان يتخذان أحياناً كثيرة مواقف مستقلة مستوحاة من مصالح ذاتية خاصة بهما.
ففي غياب الممارسة الديموقراطية كيف يكون الرد على السؤال؟ إن من يحكم لبنان في نهاية المطاف هو أميركا. أما الحديث عن تحالف مع الدولة العظمى، فيقتضي التذكير بأن التحالف بين الصغير والكبير لا يعني إلا هيمنة الكبير على الصغير. وهذا ينطبق على سائر الدول العربية المتحالفة مع الدولة العظمى. وإذا كان الحكم في لبنان معرضاً للشلل إلى حد ما فمصدر التعطيل إرادات دولية أو إقليمية أخرى، مصدرها سوريا وإيران وفرنسا ودول عربية نافذة وسواها.
هذا فيما يتعلق بالقرارات الكبرى التي تتصل بالمصير وتحدد موقع لبنان دولياً، أما القرارات الأقل شأناً من مثل تلك المتعلقة بالمرافق، كالكهرباء والماء والنقل والإدارة، فشأن داخلي، وأي شلل أو تقصير في القرار على هذا الصعيد فيعود إلى تضارب آراء أو مصالح القلة القليلة التي تسمى فئة حاكمة، وكثيراً ما يكون التعطيل نابعاً من تعارض المواقع أو المصالح الفئوية، أي الطائفية والمذهبية. فالفئوية تبقى آفة لبنان المركزية. فإذا كانت الديموقراطية تعريفاً حكم الشعب لنفسه، فنحن في لبنان لم نتصرف يوماً كشعب، وإنما كقبائل. وقبائل العصر تُسمى طوائف، فكما للقبيلة شيخها، فلكل طائفة في لبنان زعيمها، وقد تكون زعامة الطائفة أحياناً ثنائية أو ربما ثلاثية ولو أن الغلبة قد تكون معقودة لأحدهم.
هذا عن لبنان. أما عن سائر الأقطار العربية فحدِّث ولا حرج. من يحكم سوريا؟ نظرياً يقال إن رئيس البلاد هو الذي يحكمها. أما الانطباع السائد فهو أن البلد يحكمه، إلى الرئيس، نفر من الأنسباء والمقربين والأجهزة.
ومن يحكم العراق؟ لعل الجواب هو: الاحتلال، ويعطل قراره جملة قوى داخلية وخارجية متعارضة. ولعل الجواب الأصح في هذه الحالة هو الفوضى. والفوضى من صنع الاحتلال الأميركي، الذي يسمّيها خلاّقة.
ومن يحكم الأردن؟ قد يقال إنه الملك. وقد يأتي الرد على الرد بالسؤال: ومن يؤثر في إرادته داخلياً وخارجياً، والأردن معروف بتحالفه الوثيق مع الدولة العظمى؟
ومن يحكم مصر؟ مبدئياً رئيسها. ولكن قرار الحكم في كثير من الحالات يبقى مخففاً أو معطلاً بحركة أو حركات اعتراض شعبية وإعلامية ضاغطة. ثم إن العلاقة مع الدولة العظمى من المسلمات.
ومن يحكم المملكة العربية السعودية؟ الجواب البديهي: الملك، ولكن يبقى السؤال: إلى أي حد يُعتبر قرار الحكم طليقاً من المؤثرات الخارجية، أقله فيما يتعلق بالسياسة الخارجية؟ أليس للمحسوبين على الدولة العظمى وجود في الحكم؟ وهل قرار النفط، المصدر الأول للدخل والمحرك الدافع للاقتصاد الوطني هو قرار داخلي صرف؟
ومن يحكم سائر أقطار الخليج العربي؟ وهل يختلف الجواب كثيراً عما قيل عن المملكة العربية السعودية؟
والواقع في سائر الأقطار العربية لا يختلف كثيراً عما هو قائم في الأقطار الآنفة الذكر. ويصح فيها جميعاً ما قلنا عن لبنان: إذا كانت الديموقراطية حكم الشعب لنفسه، فهل يحكم الشعب نفسه في أي قطر عربي؟ وهل الشعب شعب، أم هو قبائل عصرية تتخذ أشكالاً متباينة؟
كثيراً ما يكون ثمة حرص على التمييز بين ما هو وطني وبين ما هو قومي. فالقرار الوطني يتناول الشأن القطري المحلي. أما القرار القومي فيتناول شأن الأمة العربية. أما في الملمات، في الحالات الإستثنائية، فقد أثبتت الشعوب العربية أنها تعي مسؤولياتها القومية فتتصرف كأمة واحدة. وكان ذلك في حالات احتدام الصراع العربي الإسرائيلي، وكان آخر الشواهد على ذلك ما كان من هبّة عربية في شتى أقطار المنطقة، من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، انتصاراً للمقاومة اللبنانية إبّان الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف العام .2006
أما الحكام العرب، فقد تضاربت ردات فعلهم في بداية الحرب، وبعضهم أنحى باللائمة صراحة على المقاومة. ولكن سرعان ما التفّ الجميع إلى جانب لبنان في المواقف المعلنة.
