-
دخول

عرض كامل الموضوع : الرئيس بشار الأسد في حديث شامل لـ «الشروق»:اسرائيل غطّــــت فشلها بالغمـــــوض


ما بعرف
11/10/2007, 16:17
الشروق التونسية
2007-10-11
* أجرى الحوار: عبد الحميد الرياحي ومحمد علي بن رجب


*سؤال: سيادة الرئيس، نود أن نشكركم على هذه الفرصة الفريدة التي أتحتموها لنا، وبما أننا في أجواء احتفالات سورية الشقيقة، والشعب العربي عموماً وأمتنا، بحرب تشرين المجيدة، نريد بدءاً أن تحدثونا عن الدروس والعبر الباقية من تلك المحطة الخالدة في تاريخ أمتنا، وعن السبل الكفيلة بإعادة تلك الروح إلى الوضع العربي الآن.

ـ السيد الرئيس: طبعاً الحرب لها جوانب عديدة، حرب تشرين بالنسبة لنا كجيل، وخاصة أنا كنت في المرحلة الابتدائية عندما اندلعت، تركت في وجداننا شيئاً خاصاً، ربما يختلف عن الجيل الذي عاشها بوعي في ذلك الوقت، لكن ما يجمع بين كل هذه الأجيال أن حرب تشرين بالنسبة لنا الآن في هذه المرحلة لا تمثل قضية عسكرية بالمعنى العسكري فقط. فهناك جوانب أخرى. أولاً الآن في هذا الظرف وربما بأهمية أكبر مما كان في تلك المرحلة هناك جانب التضامن العربي.

حرب تشرين عبرت بكل معنى الكلمة عن التضامن العربي من المحيط إلى الخليج. فهو الآن شيء نستذكره، ربما بنوع من المرارة على غيابه، لنتمنى أن نعيد هذا الجانب فقط من حرب تشرين. الجانب الآخر هو موضوع الإرادة، إذ في كثير من اللحظات التي نمر بها الآن نشعر بأن هناك لدى المواطن العربي، وربما لدى المسؤول العربي، شعورٌ بالإحباط، هذا الشعور بالإحباط يدفعه للقبول بالأمر الواقع. والقبول بالأمر الواقع هو أخطر شيء يمكن أن يتم الآن سواء كقرار يتخذه المسؤول أم كتنفيذ.

حرب تشرين عبَّرت عن كيفية أو عن إمكانية تغيير الإحباط الذي كان موجوداً بين حرب الـ 67 أو هزيمة الـ 67 وبين حرب الـ 73، خلال ست سنوات، كان هناك إحباط كامل بكل المستويات على الساحة العربية، وكان هناك قبول بالأمر الواقع. حرب تشرين غيَّرت هذا الواقع. هذان الجانبان، الأول والثاني، هما الجانبان الأهم بالنسبة لحرب تشرين، والجوانب العسكرية تأتي لاحقاً، كنتائج طبيعية. لولا الجانب الأول والجانب الثاني لما حصل الجانب الثالث.

فالآن ما نستطيع أن نتذكره ليس هو تفاصيل الحرب بحد ذاتها، وإنما كيف نستطيع أن نعيد التضامن العربي وكيف نستطيع أن نخفف من الإحباط أو نلغي الإحباط لكي ننتقل إلى مرحلة من العمل الفاعل، مرحلة ننتقل فيها من القبول بالأمر الواقع، إلى تغيير الأمر الواقع.


* العدوان الأخير: غايات وأهداف


* سؤال: سيادة الرئيس، هناك سؤال كبير يدور في الشارع العربي وفي الإعلام العربي حول خفايا وأهداف العدوان الصهيوني الأخير على سورية، خاصة وأن الإعلام الصهيوني والإعلام الغربي عموماً لم يتوقف عن تسريب معطيات خاطئة ومضللة، فهل من جواب يكشف للرأي العام العربي طبيعة وأهداف الغارة.

ـ السيد الرئيس: طبعاً أنا في مقابلة مع إحدى الوسائل الأجنبية الأسبوع الماضي قلت بشكل واضح بأن الهدف هو هدف عسكري، وهو عبارة عن منشأة، عسكرية قيد البناء، ولا يوجد فيها لا عسكريون ولا غيرهم، وساعة القصف لم يكن فيها أحد على الإطلاق. طبعاً هناك جانبان لما نسمعه الآن في وسائل الإعلام الأجنبية، جانب يتعلق بما يسمى (البروباغاندا) التي تتم بالطريقة المعروفة لدى الإعلام الغربي الموالي لإسرائيل حول أي حدث بهدف استثماره لمصلحة إسرائيل، أو بهدف استثماره ضد دولة عربية ما كما يحصل الآن.

وهناك الجانب الآخر فيما يتعلق بالصمت الإسرائيلي، الصمت الإسرائيلي طبعاً يغذي هذه الـ (بروباغاندا) لكن الصمت الإسرائيلي له جانب آخر، عادة إسرائيل تتحدث، لا تصمت، هذه أول مرة تصمت، طبعاً نحن أيضاً لأول مرة نسبق إسرائيل في الإعلان، عادة نحن لا نتحدث، نعتبرها قضية غير ضرورية لكي نعلنها، فتقوم إسرائيل بتسريب الخبر فتظهر إسرائيل بمظهر المنتصر.

هذه المرة أُربكت إسرائيل من خلال إعلان سورية، لما حدث بشكل واضح، وتبعه هذا الغموض الإسرائيلي. كلاهما مرتبط بقضية واحدة، بأن إسرائيل، على ما يبدو بحسب تحليلنا، كان لديها معلومات معينة، لكن نتيجة الغارة ثبت لديها بأن الهدف غير مهم، فهذا فشل استخباراتي، سواء أكان المصدر الاستخباراتي هو المخابرات الإسرائيلية أم المخابرات الأمريكية، فأصبح المسؤول الإسرائيلي محرجاً من أن يقول ما هو الهدف من هذه الغارة، فغطى هذا الفشل بطابع الغموض، وهو يقول بأنه سري، أين السري؟ إذا كان الهدف قليل القيمة، لا يوجد شيء سري، وإذا كان الهدف له قيمة كبيرة فيجب على إسرائيل أن تتحدث، أي بالنسبة لها هذا يمثل انتصاراً. فهي غطت الفشل بالغموض.


* سؤال: خاصة وأنه حتى الإدارة الأمريكية والرئيس بوش التقط المسألة وصار يتحدث عن وجود تجهيزات نووية أو ربما موقع نووي؟

ـ السيد الرئيس: تماماً. فلذلك إسرائيل تغطي الفشل بالغموض، هذه هي القضية بكل وضوح، لا يوجد شيء آخر. لذلك هم فوجئوا عندما قلتُ في حديثي للـ بي.بي.سي في الأسبوع الماضي بأنه هدف عسكري وهو منشأة عسكرية، ولكنه طبعاً لم ينتهِ ومازال في طور البناء.


* سؤال: سيادة الرئيس، مثل هذه التصرفات الصهيونية تؤدي إلى التصعيد والمواجهة ولا تخلق مناخاً للسلام، هل أن ما جرى يهدف إلى ترهيب سورية ودفعها إلى إنزال سقف مطالبها المشروعة في مؤتمر السلام المرتقب؟ أم تراه محاولة لابتزازها بشأن مواقفها القومية من مجمل القضايا سواء في العراق أو في فلسطين المحتلة أو في لبنان؟

ـ السيد الرئيس: في المقام الأول، يعبر عن عدم رغبة إسرائيل بالسلام، ولكن الوجه الثاني هو أيضاً ما تفضلت وقلته بأنهم يريدون أن يبتزوا سورية، لذلك لو عدنا للسنوات القليلة الماضية، وخاصة بعد مجيء شارون، لرأينا أن الحادث ليس هو الأول من نوعه، هم قاموا بمهاجمة القوات السورية في لبنان مرتين قبل عام 2005، وذلك في فواصل زمنية مختلفة.

وتم خرق الأجواء السورية مرتين قبل هذه المرة. هم في كل مرة يعتقدون بأن سورية فهمت الرسالة، ولكن بالنسبة لنا النتيجة هي أنه لدينا مبادئ ولدينا حقوق، لن نتنازل عنها نتيجة كل الضغوط السابقة ولن يتغير الوضع الآن. فما تقوله صحيح تماماً، هذا هو الهدف ولكن لن يصلوا لهذه النتيجة مهما فعلوا.


* الوساطة التركية... الى أين


* سؤال: تتردد في الآونة الأخيرة معلومات عن دور تركي لتقريب وجهة نظر وربما نقل رسائل بين سورية وإسرائيل، فهل هذا المعطى صحيح، وهل زيارة وزير الخارجية التركي مؤخراً إلى دمشق تندرج في هذا الإطار؟

ـ السيد الرئيس: صحيح، هذا الكلام صحيح، هناك وساطة تركية بدأت في الحقيقة منذ زيارتي لتركيا في عام 2004، ولكن بدأت بشكل مكثف مرة أخرى، طرح الموضوع في عام 2004 عن دور تركي، ولكن لم يحصل شيء على أرض الواقع إلا منذ حوالي ستة أشهر حين أعيد طرح هذا الموضوع من قبل الأتراك في زياراتهم المختلفة إلى سورية، وقلنا لهم نعم نحن موقفنا من السلام لم يتغير.

طبعاً المفاوضات تختلف عن قضية الوساطة، بمعنى أن هناك وسيط وهناك راعي، الوسيط يستطيع أن ينقل وجهة نظر بين طرفين، ولكن المفاوضات هي بحاجة لراعٍ، راعٍ له موقع معين على المستوى الدولي، بكل أسف هو الولايات المتحدة، هي الراعي الفعلي الوحيد في مثل هذه الحالة، لكن المرحلة التي تسبق المفاوضات هي مرحلة التحضير، وهنا يستطيع الوسيط أن يلعب دوراً. هذا ما تحاول الآن تركيا أن تلعبه من خلال نقل وجهات النظر. طبعاً موقفنا كان واضحاً، ما نريده نحن أولاً إعلان واضح من قبل المسؤولين الإسرائيليين برغبتهم أولاً بالسلام، وإعادة الأرض إلى سورية. ثانياً نريد ضمانات بأن الأرض ستعود كاملة.

طبعاً لا يوجد ثقة بيننا وبين الإسرائيليين، وهذه الثقة ، إذا كانت موجودة قليلاً في السابق، فهي معدومة اليوم بكل صراحة. ولكن نحن نثق بالأتراك، وعلاقتنا بهم تطورت بشكل كبير وهناك ثقة متبادلة إلى درجة كبيرة، وقلنا لهم عندما تأتي هذه الضمانات، عندها نستطيع أن نقول أن الجو أصبح مهيأ للسلام، عندها علينا أن نتحدث مع القوى الأخرى وخاصة الولايات المتحدة من أجل إطلاق المفاوضات.

بنفس الوقت ربما نحن متأكدون بأن هذه الإدارة الأمريكية لم تعمل من أجل السلام. فنحن نتحدث عن المرحلة الأولى التي تسبق المفاوضات وهي نقل وجهات نظر من خلال وسيط نزيه هو التركي، بهدف الوصول إلى مفاوضات لا نعرف متى، بحضور الراعي. هذا هو إطار ما يجري.


* سؤال: هل لمستم من خلال وساطة الأتراك نوعاً من الاستعداد الإسرائيلي للعودة مثلاً إلى حدود الرابع من حزيران؟

ـ السيد الرئيس: لا، هذه النقطة لم نصل إليها حتى الآن. الشيء الوحيد الذي تمَّ هو إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي في إحدى المقابلات التلفزيونية منذ شهر أو شهرين عن رغبته بالسلام بشكل عام، ولكن أي سلام؟ أي شيء تستطيع أن تعرّفه بأنه سلام، هذا لا يكفي، وطبعاً منذ أسابيع سمعت بأنه قال أنه يحترم الرئيس السوري فأنا أجبت عليه في الـ بي.بي.سي، قلت أن الصراع العربي الإسرائيلي الذي عمره ستون عاماً لم يبدأ من خلافات شخصية، لكي ينتهي بتصريحات عن قضايا شخصية.

هناك أسس ومبادئ وعندما يجيب الإسرائيليون على هذه الأسس أو الحقوق، ما هو مصير هذه الحقوق، عندها نستطيع أن نقيّم الموقف الإسرائيلي. حتى الآن كل ما سمعناه هو كلام عام خطابي أو إنشائي، ولا يوجد شيء له علاقة بالواقع أي على الأرض.


* سوريا ومؤتمر السلام


* سؤال: سيادة الرئيس، قالت كوندوليزا رايس مؤخراً بأنه ستتم دعوة سورية إلى مؤتمر السلام المزمع عقده في الفترة القليلة القادمة. وفق أي ظروف يمكن لسورية أن تشارك في هذا المؤتمر؟

ـ السيد الرئيس: عندما نتأكد من جدية المؤتمر. حتى الآن لم نتأكد من هذه الجدية، وهذه الجدية ترتبط بما هي مرجعية المؤتمر؟ على ماذا يستند؟ على مزاج من دعا إلى المؤتمر، أم على أسس معينة كقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القراران 242 و338، وغيرهما من القرارات الأخرى المختلفة؟! هذا أولاً.

ثانياً بالنسبة لنا في سورية دائماً نتحدث عن السلام العادل والشامل، الشامل أي كل المسارات، هذا المؤتمر يتحدث عن المسار الفلسطيني، هذا جيد، ونحن سنكون سعداء أن يكون هناك مؤتمر من أجل الفلسطينيين، ولكن ما هو دورنا؟ نحن نذهب عندما يكون السلام العادل والشامل هو الأساس والهدف، أي يشمل قضية الجولان، لا يمكن أن نتحدث فقط عن المسار الفلسطيني، المسار السوري أساسي وقضية الجولان هي رقم واحد. هذا الموضوع لم يُطرح.

هناك جانب آخر يتعلق بموضوع الجدية، هل شاورت الدول المعنية بهذا المؤتمر وفي مقدمتها الولايات المتحدة الدول المعنية بالصراع العربي الإسرائيلي؟ مؤتمر مدريد عندما انطلق سبقته مفاوضات ومشاورات بين الولايات المتحدة والدول المعنية ومنها سورية لحوالي عشرة أشهر، لم يتوقف خلالها المسؤولون الأمريكيون عن زيارة دول المنطقة، واللقاء مع المسؤولين بمختلف المستويات لكي يحضروا لهذا المؤتمر، لكن هذا المؤتمر لم يسبقه أي تحضير على الإطلاق، فهل نحن سنذهب إلى مؤتمر يفتقر لفرص النجاح؟ لا يمكن أن نضع أنفسنا في هذا الموقع، ويضاف إلى ذلك أنه حتى هذه اللحظة لم تأتنا الدعوة، ولكن إذا أتت الدعوة فهذه شروط سورية لحضور المؤتمر الدولي.


* سؤال: سيادة الرئيس، نفهم من جوابكم بأن الظروف لإقامة سلام شامل ودائم لا تتوفر بعد وربما لا تتوفر حتى الإرادة لدى الولايات المتحدة وحتى الجانب الإسرائيلي. هل يمكن أن نفهم من هذا أن المراد أمريكياً وإسرائيلياً هو إحراز تطبيع العلاقات بين العرب وإسرائيل دون دفع استحقاقات السلام؟

ـ السيد الرئيس: كل ما قلته أنت صحيح. أي في سؤالك يكمن الجواب. هذا صحيح، سواء بالنسبة لأن يكون هناك رغبة في التطبيع وهذا الشيء تعمل عليه الولايات المتحدة وإسرائيل منذ عقود، لأن فرص السلام الآن غير موجودة في الأمر الواقع. مثلاً على المستوى الفلسطيني هناك انقسام، كيف يمكن أن يذهب المسار الفلسطيني (لنسمه المسار الفلسطيني بشكل عام) باتجاه تحقيق الهدف المنشود؟ أي سلام وحكومة ودولة فلسطينية والفلسطينيون منقسمون؟

السلام بحاجة أولاً لإجماع وطني بتفاصيله، هذا الشيء الآن غير متوفر، فالإدارة الأمريكية كما قلت، لا تمتلك لا الرؤية ولا الإرادة للسلام. إسرائيل لا تمتلك الإرادة على الأقل، لا أعرف عن الرؤية إن كانت موجودة أم لا، ولكن الحكومة ضعيفة، والحكومة الضعيفة تستطيع أن تشن حربا ولكنها لا تستطيع أن تحقق السلام.

فإذاً العوامل غير متوفرة، ربما يكون هناك هدف التطبيع، ربما يكون هناك هدف تشتيت أذهان أو توجيه أذهان الرأي العام الأمريكي أو الغربي باتجاه قضية أخرى غير قضية العراق التي ظهر فيها الفشل واضحاً خلال عام، وهم يحاولون معالجة آثار الفشل في العراق، لكنهم لم يتمكنوا، فربما قالوا لنتوجه باتجاه عملية السلام ولنحقق شيئاً ولو وهمياً نقدمه للرأي العام.