إلا أن الشعوب لم تستطع، في غياب الديموقراطية، أن تملي على حكامها الثبات على موقف الدعم بعد انتهاء الحرب. فكما كان في لبنان كان في سائر أرجاء الوطن العربي. ما أن وضعت الحرب أوزارها حتى انطلقت أبواق المتخوفين من المقاومة في حملات منهجية ترمي إلى تصوير الانتصار هزيمة بالتركيز على الثمن الغالي الذي دفعه لبنان في ما سقط من ضحايا وما وقع من تهجير وما حل من دمار وخراب. وهذا خلافاً لما حصل في حروب الكبار. كانت هناك حروب عالمية، وانتهت بغالب ومغلوب، وكلاهما، الغالب كما المغلوب، مُني بخسائر بشرية ومادية فظيعة. ولكن الغالب لم يهدر معنى الانتصار فاحتفل به وهو يلملم جراحه.
فالانتصار لم يكن ولن يكون من دون ثمن. ولعل بعضنا في لبنان، وبعض أشقائنا العرب، لم يقتنعوا بانتصار المقاومة حتى بعد اعتراف إسرائيل بالهزيمة، وكان ما كان للهزيمة من تداعيات مزلزلة داخل الكيان الصهيوني.
إن غياب الديموقراطية في الوطن العربي كان من شأنه تغييب كلمة الشعوب. وقد أضحت تنمية الحياة الديموقراطية مطلباً حيوياً في أرض العرب، ففي ظل الديموقراطية ينتفي التساؤل: من يحكم العرب؟ الشعب هو الذي يحكم نفسه في ظل الديموقراطية.
إلا أن الإصلاح الديموقراطي أسير مأزق في العالم العربي. فقرار الإصلاح المطلوب هو في يد من لا مصلحة لهم فيه. الإصلاح الديموقراطي سيكون بمثابة الانتحار السياسي للطبقة السياسية التي تسيطر على قرار الحكم وبالتالي الإصلاح. لا فكاك من هذا المأزق إلا بتنمية الوعي الشعبي وخلق رأي عام ضاغط يفرض الإصلاح فرضاً.
وبوجود العامل الخارجي في قرار الحكم في شتى الأقطار العربية غاب القرار القومي الموحّد وضاعت قضايا العرب القومية أو كادت.
مَن يحكم؟ هذا السؤال لا يُطرح بوجود الديموقراطية.
فالديموقراطية نظام يُضفي على الحكم شرعية شعبية. الشعب يحكم نفسه عبر ممثليه: أما في غياب الديموقراطية فالحكم لا يستند إلى إرادة الشعب الحرة، فهو إذاً لا يتمتع بشرعية شعبية.
في لبنان طبقة سياسية وفئة حاكمة منبثقة منها. والطبقة السياسية نتاج إرادة نخبة من السياسيين قد لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين: هؤلاء يشغلون عناوين الأخبار يومياً. أما سائر من يُسمّون ساسة في لبنان فهم من أتباع هؤلاء أو من صنع أيديهم. التيار يُعرف عموماً بشخص، والحزب في أكثر الحالات كذلك. والكتل تعرف بزعيم أو اثنين. وهذا يصح على تكتل الأكثرية كما على تكتل المعارضة.
يقال إن الحكومة هي التي تحكم لبنان وتتحدث باسمه وتقرر عنه. والحكومة قد تكون جامعة فتُسمى حكومة ائتلاف أو وحدة وطنية، وفي تلك الحال تكون معبّرة عن حفنة من زعماء التيارات والأحزاب والكتل المشاركة. أما إذا استأثرت الأكثرية بالحكم، كما هي الحال اليوم، فقرار الحكم يأتي معبّراً عن إرادة قلة قليلة من القيادات قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، هي التي تقود الأكثرية.