* هكذا نرى المصالحة الفلسطينية


* سؤال: تحدثتم سيادة الرئيس عن الانقسامات التي ضربت الساحة الفلسطينية للأسف، هل تفعل سورية شيئاً بحكم موقعها، بحكم وزنها، بحكم علاقاتها المتميزة تقريباً مع كل الأطراف، هل تفعل شيئاً لتقريب وجهات النظر وإحلال المصالحة بين الفلسطينيين؟

ـ السيد الرئيس: كما تعلمون لعبنا دوراً كبيراً، بالتعاون مع قطر، في المرحلة التي سبقت اتفاق مكة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، وخاصة عندما زار الرئيس محمود عباس سورية والتقى مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الموجود في سورية، هذا كان توجه الجهود السورية لإيجاد نوع من الإجماع أو الاتفاق أو الحل الوسط حول مستقبل الوضع في الأراضي الفلسطينية خاصة بعد الخلافات التي نشأت على خلفية الانتخابات وفوز حماس.

وتجددت محاولتنا مؤخراً أيضاً من خلال اللقاء مع بعض المبعوثين من قبل الرئيس أبو مازن وحصل اتصال في بداية رمضان بيني وبين الرئيس محمود عباس، ولكن انطباعنا الآن بأن الأطراف مازالت متمسكة بمواقفها، كل طرف ينتظر من الآخر أن يتنازل، أن يقدم تنازلاً كاملاً، وهذا مستحيل، وأنا أشبه الوضع بإخوة في المنزل الواحد اختلفوا، لا نستطيع أن نبدأ الحديث سواء كنا إخوة لهؤلاء الإخوة، أم والديهم، عمّن أخطأ وإنما نبدأ بالمصالحة، الحوار، وكل ما يقرّب، ولاحقاً في يوم من الأيام نقول من أخطأ، أما الآن فعلينا أن نعيد الحوار، لا يكفي أن يقول كل طرف بأن الطرف الآخر عليه أن يعترف بأخطائه، هذا الشيء غير معقول، وسيدفع ثمنه كل الأطراف، كل الشعب الفلسطيني بدون استثناء، وهذا الشيء نراه الآن.

لذلك نعتقد أن ما نحاول أن نقوم به الآن، هو محاولة بدء حوار، أي نوع من الحوار، ولو على أشياء بسيطة، ربما تساهم بحلحلة الأمور، ولكن حتى الآن لم نتمكن.


* سؤال: سيادة الرئيس، عند أي نقطة يمكن لسورية أن تبرم اتفاق سلام مع إسرائيل؟

ـ السيد الرئيس: عندما تعود الحقوق كاملة من دون أي تنازل، ما سمعوه في بداية التسعينيات سيسمعوه الآن، حقوق كاملة تشمل الأرض والسيادة الكاملة على هذه الأرض ولا شيء أقل من ذلك.


* سؤال: وهذه أقرت بها إسرائيل في ما عرف سابقاً بوديعة رابين؟

ـ السيد الرئيس: صحيح. تماماً. وهي أعطيت للطرف الأمريكي، ولكن مع كل الأسف هذه الحكومة لا يبدو بأنها قادرة على إعطاء أية ضمانات بشأن السلام وعودة الحقوق، هذا ما نشعر حتى هذه اللحظة.

ما بعرف
11/10/2007, 16:18
* العلاقات مع لبنان... والتجاذبات اللبنانية الى أين؟


* سؤال: سيادة الرئيس، لو تسمحون بأن ننتقل إلى ملف العلاقات السورية اللبنانية، كيف تصفون العلاقات السورية اللبنانية الآن، وهل توجد مجالات لتحسينها ووضعها في إطارها الصحيح، وقطع الطريق خاصة أمام من يريدون إحلال القطيعة بين البلدين؟

ـ السيد الرئيس: طبعاً لا نستطيع أن نقول بأن العلاقات جيدة لعدة الجوانب، لكن الجانب الأهم هو الانقسام اللبناني، طبعاً الانقسام اللبناني هو ليس بجديد في تاريخ لبنان، وغالباً ما كان هناك في لبنان قوى ترهن أنفسها للوطن وللعلاقات العربية العربية من خلال إصرارها على عروبة لبنان، وهناك قوى دائماً عبر تاريخ لبنان منذ نشأ لبنان وربما قبل نشوئه بمراحل تتحدث عن ربط مصيرها بالخارج، وبالتالي تضع لبنان في مهب الريح، أي أن يكون مصير لبنان مرتبطاً بمصير الصراعات الإقليمية، إذاً هذه الصراعات الإقليمية لا يبدو بأنها ستنتهي في المستقبل القريب، هذا يعني بأن لبنان لن يستقر في المستقبل القريب، لبنان استقر في مرحلة تبعت اتفاق الطائف عندما أخذ التوجه العربي ودعم المقاومة، أي كان ضد إسرائيل، هنا استقر لبنان.

عندما يخرج لبنان عن هذا المنطق، وأي بلد يخرج عن هذا المنطق في منطقتنا العربية يصبح بلداً غير مستقر، وهذا أعتقد من سياق الأحداث واضح تماماً. لذلك أعتقد بأن هذا الجانب الذي ينعكس على العلاقات السورية اللبنانية هو جانب لبناني لبناني لا نستطيع أن نعالجه إلا عندما تعالج المسألة اللبنانية من الداخل اللبناني ويتم حسم الموضوع.

الجانب الآخر طبعاً بلا شك بأنه لدينا وجهة نظر نحن تجاه أي تيار يصبح أقرب إلى إسرائيل أو يرتهن إلى الخارج، لا يمكن أن نبني مستقبل العلاقة السورية اللبنانية على أساس العلاقة مع قوى هي لا تؤمن بلبنان، ومع كل أسف الآن أنت تعرف الظروف السياسية في لبنان، القوى المسيطرة الآن على مقاليد الحكم هي في هذا الجانب أو ربما بمعظمها في هذا الجانب، هذا ينعكس على العلاقات السورية اللبنانية.

نتمنى أن يتم حسم هذه المواضيع خلال الأشهر المقبلة طبعاً بالطرق السلمية والطرق الدستورية لكي يستقر لبنان، وعندها، كما نحن دائماً، أكثر الناس حرصاً على استقرار لبنان وعلى أن تكون العلاقة السورية اللبنانية التي هي جزء من العلاقة الطبيعية التاريخية بين الشعبين أن تكون في وضعها الطبيعي كما كانت قبل أعوام قليلة.


* سؤال: كيف تردون، سيادة الرئيس، على اتهامات أمريكا لسورية بالتدخل في الشأن اللبناني وبالتدخل في مسألة الانتخابات الرئاسية تحديداً؟

ـ السيد الرئيس: هم يتحدثون عن أنفسهم بهذه الاتهامات، هم يتدخلون في كل شيء في الواقع، ويخربون كل شيء في هذا العالم ويتهمون الآخرين، هم يخربون العراق ويتهمون الآخرين بتخريب العراق، هم يخربون الوضع على الاتجاه الفلسطيني ويتهمون الآخرين بتخريب الوضع في الساحة الفلسطينية، هم يتحدثون عن أنفسهم، وأنا أعتقد كما يقولون باللغة العربية «كلامك مردود عليك»، لذلك أعتقد بأن هذه الاتهامات تفتقد الحد الأدنى من المصداقية، حتى في الساحة الأمريكية، لدى المطلع قليلاً على الأمور السياسية، وبشكل أكبر تفتقد المصداقية في الساحة الدولية بشكل عام ولكن لا مصداقية لها على الإطلاق على الأقل في الساحة العربية، لذلك نحن لا نرد عليها ولا نهتم بها.


* سؤال: سيادة الرئيس، مع أن سيرج براميرتز أشاد بالتعاون السوري مع لجنة التحقيق في اغتيال الحريري إلا أن فريق 14 شباط لا يزال يتمسك بخط التصعيد مع سورية. هل تعتقدون بوجود أجندة خارجية أو ضغوط معينة توجه رموز هذا التيار؟

ـ السيد الرئيس: هم لا يخفون هذا الموضوع، هم يعطوننا الجواب بشكل واضح على هذا الموضوع من خلال تصريحاتهم الواضحة بأنهم ارتبطوا بالمشاريع الخارجية، من خلال استقوائهم بالأجنبي بشكل واضح، من خلال زياراتهم لهذا الأجنبي، من خلال تصريحاتهم بأن هذا الأجنبي يدعمهم.

بمعنى هم يعلنون هذا الشيء بشكل واضح بأنهم جزء من أجندة خارجية، وهم بأحاديثهم المختلفة يبنون آمالهم على ما سيتم من مخططات أجنبية: العدوان على لبنان لضرب المقاومة، العدوان على سورية، ضرب إيران، الأجندة الخاصة بهم مرتبطة بهذه الأحداث المرتبطة بالقوى الخارجية، وهذا الشيء بديهي على ما أعتقد.


* سؤال: هل هناك خوف حقيقي، سيادة الرئيس، على سلاح ونهج المقاومة في لبنان؟

ـ السيد الرئيس: لا أعتقد، لأن هذه المقاومة نشأت وكانت قوية عندما كان لبنان بالأساس منقسماً، وكان هناك قوى موالية لإسرائيل موجودة في لبنان، وكانت تعمل هذه القوى في الثمانينات، خاصة في النصف الثاني من الثمانينات لضرب المقاومة والتآمر عليها، ومع ذلك لم تتمكن من هذا، بل تمكنت المقاومة من تحسين وضعها وتمكين قوتها العسكرية والسياسية والشعبية بشكل عام، لذلك لا أعتقد أنه الآن في هذه الظروف هناك خوف على هذه المقاومة لأن المقاومة اليوم أقوى بكثير من ذلك الوقت وخاصة شعبياً وهو الأهم، وأنا لا أتحدث عن الجانب العسكري، أقول شعبياً، قوة المقاومة في دعمها الشعبي واحتضانها الشعبي، هذا الاحتضان في لبنان وخارج لبنان أقوى بكثير من قبل وهذا ما رأيناه العام الماضي في العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز العام الماضي.


* العراق... مخاطر التقسيم... الحرب الأهلية والوحدة


* سؤال: لو سمحتم نمرّ على الشأن العراقي، سيادة الرئيس، بعد أكثر من أربع سنوات من احتلاله يقف العراق على حافة التقسيم. كيف تنظرون إلى الوضع العراقي خاصة أن سورية تجد نفسها في صميمه سواء من جهة احتضانها لما يقارب مليوني لاجئ عراقي أم لجهة تأثير الوضع العراقي في الأمن القومي السوري؟.

ـ السيد الرئيس: كما قلت، نحن نتأثر بالأمور اليومية في العراق وليس بالمفاصل الكبيرة فقط، وإنما في كل التفاصيل، وهذا بشكل خاص نراه من خلال تواجد جالية عراقية كبيرة يتفاعل معها الشعب السوري بكل قضاياها بشكل يومي،

لا نستطيع أن نقول أن العراق على حافة تقسيم أو على حافة حرب أهلية، ولكن بنفس الوقت لا نستطيع أن نقول أن وحدة العراق هي أمر واقع، هناك شيء في الوسط إن عالجناه الآن نستطيع أن نحقق وحدة العراق، وإن تركناه للأخطاء الموجودة في العراق ولدور الاحتلال بالشكل الخاطئ الذي قام به عبر السنوات الماضية، فربما هذا الشيء المدمر للعراق وللمنطقة يحصل في زمن ما لا نستطيع أن نقدّره،

الشيء الإيجابي بأن ما نراه من فتنة أو علائم الفتنة حتى الآن لم تنتشر على المستوى الشعبي في العراق وهذا بحد ذاته مؤشر طيب لأن وحدة العراق مازالت أملاً كبيراً يمكن تحقيقه، ولكن بنفس الوقت علينا أن نتحدث عن العملية السياسية لأن ما يجمع الشعب في المحصلة ليس فقط المبادئ والأسس الوطنية والقومية وغيرها، وإنما أيضاً الآليات وفي مقدمتها الدستور الذي يحدد شكل هذه الدولة.

بالنسبة لنا نحن نقول

أولاً، كما كنا نقول سابقاً بالنسبة إلى لبنان خلال الحرب الأهلية، الحل في العراق يجب أن ينطلق من عروبة العراق، أي العراق عربي، لا أن يقال أن العراق عضو في جامعة الدول العربية، هذا لا قيمة له، العراق عربي، إن لم يكن العراق عربياً، فلا نأمل خيراً في أي عمل سياسي يحصل.

ثانياً، انطلاقاً من كون العراق عربي يجب أن تكون المساعدة في حل الأزمة العراقية في جوهرها عربية قبل أن تكون أجنبية، يجب أن تلعب الدول العربية دوراً أساسياً.

ثالثاً، هناك العملية السياسية الداخلية في العراق التي يجب أن تشمل كل القوى بعيداً عن التعريفات الأمريكية، هم يعرّفون من هم المتمردون ومن هم الوطنيون ومن هي القاعدة ومن هم الإرهابيون، إلخ، يجب أن نضع التعاريف، يجب أن يضع العراقي هذه التعاريف ومن ثم يكون هناك مؤتمر وطني يشمل كل هذه القوى ويتم مناقشة كل المواضيع من دون استثناء بدءاً من الدستور ومروراً بكركوك، وانتهاء بكل هذه التفاصيل، وهذا المؤتمر هو الذي يحدد شكل الدولة المقبلة ومستقبل العراق وتفاصيل مستقبل العراق، هذه الأشياء وهذه العملية السياسية لا تتم حتى الآن. مؤخراً بدأنا خاصة في بداية هذا العام من خلال زيارة الرئيس جلال الطالباني ومن ثم رئيس الوزراء نوري المالكي ونائب الرئيس ونائب رئيس الوزراء ومسؤولين آخرين، بدأنا بنوع من الحوار بيننا وبينهم لمعرفة كيفية مساهمة سوريا في دعم العراق.

طبعاً الآن ما ينقص هذا الدور السوري هو الدور العربي، الدور العربي غير موجود مع كل أسف وحصل حوار منذ أكثر من عامين بيننا وبين عدد من الدول العربية المعنية مباشرة للقيام بمبادرة عربية لكي لا تبقى في الإطار السوري فقط، وحصل نوع من هذا الحوار لكن لم نجد أي تجاوب مع هذا المسعى. فعلياً الدور الآن هو دور سوري بحت، طبعاً هناك تعاون مع الدول المعنية بشكل أساسي تركيا وإيران للحفاظ على وحدة العراق وعدم الوصول إلى الفتنة التي تدمّر كل شيء ودعم العملية السياسية بنفس الوقت.


* اي دور للعرب في الملف العراقي؟


* سؤال: كيف ترى سورية سبل إنعاش هذا الدور العربي لمساعدة العراق خاصة وأنه هو الغائب الأكبر على الساحة العراقية؟

ـ السيد الرئيس: أعود إلى ما طرح في الكونغرس الأمريكي مؤخراً، أعتقد أن هذا حافز كافٍ لكي يشعر كل عربي بأنه مهدد بخطر التقسيم ولكي يتحرك كل من موقعه وبشكل خاص المسؤولين العرب، لم نكن نتمنى أن يكون الحافز هو مثل هذه المقترحات التي تظهر في الإدارة الأمريكية، الواقع العراقي كافٍ ولكن بالمحصلة القضية هي قضية إرادة.

هل يمتلك العرب، وخاصة الدول المجاورة للعراق هذه الإرادة أم لا؟ هم يستطيعون أن يجيبوا على هذا السؤال.