وفي لبنان قد تحلّ الشرعية المدوّلة محلّ الشرعية الشعبية المحلية. فالحكومة الحالية تحظى بشرعية مدوّلة سافرة. الإدارة الأميركية تدعمها كلية. إنك تسمع رئيس الدولة العظمى يردد القول بضرورة الحفاظ على حكومة لبنان الحالية التي يعرفها باسم رئيسها: أما بريطانيا وفرنسا وألمانيا وسواها من الدول الكبرى فكثيراً ما تسير على خطى الإدارة الأميركية، وكذلك تفعل أكثر الأقطار العربية البارزة.
كادت الشرعية المدوّلة تُختصر بالإدارة الأميركية أو برأسها. نقول بالشرعية المدوّلة وليس بالشرعية الدولية، لأن هذه الأخيرة كثيراً ما تكون مرادفة للأمم المتحدة ومتفرعاتها. هذا مع العلم أن قرارات الأمم المتحدة كثيراً ما تكون خاضعة لطغيان الولايات المتحدة الأميركية، ولكنها أحياناً كثيرة تكون مخففة بفعل إرادة بعض أعضاء مجلس الأمن من ذوي العضوية الدائمة، وهم خمسة، ومنهم روسيا والصين اللذان يتخذان أحياناً كثيرة مواقف مستقلة مستوحاة من مصالح ذاتية خاصة بهما.
ففي غياب الممارسة الديموقراطية كيف يكون الرد على السؤال؟ إن من يحكم لبنان في نهاية المطاف هو أميركا. أما الحديث عن تحالف مع الدولة العظمى، فيقتضي التذكير بأن التحالف بين الصغير والكبير لا يعني إلا هيمنة الكبير على الصغير. وهذا ينطبق على سائر الدول العربية المتحالفة مع الدولة العظمى. وإذا كان الحكم في لبنان معرضاً للشلل إلى حد ما فمصدر التعطيل إرادات دولية أو إقليمية أخرى، مصدرها سوريا وإيران وفرنسا ودول عربية نافذة وسواها.
هذا فيما يتعلق بالقرارات الكبرى التي تتصل بالمصير وتحدد موقع لبنان دولياً، أما القرارات الأقل شأناً من مثل تلك المتعلقة بالمرافق، كالكهرباء والماء والنقل والإدارة، فشأن داخلي، وأي شلل أو تقصير في القرار على هذا الصعيد فيعود إلى تضارب آراء أو مصالح القلة القليلة التي تسمى فئة حاكمة، وكثيراً ما يكون التعطيل نابعاً من تعارض المواقع أو المصالح الفئوية، أي الطائفية والمذهبية. فالفئوية تبقى آفة لبنان المركزية. فإذا كانت الديموقراطية تعريفاً حكم الشعب لنفسه، فنحن في لبنان لم نتصرف يوماً كشعب، وإنما كقبائل. وقبائل العصر تُسمى طوائف، فكما للقبيلة شيخها، فلكل طائفة في لبنان زعيمها، وقد تكون زعامة الطائفة أحياناً ثنائية أو ربما ثلاثية ولو أن الغلبة قد تكون معقودة لأحدهم.
هذا عن لبنان. أما عن سائر الأقطار العربية فحدِّث ولا حرج. من يحكم سوريا؟ نظرياً يقال إن رئيس البلاد هو الذي يحكمها. أما الانطباع السائد فهو أن البلد يحكمه، إلى الرئيس، نفر من الأنسباء والمقربين والأجهزة.
ومن يحكم العراق؟ لعل الجواب هو: الاحتلال، ويعطل قراره جملة قوى داخلية وخارجية متعارضة. ولعل الجواب الأصح في هذه الحالة هو الفوضى. والفوضى من صنع الاحتلال الأميركي، الذي يسمّيها خلاّقة.
ومن يحكم الأردن؟ قد يقال إنه الملك. وقد يأتي الرد على الرد بالسؤال: ومن يؤثر في إرادته داخلياً وخارجياً، والأردن معروف بتحالفه الوثيق مع الدولة العظمى؟
ومن يحكم مصر؟ مبدئياً رئيسها. ولكن قرار الحكم في كثير من الحالات يبقى مخففاً أو معطلاً بحركة أو حركات اعتراض شعبية وإعلامية ضاغطة. ثم إن العلاقة مع الدولة العظمى من المسلمات.