* سؤال: سيادة الرئيس، المتابع لتصريحات المسؤولين الأمريكيين، خاصة بعد صدور قرار الكونغرس بتقسيم العراق، يلاحظ أن هناك نوعا من التردد على مستوى الإدارة السياسية الأمريكية، يقولون نحن ضد تقسيم العراق، ولا نسعى إلى تقسيم العراق.
ماذا تفهمون من هذا التناقض بين الطرفين، وهل ترون أن قرار التقسيم يدخل في إطار ما يسمى الشرق الأوسط الكبير الذي يقوم على تفتيت الكيانات القائمة ومن ثم إعادة بنائها وتركيبها وفق مصالح معينة؟

ـ السيد الرئيس: بشكل عام، لا يستطيع الإنسان أن يدخل في النيات، لكن هناك أشياء هم يعلنونها، أولاً مبدأ الفوضى الخلاقة، ليس نحن العرب من أعلن هذا المبدأ، لم نقل أن أمريكا لديها مبدأ سري هو مبدأ الفوضى الخلاقة، هم تحدثوا عن الفوضى الخلاقة، وبالتالي لا نستطيع إلا أن نقول أن ما يحصل جزء من مخطط، هذا أولاً،

ثانياً، هناك كتابات أمريكية وأبحاث أمريكية طرحت في الثمانينات حول تقسيم المنطقة والبدء بالعراق، هذه الأبحاث موجودة، لو عدنا الآن إلى هذه الأبحاث وقارناها بالواقع هو ما يحصل، هل هذا مصادفة؟ هذا المبدأ هم أعلنوه. حتى لو وضعنا هذا المبدأ جانباً ووضعنا النيّات جانباً، نحن نحكم على الأمور الكبرى بالوقائع، لا يكفي أن نحكم بالنيات، أي إذا كانت نيتهم جيدة ودمروا العراق ودمروا المنطقة، نقول أن نيتهم سليمة؟ هي ليست قضية ضربة كف، هي قضية تدمير منطقة فيها مئات الملايين من الناس، لا نحكم هنا على النيات. فبالمحصلة هناك تدمير وهناك تقسيم وهناك تخريب وهناك فتنة، كل هذه الأمور موجودة، هذا ما يعنينا، لا يهمنا ما هي نياتهم، ولكن بكل تأكيد بالعودة إلى مبدأ الفوضى الخلاقة فهناك نيات سيئة، هل هي منتشرة في الإدارة الأمريكية أم أن جانباً من الإدارة الأمريكية يؤمن بها، وجانب لا يؤمن بها، هذا موضوع أمريكي لا يعنينا.


* سؤال: سيادة الرئيس، تعقد دول الجوار العراقي قريباً اجتماعاً جديداً لمزيد من استكشاف سبل إعادة الاستقرار للعراق، هل تملك هذه الدول القدرة على إنجاح مساعيها، خاصة في ظل اتجاه أمريكا إلى وضع الملف العراقي في يد الأمم المتحدة الواقعة بطبيعتها تحت السيطرة الأمريكية؟

ـ السيد الرئيس: هذا يستند بالدرجة الأولى إلى القوة الفعلية والإرادة الموجودة لدى الحكومة العراقية. هي الأساس، إن امتلكت هذه الحكومة الإرادة وإمكانيات التنفيذ على الأرض في العراق، عندها تستطيع أن تستفيد مباشرة من تعب دول الجوار، وعندها نصبح نحن قادرين على أن نقدم شيئاً.

إذا بقيت الأمور بيد الإدارة الأمريكية فكل شيء سيكون محكوماً بإرادة هذه الإدارة ولا نعتقد بأن هذه الإدارة تريد فعلاً من دول الجوار أن تساعد العراق، فهذا يعتمد على هذه الحكومة. طبعاً نحن لمسنا لديهم رغبة، من الرئيس ورئيس الحكومة، أن يكون لديهم المزيد من السيطرة على الأمور، خاصة في ظل الفشل الأمريكي وفشل قوات الاحتلال بشكل عام، أن تقدم أي شيء إيجابي للشعب العراقي أو أن تحقق أي وعد من الوعود المعلنة في بداية الاحتلال، الديمقراطية، الخدمات، والازدهار، وكل ذلك من الوعود، كلها فشلت، فنحن قلنا لهم كلما كنتم أنتم أكثر استقلالية ستجدون بأن الدعم السوري أكبر بكثير، وأعتقد بأن هذا الوضع عام بالنسبة إلى دول الجوار.


* الممانعة السورية في مواجهة الضغوط الامريكية


* سؤال: سيادة الرئيس، الإدارة الأمريكية تتهم سورية بدعم المقاومة في العراق وفي لبنان وفي فلسطين المحتلة، وكذلك تضغط على سورية على خلفية علاقتكم المتميزة مع إيران، كيف تتعايش سورية مع هذه الضغوط، وعلام تعوّل في موقفها الممانع الذي تقفه؟

ـ السيد الرئيس: طبعاً الموقف بالأساس هو موقف شعبي، الشعب العربي بشكل عام يدعم كل هذه المقاومات، سورية تنطلق في موقفها من موقف الشعب العربي السوري، نحن لم نخرج في موقف سياسي أبداً عن موقف الشعب العربي السوري، ودعمنا هو دعم سياسي يرتبط بالقضايا، لا أحد منا في سورية يعرف من هي المقاومة في العراق، هي موجودة من خلال الواقع الذي تفرضه، ولكن لا نعرف من هو المقاوم ومن هو غير المقاوم.

هم يعملون بطريقتهم الخاصة، ولديهم احتضان من الشعب العراقي كبير جداً، ولديهم التمويل ولديهم السلاح، ولديهم كل شيء، فهم ليسوا بحاجة إلى دعم عسكري من أي جهة، لا من سورية ولا إيران ولا غيرها، وأنا أؤكد كما قلت قبل قليل، بالنسبة إلى سلاح المقاومة في لبنان، أية مقاومة تبتدئ من الاحتضان الشعبي، طالما أن هذا الاحتضان الشعبي موجود، فكل شيء آخر سهل، لذلك نعم، نحن في هذا الموقف ننطلق من موقف الشعب ولن نغيره، كيف نتأقلم، أسهل عليك أن تحارب كل العالم من أن تحارب شعبك، هذه هي القناعة الموجودة لدينا في سورية، فإذا كنا متفقين مع شعبنا فكل شيء آخر يكون سهلا بالنسبة لنا، ولو كان صعباً، ولكن يكون أكثر سهولة من أن نخضع للقوى الأجنبية التي تنظر إلينا فقط كأرقام وكأدوات من أجل مصالحها.

ما بعرف
11/10/2007, 16:20
* اللاجئون العراقيون... والتأشيرة


* سؤال: سؤالي يتعلق بواقع اللاجئين العراقيين في سورية، أحسسنا بالشارع هذه الأيام أن هناك عبئاً يتحمله الشعب السوري بسبب اللاجئين الذي وصل تعدادهم إلى مليونين، هل هناك حلول بالنسبة إليكم؟ وسمعنا أن هناك تأشيرة ستفرض لدخول اللاجئين، هل هذا حل بالنسبة إليكم؟

ـ السيد الرئيس: هو ليس حلاً، هو شيء مؤقت يتم من خلاله حساب من يأتي إلى سورية ومن لا يأتي، طبعاً لاشك أنه لدينا حلول من الناحية الخدماتية والاقتصادية، فالمواطن العراقي الآن يشارك المواطن السوري كل الخدمات، ونحن لدينا دعم كبير للمواد الأساسية كالمحروقات وغيرها يستفيد منه الجميع، ونحن لم ننظر لدخول المواطن العراقي فقط كدخول إنساني، وإنما نظرنا إليه من جانب سياسي، بمعنى أننا لم نقبل بهذا المواطن العراقي من ناحية إنسانية، فهناك ثمن سياسي ستدفعه العملية السياسية في العراق،

فاحتضان المواطن العراقي وتقديم الخدمات له، صحيح أنه يرتب على سورية ثمناً اقتصادياً، ولكنه يقدم للعراق ثمناً إيجابياً هو أن يبقى هذا المواطن يتعلم أن يعيش، وبالتالي تبقى لديه نظرة إيجابية تجاه العملية السياسية في العراق، وإلا فإن أي إنسان عندما تتركه من دون وطن، من دون خدمات، من دون طعام، يتحول إلى مجرم. فهو بحاجة إلى احتضان هذا المواطن العراقي، فنحن نعتقد أن هذا الاحتضان هو احتضان سياسي قبل أن يكون احتضاناً اقتصادياً.

من الجانب الاقتصادي، نحن الآن وصلنا تقريباً إلى السقف، بمعنى أن مليون عراقي ونصف أو أكثر بقليل يعادل تقريباً 10 من سكان سورية زادوا خلال أقل من عامين، هذه الزيادة لا يمكن لبلد في العالم أن يتحملها بلا شك، لا أستطيع أن أقول أننا وصلنا إلى السقف، أستطيع أن أقول إنه وصلنا إلى أعلى من السقف المحتمل بالنسبة لسورية، ومع ذلك بقينا نستقبل إخوة عراقيين،

ولكن لابد من وضع أسس الآن لكي لا يأتي هذا المواطن إلى سورية ولا يجد فرص عمل، بمعنى أنه أيضاً أن يأتي إلى سورية ويموت موتاً بطيئاً إن لم يجد فرصة عمل هو وعائلته فهو أيضاً ينتقل من خطر إلى خطر آخر، أو من وضع صعب إلى وضع أصعب.