ومن يحكم المملكة العربية السعودية؟ الجواب البديهي: الملك، ولكن يبقى السؤال: إلى أي حد يُعتبر قرار الحكم طليقاً من المؤثرات الخارجية، أقله فيما يتعلق بالسياسة الخارجية؟ أليس للمحسوبين على الدولة العظمى وجود في الحكم؟ وهل قرار النفط، المصدر الأول للدخل والمحرك الدافع للاقتصاد الوطني هو قرار داخلي صرف؟
ومن يحكم سائر أقطار الخليج العربي؟ وهل يختلف الجواب كثيراً عما قيل عن المملكة العربية السعودية؟
والواقع في سائر الأقطار العربية لا يختلف كثيراً عما هو قائم في الأقطار الآنفة الذكر. ويصح فيها جميعاً ما قلنا عن لبنان: إذا كانت الديموقراطية حكم الشعب لنفسه، فهل يحكم الشعب نفسه في أي قطر عربي؟ وهل الشعب شعب، أم هو قبائل عصرية تتخذ أشكالاً متباينة؟
كثيراً ما يكون ثمة حرص على التمييز بين ما هو وطني وبين ما هو قومي. فالقرار الوطني يتناول الشأن القطري المحلي. أما القرار القومي فيتناول شأن الأمة العربية. أما في الملمات، في الحالات الإستثنائية، فقد أثبتت الشعوب العربية أنها تعي مسؤولياتها القومية فتتصرف كأمة واحدة. وكان ذلك في حالات احتدام الصراع العربي الإسرائيلي، وكان آخر الشواهد على ذلك ما كان من هبّة عربية في شتى أقطار المنطقة، من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، انتصاراً للمقاومة اللبنانية إبّان الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف العام .2006
أما الحكام العرب، فقد تضاربت ردات فعلهم في بداية الحرب، وبعضهم أنحى باللائمة صراحة على المقاومة. ولكن سرعان ما التفّ الجميع إلى جانب لبنان في المواقف المعلنة.
إلا أن الشعوب لم تستطع، في غياب الديموقراطية، أن تملي على حكامها الثبات على موقف الدعم بعد انتهاء الحرب. فكما كان في لبنان كان في سائر أرجاء الوطن العربي. ما أن وضعت الحرب أوزارها حتى انطلقت أبواق المتخوفين من المقاومة في حملات منهجية ترمي إلى تصوير الانتصار هزيمة بالتركيز على الثمن الغالي الذي دفعه لبنان في ما سقط من ضحايا وما وقع من تهجير وما حل من دمار وخراب. وهذا خلافاً لما حصل في حروب الكبار. كانت هناك حروب عالمية، وانتهت بغالب ومغلوب، وكلاهما، الغالب كما المغلوب، مُني بخسائر بشرية ومادية فظيعة. ولكن الغالب لم يهدر معنى الانتصار فاحتفل به وهو يلملم جراحه.
فالانتصار لم يكن ولن يكون من دون ثمن. ولعل بعضنا في لبنان، وبعض أشقائنا العرب، لم يقتنعوا بانتصار المقاومة حتى بعد اعتراف إسرائيل بالهزيمة، وكان ما كان للهزيمة من تداعيات مزلزلة داخل الكيان الصهيوني.
إن غياب الديموقراطية في الوطن العربي كان من شأنه تغييب كلمة الشعوب. وقد أضحت تنمية الحياة الديموقراطية مطلباً حيوياً في أرض العرب، ففي ظل الديموقراطية ينتفي التساؤل: من يحكم العرب؟ الشعب هو الذي يحكم نفسه في ظل الديموقراطية.
إلا أن الإصلاح الديموقراطي أسير مأزق في العالم العربي. فقرار الإصلاح المطلوب هو في يد من لا مصلحة لهم فيه. الإصلاح الديموقراطي سيكون بمثابة الانتحار السياسي للطبقة السياسية التي تسيطر على قرار الحكم وبالتالي الإصلاح. لا فكاك من هذا المأزق إلا بتنمية الوعي الشعبي وخلق رأي عام ضاغط يفرض الإصلاح فرضاً.
وبوجود العامل الخارجي في قرار الحكم في شتى الأقطار العربية غاب القرار القومي الموحّد وضاعت قضايا العرب القومية أو كادت.