* سؤال: بالنسبة للأمم المتحدة أو المنظمات المختصة، هل تجدون لديهم الاستعداد لمساعدة سورية في تحمّل هذه المسؤولية؟

ـ السيد الرئيس: حتى الآن لم تأتنا سوى الوعود، لم يأت شيء فعلي أبداً، نحن نتحمل بشكل كامل جميع الأعباء. مؤخراً قرأت منذ يومين تصريحا للمالكي بأنه سيقدم مبالغ زهيدة، 18 مليون دولار لسورية، وأعتقد 12 مليون دولار للأردن، وربما لدول أخرى 18 مليون دولار لمن يؤمن عيش مئات الآلاف خلال عام لا تشكل شيء، نحن نقدم فقط دعم من المحروقات لمليون ونصف في سورية بحوالي المليار دولار، لكن بالمحصلة، عندما يرتبط مصير هؤلاء بالعملية السياسية، فيرتبط مصيرنا كلنا بهذه العملية السياسية وبوحدة العراق.


* سؤال: الأمر يحتاج تضحية.

ـ السيد الرئيس: تماماً.


* الحرب على إيران تقع... لا تقع؟


* سؤال: بالنسبة إلى الملف النووي الإيراني، هناك مؤشرات عديدة توحي بقرب شن عدوان أمريكي على إيران على خلفية ملفها النووي. حسب رأيكم، هل يصل الأمر إلى حد المواجهة العسكرية؟ وهل تحتمل المنطقة حربا ثانية؟

* السيد الرئيس: هذا السؤال نفسه سألته أنا للإيرانيين، فكان الجواب بأننا نحن نعمل على أساس أن الولايات المتحدة ربما تقوم بعمل، هذا يعني أنه عندما نقف أمام جهة لا تأخذ بالاعتبار القيم والأخلاق والمبادئ الدولية والقانون الدولي، كما حصل في حرب العراق، وهي قوى منحازة تماماً لإسرائيل التي هي عدو، فلا نستطيع أن ننظر إليها إلا بنفس المنظار، أي أنها ربما تقوم بعمل أحمق،

لو فكرنا بالمنطق، نرى أن هذا العمل عمل مضر بالمنطقة ومضر بالعالم، ولكن اتضح من حرب العراق، ومن خلال قرار الغزو، بأن الإدارة الأمريكية لا تفكر بهذا المنطق، طبعاً لا نستطيع أن نجزم، هذا يبقى في إطار التوقعات، لا نستطيع أن نقول في إطار التوقعات بأن الحرب ستحصل أو لا تحصل، لن أدخل من موقعي في إطار التوقعات، لكن نستطيع أن نقول أنه يجب أن نبقى دائماً متحفزين لأي عمل أخرق من قبل الولايات المتحدة أو من قبل إسرائيل تجاه إيران أو سوريا أو تجاه لبنان أو تجاه أي دولة أخرى.


* سؤال: خاصة، سيادة الرئيس، وأن السببين الكبيرين تقريباً اللذين دُمِّر من أجلهما العراق، النفط، وأمن إسرائيل يتوافران في الحالة الإيرانية، النفط، ومشروع نووي؟

ـ السيد الرئيس: ولكن المشكلة بالنسبة للعالم ستكون أكبر بكثير من مشكلة غزو العراق نظراً لموقع إيران الاستراتيجي ولقوة إيران. سيكون الوضع صعبا جداً على الولايات المتحدة، وستكون انعكاساته كبيرة على العالم بشكل عام. وإذا بدأت الحرب، كيف تنتهي؟ لا أحد يعرف، ولكن نحن أول من سيدفع الثمن، الدول العربية وخاصة منطقة الخليج العربي، ستكون أول منطقة ستدفع ثمناً غالياً جداً لهذا العمل.


* أين العرب من المخاطر المحدقة؟


* سؤال: هل ترون أن تعاطي العرب مع هذا الوضع الخطير المتفجر يرتقي إلى مستوى التحدي الذي يفرض علينا وضع اليد باليد؟

ـ السيد الرئيس: في الحالة الطبيعية، يجب علينا أن نضع اليد باليد بعضنا مع بعض، واليوم نحن لا نقترب من دائرة الخطر، بل نحن في قلب الخطر، نحن أمام قنبلة موقوتة، وواضح تماماً أن العد التنازلي يقترب من مرحلة الانفجار، فإذا وضعنا يدنا بيد بعضنا اليوم، فربما الوقت لا يكون كافٍ لإنجاز الكثير، فكيف إذا تأخرنا.

في الماضي كان كل شهر يمر له ثمن، أما اليوم فكل ساعة تمر، فلها ثمن. فالعد التنازلي يتسارع، وعلينا أن نتحرك بسرعة، كلنا مستهدفون ولا يوجد بلد في العالم العربي لن يدفع ثمن الانفجار الذي سيحصل.


* سؤال: سيادة الرئيس، في لقاءاتكم واتصالاتكم واجتماعاتكم التي تعقدونها، تطرحون بكل تأكيد مثل هذه الرؤى وهذه المواقف. بماذا تخرجون من اللقاءات العربية؟

ـ السيد الرئيس: أنت كمواطن عربي تستطيع أن تحكم على هذا الشيء أكثر مني كمسؤول عندما لا ترى نتائج.


* سؤال: وهذا هو ما يحيرنا ويحيّر الشارع العربي؟

ـ السيد الرئيس: لذلك لا يهم عن ماذا نتحدث في هذه الاجتماعات، بل ما الذي ننفذه خارج هذه الاجتماعات، ليس المهم القمم العربية، المهم هو ما بين هذه القمم. في القمم العربية نقول أجمل الكلام ونتفق على أفضل الأشياء بالنسبة إلى مستقبل الأمة العربية، وعندما نأتي إلى التطبيق، نحن منقسمون، نحن أحياناً، إن لم نكن منقسمين، غير مبالين ببعضنا البعض، لدينا رؤية أحياناً بأن مصير هذا البلد اتركه لنفسه، ولكن هذا الكلام غير منطقي، الوضع العربي مازال غير مرضٍ ومقلق.


* سؤال: هل تملك سورية رؤية أو تصوّراً لحلحلة الوضع العربي أو لتفعيل التضامن العربي في حده الأدنى على الأقل؟

ـ السيد الرئيس: طبعاً نحن نعتبر أنفسنا معنيين بشكل مباشر أكثر من غيرنا اليوم، ليس لأننا في قلب العاصفة، وليس لأننا محاطون بالقضايا المختلفة، العراق في الشرق ولبنان في الغرب، ولبنان في الجنوب، وإسرائيل أيضاً في الجنوب الغربي، ولكن لأن القمة المقبلة ستكون في دمشق، فمن مصلحة سورية أن يكون هناك تضامن عربي بأي حد، كنا نناقش هذا الموضوع في الحكومة السورية، وفي المؤسسات السورية منذ أيام، طبعاً هذا النقاش استمر لأسابيع حول ما الذي نستطيع أن نفعله وخاصة بالنسبة للأشهر المقبلة، كونها أشهرا مصيرية ـ كما قلت في خطاب القسَم ـ حتى نهاية هذا العام، وربما بعده بقليل، فربما نقوم بإرسال مبعوثين إلى الدول العربية وبشكل خاص على خلفية قرار الكونغرس، فكما قلنا، ربما يكون هذا حافز آخر لنا كمسؤولين عرب لكي نستعيد الرؤية الواقعية، فسنقوم بإرسال مبعوثين للدول المختلفة لنرى ماذا نستطيع أن نفعل، حول ماذا يمكن أن نتفق.


* العلاقات مع مصر والسعودية


* سؤال: هذا يقودنا، سيادة الرئيس، إلى ملف العلاقات السورية مع كل من مصر والسعودية والتي كانت تاريخياً علاقات متميزة، علاقات وطيدة جداً، لكن الملاحَظ في الفترة الماضية نوع من الفتور وبدأنا نسمع عن وساطات أو ربما تدخلات من أطراف عربية لمحاولة تقريب وجهات النظر وإعادة الأمور إلى نصابها. نريد أن نأخذ فكرة عن هذا الموضوع؟.

ـ السيد الرئيس: صحيح، العلاقات ليست كما يجب أن تكون بين سورية والسعودية، وسورية ومصر، طبعاً لا يوجد انقطاع كامل للعلاقات، خاصة مع مصر، هناك تشاور ولكن ليس كما كان الوضع قبل سنوات قليلة مضت، هناك وساطات عربية، نحن لا نعتقد أن المشكلة بين الاخوة بحاجة إلى أمور مراسمية، يجب أن تكون بعيدة عن الرسميات، لا توجد مشكلة لدى سورية بأن تقوم هي بمبادرة من أجل تحسين العلاقات،

وانطلاقاً من هذا الشيء، أنا قمت بزيارة المملكة والمشاركة في القمة العربية رغم التوقعات بعدم حضوري، إلا أنني أصررت على الحضور وكان هناك لقاء جيد بيني وبين الملك عبد الله، تحدثنا فيه بصراحة. أيضاً كان هناك لقاء بيني وبين الرئيس حسني مبارك، تحدثنا فيه بنفس الإطار، وكانت هناك زيارات لعدة مسؤولين سوريين إلى هذه الدول. المشكلة في العلاقات العربية ـ العربية بشكل عام، أنها جيدة على مستوى القمة، ولكن على المستويات الأخرى الحكومية أو في الدول بشكل عام، هي غير موجودة، لا توجد متابعة، لا تكفي العلاقة على مستوى القمة لكي تخلق علاقة جيدة بين البلدين، هناك مؤسسات،

العلاقة ليست علاقة شخصية فقط، العلاقة الشخصية تنعكس إيجاباً على العلاقة بشكل عام بين البلدين ولكن إن لم يكن هناك علاقة بين كل المؤسسات فهذه العلاقة الإيجابية تبقى محصورة في الإطار الفردي والشخصي بين رئيس ورئيس، ورئيس وملك، وهكذا.. هذا ما ينقص هذه العلاقات، نحن نسعى ضمن إطار تحسين الوضع العربي لكي نرسل مبعوثين إلى أغلب الدول العربية.


* سؤال: ومن ضمنها مصر والسعودية؟

ـ السيد الرئيس: دون استثناء، لكي نفهم ما هي المشكلة، ما هي التصورات الموجودة لدى المسؤولين في هذه الدول ونحاول أن نبحث عن الحد الأدنى من الأرضية المشتركة حول القضايا المطروحة، أي بشكل أساسي العراق، وفلسطين، وعملية السلام، هذه هي القضايا التي تنذر بكوارث على الأمة العربية في المرحلة المقبلة القريبة، وليس المتوسطة ولا البعيدة، ونحاول أن ننطلق من خلالها.

ما بعرف
11/10/2007, 16:21
* العلاقات مع تونس جيدة... وتجربة تونس رائدة


* سؤال: بالنسبة إلى العلاقات السورية ـ التونسية، ما هي مجالات تطويرها وتفعيلها خدمة لمصالح الشعبين الشقيقين؟

ـ السيد الرئيس: طبعاً خلال زيارتي الأولى لتونس ولقائي مع الرئيس زين العابدين بن علي، تحدثنا في ذلك الوقت عن هذه العلاقات بشكل موسع. بالنسبة لنا في سورية ننظر إلى التجربة التونسية كنموذج للتطور الداخلي في دولة عربية بشكله الأفضل، لأني أعتقد أن التجربة التونسية هي أنجح تجربة عربية حتى الآن وهذه التجربة ننظر إليها منذ قرابة عقدين من الزمن في التطوير الداخلي،

طلبت في ذلك الوقت من أخي الرئيس زين العابدين بن علي أن تقدم تونس ما تستطيع من أجل إغناء التجربة في سورية فقال كل التجربة التونسية تحت تصرف الإخوة في سورية من دون أي استثناء ودون أي تردد. وفعلاً منذ ذلك الوقت، بدأنا في سورية عندما نصل إلى مفاصل صعبة في عملية التطوير نرسل وفوداً إلى تونس لكي تلتقي بالمسؤولين التونسيين للاستفادة من التجربة.

هذا كان جانبا مهما جداً. الجانب الآخر، خاصة في السنتين الأخيرتين، كان هناك تطور جيد من خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة بشكل منتظم والشيء الإيجابي أن هذه اللجان في بداية اجتماعاتها، كانت تركز على القوانين والجوانب الأقل عملية في التطوير. تعلمنا من أخطائنا في هذا الجانب، وبدأنا نتحدث عن القضايا العملية، فبدأت النقاشات الآن في السنتين الأخيرتين تأخذ طابعاً عملياً واقعياً، لماذا لم يتحقق تطوير العلاقات بالشكل الذي كان متوقعاً؟ لماذا لم يزدد التبادل التجاري؟ وغيرها من الأسئلة الهامة. الآن بدأت هذه الأمور تنعكس على الواقع بشكل إيجابي،

مع ذلك أقول أن العلاقات العربية ـ العربية بشكل عام مازالت ضعيفة، لو قارنّا علاقة سورية بأوروبا وعلاقة تونس بأوروبا، ولو قارنا علاقة أي دولة عربية بأوروبا، أو ربما بآسيا، فسترى أنها أفضل بكثير من العلاقة العربية ـ العربية. لابد من تحسين التجارة البينية، السياحة، لابد أن نصل في المستقبل إلى اتفاقات ترتبط بموضوع العمالة. الآن هناك تبادل للبضائع من خلال كسر الحدود الجمركية، وهذا ما يسمى السوق العربية المشتركة،

ولكن لا تستطيع أن تتحدث عن البضائع ومازالت هناك حواجز بين البشر، والتجربة الأوروبية خير دليل، فلابد أن نجد حلاً لهذه النقطة، ولنبدأ بتأشيرات الدخول، لابد من تخفيض القيود على تأشيرات الدخول بين الدول العربية، وهذا ما يجب أن يكون في المرحلة المقبلة، عندها نستطيع أن نتحدث عن إقلاع أكبر في هذه العلاقة.

بنفس الوقت، هناك تواصل سياسي جيد بين البلدين، وظهر هذا التواصل والتعاون بشكل خاص قبل القمة العربية التي انعقدت في تونس في عام 2004، وأذكر تماماً عندما حصل لغط حول القمة التي أُجِّلت والقمة الثانية وحاول البعض أن يصطاد في الماء العكر، ويشير بإصبع الاتهام إلى دور تونس في الساحة العربية، وأنا تحدثت عندها مع أخي الرئيس زين العابدين بن علي في هذا الإطار بالتفاصيل، ونسّقنا من أجل نجاح القمة، وكانت القمة ناجحة، وأعتقد بأنها كانت منطلقاً سياسياً مهماً للتعاون بين سورية وتونس، ولاحظنا التقدير التونسي الكبير، وخاصة من قبل أعلى قمة الهرم من الأخ الرئيس مباشرة للدور السوري في نجاح تلك القمة.


* سؤال: سيدي الرئيس، ما هي الانطباعات التي تحملونها عن زيارتكم لتونس؟

ـ السيد الرئيس: في الحقيقة، كانت تلك الزيارة هي زيارتي الأولى لتونس، أقول ذلك مع كل أسف، لأنه من المفروض عليّ كمواطن عربي أن أعرف الدول العربية، وأنا مع كل أسف، كانت تلك هي زيارتي الرسمية الأولى الرسمية، أيضاً مع كل أسف، فإن الزيارات الرسمية تطغى عليها الترتيبات الرسمية ويفقد الإنسان الفرصة لكي يرى الجانب الشعبي الحقيقي في كل بلد،

ولكن كان واضحاً من خلال لقاءاتي المحدودة خلال يومين فقط، النهضة التونسية، وواضح تماماً مدى اندماج المواطن التونسي في عملية التطوير، هذا واضح تماماً، تراه في السيارة، في حواراتك السريعة مع كل من تلتقيه، لكن مع ذلك، أقول، إن ما ينقص هذه الزيارة هو رؤية الشارع التونسي بدون ترتيبات مسبقة، هذا ما سأحرص عليه، وإن شاء الله، لابد أن يكون هناك زيارة مقبلة لتونس.


* سؤال: ستكونون موضع ترحيب وتبجيل كبيرين إن شاء الله. سيادة الرئيس، تحدثتم عن التطوير والتحديث، ونحن نعرف دوركم في مباشرة مسيرة التطوير والتحديث في سورية. لو تحدثونا عن أهم محطات ومرتكزات هذا المسار؟

ـ السيد الرئيس: طبعاً المحطات والالتزامات هي في كل المجالات، ولكن عليك طبعاً أن تضع أولويات، لدينا في سورية تراكمات كثيرة. نحن انتقلنا من الاحتلال الفرنسي إلى الانقلابات، ومن الانقلابات إلى التهديدات والحروب، أي أننا نعيش ظروفا خاصة. عندما وصلت إلى موقعي الحالي، كان هناك أولويات لابد من وضعها، على ماذا اعتمدت هذه الأولويات؟ اعتمدت أولاً على مدى حاجة المواطن السوري بالنسبة لحاجاته الأكثر إلحاحاً أولاً.

وثانياً، على مدى إمكانية التقدم في مسار قبل مسار آخر، المسار الذي أستطيع أن أتقدم به بسرعة عليَّ أن أعطيه أولوية على مسارٍ فيه عقبات كثيرة، فوصلنا لأولويات،

الأولوية الأولى هي الأولوية الاقتصادية، لاشك بأنه لدينا معاناة اقتصادية كبيرة في سورية، هي موجودة دائماً نتيجة ظروفنا السياسية، ولكن مع تزايد عدد السكان ومع تزايد حاجة الشباب لفرص عمل، تزداد هذه الحاجات الملحة، فكانت الأولوية اقتصادية لتحسين المستوى المعاشي للمواطنين، من خلال دور الدولة أو من خلال دور القطاع الخاص.

الأولوية الثانية هي الأولوية السياسية، وهي المرتبطة بقوانين الأحزاب وبقوانين الانتخاب، خاصة انتخابات مجلس الشعب وانتخابات الإدارة المحلية. الأولويات الأخرى تأتي بأهمية أقل، بدأنا بهذه العملية، طبعاً مع مجيئنا للرئاسة بدأت الانتفاضة في فلسطين المحتلة، وبدأت الضغوط على سورية من خلال وقوفها مع الانتفاضة ومع المقاومة الفلسطينية، أتى 11 سبتبمر في نيويورك وما دفعه العرب من ثمن لأحداث سبتمبر ، وبدأ الانهيار العربي في الحقيقة بعد هذه المحطة، وليس مؤخراً، مع أن البعض يقول أنه مؤخراً، أتى غزو العراق، وهنا بدأ الضغط المباشر وبشكل كبير على سورية، وأتت نتائج هذا الاحتلال من زيادة التطرف ومن بدء العمليات الإرهابية التي اختفت في سورية لعقود وبدأت تظهر منذ حوالي ثلاث سنوات على خلفية غزو العراق،

فأصبحت الأولوية أيضاً بالنسبة لنا هي الحفاظ على الاستقرار في سورية، وتقدمت لتصبح الأولوية الأولى، وأصبحت الأولوية الاقتصادية رقم (2) وأصبحت الأولوية السياسية هي رقم ثلاثة، كيف يمكن أن تحقق اقتصاداً جيداً من دون استقرار، طبعاً بالمقابل ما الذي حققناه خلال هذه الفترة ضمن هذه الأولويات، الاقتصاد السوري، النمو كان حوالي أقل من 1 عام 2000 أصبح في عام 2006، أي في العام الماضي حوالي 6.1 بالرغم من الظروف السياسية.

في الجانب السياسي، طبعاً كان السير أقل نتيجة العقبات الأكثر ونتيجة الضغوط على سورية ومحاولات اللعب في الداخل السوري، كان من المفترض، ونحن أخذنا القرار بتطوير قانون الأحزاب في عام 2005، الحقيقة اضطررنا لتأجيله، في عام 2005 كنا في ذروة المعركة مع قضية اغتيال الحريري، ومع الخروج من لبنان، ومع بدء التحقيق والمحكمة الدولية، وكل هذه الأمور، في الحقيقة أجّلنا كل شيء آخر حتى ربما العمل الاقتصادي كان نوعاً ما هامشياً بالنسبة لنا في تلك المرحلة، الآن في خطاب القسم الأخير، أعدت طرح هذه الأمور، وجدنا أنه في الإطار السياسي، طبعاً المبدأ العام هو توسيع المشاركة، ولكن لاحظنا أن الشيء الأسرع والذي كان هناك إصرار وحماس بالنسبة للناس فيه، هو توسيع المشاركة من خلال مجلس جديد،

البعض كان يتحدث عن توسيع مجلس الشعب، البعض تحدث عن مجلس آخر هو كمجلس شورى أو شيوخ، الآن ندرس هذه الفكرة. قلنا ربما في العام 2008 نبدأ في دراسة هذه الفكرة بشكل أساسي، طبعاً قلت أنا في خطابي وكنت واضحاً وشفافاً، قلت الآن بما معناه، أنه يجب أن لا تتوقعوا شيئاً في الأشهر المقبلة، لأن هذه الأشهر هي أشهر مصيرية بالنسبة لنا، هذه أشهر حاسمة ربما حتى بداية العام المقبل أو الأشهر الأولى القليلة منه، وطبعاً سنكون منشغلين بالتحضير للقمة العربية، ستكون هذه شهورا مصيرية،

بعد القمة العربية وإن شاء الله مع تجاوز كل الألغام التي نفترض أنها موجودة وربما لا تكون موجودة، ونتمنى أن لا تكون موجودة، عندها سيكون هناك عمل جدي على الوضع الداخلي، سيكون هناك متسع من الوقت ومن المزاج الشعبي. الآن الكل منشغل حول العدوان الإسرائيلي، طبعاً أنا قلت المرحلة خطيرة مباشرة بعد أقل من أسبوعين أعلنت الولايات المتحدة عن منح صفقات بـ 30 مليار دولار لتسليح المنطقة، بعدها بأسابيع أخرى حصل العدوان الإسرائيلي. هذا يثبت هذا الشيء. إن شاء الله بعد القمة العربية سيكون لدينا متسع من الوقت للحديث في كل هذه الأمور. هذا ما حققناه، وهذا ما لم نحققه في المرحلة الماضية، وكان يجب علينا أن نحققه، ولكن ظروفنا منعتنا وإن شاء الله في المرحلة المقبلة، سنحقق ذلك.


* سؤال: سيادة الرئيس، أخيرا، حين تنظرون إلى المشهد العربي بصفة عامة، كيف تتوقعون المستقبل العربي؟

ـ السيد الرئيس: والله أقول إن الوضع الشعبي الآن أفضل من قبل، بعكس الوضع الحكومي أو الوضع على مستويات الحكومات أو الدول، الذي هو أسوأ من قبل. فالوضع الشعبي يبقى هو الأساس،

عندما نفقد تواصلنا مع شعوبنا، بمعنى أننا لا نتبنى سياسات هذه الشعوب، يصبح لا قيمة للوجود، فأنا متفائل بالجانب الأول، لأن الوضع الشعبي سيفرض علينا كحكومات أن نعود لكي نلتقي. هذا أولاً. ثانياً، لا نستطيع أن نضع الإطار الحكومي في الإطار الأسود الحالك، هذا كلام غير واقعي أيضاً، هناك أشياء إيجابية تحصل، بمعنى أنه عندما نتحدث عن جوانب التعاون الأخرى الاقتصادية، فهي جيدة تتحسن، عندما نتحدث عن إطار التعاون السياسي والتنسيق، فهناك نوع من التنسيق موجود، ولكن هناك فوارق بين الدول،

هناك دول ستشاركك الرأي السياسي، هناك دول تقوم معك بتنفيذ خطة سياسية، وطبعاً هي الأقل، هناك دول لا تهتم وهناك دول ربما تصطاد، هناك مسؤولون يصطادون في الماء العكر، لدينا كل هذه الجوانب من الأبيض إلى الأسود، فأنا لا أستطيع أن أقول أن الوضع العربي هو أسود بشكل كامل، لذلك يبقى هناك نوع من الأمل. الأحداث التي تحصل تثبت أن الخلافات ستنعكس علينا، وما يجعلني أتفاءل هو أنه سيأتي يوم نصل كلنا لهذه القناعة ونضطر شئنا أم أبينا لكي نعود ونلتقي، وعندها سنكون أيضاً في حالة التقاء مع شعوبنا، فهذا ما يجعلني أتفاءل رغم أنه تفاؤل حذر، ولو أنه تفاؤل دون معطيات واضحة متى وكيف، ربما يكون الجواب صعبا لكن بالعنوان العريض أستطيع أن أقول بأن هناك شيئاً من الأمل، ومن دون هذا الأمل سنتوقف عن العمل، إذا فقدنا الأمل بالوضع العربي فسنعمل مع أي دولة أخرى غير عربية ونبتعد تماماً عن الساحة العربية وهذا شيء خطير، لذلك يجب أن يبقى نوع من الأمل ونوع من التفاؤل. هذه نظرة واقعية قدر الإمكان على ما أعتقد.